والواجب منه ستة؛ غُسل الجنابة والحيض والإستحاضة والنفاس وغُسل الأموات وغُسل مسّ الأموات، ولا يجزي تلك الأغسال عن الوضوء على الأحوط وجوباً إلا غسل الجنابة فقط.
مسألة ۲۰2: سبب الجنابة أمران:
الأول: خروج المني من الموضع المعتاد وغيره؛ وإنْ كان الأحوط استحباباً عند الخروج من غير المعتاد الجمع بين الطهارتين إذا كان محدثاً بالأصغر.
مسألة ۲۰3: علامة المني في الغالب الدفق والشهوة والفتور, وفي المرأة والمريض يكفي الأخيرين.
مسألة ۲۰4: إنَّما يوجب الغسل إذا خرج إلى الخارج, فلو تحرك المني عن محله ولم يخرج فلا يوجب الغسل, وفي المرأة يكفي الخروج إلى فضاء المحل ولا يعتبر فيها الخروج إلى خارج البدن.
مسألة ۲۰5: مَن وجد على بدنه أو ثوبه منيّاً وعلم أنَّه منه بجنابة لم يغتسل منها وجب عليه الغسل، ويعيد كلّ صلاة لا يحتمل سبقها على الجنابة المذكورة دون ما يحتمل سبقها عليها وإنْ علم تاريخ الجنابة وجهل تاريخ الصلاة وإنْ كانت الإعادة لها أحوط استحباباً, وإنْ لم يعلم أنَّه منه لم يجب عليه شيء.
مسألة ۲۰6: إذا دار أمر الجنابة بين شخصين يعلم كلّ منهما أنَّها من أحدهما لم يجب الغسل على أحدهما لا من حيث تكليف نفسه ولا من حيث تكليف غيره؛ إلا إذا علم ولو إجمالاً بتعلق إلزامي به فيجب عليه الإحتياط حينئذ بالجمع بين الوضوء والغُسل إنْ كان سابقاً محدثاً بالأصغر, والغسل فقط إنْ لم يكن ذلك؛ كما إذا أراد أحدهما أنْ يقتدي بالآخر, ولا يجوز لغيرهما ترتيب آثار الطهارة على أحدهما إنْ كان الآخر مورداً لابتلائه أيضاً.
مسألة ۲۰7: البلل المشتبه بين البول والمني الخارج بعد خروج المني وقبل الإستبراء بالبول بحكم المني ويجب الغسل منه.
الثاني: الجماع ولو لم ينزل؛ ويتحقّق بدخول الحشفة في القبل أو الدبر، بل مقدارها من قطوعها, والأحوط وجوباً مع مجرد الإدخال الجمع بين الغُسل والوضوء إنْ كان سابقاً محدثاً بالأصغر, والغُسل فقط إنْ لم يكن.
مسألة ۲۰8: إذا تحقّق الجماع تحقّقت الجنابة للفاعل والمفعول به؛ من غير فرق بين الصغير والكبير، والعاقل والمجنون، والقاصد وغيره، بل الظاهر ثبوت الجنابة للحي إذا كان أحدهما ميتاً, والأحوط وجوباً في وطئ البهيمة الجمع بين الغسل والوضوء مع سبق الحدث الأصغر والغسل مع عدمه فقط.
مسألة ۲۰9: إذا خرج المني بخلاف صورته المتعارفة وجب الغسل بعد العلم بكونه منياً.
مسألة ۲۱0: إذا تحرك المني عن محله بالإحتلام ولم يخرج إلى الخارج لا يجب الغسل.
مسألة ۲۱1: يجوز للشخص إجناب نفسه بمقاربة زوجته ولو لم يقدر على الغسل وكان بعد دخول الوقت، نعم؛ إذا لم يتمكن من التيمم أيضاً لا يجوز ذلك، وأما في الوضوء فلا يجوز لمن كان متوضئا ولم يتمكن من الوضوء لو أحدث أنْ يبطل وضوؤه إذا كان بعد دخول الوقت.
مسألة ۲۱2: إذا شك في أنَّه هل حصل الدخول أم لا؟ لا يجب عليه الغسل، وكذا لا يجب لو شك في أنَّ المدخول فيه فرج أو دبر أو غيرهما.
مسألة ۲۱3: الوطيء في دبر الخنثى موجب للجنابة دون قبلها إلا مع الإنزال, فيجب عليه الغسل دونها إلا أنْ تنزل هي أيضاً, ولو أدخلت الخنثى في الرجال أو الأنثى مع عدم الإنزال لا يجب الغسل على الواطئ ولا على الموطوء, وإذا أدخل الرجل بالخنثى وتلك الخنثى بالأنثى وجب الغسل على الخنثى دون الرجل والأنثى.
ما يتوقف على غُسل الجنابة
مسألة ۲۱4: تتوقف صحّة أمورٍ على غسل الجنابة:
الأول: الصلاة مطلقاً؛ عدا صلاة الجنائز، وكذا أجزاؤها المنسية بل سجود السهو على الأحوط وجوباً.
الثاني: الطواف الواجب بالإحرام مطلقاً كما تقدم في الوضوء.
الثالث: الصوم؛ بمعنى أنَّه لو تعمد البقاء على الجنابة حتى طلع الفجر بطل صومه، وكذا صوم ناسي الغسل على تفصيل يأتي في محله إنْ شاء الله تعالى.
ما يحرم على الجنب
مسألة ۲۱5: يحرم على الجنب أمور:
الأول: مسّ كتابة القرآن الشريف ومسّ إسم الله تعالى على ما تقدم في الوضوء.
الثاني: المكث في المساجد، بل مطلق الدخول فيها وإنْ كان لوضع شيء فيها، نعم؛ يجوز الدخول لأخذ شيء منها, كما يجوز الإجتياز فيها بالدخول من باب والخروج من آخر إلا في المسجدين الشريفين؛ المسجد الحرام ومسجد النبي صلی الله و علیه و آله و سلم, والأحوط وجوباً ترك وضع شيء فيها حتى في حال الإجتياز أو من خارجها, كما أنَّ الأحوط وجوباً إلحاق المشاهد المشرفة بالمساجد في الأحكام المذكورة.
الثالث: قراءة آية السجدة من سور العزائم؛ وهي آلم السجدة, وحم السجدة، والنجم، والعلق, والأحوط استحباباً إلحاق تمام السورة بها حتى بعض البسملة إذا كانت بقصد إحداها.
مسألة ۲۱6: لا فرق في حرمة دخول الجنب في المساجد بين المعمور منها والخراب وإنْ لم يصلّ فيه أحد ولم تبق آثار المسجدية, وكذلك المساجد في الأراضي المفتوحة عنوة إذا ذهبت آثار المسجدية بالمرّة.
مسألة ۲۱7: ما يشك في كونه جزءاً من المسجد من صحنه وحجراته ومنارته وحيطانه ونحو ذلك لا تجري عليه أحكام المسجدية.
مسألة ۲۱8: لا يجوز أنْ يستأجر الجنب لكنس المسجد في حال الجنابة, بل الإجارة فاسدة ولا يستحق الأجرة المسماة وإنْ كان يستحق أجرة المثل؛ هذا إذا علم الأجير بجنابته، وكذا إذا جهل بها على الأحوط وجوباً, وكذلك الصبي والمجنون الجنب, بل الأحوط وجوباً عدم التسبب لدخولهما في المسجد مطلقاً.
مسألة ۲۱9: إذا علم إجمالاً جنابة أحد الشخصين وكان الجنب منهما عالماً بجنابته لا يجوز على الأحوط وجوباً استئجارهما ولا استئجار أحدهما لقراءة العزائم أو دخول المساجد أو نحو ذلك ممّا يحرم على الجنب.
مسألة ۲۲0: مع الشك في الجنابة لا يحرم شيء من المحرمات المذكورة؛ إلا إذا كانت حالته السابقة هي الجنابة.
ما يكره على الجنب
مسألة ۲۲1: يكره للجنب الأكل والشرب إلا بعد الوضوء، أو المضمضة والإستنشاق، ويكره قراءة ما زاد على سبع آيات من غير العزائم، بل الأحوط استحباباً عدم قراءة شيء من القرآن ما دام جنباً, ويكره أيضاً مسّ ما عدا الكتابة من المصحف، والنوم جنباً إلا أنْ يتوضأ أو يتيمم بدل الغسل.
واجبات غسل الجنابة
مسألة ۲۲2: تجب في الغسل الجنابة أمور:
منها: النية؛ ولا بُدَّ فيها من الإستدامة إلى آخر الغسل كما تقدم تفصيل ذلك كلّه في الوضوء.
ومنها: غسل ظاهر البشرة على وجه يتحقّق به مسماه.
