بضرورة من الدّين في أصل الرجحان، و ادعي الإجماع على عدم الوجوب في التذكرة و الخلاف، و لكن نسب القول بالوجوب إلى جمع منهم الصدوق و المقداد و الحدائق و الكاشاني و المازندراني في شرح أصول الكافي و البحراني، و لم يستبعده في المدارك، و استدلوا عليه تارة بقوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيما)۱. و فيه: أنّها تدل على صرف طبيعة الوجوب و يكفي فيها الصلوات في التشهدات.
و أخرى بقوله تعالى لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً)۲. و فيه: أنّه أجنبيّ عن المقام و إنّما هو في مقام التفريق بين دعاء سائر الناس و دعاء النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بلزوم مراعاة الأدب في دعائه صلّى اللّه عليه و آله.
و ثالثة: بصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السلام: «و صلّ على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كلّما ذكرته أو ذكره ذاكر عندك في أذان أو غيره»۳.
و خبر أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام: «قال رسول اللّه صلّى اللّه
عليه و آله: من ذكرت عنده فنسي أن يصلّي عليّ خطا اللّه تعالى به طريق الجنة»4.
و خبر محمد بن هارون: «من ذكرت عنده و لم يصلّ عليّ فدخل النار فأبعده اللّه تعالى»٥.
و خبر أبي بصير: «إذا ذكر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فأكثروا من الصلاة عليه، فإنّه من صلّى على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلاة واحدة صلّى اللّه تعالى عليه ألف صلاة في ألف صف من الملائكة و لم يبق شيء مما خلق اللّه تعالى إلا صلّى على ذلك العبد لصلاة اللّه تعالى و صلاة ملائكته فمن لم يرغب في هذا فهو جاهل مغرور قد برئ اللّه تعالى منه و رسوله و أهل بيته»٦.
و فيه: أنّ الأخير قاصر سندا، مع أنّه في الإكثار من الصلاة و لا ريب في استحبابه، و يمكن حمل قوله عليه السلام: «قد برئ اللّه تعالى منه و رسوله و أهل بيته» على ترك ذلك عنادا.
و خبر هارون لا يدل على أنّ ترك الصلاة عليه صلّى اللّه عليه و آله موجب للدخول في النار، بل لو دخل النار لجهة أخرى يكون ترك الصلاة موجبا للبعد عن اللّه تعالى، و هو يتحقق بترك بعض المندوبات أيضا، لأنّ كلّ ما يكون فعله موجبا للتقرب يكون تركه موجبا للبعد من هذه الجهة. و الصحيح سياقه الآداب و المندوبات، كما لا يخفى على من راجع تمامه، مع أنّه لو كان واجبا لشاع و بان في هذا الأمر العام البلوى لجميع الأمة، مضافا إلى أنّ في الأخبار قرائن ظاهرة في الندب، كقوله صلّى اللّه عليه و آله:
«البخيل حقّا من ذكرت عنده فلم يصلّ عليّ»۷.
مع خلوّ القرآن و كثير من الدّعوات و الخطب المأثورة عن الصّلوات عند ذكر اسمه الشريف، مضافا إلى الأصل بعد عدم الدليل على الوجوب.