كتابا، و سنة، و ضرورة من الدّين. قال تعالى وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ۱، و قال أبو جعفر (عليه السلام) في صحيح ابن مسلم: «لا يضرّ الصّائم ما صنع إذا اجتنب ثلاث خصال: الطعام، و الشراب، و النساء، و الارتماس في الماء»۲، و عن أبي عبد اللّه (عليه السلام): «خمسة أشياء تفطر الصّائم: الأكل، و الشرب، و الجماع، و الارتماس في الماء، و الكذب على اللّه و رسوله و على الأئمة (عليهم السلام)»۳ و لا ريب في أنّ الحصر فيهما إضافيّ، فلا تنافي بينهما و بين غيرهما، كما أنّ ذكر الطعام و الشراب من باب المثال و الغالب، و إلا فالمناط كلّه صدق الأكل و الشرب بأيّ شيء كان و أيّ نحو تحقق، للإطلاقات، و الإجماعات، و الارتكازات.
و هي أمور: الأول و الثاني: الأكل و الشرب (۱)، من غير فرق في المأكول و المشروب بين المعتاد- كالخبز و الماء و نحوهما- و غيرهما كالتراب، و الحصى، و عصارة الأشجار، و نحوها، و لا بين القليل و الكثير- كعشر حبة الحنطة، أو عشر قطرة من الماء أو غيرها من المائعات- حتى أنّه لو بل الخياط الخيط بريقه أو غيره ثمَّ رده إلى الفم، و ابتلع ما عليه من الرطوبة، بطل صومه (۲) إلا إذا استهلك ما كان عليه من الرطوبة بريقه على وجه لا يصدق عليه الرطوبة الخارجية (۳) و كذا لو استاك. و أخرج المسواك من فمه، و كان عليه رطوبة ثمَّ رده إلى الفم فإنّه لو ابتلع ما عليه بطل صومه، إلا مع الاستهلاك (٤)، على الوجه المذكور. كذا يبطل بابتلاع ما يخرج من بقايا الطعام من بين أسنانه (٥).
لإطلاق، و الاتفاق الشامل لجميع ذلك كلّه بعد صدق الأكل و الشرب عرفا و لغة على جميع ذلك.
لعدم صدق الأكل و الشرب بالنسبة إلى المستهلك من جهة غلبة الريق، فيصدق أنّه بلع ريقه لا أنّه بلع شيئا خارجيا، و يصح التمسك بأصالة الصحة في الشبهة الموضوعية، و بأصالة الإطلاق، و البراءة في الشبهة الحكمية، لأنّ تقييد إطلاقات أدلة الصّوم بمعلوم المفطرية معلوم و بمشكوكها مشكوك، فيرجع فيه إلى أصالتي الإطلاق و البراءة.
لعين ما تقدم في سابقة لكل من المستثنى و المستثنى منه.
لشمول الإطلاق، و الاتفاق له أيضا. و أما صحيح ابن سنان:
«عن الرجل الصائم يفلس، فيخرج منه الشيء من الطعام أ يفطر ذلك؟ قال (عليه السلام): لا، قلت: فإن ازدرده بعد أن صار على لسانه قال (عليه السلام): لا يفطره ذلك»4.
فلا عامل بإطلاقه، مع إمكان حمله على الغفلة و السهو، و عدم الاختيار.
و كذا خبر ابن صدقة عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام): «إنّ عليا (عليه السلام) سئل عن الذباب يدخل في حلق الصّائم؟ قال (عليه السلام): ليس عليه قضاء، لأنّه ليس بطعام»٥ فموهون بقصور السند و الإعراض فلا بد من طرحه أو حمله.
(مسألة ۱): لا يجب التخليل بعد الأكل لمن يريد الصوم و إن احتمل أنّ تركه يؤدي إلى دخول البقايا بين الأسنان في حلقه و لا يبطل صومه لو دخل بعد ذلك سهوا (٦). نعم، لو علم أنّ تركه يؤدي إلى ذلك وجب عليه، و بطل صومه على فرض الدخول (۷).
أما عدم وجوب التخليل مع احتمال الدخول، فلأصالة البراءة عنه.
و أما عدم البطلان مع الدخول سهوا، فلأنّه ليس من الأكل العمديّ، و يعتبر في المفطرية التعمد كما يأتي.
لكونه حينئذ من الأكل العمديّ إذ لا فرق فيه بين كونه بالمباشرة أو بالتسبيب كما يأتي في [مسألة ٦] من الفصل الآتي، و نظير هذه المسألة متكرّر فجزم هنا بالبطلان، و كذا في [مسألة ٦] من الفصل التالي، و في [مسألة ۷۱] من هذا الفصل احتياط وجوبا فراجع.
(مسألة ۲): لا بأس ببلع البصاق و إن كان كثيرا مجتمعا، بل و إن كان اجتماعه بفعل ما يوجبه، كتذكر الحامض (۸) مثلا. لكن الأحوط الترك في صورة الاجتماع، خصوصا مع تعمد السبب (۹).
لاستصحاب صحة الصوم، و إطلاق أدلة الصوم بعد الشك في شمول أدلة المفطرية لمثله، و أصالة البراءة عن القضاء و الكفارة، و ظهور عدم الخلاف و السيرة، و يشهد له خبر الشحام: «في الصائم يتمضمض قال (عليه السلام): لا يبلع ريقه حتى يبزق ثلاث مرّات»٦، فإن كان التمضمض يوجب تكوّن الرطوبة في الفم بلا إشكال فإذا بلعها بعد البزاق ثلاث مرّات يصدق أنّه بلع البصاق المتكوّن بالاختيار.
لأنّ الاحتياط حسن على كل حال.
(مسألة ۳): لا بأس بابتلاع ما يخرج من الصدر من الخلط و ما ينزل من الرأس ما لم يصل إلى فضاء الفم (۱۰) بل الأقوى جواز الجر من الرأس إلى الحلق (۱۱)، و إن كان الأحوط تركه (۱۲).و أما ما وصل منهما إلى فضاء الفم، فلا يترك الاحتياط فيه بترك الابتلاع (۱۳).
لاستصحاب صحة الصوم، و أصالة البراءة عن القضاء و الكفارة، و الإطلاقات بعد الشك في شمول أدلة المفطرية لمثله.
لما تقدم في سابقة من غير فرق.
خروجا عن خلاف من أوجب الترك و لا ريب في حسن الاحتياط على كلّ حال.
منشأ التردد صدق الأكل في الجملة، فيكون مفطرا، و أنّه يمكن دعوى ظهور الأكل و الشرب فيما إذا دخل من الخارج إلى فضاء الفم، لا ما إذا حصل فيه من الصدر أو الرأس، و يشهد له موثق غياث: «لا بأس أن يزدرد الصائم نخامته»۷. و عن جمع من الفقهاء و اللغويين أنّها أعمّ مما يخرج من الصدر أو ينزل من الرأس، و مقتضى الإطلاق عدم الفرق بين ما إذا بلعها بعد الازدراد أو لا.
(مسألة ٤): المدار صدق الأكل و الشرب و إن كان بالنحو غير المتعارف (۱٤)، فلا يضرّ مجرد الوصول إلى الجوف إذا لم يصدق الأكل أو الشرب، كما إذا صبّ دواء في جرحه أو شيئا في أذنه أو إحليله فوصل إلى جوفه (۱٥). نعم، إذا وصل من طريق أنفه، فالظاهر أنّه موجب للبطلان إن كان متعمدا، لصدق الأكل و الشرب حينئذ (۱٦).
لاشتمال الأدلة على الطعام و الشراب، و الأكل، و الشرب
و الأولان طريق إلى تحقق الأخيرين و المرجع في صدقهما العرف، فكل ما صدق عليه عند العرف الأكل أو الشرب يكون مفطرا و ما لا يصدق لا يفطر، و في مورد الشك يرجع إلى استصحاب صحة الصوم، و أصالة البراءة عن القضاء و الكفارة، فإذا انسد الطريق المعتاد للأكل و الشرب و صدقا بالنسبة إلى غير المعتاد يفطر أيضا، لإطلاق الأدلة المنزلة على الصدق العرفيّ.
و أما التغذية بالابر المصنوعة في هذه الأعصار، فيشكل الإفطار بها، و مع الشك فالمرجع ما تقدم من أصالة الصحة و البراءة عن القضاء و الكفارة، و يشهد له قول أبي عبد اللّه (عليه السلام) في موثق سماعه الوارد في عدم مفطرية الكحل: «ليس له طعم في الحلق فلا بأس به»۸، و عنه (عليه السلام) أيضا: «إنّ عليّا (عليه السلام) كان لا يرى بأسا بالكحل للصائم إذا لم يجد طعمه»۹، فإنّ المتفاهم منهما أنّ للصدق العرفي نحو موضوعية خاصة.
لعدم صدق الأكل و الشرب بالنسبة إلى شيء من ذلك لا لغة و لا عرفا.
لأنّ الحلق هو الممرّ المشترك بين الأنف و الفم و يمكن أن يستفاد من مفهوم قوله (عليه السلام): «ليس له طعم في الحلق»- كما تقدم- إذ يستفاد منه أنّ كلّ ما له طعم في الحلق يوجب الإفطار. و أما تقييده بالتعمد فلأنّه يعتبر في مفطرية المفطرات مطلقا أن تكون عن عمد كما يأتي في الفصل التالي.
(مسألة ٥): لا يبطل الصوم بإنفاذ الرمح أو السكين أو نحوهما بحيث يصل إلى الجوف و إن كان متعمدا (۱۷).
لعدم كونه من الأكل و الشرب أصلا لا لغة و لا عرفا.
الثالث: الجماع (۱۸) و إن لم ينزل (۱۹) للذّكر و الأنثى (۲۰) قبلا أو دبرا (۲۱) صغيرا كان أو كبيرا، حيّا أو ميتا، واطئا كان أو موطوءا (۲۲) و كذا لو كان الموطوءة بهيمة (۲۳) بل و كذا لو كانت هي الواطية (۲٤)، و يتحقق بإدخال الحشفة، أو مقدارها من مقطوعها (۲٥) فلا يبطل بأقل من ذلك، بل لو دخل بجملته ملتويا و لم يكن بمقدار الحشفة لم يبطل، و إن كان لو انتشر كان بمقدارها (۲٦).
كتابا و سنة مستفيضة، و إجماعا من المسلمين قال تعالى أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ۱۰ فإنّه بمفهومه يدل على المطلوب، و في صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام): «لا يضرّ الصائم ما صنع إذا اجتنب ثلاث خصال: الطعام، و الشراب، و النساء، و الارتماس في الماء»۱۱ و لا ريب في أنّ الوطي في القبل هو المتعيّن من هذه الأدلة.
للإطلاق، و الاتفاق، و تحقق الجنابة و لو مع عدم الإنزال.
للإطلاقات الشاملة لها أيضا، مضافا إلى الإجماع.
لإطلاق الأدلة المشتملة على النكاح، و الوطي، و إصابة الأهل الشامل للوطي في الدبر أيضا۱۲. و احتمال انصرافه إلى القبل بدويّ لا يعتني به مضافا إلى دعوى الإجماع عليه عن جمع، و صحة دعوى أصالة المساواة بينهما في الأحكام إلا ما خرج بالدليل و لا دليل على الخلاف، مع ظهور التسالم على تحقق الجنابة بالدخول في دبر المرأة و لو لم ينزل، فيشمله دليل مفطرية الجنابة على ما يأتي، و منه يظهر حكم الإيلاج في دبر الغلام و لو لم ينزل، فإنّ دعوى إجماعهم على تحقق الجنابة به يلحقه بموضوع مفطرية الجنابة، فالمفطرية و الجنابة متلازمان، و كلّ من يقول بالجنابة لا بد أن يقول بالمفطرية، فيكون النزاع صغرويا لا كبرويا.
كل ذلك لدعوى الإجماع على تحقق الجنابة في جميع تلك
الموارد و كل ما تحقق فيه الجنابة تتحقق فيه المفطرية أيضا للتلازم بينهما.
لدعوى الإجماع على تحقق الجنابة بذلك و لو لم ينزل، فيلحقه حكم المفطرية من باب الملازمة. و قد تردد (رحمه اللّه) في تحقق الجنابة في وطي البهيمة في كتاب الطهارة، فيلزمه التردد في بطلان الصوم هنا أيضا فإنّ الحكم واحد من حيث المدرك، فمن يفتي بالجنابة يلزمه القول ببطلان الصوم، و من يتردد فيها يلزمه التردد في البطلان.
بناء على تحقق الجنابة بذلك، فتثبت المفطرية للملازمة و قد تقدم في (فصل الجنابة) ما ينفع المقام.
لأنّ ذلك هو الحدّ الشرعيّ للدخول الموجب لأحكام كثيرة في الفقه من أول الطهارات الى الحدود، و يأتي ذلك كله في الموارد المتفرقة من النكاح، و العدة، و الطلاق، إلى غير ذلك.
كل ذلك للأصل بعد عدم الدليل على تحقق الدخول الشرعيّ بذلك، و كذا في سائر الآثار الشرعية المترتبة على عنوان الدخول و الجماع، فلا تترتب تلك الآثار أيضا.
(مسألة ٦): لا فرق في البطلان بالجماع بين صورة قصد الإنزال به و عدمه (۲۷).
لظهور الإطلاق، و الاتفاق في أنّ لنفس الدخول و الجماع الشرعيّ موضوعية خاصة في المفطرية أنزل أولا.
(مسألة ۷): لا يبطل الصوم بالإيلاج في غير أحد الفرجين بلا إنزال (۲۸) إلا إذا كان قاصدا له، فإنّه يبطل و إن لم ينزل من حيث أنه نوى المفطر (۲۹).
لأصالة الصحة، و عدم وجوب القضاء و الكفارة، و أصالتي الإطلاق و البراءة في الشبهة الحكمية.
لما تقدم في [مسألة ۲۲] من الفصل السابق، و لكن لا بد و أن يكون ملتفتا إلى مفطّرية قصد الإنزال حتى يتحقق منه قصد الإفطار و لو لم يكن متوجها إلى هذه الجهة لا يتحقق منه قصد المفطرية، فيصح صومه لو لم ينزل.
(مسألة ۸): لا يضرّ بإدخال الإصبع و نحوه لا بقصد الإنزال (۳۰).
للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق.
(مسألة ۹): لا يبطل الصوم بالجماع إذا كان نائما أو كان مكرها بحيث خرج عن اختياره، كما لا يضرّ إذا كان سهوا (۳۱).
لما يأتي في الفصل التالي من اعتبار العمد و الاختيار و الالتفات في مفطرية المفطرات مطلقا، فخرج بذلك النائم، و المكره و الساهي، و لكن المكره على قسمين فتارة: يكون مفصولا، فيتصور فيه المقهورية من كل جهة فلا وجه للبطلان حينئذ، لسلب الاختيار عنه مطلقا. و أخرى: يكون فاعلا بحيث يختار الفعل خوفا من توعيد المكره (بالكسر) و في مثله يبطل الصوم و يأتي في [مسألة ٤] من الفصل التالي ما ينفع المقام.
(مسألة ۱۰): لو قصد التفخيذ مثلا فدخل في أحد الفرجين لم يبطل (۳۲). و لو قصد الإدخال في أحدهما، فلم يتحقق كان مبطلا، من حيث إنّه نوى المفطر (۳۳).
لعدم تحقق العمد، و الاختيار الموجب للإفطار و لكن لا بد من تقييده بما إذا علم بعدم الدخول. و أما إذا علم به، فلا يجوز خصوصا مع الاعتياد.
راجع [مسألة ۲۲] من الفصل السابق.
(مسألة ۱۱): إذا دخل الرجل بالخنثى قبلا لم يبطل صومه و لا صومها (۳٤). و كذا لو دخل الخنثى بالأنثى و لو دبرا (۳٥) أما لو وطأ الخنثى دبرا بطل صومها. و لو دخل الرجل بالخنثى و دخلت الخنثى بالأنثى، بطل صوم الخنثى دونهما (۳٦) و لو وطأت كل من الخنثيين الأخرى لم يبطل صومهما (۳۷).
لاحتمال أن يكون المدخول فيه غير الفرج، فمقتضى الأصل صحة صومهما.
للأصل بعد احتمال أن يكون العضو الداخل عضوا زائدا و لم يكن آلة الذكورة.
أما بطلان صوم الخنثى، فلأنّها إن كانت أنثى وقعت مدخولا بها و إن كانت ذكرا كان داخلا في الأنثى. و أما عدم بطلان صوم الرجل، فلاحتمال أن يكون المدخول فيه ثقبة غير الفرج المعهود، كما أنّ عدم بطلان صوم الأنثى لاحتمال أن يكون العضو الداخل في فرجها شيئا آخر غير آلة الذكورة.
لاحتمال أن يكون كلّ من عضوي الداخل و المدخول فيه شيئا آخر غير الفرج و الذكر المعهودين، فيرجع إلى أصالتي الصحة و البراءة عن القضاء و الكفارة.
(مسألة ۱۲): إذا جامع نسيانا أو من غير اختيار، ثمَّ تذكر أو ارتفع الجبر، وجب الإخراج فورا فإن تراخى بطل صومه (۳۸).
أما وجوب الإخراج فورا، فلأنّ الإبقاء إفطار عمديّ اختياريّ و هو حرام، إذ لا فرق في مفطرية المفطرات بين الحدوث و البقاء. و أما البطلان مع التراخي، فلأنّه إيجاد للمفطر عن عمد و اختيار، فلا بد من الإفطار بلا ريب و إشكال.
(مسألة ۱۳): إذا شك في الدخول أو شك في بلوغ مقدار الحشفة، لم يبطل صومه (۳۹).
للأصول الثلاثة: أصالة عدم الدخول، و أصالة الصحة، و أصالة البراءة عن القضاء و الكفارة.
الرابع: من المفطرات: الاستمناء (٤۰) أي: إنزال المنيّ متعمدا بملامسة، أو قبلة، أو تفخيذ، أو نظر، أو تصوير صورة الواقعة، أو تخيل صورة امرأة، أو نحو ذلك من الأفعال التي يقصد بها حصوله (٤۱) فإنّه مبطل للصوم بجميع أفراده (٤۲) و أما لو لم يكن قاصدا للإنزال و سبقه المنيّ من دون إيجاد شيء مما يقضيه، لم يكن عليه شيء (٤۳).
للنصوص، و الإجماع، و لأنّه من الجنابة العمدية التي يأتي حكمها في الثامن من المفطرات، و في صحيح ابن الحجاج قال: «سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن الرّجل يعبث بأهله في شهر رمضان حتّى يمني قال (عليه السلام): عليه من الكفارة مثل ما على الذي يجامع»۱۳، و مثله غيره فيستفاد منه أنّ كل إجناب عمديّ حكمه حكم الجماع في جميع الجهات إلا ما خرج بالدليل، لأنّه مقتضى إطلاق المماثلة بين الإمناء و الجماع كما أنّ الظاهر، بل المعلوم أنّ ذكر العبث بالأهل و ملاعبتها في الأدلة لمجرد المثال فقط، فيشمل جميع الموجبات بأيّ سبب كان و أيّ وجه يكون حلالا كان أو حراما.
