أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَ لا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (٤۹) انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَ كَفى بِهِ إِثْماً مُبِيناً (٥۰) أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَ الطَّاغُوتِ وَ يَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً (٥۱) أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَ مَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً (٥۲) أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً (٥۳) أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً (٥٤) فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَ كَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً (٥٥) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً (٥٦) وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَ نُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً (٥۷)
الآيات الشريفة تتعرّض لحال الكفّار و اليهود منهم بالخصوص، و تعرّفنا بعض صفاتهم و طباعهم، و تكشف عن بعض ما تطويه نفوسهم من النوايا السيئة و الصفات الذميمة، و تهددهم حينا و تشهر بهم حينا آخر.
فقد ذكر عزّ و جلّ في هذه الآيات أهمّ تلك الصفات، و هي الكبر و الغرور و تزكيتهم و مدحهم لأنفسهم و حسبانهم أنّهم أفضل أهل الأرض و حقدهم بالنسبة إلى الإيمان و أهله و الافتراء و الكذب عليهم، مع إعراضهم عن الحقّ الذي هو الإيمان باللّه و دينه القيم؛ لأنّهم يؤمنون بالجبت و الطاغوت، ممّا أوجب لعنهم و بعدهم عن رحمته عزّ و جلّ، فلا يوفّقون لتكميل أنفسهم بالكمالات، فهم على دناءة من الأخلاق و اتصاف بالرذائل- كالحسد و البخل- و قد أوعدهم عزّ و جلّ العذاب الأليم الأبدي الذي لا ينفكّ عنهم. و أما المؤمنون فقد أوعدهم الأجر الجزيل ليكونوا على بيّنة من أمرهم.
و ليعلم أنّ اللّه تعالى يوصل كلّ عامل إلى نتيجة عمله، فلا يضيع أجر العاملين، و الآيات المباركة لا تخلو من الارتباط بما قبلها.