لأنّ ما يخرج من الثلث بالوصية إنّما هو إذا تمحض وجوبه من حيث العمل بالوصية فقط، لا ما إذا وجب الإخراج و لو لم يكن وصية في البين كما في الواجبات المالية الثابت وجوب إخراجها مع عدم الوصية أيضا كالديون، فإنّها تخرج من الأصل أوصى بها أم لا، و لا ثمرة للوصية بالنسبة إليها.
(مسألة ۱): إذا أوصى بالحج، فإن علم أنّه واجب أخرج من أصل التركة و إن كان بعنوان الوصية، فلا يقال: مقتضى كونه بعنوانها خروجه من الثلث (۱). نعم، لو صرّح بإخراجه من الثلث أخرج منه (۲)، فإن و في به، و الا يكون الزائد من الأصل، و لا فرق- في الخروج من الأصل- بين حجة الإسلام، و الحج النذري، و الإفساديّ لأنّه بأقسامه واجب مالي، و إجماعهم قائم على خروج كل واجب مالي من الأصل مع أنّ في بعض الأخبار: إنّ الحج بمنزلة الدّين، و من المعلوم خروجه من الأصل بل الأقوى خروج كل واجب من الأصل و إن كان بدنيا، كما مرّ سابقا (۳). و إن علم أنّه ندبيّ فلا إشكال في خروجه من الثلث (٤) و إن لم يعلم أحد الأمرين ففي خروجه من الأصل أو الثلث وجهان: يظهر من سيد الرياض خروجه من الأصل حيث إنّه وجه كلام الصدوق الظاهر في كون جميع الوصايا من الأصل: بأنّ مراده ما إذا لم يعلم كون الموصى به واجبا أو لا، فإنّ مقتضى عمومات وجوب العمل بالوصية خروجها من الأصل، خرج عنها صورة العلم بكونها ندبيا و حمل الخبر الدال بظاهره على ما عن الصدوق أيضا على ذلك، لكنّه مشكل، فإنّ العمومات مخصصة بما دل على أنّ الوصية بأزيد من الثلث ترد إليه، الا مع إجازة الورثة، هذا مع أنّ الشبهة مصداقية، و التمسك بالعمومات فيها محل إشكال، و أما الخبر المشار إليه- و هو قوله (عليه السلام): «الرجل أحقّ بماله ما دام فيه الروح، إن أوصى به كله فهو جائز» فهو مرهون بإعراض العلماء عن العمل بظاهره (٥) و يمكن أن يكون المراد بماله هو الثلث الذي أمره بيده. نعم، يمكن أن يقال- في مثل هذه الأزمنة، بالنسبة إلى هذه الأمكنة البعيدة عن مكة- الظاهر من قول: «الموصي حجوا عنّي» هو حجة الإسلام الواجبة، لعدم تعارف الحج المستحبي في هذه الأزمنة و الأمكنة، فيحمل على أنّه واجب من جهة هذا الظهور و الانصراف (٦) كما أنّه إذا قال أدوا كذا مقدار خمسا أو زكاة ينصرف إلى الواجب عليه. فتحصل: أنّ- في صورة الشك في كون الموصى به واجبا حتى يخرج من أصل التركة، أو لا حتى يكون من الثلث- مقتضى الأصل الخروج من الثلث، لأنّ الخروج من الأصل موقوف على كونه واجبا، و هو غير معلوم، بل الأصل عدمه إلا إذا كان هناك انصراف، كما في مثل الوصية بالخمس أو الزكاة أو الحج و نحوها. نعم، لو كانت الحالة السابقة فيه هو الوجوب- كما إذا علم وجوب الحج عليه سابقا و لم يعلم أنّه أتى به أو لا- فالظاهر جريان الاستصحاب و الإخراج من الأصل، و دعوى: أنّ ذلك موقوف على ثبوت الوجوب عليه و هو فرع شكه، لا شك الوصيّ أو الوارث، و لا يعلم أنّه كان شاكا حين موته أو عالما بأحد الأمرين مدفوعة: بمنع اعتبار شكه، بل يكفي شك الوصي أو الوارث (۷) أيضا، و لا فرق في ذلك بين ما إذا أوصى أو لم يوص، فإنّ مقتضى أصالة بقاء اشتغال ذمته بذلك الواجب عدم انتقال ما يقابله من التركة إلى الوارث. و لكنه يشكل على ذلك الأمر في كثير من الموارد، لحصول العلم غالبا بأنّ الميت كان مشغول الذمة بدين، أو خمس، أو زكاة، أو حج أو نحو ذلك، الا أن يدفع بالحمل على الصحة (۸)، فإنّ ظاهر حال المسلم الإتيان بما وجب عليه، لكنّه مشكل في الواجبات الموسعة، بل في غيرها أيضا في غير الموقتة، فالأحوط في هذه الصورة الإخراج من الأصل (۹).
لوجوب العمل بالوصية مهما أمكن.
و مرّ الكلام فيه راجع [مسألة ۸] من (فصل الحج النذري).
إجماعا و نصوصا:
منها: خبر معاوية بن عمار: «في رجل مات و أوصى أن يحج عنه فقال (عليه السلام): إن كان صرورة يحج عنه من وسط المال، و إن كان غير صرورة فمن الثلاث»۱.
و في خبره الآخر قال: «سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن رجل مات و أوصى أن يحج عنه قال (عليه السلام) إن كان صرورة فمن جميع المال و إن كان تطوّعا فمن ثلثه»۲.
و معارض بما هو أكثر و أصح، و يكون بعضها شارحا لهذا الخبر، كخبر عمار عن الصادق (عليه السلام): «الميت أحقّ بماله ما دام فيه الروح يبين به، فان قال: بعدي فليس له إلا الثلث»۳ فيحمل إن أوصى به كله فهو جائز على ما نجزه في حياته دون الوصية المحضة بعد وفاته، و يمكن حمل كلام الرياض على الوصية بالواجب ككلام غيره ممن يظهر منه المخالف فلا مخالف حينئذ.
أي: ظهور اللفظ الواقع في الوصية في ذلك و لا ريب في حجية ظواهر الألفاظ.
تقدم في [مسألة ٥] من ختام الزكاة بعض الكلام و قد اختار الماتن هناك غير ما اختار في المقام فراجع و تأمل.
إن كان المراد بها ظاهر الحال كما فسرها فهو يختلف باختلاف الأشخاص. و إن كان المراد بها قاعدة الصحة المعروفة فتبني على جريانها فيما إذا شك في أصل الوجود أيضا كجريانها في صحة الموجود. أما الواجبات الموقتة، فتجري فيها قاعدة عدم اعتبار الشك بعد الوقت، و أما غير الموقتة- موسعة كانت أو غيرها فلا طريق لإحراز الإتيان إلا ظاهر الحال، و قاعدة الصحة. و الأولى لا كلية فيها بل تدور مدار حصول الاطمئنان من القرائن، و الثانية مبنية على جريانها في الشك في أصل الوجود.
بل الأحوط لكبار الورثة أن يخرجوا ذلك من سهامهم.
(مسألة ۲): يكفي الميقاتية (۱۰)، سواء كان الحج الموصى به واجبا أو مندوبا و يخرج الأول من الأصل، و الثاني من الثالث: إلا إذا أوصى بالبلدية، و حينئذ فالزائد عن أجرة الميقاتية في الأول من الثلث كما أنّ تمام الأجرة في الثاني منه.
لأصالة عدم وجوب الزائد عليه، و تقدم الكلام في [مسألة ۸۷] فراجع و حكم بقية المسألة واضح.