مسألة ۲۲3: لا بُدَّ من رفع الحاجب وتخليل ما لا يصل الماء معه إلى البشرة إلا بالتخليل، ولا يجب غسل الشعر؛ إلا ما كان من توابع البدن كالشعر الرقيق، ولا يجب غسل الباطن أيضاً. نعم؛ الأحوط استحباباً غسل ما يشك في أنَّه من الباطن أو الظاهر؛ إلا إذا علم سابقا أنَّه من الظاهر ثم شك في تبدله فيجب غسله حينئذ.
ومنها: الإتيان بالغسل على إحدى كيفيتين:
أولاهما: الترتيب؛ بأنْ يغسل أولاً تمام الرأس ومنه العنق ثم بقية البدن، والأحوط وجوباً أنْ يغسل أولاً تمام النصف الأيمن ثم تمام النصف الأيسر، ولا بُدَّ في غسل كلّ عضو من إدخال شيء من الآخر من باب المقدمة.
مسألة ۲۲4: لا ترتيب هنا بين أجزاء كلّ عضو فله أنْ يغسل الأسفل منه قبل الأعلى، كما أنَّه لا كيفية مخصوصة للغسل بل يكفي المسمّى كيف كان، فيجزي رمس الرأس بالماء أولاً ثم الجانب الأيمن ثم الجانب الأيسر، كما يكفي رمس البعض والصبّ على الآخر, بل يكفي تحريك العضو المرموس في الماء بلا حاجة إلى إخراجه.
ثانيتهما: الإرتماس؛ وهو تغطية البدن في الماء تغطية واحدة بنحو يحصل غسل تمام البدن فيها، فيخلل شعره فيها إنْ احتاج إلى ذلك ويرفع قدمه عن الأرض إنْ كانت موضوعة عليه، والأحوط مراعات الدفعة الواحدة العرفية في التغطية.
مسألة ۲۲5: النية في هذه الكيفية يجب أنْ تكون مقارنة لتغطية تمام البدن.
مسألة ۲۲6: لا يعتبر خروج البدن كلاً أو بعضاً من الماء ثم رمسه بقصد الغسل، بل لو ارتمس في الماء لغرض ونوى الغسل بعد الإرتماس كفى إذا تحقّق انغسال جميع البدن وهو تحت الماء, والأحوط استحباباً أنْ يحرّك بدنه وأنْ يكون بدنه خارجاً من الماء ولو بعضه.
ومنها: إطلاق الماء وطهارته وإباحته, وإباحة الآنية والمصب على تفصيل تقدم في المسألة ۱٥7, والمباشرة اختياراً, وعدم المانع من استعمال الماء من مرض ونحوه، وطهارة العضو المغسول على نحو ما تقدم في الوضوء.
مسألة ۲۲7: قد تقدم في الوضوء حكم الجبيرة والحائل وغيرهما من أفراد الضرورة, وحكم الشك والنسيان وارتفاع السبب المسوّغ للوضوء الناقص في الأثناء وبعد الفراغ منها؛ فإنَّ الغسل كالوضوء في جميع ذلك؛ حتى في الإعتناء بالشك إذا كان في الأثناء على الأحوط وجوباً، نعم؛ يفارق عنه في عدم اعتبار الموالاة فيه؛ لا في الترتيبي ولا في الإرتماسي.
مسألة ۲۲8: الغُسل الترتيبي أفضل من الغُسل الإرتماسي.
مسألة ۲۲9: يجوز العدول من الغسل الترتيبي إلى الإرتماسي.
مسألة ۲۳0: يجوز الإرتماس فيما دون الكرّ؛ وإنْ كان يجري على الماء حكم المستعمل في رفع الحدث الأكبر.
مسألة ۲۳1: إذا اغتسل باعتقاد سعة الوقت فتبين ضيقه يصحّ إنْ أدرك ركعة.
مسألة ۲۳2: ماء غسل المرأة من الجنابة أو الحيض أو نحوهما على الزوج.
مسألة ۲۳3: إذا خرج من بيته بقصد الغُسل في الحمام فجاء إلى الحمام واغتسل ولم يستحضر النية تفصيلاً كفى ذلك في نية الغسل إذا كان بحيث لو سئل ماذا تفعل لأجاب بأنَّه يغتسل، أما لو كان يتحير في الجواب بطل؛ لانتفاء النية.
مسألة ۲۳4: إذا كان قاصداً عدم إعطاء العوض للحمامي أو كان بناؤه على إعطاء الأموال المحرمة أو على تأجيل العوض مع عدم إحراز رضا الحمامي بطل غسله وإنْ استرضاه بعد ذلك.
مسألة ۲۳5: إذا ذهب إلى الحمام ليغتسل وبعد الخروج شك في أنَّه اغتسل أم لا بنى على العدم، ولو علم أنَّه اغتسل لكن شك في أنَّه اغتسل على الوجه الصحيح أم لا بنى على الصحة.
مسألة ۲۳6: إذا كان ماء الحمام مباحا لكن سُخّن بالحطب المغصوب لا مانع من الغُسل فيه.
مسألة ۲۳7: الغسل في حوض المدرسة غير صحيح لأهلهم ولغيره؛ إلا إذا علم بعموم الوقفية أو الإباحة.
مسألة ۲۳8: الماء الذي يسلبونه لا يجوز الوضوء ولا الغسل منه إلا مع العلم بعموم الإذن.
مسألة ۲۳9: لبس المئزر الغصبي باطل إذا كان وصول الماء إلى البشرة موجبا للتصرف فيه أو متحداً معه.
مستحبات الغُسل
مسألة ۲٤0: يستحب غسل اليدين أمام الغسل من المرفقين ثلاثاً، ثم المضمضة ثلاثاً، ثم الإستنشاق ثلاثاً، وإمرار اليد على ما تناله من الجسد؛ خصوصا في الترتيبي، بل ينبغي التأكد في ذلك وفي تخليل ما يحتاج إلى التخليل، ونزع الخاتم ونحوه، والإستبراء بالبول قبل الغسل.
مسألة ۲٤1: الإستبراء بالبول ليس شرطا في صحّة الغسل، لكن إذا تركه واغتسل ثم خرج منه بلل مشتبه بالمني جرى عليه حكم المني فيجب الغسل له كالمني؛ سواءً استبرء بالخرطات لتعذّر البول أم لا؛ إلا إذا علم بذلك أو بغيره عدم بقاء شيء من المني في المجرى.
مسألة ۲٤2: إذا دار أمر المشتبه بين البول والمني؛ فإنْ كان متطهراً من الحدثين وجب عليه الغسل والوضوء معا، وإنْ كان محدثاً بالأصغر وجب عليه الوضوء فقط.
مسألة ۲٤3: يجزي غُسل الجنابة عن الوضوء لكلّ ما اشترط به.
مسألة ۲٤4: إذا خرجت رطوبة مشتبهة بعد الغسل وشك في أنَّه استبرأ بالبول أم لا بنى على عدمه؛ فيجب عليه الغسل.
مسألة 245: لا فرق في جريان حكم الرطوبة المشتبهة بين أنْ يكون الإشتباه بعد الفحص والإختبار وأنْ يكون لعدم إمكان الإختبار من جهة العمى أو الظلمة أو نحو ذلك.
مسألة ۲٤6: لو أحدث بالأصغر في أثناء الغسل أتمّه وتوضأ, وله أنْ يستأنف الغسل بقصد ما عليه من التمام أو الإتمام ويتوضأ.
مسألة ۲٤7: حكم سائر الأغسال حكم غسل الجنابة في عدم بطلانها بالحدث الأصغر في أثنائها, بل يتمها ويتوضأ أو يستأنف بقصد ما عليه في الواقع.
مسألة ۲٤8: إذا أحدث بالأكبر في أثناء الغسل؛ فإنْ كان مماثلاً للحدث السابق كالجنابة في أثناء غسلها أو المسّ في أثناء غسله يستأنف الغسل، وإنْ كان مخالفاً له فلا يبطل ما أتى به، فيتمه ويأتي بالآخر، ويجوز الإستئناف بغسل واحد لها ويجب الوضوء بعده إنْ كان غير جنابة.
مسألة ۲٤9: إذا شك في غسل عضو من الأعضاء الثلاثة أو في شرطه قبل الدخول في العضو الآخر رجع وأتى به, وإنْ كان بعد الدخول فيه لم يعتن ويبني على الإتيان به.
مسألة ۲٥0: إذا صلى ثم شك في أنَّه اغتسل للجنابة أم لا بنى على صحّة صلاته ويغتسل للأعمال الآتية, ولو كان الشك في أثناء الصلاة بطلت ووجب الغسل لها.
