المستفاد من الأخبار ثلاثة أغسال.
أحدها: لدخول الحرم.
و الثاني: لدخول مكة.
و الثالث: للطواف.
و يدل على الأول: خبر أبان قال: «كنت مع أبي عبد اللّه عليه السّلام مزامله فيما بين مكة و المدينة، فلما انتهى الى الحرم نزل و اغتسل و أخذ نعليه بيديه ثمَّ دخل الحرم حافيا، فصنعت مثل ما صنع فقال: يا أبان من صنع مثل ما رأيتني صنعت تواضعا للّه محي اللّه عنه مائة ألف سيئة، و كتب له مائة ألف حسنة و بنى اللّه له مائة ألف درجة، و قضى له مائة ألف حاجة»۱، و في رواية الحذاء: «فلما انتهى إلى الحرم اغتسل و أخذ نعليه بيديه، ثمَّ مشى في الحرم ساعة»۲.
و يدل على الثاني: صحيح الحلبي: «فينبغي للعبد أن لا يدخل مكة إلا و هو طاهر قد غسل عرقه و الأذى و تطهر»۳، و صحيحة الآخر: «أمرنا أبو عبد اللّه عليه السّلام:
أن نغتسل من فخ قبل أن ندخل مكة»4، و صحيح ابن الحجاج قال: «سألت أبا إبراهيم عليه السّلام عن الرجل يغتسل لدخول مكة ثمَّ ينام فيتوضأ قبل أن يدخل أ يجزيه ذلك أو يعيد؟ قال عليه السّلام: لا يجزيه، لأنه إنما دخل بوضوء»٥، و في خبر عجلان أبي صالح قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «إذا انتهيت إلى بئر ميمون- أو بئر عبد الصمد- فاغتسل و اخلع نعليك، و امش حافيا و عليك السكينة و الوقار»٦.
و يدل على الثالث: صحيح علي بن أبي حمزة عن أبي الحسن عليه السّلام قال لي: «إن اغتسلت بمكة ثمَّ نمت قبل أن تطوف فأعد غسلك»۷. و عن الغنية الإجماع على استحباب الغسل لدخول المسجد أيضا و قال في الجواهر: «لم نعثر في النصوص على ما يدل عليه» و استدل في الحدائق بموثق سماعة عن الصادق عليه السّلام: «و غسل الزيارة واجب»۸ أي: زيارة البيت و هو يكون حين دخول المسجد لا محاله. و استدل له في المستند بصحيح ذريح: «و إن اغتسلت في بيتك حين تنزل بمكة فلا بأس»۹ أقول: في دعوى الإجماع من الغنية كفاية، لبناء الاستحباب على المسامحة.
ثمَّ إنه يظهر من الأخبار غسل خامس أيضا و هو لدخول الكعبة ففي صحيح ابن عمار عن الصادق عليه السّلام: «الغسل من الجنابة، و يوم الجمعة- إلى أن قال- و يوم تزور البيت، و حين تدخل الكعبة»۱۰ و حيث أن الحكم ندبي فلا بأس بالقول به لأجل المسامحة.