اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ وَ لا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِما شاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ لا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَ هُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (۲٥٥)
الآية الشريفة تقرر أعظم المعارف الإلهية و أهم أصل من أصول الدين الذي إليه يدعو جميع الأنبياء و المرسلين. و أنّ الاعتقاد به يجعل العبد في الصراط المستقيم و يحثه على العمل القويم، يطلبه الإنسان بالفطرة و يترنم باسمه في كلّ حالة ألا و هو اللّه المعبود بالحق الواحد الأحد الذي اجتمع فيه جميع صفات الكمال.
و ما في الآية الشريفة هو الحدّ الفاصل بين الاعتقاد الصحيح و غيره فقد قررت توحيد اللّه تعالى في الذات و المعبودية و الصفات.
و قد وصفته بأصول صفات الكمال و هي الحياة، و القيوميّة، و المالكية، و الربوبية العظمى، و العلم فلا تخفى عليه خافية في السموات و الأرض و لا يحيط بعلمه أحد. و هذه هي أمهات الأسماء الحسنى و إليها يرجع سائرها و قد نزهت عنه جميع ما لا يليق بساحة كبريائه.
فهي تثبت المبدأ و المعاد للتلازم بينهما، فتضمنت الآية الشريفة توحيد اللّه تعالى و الصفات العليا و الأسماء الحسنى و تنزيهه عما لا يليق به و اتصافه بصفات الجمال و الجلال على نحو يستشعر العبد بعظمته و كبريائه و حكمته و علو قدره و عظم شأنه، فيقف بين يديه خاضعا ذليلا مذعنا بوجوب طاعته و الوقوف عند حدوده و أحكامه، و نبذ ما لا يليق بساحة كبريائه و الإعراض عمّا يسخطه و لا يرضى به، فالمعتقد بها يؤمن بما ورد في القرآن الكريم و ما جاء به سيد المرسلين.
فالآية المباركة بحق أعظم آية في كتاب اللّه المجيد، و إنّها من كنوز العرش، و إنّها تعدل ثلث القرآن.
و من ذلك يعلم وجه الارتباط بما سبق و ما يأتي من الآيات الشريفة.