للأصل و الإجماع و الإطلاقات و العمومات، و نصوص خاصة منها صحيح ابن يقطين قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الرجل يتكارى من الرجل البيت أو السفينة سنة أو أكثر من ذلك أو أقل؟ قال عليه السّلام: الكراء لازم له إلى الوقت الذي تكاري إليه»۱، و قد تعرضنا لإثبات أصالة اللزوم في كل عقد مطلقا في كتاب البيع بما لا مزيد عليه فراجع۲.
الإجارة من العقود اللازمة (۱)، لا تنفسخ إلا بالتقابل (۲)، أو شرط الخيار لأحدهما، أو كليهما (۳). إذا اختار الفسخ، نعم الإجارة المعاطاتية جائزة (٤) يجوز لكل منهما الفسخ ما لم تلزم بتصرفهما أو تصرف أحدهما فيما انتقل إليه (٥).
للإجماع، و لما مر في بحث الإقالة من أنها من الحقوق المجاملية بين الناس في عقودهم، قررها الشارع مضافا إلى بعض الإطلاقات الواردة في مقام التسهيل و التأليف كقوله عليه السّلام: «من أقال مسلما أقال اللّه عثرته يوم القيامة»۳، و ذكر البيع في بعض الاخبار4، من باب الغالب لا التخصيص، لإباء العرف عن التخصيص هذا و إن قيل بأنها عقد مستأنف فلا ينبغي الإشكال حينئذ.
لعموم: «المؤمنون عند شروطهم»٥، الشامل للمقام أيضا.
بناء على جوازها مطلقا ما لم تلزم بإحدى الملزمات، و قد ناقشنا في ذلك في بيع المعاطاة و استظهرنا اللزوم لو لا الإجماع المعتبر على الجواز و هو مشكوك التحقق و إن كان منقولا.
يمكن أن يقال: ان المعاطاة فيها مساوقة للّزوم غالبا، لأنها تتحقق إما بالشروع في العمل في المقدرة بنفس العمل، أو بتسليم العين في المقدرة بالزمان، و كلاهما يستلزم جزء من العوض.
(مسألة ۱): يجوز بيع العين المستأجرة قبل تمام مدة الإجارة (٦)، و لا تنفسخ الإجارة به، فتنتقل إلى المشتري مسلوبة المنفعة مدة الإجارة (۷). نعم، للمشتري مع جهله بالإجازة خيار فسخ البيع (۸)، لأن نقص المنفعة عيب (۹)، و لكن ليس كسائر العيوب مما يكون المشتري معه مخيرا بين الرد و الأرش فليس له أن لا يفسخ و يطالب بالأرش (۱۰)، فإن العيب الموجب للأرش ما كان نقصا في الشيء في حد نفسه مثل العمى و العرج و كونه مقطوع اليد أو نحو ذلك (۱۱)، لا مثل المقام الذي العين في حد نفسها لا عيب فيها (۱۲)، و أما لو علم المشتري أنها مستأجرة و مع ذلك أقدم على الشراء فليس له الفسخ أيضا (۱۳). نعم، لو اعتقد كون مدة الإجارة كذا مقدارا فبان أنها أزيد له الخيار أيضا (۱٤)، و لو فسخ المستأجر الإجارة رجعت المنفعة في بقية المدة إلى البائع لا إلى المشتري (۱٥). نعم، لو اعتقد البائع و المشتري بقاء مدة الإجارة و أن العين مسلوبة المنفعة إلى زمان كذا و تبين أن المدة منقضية، فهل منفعة تلك المدة للبائع حيث إنه كأنه شرط كونها مسلوبة المنفعة إلى زمان كذا أو للمشتري لأنها تابعة للعين ما لم تفرز بالنقل الى الغير أو بالاستثناء و المفروض عدمها؟ وجهان، و الأقوى الثاني (۱٦).نعم، لو شرطا كونها مسلوبة المنفعة إلى زمان كذا بعد اعتقاد بقاء المدة كان لما ذكر وجه (۱۷). ثمَّ بناء على ما هو الأقوى من رجوع المنفعة في الصورة السابقة إلى المشتري فهل للبائع الخيار أو لا؟ وجهان، لا يخلو أولهما من قوة خصوصا إذا أوجب ذلك له الغبن (۱۸). هذا إذا بيعت العين المستأجرة على غير المستأجر، أما لو بيعت عليه ففي انفساخ الإجارة وجهان، أقواهما العدم (۱۹). و يتفرع على ذلك أمور: منها: اجتماع الثمن و الأجرة عليه (۲۰) حينئذ. و منها: بقاء ملكه للمنفعة في مدة تلك الإجارة لو فسخ البيع بأحد أسبابه (۲۱) بخلاف ما لو قيل بانفساخ الإجارة.و منها: إرث الزوجة من المنفعة في تلك المدة (۲۲) لو مات الزوج المستأجر بعد شرائه لتلك العين، و إن كانت مما لا ترث الزوجة منه بخلاف ما لو قيل بالانفساخ بمجرد البيع. و منها: رجوع المشتري بالأجرة لو تلف العين بعد قبضها و قبل انقضاء مدة الإجارة، فإن تعذر استيفاء المنفعة يكشف عن بطلان الإجارة (۲۳)، و يوجب الرجوع بالعوض و إن كان تلف العين عليه.
لقاعدة السلطنة المطلقة للمالك، فله تقطيع ماله بأي وجه شاء و أراد، و الإطلاقات و العمومات، و نصوص خاصة منها مكاتبة أبي همام: «انه كتب إلى أبي الحسن عليه السّلام في رجل استأجر ضيعة من رجل فباع المؤجر تلك الضيعة بحضرة المستأجر، و لم ينكر المستأجر البيع، و كان حاضرا له شاهدا، فمات المشتري و له ورثة هل يرجع ذلك الشيء في ميراث الميت أو يثبت في يد المستأجر إلى أن تنقضي إجارته؟ فكتب عليه السّلام: يثبت في يد المستأجر الى أن تنقضي إجارته»٦.
للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق و نصوص خاصة تقدم بعضها.
و توهم: ان المنفعة تابعة للعين، فاذا زال عين ملك المالك لا وجه لتسلطه على المنفعة، فتكون الإجارة باطلة.
مردود: بأن المالك كان مسلطا على المنفعة تسلطا مرسلة مطلقة، و قد أخرج المنفعة عن ملكه بالإجارة بمقتضى سلطنته، و كان المقتضى لذلك موجودا و المانع عنه مفقودا حين الإجارة، فلا وجه لتوهم بطلانها.
للإجماع و قاعدة نفي الضرر، لأن استيفاء المنفعة من أهم الأغراض المعاملية النوعية بين الناس، فالحرمان عنه يوجب تزلزل العقد لفقدان هذا الغرض النوعي المعاملي.
نسب إلى المشهور أن هذا الخيار خيار العيب و هو صحيح، لأن البناء الواقعي اللبي النوعي في المتعاملين على صحة المال الذي وصل إليهم و الانتفاع به، فهذا بناء واقعي لبي ذكر في اللفظ أو لم يذكر، و جميع المعاوضات تدور مدار هذا البناء الواقعي و التخلف عن ذلك عيب، سواء كان بنقص في الذات كما في العيب المعهود في البيع أو المنفعة كما في المقام.
و الإشكال عليه: بأنه لو كان من خيار العيب المعهود يلزم التخيير بين الرد و الأرش.
موهون: بما ذكر في المتن و ليس كل خيار عيب يكون ذو الخيار فيه مخيرا بين الرد و أخذ الأرش، كما مر في خيار العيب فليكن المقام مما يتعين فيه الرد دون أخذ الأرش، لظهور الإجماع عليه.
لظهور الإجماع عليه، و بناء على هذا لا فرق بين أن يسمى هذا خيار العيب أو خيار تخلف الشرط اللبي البنائي، إذ لا ثمرة عملية بل و لا علمية فيه بعد عدم الأرش بالإجماع، و ان صح بتراض من الطرفين.
كما هو صريح كلماتهم في العيب الموجب للأرش و يقتضيه قوله عليه السّلام: «كل ما كان في أصل الخلقة فزاد أو نقص فهو عيب»۷، و غيره من الأخبار.
بل و لو كان فيها عيب في حد نفسها و لم يوجب ذلك نقصانا في المنفعة لا يوجب ذلك خيارا للمستأجر لفرض عدم الضرر و النقص بالنسبة إليه.
لأنه مع علمه بذلك أقدم على تسلم العين مسلوبة المنفعة، و أقدم على الضرر، فلا وجه للخيار كما في خيار العيب في البيع إن أقدم المشتري على الاشتراء مع علمه بالعيب، و تقدم تفصيله في كتاب البيع.
لتحقق النقص و الضرر حينئذ من دون اقدام عليه، فلا بد من تداركه بالخيار.
لأن البيع وقع على العين المسلوبة المنفعة مدة خاصة، و قد استوفاها البائع في تلك المدة في ظرف إطلاق ملكيته و إرسالها فالمقتضي لذلك الاستيفاء الخاص كان موجودا و المانع عنه مفقودا فلا يبقى بعد ذلك موضوع لقاعدة تبعية النماء للملك، لأنها تجري فيما إذا لم تستوف المنفعة بوجه صحيح شرعي و إلا فلا مجرى لها كما هو معلوم.
لقاعدة تبعية النماء للملك ما لم يفرز أو لم يستوف استيفاء واقعيا، و المناط في الافراز و الاستيفاء الواقعي منهما لا الاعتقادي مع تبين الخلاف.
بدعوى: ان هذا الشرط له موضوعية خاصة حينئذ، و لكنه باطل: لأنه لم يشترط كون المنفعة للبائع في تلك المدة إلا بعنوان الإجارة التي تبين عدمها، فبقي قاعدة تبعية النماء للملك حينئذ بلا مقيد و مخصص.
نعم، لو استثنى المدة مطلقا و لو لم تكن بعنوان الإجارة صح الاستثناء حينئذ، و ليس للمشتري شيء من المنفعة في تلك المدة، و لعل مراده قدّس سرّه ذلك و ان قصرت عبارته عن افادته.
لا إشكال في ثبوت الخيار في هذه الصورة لأدلة خيار الغبن الشاملة لكل معاوضة، كما لا وجه لعدم الخيار في غير هذه الصورة لأصالة اللزوم بعد عدم دليل على الخيار، لا من الإجماع و لا من الاخبار.
أما أصل جواز لبيع العين المستأجرة إلى نفس المستأجر فيصح، للأصل و الإطلاق و الاتفاق، و أما صحة الإجارة و عدم انفساخها فهو المشهور بين الفقهاء.
نعم، ذكر للانفساخ وجوه كلها باطلة:
الأول: ما عن جامع المقاصد من انه كما لا يمكن نكاح المملوكة، و لا بقاء النكاح بعد الملك، فكذا ملك العين يمنع عن بقاء ملك المنافع في عرض ملك العين.
و فيه: أنه قياس لا نقول به.
و ثانيا: انه مع الفارق لأن الزوجية و الملكية شرعا متقابلان لا يجتمعان- كما يأتي في كتاب النكاح- بخلاف ملكية العين و ملكية المنافع، فلا دليل على تقابلهما لا من العقل و لا من النقل و لا من الاعتبار الصحيح العقلائي.