مسألة ۲٥1: إذا اجتمع عليه أغسال متعددة واجبة أو مستحبة أو بعضها واجب وبعضها مستحب، فقد تقدم حكمها في شرائط الوضوء في المسألة ۱٦8؛ فراجع.
مسألة ۲٥2: إذا كان يعلم إجمالاً أنَّ عليه أغسالا لكنه لا يعلم بعضها بعينه يكفيه أنْ يقصد جميع ما عليه، وإذا قصد البعض المعيّن كفى عن غير المعين، وإذا علم أنَّ في جملتها غسل الجنابة وقصده في جملتها أو بعينه لم يحتج إلى الوضوء, وإذا لم يعلم أنَّه في جملتها احتاج إليه على الأحوط وجوباً.
الحيض دم متعارف بين النساء يَرينَه في زمان مخصوص, يكون في الغالب أسود أو أحمر غليظ حارّ يخرج بحرقة, عكس دم الإستحاضة, وهذه صفات غالبة ترجع إليها عند الإشتباه في بعض الموارد, وإلا فقد تكون الإستحاضة بصفات الحيض وبالعكس, ولا فرق بين خروجه من الموضع المعتاد أم من غيره, وإنْ كان خروجه بقطنة.
مسألة ۲٥3: إذا انصب من الرحم إلى فضاء الفرج ولم يخرج منه فالأحوط وجوباً الجمع بين أحكام الطاهر والحائض, ويبقى حكم حدث الحيض ما دام الدم باقياً في باطن الفرج.
مسألة ۲٥4: إذا افتضّت البكر فسال منها الدم وشك في أنَّه من دم الحيض أو من دم العذرة أو منهما؛ أدخلت قطنة وتركتها مليّا ثم أخرجتها إخراجاً رفيقا؛ فإنْ كانت مطوّقة بالدم فهو من العذرة, وإنْ كانت مستنقعه فهو من الحيض، ولا يصحّ عملها بدون ذلك ظاهراً, إلا أنْ تعلم بمصادفته الواقع.
مسألة ۲٥5: إذا تعذّر الإختبار المذكور فالإعتبار بحالها السابق من حيض أو عدمه، وإذا جهلت الحالة السابقة فالأحوط وجوباً الجمع بين عمل الحائض والطاهرة.
زمن حيض المرأة
مسألة ۲٥6: كلّ دم تراه الصبية قبل بلوغها تسع سنين ولو بلحظة، لا تكون له أحكام الحيض وإنْ علمت أنَّه حيض واقعاً، وكذا المرأة بعد اليأس؛ ويتحقّق اليأس ببلوغ خمسين سنة في غير القرشية وفيها ببلوغ ستين, والمشكوك في أنَّها قرشية بحكم غير القرشية.
مسألة ۲٥7: يجتمع الحيض والحمل حتى بعد استبانته، لكن لا يترك الإحتياط فيما يرى بعد العادة بعشرين يوما بالجمع بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة, ولا سيما إذا كان فاقداً للصفات.
أقلّ الحيض وأكثره
مسألة ۲٥8: أقلّ الحيض ما يستمر ثلاثة أيام ولو في باطن الفرج، وليلة الأول كليلة الرابع خارجتان واللّيلتان المتوسطتان داخلتان، ويعتبر الإستمرار العرفي؛ فلا يكفي وجوده في بعض كلّ يوم من الثلاثة, ولا مع انقطاعه في الليل، ويكفي التلفيق من أبعاض اليوم. وأكثر الحيض عشرة أيام، وكذلك أقلّ الطهر, ولا حدّ لأكثر الطهر. فكلّ دم تراه المرأة ناقصاً عن ثلاثة أو زائداً على العشرة أو قبل مضيّ عشرة من الحيض الأول فليس بحيض.
عادة النساء في الحيض وأقسامها وبعض أحكامها
مسألة ۲٥9: تصير المرأة ذات عادة بتكرر الحيض مرتين متواليتين من غير فصل بينهما بحيضة مخالفة، فإنْ اتفقا في الزمان والعدد -بأنْ رأت في أول كلّ من الشهرين المتواليين أو آخره سبعة أيام مثلاً- فالعادة وقتية وعددية. وإنْ اتفقا في الزمان خاصة دون العدد -بأنْ رأت في أول الشهر الأول سبعة وفي أول الثاني خمسة- فالعادة وقتية خاصة، وإنْ اتفقا في العدد فقط-بأنْ رأت الخمسة في أول الشهر الأول وفي آخر الشهر الثاني- فالعادة عددية فقط.
مسألة ۲۶0: ذات العادة الوقتية -سواءً كانت عددية أم لا- تتحيض بمجرد رؤية الدم في العادة أو قبلها أو بعدها بيوم أو يومين أو نحوه ممّا يصدق معه التقدم أو التأخر عرفاً, وإنْ كان أصفر رقيقاً فتترك العبادة وتعمل عمل الحائض في جميع الأحكام, ولكن إذا انكشف أنَّه ليس بحيض لانقطاعه قبل الثلاثة مثلاً وجب عليها قضاء الصلاة.
مسألة ۲۶1: غير ذات العادة الوقتية، سواءً كانت ذات عادة عددية فقط أم لم تكن ذات عادة أصلاً كالمبتدئة؛ إذا كان الدم جامعاً للصفات التي تقدمت تتحيض أيضاً بمجرد الرؤية في أول الحيض، وإنْ كان فاقدا للصفات تتحيض بعد ثلاثة أيام، والأحوط وجوباً في الثلاثة الجمع بين عمل الحائض والمستحاضة.
مسألة ۲۶2: إذا تقدم الدم على العادة الوقتية أو تأخر عنها بمقدار كثير لا يتعارف وقوعه -كعشرة أيام- فإنْ كان الدم جامعاً للصفات تحيّضت به أيضاً، وإلا فهي مستحاضة.
مسألة ۲۶3: تثبت العادة بوجود صفات الحيض في الدم, فإنْ استمر بها الدم أشهراً فالدم الذي يكون بصفة الحيض هو الحيض شرعاً, فإنْ تكرر ذلك العدد في الوقت المعين-كما إذا رأت الحمرة في سبعة أيام في أول الشهرين أو آخرهما- كانت ذات عادة وقتية وعددية, وإنْ رأت تمام العدد المذكور حُمرة في أول الشهر الأول ومثله في آخر الشهر الثاني فهي ذات عادة عددية خاصة, وإنْ رأت الحمرة في أول الشهر الأول عدداً معيناً ورأتها أيضاً في أول الثاني عدداً آخر فهي ذات عادة وقتية فقط, فتستغني بعد ذلك عن الأخذ بالتمييز فيما استقرت عادتها فيه.
النقاء المتخلّل بين أيام الدم وتخلّل أقلّ الطهر بين الدَّمين
مسألة ۲۶4: إذا رأت الدم ثلاثة أيام وانقطع ثم رأت ثلاثة أخرى أو أزيد؛ فإنْ كان مجموع النقاء والدمين لا يزيد على عشرة أيام كان الكلّ حيضاً واحداً والنقاء المتخلل بحكم الدمين, وإنْ تجاوز المجموع عن العشرة ولكن لم يفصل بينهما أقلّ الطهر؛ فإنْ كان أحدهما في العادة دون الآخر كان ما في العادة حيضاً والآخر استحاضة مطلقاً، أما إذا لم يصادف شيء منها العادة ولو عدم كونها ذات عادة؛ فإنْ كان أحدهما واجداً للصفات دون الآخر جعلت الواجد حيضاً والفاقد إستحاضة، وإنْ تساويا تحيّضت بالأول.
مسألة ۲۶5: إذا تخلل بين الدمين أقلّ الطهر كان كلّ منهما حيضاً مستقلاً؛ سواءً كان كلّ منهما أو أحدهما في العادة أم لا، وسواءً كان كلّ منهما أو أحدهما واجداً للصفات أم لا, والأحوط استحباباً في الدم الثاني إنْ لم يكن في العادة ولا مع الصفات؛ الجمع بين تروك الحائض وأعمال الإستحاضة.
الإستبراء عن الحيض وما يتعلّق به
مسألة ۲۶6: إذا انقطع دم الحيض لدون العشرة؛ فإنْ احتملت بقاءه في الرحم استبرأت بإدخال القطنة؛ فإنْ خرجت ملوثة ولو بصفرة بقيت على التحيض كما سيأتي، وإنْ خرجت نقيةً اغتسلت وعملت عمل الطاهر، ولا استظهار عليها هنا حتى مع ظن العود, إلا مع اعتياد تخلل النقاء على وجه تطمئن بعوده فعليها الإحتياط بالغسل والصلاة، والأولى لها في كيفية إدخال القطنة أنْ تكون ملصقه بطنها بحائط أو نحوه، رافعة إحدى رجليها ثم تدخلها، وإذا تركت الإستبراء لعذر من نسيان أو نحوه واغتسلت وصادف براءة الرحم صحّ غسلها، وكذا إنْ تركته لا لعذر واغتسلت وصادف براءة الرحم, وإنْ لم تتمكن من الإستبراء تبقى على التحيض حتى تعلم النقاء, وإنْ كان الأحوط استحباباً لها اغتسال في كلّ وقت تحتمل فيه النقاء، إلى أنْ تعلم بحصوله، فتعيد الغسل والصوم.