للإجماع على عدم الفرق بين الأسباب، و أنّ المناط تعمد الجنابة، و إمكان استفادة التعميم من الأدلة بعد حمل الملاعبة و العبث الوارد فيها على مجرّد المثال، فالمناط كلّه صدق تعمّد الإجناب و هو يتحقق بكل ما يتصوّر من الأسباب.
لظهور الإجماع على التعميم، و ما ذكر في الأدلة من شهر رمضان إنّما هو من باب المثال و الغالب و قد جرت العادة على استفادة أحكام سائر الصيام مما ورد في شهر رمضان إلا ما خرج بالدليل و أحكام سائر الصلوات من الفرائض اليومية كذلك.
للأصل، و الإجماع، و اختصاص مفطرية المفطرات بحال التعمد و الالتفات و المراد بقوله (رحمه اللّه): «إيجاد شيء مما يقتضيه» أي: بقصد الإنزال.
و خلاصة الكلام: إنّ الاستمناء على أقسام:
الأول: ما إذا وقع بقصد الإنزال مع علمه بذلك و اعتياده.
الثاني: العلم بالإنزال و عدم الاعتياد.
الثالث: الاعتياد مع الغفلة، و الحكم في هذه الأقسام الثلاثة البطلان بلا شبهة.
الرابع: عدم قصد الإنزال و عدم العلم، و عدم الاعتياد، فاتفق خروج المنيّ، فلا شيء عليه و يأتي التفصيل في [مسألة ۱۷] كما يأتي في الحج، و في الحدود و التعزيرات ما ينفع المقام.
(مسألة ۱٤): إذا علم من نفسه أنّه لو نام في نهار رمضان يحتلم، فالأحوط تركه (٤٤) و إن كان الظاهر جوازه خصوصا إذا كان الترك موجبا للحرج (٤٥).
مقتضى كون النوم مع العلم بالجنابة من التسبيب إلى الجنابة هو الحرمة و المفطرية، إذ لا فرق في إيجاد المفطر بين كونه بالمباشرة أو التسبيب كما يأتي في [مسألة ٦] من الفصل التالي، و تقدم في [مسألة ۱]، و لكن في خبر عمر بن يزيد قال: «قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام) لأيّ علة لا يفطر الاحتلام الصائم و النكاح يفطر الصائم؟ قال (عليه السلام): لأنّ النكاح فعله، و الاحتلام مفعول به»۱4، و مقتضى إطلاق التعليل عدم البطلان و لو حصل النوم بالاختيار، و لو لا إطلاق هذا الخبر لقلنا بالبطلان كما مرّ و يأتي، و المراد بقوله (عليه السلام): «و الاحتلام مفعول به» كونه خارجا عن اختياره حين الاحتلام.
لا ريب في زوال الحكم التكليفيّ أي: حرمة الإفطار مع الحرج.
و أما الوضعيّ و هو المفطرية، فلا يرفع به، فيجوز النوم و يجب عليه القضاء إن احتلم هذا إذا لم نقل بإطلاق ما تقدم من خبر ابن يزيد و إلا فلا تصل النوبة إلى الحرج.
(مسألة ۱٥): يجوز للمحتلم في النهار الاستبراء بالبول أو الخرطات، و إن علم بخروج بقايا المنيّ في المجرى و لا يجب عليه التحفظ بعد الإنزال من خروج المنيّ إن استيقظ قبله (٤٦) خصوصا مع الإضرار و الحرج (٤۷).
كل ذلك لأصالة الصحة، و عدم وجوب القضاء و الكفارة، لأنّ المنساق من الأدلة حدوث الجنابة العمدية لا خروج المنيّ بعد حصول الجنابة المغتفرة الغير المفطرة. هذا مضافا إلى السيرة، و مرتكزات المتشرعة، و ظهور تسالم الفقهاء.
فيجوز حينئذ مطلقا.
(مسألة ۱٦): إذا احتلم في النهار و أراد الاغتسال، فالأحوط تقديم الاستبراء (٤۸) إذا علم أنّه لو تركه خرجت البقايا بعد الغسل، فتحدث جنابة جديدة.
إن كان المراد بالإنزال المفطر خروج المنيّ عن محل تكوّنه فيما يخرج بعد الغسل مع البول أو بواسطة الحركة العنيفة لا يكون مفطرا، لعدم خروج المنيّ عن محل التكوّن، بل يخرج من البقايا في المجرى و يمكن أن يدعى أنّ هذا هو المنساق من الأدلة. و أما إن كان المراد به مجرّد ما يوجب الغسل و لو كان من البقايا، فلا محالة يكون مفطرا و يوجب القضاء و الكفارة، فترك الاستبراء مع العلم بالخروج بعد الغسل لا ريب في كونه من التسبيب إلى الجنابة الموجبة للغسل. إنّما الكلام في أنّ أصل مثل هذه الجنابة يوجب بطلان الصوم أولا، و تكفينا أصالة الصحة و البراءة في عدم البطلان، و عدم وجوب القضاء و الكفارة، و كذا الكلام في البلل المشتبه الذي يكون بحكم خروج المنيّ في وجوب الغسل فهو متحد مع الجنابة الواقعية إن صح أصل المبنى، و لكنه مشكل جدّا.
(مسألة ۱۷): لو قصد الإنزال بإتيان شيء مما ذكر و لكن لم ينزل، بطل صومه من باب نية إيجاد المفطر (٤۹).
بحيث كان منافيا للداعي النفساني المرتكز في النفس الباعث للصوم، و أما إن كان مباينا لبعض مراتب الجزم به، فلا وجه للبطلان، بل مقتضى الأصل الصحة، و كذا مع الشك في المنافاة، و قد تقدم التفصيل في الفصل السابق.
(مسألة ۱۸): إذا أوجد بعض هذه الأفعال لا بنية الإنزال لكن كان من عادته الإنزال بذلك الفعل، بطل صومه أيضا إذا أنزل (٥۰). و أما إذا أوجد بعض هذه، و لم يكن قاصدا للإنزال، و لا كان من عادته، فاتفق أنّه أنزل، فالأقوى عدم البطلان (٥۱) و إن كان الأحوط القضاء خصوصا في مثل الملاعبة، و الملامسة، و التقبيل (٥۲).
لأنّه مع كون عادته كذلك يكون من الجنابة العمدية، فتشمله الأدلة الدالة على مفطريتها، مضافا إلى ظهور الإجماع. و أما قول عليّ (عليه السلام): «لو أنّ رجلا لصق بأهله في شهر رمضان فأمنى لم يكن عليه شيء»۱٥.
و خبر أبي بصير عن الصادق (عليه السلام): «في رجل كلم امرأته في شهر رمضان و هو صائم فأمنى فقال (عليه السلام) لا بأس»۱٦ فمحمول على مجرد الاتفاق بلا قصد للإمناء و لا الاعتياد له.
لعدم صدق التعمد عرفا مع عدم القصد، و عدم الاعتياد، و ليس مجرد سبق المنيّ من المفطرات ما لم يكن عن تعمد و هو متوقف على قصد الإمناء و اعتياده.
إلا أن يقال: إنّه يستفاد من بعض الأخبار أنّ المناط في عدم المفطرية ما إذا اعتاد عدم الإمناء و وثق به فاتفق الإنزال، فلا يكون مفطرا حينئذ كصحيح زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) أنّه سئل: «هل يباشر الصائم أو يقبل في شهر رمضان؟ فقال (عليه السلام): إنّي أخاف عليه، فليتنزّه عن ذلك إلا أن يثق أن لا يسبقه منيه»۱۷.
فإنّ المنساق من قوله (عليه السلام): «إلا أن يثق أن لا يسبقه منيه» هو صورة اعتياد عدم السبق، فلا يشمل صورة عدم الاعتياد.
و خلاصة الكلام: أنّه إما أن يعتاد سبق المنيّ أو لا يعتاد ذلك، أو يعتاد العدم، و الأولان من التعمد بخلاف الأخير، و يمكن أن يستفاد ذلك من خبر ابن حازم قال: «قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام) ما تقول في الصائم يقبل الجارية و المرأة؟ فقال (عليه السلام): أما الشيخ الكبير مثلي و مثلك فلا بأس و أما الشاب الشبق، فلا، لأنّه لا يؤمن»۱۸.
حيث إنّ الشيخ الكبير معتاد لعدم سبق المنيّ ظاهرا، مع أنّ مفهوم ذيله يدل على تحقق الأمن في مورد الجواز، و لكن يعارضهما مثل موثق سماعة عنه (عليه السلام) أيضا: «عن الرجل يلصق بأهله في شهر رمضان؟ فقال (عليه السلام): ما لم يخف على نفسه فلا بأس»۱۹ حيث إنّه (عليه السلام) علّق الجواز على عدم الخوف و هو عبارة أخرى عن عدم الاعتياد.
و مثله صحيح الحلبي عنه (عليه السلام) أيضا: «عن رجل يمس من المرأة شيئا أ يفسد ذلك صومه أو ينقضه؟ فقال (عليه السلام): إنّ ذلك ليكره للرجل الشاب مخافة أن يسبقه المنيّ»۲۰.
و يمكن حمل مثل صحيح زرارة على مجرّد الأولوية و التنزّه، فيجوز مع عدم الاعتياد على كراهة و يشهد له خبر عليّ بن جعفر قال: «سألته عن الرجل هل يصلح له و هو صائم في رمضان أن يقلب الجارية، فيضرب على بطنها و فخذها و عجزها؟ قال: إن لم يفعل ذلك بشهوة فلا بأس به، و أما بشهوة فلا يصلح»۲۱.
و كذا خبر الأصبغ بن نباته قال: «جاء رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين أقبّل و أنا صائم؟ فقال له: عف صومك، فإنّ بدو القتال اللطام»۲۲ و منه يعلم وجه الاحتياط المذكور و لا يترك إلا مع الوثوق بعدم الإنزال.
لورود النص في جميع ذلك، و كذا اللصوق بالأهل، كخبر سماعة أنّه سأل أبا عبد اللّه (عليه السلام): «عن الرجل يلصق بأهله في شهر رمضان فقال: ما لم يخف على نفسه فلا بأس»۲۳، و قول أمير المؤمنين (عليه السلام): «أما يستحي أحدكم أن لا يصبر يوما إلى الليل، إنّ بدو القتال اللطام، و لو أنّ رجلا لصق بأهله في شهر رمضان فأدفق كان عليه عتق رقبة»۲4.
و لكن يمكن حمل ذلك كله على الكراهة الشديدة في غير معتاد الإمناء، لقرائن خارجية و داخلية و يأتي في (فصل يكره للصائم أمور) بعض الكلام.
الخامس: تعمد الكذب على اللّه تعالى، أو رسوله، أو الأئمة- صلوات اللّه عليهم- (٥۳) سواء كان متعلقا بأمور الدّين أو الدّنيا، و سواء كان بنحو الإخبار أو بنحو الفتوى بالعربيّ، أو بغيره من اللغات من غير فرق بين أن يكون بالقول، أو الكتابة، أو الإشارة، أو الكناية أو غيرها مما يصدق عليه الكذب (٥٤) و من غير فرق بين أن يكون الكذب مجعولا له، أو جعله غيره و هو أخبر به مسندا إليه لا على وجه نقل القول. و أما لو كان على وجه الحكاية و نقل القول فلا يكون مبطلا (٥٥).
لجملة من الأخبار، مضافا إلى نقل الإجماع- منها موثق أبي بصير قال: «سمعت أبا عبد اللّه (عليه السلام) يقول: الكذبة تنقض الوضوء، و تفطر الصائم، قال: قلت له: هلكنا، قال (عليه السلام): ليس حيث تذهب، إنّما ذلك الكذب على اللّه و على رسوله و على الأئمة (عليهم السلام)»۲٥.
و مثله موثقه الآخر۲٦، و عنه (عليه السلام): «خمسة أشياء تفطر الصّائم: الأكل، و الشرب، و الجماع، و الارتماس في الماء، و الكذب على اللّه و على رسوله، و على الأئمة (عليهم السلام)۲۷ إلى غير ذلك من الأخبار.
و أشكل عليها بقصور السند، و اشتمال بعضها على ما لا يقول به أحد من نقض الكذب للوضوء، و لذا نسب إلى جمع من القدماء و أكثر المتأخرين عدم الإفطار به. و يرد: بأنّ في بعضها الموثق و هو المعتمد، و التفكيك بين أجزاء الخبر الواحد في العمل ببعضها و طرح بعضها الآخر شائع بين الفقهاء، و متداول في الفقه، فالمقتضي للحجية موجود و المانع عنها مفقود، فيتم ما هو المشهور.
و لا وجه لما نسب إلى السيد في أحد قوليه، و المحقق، و العلامة من الكراهة، لأصالة البراءة. إذ لا وجه لها مع ظاهر الموثق. نعم، ما ادعي من الإجماع على مفطرية الكذب لا وجه للاعتماد عليه، لمخالفة حاكية له، مع أنّ الظاهر أنّه اجتهادي لا تعبّدي.
لأنّ مانعية الإفطار إنّما هي لأجل منافاتها لاستمرار النية، فإذا كان اليوم لم يصح فيه قصد صوم شهر رمضان حدوثا، فلا يضرّ نية الإفطار من هذه الجهة، فما قطع استمرار النية فيه لم يكن مأمورا به، و ما كان مأمورا به لم يحدث فيه نية أولا حتى يصدق قطع الاستمرار.
إن قلت: هذا صحيح فيما إذا قصد الإفطار عن خصوص صوم شعبان، و لكن لو قصد الإفطار عن ذات الصوم و لو كان من شهر رمضان، فيشكل الصحة حينئذ.
قلت: ظاهر حال الصائم المسلم أنّه لا ينوي الإفطار هكذا و مع الشك نستصحب الصحة، فيجوز التجديد فيها.
كل ذلك لظهور الإطلاق، و صدق الكذب عليهم (عليهم السلام) في ذلك كله. نعم، الفتوى تارة: تكون بنحو الإخبار عن اللّه تعالى. و اخرى:
بما استظهره بفهمه من الأدلة، و الكذب عليه تعالى يتحقق في الأول دون الأخير
لفرض أنّه لم يسنده إلى اللّه تعالى، أو إلى المعصوم (عليهم السلام)، بل أسنده إلى الغير و المفروض أنّه صدق، لأنّه سمعه منه، فالأقسام أربعة.
الأول: أن يخترع الكذب على اللّه تعالى من عند نفسه.
الثاني: أن يخترعه غيره و هو يعلم بذلك و مع ذلك يسنده إلى اللّه أو المعصوم كما لو قال: قال الإمام (عليه السلام): الأكل في شهر رمضان لا يكون مفطرا، و قد أخبر به فلان الراوي و لا إشكال في تحقق الكذب في الجملة الأولى من كلامه.
الثالث: أن يقول قال لي فلان: إنّ الإمام (عليه السلام) قال: الأكل لا يفطر، و هو يعلم أنّه كذب على الإمام (عليه السلام) و هذا ليس بكذب منه على الإمام، بل يكون نقل قول الكاذب، و نقل- كذب من كذب على الإمام- عن الكاذب ليس بكذب من الناقل على الإمام (عليه السلام).
و قولهم (عليهم السلام): «كفى بالمرء كذبا أن يحدّث بكل ما سمع»۲۸ إنّما هو في مقام الاهتمام بأن لا ينقل إلا ما يثق به، و لا يشمل ما إذا أسند الكذب إلى الكاذب، و مع الشك فالمرجع أصالة الصحة و البراءة عن القضاء و الكفارة، نعم، هو حرام، لأنّه إشاعة للكذب عليهم (عليهم السلام).
الرابع: ما إذا نسبه إلى غيره و لم يعلم بأنّه كذب و كان في الواقع كذبا، فلا إشكال في عدم البطلان حينئذ.
(مسألة ۱۹): الأقوى إلحاق باقي الأنبياء و الأوصياء بنبينا صلّى اللّه عليه و آله، فيكون الكذب عليهم أيضا موجبا للبطلان (٥٦) بل الأحوط إلحاق فاطمة الزهراء- سلام اللّه عليها- بهم أيضا.
لصحة دعوى أنّ المناط كله جهة العصمة التي يصح استناد أقوالهم بتلك الجهة إلى اللّه تعالى و احتمال الانصراف إلى نبينا (صلّى اللّه عليه و آله) و أوصيائه من الانصرافات البدوية، و من جهة كثرة أنس الذهن، و منه يعلم الوجه في إلحاق الصدّيقة الطاهرة (عليها السلام).
(مسألة ۲۰): إذا تكلم بالخبر غير موجه خطابه إلى أحد أو موجها إلى من لا يفهم معناه، فالظاهر عدم البطلان (٥۷) و إن كان الأحوط القضاء (٥۸).
لأنّ الكذب من صفات الأخبار، و مقتضى المحاورات اعتبار المخاطب في تحققه، و لكن الظاهر فرق العرف في ذلك بين ما إذا كان عنده أشخاص و لم يوجه خطابه إلى أحد، أو إلى ما لا يفهم و بين ما إذا كان في حال الوحدة مثلا، فيصدق الخبر في الأول دون الأخير، و لكنّه مع ذلك مشكل لخروج الأول عن الأخبار المتعارفة و الأدلة منزلة عليها، و مقتضى الأصل الصحة بعد الشك في صدقها على مورد من الموارد.
خصوصا في الصورة الأولى التي ذكرناها.
(مسألة ۲۱): إذا سأله سائل: «هل قال النبي صلّى اللّه عليه و آله كذا ..» فأشار «نعم» في مقام «لا» أو «لا» في مقام «نعم» بطل صومه (٥۹).
لتحقق الكذب، فيشمله إطلاق الدليل لا محالة.
(مسألة ۲۲): إذا أخبر صادقا عن اللّه تعالى أو عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله مثلا ثمَّ قال: «كذبت» بطل صومه (٦۰)، و كذا إذا أخبر بالليل كاذبا، ثمَّ قال في النهار: «ما أخبرت به البارحة صدق».
لأنّ ظاهر قوله نفي الواقع عما أخبر به و هو كذب، فيشمله إطلاق الدليل. نعم، إن كان المراد تكذيب نفسه في أصل الأخبار، فليس ذلك تكذيبا على اللّه تعالى، و كذا قوله: ما أخبرت به البارحة صدق، فإنّه يحتمل له وجهان: الأول تصديق نفسه و هو لا يوجب البطلان. الثاني: تصديق الكذب على اللّه تعالى و هو يوجب البطلان.
(مسألة ۲۳): إذا أخبر كاذبا، ثمَّ رجع عنه بلا فصل لم يرتفع عنه الأثر، فيكون صومه (٦۱) باطلا، بل و كذا إذا تاب بعد ذلك، فإنّه لا تنفعه توبته في رفع البطلان (٦۲).