الثاني: ما عنه أيضا ان المنفعة نماء الملك و تابعة له، و حيث ان المستأجر صار مالكا للعين فتصير الأجرة في مقابل نماء ملكه، فتكون المعاوضة على مال المالك بماله.
و فيه: ما مر من ان المنفعة كانت للبائع و قد استوفى عوضها بملكيته المطلقة المرسلة، فالأجرة وقعت من المستأجر للبائع لا من المستأجر لنفسه حتى يلزم المحذور.
الثالث: ما عن المحقق الأردبيلي من ان النماء تابع للملك، فيلزم مالكية المستأجر له من هذه الجهة، و المفروض انه مالك له من حيث الإجارة أيضا، فيلزم اجتماع ملكين على مملوك واحد و اجتماع علتين على معلول واحد.
و فيه: ان اختلاف الحيثية و الجهة يرفع هذه الغائلة كما هو واضح، و لعمري ان مثل هذه الشبهات لا ينبغي أن تصدر من الأفاضل، فكيف بالأكابر فإحتمال الانفساخ لأجل هذه الشبهات ضعيف جدا.
لتعدد السبب المقتضي لتعدد المسبب لا محالة.
لأنهما حينئذ موضوعان مختلفان لا ربط لأحدهما بالآخر، و يكون لكل منهما حكمه.
لعموم أدلة إرثها مما تركه الزوج و ليست المنفعة مما لا ترثها الزوجة، و أما بناء على الانفساخ فتكون المنفعة تابعة للعين، فحيث لا ترث من العين لا ترث منها أيضا لفرض انها غير مستوفاة بناء على الانفساخ.
هذا التعليل شامل لكلتا صورتي انفساخ الإجارة و عدمه.
نعم، على تقدير الانفساخ بالبيع تعود إليه في ضمن الأجرة من زمان البيع فهذه الثمرة ساقطة على كلا التقديرين.
(مسألة ۲): لو وقع البيع و الإجارة في زمان واحد كما لو باع العين مالكها على شخص و آجرها وكيله على شخص آخر و اتفق وقوعهما في زمان واحد، فهل يصحان معا و يملكها المشتري مسلوبة المنفعة كما لو سبقت الإجارة، أو يبطلان معا للتزاحم في ملكية المنفعة، أو يبطلان معا بالنسبة إلى تمليك المنفعة فيصح البيع على أنها مسلوبة المنفعة تلك المدة فتبقى المنفعة على ملك البائع؟ وجوه، أقواها الأول (۲٤)، لعدم التزاحم فإن البائع لا يملك المنفعة و إنما يملك العين و ملكية العين توجب ملكية المنفعة للتبعية و هي متأخرة عن الإجارة (۲٥).
لقاعدة السلطنة فإن المالك له ما لان العين و المنفعة، و له أن يتصرف فيهما بما شاء و أراد، سواء كان تصرفه فيهما عرضيا أم طوليا، و قد مر أن تبعية النماء للملك انما تكون فيما إذا لم يفرز، و أما مع الأفراز فلا موضوع للتعبية كما هو واضح.
يعني: ان التبعية لا موضوع لها مع الإجارة لأنها إفراز للنماء عن التبعية، فكل تبعية للنماء انما يلحظ بالنسبة إلى العين إن لم تكن إجارة في البين، فهي متأخرة عن الإجارة اعتبارا بهذا المعنى.
و عن بعض مشايخنا الإشكال على قول الماتن.
أولا: بأن التقدم و التأخر بين تمليك العين و تمليك المنفعة طبيعي لا زماني و التقدم و التأخر الطبيعي لا ينافي التقارن الزماني.
ثانيا: بأن ملك المنفعة بمقتضى التبعية متأخر عن ملك العين بالبيع لا عن الإجارة، لأن الإجارة و إن كانت في عرض البيع المتقدم على ملك المنفعة إلا ان ما في المتقدم على شيء ليس متقدما على ذلك الشيء.
و ثالثا: ان الإجارة لها المعية مع البيع بالزمان لا بالطبع لأن المعية بالطبيعة إنما هي بين معلولي علة واحدة لا مثل المقام.
و الكل مخدوش: و منشأ الخدشة الخلط بين التكوينيات المتحققة الخارجية و الاعتباريات العرفية و العقلائية، و الخلط بين العرفيات المبنية عليها الفقه و الدقيات العقلية التي لا ربط لها بالفقه، و إذا راجعنا في المقام متعارف الناس يقولون وصلت العين إلى المشتري مسلوبة المنفعة لقاعدة سلطنة المالك على ماله، و منفعة ماله فأفرز كلا منهما بما شاء و أراد و استوفى عوض كل من مالية بمعاوضة مستقلة.
(مسألة ۳): لا تبطل الإجارة بموت المؤجر و لا بموت المستأجر على الأقوى (۲٦).نعم، في إجارة العين الموقوفة إذا آجر البطن السابق تبطل بموته بعد الانتقال الى البطن اللاحق، لأن الملكية محدودة (۲۷). و مثله ما لو كانت المنفعة موصى بها للمؤجر ما دام حيا (۲۸)، بخلاف ما إذا كان المؤجر هو المتولي للوقف و آجر لمصلحة البطون إلى مدة، فإنها لا تبطل بموته و لا بموت البطن الموجود حال الإجارة (۲۹)، و كذا تبطل إذا آجر نفسه للعمل بنفسه من خدمة أو غيرها، فإنه إذا مات لا يبقى محل للإجارة (۳۰)، و كذا إذا مات المستأجر الذي هو محل العمل من خدمة أو عمل آخر متعلق به نفسه (۳۱). و لو جعل العمل في ذمته لا تبطل الإجارة بموته (۳۲)، بل يستوفي من تركته (۳۳)، و كذا بالنسبة إلى المستأجر إذا لم يكن محلا للعمل بل كان مالكا له على المؤجر، كما إذا آجره للخدمة من غير تقييد بكونها له، فإنه إذا مات تنتقل الى وارثه فهم يملكون عليه ذلك العمل (۳٤)، و إذا آجر الدار و اشترط على المستأجر سكناه بنفسه لا تبطل بموته (۳٥)، و يكون للمؤجر خيار الفسخ (۳٦). نعم، إذا اعتبر سكناه على وجه القيدية تبطل بموته (۳۷).