(مسألة ۳): إذا لم يعيّن الأجرة، فاللازم الاقتصار على أجرة المثل للانصراف إليها، و لكن إذا كان هناك من يرضى بالأقلّ منها وجب استئجاره (۱۱)، إذ الانصراف إلى أجرة المثل إنّما هو نفي الأزيد فقط (۱۲)، و هل يجب الفحص عنه لو احتمل وجوده؟ الأحوط ذلك، توفيرا على الورثة، خصوصا مع الظنّ بوجوده. و إن كان في وجوبه إشكال (۱۳) خصوصا مع الظن بالعدم، و لو وجد من يريد أن يتبرّع فالظاهر جواز الاكتفاء به، بمعنى: عدم وجوب المبادرة إلى الاستئجار بل هو المتعيّن (۱٤) توفيرا على الورثة، فإن أتى به صحيحا كفى، و الا وجب الاستئجار (۱٥) و لو لم يوجد من يرضي بأجرة المثل فالظاهر وجوب دفع الأزيد (۱٦) إذا كان الحج واجبا، بل و إن كان مندوبا أيضا مع وفاء الثلث و لا يجب الصبر إلى العام القابل و لو مع العلم بوجود من يرضى بأجرة المثل أو أقلّ بل لا يجوز، لوجوب المبادرة إلى تفريغ ذمة الميت في الواجب، و العمل بمقتضى الوصية في المندوب (۱۷) و إن عيّن الموصي مقدارا للأجرة تعيّن و خرج من الأصل في الواجب إن لم يزد على أجرة المثل، و الا فالزيادة من الثلث كما أنّ في المندوب كله من الثلث.
مع عدم رضاء الورثة بأجرة المثل، أو وجود الصغار فيهم و مع ذلك فالجزم بالوجوب مشكل، بل مقتضى الأصل عدمه.
مع أنّ الانصراف إنّما يعتنى به مع القرينة على الخلاف، و وجود من يقبل بالأقل قرينة على الخلاف فلا موضوع للانصراف إلا أن يقال: إنّ تعارف أجرة المثل عند الناس بمنزلة أمارة معتبرة و ليس من باب الانصراف، فلا يقدم عليه إلا ما كان أقوى منه و هو مفقود في المقام.
لأنّ المقام من الشبهات الموضوعية و ظاهرهم عدم وجوب الفحص فيها، مع أنّ الظن غير المعتبر كالعدم، مضافا إلى ما مرّ أنّ تعارف أجرة المثل كالأمارة المعتبرة، و لا وجه للتعدي عنها إلا بما هو أقوى منها، و الظاهر أنّ سيرة المتشرعة على عدم المداقة في مثل ذلك.
ظهر مما تقدم عدم دليل على تعينه، و مقتضى الأصل عدمه. نعم، هو الأحوط.
لأنّ المناط في الأعمال النيابية مطلقا إتيانها صحيحا لا مجرّد وقوع الإجارة عليها كما هو معلوم.
مقدمة لإتيان الواجب و العمل بالوصية.
بناء على وجوب المبادرة بالعمل بالوصية مطلقا حتى فيما لم يكن قرينة معتبرة في البين عليها و إلا فمقتضى الأصل عدم وجوب المبادرة. نعم، لا تجوز المسامحة حتى تصير في معرض الضياع. و يأتي في الوصية ما يرتبط بالمقام.
(مسألة ٤): هل اللازم في تعيين أجرة المثل الاقتصار على أقلّ الناس أجرة أو يلاحظ أجرة من يناسب شأن الميت في شرفه وضعته؟ لا يبعد الثاني (۱۸)، و الأحوط الأظهر الأول و مثل هذا الكلام يجري أيضا في الكفن الخارج من الأصل أيضا.
لأنّ مراعاة مثل هذه الأمور أهمّ عند نوع الناس من المحافظة على أصل المال خصوصا عند أهل الشرف و الفضيلة، و ربما بعد الاقتصار على الأقلّ عارا و منقصة. و منه يظهر أنّه لا وجه لكون الأول أظهر، و كذا الكلام في جميع ما يخرج من الأصل كالكفن و مؤن التجهيز.
(مسألة ٥): لو أوصى بالحج و عيّن المرّة أو التكرار بعدد معيّن تعيّن (۱۹)، و إن لم يعيّن كفى حج واحد (۲۰)، إلا أن يعلم أنّه أراد التكرار، و عليه يحمل ما ورد في الأخبار: من أنّه يحج عنه ما دام له مال كما في الخبرين، أو ما بقي من ثلثه شيء كما في ثالث (۲۱) بعد حمل الأولين على الأخير من إرادة الثلث من لفظ المال. فما عن الشيخ و جماعة، من وجوب التكرار ما دام الثلث باقيا ضعيف، مع أنّه يمكن أن يكون المراد من الأخبار: أنّه يجب الحج ما دام يمكن الإتيان به ببقاء شيء من الثلث بعد العمل بوصايا أخر، و على فرض ظهورها في إرادة التكرار- و لو مع عدم العلم بإرادته- لا بد من طرحها، لإعراض المشهور عنها، فلا ينبغي الإشكال في كفاية حج واحد مع عدم العلم بإرادة التكرار. نعم، لو أوصى بإخراج الثلث و لم يذكر إلا الحج، يمكن أن يقال بوجوب صرف تمامه في الحج، و كذا لو لم يذكر الا المظالم، أو إلا الزكاة، أو إلا الخمس. و لو أوصى أن يحج عنه مكرّرا كفى مرتان، لصدق التكرار معه.
لحجية ظاهر قوله، مضافا إلى ظهور الإجماع عليه.
للأصل، و لظهور الإطلاق المنطبق على صرف الطبيعة قهرا، و وجوب الزائد عليه يحتاج إلى دليل و هو مفقود.
أما الأولان فأحدهما خبر الأشعري: «قلت لأبي الحسن (عليه السلام):
جعلت فداك. إنّي سألت أصحابنا عما أريد أن أسألك عنه فلم أجد عندهم جوابا، و قد اضطررت إلى مسألتك. و إنّ سعد بن سعد أوصى إليّ فأوصى في وصيته حجوا عنّي مبهما و لم يفسر، فكيف أصنع؟ قال (عليه السلام): يأتي جوابي في كتابك.
فكتب لي: يحج عنه ما دام له مال يحمله»4.
و ثانيهما: خبر محمد بن الحسين قال لأبي جعفر (عليه السلام): «جعلت فداك قد اضطررت إلى مسألتك، فقال: هات. فقلت: سعد بن سعد أوصى حجوا عنّي مبهما و لم يسم شيئا، و لا ندري كيف ذلك؟ قال يحج عنه ما دام له مال»٥.
و الأخير: خبر بن خالد: «سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل أوصى أن يحج عنه مبهما. فقال: حج عنه ما بقي من ثلثه شيء»٦.
و فيه: أنّها مضافا إلى قصور السند، و إعراض الأصحاب عنها لا تصلح لإثبات حكم مخالف للأصل. فما نسب إلى الشيخ (رحمه اللّه)- و اختاره في الحدائق من التكرار تحصيلا لليقين بالبراءة، و اعتمادا على هذه الأخبار- لا وجه له، إذ الشك في أصل التكليف لا في الفراغ، و الأخبار موهونة بالضعف و الإعراض، فمقتضى الأصل و الإطلاق عدم وجوب الزائد ما لم يعلم التكرار. و لو أراد كبار الورثة ذلك من سهامهم فلهم ذلك، لأنّه خير محض بالنسبة إلى مورثهم.