كما في ارتكاب سائر المفطرات التي لا يرفع أثرها بعد الارتكاب و لو ندم و تاب، لأنّ التوبة لا تؤثر في الوضعيات- كالقضاء، و الكفارة، و أداء حقوق الناس، و نحو ذلك.
(فروع)- (الأول): لو كتب الكذب في قرطاس ثمَّ محاه فورا، أو
أحرقه، أو نحوهما مما يوجب زواله، ففي البطلان إشكال، و مقتضى الأصل الصحة.
(الثاني): لو قرأ القرآن غلطا و كان ذلك مغيّرا للمعنى مع العلم به و كان هناك من يسمع إليه و يخاطبه يبطل صومه، لأنّه كذب حينئذ، بل و كذا مع عدم المخاطب على الأحوط.
(الثالث): لو علم بأنّه يغلط في قراءة القرآن يشكل قراءته في شهر رمضان.
فيجب القضاء و الكفارة، و لا أثر للتوبة في رفعها أيضا كما في التوبة عن سائر الديون الخلقية، و الخالقية.
(مسألة ۲٤): لا فرق في البطلان بين أن يكون الخبر المكذوب مكتوبا في كتاب من كتب الأخبار أو لا، فمع العلم بكذبه لا يجوز الإخبار به و إن أسنده إلى ذلك الكتاب (٦۳) إلا أن يكون ذكره له على وجه الحكاية دون الإخبار (٦٤)، بل لا يجوز الإخبار به على سبيل الجزم مع الظنّ بكذبه، بل و كذا مع احتمال كذبه (٦٥) إلا على سبيل النقل و الحكاية (٦٦)، فالأحوط لناقل الأخبار في شهر رمضان- مع عدم العلم بصدق الخبر- أن يسنده إلى الكتاب، أو إلى قول الراوي على سبيل الحكاية (٦۷).
لإطلاق الأخبار الشامل له أيضا كما إذا قال- بقصد الإخبار عن المعصوم (عليه السلام)- قال الإمام (عليه السلام): لا يبطل الأكل الصوم و روي ذلك في الكافي- مثلا.
كما إذا قال: روي في الكافي كذا. بقصد النقل عنه لا بقصد الإخبار عن المعصوم (عليه السلام).
لأصالة عدم الحجية، و عدم صحة الانتساب ما لم تقم حجة معتبرة عليه هذا إذا كان المراد بالكذب ما لم تثبت حجيته كما لعله المراد في اصطلاح الكتاب و السنة و إن كان المراد به ما أحرز مخالفته للواقع، ففي مورد الظنّ و الاحتمال لا يتحقق الكذب، لعدم إحراز المخالفة مع الواقع. الا أن يقال: إنّ الجزم بالأخبار مع عدم إحراز الموافقة للواقع يلحقه بالكذب.
ثمَّ إنّ صدق الكذب في القسم الأول إنّما هو فيما إذا لم تقم حجة معتبرة على الاعتبار و إلا فلا يكون كذبا حتّى مع الاحتمال أو الظنّ غير المعتبر بالخلاف.
كما تقدم آنفا.
و لو بنحو البناء القلبي بأن يبني في قلبه أنّ في أول شهر رمضان كل ما ينقله في هذا الشهر إنما هو بعنوان الحكاية لا بعنوان الجزم به، و لكن الأحوط الذكر باللسان أيضا.
(مسألة ۲٥): الكذب على الفقهاء و المجتهدين و الرواة و إن كان حراما- لا يوجب بطلان الصوم (٦۸) إلا إذا رجع إلى الكذب على اللّه و رسوله (٦۹) صلّى اللّه عليه و آله.
أما الحرمة، فلعموم أدلة حرمة الكذب. و أما عدم البطلان، فلأصالتي: الصحة و البراءة عن القضاء و الكفارة، بعد عدم الدليل على البطلان فيه.
كاستناد الفتوى المجعولة إليهم من حيث إنّهم حملة الشريعة، و حفاظ أحكام اللّه تعالى بحيث يصدق الكذب على اللّه عرفا، و هو يختلف باختلاف كيفية البيان و نحوه.
(مسألة ۲٦): إذا اضطر إلى الكذب على اللّه و رسوله صلّى اللّه عليه و آله في مقام التقية من ظالم لا يبطل صومه به، كما أنّه لا يبطل مع السهو، أو الجهل المركب (۷۰).
أما في مورد الاضطرار، فإن كان بحيث يوجب سلب الاختيار،فلا ريب في عدم البطلان، لما يأتي من اعتبار العمد و الاختيار في البطلان و إن لم يكن كذلك و كانت التقية من أهل الخلاف، فكذا أيضا لعمومات أدلة التقية المستفاد منها الصحة و عدم القضاء و الكفارة، و يأتي التفصيل في [مسألة ۲] من الفصل التالي. و أما في مورد السهو، و الجهل فلا بطلان أيضا لما يأتي في الفصل المذكور.
(مسألة ۲۷): إذا قصد الكذب فبان صدقا دخل في عنوان قصد المفطر، بشرط العلم بكونه مفطرا (۷۱).
لاعتبار العلم بالمفطرية في قصد الإفطار أيضا كما يعتبر في فعل المفطر
(مسألة ۲۸): إذا قصد الصدق فبان كذبا لم يضر، كما أشير إليه (۷۲).
في [مسألة ۲٦] عند قوله (رحمه اللّه): «لا يبطل مع السهو أو الجهل المركب».
(مسألة ۲۹): إذا أخبر بالكذب هزلا بأن لم يقصد المعنى أصلا- لم يبطل صومه (۷۳).
لتقوّم الصّدق و الكذب بالقصد الجديّ الاستعماليّ، فالهزل خارج عنهما و إن أطلق عليه الكذب في بعض الأخبار كقول عليّ (عليه السلام): «لا يجد عبد طعم الإيمان حتى يترك الكذب جدّه و هزله»۲۹، و قوله (عليه السلام) أيضا: «لا يصلح من الكذب جدّه و هزله»۳۰، و لكنّه إطلاق من حيث مطلق المرجوحية لا الكذب الحقيقيّ، مع أنّه يكفي الأصل في الصحة بعد عدم جواز التمسك بالعمومات، لكونه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.
السادس: إيصال الغبار الغليظ إلى حلقه (۷٤)، بل و غير الغليظ على الأحوط (۷٥). سواء كان من الحلال- كغبار الدقيق- أم الحرام، كغبار التراب و نحوه. و سواء كان بإثارته بنفسه- بكنس أم نحوه- أم بإثارة غيره، بل أم بإثارة الهواء مع التمكين منه و عدم تحفظه (۷٦) و الأقوى إلحاق البخار الغليظ، و دخان التنباك و نحوه (۷۷). و لا بأس بما يدخل في الحلق غفلة، أو نسيانا، أو قهرا، أو مع ترك التحفظ بظن عدم الوصول، و نحو ذلك (۷۸).
للإجماع المدّعى عن جمع، و لخبر المروزيّ: «سمعته يقول:
إذا تمضمض الصائم في شهر رمضان، أو استنشق متعمّدا، أو شم رائحة غليظة، أو كنس بيتا، فدخل في أنفه و حلقه غبار، فعليه صوم شهرين متتابعين، فإنّ ذلك مفطر، مثل الأكل، و الشرب، و النكاح»۳۱.
و نوقش في الإجماع بمخالفة المحقق في المعتبر. (و فيه): أنّه لم يخالف، بل تردد في المسألة و ذلك لا يعدّ مخالفة، مع أنّها على فرض تحققها لا يضرّ بإجماع المتقدمين.
و نوقش في الخبر تارة: بجهالة المروزيّ. و أخرى: بالإضمار.
و ثالثة: باشتماله على ما لا يقول به أحد من مفطرية الرائحة الغليظة. و رابعة:
باشتماله على مطلق الغبار، مع أنّ الفقهاء قيّدوه بالغلظة. و خامسة:
بمعارضته بموثق ابن سعيد عن الرّضا (عليه السلام): «سألته عن الصّائم يدخل الغبار في حلقه قال (عليه السلام): لا بأس»۳۲ و الكل مردود:
أما الأولان: فلاهتمام أرباب الحديث به، و اعتماد المشهور عليه.
و أما الثالثة، فلصحة التفكيك في أجزاء الخبر الواحد بالعمل ببعضها و طرح الآخر على ما هو المتعارف بين الفقهاء.
و أما الأخيران: فلأنّ حمل الموثق على غير الغليظ، و خبر المروزي عليه من الجمع العرفيّ الشائع، مع أنّ تقييد الرائحة بالغليظة يمكن أن يكون قرينة على تقييد الغبار بها أيضا، بل التشبيه بأنّها مثل الأكل و الشرب قرينة على الغلظة، لأنّ غير الغليظ مستهلك غالبا، فلا محذور في الاستدلال بالحديث.
نسب وجوب الاجتناب عنه إلى المسالك جمودا على إطلاق خبر المروزيّ، و لأنّه من المتناولات. (و فيه) أنّ الإطلاق مقيّد بما مرّ، و صدق التناول كالأكل مشكل، فيكون المرجع هو الأصل، فهو مقتضى الصحة، و عدم القضاء و الكفارة.
كل ذلك للإطلاق، و ظهور الاتفاق.
لتقوّم الصّدق و الكذب بالقصد الجديّ الاستعماليّ، فالهزل خارج عنهما و إن أطلق عليه الكذب في بعض الأخبار كقول عليّ (عليه السلام): «لا يجد عبد طعم الإيمان حتى يترك الكذب جدّه و هزله»۲۹، و قوله (عليه السلام) أيضا: «لا يصلح من الكذب جدّه و هزله»۳۰، و لكنّه إطلاق من حيث مطلق المرجوحية لا الكذب الحقيقيّ، مع أنّه يكفي الأصل في الصحة بعد عدم جواز التمسك بالعمومات، لكونه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.
على المعروف بين متأخري المتأخرين، و استندوا إلى السيرة، و أنّه من التناول، فيشمله أدلة مفطرية الأكل، و بشمول دليل مفطرية الغبار له. و يرد الأول: بعدم ثبوت تقرير المعصوم له. و الثاني: بأنّه مشكل، بل ممنوع. و الأخير: قياس.
إلا أن يقال: إنّ ذكر الغبار من باب المثال لما يكون من سنخه، فيشمل الدخان، و البخار أيضا. و أما موثق ابن سعيد عن الرّضا (عليه السلام) قال: «سألته عن الصّائم يتدخن بعود أو بغير ذلك فتدخل الدخنة في حلقه فقال: جائز لا بأس به۳۳، فيمكن حمله على الدخول غير الاختياري و لا فرق بين من تلذذ بالدخان و البخار و عدمه، لعدم دليل على التفرقة بينهما بعد شمول الدليل لهما.
لتقوّم الصّدق و الكذب بالقصد الجديّ الاستعماليّ، فالهزل خارج عنهما و إن أطلق عليه الكذب في بعض الأخبار كقول عليّ (عليه السلام): «لا يجد عبد طعم الإيمان حتى يترك الكذب جدّه و هزله»۲۹، و قوله (عليه السلام) أيضا: «لا يصلح من الكذب جدّه و هزله»۳۰، و لكنّه إطلاق من حيث مطلق المرجوحية لا الكذب الحقيقيّ، مع أنّه يكفي الأصل في الصحة بعد عدم جواز التمسك بالعمومات، لكونه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.
كلّ ذلك للأصل بعد اعتبار العمد و الاختيار في مفطرية المفطرات.
السابع: الارتماس في الماء (۷۹)، و يكفي فيه رمس الرأس فيه، و إن كان سائر البدن خارجا عنه (۸۰). من غير فرق بين أن يكون رمسه دفعة، أو تدريجا على وجه يكون تمامه تحت الماء زمانا (۸۱). و أما لو غمسه على التعاقب- لا على هذا الوجه، فلا بأس به (۸۲) و إن استغرقه. و المراد بالرأس ما فوق الرقبة بتمامه (۸۳)، فلا يكفي غمس خصوص المنافذ في البطلان. و إن كان هو الأحوط (۸٤) و خروج الشعر لا ينافي صدق الغمس (۸٥).
للنص، و الإجماع، قال أبو جعفر (عليه السلام) في الصحيح:
«الصائم يستنقع في الماء، و يصب على رأسه و يتبرد بالثوب، و ينضح بالمروحة، و ينضح البوريا تحته و لا يغمس رأسه في الماء»۳4، و عن الصادق (عليه السلام) في صحيح ابن شعيب قال: «لا يرتمس المحرم في الماء و لا الصائم»۳٥، و في صحيح ابن مسلم قال: «سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: لا يضرّ الصائم ما صنع إذا اجتنب ثلاث خصال:
الطعام، و الشراب، و النساء، و الارتماس في الماء»۳٦ و المنساق من مثل هذه النواهي إنّما هو المانعية، لأنّها الأصل في النّواهي المتعلقة بالعبادات إلا ما خرج بالدليل.
و عن بعض القول بخصوص الحرمة التكليفية دون المفطرية، لذكر الارتماس الصياميّ في سياق الارتماس الإحراميّ، و الأخير لا يكون مبطلا للإحرام قطعا، فكذا الأول مع أنّه لم يذكر القضاء و الكفارة في أدلة المقام.
(و فيه) أولا: أنّه ذكر في سياق الأكل و الشرب و الجماع في صحيح ابن مسلم، مع أنّ خروج الإحرام بدليل خارج لا يضرّ بظهور السياق في المانعية، و الدليل الخارج ظهور الإجماع، بل النصوص في أنّ محرّمات الإحرام نفسية لا غيرية، بل هذا هو الأصل فيها إلا ما خرج بالدليل.
و عن بعض القول بالكراهة، لقول أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال:
«يكره للصائم أن يرتمس في الماء»۳۷، و موثق عمار قال: «قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام) رجل صائم ارتمس في الماء متعمّدا عليه قضاء ذلك اليوم؟ قال: (عليه السلام): ليس عليه قضاؤه و لا يعودنّ»۳۸.
(و فيه): أنّ الكراهة محمولة على الحرمة بقرينة غيره مما مرّ، و الموثق محمول على ما إذا نسي الصوم، مع أنّ إعراض المشهور عنهما أوهنهما.
لذكر الرأس بالخصوص في جملة من النصوص كصحيح ابن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «الصائم يستنقع في الماء، و يصب على رأسه، و يتبرد بالثوب، و ينضح بالمروحة، و ينضح البوريا و لا يغمس رأسه في الماء»۳۹ و مثله غيره4۰، و انسباقه من لفظي الارتماس و الانغماس عرفا.
لأنّه المنساق من الأدلة، و المتعارف في الانغماس و الارتماس عند جميع الناس.
لما مرّ من أنّ المنساق من الأدلة كون الرّأس تحت الماء آنا ما و لا يتحقق ذلك بما ذكر من التعاقب و إن استغرقه، لأنّ الاستغراق حينئذ تدريجيّ لا أن يكون دفعيا آنيّا حتّى يحيط الماء بتمام الرّأس آنا ما.
لتصادق العرف و اللغة على أنّه المراد بالرّأس في مثل المقام و إن كان له إطلاقات أخرى في غير المقام.
أمّا عدم الكفاية، فلأصالتي: الصحة و البراءة عن القضاء و الكفارة. و أما الاحتياط، فللخروج عن شبهة الخلاف، و لأنّه حسن على كل حال.
لأنّ الشعر خارج عن مفهوم الرأس لغة، و عرفا، و شرعا إلا فيما دل عليه دليل بالخصوص كما ورد في كفاية المسح عليه في الوضوء4۱.
(مسألة ۳۰): لا بأس برمس الرّأس، أو تمام البدن في غير الماء من سائر المائعات، بل و لا رمسه في الماء المضاف (۸٦) و إن كان الأحوط الاجتناب (۸۷)، خصوصا في الماء المضاف.
لذكر الماء في الأدلة، و أصالة الصحة في غيره و إن كان ماء مضافا، و لكن يشكل في بعض أقسام المضاف بعدم تفرقة العرف بينه و بين الماء المطلق، و مع الشك في الموضوع أو الحكم، فالمرجع أصالة الصحة، و عدم القضاء و الكفارة، لعدم جواز التمسك بالأدلة حينئذ.
لاحتمال أن يكون المراد بالماء مطلق المائع، فيشمل الجميع خصوصا المضاف.
(مسألة ۳۱): لو لطخ رأسه بما يمنع من وصول الماء إليه ثمَّ رمسه في الماء، فالأحوط، بل الأقوى بطلان صومه (۸۸) نعم، لو أدخل رأسه في إناء- كالشيشة و نحوها- و رمس الإناء في الماء، فالظاهر عدم البطلان (۸۹).
لصدق الارتماس عرفا إلا أن يدّعي انصراف الدليل عنه، و مع الشك في الصدق يكون المرجع الأصل، و الظاهر اختلافه باختلاف اللطخة رقة و غلظة، فيصح الصدق في الأولى، و لا يصح في بعض المراتب الثانية.
لعدم صدق غمس الرأس حينئذ عرفا، و مثله الآلات المصنوعة في هذه الأعصار للغوص و الغمس في البحار لأغراض خاصة.
مسألة ۳۲): لو ارتمس في الماء بتمام بدنه إلى منافذ رأسه، و كان ما فوق المنافذ من رأسه خارجا عن الماء، كلّا أو بعضا، لم يبطل صومه على الأقوى (۹۰) و إن كان الأحوط البطلان برمس خصوص المنافذ، كما مرّ.
لخروج بعض الرأس عن الماء، فلا يصدق الرمس و الغمس، و المناط على رمس الجميع، لأنّه الظاهر من الدليل، و مع عدم الصدق أو الشك فيه لا موجب للبطلان بل مقتضى الأصل الصحة.
(مسألة ۳۳): لا بأس بإفاضة الماء على رأسه و إن اشتمل على جميعه، ما لم يصدق الرمس في الماء. نعم، لو أدخل رأسه أو تمام بدنه في النهر المنصب من عال إلى السافل- و لو على وجه التسنيم- فالظاهر البطلان، لصدق الرمس، و كذا في الميزاب إذا كان كبيرا و كان الماء كثيرا كالنهر مثلا (۹۱).
ظهر مما تتقدم حكم هذه المسألة، فلا وجه للإعادة.
(مسألة ۳٤): في ذي الرأسين إذا تميّز الأصليّ منهما، فالمدار عليه. و مع عدم التميز يجب عليه الاجتناب عن رمس كلّ منهما (۹۲)، لكن لا يحكم ببطلان الصوم إلا برمسهما و لو متعاقبا (۹۳).
أما الأول، فلتحقق الموضوع، فيشمله الدليل قهرا. و أما الأخير، فلقاعدة الاحتياط.
