البحث في هذا القسم من الجهاد في جهات:
الأولى: في أصل وجوبه و يمكن أن يستدل عليه بالأدلة الأربعة:
فمن الكتاب بآية النهي عن إلقاء النفس في التهلكة و نحوها۱.
و من السنة ما ورد في وجوب المدافعة مع المحارب الشخصي۲، فيدل على وجوبها مع النوعي بالأولى و يأتي في الحدود بعض الكلام.
و من الإجماع إجماع فقهاء المسلمين بل جميع العقلاء.
و من العقل حكمه القطعي بلزوم قطع منشأ الفساد و الإفساد بالنسبة إلى النفس و العرض و المال، بل الظاهر أنّ لزوم هذه المدافعة وجدانيّ لكل ذي شعور و لا يحتاج إلى تكلف الدليل.
الثاني: لا ريب في أنّ الكفار الذين يخشى منهم على المسلمين هم المتيقن من وجوب هذا الدفاع و أما إذا كان العدوّ المهاجم مسلما فمقتضى ما قلناه من أنّ لزوم هذه المدافعة وجدانيّ لكل أحد ذلك أيضا، و نسب إلى ظاهر الأكثر بل المشهور عدم اشتراط الكفر، لأنّه مدافعة عن النفس و المسلم يجوز دفعه كذلك.
الثالث: الشهيد في هذه المدافعة هل له أحكام الشهيد في الجهاد بالمعنى الأخص أولا؟ و كذا الغنيمة لو كان العدوّ المهاجم كافرا؟ قولان مقتضى إطلاق جملة من الكلمات هو الأول، و قد أطلق الشهيد في الأخبار على من قتل دون ماله۳، و لكنه مشكل، لعدم وصول كلماتهم إلى حدّ الإجماع و الإطلاق أعمّ من الحقيقية في هذا الحكم المخالف للأصل.
ثمَّ إنّه لو كان الطرفان مسلمين فخرج كل منهما على الآخر، لغرض، أو شبهة حصلت لهما فهل تترتب أحكام الشهيد على كل منهما؟
الرابع: لا يشترط هذا القسم من المدافعة بشرط خاص و المناط كله القدرة العقلية عليها فيجب على الكل و يتأكد الوجوب على الأقربين فالأقربين.