لوقوعها جامعة للشرائط مقتضية للدوام إلى المدة المعينة من غير دليل على انفساخها بالموت من عقل أو نقل، فمقتضى الاستصحاب و أصالة اللزوم و الإطلاقات و العمومات الصحة و اللزوم. و ما استدل به على البطلان أمور كلها مخدوشة:
الأول: ملك المنفعة تابع لملك العين، فإذا زال ملك العين بالموت يبطل ملك المنفعة أيضا فتبطل الإجارة.
و فيه: انه كان مالكا للمنفعة ملكية مرسلة مطلقة فاستوفى عوض ملكه في مدة معينة جامعا للشرائط حين الاستيفاء فلا وجه للبطلان.
الثاني: أن المستأجر رضي بأن يستوفي المنفعة من ملك المؤجر فقط فتنفسخ الإجارة مع فقده.
و فيه: انه حين الإجارة كانت المنفعة ملكا للمؤجر ملكية مرسلة مطلقة، فالاستيفاء يكون من ملك المؤجر و إن تبدل مالك العين.
الثالث: خبر الهمداني الذي استدل به على الصحة تارة و على البطلان أخرى، و هو على نسخة الكافي- الذي هو أضبط من غيره- هكذا: «كتبت إلى أبي الحسن عليه السّلام سألته عن امرأة آجرت ضيعتها عشر سنين على أن تعطي الإجارة [الأجرة] في كل سنة عند انقضائها لا يقدم لها شيء من الإجارة [الأجرة] ما لم يمض الوقت۸، فماتت قبل ثلاث سنين أو بعدها، هل يجب على ورثتها إنفاذ الإجارة إلى الوقت أم تكون الإجارة منقضية بموت المرأة؟
فكتب عليه السّلام: إن كان لها وقت مسمى لم يبلغ فماتت فلورثتها تلك الإجارة، فإن لم تبلغ ذلك الوقت و بلغت ثلثه أو نصفه أو شيئا منه فتعطي ورثتها بقدر ما بلغت من ذلك الوقت إن شاء اللّه»۹، و قول السائل: (ما لم يمض الوقت)، و قوله عليه السّلام: (إنفاذ الإجارة إلى الوقت) يحتمل معنيان:
الأول: مدة أصل الإجارة و وقتها، فيصير جواب الامام عليه السّلام حينئذ:
«فلورثتها تلك الإجارة»، أي لهم إمضاؤها وردها لفرض انفساخها بموت المؤجر، و قوله عليه السّلام: «فتعطى ورثتها بقدر»، أي: تعطى بقدر إرثهم لانفساخ الإجارة، فيكون الحديث على هذا دليل على انفساخ الإجارة و بطلانها.
الثاني: أن يكون المراد بالوقت في جميع موارد كلمات السائل الوقت المضروب لدفع الأجرة، لا مدة أصل الإجارة، و تكون كلمة اللام في قوله عليه السّلام:
«فلورثتها تلك الإجارة» بمعنى الاختصاص، يعني: ان الإجارة لهم لقيامهم مقام مورثهم، و ليس لهم حينئذ نقض الإجارة و ردها، كما ليس للمورّث ذلك و حينئذ يكون دليلا لصحة الإجارة و مع هذين الاحتمالين لا مجال للاستدلال بالخبر لا على البطلان و لا على الصحة، فلا بد حينئذ من الرجوع إلى الأصل و العمومات الدالة على الصحة و اللزوم.
بزمان حياة البطن السابق فيكون تصرفه فيما بعد موته فضوليا فإن أمضاه البطن اللاحق يصح و إلا فلا.
و دعوى: أن ملكية كل بطن للمنافع مرسلة مطلقة كملكية نفس المالك، فكما لا تبطل الإجارة بموت نفس المالك فكذا في الموقوف عليه.
باطل: لأن تلاحق البطون و فرض الملكية للجميع يمنع عن الملكية المرسلة المطلقة كما هو واضح.
فيصير تصرفه فيما بعد موته أيضا فضوليا تكون صحته دائرة مدار اجازة الورثة لانتقال المال إليهم حينئذ.
لأنه حينئذ كعين المالك في أن ولايته تقتضي التصرف المطلق و المرسل غير المحدود بحد خاص.
إذا كان التقييد بنحو وحدة المطلوب، و أما إن كان بنحو تعدد المطلوب فلا تبطل الإجارة، و يستوفي من تركته.
لأنه ظاهر حينئذ في وحدة المطلوب، و أما لو كانت في البين قرينة معتبرة على أنه من تعدد المطلوب فلا تبطل الإجارة.
لأنه حينئذ في الذمة، و الذمة لا تبطل بالموت، بل تعتبر عرفا و شرعا و لو بعده.
كما في كل حق تعلق بالذمة خالقيا كان أو خلقيا.
لإطلاق أدلة الإرث الشامل لهذا أيضا.
إذا كان الاشتراط بنحو تعدد المطلوب لا بنحو وحدة المطلوب و الا فتبطل، لأنه حينئذ من التقييد الحقيقي، فلا موضوع للصحة مع فقده كما يأتي منه رحمه اللّه في ذيل هذه المسألة.
