لقول أبي عبد اللّه (عليه السلام) في صحيح حماد: «تكره الصلاة في الثوب المصبوغ المشبع المفدم» [۱].
و عنه (عليه السلام). أيضا: «أنّه كره الصلاة في المشبع بالعصفر، و المضرّج بالزعفران»4.
و لا يخفى أنّ ما ورد في المعصفر و الزعفران أخص من تعبيرات الفقهاء (قدّس سرّهم)، و لكن المقام مقام المسامحة. و المفدم- بالفاء و الدال المهملة المشددة-: الحمرة و هو من المبالغة في الإشباع. و مقتضى الإطلاق، و قاعدة الاشتراك عدم الفرق في هذه الألوان بين الرجال و النساء.
ثمَّ إنّه كما تكره الصلاة في اللباس الأسود، يكره لبس السواد أيضا لما ورد في ذمه و قد تقدم بعض الأخبار الدالة عليها. و قال في الحدائق: لا يبعد استثناء لبس السواد في مأتم الحسين (عليه السلام) من هذه الأخبار لما استفاضت به الأخبار من الأمر بإظهار شعائر الأحزان، و يشهد له تقرير الإمام (عليه السلام)، ففي خبر عمر بن عليّ بن الحسين قال: «لما قتل الحسين بن عليّ (عليه السلام) لبس نساء بني هاشم السواد و المسوح، و كنّ لا يشتكين من حرّ و لا برد، و كان عليّ بن الحسين (عليه السلام) يعمل لهنّ الطعام للمأتم»٥.
أقول: في بعض التواريخ٦: إنّ لبس السواد كان حدادا لقتل آل محمد من الحسين بن عليّ (عليه السلام)، و زيد، و يحيى، بل يظهر من بعضها أنّ الشيعة في تلك الأزمنة كانوا كذلك، و على هذا يمكن القول بأنّ ما ورد كراهة لبس السواد لم يرد لبيان حكم اللّه الواقعي، بل ورد لبعض المصالح، كبيان أنّ حداد لبس السواد بين بني هاشم و الشيعة لم يكن بتسبب من الأئمة (عليهم السلام) حتّى يصير ذلك منشأ للظلم و الجور من الأعداء عليهم، و يشهد لما قلناه خبر الرقيّ قال: «كانت الشيعة تسأل أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن لبس السواد. قال: فوجدناه قاعدا عليه جبة سوداء و قلنسوة سوداء، و خف أسود مبطن بسواد، ثمَّ فتق ناحية منه و قال: أما إنّ قطنه أسود و أخرج منه قطنا أسود، ثمَّ قال: بيض قلبك و البس ما شئت»۷.
و إن أمكن حمله على التقية.