أما الإتمام، فلمرجوحية قطع النافلة كما يأتي في (فصل لا يجوز قطع الفريضة اختيارا و الأحوط عدم قطع النافلة أيضا) و لا فرق فيه بين ما إذا أتى بركعة أو أقل منها، لشمول دليل المنع لكلّ منهما. و أما الإتيان بركعتي الفجر و فريضته، فلأهميتهما بلا إشكال عن الإتيان بنافلة الليل بعد خروج الفرض عما تقدم في صدر المسألة. و أما القضاء، فلعموم دليله الشامل للمقام.
فروع- (الأول): يصح الاقتصار في نافلة الظهرين، و نافلة الليل على بعضها، فيأتي بنافلة الظهر- مثلا- بأربع ركعات، و ذلك لأنّ المنساق من أدلتها۷٦ أنّ العدد المخصوص من باب تعدد المطلوب لا أن يكون مقوّما لحقيقة الطلب، و الأحوط حين الاقتصار على البعض أن يأتي به رجاء.
(الثاني): يصح الإتيان بركعتي الشفع و ركعة الوتر أداء، و قضاء و ترك بقية صلاة الليل، بل لو أتى بركعة الوتر أداء، ثمَّ أراد الإتيان ببقية صلاة الليل أداء أيضا، فالظاهر الإجزاء، لأنّ المنساق من مجموع الأدلة أنّ المناط إتيان هذا العدد لو أراد إكماله كيفما تحقق.
(الثالث): يصح التفريق في صلاة الليل كيفما تحقق من نصف الليل إلى طلوع الفجر، و في موارد العذر من أول الليل إلى طلوع الفجر، للأصل و الإطلاق.
ثمَّ إنّ فضل صلاة الليل و اهميتها ثبت بالأدلة الأربعة فمن الكتاب آيات منها قوله تعالى تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ. فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ۷۷.
و منها قوله تعالى كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ وَ بِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ۷۸.
و قد عدّ سبحانه و تعالى المستغفرين بالأسحار من صفات المتقين بل هو من أمهاتها- في قوله تعالى الصَّابِرِينَ وَ الصَّادِقِينَ وَ الْقانِتِينَ وَ الْمُنْفِقِينَ وَ الْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ۷۹.
و من السنة ما هي المتواترة بين المسلمين:
منها: قول أبي عبد اللّه (عليه السلام): قال: «قال النبي (صلّى اللّه عليه و آله) لجبرئيل: عظني، فقال: يا محمد عش ما شئت فإنّك ميّت، و أحبب ما شئت فإنّك مفارقه، و اعمل ما شئت فإنّك ملاقيه، و اعلم أنّ شرف المؤمن صلاته بالليل، و عزّه كفّه عن أعراض الناس»۸۰.
و قال (عليه السلام) أيضا: «عليكم بصلاة الليل، فإنّها سنّة نبيّكم، و دأب الصالحين قبلكم، و مطردة الداء عن أجسادكم»۸۱.
و قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله): «الركعتان في جوف الليل أحبّ إليّ من الدنيا و ما فيها»۸۲.
و عن الصادق، عن آبائه (عليهم السلام)- في حديث المناهي قال: «قال رسول اللّه ما زال جبرئيل يوصيني بقيام الليل حتى ظننت أنّ خيار أمتي لن يناموا»۸۳.
و قال (صلّى اللّه عليه و آله): في خبر جابر: «ما اتخذ اللّه إبراهيم خليلا إلا لإطعامه الطعام، و الصلاة بالليل و الناس نيام۸4.
و عن أبي عبد اللّه (عليه السلام): «ما من عمل حسن يعمله العبد إلا و له ثواب في القرآن إلا صلاة الليل، فإنّ اللّه لم يبيّن ثوابها، لعظيم خطره عنده- الحديث»۸٥.
إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة و قد مدح اللّه سبحانه و تعالى- الذين يقفون أمامه في ظلم الليالي عند ساحة حرمه، و يمدون أعينهم و أيديهم إلى سماحة جوده و كرمه، يستغرقهم البكاء و الأنين، و يفزعهم الخشية و الحنين- بأحسن مدح، و أفضل منقبة كما تقدم في الآية الشريفة و هي قوله تعالى: تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ۸٦.
مضافا إلى عنايات خاصة تغشاهم عن مالك الملك و الملكوت روى مولانا الرضا عن أبيه عن جده (عليهم السلام) قال: «سئل عليّ بن الحسين (عليه السلام): ما بال المتهجدين بالليل من أحسن الناس وجها؟ قال: لأنّهم خلوا باللّه فكساهم اللّه من نوره۸۷.
و عن الصادق (عليه السلام) في خبر مفضل بن عمر: «كان فيما ناجى اللّه به موسى بن عمران أن قال له: «يا ابن عمران كذب من زعم أنّه يحبني فإذا جنه الليل نام عنّي أ ليس كلّ محبّ يحبّ خلوة حبيبه؟ ها أنا يا ابن عمران مطلع على أحبائي إذا جنّهم الليل- الحديث-»۸۸.
و من الإجماع فهو من جميع المسلمين بل من جميع الأنبياء و المرسلين.
و أما العقل فلأنّ خلوة الحبيب مع حبيبه مطلوبة عند العقل و العقلاء خصوصا إذا كان المحبوب هو اللّه جلّت عظمته و هو تعالى يحب صاحب هذا العمل.
ثمَّ إنّ في جملة من الأخبار أنّ الذنب في النهار يوجب الحرمان عن صلاة الليل۸۹ و لا بد و أن يحمل على بعض الذنوب، لقوله (عليه السلام): «صلاة المؤمن بالليل تذهب بما عمل من ذنب بالنهار»۹۰.
و يكره تركها، لقول الصادق (عليه السلام) «ليس من شيعتنا من لم يصلّ صلاة الليل»۹۱.
و قوله (عليه السلام): «لا تدع قيام الليل، فإنّ المغبون من حرم قيام الليل»۹۲.
و قد ورد لهذه الصلاة آداب كثيرة، و دعوات مهمة عالية المضامين و نحن نقتصر منها على الأهم- لئلا يعتذر أحد من جهة التطويل و التفصيل- و قد كان يواظب عليها جمع من الفقهاء المتهجدين، و العلماء المتعبدين من مشايخنا- رضوان اللّه تعالى عليهم أجمعين- هي أمور:
الأول: إذا قام من منامه يقول- كما في صحيح زرارة-: «الحمد للّه الذي ردّ عليّ روحي لأحمده و اعبده» فإذا سمعت صوت الديوك، فقل: «سبّوح قدوس ربّ الملائكة و الروح سبقت رحمتك غضبك لا إله إلّا أنت وحدك لا شريك لك عملت سوءا و ظلمت نفسي فاغفر لي و ارحمني إنّه لا يغفر الذنوب إلّا أنت».
فإذا قمت فانظر في آفاق السماء و قل: «اللّهم إنّه لا يواري عليك ليل ساج (داج) و لا سماء ذات أبراج و لا أرض ذات مهاد و لا ظلمات بعضها فوق بعض و لا بحر لجّيّ تدلج بين يدي المدلج من خلقك تعلم خائنة الأعين و ما تخفي الصّدور غارت النجوم و نامت العيون و أنت الحيّ القيّوم لا تأخذك سنة و لا نوم سبحان ربّ العالمين و إله المسلمين و الحمد للّه ربّ العالمين».
ثمَّ اقرأ الآيات الخمس من آخر سورة آل عمران إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ- إلى قوله تعالى:- إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ ثمَّ استك و توضأ فإذا وضعت يدك في الماء، فقل-: «بسم اللّه و باللّه اللّهمّ اجعلني من التّوّابين و اجعلني من المتطهّرين».
فإذا فرغت فقل: «الحمد للّه ربّ العالمين».