مقتضى قاعدة الاحتياط وجوب الاجتناب عن رمس أحدهما أيضا، لأنّ جريان الأصل في رمس واحد منهما فقط معارض بجريانه في الآخر، فمقتضى قاعدة الاشتغال الإتمام و القضاء إلا أن يقال: بعدم صدق العمد و الاختيار بالنسبة إلى فعل المفطر، لأنّه مع الشك في تحقق المفطر برمس واحد منها فقط لا يصدق إيجاد المفطر عمدا و اختيارا، لأنّ تحقق العمد و الاختيار متوقف على العلم بالموضوع، مع أنّ الالتزام بوجوب الكفارة مرّتين بعيد عن المرتكزات، و سهولة الشريعة، و خلاف ما ثبت في الأصول من أنّ في موارد العلم الإجمالي ما هو الواجب إنّما هو الاجتناب فقط. و أما سائر الآثار فلا تترتب على ارتكاب أحدهما فقط، بل إنّما تترتب على ارتكاب الجميع.
(مسألة ۳٥): إذا كان مائعان يعلم بكون أحدهما ماء يجب الاجتناب عنهما، و لكن الحكم بالبطلان يتوقف على الرمس فيهما (۹٤).
الكلام في هذه المسألة عين الكلام في سابقتها من غير فرق.
(مسألة ۳٦): لا يبطل بالارتماس سهوا، أو قهرا، أو السقوط في الماء من غير اختيار (۹٥).
كلّ ذلك لما يأتي في الفصل التالي من اعتبار العمد و الاختيار في مفطرية المفطرات.
(مسألة ۳۷): إذا ألقى نفسه من شاهق في الماء بتخيل عدم الرمس، فحصل، لم يبطل صومه (۹٦).
لعدم تحقق العمد و الاختيار مع الاطمئنان بعدم الرّمس و يجري هنا ما تقدم في [مسألة ۱۸] فراجع.
(مسألة ۳۸): إذا كان مائع لا يعلم أنّه ماء، أو غيره أو ماء مطلق أو مضاف، لم يجب الاجتناب عنه (۹۷).
للأصل فيما إذا تردد بين الماء و سائر المائعات و أما مع التردد بين الماء المطلق، و بعض أقسام المضاف، فالأحوط الاجتناب كما مرّ.
(مسألة ۳۹): إذا ارتمس نسيانا أو قهرا، ثمَّ تذكر أو ارتفع القهر، وجب عليه المبادرة إلى الخروج، و إلا بطل صومه (۹۸).
لتحقق العمد و الاختيار في الارتماس حينئذ مع تمكنه من الخروج فورا. و أما عدم البطلان بالارتماس السهويّ و القهريّ، فلعدم الاختيار، مع اعتباره في جميع أقسام الإفطار.
(مسألة ٤۰): إذا كان مكرها في الارتماس لم يصح صومه بخلاف ما إذا كان مقهورا (۹۹).
أما عدم صحة الصوم مع الإكراه، فلأنّ المكره (بالفتح) مختار و إنّما يختار أقلّ المحذورين باختياره. و أما الصحة مع القهر، فلعدم الاختيار معه.
أما البطلان، فلتحقق العمد و الاختيار في إيجاد المفطر. و أما وجوبه عليه، فلأهمية إنقاذ النفس عن إتمام الصوم، و الظاهر بطلان الصوم لو خالف و لم يرتمس، لأنّه من النهي في العبادة، لأنّ مرجع وجوب الارتماس إلى حرمة الإمساك و الصّوم.
(مسألة ٤۱): إذا ارتمس لإنقاذ غريق بطل صومه و إن كان واجبا عليه (۱۰۰).
(مسألة ٤۲): إذا كان جنبا. و توقف غسله على الارتماس انتقل إلى التيمم إذا كان الصوم واجبا معينا (۱۰۱)، و إن كان مستحبا، أو كان واجبا موسعا وجب عليه الغسل و بطل صومه (۱۰۲).
لأنّه لا بدل للصوم مع التعيّن، و للغسل بدل و هو التيمم و مقتضى القاعدة تقديم ما لا بدل له على ما له البدل، فيجب عليه إتمام الصوم لتعينه و التيمم لكونه بدلا عن الغسل مع عدم التمكن منه و لو لعذر شرعيّ.
أما في المندوب، فلجواز الإفطار إلى الغروب، فلا تزاحم في البين، و كذا في الواجب الموسع، فإنّه يجوز فيه الإفطار إلى الزوال. و أما بعده فالظاهر أنّ حكمه حكم الواجب المعيّن، فيتبدل الغسل إلى التيمم لو لم يمكن التأخير إلى المغرب.
(مسألة ٤۳): إذا ارتمس بقصد الاغتسال في الصوم الواجب المعيّن، بطل صومه و غسله إذا كان متعمدا (۱۰۳) و إن كان ناسيا لصومه صحّا معا (۱۰٤). و أما إذا كان الصوم مستحبا أو واجبا موسعا، بطل صومه، و صح غسله (۱۰٥).
أما بطلان الصّوم، فلتحقق الارتماس العمدي. و أما بطلان!
الغسل فللنهي عنه، و النهي عن العبادة يوجب البطلان، إذ العبادة المنهيّ عنها لا تصلح للتقرب بها إلى اللّه تعالى.
لسقوط النهي بالنسيان، فلا الصّوم يبطل، لعدم التعمد و لا الغسل يفسد لعدم فعلية النهي.
لما مرّ من جواز الإفطار في المندوب إلى الغروب، و في الموسع إلى الزوال هذا مع التعمد، و أما مع النسيان فيصحان معا كما في الواجب المعيّن.
(مسألة ٤٤): إذا أبطل صومه بالارتماس العمدي، فإن لم يكن من شهر رمضان، و لا من الواجب المعيّن غير رمضان يصح له الغسل حال المكث في الماء، أو حال الخروج (۱۰٦) و إن كان من شهر رمضان يشكل صحته حال المكث لوجوب الإمساك عن المفطرات فيه بعد البطلان أيضا (۱۰۷) بل يشكل صحته حال الخروج أيضا، لمكان النّهي السابق، كالخروج من الدار الغصبية إذا دخلها عامدا (۱۰۸). من هنا يشكل صحة الغسل في الصوم الواجب المعيّن أيضا سواء كان في حال المكث أو حال الخروج (۱۰۹).
لسقوط النهي ملاكا و فعلية، لأنّه إنّما كان لأجل الصوم و المفروض بطلانه، فلا وجه للنهي حينئذ بملاكه و لا بخطابه.
لما عن صاحب الجواهر من دعوى الإجماع على وجوب الإمساك، فيمن أصبح يوم الشك بنية الإفطار ثمَّ بان أنّه من شهر رمضان بعد الزوال راجع بحث النية من صوم الجواهر، و ظاهرهم عدم الخصوصية في عدم النية، فيشمل ارتكاب المفطرات أيضا. هذا مضافا إلى ما ورد في البقاء على الجنابة4۲.
قد عرفت أنّه لا دليل على بطلان الغسل فيها في صوم شهر رمضان فكيف بالواجب المعيّن. هذا إذا أبطل صومه في الواجب المعيّن بالارتماس العمدي. و أما إذا ارتمس فيه قهرا ثمَّ أراد الغسل بالخروج أو المكث، فمقتضى الأصل صحة الصّوم من غير دليل حاكم عليه.
هذه المسألة معنونة في الأصول مفصّلا، و إجمالها أنّه قد قيل:
بوجوب الخروج مولويا. (و فيه) أنّه لا وجه له أما النفسية فلا ملاك لها، و كذا الغيرية، لأنّها لا بد و أن تكون لأجل المقدمية إما للكون في المكان المباح، أو لتفريغ المحل عن الغصب، و لا وجه للأول إذ لا دليل على وجوب الكون في المكان المباح حتّى يجب مقدمته. نعم، يحرم الكون في المحل المغصوب و لا ربط لأحدهما بالآخر. كما لا وجه للأخير، لأنّ التفريغ و إن وجب لكن الخروج ملازم له لا أن يكون مقدمة له و قد ثبت في محله عدم الدليل على اتحاد المتلازمين في الوجود في الحكم أيضا، مضافا إلى أنّ وجوب المقدمة مولويا عند وجوب ذيها على فرض ثبوت المقدمية محل البحث.
و قيل أيضا: إنّ الخروج حرام مولويّ (و فيه): أنّه مع كونه مسلوب الاختيار فيه كيف تتعلق به الحرمة المتقوّمة بالاختيار. إلا أن يقال: بكفاية الاختيار حين الدخول في اختيارية الخروج أيضا. و لكنه دعوى بلا دليل خصوصا بعد التوبة. و منه تظهر المناقشة فيما قيل بأنّه واجب و حرام مولويان، لتركبه من أمرين لا يمكن إقامة الدليل على كل واحد منهما و حينئذ فتصل النوبة إلى مجرد حكم العقل و هو يحكم باختيار أقلّ المحذورين و أخفّ القبيحين هذا لباب الكلام فيمن ارتكب الحرام بسوء اختياره ثمَّ اضطر إلى التخلص منه.
و أما المقام فقد يقال: بعدم صدق إيجاد المفطر في شهر رمضان بعد الإفطار عن الخروج من الماء، لأنّه رفع الانغماس و الارتماس عرفا لا فعله حتّى يكون عن فعل المضطر (و فيه): أنّه ما دام في الماء يصدق عليه المرتمس لغة و وجدانا، فتشمله الأدلة قهرا، فيكون مثل الخروج عن الدار المغتصبة إذا دخل فيها باختياره.
و قد يقال: بأنّ الشك في الصدق يكفي في عدم جواز التمسك بالأدلة اللفظية، لكونه من التمسك بالدليل في الشبهة الموضوعية، فيرجع إلى أصالة
البراءة (و فيه): ما مرّ من أنّ الصدق معلوم لغة و وجدانا إلا أن يقال: بانصراف الدليل عن مثل هذا الصدق الذي يكون من رفع الحرام لا فعله خصوصا إن كان بعد التوبة، لسقوط النهي السابق بها، و عدم تعقل حدوث نهي مولويّ آخر لمكان الاضطرار و لا أثر للنهي السابق خطابا، بل و لا ملاكا بعد التوبة، فلا وجه للحرمة. و منه يظهر أنّ قياس المقام بمن توسط الأرض المغصوبة فاضطر إلى الخروج مع الفارق، لأنّ عنوان المنهيّ عنه بالنهي السابق لا يصدق بعد تحقق الإفطار العمديّ، و إنّما هو نهي آخر يحدث تعبدا و يكفي الشك في حدوثه في عدم الحدوث و الأحوط القضاء و الكفارة.
(مسألة ٤٥): لو ارتمس الصائم في الماء المغصوب فإن كان ناسيا للصوم و للغصب صح صومه (۱۱۰) و غسله. و إن كان عالما بهما بطلا معا (۱۱۱)، و كذا إن كان متذكرا للصوم ناسيا للغصب (۱۱۲) و إن كان عالما بالغصب ناسيا للصوم صح الصوم دون الغسل (۱۱۳).
لعدم فعلية النهي مع النسيان، و اختصاص مفطرية المفطرات بحال العمد و الالتفات فيصحان معا لا محالة. و منه يظهر أنّه مع العلم بهما يبطلان معا لحرمة التصرف في المغصوب مع العلم به فيبطل الغسل حينئذ و الصوم، لتحقق الارتماس العمدي.
أما الصوم، فلتحقق الارتماس العمدي. و أما الغسل، فللنهي عنه من جهة التصرف في المغصوب و النهي في العبادة يوجب البطلان.
لتحقق الارتماس العمدي فيبطل الصوم، و النهي عن الارتماس يوجب البطلان، لأنّه من النهي في العبادة الموجب للفساد. هذا في الواجب المعيّن و إلا صح غسله و بطل صومه.
أما صحة الصوم، فلعدم تحقق فعل المفطر عن عمد و اختيار.
و أما بطلان الغسل، فلاشتراط إباحة الماء فيه.
(مسألة ٤٦): لا فرق في بطلان الصوم بالارتماس بين أن يكون عالما بكونه مفطرا أو جاهلا (۱۱٤).
لما يأتي في الفصل التالي.
(مسألة ٤۷): لا يبطل الصوم بالارتماس في الوحل، و لا بالارتماس في الثلج (۱۱٥).
للأصل بعد اختصاص الدليل بالماء، مع أنّه إذا لم يكن الارتماس في المائعات غير الماء مبطلا، ففي الوحل و الثلج بالأولى.
(مسألة ٤۸): إذا شك في تحقق الارتماس بنى على عدمه (۱۱٦).
لأصالة عدم تحقق الارتماس، و أصالة الصحة، و البراءة عن القضاء و الكفارة.
الثامن: البقاء على الجنابة عمدا إلى الفجر الصادق، في صوم شهر رمضان (۱۱۷). أو قضائه (۱۱۸) دون غيرهما من الصيام الواجبة و المندوبة على الأقوى (۱۱۹)، و إن كان الأحوط تركه في غيرهما أيضا (۱۲۰) خصوصا في الصيام الواجب، موسعا كان أو مضيقا (۱۲۱). و أمّا الإصباح جنبا من غير تعمد فلا يوجب البطلان (۱۲۲) إلا في قضاء شهر رمضان على الأقوى (۱۲۳) و إن كان الأحوط إلحاق الواجب الغير المعيّن به (۱۲٤) في ذلك. و أما الواجب المعين رمضانا كان أو غيره فلا يبطل بذلك (۱۲٥). كما لا يبطل مطلق الصوم- واجبا كان أو مندوبا معينا أو غيره- بالاحتلام في النهار (۱۲٦) و لا فرق في بطلان الصوم بالإصباح جنبا عمدا بين أن تكون الجنابة بالجماع في الليل أو الاحتلام (۱۲۷)، و لا بين أن يبقى كذلك متيقظا أو نائما بعد العلم بالجنابة مع العزم على ترك الغسل (۱۲۸). و من البقاء على الجنابة عمدا الإجناب قبل الفجر متعمدا في زمان لا يسع الغسل و لا التيمم (۱۲۹). و أما لو وسع التيمم خاصة فتيمم صح صومه و إن كان عاصيا في الإجناب (۱۳۰) و كما يبطل الصوم بالبقاء على الجنابة متعمدا كذا يبطل بالبقاء على حدث الحيض و النفاس إلى طلوع الفجر فإذا طهرت منهما قبل الفجر وجب عليها الاغتسال أو التيمم و مع تركهما عمدا يبطل صومها (۱۳۱) و الظاهر اختصاص البطلان بصوم رمضان (۱۳۲) و إن كان الأحوط إلحاق فضائه به أيضا بل إلحاق مطلق الواجب بل المندوب أيضا (۱۳۳) و أما لو طهرت قبل الفجر في زمان لا يسع الغسل و لا التيمم، أو لم تعلم بطهرها في الليل حتّى دخل النهار فصومها صحيح، واجبا كان أو ندبا على الأقوى (۱۳٤).
لنصوص قريبة من التواتر- و قد عدّوا ذلك من قطعيات الفقه- منها: موثق أبي بصير عن الصادق (عليه السلام): «في رجل أجنب في شهر رمضان بالليل ثمَّ ترك الغسل متعمّدا حتّى أصبح قال (عليه السلام): يعتق رقبة، أو يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستين مسكينا»4۳ و مثله غيره44.
و بإزاء هذه الأخبار أخبار أخر تدل على الصحة كصحيح الخثعمي عنه (عليه السلام) أيضا: «كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) يصلي صلاة الليل في شهر رمضان ثمَّ يجنب ثمَّ يؤخر الغسل متعمّدا حتّى يطلع الفجر»4٥ و مثله غيره، و لكن لا بد من حملها إما على التقية، أو على غير التعمد، و طرحها لإعراض الأصحاب عنها، بل دعوى القطع على خلافها، فلا وجه لما نسب إلى الصدوقين من القول بالصحة.
لصحيح ابن سنان: «أنّه سأل أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن الرجل يقضي شهر رمضان، فيجنب من أول الليل و لا يغتسل حتّى يجيء آخر الليل و هو يرى أنّ الفجر قد طلع، قال (عليه السلام): لا يصوم ذلك اليوم و يصوم غيره»4٦، و نحوه موثق سماعة4۷، و الظاهر أنّ الحكم من المسلّمات، و تشهد له قاعدة الإلحاق أيضا.
لأصالة عدم المانعية و المفطرية إلا في مورد الدليل، بل قد ورد في المندوب ما يدل على الصحة، كصحيح الخثعمي: «قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام) أخبرني عن التطوع و عن صوم هذه الثلاثة أيام إذا أجنبت من أول الليل فأعلم أنّي أجنبت فأنام متعمّدا حتى ينفجر الفجر أصوم أو لا أصوم؟ قال (عليه السلام): صم»4۸ و نحوه غيره.
و أما الصوم الواجب، فنسب إلى المشهور كونه كصوم شهر رمضان، لقاعدة الإلحاق المستفادة من الإطلاقات الواردة في شهر رمضان.
(و فيه) أولا: أنّ تصريحه (عليه السلام) بعدم المانعية في الصوم المندوب فيما مر من الصحيح، مع أنّ اتحاد حقيقة الصيام- بواجبها
و مندوبها- يدل على أنّه ليس البقاء على الجنابة مثل الأكل و الشرب منافيا لحقيقة الصوم.
و ثانيا: أنّ مقتضى الحصر في قوله (عليه السلام): «لا يضر الصائم ما صنع إذا اجتنب ثلاث خصال: الطعام، و الشراب، و الارتماس»4۹ و غيره مما تقدم في أول (فصل المفطرات) هو عدم المفطرية لشيء إلا ما دل عليه دليل بالخصوص.
و ثالثا: أنّه يشكل التمسك بقاعدة الإلحاق، لموثق سماعه قال:
«سألته عن رجل أصابته جنابة في جوف الليل في رمضان، فنام و قد علم بها و لم يستيقظ حتى أدركه الفجر، فقال (عليه السلام): عليه أن يتم صومه و يقضي يوما آخر، فقلت: إذا كان ذلك من الرجل و هو يقضي شهر رمضان، قال (عليه السلام): فليأكل يومه ذلك، و ليقض فإنّه لا يشبه رمضان شيء من الشهور»٥۰.
فإنّ مثل هذا الموثق أيضا ظاهر، بل صريح في الفرق بين شهر رمضان و غيره، و كذا ما دل على الاختلاف بينهما في الكفارة. و دعوى: أنّ مقتضى القاعدة الاتحاد في جميع الآثار إلا ما خرج بالدليل ليس بأولى من دعوى أنّ مقتضى الاختلاف في جملة من الآثار هو الاختلاف في جميعها إلا ما دل الدليل على الخلاف، مع أنّ عمدة دليل قاعدة الإلحاق إنّما هو الإجماع و شموله للمقام مشكل، لتحقق الخلاف ممن يعتني بخلافه، و لذا ذهب جمع- منهم صاحب المدارك و الذخيرة، و الرياض، و المحقق في المعتبر- إلى الاختصاص بخصوص صوم شهر رمضان، للأصل بعد عدم ما يصلح للاعتماد عليه لإلحاق غيره به. ثمَّ إنّه لو عبّر بأنّه يعتبر في الصوم الطهارة من الحدث الأكبر إلا ما خرج بالدليل لكان أجمع. و أولى.
و خلاصة المقال: أنّ هنا أمور ثلاثة: الأول: تعمد البقاء على الجنابة، و مقتضى الأدلة اللفظية اختصاص مفطريته بصوم شهر رمضان و قضائه.