مسألة ۲۶7: إذا استبرأت فخرجت القطنة ملوثة ولو بصفرة؛ فإنْ كانت مبتدئة أو لم تستقر لها عادة أو عادتها عشرة بقيت على التحيض إلى تمام العشرة أو يحصل النقاء قبلها، وإنْ كانت ذات عادة دون العشرة؛ فإنْ كان ذلك الإستبراء في أيام العادة تبقى على التحيض وإنْ كان بعد انقضاء أكثر إلى أنْ يظهر لها حال الدم وأنَّه ينقطع على العشرة أو يستمر إلى ما بعد العشرة؛ فإنْ اتضح لها الإستمرار قبل تمام العشرة اغتسلت وعملت عمل الطاهر.
حكم تجاوز الدم العشرة والمبتدئة والمضطربة والناسية
مسألة ۲۶8: قد عرفت حكم الدم إذا انقطع على العشرة كان الجميع حيضاً واحداً من دون فرق بين ذات العادة وغيرها، وإذا تجاوز العشرة؛ فإنْ كانت ذات عادة وقتية وعددية تجعل ما في العادة حيضاً وإنْ كان فاقداً للصفات والزائد عليها استحاضة وإنْ كان واجداً لها، دون فرق بين كون عادتها حاصلة من تكرر التمييز أو من رؤية الدم, ومن دون فرق أيضاً بين كون الواجد للصفات الزائد على ما في العادة ممّا يمكن جعله حيضاً منضماً إلى ما في العادة, لكون المجموع منهما ومن النقاء المتخلل بينهما لا يزيد على العشرة, أو حيضاً مستقلاً لكونه مفصولاً عن الدم الذي في العادة بعشرة أيام, أو ليس بأقلّ من ثلاثة أيام, أو لا يمكن جعله حيضاً أصلاً لا منضماً ولا مستقلاً.
مسألة ۲۶9: إذا لم تكن ذات عادة وقتية وعددية؛ فإنْ كانت مبتدئة؛ وهي المرأة التي ترى الدم لأول مرة, أوالمضطربة؛ وهي التي ترى الدم ولكن لم تستقر لها عادة كانت ذات تمييّز، بمعنى أنَّ الدم المستمر إذا كان بعضه بصفات الحيض وبعضه فاقداً لها وجب عليها التحيض بالدم الواجد للصفات, بشرط عدم نقصه عن ثلاثة أيام وعدم زيادته على العشرة, وإنْ لم تكن ذات تمييز إمّا لأنه كلّه واجد للصفات أو كلّه فاقداً لها أو لأنَّ الواجد أقلّ من ثلاثة أيام أو أكثر من عشرة أيام؛ فإنْ كانت مبتدئة رجعت إلى عادة أقاربها عدداً بل وقتاً على الأحوط وجوباً إنْ اتفقن في الوقت, وإنْ اختلفن في العدد والوقت فالأحوط وجوباً لها التحيض في كلّ شهر بسبعة أيام.
مسألة ۲۷0: إذا كانت مضطربة غير مستقرة العادة فالأحوط وجوباً لها الجمع بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة في التفاوت بين عادة الأقارب والسبعة.
مسألة ۲۷1: إذا كانت ناسية لعادتها وقتاً وعدداً ترجع إلى التمييز؛ فإنْ فقدته تتحيض بسبعة أيام في كلّ شهر على الأحوط وجوباً ولا ترجع إلى الأقارب.
مسألة ۲۷2: الأحوط وجوباً أنْ تختار العدد في أول رؤية الدم, إلا إذا كان مرجح لغير الأول, وتجب الموافقة بين الشهور, فإنْ اختارت في الشهر الأول أوله تختار في الشهر الثاني ذلك أيضاً وهكذا, أو إذا تبيّن بعد ذلك أنَّ زمان الحيض غير ما اختارته وجب عليها قضاء ما فات منها من الصلوات, وكذا مع تبيّن الزيادة والنقيصة.
مسألة ۲۷3: الناسية للعادة أمّا أنْ تكون ناسية للوقت أو للعدد أو لهما معاً, وقد تقدم حكم الأخير في المسألة السابقة, وأما الثانية فتتحيّض بسبعة أيام على الأحوط وجوباً وتجعلها في الوقت الذي تعرفها, وأما الأولى فتجعل عدد العادة في أول الدم إلا إذا كان مرجح في غيره.
مسألة ۲۷4: ليس للزوج منعها عمّا تختار من العدد والوقت.
مسألة ۲۷5: إذا رأت في الشهر الأول ثلاثة أيام وفي الثاني أربعة أيام وفي الثالث ثلاثة, وفي الرابع أربعة؛ فإنْ علمت من القرائن أنَّ ذلك صارت لها عادة, فتكون ذات عادة مركبة ترجع إليها عند الشك, وإلا فيجري عليها حكم المضطربة من التحيض بالصفات, ومع فقدها فتختار السبعة على الأحوط وجوباً وتجعلها في أول الدم كما تقدم.
مسألة ۲۷6: تقدم أنَّها إنْ ذكرت الوقت ونسيت العدد تختار سبعة أيام في الوقت وحينئذٍ فإمّا إنْ تذكر أول الوقت أو وسطه أو آخره؛ ففي الصورة الأولى تجعل السبعة في أول الوقت, وفي الصورة الثانية تجعلها بحيث يصير الوقت الذي تذكره وسطاً فيها, وفي الصورة الأخيرة تجعلها بحيث يصير آخر السبعة آخر الوقت.
أحكام الحيض
مسألة ۲۷7: يحرم على الحائض جميع ما يشترط فيه الطهارة من العبادات كالصلاة والصيام والطواف والإعتكاف، ويحرم عليها جميع ما يحرم على الجنب ممّا تقدم.
مسألة ۲۷8: يحرم وطؤها في القبل؛ على الرجل وعليها، بل قيل أنَّه من الكبائر، بل الأحوط وجوباً ترك إدخال بعض الحشفة أيضاً, وكذا الأحوط وجوباً ترك وطؤها في الدُّبر, ولا بأس بالاستمتاع بها بغير ذلك وإنْ كره بما تحت المئزر ممّا بين السرة والركبة، بل الأحوط استحباباً الترك, وإذا نقيت من الدم جاز وطؤها وإنْ لم تغتسل ولا يجب غسل فرجها قبل الوطيء؛ وإنْ كان أحوط.
مسألة ۲۷9: الأحوط وجوباً للزوج دون الزوجة الكفارة عن الوطيء في أول الحيض بدينار، وفي وسطه بنصف دينار وفي آخره بربع دينار, ويجوز إعطاء القيمة, والمعتبر قيمة وقت الدفع, والدينار عبارة عن 18 حمّصة من الذهب المسكوك )4,25 غرام), ولا شيء على الساهي والناسي والصبي والمجنون والجاهل بالموضوع بل بالحكم إذا كان عن عذر, ولو وطئ السيد أمته في الحيض فالأحوط وجوباً أنْ يتصدق بثلاثة أمداد من الحنطة أو الشعير على ثلاث مساكين.
مسألة ۲۸0: لا يصحّ طلاق الحائض وظهارها إذا كانت مدخولاً بها ولو دبراً وكان زوجها حاضراً أو في حكمه؛ إلا أنْ تكون حاملا فلا بأس به حينئذ, وإذا طلقها على أنَّها حائض فبانت طاهرة يصحّ, ويفسد مع العكس.
مسألة ۲۸1: يجب الغُسل من حدث الحيض لكلّ مشروط بالطهارة من الحدث الأكبر، ويستحب الكون على الطهارة، وهو كغسل الجنابة في الكيفية من الإرتماس والترتيب, ولا يجزي عن الوضوء كغيره من الأغسال عدا غسل الجنابة على الأحوط وجوباً, كما مرَّ.
مسألة ۲۸2: يجب عليها قضاء ما فاتها من الصوم الواجب في شهر رمضان وغيره, حتى المنذور في وقت معين, وكذا يجب عليها قضاء الصلوات الواجبة كصلاة الطواف والمنذوره في وقت معين, بل صلاة الآيات على الأحوط وجوباً، نعم؛ لا تجب عليها قضاء الصلوات اليومية.