فإذا قمت إلى صلاتك فقل-: «بسم اللّه الرّحمن الرّحيم بسم اللّه و باللّه و من اللّه و إلى اللّه و ما شاء اللّه و لا حول و لا قوّة إلّا باللّه اللّهمّ أقبل عليّ بوجهك جلّ ثناؤك». ثمَّ افتتح الصلاة بالتكبير۹۳.
الثاني: أن يدعى بعد تمام الشفع و قبل الشروع في الوتر: «إلهي تعرّض لك في هذا اللّيل المتعرّضون و قصدك القاصدون و أمّل فضلك و معروفك الطّالبون و لك في هذا اللّيل نفحات و جوائز و عطايا و مواهب تمنّ بها على من تشاء من عبادك و تمنعها من لم تسبق له العناية منك و ها أنا ذا عبيدك الفقير إليك المؤمّل فضلك و معروفك فإن كنت يا مولاي تفضّلت في هذه اللّيلة على أحد من خلقك و عدت عليه بعائدة من عطفك فصلّ على محمّد و آل محمّد الطّاهرين الخيّرين الفاضلين و جد عليّ بطولك و معروفك يا ربّ العالمين و صلّى اللّه على محمّد خاتم النّبيّين و آله الطّاهرين و سلّم تسليما إنّ اللّه حميد مجيد اللّهمّ إنّي أدعوك كما أمرت فاستجب لي كما وعدت إنّك لا تخلف الميعاد».
الثالث: أن يقول في قنوت الوتر كلمات الفرج و هي: «لا إله إلّا اللّه الحليم الكريم لا إله إلّا اللّه العليّ العظيم سبحان اللّه ربّ السّماوات السّبع و ربّ الأرضين السّبع و ما فيهنّ و ما بينهنّ و ربّ العرش العظيم۹4 و الحمد للّه ربّ العالمين».
ثمَّ يقول: «يا اللّه يا رحمن يا رحيم يا مقلّب القلوب ثبّت قلوبنا على دينك».
و يقول بعد ذلك: «اللّهمّ تمَّ نورك فهديت فلك الحمد ربّنا، و بسطت يدك فأعطيت فلك الحمد ربّنا، و عظم حلمك فعفوت فلك الحمد ربّنا، وجهك أكرم الوجوه و جهتك خير الجهات و عطيّتك أفضل العطيّات و أهنؤها. ربّنا تطاع ربّنا فتشكر و تعصي ربّنا فتغفر لمن شئت تجيب المضطرّ و تكشف الضرّ و تشفي السّقيم و تنجّي من الكرب العظيم. لا يجزي بآلائك أحد و لا يحصي نعماءك قول قائل اللّهمّ إليك رفعت الأبصار و نقلت الأقدام و مدّت الأعناق و رفعت الأيدي و دعيت بالألسن. و إليك سرّهم و نجواهم في الأعمال. ربّنا اغفر لنا و ارحمنا و افتح بيننا و بين قومنا بالحقّ و أنت خير الفاتحين اللّهمّ إنّا نشكو إليك غيبة نبيّنا و شدّة الزّمان علينا و وقوع الفتن بنا و تظاهر الأعداء و كثرة عدوّنا و قلّة عددنا فأفرج ذلك بفتح منك تعجّله و نصر منك تعزّه و إمام عدل تظهره إله الحقّ».
ثمَّ تقول: «اللّهمّ صلّ على آدم بديع فطرتك و صلّ على آخر من يموت من خليفتك و صلّ على من بينهما من الأنبياء و المرسلين و الأوصياء و الصّدّيقين و الشّهداء و الصّالحين و اغفر لجميع من اتّبعهم من الأوّلين و الآخرين».
ثمَّ يقول: «اللّهمّ صلّ على محمّد و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين و السّجّاد و الباقر و الصّادق و الكاظم و الرّضا و الجواد و الهادي و العسكريّ و الخلف الصّالح المهديّ و اغفر لشيعتهم و أنصارهم و جميع من اتّبعهم من الأوّلين و الآخرين».