الثاني: الإصباح جنبا و تختص مفطريته بخصوص قضاء صوم شهر رمضان، و لا يجري في غيره حتّى في نفس شهر رمضان، كما تقدم.
الثالث: الاحتلام في اليوم الذي صام فيه، و لا يوجب ذلك الإفطار مطلقا، و يأتي تفصيل ذلك كلّه في المسائل الآتية.
ثمَّ إنّ البقاء على الحدث الأكبر- الذي منه الجنابة- أقسام كثيرة:
الأول: أن يكون عن عمد، و يكون مبطلا في صوم شهر رمضان، و قضائه.
الثاني: نسيان الغسل و يأتي حكمه في [مسألة ٥۰].
الثالث: البقاء عن جهل بالموضوع و الحكم معا، و يأتي حكم البطلان في الفصل التالي، و حكم الكفارة في (فصل المفطرات المذكورة) كما أنّه موجبة للقضاء.
الرابع: عن جهل بالموضوع فقط، أو الحكم كذلك يظهر حكمها مما يأتي في ذلك الفصل.
الخامس: البقاء عن اضطرار أو إكراه و لا كفارة فيهما و الأحوط القضاء خصوصا في الإكراه.
خروجا عن خلاف ما نسب إلى المشهور، و جمودا على قاعدة الإلحاق مطلقا إلا ما خرج بالدليل. و إن كان ذلك جمودا بلا دليل و مخالفا لما هو المأنوس في الشريعة من التيسير و التسهيل.
لأنّه المتيقن من دعواهم الإجماع على الإلحاق، و لكن الظاهر أنّ الإجماع اجتهاديّ لا تعبديّ، و قد خالفه المحقق في المعتبر.
للأصل، و أدلة حصر المفطرات، و لصحيح القماط أنّه:
«سأل أبو عبد اللّه (عليه السلام) عمن أجنب في شهر رمضان في أول الليل، فنام حتّى أصبح قال (عليه السلام): لا شيء عليه، و ذلك أنّ جنابته كانت في وقت حلال»٥۱ و نحوه غيره المحمول على غير صورة التعمد، جمعا، و إجماعا. هذا مع ظهور الإجماع على عدم البطلان.
و أما صحيح ابن مسلم: «عن أحدهما (عليهما السلام) سألته عن الرجل تصيبه الجنابة في شهر رمضان ثمَّ ينام قبل أن يغتسل، قال (عليه السلام): يتم صومه و يقضي ذلك اليوم»٥۲ فهو محمول على صورة التعمد، جمعا و إجماعا. و يكفي في عدم بطلان سائر أقسام الصّيام- واجبا كان أو مندوبا- الأصل، و أدلة حصر المفطرات.
لصحيح ابن سنان قال: «كتب أبي إلى أبي عبد اللَّه (عليه السلام) و كان يقضي شهر رمضان، و قال: إنّي أصبحت بالغسل و أصابتني جنابة فلم أغتسل حتّى طلع الفجر، فأجابه (عليه السلام) لا تصم هذا اليوم و صم غدا»٥۳، و نحوه غيره، و يظهر منهم الإجماع عليه أيضا، و به يخرج عن أصالة التساوي بين الأداء و القضاء في الحكم.
لما نسبه في جامع المقاصد إلى الأصحاب، و لإمكان ما ورد في صحيح ابن سنان من قضاء شهر رمضان على مجرد المثال لكل واجب موسع، و لكن كون الأول من الإجماع المعتبر مشكل، و كذا الثاني في مقابل ما دل على حصر المفطرات فلا حاكم على أصالة البراءة عن المانعية و المفطرية في غير مورد النص مضافا إلى ما تقدم من حصر المفطرات في غيره» و إن كان ذلك يكفي في الاحتياط بل الوجوبيّ منه إن كانت النسبة إلى الأصحاب عبارة أخرى عن دعوى الإجماع كما هو عادة بعض الفقهاء في التعبير عنه به.
لما تقدم من صحيح القماط، و ظهور الإجماع.
لنصوص مستفيضة- مضافا إلى الإجماع، بل الضرورة الفقهية- منها قول الصادق (عليه السلام) في الصحيح: «ثلاثة لا يفطرن الصّائم:
القيء، و الاحتلام، و الحجامة»٥4. فتلخص أن الأقسام ثلاثة: البقاء على الجنابة إلى الفجر عمدا، و الإصباح جنبا، و الاحتلام في حال الصّوم، و مقتضى الأدلة اللفظية اختصاص الأول بخصوص شهر رمضان، و الثاني بقضائه، لا أثر للأخير في فساد الصّوم أصلا.
لظهور الإطلاق، و الاتفاق، و صحيح الحلبيّ: «في رجل احتلم أول الليل أو أصاب من أهله ثمَّ نام متعمّدا في شهر رمضان حتّى أصبح؟
قال (عليه السلام): يتم صومه ذلك ثمَّ يقضيه إذا أفطر من شهر رمضان و يستغفر ربه»٥٥، و قريب منه صحيح البزنطي٥٦.
صدق تعمد البقاء على الجنابة على الجميع و قد ذكر النوم بعد الجنابة في جملة من النصوص- كما تقدم بعضها.
لأنّه مع الالتفات إليه تعمد للبقاء على الجنابة أيضا، إذ المناط كلّه طلوع الفجر عليه جنبا بعمده و اختياره و هو حاصل في هذه الصورة أيضا مضافا إلى الإجماع.
أما صحّة الصّوم، فلأن التراب أحد الطهورين٥۷، فيترتب عليه جميع ما يترتب على الغسل من الآثار. إلا أن يقال: إنّه لا يشمل مورد إيجاد الموضوع اختيارا، و لكنّه خلاف إطلاق الأدلة، و كلمات الفقهاء، و كون التشريع لأجل التيسير و التسهيل. و أما العصيان، فظاهرهم التسالم عليه في نظائر المقام من موارد تفويت التكليف الاختياريّ بالعمد و الاختيار، و يأتي نظير المسألة في [مسألة ٦٦] فراجع و المسألة سيالة في موارد كثيرة من الفقه.
للإجماع، و النصّ في الحيض قال أبو عبد اللَّه (عليه السلام) في موثق أبي بصير: «إن طهرت بليل من حيضها ثمَّ توانت أن تغتسل في رمضان حتّى أصبحت عليها قضاء ذلك اليوم»٥۸.
و اما في النفاس، فلظهور تسالمهم على أنّه كالحيض في جميع الأحكام إلا ما خرج بالدليل حتّى جعل ذلك قاعدة، و قد تقدّم في النفاس و مقتضى العمومات الدالة على وجوب الكفارة مع تعمد المفطر وجوبها أيضا، و يمكن أن يحمل الموثق على ذكر أحد المتلازمين و إرادة الآخر بالملازمة فلا وجه للتردد فيه كما نسب إلى الشهيد و المحقق اعتمادا على الأصل بعد عدم صحة الرواية، لأنّها من قسم الموثق الذي فرغنا في الأصول عن حجيته، و معها يسقط الأصل لا محالة. هذا في البقاء على حدث الحيض. و أما حدوثه فهو يوجب البطلان، لما يأتي أنّ من شرائط الصّوم الطهارة من الحيض، و يمكن أن يستشهد له للمقام أيضا.
لاختصاص الدّليل به، فالمرجع في غيره الأصل، و أدلة حصر المفطرات.
لاحتمال أن يكون ذكر رمضان من باب المثال لمطلق الصوم، و أصالة المساواة بين الأداء و القضاء، و قاعدة الإلحاق. و لكن الكلّ لا يصلح دليلا في مقابل الأصل، و أدلة حصر المفطرات إلا أن يكون إجماع معتبر في البين و هو مفقود، و لكن يصلح للاحتياط مستأنسا لذلك بعدّ الطهارة من حدث الحيض من شرائط صحة الصوم مطلقا.
لعدم صدق التواني المعلق عليه وجوب القضاء، فمقتضى الأصل عدم وجوبه بلا فرق بين الواجب المعيّن و غيره و المندوب، لجريان الأصل في الجميع، فما في نجاة العباد من الاختصاص بالأول- و تبعه غيره-
مخدوش: لأنّ المناط إنّما هو التعمد في البقاء على حدث الحيض و هو عبارة أخرى عن التواني و لا يصدق العمد و لا التواني بالنسبة إليها حينئذ.
فروع- (الأول): لا فرق فيما ذكر بين ما إذا كان حصول الطهور بالطبع أو باستعمال الأدوية المعدّة له.
(الثاني) لو رأى في النوم أنّه احتلم و استيقظ فلم ير شيئا و صلّى ثمَّ رأى المنيّ في ثوبه و علم أنّه عين ما كان رآه في النوم فهل يكون ذلك من الإصباح جنبا أو لا؟ الظاهر هو الثاني، لأنّ المنساق منه ما إذا توجه إليه في الجملة حين الإصباح، فلا يشمل المقام، و الأحوط الإتمام ثمَّ القضاء.
(الثالث): المراد بضيق الوقت المجوز للتيمم هو الضيق الواقعي لا الاعتقادي، لظهور الأدلة في الواقعيات ما لم يكن دليل على الخلاف.
(مسألة ٤۹): يشترط في صحة صوم المستحاضة- على الأحوط- الأغسال النهارية التي للصلاة (۱۳٥)، دون ما لا يكون لها. فلو استحاضت قبل الإتيان بصلاة الصبح أو الظهرين بما يوجب الغسل- كالمتوسطة أو الكثيرة- فتركت الغسل بطل صومها. و أما لو استحاضت بعد الإتيان بصلاة الفجر أو بعد الإتيان بالظهرين، فتركت الغسل إلى الغروب لم يبطل صومها (۱۳٦) و لا يشترط فيها الإتيان بأغسال الليلة المستقبلة (۱۳۷) و إن كان أحوط (۱۳۸). و كذا لا يعتبر فيها الإتيان بغسل الليلة الماضية (۱۳۹) بمعنى أنّها لو تركت الغسل الذي للعشاءين لم يبطل صومها لأجل ذلك. نعم، يجب عليها الغسل حينئذ لصلاة الفجر فلو تركته بطل صومها من هذه الجهة (۱٤۰) و كذا لا يعتبر فيها ما عدا الغسل من الأعمال (۱٤۱) و إن كان الأحوط اعتبار جميع ما يجب عليها من الأغسال و الوضوءات و تغيير الخرقة و القطنة (۱٤۲) و لا يجب تقديم غسل المتوسطة و الكثيرة على الفجر (۱٤۳) و إن كان هو الأحوط (۱٤٤).
للنص، و الإجماع، ففي صحيح ابن مهزيار قال: «كتبت إليه (عليه السلام) امرأة طهرت من حيضها أو دم نفاسها في أول يوم من شهر رمضان ثمَّ استحاضت فصلّت و صامت شهر رمضان كلّه من غير أن تعمل ما تعمله المستحاضة من الغسل لكلّ صلاتين هل يجوز (يصحّ) صومها و صلاتها أم لا؟ فكتب (عليه السلام) تقضي صومها و لا تقضي صلاتها، لأنّ رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) كان يأمر فاطمة (عليها السلام) و المؤمنات من نسائه بذلك»٥۹.
و أشكل عليه تارة: بالإضمار و أخرى: باشتماله على ما لا يقول به أحد من عدم قضاء الصلاة، و ثالثة: بأنّ الصدّيقة الطاهرة لم تر الدم؟ مع أنها طاهرة مطهرة كما في النصوص٦۰، و قد ورد، عن أبي جعفر (عليه السلام):
«إنّ بنات الأنبياء لا يطمثن إنّما الطمث عقوبة»٦۱ فكيف ببنت خاتمهم (صلّى اللَّه عليه و آله).
(و يرد الأول): بأنّه لا بأس به إن كان المضمر مثل ابن مهزيار.
و الثاني: بأنّه يصح التفكيك في الخبر بالعمل ببعضه و طرح بعضه، مع إمكان التوجيه- كما تقدم في كتاب الطهارة- و الأخير: بأنّه يمكن أنّه (صلّى اللَّه عليه و آله) قال ذلك لأن تعلم غيرها من النساء، مع احتمال أن يكون المراد فاطمة بنت جحش- كما في مرسل يونس٦۲ المذكور في مباحث الدماء- لأنّها كانت دامية، مع أنّ رواية العلل و الفقيه خال عن ذكر فاطمة٦۳.
ثمَّ إنّ المرجع في المسألة- مع قطع النظر عن النص، و الإجماع- أصالة البراءة، و أدلة حصر المفطرات، و أما مع ملاحظتهما فالمسألة من صغريات الأقلّ و الأكثر، لأنّ المتيقن وجوب الأغسال النهارية سواء كانت أغسال الليلة واجبة أم لا، فإنّ احتمال كون الأغسال الليلية واجبة دون النهارية لا وجه له، كما أنّ الأغسال النهارية هي المتيقن من مورد الإجماع أيضا، و المنساق من النص بحسب القرائن المغروسة في الأذهان في صيام شهر رمضان إنّما هو غسل الفجر و غسل الظهرين. و أما غسل العشاءين سواء كان لليلة الآتية أم الماضية، فهو خلاف المتفاهم منه، و إن كان ذلك مقتضى الجمود على إطلاقه و إطلاق بعض الفتاوى، و لكنّه جمود بالنسبة إلى الصوم بلا دليل.
ثمَّ إنّ مورد النص الاستحاضة الكثيرة لذكر الغسل لكل صلاتين فيه الذي هو من أحكام الكثيرة، و يمكن إلحاق المتوسطة بها، لأجل أنّ ذكر الغسل لكل صلاتين من باب المثال لا الخصوصية، مع التصريح في بعض معاقد الإجماعات بعدم الفرق بين الوسطى و الكبرى- كما في طهارة الجواهر- مضافا إلى أنّه يمكن حصول الوثوق بأنّ المناط كله تحقق الحدث الأكبر و هو متحقق فيهما بلا فرق بينها كما مرّ في كتاب الطهارة.
لعدم موضوع الغسل النهاريّ حينئذ، و مقتضى الأصل عدم اعتبار الغسل الليلي كما مرّ، و لو حدثت المتوسطة بعد صلاة الفجر، فتركت الغسل للظهرين بطل صومها.
للأصل، و عن صاحب الجواهر- في كتاب الطهارة- «و قد قطع جماعة بعدم اعتباره لمكان سبق انعقاد الصوم».
خروجا عن خلاف الشيخ، و ابن إدريس حيث اشترطا صحة صومها بكل ما عليها جمودا على النص، و قد مرّ أنّه من مجرّد الجمود بلا شاهد عليه من عقل أو نقل.
للأصل، و عدم ظهور الصحيح في اعتباره، و إن كان مقتضى الجمود على الإطلاق ذلك أيضا، و فصّل في الروض بتقديم غسل الفجر ليلا و عدمه، فاجتزى بالأول عن غسل العشاءين دون الثاني، فيبطل الصوم حينئذ لو أخرته إلى الفجر هنا و إن لم يبطل لو لم يكره غيره.
و الظاهر أنّه مبنيّ على وجوب تقديم الغسل على الفجر، لأنّ لرفع هذا الحدث أيضا دخلا في صحة الصوم كالحائض المنقطع دمها قبل الفجر.
(و فيه): أنّ له وجها فيمن انقطع حدثها بالغسل بالمرة. و أما في مستمرة الحدث كما في المقام فلا وجه له، إذ لا إشكال في توقفه على غسل الظهرين مع عدم تصور تقديمه على الفجر، فيكون المناط كله كفاية الغسل للصلاة بالنحو المشروع للصوم أيضا، و بذلك يفترق حكم هذا الحدث عن حدث الحيض و الجنابة.
لأنّ غسل الفجر من الأغسال النهارية و قد مرّ اعتبارها في صحة الصوم.
للأصل، و إطلاق الصحيح.
لاحتمال أن يكون المراد بالغسل لكلّ صلاتين جميع ما عليها من الوظائف، فيكون ذكر الغسل من باب المثال، و نسب ذلك إلى ظاهر الشيخ، و ابن إدريس، و لكنّه من مجرّد الاحتمال لا يعتمد عليه في الاستدلال.
خروجا عن خلاف الذكرى و المعالم، و لكن الأحوط إما الغسل لنافلة الليل قريبا من الفجر كما تقدم في [مسألة ۳ و ۱۰] من (فصل الاستحاضة)، أو الإتيان بغسل قبل الفجر ثمَّ الإتيان بغسل آخر لصلاة الغداة بعد الفجر. و أما الإتيان بغسل واحد قبل الفجر لصلاة الغداة، فهو و إن وافق الاحتياط من جهة الصوم، لكنه مخالف له من جهة الصلاة إلا أن يجتزى في هذا الغسل أيضا بإتيانه بعنوان التهيؤ للصلاة قبل الوقت في الجملة، و لكنّه باطل، لفرض استمرار الحدث و لا بد فيه من الاقتصار على ما بعد دخول الوقت.
للأصل، و إطلاق الصحيح المستفاد منه أنّ المناط في صحة الصوم إنّما هو الغسل الصّلاتي بأيّ نحو تحقق، و نسب إلى الذكرى، و المعالم وجوب التقديم لاشتراط صحة الصّوم بالطهارة منها كما في الجنابة و الحيض (و فيه): أنّه مناف للأصل، و إطلاق الصحيح، فلا يصلح للتعويل.
(مسألة ٥۰): الأقوى بطلان صوم شهر رمضان بنسيان غسل الجنابة ليلا قبل الفجر حتّى مضى عليه يوم أو أيّام (۱٤٥) و الأحوط إلحاق غير شهر رمضان من النذر المعيّن و نحوه به و إن كان الأقوى عدمه (۱٤٦) كما أنّ الأقوى عدم إلحاق غسل الحيض و النفاس لو نسيتهما بالجنابة في ذلك و إن كان أحوط (۱٤۷).
لصحيح الحلبي قال: «سئل أبو عبد اللَّه (عليه السلام) عن الرجل أجنب في شهر رمضان فنسي أن يغتسل حتى خرج شهر رمضان، قال (عليه السلام): عليه أن يقضي الصّلاة و الصّيام»٦4.
و قريب منه خبر ابن ميمون٦٥، و في مرسل الصدوق: «من جامع في أول شهر رمضان ثمَّ نسي الغسل حتّى خرج شهر رمضان إنّ عليه أن يغتسل و يقضي صلاته و صومه إلا أن يكون قد اغتسل للجمعة، فإنّه يقضي صلاته و صيامه إلى ذلك اليوم و لا يقضي ما بعد ذلك»٦٦، و عن الأكثر الفتوى بمفاد الصحيح.
و عن ابن إدريس صحة الصوم و إن وجب قضاء الصلاة، لعدم اشتراط صحة الصوم بالطهارة عن الحدث الأكبر، و لحديث رفع النسيان٦۷، و لما دل على حصر المفطرات.
