ينبغي أن نشير إلى أمور:
الأول: إنّ التعقيب من المندوبات بعد الفرائض بإجماع المسلمين، بل ضرورة الدّين، و بالمستفيضة من نصوص المعصومين عليهم السلام، كما يأتي بعضها، و قد فسّر قوله تعالى فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ- وَ إِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ أي: «إذا فرغت من الصلاة فاجتهد في الدعاء و ارغب إلى ربّك في المسألة»۱.
الثاني: قد ذكر في الأخبار لفظ (التعقيب)، و (بعد الصلاة) و (دبر الصلاة). و المراد بها المفاهيم العرفية، فكلّما صدق عرفا أنّه أتى به عقيب الصلاة و بعدها أو في دبرها يصدق عليه، و يضر الفصل الطويل المخل بالصدق، و مع الشك يجري الاستصحاب موضوعا و حكما. إلا أن يكون الفصل الطويل بما هو راجح شرعا فيكون بنفسه تعقيبا أيضا.
الثالث: يعتبر في التعقيب ما يعتبر في الصلاة: من الطهارة، و الاستقبال و نحوهما، و لكن كلّ ذلك من جهات الكمال لا الإجزاء، لإطلاقات أدلة التعقيب من غير ما يصلح للتقييد إلا المرسل: «ما يضر بالصلاة يضر بالتعقيب»۲.
و هو قاصر سندا عن إفادة الشرطية، و محمول على الجهات الفضلية.
الرابع: يمكن أن يكون ما ورد من الأذكار و الدعوات في التعقيب من باب الغالب و المثال لكلّ عبادة صالحة لأن تقع بعد الصلاة بعنوان التعقيب و يشهد له قول الصادق عليه السلام: «المؤمن معقّب ما دام على وضوئه»۳. فيحصل بالمصافحة و المعانقة و بمطالعة الأحاديث و الفقه و مدارستهما و نحوهما مما رغب فيه الشرع فيصح تعميم المتن على هذا.