ثمَّ تقول: «اللّهمّ صلّ على جبرئيل و ميكائيل و إسرافيل و عزرائيل و الملائكة المقرّبين و حملة العرش أجمعين و الكرّوبيّين و روح القدس و الرّوح الّذي هو من أمرك و صلّ على جميع الملائكة الّذين لا يعلم عددهم و صفاتهم غيرك و ألهمهم الاستغفار لعصاة خلقك و الشّفاعة في قضاء حوائج المؤمنين و تيسير أمورهم».
ثمَّ تقول: «سبحان اللّه ملء سماواته و أرضه و مداد كلماته و زنة عرشه و رضاء نفسه الحمد للّه ملء سماواته و أرضه و مداد كلماته و زنة عرشه و رضاء نفسه لا إله إلّا اللّه ملء سماواته و أرضه و مداد كلماته و زنة عرشه و رضاء نفسه اللّه أكبر ملء سماواته و أرضه و مداد كلماته و زنة عرشه و رضاء نفسه سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلّا اللّه و اللّه أكبر عدد ما أحاط به علم اللّه تعالى»، ثمَّ تقول: «ربّ إنّي أسأت و ظلمت نفسي و بئس ما صنعت و هذه يداي جزاء بما كسبتا و هذه رقبتي خاضعة لما أتيت و ها أنا ذا بين يديك، فخذ لنفسك الرّضا، لك العتبى حتّى ترضى لا أعود».
ثمَّ تقول: «هذا مقام العائذ بك من النّار» سبع مرات، ثمَّ تقول: «إلهي طموح الآمال قد خابت إلّا لديك و معاكف الهمم قد تعطّلت إلا عليك و مذاهب العقول قد سمت إلّا إليك فأنت الرّجاء و إليك الملتجأ يا أكرم مقصود و أجود مسؤول هربت إليك بنفسي يا ملجأ الهاربين بأثقال الذّنوب أحملها على ظهري لا أجد لي إليك شافعا سوى معرفتي بأنّك أقرب من رجاه الطّالبون و أمّل ما لديه الرّاغبون يا من فتق العقول بمعرفته و أطلق الألسن بحمده و جعل ما امتنّ به على عباده في كفاء لتأدية حقّه صلّ على محمّد و آله و لا تجعل للشّيطان على عقلي سبيلا و لا للباطل على عملي دليلا».
ثمَّ يستغفر اللّه سبعين مرة، و في المرة الأولى يقول: «أستغفر اللّه الّذي لا إله إلّا اللّه هو الحيّ القيّوم ذو الجلال و الإكرام عالم الغيب و الشّهادة بديع السّموات و الأرضين من جميع ظلمي و جرمي و إسرافي على نفسي و أتوب إليه».
و في بقية المرات يجزي «أستغفر اللّه» فقط، أو «أتوب إلى اللّه» و إن قال: «أستغفر اللّه و أتوب إليه» فقد زاد خيرا ثمَّ تقول: «يا ذا الّذي كان قبل كلّ شيء ثمَّ خلق كلّ شيء ثمَّ يبقى و يفنى كلّ شيء يا ذا الّذي ليس كمثله شيء و يا ذا الّذي ليس في السّموات العلى و لا في الأرضين السّفلى و لا فوقهنّ و لا تحتهنّ و لا بينهنّ إله يعبد غيره لك الحمد حمدا لا يقوى على إحصائه إلّا أنت فصلّ على محمّد و آل محمّد صلاة لا يقوى على إحصائها إلّا أنت».
ثمَّ يقول: «اللّهمّ كن لوليك الحجّة بن الحسن صلواتك عليه و على آبائه في هذه السّاعة و في كلّ ساعة وليّا و حافظا و قائدا و ناصرا و دليلا و عينا حتّى تسكنه أرضك طوعا و تمتّعه فيها طويلا».
و كذلك تقول: «يا مدبّر الأمور يا باعث من في القبور يا مجري البحور يا مليّن الحديد لداود صلّ على محمّد و آل محمّد و فرّج عن المؤمنين».