(مسألة ٦): لو أوصى بصرف مقدار معيّن في الحج سنين معينة، و عيّن لكل سنة مقدارا معيّنا، و اتفق عدم كفاية ذلك المقدار لكل سنة، صرف نصيب سنتين في سنة، أو ثلاث سنين في سنتين مثلا، و هكذا لا لقاعدة الميسور، لعدم جريانها في غير مجعولات الشارع (۲۲) بل لأنّ الظاهر من حال الموصي إرادة صرف ذلك المقدار في الحج و كون تعيين مقدار كل سنة بتخيل كفايته، و يدل عليه أيضا خبر عليّ بن محمد الحصيني (۲۳)، و خبر إبراهيم ابن مهزيار: ففي الأول تجعل حجتين في حجة، و في الثاني تجعل ثلاث حجج في حجتين، و كلاهما من باب المثال (۲٤) كما لا يخفي.هذا، و لو فضل من السنين فضلة لا تفي بحجة، فهل ترجع ميراثا أو في وجوه البر أو تزاد على أجرة بعض السنين؟ وجوه (۲٥) و لو كان الموصى به الحج من البلد، و دار الأمر بين جعل أجرة سنتين مثلا لسنة، و بين الاستئجار بذلك المقدار من الميقات لكل سنة، ففي تعيين الأول أو الثاني، وجهان، و لا يبعد التخيير (۲٦)، بل أولوية الثاني الا أنّ مقتضى إطلاق الخبرين الأول. هذا كله إذا لم يعلم من الموصي إرادة الحج بذلك المقدار على وجه التقييد، و الا فتبطل الوصية (۲۷)، إذا لم يرج إمكان ذلك بالتأخير، أو كانت الوصية مقيدة بسنين معينة.
فيه أولا: أنّها من المرتكزات العقلائية في الجملة.
و ثانيا: يمكن كون مفادها في المقام من المجعولات الشرعية بدعوى: أنّ المقصود إنّما هو الحج بأيّ نحو تحقق و تعيّن المقدار بقدر معيّن إنّما هو من باب تعدد المطلوب، و تأتي الإشارة إليه في المتن.
الظاهر أنّه خبر ابن مهزيار قال: «كتب إليه عليّ بن محمد الحصيني: إنّ ابن عمّي أوصى أن يحج عنه بخمسة عشر دينارا في كل سنة و ليس يكفي. ما تأمرني في ذلك؟ فكتب (عليه السلام): يجعل حجتين في حجة فإنّ اللّه تعالى عالم بذلك»۷، و خبره الآخر: «كتبت إليه (عليه السلام): إنّ مولاك عليّ بن مهزيار أوصى أن يحج عنه من ضيعة- صير ربعها لك- في كل سنة حجة إلى عشرين دينارا و إنّه قد انقطع طريق البصرة فتضاعف المؤن على الناس فليس يكتفون بعشرين دينارا. و كذلك أوصى عدة من مواليك في حجهم. فكتب (عليه السلام) يجعل ثلاث حجج حجتين إن شاء اللّه»۸ و هما معتبران من حيث السند، كما اعترف به في الحدائق، و المستدرك. و عن ابن طاوس: إنّ إبراهيم بن مهزيار من السفراء فراجع، مع أنّ في الإجماع كفاية.
فيلحق بما ذكر فيهما غيرهما أيضا. و تتم الكلية التي تعرّض لها الفقهاء، و ادعوا تسالمهم عليها.
وجه الأول: أنّه مال لا مصرف معيّن له من الميت، فتشمله عموم ما تركه الميت فلوارثه.
و وجه الثاني: أنّ تعين الحج و المقدار كل منهما من باب تعدد المطلوب لكل بر يصل نفعه إلى الميت.
و وجه الأخير: أنّ تعين المقدار من باب تعدد المطلوب و الا فالمطلوب هو الحج بأيّ مقدار حصل و يأتي في [مسألة ۹] أنّ المتعيّن هو الوسط فيصرف في وجوه البر، و لو انطبق ذلك على زيادة أجرة الأجير في الحج في بعض السنين لجمع فيه الوجهان.
و يمكن اختلاف ذلك باختلاف الموارد و الأشخاص.
وجه الأول إطلاق الخبرين. و وجه الثاني أنّ تعدد الحج أولى من حجة واحدة مثلا. و وجه التخيير عدم ثبوت الترجيح بين الاحتمالين و لكن ذلك كله اجتهاد.
في مقابل النص، إذ مع وجود الإطلاق لا وجه للتخيير و لا الحج من الميقات.
أي: بالنسبة إلى الحج لتعذر العمل بها فيصرف المال في وجوه البر حينئذ.
ثمَّ إنّه مع بطلان الوصية لا مورد للتمسك بالخبرين كما لا يخفى.
(مسألة ۷): إذا أوصى بالحج و عيّن الأجرة في مقدار فإن كان الحج واجبا، و لم يزد ذلك المقدار عن أجرة المثل أو زاد و خرجت الزيادة من الثلث تعيّن (۲۸) و إن زاد و لم تخرج الزيادة من الثلث بطلت الوصية (۲۹). و يرجع إلى أجرة المثل و إن كان الحج مندوبا فكذلك تعيّن أيضا مع وفاء الثلث بذلك المقدار، و الا فبقدر وفاء الثلث، مع عدم كون التعيين على وجه التقييد و إن لم يف الثلث بالحج، أو كان التعيين على وجه التقييد بطلت الوصية، و سقط وجوب الحج (۳۰).
لوجود المقتضي و فقد المانع، فتشمله أدلة إنقاذ الوصية. و المراد بخروج الزيادة من الثلث وفاؤه بالزيادة مع عدم المزاحم.
مع عدم إمضاء كبار الورثة من سهامهم. و وجه بطلان الوصية حينئذ تعذر العمل بها فتبطل قهرا.
و تصرف في وجوه البر كما عرفت.
(مسألة ۸): إذا أوصى بالحج و عيّن أجيرا معيّنا تعيّن استئجاره بأجرة المثل، و إن لم يقبل إلا بالأزيد، فإن خرجت الزيادة من الثلث تعيّن أيضا، و الا بطلت الوصية و استؤجر غيره بأجرة المثل في الواجب مطلقا، و كذا في المندوب إذا و في به الثلث، و لم يكن على وجه التقييد و كذا إذا لم يقبل أصلا (۳۱).
ظهر مما تقدم وجه هذه المسألة، فلا مورد للتكرار.
(مسألة ۹): إذا عيّن للحج أجرة لا يرغب فيها أحد و كان الحج مستحبا بطلت الوصية إذا لم يرج وجود راغب فيها. و حينئذ فهل ترجع ميراثا، أو تصرف في وجوه البر (۳۲)، أو يفصل بين ما إذا كان كذلك من الأول فترجع ميراثا أو كان الراغب موجودا إذا طرأ التعذر؟ وجوه. و الأقوى هو الصرف في وجوه البر، لا لقاعدة الميسور، بدعوى: أنّ الفصل إذا تعذر يبقى الجنس- لأنّها قاعدة شرعية (۳۳) و إنّما تجري في الأحكام الشرعية المجعولة للشارع، و لا مسرح لها في مجعولات الناس، كما أشرنا إليه سابقا، مع أنّ الجنس لا يعد ميسورا للنوع (۳٤)، فمحلها المركبات الخارجية إذا تعذر بعض أجزائها و لو كانت ارتباطية- بل لأنّ الظاهر من حال الموصي (۳٥)- في أمثال المقام- إرادة عمل ينفعه، و إنّما عين خاصّا لكونه أنفع في نظره من غيره، فيكون تعيينه لمثل الحج على وجه تعدد المطلوب و إن لم يكن متذكرا لذلك حين الوصية. نعم، لو علم في مقام كونه على وجه التقييد في عالم اللب أيضا يكون الحكم فيه الرجوع إلى الورثة (۳٦) و لا فرق في الصورتين بين كون العذر طارئا أو من الأول (۳۷) و يؤيد ما ذكرنا: ما ورد من الأخبار في نظائر المقام، بل يدل عليه خبر عليّ بن سويد (۳۸) عن الصادق (عليه السلام) قال: «قلت مات رجل فأوصى بتركته أن أحج بها عنه، فنظرت في ذلك فلم تكف للحج فسألت من عندنا من الفقهاء فقالوا تصدق بها، فقال (عليه السلام) ما صنعت؟ قلت: تصدّقت بها. فقال (عليه السلام): ضمنت إلا أن لا تكون تبلغ أن يحج بها من مكة فأنت ضامن». و يظهر مما ذكرنا حال سائر الموارد التي تبطل الوصية لجهة من الجهات (۳۹)، هذا في غير ما إذا أوصى بالثلث و عيّن له مصارف و تعذر بعضها، و أما فيه فالأمر أوضح (٤۰)، لأنّه بتعيينه الثلث لنفسه أخرجه عن ملك الوارث بذلك فلا يعود إليه.