مسألة ۲۸3: تصحّ طهارتها من الحدث الأكبر غير الحيض؛ فإذا كانت جنباً واغتسلت عن الجنابة صحَّ ولا تحتاج إلى إعادة غسل الجنابة بعد رفع حدث الحيض, وكذا تصحّ منها الأغسال المندوبة, بل وكذا الوضوء؛ فإذا توضأت لغرض من الأعراض ثم ارتفع حيضها واغتسلت لا تحتاج إلى إعادة الوضوء, ويكفيها ما توضأت في حال حيضها مع عدم تخلّل الحدث الأصغر.
مسألة ۲۸4: يستحب لها التحشي والوضوء في وقت كلّ صلاة واجبة، والجلوس في مكان طاهر مستقبلة القبلة، ذاكرة لله تعالى, والأولى لها اختيار التسبيحات الأربع.
مسألة ۲۸5: يكره لها الخضاب بالحناء أو غيرها، وحمل المصحف ولمس هامشه وما بين سطوره وتعليقه.
مسألة ۲۸6: دم الإستحاضة في الغالب أصفر بارد رقيق يخرج بلا لذع وحرقة، عكس دم الحيض وربما كان بصفاته، ولا حدّ لكثيره ولا لقليله ولا للطهر المتخلل بين أفراده، ويتحقّق قبل البلوغ وبعده وبعد اليأس، وهو ناقض للطهارة بخروجه ولو بمعونة القطنة من المحل المعتاد بالأصل أو بالعارض، وفي غيره إشكال، ويكفي في بقاء حدثيته بقاؤه في باطن الفرج بحيث يمكن إخراجه بالقطنة ونحوها، بل الظاهر كفاية ذلك في انتقاض الطهارة به كما تقدم في الحيض.
مسألة ۲۸7: الإستحاضة على ثلاثة أقسام؛ قليلة، ومتوسطة، وكثيرة.
فالأولى: ما يكون الدم فيها قليلاً، بحيث لا يغمس القطنة.
والثانية: ما يكون فيها أكثر من ذلك، بأنْ يغمس القطنة ولا يسيل.
والثالثة: ما يكون فيها أكثر من ذلك، بأنْ يغمسها ويسيل منها.
مسألة ۲۸8: يجب عليها الإختبار حال الصلاة؛ بإدخال القطنة في الموضع المتعارف، والصبر عليها بالمقدار المتعارف، وإذا تركته عمدا أو سهوا وعملت؛ فإنْ طابق عملها الوظيفة اللازمة لها صحَّ، وإلا بطل.
مسألة 289: حكم القليلة وجوب تبديل القطنة أو تطهيرها على الأحوط وجوباً ووجوب الوضوء لكلّ صلاة؛ فريضة كانت أو نافلة دون الأجزاء المنسية وصلاة الإحتياط, وسجود السهر المتصل بالصلاة، فلا يحتاج فيها إلى تجديد الوضوء أو غيره.
مسألة ۲۹0: حكم المتوسطة -مضافاً إلى ما ذكر من الوضوء وتجديد القطنة، أو تطهيرها لكلّ صلاة على الأحوط- غُسل قبل صلاة الصبح قبل الوضوء، أو بعده, أو الوضوء في أثناء الغسل إنْ كان ترتيباً.
مسألة ۲۹1: حكم الكثيرة -مضافاً إلى وجوب تجديد القطنة على الأحوط وجوب الوضوء لكلّ صلاة, والغسل للصبح- غسلان آخران، أحدهما للظهرين تجمع بينهما، والآخر للعشاءين كذلك، ولا يجوز لها الجمع بين أكثر من صلاتين بغسل واحد، نعم؛ يكفي للنوافل أغسال الفرائض، وإنْ كان يجب لكلّ صلاة منها الوضوء كما سبق.
مسألة ۲۹2: إذا حدثت المتوسطة بعد صلاة الصبح وجب الغسل للظهرين، وإذا حدثت بعدهما وجب الغسل للعشاءين، وإذا حدثت قبل صلاة الصبح ولم تغتسل لها عمداً أو سهواً وجب الغسل للظهرين، وعليها إعادة صلاة الصبح، وكذا إذا حدثت في أثناء الصلاة وجب استئنافها بعد الغسل والوضوء.
مسألة 293: إذا حدثت الكبرى بعد صلاة الصبح وجب غسل للظهرين وآخر للعشاءين، وإذا حدثت بعد الظهرين وجب غسل واحد للعشاءين.
مسألة ۲۹4: إذا انقطع دم الإستحاضة إنقطاع برء؛ فإنْ كان قبل فعل الطهارة أتت بها وصلَّت, وإنْ كان في أثناء الطهارة أو بعدها أعادتها وصلت, وإنْ كان في أثناء الصلاة أعادت الطهارة والصلاة، بل وكذا إنْ كان بعد الصلاة, وهكذا الحكم إذا كان الإنقطاع إنقطاع فترة تسع الطهارة والصلاة، بل الأحوط ذلك أيضاً إذا كانت الفترة تسع الطهارة وبعض الصلاة أو شك في ذلك، فضلاً عمّا إذا شك في أنَّها تسع الطهارة وتمام الصلاة أو أنَّ الإنقطاع لبرء أو فترة تسع الطهارة وبعض الصلاة.
مسألة ۲۹5: إذا علمت المستحاضة أنَّ لها فترة تسع الطهارة والصلاة وجب تأخير الصلاة إليها، وإذا صلت قبلها بطلت صلاتها ولو مع الوضوء والغسل، وإذا كانت الفترة في أول الوقت فأخرت الصلاة عنها عمداً أو نسياناً عصت، وعليها الصلاة بعد فعل وظيفتها.
مسألة ۲۹6: إذا انقطع الدم إنقطاع برء وجددت الوظيفة اللازمة لها لم تجب المبادرة إلى فعل الصلاة، بل حكمها حينئذٍ حكم الطاهرة في جواز تأخير الصلاة.
مسألة ۲۹7: إذا اغتسلت ذات الكثيرة لصلاة الظهرين ولم تجمع بينهما عمداً أو لعذر وجب عليها تجديد الغسل للعصر، وكذا الحكم في العشاءين.
مسألة ۲۹8: إذا انتقلت الإستحاضة من الأدنى إلى الأعلى كالقليلة إلى المتوسطة أو إلى الكثيرة والمتوسطة إلى الكثيرة تصحّ ما صلتها مع وظيفة الأدنى ولا تجب إعادتها ويجب عليها عمل الأعلى بالنسبة إلى الصلوات الآتية؛ فإذا تبدلت القليلة إلى المتوسطة أو إلى الكثيرة بعد صلاة الصبح مضت صلاتها وتكون بالنسبة إلى الظهرين والعشاءين كما إذا حدثتا بعد الصلاة من دون سبق القليلة فتغتسل غسلاً واحداً للظهرين في الصورة الأولى, وغسلاً آخر للعشاءين في الصورة الثانية, بخلاف ما إذا تبدلت إليهما قبل صلاة الصبح, فإنَّها تغتسل لها, بل لو توضّأت قبل التبدل تستأنف الوضوء حتى إذا تبدلت المتوسطة بالكثيرة بعد الإغتسال لصلاة الصبح استأنفت الغسل وتعمل في ذلك اليوم عمل الكثيرة, كما إذا لم يكن مسبوقاً بالتوسط.
مسألة ۲۹9: إذا انتقلت الإستحاضة من الأعلى إلى الأدنى استمرت على عملها للأعلى بالنسبة إلى الصلاة الأولى وتعمل عمل الأدنى بالنسبة إلى الباقي، فإذا انتقلت الكثيرة إلى المتوسطة أو القليلة اغتسلت وتوضأت للظهر، واقتصرت على الوضوء بالنسبة إلى العصر والعشاءين.
مسألة ۳۰0: قد عرفت أنَّه يجب عليها المبادرة إلى الصلاة بعد الوضوء والغسل، لكن يجوز لها الإتيان بالأذان والإقامة والأدعية المأثورة وما تجري العادة بفعله قبل الصلاة على فعله, ولو من جهة لزوم العسر والمشقة بدونه، مثل الذهاب إلى المصلى وتهيئة المسجد، ونحو ذلك، وكذلك يجوز لها الإتيان بالمستحبات في الصلاة.
مسألة 301: يجب عليها التحفظ من خروج الدم بحشو الفرج بقطنة وشده بخرقة ونحو ذلك؛ فإذا قصرت وخرج الدم أعادت الصلاة، بل الأحوط إعادة الغسل.