و الكل مخدوش: لعدم الاعتبار بها في مقابل النص الصحيح الصريح، و عمل الأعاظم. و ما في خبر المرسل من استثناء صدور غسل الجمعة، فهو مبنيّ على التداخل القهريّ غير الاختياريّ و هو حسن ثبوتا و يشكل إقامة الدليل عليه إثباتا. نعم، لو كان في نيته غسل الجنابة و لو إجمالا، فهو صحيح و قد تقدم في [مسألة ٥] من (فصل مستحبات غسل الجنابة) ما ينفع المقام فراجع، و هذه المرسلة من أدلة التداخل القهريّ.
للاقتصار في الحكم المخالف لحديث رفع النسيان الوارد مورد
الامتنان على خصوص مورد النص، مضافا إلى دليل حصر المفطرات- كما تقدم- و أما قاعدة الإلحاق، فلم تثبت كليتها بحيث تشمل جميع الأحكام إلا ما خرج بالدليل، لأنّ عمدة مدركها الإجماع، فلا بد من الاقتصار على المتيقن منه، و لما تقدم في بعض الأخبار من أنّ شهر رمضان لا يشبه شيئا من الشهور٦۸، فهي معتبرة في مورد قام الإجماع على الاعتماد عليها. و منه يظهر حكم إلحاق غسل الحيض، و النفاس، و الاستحاضة بغسل الجنابة، إذ لا دليل على الإلحاق إلا احتمال اشتراط صحة الصوم بالطهارة من الحدث الأكبر و هو إن كان حسن ثبوتا، و لكن لم تثبت هذه الكلية إثباتا، و كذا لم يعنون الحكم بهذا العنوان في كتب الفقهاء (رحمهم اللَّه) و إن قلنا بصحة هذا العنوان في الجملة سابقا فراجع.
للخروج عن خلاف مثل صاحب الجواهر الذي أفتى بالإلحاق، و لاحتمال أن يكون ذكر شهر رمضان في صحيح الحلبي- المتقدم- لكل صوم، و الجنابة مثلا لكل حدث أكبر، و لكن الأول بلا دليل، و الثاني من الاحتمال العليل، و كون الحيض أشدّ من الجنابة لا يوجب إلحاقه بها فإنّه قياس إلا إذا علم بالمناط و هو غير معلوم.
(فروع)- (الأول): مقتضى ظهور تسالمهم- أنّ القضاء في حكم الأداء إلا ما خرج بالدليل- هو أنّ نسيان غسل الجنابة في قضاء شهر رمضان يوجب البطلان أيضا! و لكنه (مخدوش) بإطلاق ما تقدم في بعض الأخبار من أنّ شهر رمضان لا يشبه شيئا من الشهور، مع أنّ حديث رفع النسيان ورد مورد الامتنان في الجميع بالنسبة إلى الجميع، و لا دليل لهم على الاختصاص بخصوص رفع المؤاخذة، بل يحكم بالتعميم ما لم يكن دليل على التخصيص.
(الثاني): لو أجنب في الليل و نسي الغسل و صام و تذكر في أثناء اليوم،
فالظاهر دخوله فيما يأتي في [مسألة ٥٦] من الأقسام فراجع.
(الثالث): لا فرق فيما ذكر بين أن تكون الجنابة في الليل بالعمد و الاختيار أو الاحتلام، فنسي الغسل، أو حصلت في اليوم بالاحتلام، فنسي الغسل، أو حصلت الجنابة قبل شهر رمضان، فلم يغتسل نسيانا، فالدليل يشمل الجميع.
(مسألة ٥۱): إذا كان المجنب ممن لا يتمكن من الغسل لفقد الماء، أو لغيره من أسباب التيمم- وجب عليه التيمم (۱٤۸) فإن تركه بطل صومه (۱٤۹). و كذا لو كان متمكنا من الغسل و تركه حتّى ضاق الوقت (۱٥۰).
لكون التيمم أحد الطهورين يجزي عن الطهارة المائية عند عدم التمكن منه و لو عشر سنين٦۹.
لكونه حينئذ من البقاء على الجنابة عمدا.
لأنّ ضيق الوقت من مسوّغات التيمم كما تقدّم في السابع من مسوغات التيمم و حينئذ فإن تمكن من التيمم وجب عليه ذلك و إلا بطل صومه و يأتي في [مسألة ٦٦] بعض ما يتعلق بالمقام.
(مسألة ٥۲): لا يجب على من تيمم بدلا عن الغسل أن يبقى مستيقظا حتّى يطلع الفجر، فيجوز له النوم بعد التيمم قبل الفجر على الأقوى (۱٥۱) و إن كان الأحوط البقاء مستيقظا لاحتمال بطلان تيممه بالنوم كما على القول بأنّ التيمم بدلا عن الغسل يبطل بالحدث- الأصغر
هذه المسألة مبنية على أنّ التيمم الذي يكون بدلا عن الجنابة هل يبطل بالحدث الأصغر أو لا؟ و قد مرّ ما يتعلق به [مسألة ۲٤] من (فصل أحكام التيمم).
(مسألة ٥۳): لا يجب على من أجنب في النهار بالاحتلام أو نحوه من الأعذار أن يبادر إلى الغسل فورا (۱٥۲) و إن كان هو الأحوط (۱٥۳).
للأصل، و الإجماع، و إطلاق موثق ابن بكير قال: «سألت أبا عبد اللَّه (عليه السلام) عن الرجل يحتلم بالنّهار في شهر رمضان يتم يومه (صومه) كما هو؟ قال (عليه السلام): لا بأس»۷۰، و يقتضيه إطلاق صحيح العيص۷۱ أيضا.
لخبر عبد الحميد قال: «سألته عن احتلام الصّائم؟ قال: فقال (عليه السلام): إذا احتلم نهارا في شهر رمضان فلا ينم حتى يغتسل»۷۲، و لكن قصور سنده يمنع عن التعويل عليه، لأنّه مرسل، و مضمر، و مجهول من جهة عبد الرّحمن بن حماد، فلا يصلح للدليل و صلوحه للاحتياط عليه التعويل لحسنه في جميع الأحوال فضلا عما كان في البين حديث مجهول الحال.
(مسألة ٥٤): لو تيقظ بعد الفجر من نومه، فرأى نفسه محتلما لم يبطل صومه، سواء علم سبقه على الفجر، أو علم تأخره، أو بقي على الشك لأنّه لو كان سابقا كان من البقاء على الجنابة غير متعمد. و لو كان بعد الفجر كان من الاحتلام في النهار. نعم، إذا علم سبقه على الفجر لم يصح منه صوم قضاء رمضان مع كونه موسعا. و أما مع ضيق وقته فالأحوط الإتيان به و بعوضه (۱٥٤).
لدوران الأمر بين صحة صوم ذلك اليوم و فساده، لأنّ قوله (عليه السلام) فيما تقدم من صحيح ابن سنان: «لا تصم هذا اليوم و صم غدا»۷۳ إن كان شاملا للموسّع و المضيّق يكون هذا الصّوم فاسدا و يجب أن يصوم يوما آخر، و إن كان مختصّا بالموسّع و لو للانصراف يجزي صومه فقط و لا يجب صوم غيره، و لا يبعد استظهار الثاني خصوصا بملاحظة قوله (عليه السلام): «و صم غدا».
(مسألة ٥٥): من كان جنبا في شهر رمضان في الليل لا يجوز له أن ينام قبل الاغتسال إذا علم أنّه لا يستيقظ قبل الفجر للاغتسال، و لو نام و استمر إلى الفجر لحقه حكم البقاء متعمدا (۱٥٥)، فيجب عليه القضاء و الكفارة (۱٥٦) و أما إن احتمل الاستيقاظ جاز له النوم و إن كان من النوم الثاني أو الثالث أو الأزيد (۱٥۷)، فلا يكون نومه حراما (۱٥۸) و إن كان الأحوط ترك النوم الثاني (۱٥۹) فما زاد (۱٦۰) و إن اتفق استمراره إلى الفجر غاية الأمر وجوب القضاء أو مع الكفارة في بعض الصور، كما سيتبين.
لأنّ التعمد إلى السبب تعمد إلى المسبب خصوصا في الأسباب التوليدية كما إذا لم يحتمل الاستيقاظ و لم يكن معتادا له أيضا.
لما يأتي في الفصل التالي من التفصيل.
لأصالة البراءة عن الحرمة مع الاطمئنان المتعارف باليقظة و عليه الاعتماد في الفقه كلّه من عباداته و معاملاته.
لأنّه لا وجه للحرمة النفسية للنوم من حيث هو، و إنّما الحرمة فيه غيرية طريقية محضة، لأجل عدم التعمد في دخول الفجر عليه جنبا، فكل ما صدق التعمد عليه عرفا يحرم، و مع عدم صدقه لا وجه للحرمة فضلا عن صدق العدم بحسب المتعارف.
و أما الاستدلال على إطلاق الحرمة باستصحاب بقاء النوم إلى الفجر، و بمرسل عبد الحميد: «و إن أجنب ليلا في شهر رمضان فلا ينام إلى ساعة حتى يغتسل»۷4.
و بصحيح عمار قال: «قلت لأبي عبد اللَّه (عليه السلام): الرجل يجنب في أول الليل ثمَّ ينام حتى يصبح في شهر رمضان قال (عليه السلام): ليس عليه شيء، قلت: فإنه استيقظ ثمَّ نام حتى أصبح، قال (عليه السلام):
فليقض ذلك اليوم عقوبة۷٥. (فمخدوش): إذ الأول لا يثبت التعمد الذي هو موضوع الحرمة، و الثاني: قاصر سندا، مع أنّه ضبط في بعض النسخ: «فلا ينام إلا ساعة»۷٦. و الأخير: أعمّ من الحرمة كما لا يخفى، فلا حاكم على أصالة البراءة عن الحرمة مع الاحتمال المتعارف بالاستيقاظ و قد اختار ذلك جمع من الفقهاء، و به يمكن أن يجمع بين إطلاق الكلمات، فمن يظهر منه إطلاق الحرمة أي: مع عدم احتمال الاستيقاظ، و من يظهر منه الجواز أي: مع احتماله و الاطمئنان به.
خروجا عن خلاف من يظهر منه حرمة النوم الثاني مطلقا- كما نسب إلى المسالك- خصوصا في غير معتاد الانتباه و لا دليل له، مع أنّ ظاهر حال المسلم الصائم عدم التعمد في إبطال صومه بأيّ وجه أمكنه.
يعني يجوز و إن اتفق استمرار النوم إلى الفجر، لأنّ اتفاق الاستمرار مع الاطمئنان بالاستيقاظ لا يجعله من تعمد البقاء على الجنابة، إذ الاتفاق خارج عن العمد و الاختيار.
(مسألة ٥٦): نوم الجنب في شهر رمضان في الليل مع احتمال الاستيقاظ أو العلم به إذا اتفق استمراره إلى طلوع الفجر على أقسام (۱٦۱): فإنّه إما أن يكون مع العزم على ترك الغسل، و إما أن يكون مع التردد في الغسل و عدمه، و إما أن يكون مع الذهول و الغفلة عن الغسل، و إما أن يكون مع البناء على الاغتسال، حين الاستيقاظ مع اتفاق الاستمرار، فإن كان مع العزم على ترك الغسل أو مع التردد فيه لحقه حكم تعمد البقاء جنبا (۱٦۲) بل الأحوط ذلك إن كان مع الغفلة و الذهول أيضا (۱٦۳) و إن كان الأقوى لحوقه بالقسم الأخير (۱٦٤)، و إن كان مع البناء على الاغتسال، أو مع الذهول- على ما قوّينا- فإن كان في النومة الأولى بعد العلم بالجنابة فلا شيء عليه، و صح صومه (۱٦٥) و إن كان في النومة الثانية- بأن نام بعد العلم بالجنابة، ثمَّ انتبه و نام ثانيا- مع احتمال الانتباه، فاتفق الاستمرار وجب عليه القضاء فقط، دون الكفارة على الأقوى (۱٦٦) و إن كان في النومة الثالثة فكذلك على الأقوى (۱٦۷) و إن كان الأحوط ما هو المشهور: من وجوب الكفارة أيضا في هذه الصورة (۱٦۸) بل الأحوط وجوبها في النومة الثانية أيضا (۱٦۹). بل و كذا في النومة الأولى أيضا إذا لم يكن معتاد الانتباه و لا يعد النوم الذي احتلم فيه من النوم الأول. بل المعتبر فيه النوم بعد تحقق الجنابة فلو استيقظ المحتلم من نومه ثمَّ نام كان من الأول لا الثاني (۱۷۰).
قد ذكر (رحمه اللَّه) في أول كلامه أربعة منها، مع أنّ تمام الأقسام ستة:
الأول: النوم مع العزم على ترك الغسل و البقاء على الجنابة.
الثاني: النوم مع التردد في الغسل و عدمه مع الالتفات إلى أنّ البقاء على الجنابة مانع عن صحة النوم.
الثالث: النوم مع تردد في الغسل و عدمه مع عدم الالتفات و عدم التوجه إلى المانعية أصلا.
الرابع: النوم مع الذهول و الغفلة عن الجنابة مطلقا.
الخامس: النوم مع البناء على الاغتسال، و اعتياد الانتباه.
السادس: النوم مع البناء على الاغتسال و عدم اعتياد الانتباه. هذا كله بالنسبة إلى النومة الأولى، و حكم النومة الثانية يأتي بعد ذلك و لا ريب في أنه لا موضوعية لنفس النوم من حيث هو في بطلان الصوم، للأصل، و الإطلاق، و أدلة حصر المفطرات مما لم ينطبق عليه إحدى العناوين المبطلة لا يوجب البطلان، و ما يصلح للانطباق: إما ما صدق تعمد البقاء على الجنابة عليه، أو عدم تحقق نية الصوم، و مع عدم صدق أحدهما لا موجب للبطلان إلا أن يدل عليه دليل بالخصوص، و لا إشكال في انطباق تعمد البقاء على الجنابة على القسم الأول، كما لا ريب في عدم تحقق نية الصوم في القسم الثاني، و مقتضى الأصل، و أدلة حصر المفطرات صحة الصوم في بقية الأقسام إلا أن يدل دليل على البطلان من إجماع، أو نص معتبر، و يأتي التفصيل، و الأخبار مضطربة و كذا الكلمات أشدّ اضطرابا، و لا بد من تطبيق الجميع على العمومات ثمَّ ملاحظة النص المعتبر على الخلاف.
القسم الأول: مع تعمد البقاء على الجنابة موضوعا لا أن يكون منه حكما، إذ المفروض بناؤه على ترك الغسل عن عمد و اختيار، و ليس معنى التعمد إلا ذلك.
و القسم الثاني يكون الصوم فيه باطلا، لأنّه لم تتحقق فيه نية الصوم، لأنّ النية و القصد الجزم بالشيء و لا ريب في منافاة التردد مع الالتفات إلى المانعية و المفطرية مع القصد و النية، فيبطل الصوم من هذه الجهة كما تقدم في [المسألة ۲۲] من أول كتاب الصوم.
و أما القسم الثالث: و هو ما إذا تردد في الغسل مع عدم الالتفات إلى مانعية البقاء على الجنابة للصوم، و مع ذلك قصد الصوم، فلا يبطل صومه من حيث فقد النية، لفرض تحقق قصد الصوم منه و إمكان ذلك، كما لا وجه للبطلان من حيث تعمد البقاء على الجنابة، لأنّ التعمد بشيء هو البناء عليه عن علم و جزم و هما مفقودان مع التردد و الشك. إلا أن يقال: إنّ المستفاد من مجموع النصوص بعد رد بعضها إلى بعض إنّما هو لزوم البناء على الاغتسال و عدم التواني فيه، فلا بد في المجنب في ليلة شهر رمضان من قصد الغسل و نيته، و مع عدم القصد و النية يصدق التعمد سواء بنى على العدم أم تردد في الاغتسال و عدمه، و لذا عبّر المحقق في الشرائع: «فلو أجنب فنام غير ناو للغسل فسد صومه»، و في الجواهر تعميم العبارة إلى الذهول و التردد، و نسب التعبير بعبارة المحقق إلى الأكثر، و استظهر من العلامة الإجماع عليه.
أقول: و يمكن استفادته من صحيح ابن مسلم عن أحدهما (عليه السلام)
أنّه: «سأل عن الرجل تصيبه الجنابة في رمضان ثمَّ ينام؟ إنه قال (عليه السلام) إن استيقظ قبل أن يطلع الفجر، فإن انتظر ماء يسخن أو يستقى، فطلع الفجر، فلا يقضي صومه»۷۷.
و في خبر إسماعيل عن الرضا (عليه السلام): «عن رجل أصابته جنابة في شهر رمضان- إلى أن قال- قلت: رجل أصابته جنابة في آخر الليل، فقام ليغتسل و لم يصب ماء فذهب يطلبه، أو بعث من يأتيه بالماء، فعسر عليه حتى أصبح كيف يصنع؟ قال (عليه السلام): يغتسل إذا جاءه ثمَّ يصلّي»۷۸.
و يشهد له ما ورد من التواني في غسل الحيض كما تقدم في موثق أبي بصير۷۹، و لكن في كفاية ذلك في الخروج عما اشتمل على التعمد من النصوص إشكال، بل منع، مع أنّ هذا نحو تعسير ينافي التسهيل و التيسير المبني عليه الشريعة خصوصا في هذا الأمر العام البلوى. إلا أن يقال: بصدق التعمد عليه أيضا في المتعارف بين المتشرعة، لأنّ بناءهم في ليالي شهر رمضان على التبادر إلى غسل الجنابة عند حصولها و عدم التأخير إلى الفجر، فيكون التأخير في الغسل و عدمه من التعمد في التأخير و هذا أيضا مشكل.
بناء على أنّ المستفاد من الأدلة إنّما هو البناء على الاغتسال لا التعمد في ترك الغسل، و لكن تقدم أنّ هذه الاستفادة مشكلة.
لعدم صدق تعمد البقاء على الجنابة مع الذهول و الغفلة، و لتحقق قصد الصوم و نيته معهما كما هو واضح، فلا وجه لاستناده إلى صدق التواني، لتوقفه على الالتفات، و لا التفات مع الذهول و الغفلة خصوصا مع اتصالها بحصول الجنابة، فلا وجه للبطلان إلا ما يظهر من العلامة من دعوى الإجماع و هو مخدوش أولا: بعدم الاعتماد عليه لعدم تعرض غيره له و ثانيا: بأنّ المتيقن منه غير الذهول و الغفلة. و ثالثا: أنّه اجتهاديّ لا تعبديّ، فلا يصلح إلا للاحتياط الاستحبابيّ كما في المتن.
للأصل، و ظهور الاتفاق، و إطلاق ما دل على جواز النوم بعد الجنابة، و في صحيح ابن عمار قال: «قلت لأبي عبد اللَّه (عليه السلام):
الرجل يجنب في أول الليل ثمَّ ينام حتى يصبح في شهر رمضان قال (عليه السلام) ليس عليه شيء قلت: فإنّه استيقظ ثمَّ نام حتى أصبح قال (عليه السلام): فليقض ذلك اليوم عقوبة»۸۰ فإنّ صدره ظاهر، بل صريح في نفي القضاء و الكفارة على من علم بالجنابة ثمَّ نام و لم يستيقظ.