و هو الذي تقتضيه مرتكزات المتشرعة، و يستفاد من أخبار متفرّقة واردة في أبواب مختلفة.
تقدم أنّها في الجملة من المرتكزات العقلائية لا أن تكون تعبدية محضة.
ليس في المقام جنس و لا نوع حقيقيّ، بل نوع واحد و هو البر و جميع أنحاء البر داخل فيه و يكون من أفراده و العرف يساعد عليه أيضا، مع أنّ المناط صدق الميسور فمع صدقه تجري القاعدة و لو كان من الجنس و الفصل، و مع عدم الصدق لا تجري و لو كان في خصوصيات الفرد، و ذلك يختلف باختلاف الموارد.
هذا الظاهر أيضا مما يؤيد جريان قاعدة الميسور في المقام، و كذا ما في الأخبار، فعن ابن الريّان قال: «كتبت إلى أبي الحسن (عليه السلام) أسأله عن إنسان أوصى بوصية، فلم يحفظ الوصيّ إلا بابا واحدا، كيف يصنع بالباقي؟ فوقع (عليه السلام) الأبواب الباقية اجعلها في وجوه البر»۹.
لصدق أنّه مما تركه الميت فيشمله ما دل على أنّه لوارثه بعد عدم مورد للوصية، و عدم صحة التصرف في وجوه البر، لفرض تحقق التقييد الحقيقي، و عدم إرادة تعدد المطلوب.
لجريان «قاعدة الميسور» فيهما إن كان ذلك من باب تعدد المطلوب،و جريان «إنّ ما تركه الميت فهو لوارثه» إن كان بعنوان التقييد الحقيقي، و بطلان أصل الوصية، و عدم موضوع للصرف في وجوه البر.
لم نجد عليّ بن سويد فيما تفحصت في كتب الأحاديث، و نذكر تمام الحديث عن الكافي عن عليّ بن فرقد قال: «أوصى إليّ رجل بتركته و أمرني أن أحج بها عنه فنظرت في ذلك فإذا شيء يسير لا يكفي للحج فسألت أبا حنيفة، و فقهاء أهل الكوفة فقالوا: تصدق بها عنه فلما حججت لقيت عبد اللّه بن الحسن في الطواف، فسألته و قلت له: إنّ رجلا من مواليكم من أهل الكوفة مات و أوصى بتركته إليّ و أمرني أن أحج بها عنه فنظرت في ذلك فلم يكف للحج فسألت من قبلنا من الفقهاء فقالوا: تصدّق بها فتصدّقت بها فما تقول؟ فقال لي: هذا جعفر بن محمد في الحجر فأته و اسأله قال: فدخلت الحجر فإذا أبو عبد اللّه (عليه السلام) تحت الميزاب مقبل بوجهه على البيت يدعو ثمَّ التفت إليّ فرآني فقال (عليه السلام): ما حاجتك، قلت جعلت فداك إنّي رجل من أهل الكوفة من مواليكم فقال (عليه السلام): دع ذا عنك. حاجتك؟ قلت: رجل مات و أوصى بتركته أن أحج بها۱۰ .. كما في المتن-».
لكون الحكم مطابقا للقاعدة على كلا الفرضين من كون المقصود من باب تعدد المطلوب، و كونه من التقييد الحقيقي.
لحكم المتشرعة بأنّ ذلك من الوصية المعهودة، و يكون من تعدد المطلوب بحسب أنظارهم. و أما تعليل الماتن فهو مخدوش، لأنّه مع كون المورد من تعدد المطلوب يصرف في البر، مع بطلان الوصية، و مع كونه من التقييد الحقيقيّ يرجع إلى الورثة على أيّ حال.
(مسألة ۱۰): إذا صالحه على داره مثلا و شرط عليه أن يحج عنه بعد موته صح و لزم، و خرج من أصل التركة و إن كان الحج ندبيا، و لا يلحقه حكم الوصية (٤۱) و يظهر من المحقق القمّي (رحمه اللّه) في نظير المقام إجراء حكم الوصية عليه (٤۲)، بدعوى: أنّه بهذا الشرط ملك عليه الحج، و هو عمل له أجرة، فيحسب مقدار أجرة المثل لهذا العمل، فإن كانت زائدة عن الثلث توقف على إمضاء الورثة.و فيه: أنّه لم يملك عليه الحج مطلقا في ذمته ثمَّ أوصى أن يجعله عنه بل إنّما ملك بالشرط الحج عنه، و هذا ليس مالا تملكه الورثة (٤۳)، فليس تمليكا و وصية، و إنّما هو تمليك على نحو خاص (٤٤) لا ينتقل إلى الورثة. و كذا الحال إذا ملكه داره بمائة تومان مثلا (٤٥)، بشرط أن يصرفها في الحج عنه أو عن غيره، أو ملكه إيّاها بشرط أن يبيعها و يصرف ثمنها في الحج أو نحوه فجميع ذلك صحيح لازم من الأصل (٤٦) و إن كان العمل المشروط عليه ندبيا. نعم، له الخيار عند تخلف الشرط و هذا ينتقل إلى الوارث، بمعنى: أنّ حق الشرط ينتقل إلى الوارث فلو لم يعمل المشروط عليه بما شرط عليه يجوز للوارث أن يفسخ المعاملة (٤۷).
لأنّه تصرّف في ماله فعلا في حال حياته و تمليك فعليّ للغير مع الشرط.
و الوصية تمليك للمال بعد الممات و تصرف في ماله بعده.
الاحتمالات في مثل هذه الأمور أربعة: الأول أنّها تمليك فعليّ منجز و استفادة من المالك بماله في حياته في زمان الحياة و لا ربط لها بالوصية أصلا فيكون كبيع شيء في زمان الحياة لشخص بشرط أن يستغفر له بعد الممات.
الثاني: أنّها عبارة عن الوصية المحضة كسائر الوصايا المتعارفة.
الثالث: الشك في أنّها من أيّهما.
الرابعة: تركبها من التمليك الفعليّ و الوصية، و مقتضى التمليك الفعليّ عرفا هو الوجه الأول، و الثالث يكون بحكمه أيضا، لقاعدة السلطنة بعد ظهور التمليك في الفعلية و عدم جواز التمسك بأدلة الوصية، لأنّه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية. و أما الأخير فله أقسام: فتارة: ترد الوصية على التمليك الفعلي.
و أخرى: بالعكس. و ثالثة: يكونان في عرض واحد.
و في الأولى: يجري عليه حكم التمليك الفعلي و لا حق للورثة فيه، و كذا في الأخيرة لقاعدة السلطنة بعد صدق التمليك الفعلي فيه أيضا، و عدم جواز التمسك بأدلة الوصية، لأنّه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.
و أما الثانية: فمقتضى أصالة بقاء الوصية بعد حدوثها إجراء حكم الوصية عليه، للشك في أنّ هذا النحو من التمليك اللاحق لها يخرجها عن حقيقة الوصية أم لا.
ثمَّ إنّه يمكن أن يجعل النزاع بين المحقق القمي (رحمه اللّه) و غيره صغرويا، لاتفاقهما على أنّه ليست من الوصية إن كان تمليكا فعليا بالشرط، و يكون منها إن كان عهدا إليه بالحج مثلا، و ذلك يختلف باختلاف الموارد و التعبيرات و سائر الخصوصيات.
لتحقق التمليك بالغير في ظرف الحياة، و تخصص نفس المورّث به، و استفادة عوض ماله لنفسه، فالمراد بقوله (رحمه اللّه): ليس مالا أي: المالية الخاصة التي تكون مورد إرث الورثة لا نفي أصل المالية رأسا، و الشك في كونه مما تركه الميت يكفي في عدم شمول أدلة الإرث له، لكون التمسك بها حينئذ من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.