لأنه على هذا من تخلف الشرط و لاختلاف الأغراض المعاملية بمثل هذه الشروط، سواء كانت مذكورة في العقد أو وقع العقد مبنيا عليها.
لأنه بناء على هذا من القيد المقوّم، و لا ريب في انعدام الشيء بانعدام مقوّمة و ما له دخل في ذاته حقيقيا كان أو اعتباريا.
(مسألة ٤): إذا آجر الولي أو الوصي الصبي المولّى عليه مدة تزيد على زمان بلوغه و رشده، بطلت في المتيقن بلوغه فيه، بمعنى أنها موقوفة على إجازته (۳۸)، و صحت واقعا و ظاهرا بالنسبة إلى المتيقن صغره (۳۹)، و ظاهرا بالنسبة إلى المحتمل (٤۰)، فإذا بلغ له أن يفسخ على الأقوى- أي لا يجيز (٤۱)- خلافا لبعضهم (٤۲)، فحكم بلزومها عليه لوقوعها من أهلها في محلها في وقت لم يعلم لها مناف، و هو كما ترى. نعم، لو اقتضت المصلحة اللازمة مراعاة إجارته مدة زائدة على زمان البلوغ بحيث تكون إجارته أقل من تلك المدة خلاف مصلحته، تكون لازمة ليس له فسخها بعد بلوغه (٤۳)، و كذا الكلام في إجارة أملاكه (٤٤).
لأنه لا ولاية لهما بالنسبة إلى بعد البلوغ، فيكون التصرف غير مأذون فيه شرعا فيتوقف على إجازة من له الحق، كما في جميع العقود الفضولية.
لوجود المقتضي للصحة و هو الولاية الشرعية و فقد المانع عنها، فلا بد من الصحة و اللزوم.
لأصالة عدم البلوغ و الولاية و الصحة.
لقاعدة السلطنة.
عن الخلاف: الجزم بذلك لوقوع الإجارة من أهلها و في محلها في وقت لم يعلم لها مناف فتستصحب.
و عن الجواهر الرد عليها بأنها: «بالنسبة إلى الحال المفروض ليس من أهلها، و لا في محلها و الجهل لا مدخلية له في تغيير حكم الموضوع».
أقول: منشأ النزاع إنه كما ان أصل ولاية الولي محدودة بكمال المولّى عليه، و تنقطع ولايته بعد كماله، هل تكون تصرفاته التي تقع في المولّى عليه- نفسا أو مالا- في ظرف فعلية ولايته جامعة للشرائط هكذا أيضا فتكون محدودة بعروض الكمال؟ مقتضى الأصل و الإطلاق عدمه، و لا ملازمة من عقل أو نقل بين تحديد أصل الولاية بحد خاص و تحديد التصرف الصحيح الواقع فيها بذلك، بل مقتضى الأصل عدمها فما اختاره الشيخ رحمه اللّه، و تبعه سيد مشايخنا۱۰، في المقام هو المتّبع مضافا إلى ظهور الاتفاق على الصحة.
لإطلاق دليل ولايته حينئذ.
الأمر فيها أسهل لإطلاق قوله تعالى وَ لا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ الشامل لهذه الصورة أيضا.
(مسألة ٥): إذا آجرت امرأة نفسها للخدمة مدة معينة فتزوجت قبل انقضائها لم تبطل الإجارة و إن كانت الخدمة منافية لاستمتاع الزوج (٤٥).
لسلب المنفعة بوجه صحيح شرعي، فلا وجه لرجوعها بعد ذلك لفرض سلطنة المرأة على نفسها في مثل هذه الإجارة سلطنة مرسلة مطلقة، و قد جعلتها لغيرها و سلبيتها عن نفسها.
ثمَّ ان الظاهر اتحاد هذه المسألة مع ما تقدم في مسألة ۳۱ من كتاب الحج، من انه إذا نذر الزيارة قبل الاستطاعة ثمَّ استطاع من حيث الكبرى، فما بالهم اختلفوا في تلك المسألة و اتفقوا في المقام؟!! و لعل وجه الوفاق في المقام صيرورة المنفعة متعلقة لحق الغير، فيرجع بالسبق الزماني حينئذ على حق الزوج، و كذا في (مسألة ٦) من فصل الحج الواجب بالنذر فاختلفوا فيها أيضا دون المقام.
ثمَّ انه لو وقعت إجارة المرأة نفسها و تزويجها في آن واحد نظير ما مر في (مسألة ۲) من هذا الفصل، فالظاهر اتحاد الحكم في المسألتين فراجع و تأمل.
(مسألة ٦): إذا آجر عبده أو أمته للخدمة ثمَّ أعتقه لا تبطل الإجارة بالعتق (٤٦)، و ليس له الرجوع على مولاه بعوض تلك الخدمة في بقية المدة، لأنه كان مالكا لمنافعه أبدا و قد استوفاها بالنسبة إلى تلك المدة، فدعوى أنه فوّت على العبد ما كان له حال حريته، كما ترى. نعم، يبقى الكلام في نفقته في بقية المدة إن لم يكن شرط كونها على المستأجر و في المسألة وجوه: أحدها: كونها على المولى (٤۷)، لأنه حيث استوفى بالإجارة منافعه فكأنه باق على ملكه (٤۸). الثاني: أنه في كسبه إن أمكن له الاكتساب لنفسه في غير زمان الخدمة (٤۹)، و إن لم يمكن فمن بيت المال (٥۰)، و إن لم يكن فعلى المسلمين (٥۱) كفاية.الثالث: أنه إن لم يكن اكتسابه في غير زمان الخدمة ففي كسبه و إن كان منافيا للخدمة (٥۲). الرابع: أنه من كسبه، و يتعلق مقدار ما يفوت منه من الخدمة بذمته (٥۳). الخامس: أنه من بيت المال من الأول (٥٤)، و لا يبعد قوة الوجه الأول (٥٥).