ثمَّ يستغفر لأربعين نفرا من المؤمنين بأن يقول: اللهم اغفر لفلان، أو يقول: اللهم اغفر لفلان، و فلان و هكذا، و الأولى أن يقدم أرحامه، لأنّه نحو صلة رحم ثمَّ يقول: «اللّهمّ اغفر لكلّ من له حقّ عليّ و اغفر لكلّ من علّمني خيرا و كلّ من علّمته خيرا».
و يقول: «اللّهمّ اغفر للمؤمنين و المؤمنات و المسلمين و المسلمات». ثلاث مرّات و يقول: «العفو العفو» عشر مرات و المروي۹٥ ثلاثمائة، و يقول: «يا من لم يؤاخذني بارتكاب المعاصي عفوك عفوك يا أهل التّقوى و يا أهل المغفرة إلهي ذهبت أيّام لذّاتي و بقيت مئاثمي و تبعاتي فالعفو العفو سيّدي إلهي ظلمت نفسي و أغلقت أبواب رحمتك على نفسي باختياري يا أعظم الغافرين اغفر لمن هو أعظم الخاسرين فالعفو العفو. سيّدي إلهي ربّيتني في نعمك و إحسانك صغيرا و نوّهت باسمي كبيرا و قد خنتك في كلّ ما أنعمت به عليّ فالعفو العفو سيّدي».
ثمَّ يدعو بما يريد و يسأل حوائجه، فإنّه مستجاب إن شاء اللّه تعالى. ثمَّ يقول: «إلهي ما قدر ذنوبي أقابل بها كرمك و ما قدر عبادة أقابل بها نعمك و إنّي لأرجو أن تستغرق ذنوبي في كرمك كما استغرقت أعمالي في نعمك اللّهمّ إنّي أسألك إخبات المخبتين و إخلاص الموقنين، و مرافقة الأبرار و العزيمة في كلّ برّ و السّلامة من كلّ إثم و الفوز بالجنّة و النّجاة من النّار».
ثمَّ تقول: «اللّهمّ إنّ استغفاري إيّاك و أنا مصرّ على ما نهيت قلّة حياء و تركي الاستغفار مع علمي بسعة فضلك و حملك تضيّع لحقّ الرّجاء اللّهمّ إنّ ذنوبي تؤيسني أن أرجوك و إنّ علمي بسعة رحمتك يؤمنني أن أخشاك فصلّ على محمّد و آل محمّد و حقّق رجائي و كذّب خوفي منك و كن لي عند أحسن ظنّي بك يا أكرم الأكرمين إلهي كيف أدعوك و قد عصيتك و كيف لا أدعوك و قد عرفتك و حبّك في قلبي مكين مددت إليك يدا بالذّنوب مملوءة و عينا بالرّجاء ممدودة إلهي أنت مالك العطايا و أنا أسير الخطايا و من كرم العظماء الرّفق بالأسراء إلهي عظم جرمي إذ كنت المطالب به و كبر ذنبي إذ كنت المبارز به إلّا أنّي إذا ذكرت كبر ذنبي و عظم عفوك و غفرانك وجدت الحاصل بينهما إلىّ أقربهما إلى رحمتك و رضوانك».
ثمَّ يدعو بهذا الدعاء: «اللّهمّ إليك حنّت قلوب المخبتين و بك أنست عقول العاقلين و عليك عكفت هبة العاملين و بك استجارت أفئدة المقصّرين فيا أمل العارفين و رجاء العاملين صلّ على محمّد و آله الطّاهرين و أجرني من فضائح يوم الدّين عند هتك السّتور و تحصيل ما في الصّدور و آنسني عند خوف المذنبين و دهشة المفرّطين برحمتك يا أرحم الرّاحمين فو عزّتك و جلالك ما أردت بمعصيتي إيّاك مخالفتك و لا عصيتك إذ عصيتك و أنا بمكانك جاهل و لا لعقوبتك متعرّض و لا لنظرك مستخفّ و لكن سوّلت لي نفسي و أعانني على ذلك شقوتي و غرّني سترك المرخى عليّ فعصيتك بجهلي و خالفتك بجهدي فمن الآن من عذابك من يستنقذني و بحبل من أعتصم إذا قطعت حبلك عنّي وا سوأتاه من الوقوف بين يديك غدا إذا قيل للمخفّين جوزوا و للمثقلين حطوا أ مع المخفّين أجوز أم مع المثقلين أحطّ يا ويلتا كلّما كبر سنّي كثرت معاصيّ فكم ذا أتوب و كم ذا أعود أما آن لي أن أستحيي من ربّي اللّهمّ فبحقّ محمّد و آل محمّد اغفر لي و ارحمني يا أرحم الرّاحمين و خير الغافرين.