التمليك الفعلي متحقق قطعا و هو صحيح، لقاعدة السلطنة، و كونه من الوصية مشكوك فلا تشمله أدلتها، لكونه من التمسك بالدليل في الموضوع المشكوك، بل يشكل التمسك بأدلة الإرث أيضا، لأنّه يعد مثل ذلك نحو استفادة من المالك بماله في حياته فقد استوفى عوض ماله، فلم يبق شيء للورثة حتى يدخل في ملكهم بأدلة الإرث.
لجريان جميع ما تقدم فيه أيضا، و عدم صحة التمسك بأدلة الوصية و الإرث.
و توهم: أنّ هذا الشرط عهد منه و العهد هو الوصية كما يأتي في كتاب الوصية (مدفوع)- أولا: بعد كون الشرط هو العهد بل إنّما هو الإلزام و التثبت. و ثانيا: على فرض كونه عهدا فليس كل عهد هو الوصية.
أما الصحة، فلقاعدة السلطنة. و أما اللزوم فلأصالة اللزوم فيما يملك.
و أما عدم الانتقال إلى الورثة و عدم كونه من الوصية فيكفي في عدم ترتب آثارهما الشك في كونه من مواردهما، مضافا إلى الصدق العرفي في عدم كونه منهما، و أنّه استفادة من المالك بماله و استيفاء عوض ملكه.
يمكن أن يقال: إنّه لا ينتقل هذا الحق إلى الورثة، لأنّه شرط عليهم لا أن يكون لهم، فقد قطع سلطنتهم المورث عن هذا المال، بل هو من شؤون الحاكم الشرعي من باب ولاية الحسبة، فالأحوط للورثة الرجوع إليه.
(مسألة ۱۱): لو أوصى بأن يحج عنه ماشيا أو حافيا صح، و اعتبر خروجه من الثلث إن كان ندبيا، و خروج الزائد عن أجرة الميقاتية عنه إن كان واجب (٤۸) و لو نذر في حال حياته أن يحج ماشيا أو حافيا، و لم يأت به حتى مات، و أوصى به أو لم يوص، وجب الاستئجار عنه من أصل التركة (٤۹) كذلك. نعم، لو كان نذره مقيّدا بالمشي ببدنه أمكن أن يقال: بعدم وجوب الاستئجار عنه، لأنّ المنذور هو مشيه ببدنه، فيسقط بموته، لأنّ مشي الأجير ليس ببدنه ففرق بين كون المباشرة قيدا في المأمور به أو موردا (۵۰).
أما أصل صحة مثل هذه الوصية، فلعموماتها، و إطلاقاتها. و أما الخروج من الثلث في المندوب مع عدم إجازة الورثة فلأنّه من خصوصيات الوصية في غيرالواجب المالي، كما يأتي في محله، و كذا خروج ما به التفاوت مطلقا، فإنّه يخرج من الثلث، لعدم كونه من الواجب المالي بل هو تبرعيّ محض.
لما تقدم من أنّ الحج الواجب بالنذر يخرج من الأصل.
الأقسام خمسة:
فتارة يكون المشي مقيدا بنفسه فقط فلا يجب الاستئجار حينئذ.
و أخرى: يكون مطلوبا بنفسه أعمّ من بدنه و أجيره فيجب القضاء حينئذ ماشيا.
و ثالثة: يكون طريقا محضا للوصول إلى الحج و لا مطلوبية له في نفسه أصلا لا لنفسه و لا بنفسه، و الظاهر جواز الاستئجار راكبا حينئذ أيضا.
و رابعة: يشك في أنّه من أيّ الأقسام مع إحراز وجوب الحج و أصل الحج حينئذ واجب و الكيفية مشكوكة فيرجع فيها إلى البراءة.
و خامسة: يشك في أنّه بالنسبة إلى أصل الحج من أيّ الأقسام و الظاهر عدم وجوب الاستئجار أصلا، لاحتمال أن يكون من القسم الأول، فيكون الشك في أصل التكليف، و تجري أصالة البراءة. و الأحوط لكبار الورثة الاستئجار من سهامهم.
(مسألة ۱۲): إذا أوصى بحجتين أو أزيد: و قال: إنّها واجبة عليه، صدق، و تخرج من أصل التركة (۵۱). نعم، لو كان إقراره بالوجوب عليه في مرض الموت، و كان متهما في إقراره، فالظاهر أنّه كالإقرار بالدّين فيه، في خروجه من الثلث إذا كان متهما على ما هو الأقوى (۵۲).
لسيرة المتشرعة بل العقلائية على القبول في الأخبار بما يتعلق بالنفس مطلقا، و ظاهرهم الإجماع عليه، و يشمله عموم إقرار العقلاء على أنفسهم جائز.
و الإشكال عليه بأنّه موجب لضياع حق الورثة (مدفوع) بأنّه لا بأس به كما في إقرار المفلس بعد الحجر عليه بدين سابق، و كما في الإقرار في مرض الموت مع عدم الاتهام، و السرّ فيه أنّ حق الورثة لا اقتضائيّ و الإقرار الجامع للشرائط اقتضائيّ فلا تنافي بينهما، و يأتي في كتاب الحجر، و الإقرار، و الوصية ما ينفع المقام.
لأنّ وجود الاتهام يوجب الشك في اعتباره. هذا الإقرار إلا في المتيقن من مورده و هو الثلث.
(مسألة ۱۳): لو مات الوصيّ بعد ما قبض من التركة أجرة الاستئجار، و شك في أنّه استأجر الحج قبل موته أو لا؟ فإن مضت مدّة يمكن الاستيجار فيها، فالظاهر حمل أمره على الصحة مع كون الوجوب فوريا منه (۵۳)، و مع كونه موسعا إشكال (٥٤) و إن لم تمض مدّة يمكن الاستئجار فيها وجب الاستئجار من بقية التركة إذا كان الحج واجبا، و من بقية الثلث إذا كان مندوبا (۵۵) و في ضمانه لما قبض و عدمه- لاحتمال تلفه عنده بلا ضمان- وجهان (۵۶). نعم، لو كان المال المقبوض موجودا أخذ حتى في الصورة الأولى، و إن احتمل أن يكون استأجر من مال نفسه إذا كان مما يحتاج إلى بيعه و صرفه في الأجرة، و تملك ذلك المال بدلا عما جعله أجرة، لأصالة بقاء ذلك المال على ملك الميت (۵۷).
لقاعدة الصحة. و ما يقال: من أنّه يعتبر في مجراها صدور فعل منه و مع عدمه فلا مجرى لها (مدفوع):
أولا: إنّ مقتضى بعض الإطلاقات عدم اعتباره.
و ثانيا: قبض الوصي المال- بعنوان الوفاء بالوصية- فعل صدر منه خصوصا مع كون الوجوب فوريا فيحمل على الصحة. و لكن هذا الحكم على إطلاقه مشكل جدّا خصوصا في هذه الأزمنة التي استولى الفساد على أهلها فمن أحسن الظن بأحد فقد غرّر كما في الخبر۱۱.
و يمكن أن يجعل هذا النزاع لفظيا فمن يقول بعدم اعتبار صدور الفعل أي:
إذا حصل الوثوق من سائر القرائن. و من يقول بالاعتبار أي: إذا كان طريق حصول الوثوق منحصرا به.
من أنّ مقتضى ظاهر حال المسلم المبادرة إلى أداء حقوق الناس مطلقا.
و من أنّ التوسعة قرينة على عدم المبادرة بلا محذور في التأخير، فلا يتحقق مورد الحمل على الصحة.
أما أصل وجوب الاستئجار، فلوجوب العمل بالوصية مطلقا. و أما كونه من بقية التركة في الحج الواجب، فلخروجه من الأصل، و أما في المندوب، فيخرج من الثلث كما هو واضح معلوم.