لما يأتي من قوله: «لأنه كان مالكا»، و للأصل و العموم و الإطلاق و ظهور الاتفاق و القول بالخلاف لبعض الشافعية لا لأحد من أصحابنا الذين أطبقوا على بطلانها بالبيع.
نسب ذلك إلى القواعد و لا دليل عليه بعد زوال الملكية و مقتضى أصالة البراءة عدم الوجوب.
هذا التنظير عليل و لا أثر له بعد أصالة البراءة و انقطاع الملكية حقيقيا، و لا أظنه يلتزم به في مثله، و هو ما إذا أجر داره مدة ثمَّ باعها و احتاجت الدار إلى نفقة لإصلاحها.
نعم، لا يبعد أن يقال: ان هذا من شؤون التزام عقد الإجارة، فإن جهات حفظ العين و جعلها معرضا للاستفادة على المالك المجير.
لا ينبغي أن يكون هذا مورد النزاع، و الظاهر كونه من المسلمات لديهم و خارجا عن مورد البحث، فلا وجه لعده قولا في مقابل ما يأتي من القول الخامس.
إن انطبق عليه عنوان المصالح العامة بأن يكون ترك الإنفاق عليه مهانة لعامة المسلمين، أو يرى ولي بيت المسلمين مصلحة في ذلك.
بلا إشكال فيه إن كان بقدر حفظ النفس و سد الرمق، و أما الزائد على ذلك فمقتضى الأصل و الإجماع عدم الوجوب، كما هو كذلك في الإنفاق الواجب عليهم كفاية بالنسبة إلى حفظ سائر النفوس المحترمة.
من باب تقديم الأهم- و هو حفظ النفس- على المهم و هو خدمة المولى.
و دعوى: ان العرف يرى التصرف في المنفعة التي هي مال المولى مقدما على التصرف في سائر أمواله لحفظ النفس، و كذا إن احتمل تقديمه على التصرف في سائر الأموال، و أما مع التقديم العرفي و لا احتماله فلا وجه لتعين ذلك.
لأنه من الجمع بين الحقين إن لم يكن طريق آخر في البين.
إن انطبق عليه احدى مصارف بيت المال، و إلا فلا وجه له كما مر.
تبين مما مر أن الوجه الثاني أوجه.
(مسألة ۷): إذا وجد المستأجر في العين المستأجرة عيبا سابقا على العقد و كان جاهلا به، فإن كان مما تنقص به المنفعة فلا إشكال في ثبوت الخيار له بين الفسخ و الإبقاء (٥٦)، و الظاهر عدم جواز مطالبته الأرش (٥۷)، فله الفسخ أو الرضا بها مجانا. نعم، لو كان العيب مثل خراب بعض بيوت الدار فالظاهر تقسيط الأجرة، لأنه يكون حينئذ من قبيل تبعض الصفقة (٥۸)، و لو كان العيب مما لا تنقص معه المنفعة كما إذا تبين كون الدابة مقطوعة الإذن أو الذنب فربما يستشكل في ثبوت الخيار معه، لكن الأقوى ثبوته إذا كان مما يختلف به الرغبات و تتفاوت به الأجرة (٥۹)، و كذا له الخيار إذا حدث فيها عيب بعد العقد و قبل القبض (٦۰)، بل بعد القبض أيضا و إن كان استوفى بعض المنفعة و مضى بعض المدة (٦۱). هذا إذا كانت العين شخصية و أما إذا كانت كلية و كان الفرد المقبوض معيبا فليس له فسخ العقد (٦۲)، بل له مطالبة البدل (٦۳). نعم، لو تعذر البدل كان له الخيار في أصل العقد (٦٤).
للإجماع، و لأن عهدة العين من حيث السلامة المتوقف عليها تمام الانتفاع على المؤجر حدوثا و بقاء إلا مع شرط الخلاف، و هذه عهدة نوعية معتبرة في الإجارات مطلقا و الأدلة الشرعية منزّلة على ذلك فلا بد له من الخروج عن هذه العهدة، و مع عدمه فللمستأجر الخيار، لقاعدة: «نفي الضرر و الضرار» التي هي من أهم القواعد النظامية المعتبرة.
لظهور اتفاقهم عليه إلى زمان الشهيد رحمه اللّه فتردد فيه، و عن المحقق الثاني انه الأصح، و لقولهما وجه إن كان ثبوت الأرش في النقائص المعاوضية مطابقا للقاعدة، أو كان النقص في المقام مما تقسّط عليه الأجرة، و أما إن كان مخالفا للقاعدة و انما ثبت في البيع بالدليل الخاص به أو كان النقص مما لا تسقّط عليه الأجرة، فلا وجه له كما هو واضح، و يمكن حمل كلامهما على النقص الذي تقسط عليه الأجرة، فلا مخالف حينئذ في البين، و قد تعرضنا في كتاب البيع عند بيان خيار العيب بعض الكلام فراجع.
لأن مدرك الخيار حينئذ القواعد العامة غير المختصة بمورد دون آخر كقاعدة نفي الضرر، و تخلف الشرط البنائي المعاملي و القرار المعاوضي فيصير أصل العقد مورد للخيار، كما في جميع موارد خيار تبعض الصفقة لا خصوص ما قسّطت عليه الأجرة في المقام.
لأن اختلاف الأغراض المعاوضية التي تتفاوت بها الرغبات و الأعواض في جميع المعاوضات من أهم القواعد العامة فيها، فيكون منشأ الخيار غير مختص بمورد دون آخر، بل يجري في الجميع مع هذه الجهة.
