يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَ لا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا وَ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَ كُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (۱۰٤) وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَ اخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (۱۰٥) يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (۱۰٦) وَ أَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللَّهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (107) تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَ مَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ (108)
هذه الآيات من جلائل الآيات الكريمة التي وردت في تكميل النفوس الانسانية و تنظيم نظام الدنيا و الآخرة بالنحو الأحسن الأكمل الذي يعترف به جميع العقول و تقبله الفطرة المستقيمة و هي مرتبطة بالآيات السابقة فانه تعالى بعد ما حذر المؤمنين من مكائد الكافرين و فتن أهل الكتاب و اضلالهم أمرهم بالاعتصام بحبل اللّه جلت عظمته ليهديهم إلى الصراط المستقيم و يوفقهم للدين القويم و يحفظهم من المهالك.
و يبين سبحانه في هذه الآيات المباركة الصلة به تعالى تلك التي يحبها كل قلب مؤمن و هي التقوى لأنها من سبل الاعتصام باللّه بل من أهمها فكل ما اقترب العبد من اللّه بتقواه اشتقاق إلى مقام ارفع مما بلغ إليها.
و قد دعا سبحانه و تعالى في هذه الآيات الشريفة أيضا إلى الاعتصام بحبل اللّه، من الدعوة إلى الخير، و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فهي كلها من سبل الاعتصام به.
ثم أمرهم بالاجتماع و عدم التفرق و نهاهم عن الاختلاف و وعدهم الحسنى و الخير إن هم قاموا بالوظيفة التي أمرهم بها.
فهذه الآيات المباركة تعتبر تتمة الآيات السابقة فان السياق في الطائفتين واحد.