من عموم على اليد. و من أصالة البراءة بعد عدم جريان قاعدة اليد من جهة الاستئمان في الإجارة و يأتي منه (رحمه اللّه) في المسألة التالية عدم الضمان، و يأتي في أحكام المعاملات أنّ التضمين ينافي التأمين مطلقا.
مع إحراز عدم الإتيان بالحج يكون المال مال الميت. و أما مع الشك في الإتيان بالحج و حمل أمره على الصحة و الحكم بوقوع الحج بحسب الظاهر فلا وجه لكون المال باقيا على ملك الميت، لعدم جريان أصالة بقاء المال على ملكه مع وجود الأصل الموضوعي في البين و هو الحمل على الصحة.
إن قلت: إن المفروض توقف الحج على التصرف في المال و مع عدمه يحرز عدم الإتيان بالحج.
(قلت): هذا غير الصورة الأولى لأنّها فيما إذا شك في الإتيان به، و هذا صورة إحراز عدم الإتيان به فالأقسام ثلاثة:
فتارة: أحرز الإتيان بالحج بحسب القرائن و لا ريب في خروج المال عن ملك الميت. و أخرى: يشك فيه، و مقتضى جريان أصالة الصحة أنّ حكمه حكم القسم الأول. و ثالثة: يحرز بحسب القرائن عدم الإتيان به و لا ريب في بقاء المال على ملك الميت.
(مسألة ۱٤): إذا قبض الوصيّ الأجرة و تلفت في يده بلا تقصير لم يكن ضامنا و وجب الاستئجار من بقية الثلث و إن اقتسمت على الورثة استرجع منهم (۵۸). و إن شك في كون التلف عن تقصير أو لا، فالظاهر عدم الضمان أيضا (۵۹) و كذا الحال إن استؤجر و مات الأجير و لم يكن له تركة، أو لم يمكن الأخذ من ورثته (۶۰).
أما عدم الضمان، فلأنّه أمين و لا معنى لتضمين الأمين. و أما وجوب الاستئجار، فلوجوب العمل الوصية، و أما الاسترجاع فلانكشاف بطلان القسمة و عدم انتقال تمام المال إلى الورثة.
لظهور حال المسلم في عدم التقصير، و أصالة البراءة عن الضمان.
فمع كون التلف بلا تقصير لا ضمان في البين، لأنّه أمين كانت له تركة أو لا، أمكن الأخذ من ورثته أو لا، و كذا مع الشك في تقصيره، لأصالة البراءة عن الضمان. نعم، إن علم تقصيره يؤخذ من تركته. و مع عدم تركة له أو عدم إمكان الأخذ من ورثته وجب الاستئجار من بقية تركة الموصي أو بقية ثلثه.
(مسألة ۱٥): إذا أوصى بما عنده من المال للحج ندبا، و لم يعلم أنّه يخرج من الثلث أو لا، لم يجز صرف جميعه (۶۱). نعم، لو ادعى أنّ عند الورثة ضعف هذا أو أنّه أوصى سابقا بذلك و الورثة أجازوا وصيته، ففي سماع دعواه و عدمه وجهان (۶۲).
لاحتمال كونه زائدا على الثلث، فيتوقف على إجازة الورثة. نعم، لو كان الموصي متوجها إلى هذه الجهة و مع ذلك أوصى بما عنده من المال يحمل فعله على الصحة حينئذ.
من أنّه دعوى بالنسبة إلى الورثة فلا تسمع إلا بالبينة. و من أنّه إخبار بما في يده فيسمع، و الحق أنّه بالنسبة إلى عمل الوصي مسموع. و أما بالنسبة إلى الورثة فلا بد من المحاكمة عند الحاكم الشرعي.
(مسألة ۱٦): من المعلوم أنّ الطواف مستحب مستقلا (۶۳) من غير أن يكون في ضمن الحج، و يجوز النيابة فيه عن الميت، و كذا عن الحيّ إذا كان غائبا عن مكة (6٤)، أو حاضرا و كان معذورا في الطواف بنفسه (65) و أما مع كونه حاضرا و غير معذور فلا تصح النيابة عنه (66). و أما سائر أفعال الحج فاستحبابها مستقلا غير معلوم حتى مثل السعي بين الصفا و المروة (67).
للنصوص، و الإجماع قال أبو عبد اللّه (عليه السلام) في صحيح ابن عمار:
«إنّ اللّه تعالى جعل حول الكعبة عشرين و مائة رحمة، منها ستون للطائفين»۱۲.
نصّا، و إجماعا قال أبو عبد اللّه (عليه السلام) في خبر أبي بصير: «من وصل أبا أو ذا قرابة له، فطاف عنه، كان له أجره كاملا، و للذي طاف عنه مثل أجره، و يفضل هو- بصلته إياه- بطواف آخر»۱۳ و عقد في الوسائل في الطواف عن المعصومين (عليهم السلام) أحياء و أمواتا بابا فراجع۱4، و عن ابن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام): «أطوف عن الرجل و المرأة و هما بالكوفة قال (عليه السلام):
نعم»۱٥.
إجماعا، و نصوصا قال أبو عبد اللّه (عليه السلام) في صحيح حريز:
«المريض المغلوب، و المغمى عليه يرمى عنه و يطاف عنه»۱٦.
و صحيح معاوية بن عمار: «و المبطون يرمى، و يطاف عنه، و يصلّى عنه»۱۷.
و في خبر الخثعمي۱۸ عن أبي عبد اللّه (عليه السلام): «أمر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) أن يطاف عن المبطون، و الكسير» إلى غير ذلك من الروايات و يأتي التفصيل في أحكام الطواف.
للنص، و الإجماع ففي مرسل ابن أبي نجران عن الصادق (عليه السلام) قال: «قلت له: الرجل يطوف عن الرجل و هما مقيمان بمكة قال (عليه السلام) لا، و لكن يطوف عن الرجل و هو غائب عن مكة، قال: قلت و كم مقدار الغيبة؟ قال (عليه السلام): عشرة أميال»۱۹.
و في خبر ابن عبد الخالق قال: «كنت إلى جنب أبي عبد اللّه (عليه السلام) و عنده ابنه عبد اللّه، و ابنه الذي يليه، فقال له رجل: أصلحك اللّه تعالى يطوف الرجل عن الرجل و هو مقيم بمكة ليس به علة؟ فقال (عليه السلام): لا، لو كان ذلك يجوز لأمرت ابني فلانا فطاف عنّي. سمّى الأصغر و هما يسمعان»۲۰، فيقيد بذلك إطلاق ما دل على صحة النيابة في الطواف.
لأصالة عدم الاستحباب، و أصالة عدم المشروعية بقصده، و لكن الظاهر أنّ الأضحية مستحبة نفسا، لقول أبي جعفر (عليه السلام): «الأضحية واجبة على من وجد من صغير أو كبير و هي سنة»۲۱.
و عن عليّ (عليه السلام) في خبر ابن هاني: «لو علم الناس ما في الأضحية لاستدانوا و ضحوا إنّه ليغفر لصاحب الأضحية عند أول قطرة تقطر من دمها»۲۲.
و أما السعي فظاهرهم عدم الاستحباب النفسي فيه إلا في مورد واحد و هو ما إذا علم أنّه سعى ثمانية أشواط فإنّه يستحب أن يضيف إليها ستا و يمكن أن يستفاد من بعض الأخبار رجحانه، كقول رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) في خبر ابن قيس لرجل من الأنصار: «إذا سعيت بين الصفا و المروة كان لك عند اللّه تعالى أجر من حج ماشيا من بلاده، و مثل أجر من أعتق سبعين رقبة مؤمنة»۲۳.
و عن أبي بصير قال: «سمعت أبا عبد اللّه (عليه السلام) يقول: ما من بقعة أحبّ إلى اللّه تعالى من المسعى، لأنّه يذل فيه كل جبار»۲4 لو لم يحمل ذلك كله على السعي الواجب.