و أما ما لا يوجب تفاوت الأعواض و الرغبات فلا منشأ للخيار حينئذ لا من ناحية حديث نفي الضرر و لا من جهة أخرى، فالمرجع أصالة اللزوم.
لأن البناء المعاوضي النوعي و القرار المعاملي مطلقا وقع على تسليم الصحيح و تسلّمه، و يكون ذلك من الشروط البنائية و تخلفه يوجب الخيار في كل عقد معاوضي، و لا يختص بمورد خاص، فيكون ثبوت الخيار هنا أيضا موافقا للقواعد العامة.
لأن البناء المعاملي و القرار المعاوضي وقع على الصحيح حتى تنقضي المدة، و لم يتحقق ذلك، فلا بد من التدارك بالخيار، مع أن المنفعة حيث انها متدرجة الوجود فبالنسبة إلى استيفاء المنافع المستقبلة يكون من العيب قبل القبض و يجري حكمه في المقام أيضا.
و أشكل عليه. أولا: بأنه مخالف لما عليه بناؤهم من عدم الخيار لو غصب العين غاصب بعد القبض.
و ثانيا: بأنه مخالف لما بنوا عليه من الانفساخ من حين التلف، لو تلف العين المستأجرة بعد القبض كما يأتي في الفصل الآتي.
و ثالثا: بأن تسليم المنافع المتدرجة الوجود انما يتحقق بتسليم العين، فلا وجه لتصوير التلف قبل القبض.
و الكل باطل. أما الأول: فلأنه لا منافاة بين المقام و بين ما بنوا عليه، لأن في مورد غصب العين وقع الظلم و الغصب على المستأجر خصوصا لو كان ذلك لمعاندة من الغاصب معه فقط، فلا وجه لخياره على المؤجر.
نعم، لو كان غصب الغاصب لمعاندة منه مع المؤجر كان للخيار وجه، و لم يعلم منهم القول بعدمه حينئذ راجع (مسألة ۱۱) من الفصل التالي.
و أما الثاني: فلا وجه لمنافاته للمقام أيضا، لأن زوال موضوع الانتفاع مباين عرفا و حقيقة مع بقائه و حدوث عيب فيه.
و أما الثالث: فلأن تسليم المنفعة بتسليم العين شيء و كونها متدرجة الوجود في الخارج شيء آخر، و الأول ملحوظ بنحو الاجمال، و الثاني بنحو التفصيل و التحليل، و لكل منهما حكم ينافي الآخر.
لأصالة اللزوم، و ظهور الإجماع، و عدم انحصار مورد الإجارة في خصوص المعيب بل موردها في الذمة فلا مقتضى للخيار أصلا.
لبقاء اشتغال الذمة بعد، و عدم فراغها بدفع المعيب.
لكونه حينئذ من موارد تعذر التسليم، و لا ريب في أن فيه الخيار لحديث نفي الضرر و الضرار۱۱.
(مسألة ۸): إذا وجد المؤجر عيبا سابقا في الأجرة و لم يكن عالما به كان له فسخ العقد و له الرضا به (٦٥)، و هل له مطالبة الأرش معه؟ لا يبعد ذلك، بل ربما يدعى عدم الخلاف فيه (٦٦)، لكن هذا إذا لم تكن الأجرة منفعة عين، و إلا فلا أرش فيه، مثل ما مر في المسألة السابقة من كون العين المستأجرة معيبا. هذا إذا كانت الأجرة عينا شخصية، و أما إذا كانت كلية فله مطالبة البدل (٦۷) لا فسخ أصل العقد (٦۸) إلا مع تعذر البدل على حذو ما مرّ في المسألة السابقة (٦۹).
لقاعدة السلطنة.
بناء على ما قربناه في خيار العيب من صحة كون الأرش مطابقا للقاعدة يجري في جميع المعاوضات بلا احتياج إلى التمسك بعدم الخلاف و المناقشة، و قال المحقق بثبوته في عوض الخلع، و العلامة في الهبة و مال الكتابة، و الشهيد الثاني في المهر، و ليس أقوالهم لأجل ورود دليل في هذه الموارد بالخصوص، بل لأجل ما ارتكز في أذهانهم من كونه مطابقا للقاعدة، مع أن المهر بل الخلع ليسا من المعاوضة الحقيقية المصطلحة، فيلزمهم القول به في جميع المعاوضات الحقيقية بالأولى، فالأرش يثبت في كل ما كان المنقول عينا سواء كان بالبيع أم بغيره فما قالوا في البيع انما هو من باب المثال لا الخصوصية.
لعدم تحقق الوفاء بالمعيب.
لعدم موجب للفسخ أصلا مع إمكان الوفاء بالصحيح.
لما تقدم من حديث نفي الضرر و الضرار الموجب لثبوت الخيار.
(مسألة ۹): إذا أفلس المستأجر بالأجرة كان للمؤجر الخيار بين الفسخ و استرداد العين و بين الضرب مع الغرماء (۷۰) نظير ما إذا أفلس المشتري بالثمن، حيث إن للبائع الخيار إذا وجد عين ماله.
للإجماع و حديث نفي الضرر، و ما ورد في البيع بعد عدم فهم الخصوصية، و يأتي في كتاب الفلس تفصيل المقام.
(مسألة ۱۰): إذا تبين غبن المؤجر أو المستأجر فله الخيار (۷۱)، إذا لم يكن عالما به حال العقد إلا إذا اشترطا سقوطه في ضمن العقد (۷۲).
لحديث نفي الضرر و الضرار و القطع بعدم خصوصية للبيع في ثبوت خيار الغبن فيه، بل المناط كله المبادلة و المعاوضة المالية، فيشمل جميع المعاوضات إلا ما خرج بالدليل.
