إجماعا، و نصوصا منها قول أبي عبد اللَّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «إذا ذبح الرجل و حلق فقد أحل من كل شيء أحرم منه إلا النساء و الطيب، فإذا زار البيت و طاف و سعى بين الصفا و المروة فقد أحل من كل شيء أحرم منه إلّا النساء، و إذا طاف طواف النساء فقد أحل من كل شيء أحرم منه إلا الصيد»۱ أي الحرمي لا الإحرامي.
ثمَّ إن الأخبار على أقسام ثلاثة:
الأول: ما تقدم من صحيح ابن عمار و هو صحيح سندا، و صريح دلالة و عمل به الأصحاب.
الثاني: ما ذكر فيه الطيب فقط، كصحيح العلاء عنه عليه السّلام أيضا: «أني حلقت رأسي و ذبحت و أنا متمتع أطلي رأسي بالحناء؟ قال عليه السّلام: نعم من غير أن تمس شيئا من الطيب، قلت: فألبس القميص و أتقنع؟ قال عليه السّلام: نعم»۲.
الثالث: ما يدل على حلية الطيب أيضا. كصحيح ابن يسار عنه عليه السّلام أيضا:
«عن المتمتع إذا حلق رأسه قبل أن يزور البيت يطليه بالحناء؟ قال عليه السّلام: نعم الحناء و الثياب و الطيب و كل شيء إلا النساء»۳، و عن الخزاز: «رأيت أبا الحسن عليه السّلام بعد ما ذبح حلق ثمَّ ضمد رأسه بمسك و زار البيت»4.
و لكن حمل القسم الثاني على أنه استغناء بذكر أحد الفردين عن الآخر اتكالا على المفروضية عند الراوي، و مع عدم صحة هذا الحمل، فهو موهون بالإعراض لا وجه للمعارضة بينه و بين القسم الأول.
و أما القسم الثالث فموهون بموافقة العامة و مخالفة الأصحاب و إمكان حمله على حج الإفراد فيسقط عن المعارضة أيضا.
و أما ما نسب إلى ابن بابويه و ولده من التحلل بالرمي، لخبر قرب الإسناد عن علي عليه السّلام: «إذا رميت جمرة العقبة فقد حل لك كل شيء حرم عليك إلّا النساء»٥ و مثله المنسوب إلى فقه الرضا٦ فهو من الشواذ قولا و مدركا، و مخالف لإجماع الأصحاب بل المسلمين.
و أما الصيد فالحرمي منه باق على حرمته، للأصل، و الإطلاق و الإحرامي منه يحلّ، لإطلاق ما تقدم من الأخبار، و ظهور الإجماع.
و تظهر الفائدة في حرمة أكل اللحم مطلقا و تضاعف الكفارة إن صاد في الحرم، و الحلية و عدم الكفارة رأسا لو صاد في الحل على ما تقدم، و المنساق من قوله تعالى لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ۷ الإحرام من كل جهة لا من جهة خاصة.