مسألة 302: الأحوط وجوباً توقف صحّة الصوم من المستحاضة على فعل الأغسال النهارية في الكثيرة، وفي المتوسطة على غسل الفجر، كما أنَّ الأحوط وجوباً توقف جواز وطئها على الغسل, بل وكذا دخول المساجد وقراءة العزائم، ولا يجوز لها مس المصحف ونحوه إلا بعد الغسل والوضوء، بل الأحوط استحباباً عدم الجواز مع الفصل المعتد به.
مسألة 303: هو دم الولادة معها أو بعدها، ولا حدّ لقليله, وحدّ كثيره عشرة أيام من حين الولادة، وإذا رأته بعد العشرة لم يكن نفاساً، وإذا لم تر فيها دماً لم يكن لها نفاس أصلاً، ومبدأ حساب الأكثر من حين تمام الولادة، لا من حين الشروع فيها، وإنْ كان جريان الأحكام عليه من حين الشروع إذا رأت.
مسألة ۳۰4: لا يعتبر فصل أقلّ الطهر بين النفاسين كما إذا ولدت توأمين وقد رأت الدم عند كلٍّ منهما, بل النقاء المتخلل بينهما طهر ولو كانت لحظة، بل لا يعتبر الفصل بين النفاسين أصلاً، كما إذا ولدت ورأت الدم إلى عشرة ثم ولدت آخر على رأس العشرة ورأت الدم إلى عشرة أخرى فالدمان جميعاً نفاسان متواليان، وإذا لم تر الدم حين الولادة ثم رأته قبل العشرة وانقطع عليها فالدمان والنقاء بينهما كلّها نفاس واحد، وإنْ كان الأحوط استحباباً في النقاء الجمع بين عمل الطاهرة والنفساء.
مسألة 305: الدم الخارج قبل ظهور الولد ليس بنفاس فإنْ كان متصلاً بالولادة علم أنَّه حيض وكان بشرائطه جرى عليه حكمه, وكذا إذا كان منفصلاً عنها بعشرة أيام نقاء, وإنْ كان منفصلاً عنها بأقلّ من عشرة أيام نقاء وكان بشرائط الحيض أو كان متصلاً بالولادة ولم يعلم أنَّه حيض وكان بشرائطه فالأحوط وجوباً الجمع فيه بين أعمال الحيض والإستحاضة.
مسألة 306: إذا تجاوز دمها العشرة من حين الولادة؛ فإنْ كانت ذات عادة وقتيه وعددية وقد رأت الدم في تمامها -كأنْ ولدت في أول العادة ورأت الدم من حين الولادة, واستمر حتى تجاوز العشرة- إقتصرت في النفاس على عادتها والزائد عليه استحاضة كما إذا كانت العادة سبعة في أول الشهر فولدت في أول الرابع ورأت الدم حينئذٍ فإنَّ نفاسها إلى العاشر الذي هو سابع الولادة, وكذا إذا رأته بعد العادة الوقتية كما إذا كانت عادتها الخمسة الأولى من الشهر فولدت في أول السادس منه فإنَّ نفاسها يكون ثلاثة أيام لا غير.
مسألة ۳۰7: إذا رأت الدم في عشرة الولادة واستمر حتى تجاوز العشرة من حين الولادة؛ فإنْ لم تكن ذات عادة, بأنْ تكون مبتدئة أو مضطربة ناسية؛ كان نفاسها تمام العشرة, وإنْ كانت ذات عادة عددية؛ إقتصرت عليها في أول الدم فجعلته نفاساً وما زاد عليها إستحاضة, فإذا كانت عادتها خمسة أيام وقد ولدت في أول الشهر فالدم في الخمسة الأولى نفاس والزائد عليه إلى ما بعد العشرة إستحاضة؛ سواءً كانت الخمسة الأولى عادة وقتية لها أم لا, إما لكون الوقتية في الوقت المذكور أو بعضها فيه وبعضها في غيره أو لعدم كونها ذات عادة وقتية.
مسألة ۳۰8: النفساء بحكم الحائض في الاستظهار عند تجاوز الدم أيام العادة، قد تقدم في المسألة ۲۶7, وفي لزوم الإختبار عند ظهور انقطاع الدم وقد تقدم في المسألة ۲۶6, ويحرم عليها ما يحرم على الحائض ويندب لها ما يندب لها ويكره لها ما يكره لها, وتقضي الصوم ولا تقضي الصلاة، ولا يصحّ طلاقها, إلى غير ذلك من أحكام الحائض وقد تقدم في المسألة ۲۷7.
مسألة ۳۰9: إذا استمر الدم بعد العشرة شهراً أو أكثر أو أقل؛ فإنْ كانت لها عادة بينها وبين النفاس عشرة أيام كان حيضاً في أيام العادة واستحاضة في غيرها, وإنْ لم تكن لها عادة وكان هناك تمييز بينه وبين النفاس عشرة أيام كان حيضاً في أيام التمييز واستحاضة في غيرها, وإنْ لم تكن لها عادةً ولا تمييز رجعت إلى اختيار العدد كما تقدم في الحائض, وكذلك إذا كانت ذات عادة أو تمييز ولم يكن بينه وبين النفاس عشرة أيام فإنَّها ترجع إلى العدد أيضاً.
أحكام الإحتضار
الإحتضار: هو حال النزع وزهوق الروح عن البدن؛ أعاننا الله تعالى عليه.
مسألة ۳10: يجب توجيه المحتضر إلى القبلة؛ بأنْ يلقى على ظهره ويجعل وجهه وباطن رجليه إليها، بل الأحوط وجوب ذلك على المحتضر نفسه إنْ أمكنه ذلك. ويستحب نقله إلى مصلاه إنْ اشتد عليه النزع، وتلقينه الشهادتين، والإقرار بالنبي صلی الله و علیه و آله و سلم والأئمة علیهم السلام وسائر الإعتقادات الحقة، وتلقينه كلمات الفرج.
مسألة ۳11: يستحب أنْ تغمض عيناه ويطبق فوه ويشدّ لحياه وتمدّ يداه إلى جانبيه وساقاه ويغطى بثوب، وأنْ يقرأ عنده القرآن، ويسرج في المكان الذي مات فيه إنْ مات في الليل، وإعلام المؤمنين بموته ليحضروا جنازته ويعجل تجهيزه؛ إلا إذا شك في موته فينتظر به حتى يعلم موته.
مسألة ۳12: يكره أنْ يحضره جنب أو حائض, وأنْ يُمسّ حال النزع, وأنْ يثقل بطنه بحديد أو غيره، وأنْ يترك وحده.
مسألة ۳13: يجب كفايةً تغسيل كلّ مسلم ولو كان مخالفاً, ولا يجوز تغسيل الكافر ومن حكم بكفره من المسلمين.
مسألة ۳14: أطفال المسلمين حتى ولد الزنا منهم بحكمهم فيجب تغسيلهم, بل يجب تغسيل السقط أيضاً إذا تم له أربعة أشهر, فيكفن ويدفن على المتعارف, وإذا كان له أقلّ من ذلك لا يجب غُسله, بل يلف في خرقة ويدفن إنْ لم تلجه الروح, وإلا فيكون مثل ما إذا تم له أربعة اشهر.
مسألة 315: تجب إزالة النجاسة عن كلّ عضو قبل الشروع في غسله, والأحوط استحباباً إزالة النجاسة عن جميع بدن الميت قبل الشروع في غسله, ثم تغسيله بماء السدر, ثم بماء الكافور, ثم بماء القراح؛ كلّ واحد منها كغسل الجنابة الترتيبي, ولا بُدَّ فيه من النية على حسب ما عرفت في الشرط التاسع من شروط الوضوء.
مسألة ۳16: إذا كان المغسل غير الولي فلا بُدَّ من إذن الولي, وهو الزوج بالنسبة إلى الزوجة، ثم المالك، ثم الطبقة الأولى في الميراث؛ وهم الأبوان والأولاد، ثم الثانية؛ وهم الأجداد والإخوة، ثم الثالثة؛ وهم الأعمام والأخوال، ثم المولى المعتق، ثم ضامن الجريرة، ثم الحاكم الشرعي.
مسألة ۳17: البالغون في كلّ طبقة مقدمون على غيرهم والذكور مقدمون على الإناث، وفي تقديم الأب في الطبقة الأولى على الأولاد والجد على الأخ، والأخ من الأبوين على الأخ من أحدهما، والأخ من الأب على الأخ من الأم، والعم على الخال؛ إشكال، والأحوط وجوباً الإستئذان من الطرفين.
مسألة ۳18: إذا تعذّر استئذان الولي لعدم حضوره مثلاً أو امتنع عن الإذن وعن مباشرة التغسيل وجب تغسيله على غيره ولو بلا إذن.