(مسألة ۱۷): لو كان عند شخص وديعة، و مات صاحبها و كان عليه حجة الإسلام، و علم أو ظنّ (68) أنّ الورثة لا يؤدون عنه إن ردها إليهم، جاز بل وجب أن يحج بها (69) عنه، و إن زادت أجرة الحج رد الزيادة إليهم لصحيحة بريد: «عن رجل استودعني مالا فهلك، و ليس لوارثه شيء و لم يحج حجة الإسلام قال (عليه السلام): حج عنه و ما فضل فأعطهم» و هي و إن كانت مطلقة الا أنّ الأصحاب قيّدوها بما إذا علم أو ظنّ بعدم تأديتهم لو دفعها إليهم (70) و مقتضى إطلاقها عدم الحاجة إلى الاستئذان (71) من الحاكم الشرعيّ (72). و دعوى: أنّ ذلك للإذن من الإمام (عليه السلام) كما ترى، لأنّ الظاهر من كلام الإمام (عليه السلام) بيان الحكم الشرعيّ، ففي مورد الصحيحة لا حاجة إلى الإذن من الحاكم و الظاهر عدم الاختصاص بما إذا لم يكن للورثة شيء و كذا عدم الاختصاص بحج الودعي بنفسه، لانفهام الأعمّ من ذلك (73) منها، و هل يلحق بحجة الإسلام غيرها من أقسام الحج الواجب أو غير الحج من سائر ما يجب عليه مثل: الخمس و الزكاة، و المظالم، و الكفارات، و الدّين أو لا؟. و كذا هل يلحق بالوديعة غيرها مثل: العارية، و العين المستأجرة، و المغصوبة، و الدّين في ذمته أو لا؟ وجهان قد يقال بالثاني (7٤)، لأنّ الحكم على خلاف القاعدة (75) إذا قلنا إنّ التركة مع الدّين تنتقل إلى الوارث، و إن كانوا مكلّفين بأداء الدّين و محجورين عن التصرف قبله بل و كذا على القول ببقائها معه على حكم مال الميت، لأنّ أمر الوفاء إليهم فلعلّهم أرادوا الوفاء من غير هذا المال، أو أرادوا أن يباشروا العمل الذي على الميت بأنفسهم (76)، و الأقوى مع العلم بأنّ الورثة لا يؤدون بل مع الظن القويّ أيضا جواز الصرف فيما عليه (77) لا لما ذكره في المستند: من أنّ وفاء ما على الميت- من الدّين أو نحوه- واجب كفائيّ على كل من قدر على ذلك، و أولوية الورثة بالتركة إنّما هي ما دامت موجودة، و أما إذا بادر أحد إلى صرف المال فيما عليه لا يبقى مال حتى تكون الورثة أولى به إذ هذه الدعوى فاسدة جدّا (78)، بل لإمكان فهم المثال من الصحيحة. أو دعوى تنقيح المناط أو أنّ المال إذا كان بحكم مال الميت فيجب صرفه عليه، و لا يجوز دفعه إلى من لا يصرفه عليه، بل و كذا على القول بالانتقال إلى الورثة، حيث أنّه يجب صرفه في دينه (79)، فمن باب الحسبة (80) يجب على من عنده صرفه عليه، و يضمن لو دفعه إلى الوارث لتفويته على الميت. نعم، يجب الاستئذان من الحاكم (81)، لأنّه من وليّ من لا وليّ له (82)، و يكفي الإذن الإجماليّ (83)، فلا يحتاج إلى إثبات وجوب ذلك الواجب عليه، كما قد يتخيّل. نعم، لو لم يعلم، و لم يظن عدم تأدية الوارث يجب الدفع إليه (8٤) بل لو كان الوارث منكرا أو ممتنعا، و أمكن إثبات ذلك عند الحاكم، أو أمكن إجباره عليه، لم يجز لمن عنده أن يصرفه بنفسه (85).
المراد على حصول الاطمئنان العادي. و بذلك يمكن أن يجمع بين كلمات من عبّر بالعلم و من عبّر بالظن من الفقهاء، إذ ليس المراد بالظن أي ظن و لو لم يكن معتبرا.
البحث في هذه المسألة تارة: بحسب القاعدة. و أخرى: بحسب الدليل الخاص. أما بحسب القاعدة فيجوز في ظرف امتناع الورثة عن الأداء، لأنّه إحسان محض وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ۲٥، و ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ۲٦، و قوله (عليه السلام): «اللّه في عون المؤمن ما دام المؤمن في عون أخيه»۲۷ بلا فرق فيه بين جميع الحقوق الواجبة المالية حجا كان أو غيره، كما لا فرق فيه بين بقاء التركة على ملك الميت. أو انتقالها إلى الورثة.
أما على الأول: فلا إشكال فيه للقطع برضاء الميت به و كذا على الثاني، لأنّ الانتقال إليهم في مقدار دين الميت لا موضوعية فيه أبدا، بل هو طريق لتفريغ ذمة الميت لأجل كونهم أولى به، فإذا علم امتناعهم لا معنى لمراعاة حق، أولويتهم، مع أنّ هذه الأمور مورد رضاء جميع الورّاث بالنسبة إلى مورثهم نوعا، و من لم يرض منهم بها خارج عن المتعارف. و يمكن دعوى عدم شمول ما دل على اعتبار رضاء الورثة لما هو خارج عن المتعارف بالنسبة إلى الحقوق الواجبة على الميت، و التمسك بإطلاق الأدلة في مثله تمسك بالعام في الموضوع المشكوك، كما أنّ مقتضى أنّه إحسان محض عدم الاحتياج إلى إذن الحاكم خصوصا مع إطلاق ما تقدم من الآية و الرواية. نعم، لو احتمل صيرورة ذلك منشأ للحجاج و الخصومة يحتاج حينئذ إلى إذن الحاكم، لأنّ إذنه قاطع لها و بذلك يمكن أن يجمع بين الكلمات.
و أما الثاني: فهو صحيح بريد عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «سألته عن رجل .. إلخ- كما في المتن»۲۸ و هو موافق لما قلناه من القاعدة أيضا فلا مجال للمناقشة في المسألة، مع أنّه يظهر منهم الإجماع على الحكم في الجملة فأصل الجواز مسلّم، و أما الوجوب فلظاهر الأمر في صحيح بريد، و احتمال كونه في مقام توهم الحظر لا يعتنى به، لأنّه مجرّد الاحتمال الذي يكون خلاف الظاهر.
و يمكن منع إطلاق الصحيح أيضا، فإنّه لو علم منهم الأداء لا وجه لسؤال ذلك عن الإمام (عليه السلام) خصوصا مثل بريد الذي هو من الفضلاء الأعيان، بل يبادرون بفطرتهم إلى إعطاء المال إلى الورثة و لا يتحمّلون مشقة الاستنابة، فالتقييد بالاطمئنان بعدم الأداء سياقيّ عرفيّ و لا نحتاج إلى تقييد الأصحاب و دعوى الإجماع عليه.
إلا في مورد معرضية المورد للخصومة و اللجاج فيحتاج إلى الإذن لقطع ذلك عما بينهم.
فرع: لو كان للميت أموال عند جمع و علم كل منهم بعدم أداء الورثة حج ميتهم و حج كل واحد منهم عن الميت مع عدم اطلاعه على غيره فهل يصح حج كلهم نيابة أو يستخرج بالقرعة؟ الظاهر هو الأخير، و حينئذ يجب على البقية رد المال إلى الورثة.
لا منافاة بين كونه بيانا للحكم و إذنا أيضا، و لو لم يكن هذا إذنا، فقوله تعالى وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ، و قوله (عليه السلام): «اللّه في عون المؤمن ما دام المؤمن في عون أخيه»۲۹ إذن من الشارع في الإحسان المحض.
و التعميم موافق للقاعدة التي ذكرناها، و يشهد له الاعتبار أيضا.
و الظاهر أنّ ذكر جملة: «ليس لوارثه شيء» التي في الصحيح لأجل القرينة على أنّه لو أعطى المال إليهم يتملكون المال و يؤخر الحج، مع أنّ المدار على إطلاق كلام الإمام (عليه السلام) لا الخصوصيات المأخوذة في السؤال.