و في صحيح ابن أبي يعفور عنه (عليه السلام) أيضا: «الرجل يجنب في شهر رمضان ثمَّ يستيقظ ثمَّ ينام، ثمَّ يستيقظ ثمَّ ينام حتى يصبح قال (عليه السلام): يتم صومه و يقضي يوما آخر، و إن لم يستيقظ حتى يصبح أتم صومه (يومه) و جاز له»۸۱، فإنّ المنساق من ذيله عدم الاستيقاظ أبدا من نوم الاحتلام حتى يصبح جنبا، فيكون دليلا على أنّ الإصباح جنبا في صوم شهر رمضان لا يوجب البطلان و لكنّه خلاف الظاهر، لأنّ المتفاهم من مجموع الحديث سؤالا و جوابا أنّه متكفّل لحكم صورتين من الاستيقاظ: الأولى:
تكرّره مرّتين بعد العلم بالجنابة و هذه هي التي سألها السائل. الثانية:
الاستيقاظ الواحد بعد العلم بالجنابة و هي التي بينها الإمام (عليه السلام) ابتداء من غير سؤال.
أما وجوب القضاء، فلا خلاف فيه نصّا و فتوى، و تقدم في صحيحي ابن عمار، و أبي يعفور آنفا. و أما عدم الكفارة فللأصل و ظهور الإجماع، و لا دليل عليها إلا دعوى الملازمة بين وجوب القضاء و وجوبها، و خبر المروزي:
«إذا أجنب الرجل في شهر رمضان بليل و لا يغتسل حتى يصبح، فعليه صوم شهرين متتابعين مع صوم ذلك اليوم و لا يدرك فضل يومه»۸۲.
و مرسل ابن عبد الحميد: «فيمن أجنب في شهر رمضان فنام حتى يصبح، فعليه عتق رقبة، أو إطعام ستين مسكينا، و قضاء ذلك اليوم و يتم صيامه و لكن يدركه أبدا»۸۳.
و لكن الملازمة لا دليل عليها من عقل أو نقل، و الخبران مضافا إلى قصور سندهما محمولان على العمد بقرينة خبر أبي بصير عن الصادق (عليه السلام): «في رجل أجنب في شهر رمضان بالليل ثمَّ ترك الغسل متعمدا حتى أصبح؟ قال (عليه السلام): يعتق رقبة، أو يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستين مسكينا، قال: و قال (عليه السلام): إنّه حقيق (لخليق) أن لا أراه يدركه أبدا»۸4.
أما وجوب القضاء، فلدلالة النصوص الدالة عليه في النوم الثاني هنا بالأولوية- مضافا إلى ظهور الإجماع عليه. و أما وجوب الكفارة، فنسب إلى المشهور و ليس لهم مستند واضح، فإنّه إما دعوى الإجماع عليها، أو ما استدل على وجوبها في النوم الثاني مما مرّ آنفا، أو صدق عنوان التساهل و التواني.
و الكل باطل إذ الأول موهون لمخالفة جمع كثير منهم المحقق، و العلامة، و صاحب المدارك، مع أنّ الظاهر أنّه اجتهادي لا تعبدي، و تقدم الخدشة في الثاني آنفا، و الأخير أعمّ إذ من الممكن أن يكون بانيا على الغسل في النوم الثالث أو أزيد، مع أنّه قد تقدم الإشكال في كون المدار على التواني و التساهل.
خروجا عن خلاف ما نسب إلى المشهور و إن لم يقم عليه دليل يصح الاعتماد عليه.
لما عن جمع من الملازمة بين القضاء و الكفارة إلا ما خرج بالدليل، و لكن تقدمت المناقشة في أصل الملازمة و منه يظهر وجه الاحتياط في النومة الأولى مع عدم اعتياد الانتباه، لأنّ منشأ وجوب الكفارة ليس إلا الملازمة و لا دليل على صحتها من عقل، أو نقل.
للأصل، و لأنّ المدار نصّا و فتوى على أنّه نام جنبا ثمَّ استيقظ و لا يصدق ذلك على النوم الذي احتلم فيه. نعم، يصدق عليه أنّه احتلم في النوم و ليس هو مورد الأدلة، لأنّ التعبيرات الواردة في النصوص هكذا:
ففي صحيح عمار: «الرجل يجنب في أول الليل ثمَّ ينام»۸٥، و في صحيح ابن أبي يعفور: «الرجل يجنب في شهر رمضان ثمَّ يستيقظ ثمَّ ينام»۸٦، و في صحيح ابن مسلم: «الرجل تصيبه الجنابة في شهر رمضان ثمَّ ينام»۸۷، و في موثق ابن أبي نصر «أو أصابته جنابة ثمَّ ينام»۸۸.
و لا يخفى ظهور الجميع في وقوع النوم بعد العلم بالجنابة سواء تحققت في النوم أم في اليقظة و هذا هو المشهور بين الفقهاء أيضا.
(مسألة ٥۷): الأحوط إلحاق غير شهر رمضان من الصوم المعيّن به في حكم استمرار النوم الأول، أو الثاني، أو الثالث حتى في الكفارة في الثاني و الثالث، إذا كان الصوم مما له كفارة، كالنذر و نحوه (۱۷۱).
بدعوى أنّ ذكر شهر رمضان في الأدلة من باب المثال لا الخصوصية، فالمناط كله تعين الزمان للصوم سواء كان بتعيين إلهي، أم بتعيين المكلف مع تقرير الشارع، و لكن يبعده الأصل و أدلة حصر المفطرات، و أنّ شهر رمضان لا يشبه شيئا من الشهور، و منه يظهر الإشكال في إلحاق قضاء شهر رمضان به أيضا.
(مسألة ٥۸): إذا استمر النوم الرابع أو الخامس، فالظاهر أنّ حكمه حكم النوم الثالث (۱۷۲).
لشمول دليل النوم الثاني و الثالث للزائد أيضا. هذا مع أنّه لم يرد دليل على تخصيص الزائد بحكم خاص و مقتضى الأصل عدمه أيضا.
(مسألة ٥۹): الجنابة المستصحبة كالمعلومة في الأحكام المذكورة (۱۷۳).
لما ثبت في محله من اعتبار الاستصحاب، فتكون الجنابة الثابتة بكل ما هو معتبر شرعا و لو بالأصل مثل الجنابة الواقعية.
(مسألة ٦۰): ألحق بعضهم الحائض و النفساء بالجنب في حكم النومات، و الأقوى عدم الإلحاق (۱۷٤)، و كون المناط فيهما صدق التواني في الاغتسال، فمعه يبطل و إن كان في النوم الأول، و مع عدمه لا يبطل و إن كان في النوم الثاني أو الثالث.
للأصل، و أدلة حصر المفطرات، فلا بد من الاقتصار على مورد النص و هو التواني كما تقدم في موثق أبي بصير.
(مسألة ٦۱): إذا شك في عدد النومات بنى على الأقل (۱۷٥).
لأصالة عدم الأكثر و هي معتبرة في جميع موارد دوران الأمر بين الأقلّ و الأكثر من غير اختصاص بالمقام.
(مسألة ٦۲): إذا نسي غسل الجنابة، و مضى عليه أيام، و شك في عددها يجوز له الاقتصار في القضاء على القدر المتيقن (۱۷٦) و إن كان الأحوط تحصيل اليقين بالفراغ.
لأنّ الزائد عليه مشكوك، فيرجع فيه إلى البراءة و هذا أيضا من صغيرات الأقلّ و الأكثر، فيؤخذ بالأقل و يرجع في الأكثر إلى الأصل، و لا ريب في حسن الاحتياط على كل حال و في جميع الأحوال.
(مسألة ٦۳): يجوز قصد الوجوب في الغسل و إن أتى به في أول الليل (۱۷۷). لكن الأولى مع الإتيان به قبل آخر الوقت أن لا يقصد الوجوب، بل يأتي به بقصد القربة (۱۷۸).
لإمكان استفادة الوجوب مما ورد في تحريم البقاء على الجنابة حتى يطلع الفجر وجوبا طريقيا تهيئيا، و لا فرق في التهيؤ بين أول الليل و آخره هذا بحسب المنساق من الأدلة الخاصة.
و أما بحسب القواعد فالمسألة من صغريات ما ذكروه في الأصول من أنّ وجوب المقدمة متفرع عن وجوب ذيها، و يتبعها في الإطلاق و الاشتراط، فإذا كان وجوب ذيها مشروطا بشرط و قيد يكون وجوبها أيضا كذلك، و حيث إنّ وجوب الصوم مشروط بكونه من أول الفجر و لا وجوب له قبله، فلا وجه لاتصاف الغسل بالوجوب من أول الليل، إذ يلزم تحقق وجوب المقدمة قبل
حصول وجوب ذيها، و هو من قبيل تحقق المعلول قبل علته و بطلانه غني عن البيان.
و أجيب عن هذا الإشكال بوجوه مذكورة في الأصول و أساس هذا الإشكال مبنيّ على كون وجوب ذي المقدمة من العلة الفاعلية لوجوب المقدمة و ليس عليه دليل من عقل أو نقل. و لنا أن نقول: إنه من قبيل العلة الغائية المتأخرة خارجا و المقدمة علما، فيكون تفرع وجوب المقدمة عن ذيها نحو المغيّ على الغاية، و لا ريب في كون وجوب الغاية هو الأصل في تفرغ وجوب المغيّ.
هذا إجمال ما لا بد و أن يفصّل في غير المقام فراجع ما سميناه بتهذيب الأصول.
لأنّه لا ريب في أنّ غسل الجنابة مستحب نفسيّ كما تقدم- في كتاب الطهارة- عند قوله (رحمه اللَّه) «فصل غسل الجنابة مستحب نفسي» بل أصل رجحانه مما لا ريب فيه، كما لا ريب في عدم اعتبار قصد الوجوب و الندب رأسا، فهذه المباحث فرض على فرض، و لا يتسع الوقت لأن يصرف فيها مطلقا.
(مسألة ٦٤): فاقد الطهورين يسقط عنه اشتراط رفع الحدث للصوم (۱۷۹) فيصح صومه مع الجنابة، أو مع حدث الحيض أو النفاس.
لظهور تسالمهم على أنّه شرط اختياريّ عند القدرة و التمكن، و يمكن أن تستفاد الشرطية الاختيارية من صحيح ابن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام): «سأل عن الرجل تصيبه الجنابة في رمضان ثمَّ ينام؟ قال (عليه السلام) إن استيقظ قبل أن يطلع الفجر، فإن انتظر ماء يسخن
أو يستقى، فطلع الفجر فلا يقضي صومه۸۹».
و خبر ابن عيسى سأل الرضا (عليه السلام): «عن رجل أصابته جنابة في شهر رمضان- إلى أن قال-: رجل أصابته جنابة في آخر الليل فقام ليغتسل و لم يصب ماء فذهب يطلبه أو بعث من يأتيه بالماء فعسر عليه حتى أصبح كيف يصنع؟ قال (عليه السلام): يغتسل إذا جاءه ثمَّ يصلي»۹۰. هذا إذا اتفق فقد الطهورين، و أما إن علم به و مع ذلك أجنب نفسه، فيأتي حكمه في [مسألة ٦٦].
(مسألة ٦٥): لا يشترط في صحة الصوم الغسل لمس الميت كما لا يضرّ مسه في أثناء النهار (۱۸۰).
للأصل، و أدلة حصر المفطرات، و ظهور الاتفاق.
(مسألة ٦٦): لا يجوز إجناب نفسه في شهر رمضان إذا ضاق الوقت عن الاغتسال أو التيمم (۱۸۱)، بل إذا لم يسع للاغتسال و لكن وسع للتيمم (۱۸۲) و لو ظنّ سعة الوقت فتبيّن ضيقه فإن كان بعد الفحص صح صومه (۱۸۳) و إن كان مع ترك الفحص فعليه القضاء على الأحوط (۱۸٤).
لأنّ ذلك تفويت للمصلحة بالعمد و الاختيار و هو قبيح عقلا، و غير جائز شرعا إلا مع وجود أهمّ في البين، و لكن لو فعل و صام، فالصحة مبنية على شمول دليل صحة صوم فاقد الطهورين له، و الظاهر عدم الشمول إذ المتيقن من الاتفاق و المنصرف مما مرّ من الخبرين غير ذلك، فيصدق عليه تعمد البقاء على الجنابة إلى الفجر، فيفسد صومه، فيجب عليه القضاء و الكفارة.
أما الحرمة تكليفا، فلتفويت بعض مراتب المصلحة اختيارا، و ظاهرهم التسالم على الحرمة. و أما صحة الصوم، فتقدم في أول هذا المفطر التصريح بها عند قوله (رحمه اللَّه): «و أما لو وسع التيمم خاصة، فتيمم صح صومه».
للأصل، و عدم صدق تعمد البقاء على الجنابة حينئذ.
منشأ التردد الشك في صدق التعمد و عدمه، و مع الشك لا يصح التمسك بعمومات وجوب القضاء و الكفارة، لأنّه من التمسك بالدليل مع الشك في موضوعه، فلا بد من الرجوع إلى الأصل و هو أصالة الصحة و عدم وجوب شيء عليه.
التاسع: من المفطرات الحقنة بالمائع (۱۸٥) و لو مع الاضطرار إليها لرفع المرض (۱۸٦)، و لا بأس بالجامد و إن كان الأحوط اجتنابه أيضا (۱۸۷).
لأنّ ذلك تفويت للمصلحة بالعمد و الاختيار و هو قبيح عقلا، و غير جائز شرعا إلا مع وجود أهمّ في البين، و لكن لو فعل و صام، فالصحة مبنية على شمول دليل صحة صوم فاقد الطهورين له، و الظاهر عدم الشمول إذ المتيقن من الاتفاق و المنصرف مما مرّ من الخبرين غير ذلك، فيصدق عليه تعمد البقاء على الجنابة إلى الفجر، فيفسد صومه، فيجب عليه القضاء و الكفارة.
لصحيح البزنطي عن الرضا (عليه السلام): «الرجل يحتقن تكون به العلة في شهر رمضان، فقال (عليه السلام): «الصائم لا يجوز له أن يحتقن»۹۱ الظاهر في المانعية كما في غيره من سائر المفطرات، و عن الناصريات: «لم يختلف في أنّه تفطر».
و المتفاهم من الاحتقان في المتعارف ما كان بالمائع، و يطلق على غيره الشاف، و اللطف، و الاستدخال، فراجع الكتب الموضوعة لذلك، مع أنّه يكفي الأصل في عدم مفطرية الجامد، و في موثق ابن فضال قال: «كتبت إلى أبي الحسن (عليه السلام) ما تقول في اللطف يستدخله الإنسان و هو صائم؟
فكتب (عليه السلام): لا بأس بالجامد»۹۲.
لأنّ المعهود من الاحتقان ما كان للعلة و المرض و قد ذكرت العلة فيما تقدم من الصحيح أيضا.
أما عدم البأس به، لما تقدم من الأصل، و الموثق، و صحيح ابن جعفر عن أخيه (عليه السلام): «سألته عن الرجل و المرأة هل يصلح لهما أن يستدخلا الدّواء و هما صائمان؟ فقال (عليه السلام): لا بأس»۹۳.
و أما الاحتياط، فللخروج عن خلاف مثل السيد (رحمه اللَّه) القائلين بالإفساد و قد ظهر مما سبق أنّه لا دليل لهم عليه و لو فرض أنّ الاستدخال المذكور في صحيح ابن جعفر أعمّ من المائع يكفي في عدم الإفساد، الموثق و لا بد من حمل صحيح ابن جعفر عليه أيضا جمعا.
(مسألة ٦۷): إذا احتقن بالمائع، لكن لم يصعد إلى الجوف بل كان بمجرّد الدخول في الدبر فلا يبعد عدم كونه مفطرا (۱۸۸). و إن كان الأحوط تركه (۱۸۹).
لأنّ الاحتقان المعهود ما وصل إلى الجوف و لا ظهور للدليل في غيره، فيرجع فيه إلى الأصل، و مقتضاه الصحة و عدم القضاء.
لاحتمال أن يكون المراد بالاحتقان مطلق الإدخال و لو لم يصل إلى الجوف.
(مسألة ٦۸): الظاهر جواز الاحتقان بما يشك في كونه جامدا أو مائعا (۱۹۰) و إن كان الأحوط تركه (۱۹۱).
للأصل بعد عدم جواز التمسك بالدليل للشك في موضوعه.
خروجا عن خلاف من حكم بفساد الصوم بالاحتقان بالجامد أيضا، فيكون المردد بين المائع و الجامد مفسدا لديه قطعا.
(فروع)- (الأول): لو كان جامدا حين الاحتقان و صار مائعا بعد
الوصول إلى الجوف لا يكون مفطرا، للأصل و إن كان الأحوط تركه.
(الثاني): لا فرق في الاحتقان المفطر بين كونه من الطريق الطبيعيّ أو من غيره مع انسداده إن صدق الاحتقان عرفا.
(الثالث): غسل المعدة و الأمعاء بالآلات الحديثة ليس من الاحتقان و الأحوط تركه، و كذا لا يفطر الاحتقان بالبخار و الهواء، و نحوهما مما حدث في هذه الأعصار.
(الرابع): لو غسل الأمعاء و المعدة بالآلات الحديثة من طريق الفم ثمَّ رجع ما غسل به من طريقه أيضا ليس ذلك من الأكل و لا القيء.
العاشر: تعمد القيء (۱۹۲) و إن كان للضرورة، من رفع مرض أو نحوه (۱۹۳). و لا بأس بما كان سهوا، أو من غير اختيار (۱۹٤) و المدار على الصدق العرفي (۱۹٥)، فخروج مثل النواة، أو الدود لا يعدّ منه.
لجملة من النصوص: منها: قول أبي عبد اللَّه (عليه السلام) في صحيح الحلبي: «إذا تقيّأ الصائم فقد أفطر و إن ذرعه من غير أن يتقيّأ فليتم صومه»۹4، مضافا إلى دعوى الإجماع عن جمع.
و أما قوله (عليه السلام): «ثلاثة لا يفطرن الصائم: القيء، و الاحتلام، و الحجامة»۹٥ فمحمول على ما إذا ذرعه جمعا، و إجماعا، و ظهور قوله (عليه السلام): «فقد أفطر» في المانعية و المفطرية كسائر المفطرات مما لا ينكر، فلا وجه للقول بحرمته التكليفية فقط دون الإفطار.
لأنّ المتعارف في القيء أن يكون للضرورة، و الأدلة الشرعية منزلة عليه.
لاعتبار التعمد في مفطرية المفطرات مطلقا- كما يأتي في الفصل التالي- فلا أثر لوقوعها سهوا، و عن الصادق (عليه السلام) في خبر ابن صدقة: «من تقيّأ متعمّدا و هو صائم فقد أفطر»۹٦، و عنه (عليه السلام) أيضا في موثق سماعه قال: «سألته عن القيء في رمضان، فقال: إن كان شيء يبدره فلا بأس»۹۷ و هو دليل عدم البطلان إن صدر بلا اختيار، مضافا إلى ظهور الإجماع.