مسألة ۳19: إذا أوصى أنْ يغسله شخص معين لم يجب عليه القبول، وإذا قبل فالأحوط وجوباً الإستئذان منه ومن الولي، وإذا أوصى أنْ يتولى تجهيزه شخص معين جاز له الردّ في حياة الموصي وليس له الردّ بعد ذلك، ووجب الإستئذان منه ومن الولي على الأحوط وجوباً.
مسألة ۳20: يجب في التغسيل نية القربة وطهارة الماء وإباحته، وإباحة السدر والكافور، بل الفضاء الذي يشغله الغسل، ومجرى الغسالة على الأحوط وجوباً، ومنه السدة التي يغسل عليها إذا كان ماء الغسل يجري عليها, أما إذا كان لا يجري عليها فمع عدم الإنحصار يصحّ الغسل عليها، أما معه فيسقط الغسل، لكن إذا غسّل حينئذ صحّ الغسل، وكذلك التفصيل في ظرف الماء إذا كان مغصوباً.
مسألة ۳21: يجزي تغسيل الميت قبل برده.
مسألة ۳22: إذا تعذّر السدر والكافور يجب تغسيله ثلاث مرات بالماء القراح، وينوي بالأولين البدلية عن الغسل بالسدر والكافور.
مسألة ۳23: يعتبر في كلّ من السدر والكافور أنْ لا يكون كثيراً بمقدار يوجب خروج الماء عن الإطلاق إلى الإضافة، ولا قليلاً بحيث لا يصدق أنَّه مخلوط بالسدر والكافور، ويعتبر في الماء القراح أنْ يصدق خلوصه منهما، فلا بأس أنْ يكون فيه شيء منهما إذا لم يصدق الخلط.
مسألة ۳24: إذا تعذّر الماء أو خيف تناثر لحم الميت بالتغسيل يُيمَّم ثلاث مرات؛ ينوي بواحد منها ما في الذمة.
مسألة ۳25: يجب أنْ يكون التيمم بيد الحي، والأحوط وجوباً مع الإمكان أنْ يكون بيد الميت أيضاً.
مسألة ۳26: يشترط في الإنتقال إلى التيمم الإنتظار إذا احتمل تجدد القدرة على التغسيل، فإذا حصل اليأس جاز التيمم، لكن إذا اتفق تجدد القدرة قبل الدفن وجب التغسيل، وإذا تجددت بعد الدفن وخيف على الميت من الضرر أو الهتك لم يجب الغسل وإلا ففي وجوب نبشه واستئناف الغسل إشكال، وكذا الحكم فيما إذا تعذّر السدر أو الكافور.
مسألة ۳27: إذا تنجس بدن الميت بعد الغسل أو في أثنائه بنجاسة خارجية أو منه وجب تطهيره؛ ولو بعد وضعه في القبر، نعم؛ لا يجب ذلك بعد الدفن.
مسألة ۳28: إذا خرج من الميت بول أو مني لا تجب إعادة غسله؛ ولو قبل الوضع في القبر.
مسألة ۳29: لا يجوز أخذ الأجرة على تغسيل الميت، ويجوز أخذ العوض على بذل الماء ونحوه ممّا لا يجب بذله مجاناً.
مسألة ۳30: لا يجوز أنْ يكون المغسل صبياً إذا كان تغسيله على الوجه الصحيح.
مسألة ۳31: يجب في المغسل أنْ يكون مماثلا للميت في الذكورة والأنوثة، فلا يجوز تغسيل الذكر للأنثى ولا العكس، ويستثنى من ذلك صور:
الأولى: أنْ يكون الميت طفلاً لم يتجاوز ثلاث سنين، فيجوز للذكر وللأنثى تغسيله؛ سواءً كان ذكراً أم أنثى، مجرداً عن الثياب أم لا, وجد المماثل له أو لا.
الثانية: الزوج والزوجة؛ فإنَّه يجوز لكلٍّ منهما تغسيل الآخر، سواءً كان مجرداً أم من وراء الثياب، وسواءً وجد المماثل أم لا، من دون فرق بين الحرة والأمة، والدائمة والمنقطعة، وكذا المطلقة الرجعية إذا كان الموت في أثناء العدة.
الثالثة: المحارم بنسب أو رضاع أو مصاهرة، والأحوط وجوباً اعتبار فقد المماثل وكونه من وراء الثياب.
الرابعة: المولى؛ فإنَّه يجوز له تغسيل أمته إذا لم تكن مزوجة ولا في عدة غيره ولا محللة ولا مبعضة ولا مكاتبة, وأما تغسيل الأمة لمولاها فالأحوط وجوباً مع الإنحصار تغسيلها إيّاه.
مسألة ۳32: إذا اشتبه ميت بين الذكر والأنثى، غسله كلّ من الذكر والأنثى من وراء الثياب.
مسألة ۳33: إذا انحصر المماثل بالكافر الكتابي أمره المسلم أنْ يغتسل أولاً ثم يغسل الميت، والأحوط وجوباً أنْ ينوي كلّ من الآمر والمغسل، وإذا أمكن التغسيل بالماء المعتصم كالكرّ والجاري تعيَّن ذلك حينئذ، إلا إذا أمكن أنْ لا يمسّ الماء ولا بدن الميت فتخير حينئذ بينهما، وإذا أمكن المخالف قدم على الكتابي, والأحوط وجوباً أمره بالغسل أيضاً ثم يغسل الميت، وإذا أمكن المماثل بعد ذلك أعاد التغسيل.
مسألة ۳34: إذا لم يوجد المماثل حتى المخالف والكتابي سقط الغسل، ولكن الأحوط استحباباً تغسيل غير المماثل من وراء الثياب من غير لمس ونظر، ثم ينشف بدنه بعد التغسيل قبل التكفين.
مسألة ۳35: إذا دفن الميت بلا تغسيل عمداً أو خطأً؛ وجب نبشه لتغسيله أو تيممه، وكذا إذا ترك بعض الأغسال ولو سهواً أو تبين بطلانها أو بطلان بعضها؛ كلّ ذلك إذا لم يلزم محذور من هتكه أو الإضرار ببدنه.
مسألة ۳36: إذا مات الميت محدثاً بالأكبر كالجنابة أو الحيض؛ لا يجب إلا تغسيله غسل الميت فقط.
مسألة ۳37: إذا كان محرماً لا يجعل الكافور في ماء غسله الثاني إلا أنْ يكون موته بعد طواف الحج أو العمرة، وكذلك لا يحنط بالكافور، بل لا يقرب إليه طيب آخر، ولا يلحق به المعتدة للوفاة والمعتكف.
مسألة ۳38: يستثنى من وجوب تغسيل كلّ مسلم صنفان:
الأول: الشهيد المقتول في المعركة مع الإمام علیه السلام أو نائبه الخاص، أو في حفظ بيضة الإسلام، ويشترط فيه أنْ يكون خروج روحه في المعركة قبل انقضاء الحرب أو بعدها بقليل ولم يدركه المسلمون وبه رمق، فإذا أدركه المسلمون وبه رمق غُسّل على الأحوط وجوباً.
وإذا كان في المعركة مسلم وكافر واشتبه أحدهما بالآخر وجب الإحتياط بتغسيل كلٍّ منهما وتكفينه ودفنه.
الثاني: من وجب قتله برجم أو قصاص؛ فإنَّه يغتسل غسل الميت المتقدم تفصيله, ويحنط ويكفن كتكفين الميت، ثم يقتل فيصلى عليه، ويدفن بلا تغسيل.
مندوبات غسل الميت
مسألة ۳39: أنْ يوضع الميت في حال التغسيل على مرتفع، وأنْ يكون تحت الظلال، وأنْ يوجه إلى القبلة كحالة الإحتضار؛ بل هو الأحوط استحباباً، وأنْ ينزع قميصه من طرف رجليه وإنْ استلزم فتقه؛ بشرط إذن الوارث؛ والأولى أنْ يجعل ساتراً لعورته، وأنْ تلين أصابعه برفق وكذا جميع مفاصله، وأنْ يغسل رأسه برغوة السدر وفرجه بالأشنان، وأنْ يبدأ بغسل يديه إلى نصف الذراع في كلّ غسل ثلاث مرات, ثم بشق رأسه الأيمن ثم الأيسر، ويغسل كلّ عضو ثلاثا في كلّ غسل ويمسح بطنه في الأولين، إلا الحامل التي مات ولدها في بطنها فيكره ذلك، وأنْ يقف الغاسل على الجانب الأيمن للميت، وأنْ يحفر للماء حفيرة، وأنْ ينشف بدنه بثوب نظيف أو نحوه.