إن قيل: إذا كان الحكم موافقا للقاعدة فليكن جائزا في صورة عدم الاطمئنان بعدم الأداء أيضا (يقال): أصل موافقته للقاعدة في ظرف امتناع الورثة، كما مرّ.
حكي ذلك في المستند عن جمع. و حكي خلافه عن آخرين أيضا.
لا نسلّم أنّه على خلاف القاعدة مع إحراز امتناع الورثة بل هو مطابق لقاعدة: «ما على المحسنين من سبيل».
الأقسام ثلاثة:
فتارة: يعلم من بيده المال بعدم إرادة الورثة لخصوصية خاصة في الأداء لو كانوا في مقام تفريغ ذمة ميتهم عما عليه، بل يكون نظرهم إلى أصل تفريغ الذمة فقط و أخرى: لا يعلم بذلك، و ثالثة: يعلم بلحاظهم الخصوصية، و لا إشكال في الجواز في الأول، و كذا الثاني، لأنّ مقتضى الفطرة الإسلامية و الرحمة لمورثهم كون نظرهم إلى تفريغ ذمته فقط، و مقتضى الأصل عدم نظر آخر لهم غير ذلك. و في الأخير يحتاج إلى مراجعة الحاكم الشرعي.
لما مرّ من أنّه إحسان محض، و موافق للقاعدة في هذه الصورة.
لأنّ الوجوب الكفائيّ لا ينافي التوقف على الإذن كما في غسل الميت و الصلاة عليه، و تقدم في أحكام الأموات ما ينفع المقام، و لكن يمكن أن يكون مراد صاحب المستند ما ذكرناه و إن قصرت عبارته عنه.
و يشهد بذلك العرف و الاعتبار، بل وجد أنّ المتشرّعة من الورثة، و يمكن أن يستفاد من موثق ابن صهيب عن أبي عبد اللّه (عليه السلام): «في رجل فرّط في إخراج زكاته في حياته، فلما حضرته الوفاة حسب جميع ما فرّط فيه مما لزمه من الزكاة، ثمَّ أوصى أن يخرج ذلك فيدفع إلى من يجب له فقال (عليه السلام): جائز، يخرج ذلك من جميع المال. إنّما هو بمنزلة دين لو كان عليه، ليس لوارثه شيء حتى يؤدوا ما أوصى به من الزكاة»۳۰.
و خبر يحيى الأزرق: «عن رجل قتل و عليه دين و لم يترك مالا، فأخذ أهله الدية من قاتله، عليهم أن يقضوا دينه؟ قال (عليه السلام): نعم. قلت: و هو لم يترك شيئا قال (عليه السلام): إنّما أخذوا الدية فعليهم أن يقضوا دينه»۳۱.
الأمور الحسبة هي التي لا بد من تحققها خارجا. و لكن بعضها منوط بإذن شخص خاص كما في المقام، و مع امتناع إذنه لا يسقط أصل إتيانه فيباشره كل من قدر عليه، لكون إذن الشخص من باب تعدد المطلوب لا المقوّم الحقيقي.
فيما إذا كان الموضوع معرضا عرفا للخصومة و اللجاج. و في غيره مقتضى الأصل عدم الوجوب بعد عدم دليل عليه.
روي عن النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله): «السلطان وليّ من لا وليّ له»۳۲ و ينطبق ذلك على الحاكم الشرعي، لأنّه السلطان الواقعي، و يقتضيه مرتكزات المتشرّعة أيضا.
لأصالة البراءة عن الزائد عليه.
لأصالة عدم جواز تصرفه فيه إلا بإذن من له حق الإذن.
لو لم نقل بسقوط ولايته مع الامتناع و إلا لجاز. و طريق الاحتياط الرجوع إلى الحاكم الشرعي.
(مسألة ۱۸): يجوز للنائب- بعد الفراغ عن الأعمال للمنوب عنه- أن يطوف عن نفسه و عن غيره. و كذا يجوز له أن يأتي بالعمرة المفردة عن نفسه و عن غيره (86).
كل ذلك لإطلاق أدلة استحبابها الشامل للنائب أيضا، و في خبر يحيى الأزرق قلت: «لأبي الحسن (عليه السلام): الرجل يحج عن الرجل، يصلح له أن يطوف عن أقاربه؟ فقال (عليه السلام): إذا قضى مناسك الحج فليصنع ما شاء»۳۳.
(مسألة ۱۹): يجوز لمن أعطاه رجل مالا لاستئجار الحج أن يحج بنفسه (87)، ما لم يعلم أنّه أراد الاستئجار من الغير و الأحوط عدم مباشرته (88)، الا مع العلم بأنّ مراد المعطي حصول الحج في الخارج (89) و إذا عيّن شخصا تعيّن (90)، إلا إذا علم عدم أهليته و أنّ المعطي مشتبه في تعيينه أو أنّ ذكره من باب أحد الأفراد (91).
لأنّ استيجار الحج أعمّ من استئجار نفسه و غيره فيشمل إطلاق عقد الإجارة لنفسه أيضا.
للانصراف البدوي إلى إجارة الغير، و لكنّه لا اعتبار بالانصرافات البدوية و إن صلحت للاحتياط.
للعلم بعدم الفرق بين نفسه و بين غيره حينئذ.
لعموم ما دل على الوفاء بالعقد و الشرط.
كل ذلك لإحراز عدم الموضوعية في تعيينه حينئذ بل كان خطأ محضا في الأول.
- الوسائل باب: ۲٥ من أبواب وجوب الحج حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۲٥ من أبواب وجوب الحج حديث: ٦.
- الوسائل باب: ۱۱ من أبواب الوصايا حديث: ۱.
- ورد في الوسائل باب: ۱٦ من أبواب النيابة في الحج ملحق حديث: ۱ مع اختلاف بسيط.
- الوسائل باب: 4 من أبواب النيابة في الحج حديث: ۱.
- الوسائل باب: 4 من أبواب النيابة في الحج حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۳ من أبواب النيابة في الحج حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۳ من أبواب النيابة في الحج حديث: ۲.
- الوسائل باب: ٦۱ من أبواب الوصايا حديث ۱.
- الوسائل باب: ۳۷ من أبواب الوصايا، و في الوافي ج ۱۳ صفحة: ۱٦.
- نهج البلاغة باب المختار: ۱۱4.
- الوسائل باب: 4 من أبواب الطواف حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۱۸ من أبواب النيابة في الحج حديث: ۲.
- راجع الوسائل باب: ۲٦ من أبواب النيابة في الحج.
- الوسائل باب: ۱۸ من أبواب النيابة في الحج حديث: ۱.
- الوسائل باب: 4۹ من أبواب الطواف حديث: ۱.
- الوسائل باب: 4۹ من أبواب الطواف حديث: ٦.
- الوسائل باب: 4۹ من أبواب الطواف حديث: ٥.
- الوسائل باب: ۱۸ من أبواب وجوب الحج حديث: ۳.
- الوسائل باب: ٥۱ من أبواب الطواف حديث: ۱.
- ورد في الوسائل باب: ٦۰ من أبواب الذبح حديث: ۳.
- الوسائل باب: ٦4 من أبواب الذبح حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب السعي حديث: ۱٥.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب السعي حديث: ۱4.
- سورة آل عمران، الآية ۱4۸.
- سورة التوبة، الآية ۹۱.
- الوسائل باب: ۲۹ من أبواب فعل المعروف حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۱۳ من أبواب النيابة في الحج حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۲۹ من أبواب فعل المعروف حديث: ۲.
- الوسائل باب: 4۰ من أبواب الوصايا حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۳۱ من أبواب الوصايا حديث: ۱.
- مستدرك الوسائل باب: ٦4 من أبواب الوصايا حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۲۱ من أبواب النيابة في الحج حديث: ۱.