لاختصاص ثبوت خيار الغبن بما إذا لم يكن إقدام عليه عن علم به، و كذا يختص الخيار بما إذا لم يشترط سقوطه في ضمن العقد، فراجع ما فصلناه في خيار الغبن و سائر الخيارات.
(مسألة ۱۱): ليس في الإجارة خيار المجلس و لا خيار الحيوان، بل و لا خيار التأخير على الوجه المذكور في البيع (۷۳)، و يجري فيها خيار الشرط حتى للأجنبي، و خيار العيب، و الغبن،- كما ذكرنا- بل يجري فيها سائر الخيارات كخيار الاشتراط، و تبعض الصفقة، و تعذر التسليم، و التفليس، و التدليس، و الشركة، و ما يفسد ليومه، و خيار شرط ردّ العوض نظير شرط ردّ الثمن في البيع (۷٤).
الخيارات أقسام أربعة:
منها: ما ثبت بدليل خاص بخصوص البيع.
و منها: ما ورد فيه دليل في البيع من غير استفادة الخصوصية، بل لأجل نفي الضرر و الضرار.
و منها: ما انحصر دليله في حديث نفي الضرر۱۲.
و منها: ما يكون بحسب القرار المعاملي و البناء المعاوضي كخيار الشرط.
و الأول: لا وجه لجريانه في غير مورد دليله لفرض الاختصاص به، و مقتضى أصالة اللزوم عدم الجريان، و لا محذور في جريان البقية في كل معاوضة مالية لفرض كونه مطابقا للقاعدة.
و أشكل على ثبوت سائر الخيارات في مثل الإجارة بوجهين:
الأول: ان الأرش في خيار العيب على خلاف القاعدة، فلا بد من الاقتصار على خصوص مورده و هو البيع.
و فيه: ما مر من صحة أخذ الأرش مطابقا للقاعدة، فراجع خيار العيب.
الثاني: ان غاية ما يدل عليه حديث نفي الضرر و نحوه من الأدلة العامة انما هو نفي اللزوم، و أما ثبوت حق خاص لذي الخيار كما هو المفسر به عند الفقهاء من انه حق خاص يوجب الاستيلاء على فسخ العقد فلا يثبت بذلك.
و فيه. أولا: أن نفي اللزوم الحقي عبارة أخرى عن الاستيلاء الحقي على الفسخ، و هو عبارة أخرى عن الخيار المعهود.
و ثانيا: ان الخيار ليس أمرا تعبديا شرعيا، بل هو من الحقوق النوعية المعاملية فثبوته بثبوت أصل الحق مطلقا ما لم يرد من الشارع دليل على التحديد و التقيد بشيء، و المفروض عدمه في المقام.
كل ذلك لعموم أدلة تلك الخيارات الشامل لجميع المعاوضات من حديث نفي الضرر و عموم: «المؤمنون عند شروطهم»۱۳، و الفرق بين خيار الشرط و الاشتراط ان الثاني عبارة عن خيار تخلف الشرط و الأول هو خيار شرط شيء، و عند تخلف الشرط يثبت خيار الاشتراط.
ثمَّ ان الظاهر ان الخيار الذي لا يجري في الإجارة، كخياري المجلس و الحيوان يجوز اشتراطه فيها، لعموم: «المؤمنون عند شروطهم»۱4.
و أشكل عليه بوجهين .. الأول: انه من الشرط المخالف للكتاب.
و فيه: ان عدم الثبوت لقصور الدليل لا لاعتبار عدمه في عقد الإجارة، فلا يكون مخالفا للكتاب.
الثاني: ان خيار المجلس مغيّى بالافتراق و لا حد له شرعا، و في المقام ان حدده بوقت يخرج عن موضوع خيار المجلس مثل ساعة أو ساعتين مثلا.
و فيه: انه يشترط في خيار المجلس بما هو المعهود في الشريعة، و كذا في خيار الحيوان بما هو المعهود منه فيما يمكن إثباته من أحكام يثبت و ما لا يمكن لا يثبت.
(مسألة ۱۲): إذا آجر عبده أو داره مثلا (۷٥) ثمَّ باعه من المستأجر لم تبطل الإجارة، فيكون للمشتري منفعة العبد مثلا من جهة الإجارة قبل انقضاء مدتها لا من جهة تبعية العين، و لو فسخت الإجارة رجعت الى البائع و لو مات بعد القبض رجع المشتري المستأجر على البائع بما يقابل بقية المدة من الأجرة و ان كان تلف العين عليه، و اللّه العالم.
هذه المسألة مكررة مع ما تقدم في ذيل مسألة ۱ من هذا الفصل، و لا وجه للتكرار في شرحها فراجع ما تقدم.
- الوسائل باب: ۷ من أبواب أحكام الإجارة.
- سبق في ج: ۱٦ صفحة: ۲۳۱.
- سنن ابن ماجه: ۲٦ من أبواب التجارات: ۲۱۹۹.
- راجع المجلد الثامن عشر صفحة: ۱۱۹.
- الوسائل باب: ۲۰ من أبواب المهور: 4.
- الوسائل باب: ۲4 من أبواب أحكام الإجارة: ۱.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب أحكام العيوب.
- في نسخة التهذيب: ما لم ينقص الوقت، كما عن الوافي ج: ۱۰ باب: ٦٦ من أبواب الإجارة.
- الوسائل باب: ۲٥ من أبواب أحكام الإجارة: ۱.
- الفقيه آية اللّه العظمى السيد أبو الحسن الأصفهاني قدّس سرّه.
- الوسائل باب: ۱۲ من أبواب إحياء الموات: ۳.
- الوسائل باب: ۱۲ من أبواب إحياء الموات: ۳.
- الوسائل باب: ۲۰ من أبواب المهور حديث: 4.
- الوسائل باب: ۲۰ من أبواب المهور حديث: 4.