ثمَّ يقول: «إلهي نامت العيون و هدأت الأصوات و أنت الحيّ الّذي لا تنام إلهي كم من موبقة حلمت عنّي مقابلتها بحلمك و كم من جريرة تكرّمت عن كشفها بكرمك إلهي إن طال في عصيانك عمري و عظم في الصّحف ذنبي فما أنا مؤمّل غير غفرانك و لا أنا براج غير رضوانك إلهي أفكّر في عفوك فيهوّن عليّ خطيئتي ثمَّ أذكر العظيم من أخذك فتعظم عليّ بليّتي.
آه إن قرأت في الصّحف سيّئة أنا ناسيها و أنت محصيها فتقول خذوه فيا له من مأخوذ لا تنجيه عشيرته و لا تنفعه قبيلته و لا يرحمه الملا إذا أذن فيه بالنّداء، آه من نار تنضج الأكباد و الكلى، آه من نار نزّاعة للشّوى، آه من غمرة من ملهبات لظى».
و يدعو بدعاء آخر شريف نقله المجلسي في البحار و المحدّث القمي في حاشية كتاب دعائه، أوله: إلهي كيف أصدر عن بابك بخيبة منك- إلخ».
ثمَّ يركع و يقرأ بعد رفع الرأس من الركوع يقول: «هذا مقام من حسناته نعمة و شكره ضعيف و ذنبه عظيم و ليس لذلك إلّا رفقك و رحمتك فإنّك قلت في كتابك المنزل على نبيّك المرسل صلّى اللّه عليه و آله كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ وَ بِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ طال هجوعي و قلّ قيامي و هذا السّحر و أنا أستغفرك لذنوبي استغفار من لا يجد لنفسه ضرّا و لا نفعا و لا موتا و لا حياة و لا نشورا»۹٦.
و يتمم الصلاة و يقرأ في السجدة الأخيرة بكلّ ما بدا له من الدعاء.
الرابع: أن يقرأ بعد الفراغ من صلاة الليل دعاء الصحيفة ۹۷ و دعاء الرهبة ۹۸ ودعاء الحزين ۹۹ أيضا ثمَّ يقول: «سبحان ربّي الملك القدّوس الحكيم». ثلاث مرات و بعده يقول: «يا حيّ يا قيّوم يا برّ يا رحيم فأغنني يا كريم ارزقني من التّجارة أعظمها فضلا و أوسعها رزقا و خيرها لي عاقبة فإنّه لا خير ممّا لا عاقبة له».
هذا يسير من كثير مما يتلى في هذا المقام العظيم و الحالة العظمى التي لا يعرف قدرها و لا يدرك فضلها.
ثمَّ إنّه يصح الإتيان بتمام صلاة الليل مخففة بأن يقتصر على مجرد الفاتحة في كلّ ركعة و على ثلاث تسبيحات صغرى في الركوعات و السجدات و على قول: «لا إله إلا اللّه» فقط في القنوتات، لأنّ جميع ما ورد فيها من باب تعدد المطلوب لا الشرطية، فلو ترك أحد من المسلمين هذا المقدار من غير عذر لا يكون معذورا، بل يكون ملوما، لتهاونه في هذه الصلاة التي لا يدرك فضلها، كما إنّ ما تعرضنا له من الدعوات يجوز الاقتصار على بعضها دون بعض و يجوز إتيانها بعد الفراغ من الصلاة أو في حال سجدة الشكر بعدها.