يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130) وَ اتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ (131) وَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132)
ذكرنا مرارا أن الآيات القرآنية نزلت لتكميل الإنسان و ارشاد الناس إلى ما يوجب سعادتهم في الدارين، و قد دأب القرآن الكريم على إنزال الاحكام الإلهية على سبيل التدريج و التأني لسبق النفوس بالجاهلية التي لا بد من إزالتها و إصلاح الفاسد فيها، و بيان الصراط المستقيم و تهذيب النفوس بالعلم و العمل بكل ما يمكن التحريض عليه إما الوعد الجميل أو الثناء الجزيل حتى تستقيم النفوس بالتقوى، و من عادة اللّه عز و جل في تربية الإنسان إنزال الاحكام على سبيل التدريج لترتاض النفوس المستنفرة من علم و حكمة، و لذا كان كل حكم في القرآن الكريم يتعقبه التحريض على العمل. و في هذه الآيات الشريفة يأمر سبحانه الناس ببعض ما يوجب سعادتهم و يزجرهم عما يوجب شقاوتهم، و يرشدهم إلى ما هو الأصلح لهم، كما أن الآيات السابقة دعتهم إلى الجهاد مع الأعداء و نبذ تلك الخصال المذمومة و الصفات السيئة التي أوجبت الوهن في العزيمة و الضعف في القتال، فهذه الآيات و سابقتها و التي تليها لا تخرج عن ما رسمه القرآن الكريم في تعليم الإنسان و تربيته و تهذيبه، و من ذلك يظهر السّر في الأمر باطاعة اللّه و الرسول لان فيها الفلاح و النجاح.