لأنّه بما هو من الموضوعات المتعارفة بين الناس أخذ موضوعا للحكم، و لا يصدق عرفا على خروج مثل النواة، و الدود، بل يجوز إخراج شيء من معدته بالآلات المعدة لذلك إذ لا يصدق عليه القيء عرفا و يأتي في [مسألة ۷۷].
(مسألة ٦۹): لو خرج بالتجشّؤ شيء، ثمَّ نزل من غير اختيار، لم يكن مبطلا (۱۹٦). و لو وصل إلى فضاء الفم فبلعه اختيارا بطل صومه (۱۹۷)، و عليه القضاء و الكفارة (۱۹۸)، بل تجب كفارة الجمع إذا كان حراما من جهة خباثته، أو غيرها (۱۹۹).
للنص، و الإجماع، ففي موثق ابن عمار عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام) قال: «سألته عن الرجل يخرج من جوفه القلس حتى يبلغ الحلق ثمَّ يرجع إلى جوفه و هو صائم قال ليس بشيء»۹۸ و نحوه غيره.
لتحقق الأكل العمديّ حينئذ. و أما صحيح ابن سنان قال:
«سئل أبو عبد اللَّه (عليه السلام) عن الرجل الصائم يقلس فيخرج منه الشيء من الطعام، أ يفطر ذلك؟ قال: لا، قلت: فإن ازدرده بعد أن صار على لسانه قال: لا يفطر ذلك»۹۹ فلا عامل به، و يمكن حمله على السهو و الغفلة.
لما يأتي في الفصل التالي من وجوبها مع العمد إلى المفطر.
بناء على وجوب كفارة الجمع في الإفطار بالحرام، و يأتي التفصيل في [مسألة ۱] من (فصل المفطرات المذكورة). و لو شك في أنّه صار خبيثا أم لا، فأصالة عدم الخباثة جارية.
(مسألة ۷۰): لو ابتلع في الليل ما يجب عليه قيؤه في النهار فسد صومه إن كان الإخراج منحصرا في القيء (۲۰۰)، و إن لم يكن منحصرا فيه لم يبطل (۲۰۱) إلا إذا اختار القيء مع إمكان الإخراج بغيره (۲۰۲). و يشترط أن يكون مما يصدق القيء على إخراجه. و أما لو كان مثل درة، أو بندقة، أو درهم أو نحوها مما لا يصدق معه القيء لم يكن مبطلا (۲۰۳).
لأنّه مع الالتفات إلى أنّه يجب عليه ارتكاب هذا المفطر لا يحصل منه قصد الصوم. نعم، لو غفل عن ذلك و نوى الصوم تحصل منه نية الصوم حينئذ و يصح من هذه الجهة، و إنّما يبطل بتحقق القيء خارجا، فيكون مثل ما إذا لم يكن إخراجه منحصرا في القيء كما في الصورة الآتية.
لوجود المقتضي للصحة و هو تحقق نية الصوم و فقد المانع عنها كما هو المفروض.
لأنّه حينئذ من الإتيان بالمفطر عمدا و اختيارا، فيبطل لا محالة.
لأصالة الصحة و عدم وجوب القضاء و الإعادة.
(مسألة ۷۱): إذا أكل في الليل ما يعلم أنّه يوجب القيء في النهار من غير اختيار فالأحوط القضاء (۲۰٤).
مقتضى أنّ التعمد إلى السبب تعمد إلى المسبب خصوصا في مثل التوليديات هو الجزم بوجوب القضاء كما يأتي في [مسألة ٦] من الفصل التالي، و لكن حيث يحتمل أن يكون إطلاق قوله (عليه السلام) في موثق سماعة: «إن كان شيء يبدره فلا بأس، و إن كان شيء يكره نفسه عليه فقد أفطر و عليه القضاء»۱۰۰ شاملا لما إذا حصل السبب بالاختيار أيضا يوجب ذلك التردد، فاحتاط لذلك.
(مسألة ۷۲): إذا ظهر أثر القيء و أمكنه الحبس و المنع وجب، إذا لم يكن حرج و ضرر (۲۰٥).
أما وجوب المنع مع عدم الحرج، فلوجوب الإمساك عن المفطرات مع الإمكان و أما عدمه مع الحرج و الضرر فلسقوط كل واجب معهما، لحكومتهما على الأدلة الأولية. ثمَّ إنّ وجوب الإمساك إنّما هو في الصوم الواجب المعيّن، و أما في الموسع و المندوب فلا يجب ذلك لجواز الإفطار فيهما.
(مسألة ۷۳): إذا دخل الذباب في حلقه وجب إخراجه (۲۰٦) مع إمكانه و لا يكون من القيء (۲۰۷)، و لو توقف إخراجه على القيء سقط وجوبه و صح صومه (۲۰۸).
لحرمة بلعه من جهة الخباثة، فيجب الإخراج من هذه الجهة بلا فرق بين حالة الصوم و غيرها.
لعدم صدقه عليه عرفا إن لم يخرج معه شيء آخر بحيث يصدق عليه القيء بحسب المتعارف.
لكونه من موارد الأهم و المهم، لأنّ الأمر يدور بين إبطال الصوم و بلع الخبيث الذي دخل حلقه بلا اختيار منه، و لا ريب في أن الأول محتمل الأهمية لو لم يكن معلومها هذا في الصوم المعيّن. و أما في الموسع و المندوب، فالظاهر أنّ الثاني أهمّ لجواز الإفطار فيهما.
إن قيل: إن بلعه يكون من الأكل العمديّ، فيبطل الصوم من هذه الجهة، فلا يبقى موضوع للأهم و المهم (يقال): لا وجه للأكل العمدي، لفرض أنه دخل حلقه بلا عمد و لا اختيار، فلا يكون بلعه مفطرا و إنما يحرم من جهة الخباثة فقط، فيدور الأمر بين بلع الخبيث و إبطال الصوم بالقيء، و يمكن الإشكال في صدق حرمة أكل الخبيث بالنسبة إليه أيضا بدعوى: أن المنساق منه إنّما هو الاختياري منه لا ما إذا توقف إخراجه على القيء، فإنّه خلاف المتعارف و لا تشمله الأدلة الدالة على حرمة أكل الخبيث، فإن المنساق من أكل الخبيث المحرم ما كان بالنحو المتعارف من الأكل.
(مسألة ۷٤): يجوز للصائم التجشّؤ اختيارا و إن احتمل خروج شيء من الطعام معه. و أما إذا علم بذلك فلا يجوز (۲۰۹).
أما الأول، فللأصل، و إطلاق صحيح ابن مسلم قال: «سألت أبا عبد اللَّه (عليه السلام) عن القلس أ يفطر الصائم؟ قال (عليه السلام): لا»۱۰۱، و أما الأخير، فلأنّه من التعمد إلى القيء، فيوجب البطلان.
(مسألة ۷٥): إذا ابتلع شيئا سهوا، فتذكر قبل أن يصل إلى الحلق وجب إخراجه، و صح صومه (۲۱۰). و أما إن تذكر بعد الوصول إليه فلا يجب، بل لا يجوز إذا صدق عليه القيء (۲۱۱) و إن شك في ذلك، فالظاهر وجوب إخراجه أيضا مع إمكانه، عملا بأصالة عدم الدخول في الحلق (۲۱۲).
أما وجوب الإخراج، فلأنّ بلعه حينئذ يكون من الأكل العمديّ، فيوجب البطلان. و أما صحة الصّوم بعد الإخراج، فللأصل، و الإطلاق بعد عدم كونه من القيء.
أما عدم الوجوب، فلفرض أنّه دخل في الجوف. و أما عدم الجواز، فلصدق القيء هذا إذا كان مراده (قدّس سرّه) من الحلق الجوف كما هو الظاهر. و أما إذا كان مراده غيره، فلا بد من الإخراج مع الإمكان.
قد أشكل على هذا الأصل بأنّه من الأصول المثبتة إذ يثبت بعدم
وصوله إلى الحلق أنّه أكل، فيحرم فتحقق الواسطة الغير الشرعية بين مجرى الأصل و الحكم الشرعيّ و يصير مثبتا بذلك.
و فيه: أنّ الحرمة مترتبة على عدم الوصول إلى الحلق عند المتشرعة بلا واسطة عرفية، فيقال: لم يصل إلى الحلق، فيحرم بلعه و يجب إخراجه، مع أنّه يصح التمسك بصدق الأكل عليه عرفا، فتشمله الأدلة اللفظية، فلا نحتاج إلى الأصل حينئذ حتى يشكل عليه بأنّه مثبت.
(مسألة ۷٦): إذا كان الصائم بالواجب المعيّن مشتغلا بالصلاة الواجبة فدخل في حلقه ذباب أو بق أو نحوهما أو شيء من بقايا الطعام الذي بين أسنانه، و توقف إخراجه على إبطال الصّلاة بالتكلم ب (أخ) أو بغير ذلك، فإن أمكن التحفظ و الإمساك إلى الفراغ من الصلاة وجب (۲۱۳) و إن لم يمكن ذلك و دار الأمر بين إبطال الصوم بالبلع أو الصلاة بالإخراج، فإن لم يصل إلى الحدّ من الحلق- كمخرج الخاء- و كان مما يحرم بلعه في حدّ نفسه- كالذباب و نحوه- وجب قطع الصلاة بإخراجه، و لو في ضيق وقت الصلاة (۲۱٤) و إن كان مما يحلّ بلعه في ذاته- كبقايا الطعام- ففي سعة الوقت للصلاة- و لو بإدراك ركعة منه- يجب القطع و الإخراج (۲۱٥) و في الضيق يجب البلع و إبطال الصوم، تقديما لجانب الصلاة لأهميتها (۲۱٦) و إن وصل إلى الحدّ فمع كونه مما يحرم بلعه وجب إخراجه بقطع الصلاة و إبطالها على إشكال (۲۱۷). و إن كان مثل بقايا الطعام لم يجب، و صحت صلاته و صح صومه على التقديرين (۲۱۸) لعدم إخراج مثله قيئا في العرف.
لوجوب إتمام الصلاة، و حرمة قطعها بلا ضرورة و المفروض عدم الضرورة إلى قطع الصلاة.
لأنّ عمدة الدليل على حرمة قطع الصلاة الإجماع، و المتيقن منه ما إذا لم تكن ضرورة في البين و بلع الحرام من الضرورة. هذا إذا تمكن من البدل الاضطراريّ للصلاة و إن لم يتمكن منه أصلا، فلا يبعد احتمال الأهمية بالنسبة إلى الصّلاة حينئذ، فيبلعه و يتم صلاته ثمَّ يقضي صومه.
همية وجوب الإمساك عن قطع الصّلاة حينئذ من جهة أنّها تدرك بعد القطع و لو بإدراك ركعة.
هذا إذا كان الدّوران بين إبطال الصّوم و ترك أصل الصّلاة و لو بأبدالها الاضطرارية. و أما لو كان الدوران بين إبطال الصوم و إتيان الصلاة ببعض الأبدال الاضطرارية، فاحتمال الأهمية في وجوب الإمساك جار حينئذ أيضا.
إن كان في سعة الوقت و كان يعدّ ذلك من أكل الخبيث فلا إشكال في وجوب القطع لوجوب الإخراج و هو متوقف على القطع و هذه ضرورة موجبة للقطع فيجب حينئذ و إن لم يعدّ من أكل الخبيث أو شك فيه، فلا دليل على وجوب القطع، لأنّه حرام إلا مع الضرورة و لا ضرورة في البين، لفرض عدم حرمة البلع.
أي: على تقدير الإخراج و عدمه أما على الأول فلأنّه ليس قيئا عرفا حتّى يوجب بطلان الصّوم، و لا يكون إخراجه من منافيات الصلاة أيضا.
و أما على الأخير، فلأنّ بلع مثله ليس أكلا حتى يكون من منافيات الصّلاة و من مبطلات الصّوم، لأنّه عبارة عن إدخال شيء خارجيّ في الفم ثمَّ بلعه إلا أن يبلع ما دخل في الحلقوم بغير عمد و اختيار فعلى هذا لو تسحر و بقي شيء في حلقومه بغير اختياره ثمَّ بلعه في اليوم الصوميّ لا يوجب ذلك بطلان صومه.
(مسألة ۷۷): قيل يجوز للصائم أن يدخل إصبعه في حلقه و يخرجه عمدا و هو مشكل (۲۱۹) مع الوصول إلى الحدّ، فالأحوط الترك.
لا وجه للإشكال، لعدم كون الإدخال أكلا عرفا و لا الإخراج
قيئا في المتعارف، فبأيّ وجه يستشكل، فيكون الإشكال من مجرد الوهم.
(مسألة ۷۸): لا بأس بالتجشؤ القهري و إن وصل معه الطعام إلى فضاء الفم و رجع (۲۲۰)، بل لا بأس بتعمد التجشؤ ما لم يعلم أنّه يخرج معه شيء من الطعام (۲۲۱) و إن خرج بعد ذلك وجب إلقاؤه (۲۲۲) و لو سبقه الرجوع إلى الحلق لم يبطل صومه (۲۲۳) و إن كان الأحوط القضاء (۲۲٤).
لعدم كون كل منهما اختياريا، فلا يكون من الأكل، و القيء المبطل، مضافا إلى الإجماع، و صحيح ابن مسلم قال: «سئل أبو جعفر (عليه السلام) عن القلس يفطر الصائم؟ قال (عليه السلام): «لا»۱۰۲، و في خبر عمار عنه (عليه السلام) أيضا: «عن الرجل يخرج من جوفه القلس حتى يبلغ الحلق ثمَّ يرجع إلى جوفه و هو صائم قال (عليه السلام): ليس بشيء»۱۰۳.
و في موثق سماعة قال: «سألته عن القلس و هي الجشاء يرتفع الطعام من جوف الرجل من غير أن يكون تقيّأ و هو قائم في الصلاة، قال (عليه السلام): لا ينقض ذلك وضوءه و لا يقطع صلاته و لا يفطر صيامه»۱۰4.
للأصل، و إطلاق الأخبار، بل التصريح به فيما مر من خبر عمار.
لأنّ أكله حينئذ من تعمد فعل المفطر، فيحرم.
لعدم التعمد و الاختيار و يأتي اعتبارهما في الإفطار.
لاحتمال كفاية تعمد السبب في صدق التعمد بالنسبة إلى الرجوع أيضا، و لكنه خلاف إطلاق ما تقدم من الأخبار.
- سورة البقرة: ۱۸۷.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۲ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث ٦.
- الوسائل باب: ۲۹ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث ۹.
- الوسائل باب: ۳۹ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۲.
- الوسائل باب ۳۱ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۳۹ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۲٥ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۲٥ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۱۲.
- سورة البقرة: ۱۸۷.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۱.
- راجع الوسائل باب: 4 من أبواب ما يمسك عنه الصائم.
- الوسائل باب: 4 من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۳٥ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 4.
- الوسائل باب: ۳۳ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ٥.
- راجع التهذيب ج: 4 صفحة ۲۷۳ حديث: ۸۳۷ طبعة النجف الأشرف.
- الوسائل باب: ۳۳ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۱۳.
- الوسائل باب: ۳۳ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۳۳ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ٦.
- الوسائل باب: ۳۳ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۳۳ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۱۹.
- الوسائل باب: ۳۳ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۱٥.
- الوسائل باب: ۳۳ من أبواب ما يمسك عنه الصوم حديث: ٦.
- الوسائل باب: ۳۳ من أبواب ما يمسك عنه الصوم حديث: ٥.
- الوسائل باب: ۲ من أبواب ما يمسك عنه الصوم حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۲ من أبواب ما يمسك عنه الصوم حديث: 4.
- الوسائل باب: ۲ من أبواب ما يمسك عنه الصوم حديث: ٦.
- سفينة البحار ج: ۲ صفحة: 4۷4.
- الوسائل باب: ۱4۰ من أبواب أحكام العشرة حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۱4۰ من أبواب أحكام العشرة حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۲۲ من أبواب ما يمسك عنه الصّائم حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۲۲ من أبواب ما يمسك عنه الصّائم حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۲۲ من أبواب ما يمسك عنه الصّائم حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۳ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۳ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۳ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۹.
- الوسائل باب: ٦ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۳ من أبواب ما يمسك عن الصّائم حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۳ من أبواب ما يمسك عن الصّائم حديث: ۷ و ۸.
- راجع الوسائل باب: ۳۱ و ۳۲ و ۳۷ من أبواب الوضوء.
- راجع الوسائل باب: ۱٥ حديث: ٥، و باب: ۱٦ حديث: ۱ و ۳ من أبواب ما يمسك عنه الصائم.
- الوسائل باب: ۱٦ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۱٦ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۱٦ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ٥.
- الوسائل باب: ۱۹ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱۹ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۲۰ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱۹ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۱۳ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۱۹ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۲.
- الوسائل باب ۳٥ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱٦ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 4.
- الوسائل باب: ۱4 من أبواب التيمم.
- الوسائل باب: ۲۱ من أبواب ما يمسك عنه الصّائم حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱۸ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۱.
- راجع ج: ۳ صفحة: ۲۹۷.
- علل الشرائع باب: ۲۱٥ علة الطمث صفحة: ۲۷4 ط- قم ج: ۱.
- الوافي ج: 4 صفحة: ۷۰. و راجع ج: ۳ صفحة ۲۱4.
- علل الشرائع باب: ۲۲4 صفحة: ۲۷۷ ط- قم. ج: ۱.
- الوسائل باب: ۳۰ من أبواب من يصح منه الصوم حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۳۰ من أبواب من يصح منه الصوم حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۳۰ من أبواب من يصح منه الصوم حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۳۷ من أبواب قواطع الصلاة حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۱۹ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۲٥ من أبواب التيمم حديث: ۷.
- الوسائل باب: ۳٥ من أبواب ما يمسك عنه الصّوم حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۳٥ من أبواب ما يمسك عنه الصّوم حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۱٦ من أبواب ما يمسك عنه الصّوم حديث: 4.
- الوسائل باب: ۱۹ من أبواب ما يمسك عنه الصّائم حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۱٦ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 4.
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۱.
- راجع التعليقة على حديث 4 من باب: ۱٦ من أبواب ما يمسك به الصائم.
- الوسائل باب: ۱4 من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱4 من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۲۱ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۱٦ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۱٦ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 4.
- الوسائل باب: ۱٦ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 4.
- الوسائل باب: ۱4 من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱4 من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۲.
- الوسائل باب: ٥ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 4.
- الوسائل باب: ٥ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۲.
- الوسائل باب: ٥ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۲۹ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۲۹ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۷.
- الوسائل باب: ۲۹ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ٦.
- الوسائل باب: ۲۹ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ٥.
- الوسائل باب: ۳۰ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۲۹ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۹.
- الوسائل باب ۲۹: من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ٥.
- الوسائل باب: ۳۰ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 4.
- الوسائل باب: ۳۰ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۳۰ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۳۰ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۳.