مكروهات غسل الميت
مسألة ۳٤0: يكره إقعاده حال الغسل، وترجيل شعره، وقص أظافره, وجعله بين رجلي الغاسل، وإرسال الماء في الكنيف، وحلق رأسه أو عانته، وقص شاربه، وتخليل ظفره، وغسله بالماء الساخن بالنار أو مطلقاً إلا مع الإضطرار، والتخطي عليه حين التغسيل.
التكفين
مسألة ۳٤1: يجب تكفين الميت بثلاث أثواب:
الأول: المئزر، ويجب أنْ يكون ساتراً ما بين السرة والركبة.
الثاني: القميص، ويجب أنْ يكون ساتراً ما بين المنكبين إلى نصف الساق.
الثالث: الإزار، ويجب أنْ يغطي تمام البدن.
والأحوط وجوباً في كلّ واحد منها أنْ يكون ساترا لما تحته غير حاكٍ عنه؛ وإنْ حصل الستر بالمجموع.
مسألة ۳٤2: لا بُدَّ في التكفين من إذن الولي على نحو ما تقدم في التغسيل، ولا يعتبر فيه نية القربة وإنْ كانت أحوط استحباباً.
مسألة ۳٤3: إذا تعذّرت القطعات الثلاث إقتصر على الميسور، وإذا دار الأمر بينهما يقدم الإزار، وعند الدوران بين المئزر والقميص يقدم القميص، وإنْ لم يكن إلا مقدار ما يستر العورة تعيَّن الستر به، وإذا دار الأمر بين ستر القبل والدبر تعيَّن ستر القبل.
مسألة ۳٤4: لا يجوز اختياراً التكفين بما لا تجوز الصلاة فيه اختياراً للرجل؛ فلا يجوز بالحرير, ولا بما لا يؤكل لحمه, ولا بالنجس؛ حتى إذا كانت نجاسته معفواً عنها, بل الأحوط وجوباً أنْ لا يكون من جلد المأكول, وأما وبره وشعره فيجوز التكفين به, وأما في حال الإضطرار فيجوز بالجميع.
مسألة ۳٤5: لا يجوز التكفين بالمغصوب حتى مع الإنحصار, وأما جلد الميتة فلا يجوز التكفين به مع الإختيار، والأحوط وجوباً مع الإنحصار التكفين به.
مسألة ۳٤6: يجوز التكفين بالحرير غير الخالص بشرط أنْ يكون الخليط أزيد من الحرير على الأحوط وجوباً.
مسألة ۳٤7: إذا تنجس الكفن بنجاسة من الميت أو من غيره وجب إزالتها ولو بعد الوضع في القبر؛ بغسل أو بقرض إذا كان الموضع يسيراً، وإنْ لم يمكن ذلك وجب تبديله مع الإمكان.
مسألة ۳٤8: القدر الواجب من الكفن يخرج من أصل التركة قبل الدين والوصية، وكذا ما وجب من مؤونة تجهيزه ودفنه من السدر والكافور وماء الغسل وقيمة الأرض وما يأخذه الظالم من الدفن في الأرض المباحة وأجرة الحمال والحفار ونحوها.
مسألة ۳٤9: كفن الزوجة على زوجها وإنْ كانت صغيرة أو مجنونة أو أمة أو غير مدخول بها، وكذا المطلقة الرجعية، ولا فرق في الزوج بين أحواله من الصغر والكبر وغيرهما من الأحوال.
مسألة ۳50: يشترط في وجوب كفن الزوجة على زوجها يساره وأنْ لا يكون محجوراً عليه قبل موتها بفلس، وأنْ لا يكون ماله متعلقاً به حقّ غيره برهن أو غيره، وأنْ لا يقترن موتها بموته، وعدم تعيينها الكفن بالوصية، لكن الأحوط وجوباً في صورة فقد إحدى الشروط الثلاثة الأول وجوب الإستقراض إنْ أمكن, وكذا الإحتياط في صورة عدم العمل بوصيتها بالكفن.
مسألة ۳51: كما أنَّ كفن الزوجة على زوجها، كذلك سائر مؤن التجهيز من السدر والكافور وغيرهما ممّا عرفت على الأحوط وجوباً.
مسألة ۳52: الزائد على المقدار الواجب من الكفن وسائر مؤن التجهيز لا يجوز إخراجه من الأصل إلا مع رضا الورثة، وإذا كان فيهم صغير أو غير رشيد لا يجوز لوليه الإجازة في ذلك، فيتعين حينئذ إخراجه من حصة الكاملين برضاهم، وكذا الحال في قيمة القدر الواجب؛ فإنَّ الذي يخرج من الأصل ما هو أقلّ قيمة إنْ لم يكن خلاف المتعارف، ولا يجوز إخراج الأكثر منه إلا مع رضاء الورثة الكاملين، فلو كان الدفن في بعض المواضع لا يحتاج إلى بذل مال وفي غيره يحتاج إلى ذلك لا يجب للولي مطالبة الورثة بذلك ليدفنه فيه.
مسألة ۳53: كفن واجب النفقة من الأقارب في ماله لا على من تجب عليه النفقة.
مسألة ۳54: إذا لم يكن للميت تركة بمقدار الكفن يدفن عارياً، ولا يجب على المسلمين بذل كفنه.
مندوبات التكفين
مسألة ۳55: يستحب في الكفن:
العمامة للرجل؛ ويكفي فيها المسمى، والأولى أنْ تدار على رأسه ويجعل طرفها تحت حنكه على صدره؛ الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن.
والمقنعة للمرأة؛ ويكفي فيها أيضاً المسمى، ولفافة لثدييها يشدان بها إلى ظهرها.
وخرقة يعصب بها وسط الميت؛ ذكراً كان أو أنثى، وخرقة أخرى للفخذين تلف عليهما.
ولفافة فوق الإزار يلف بها تمام بدن الميت، والأولى كونها برداً يمانياً.
وأنْ يجعل القطن أو نحوه عند تعذّره بين رجليه؛ يستر به العورتان، ويوضع عليه شيء من الحنوط، وأنْ يحشى دبره ومنخراه، وقبل المرأة إذا خيف خروج شيء منها، وإجادة الكفن، وأنْ يكون من القطن، وأنْ يكون أبيض، وأنْ يكون من خالص المال وطهوره، وأنْ يكون ثوباً قد أحرم أو صلى فيه، وأنْ يلقى عليه الكافور والذريرة، وأنْ يخاط بخيوطه إذا احتاج إلى الخياطة، وأنْ يكتب على حاشية الكفن: فلان ابن فلان يشهد أنَّ لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنَّ محمداً رسول الله صلی الله و علیه و آله و سلم، ثم يذكر الأئمة علیهم السلام واحداً بعد واحد، وأنَّهم أولياء الله وأوصياء رسوله، وأنَّ البعث والثواب والعقاب حق، وأنْ يكتب على الكفن دعاء الجوشن الصغير والكبير، ويلزم أنْ يكون ذلك كلّه في موضع يؤمن عليه من النجاسة والقذارة، فيكتب في حاشية الإزار من طرف رأس الميت، والأولى أنْ يكون ذلك في شيء يستصحب معه بالتعليق في عنقه أو الشدّ في يمينه، ويستحب في التكفين أنْ يجعل طرف الأيمن من اللفافة على أيسر الميت والأيسر على أيمنه، وأنْ يكون المباشر للتكفين على طهارة من الحدث، وإنْ كان هو المغسل غسل يديه من المرفقين بل المنكبين ثلاث مرات، ورجليه إلى الركبتين، ويغسل كلّ موضع تنجس من بدنه، وأنْ يجعل الميت حال التكفين مستقبل القبلة، والأولى أنْ يكون كحال الصلاة عليه.
مكروهات التكفين
مسألة ۳56: يكره قطع الكفن بالحديد، وعمل الأكمام والزرور له، ولو كفن في قميصه قطع أزراره ويكره بَلّ الخيوط التي تخاط بها بريقه، وتبخيره، وتطييبه بغير الكافور والذريرة، وأنْ يكون أسود؛ بل مطلق المصبوغ، وأنْ يكتب عليه بالسواد، وأنْ يكون من الكتان، وأنْ يكون ممزوجا بإبريسم، والمماكسة في شرائه، وجعل العمامة بلا حنك وكونه وسخاً، وكونه مخيطاً.
مسألة ۳57: يستحب لكلّ أحد أنْ يهيئ كفنه قبل موته وأنْ يكرر نظره إليه.
تحنيط الميت
مسألة ۳58: يجب إمساس مساجد الميت السبعة؛ الجبهة والكفان والركبتان وإبهاما الرجلين بالكافور، ويكفي المسمى, والأحوط وجوباً أنْ يكون بالمسح باليد، بل بالراحة، والأفضل أنْ يكون وزنه سبعة مثاقيل، ويستحب سحقه باليد، كما يستحب مسح مفاصله ولُبته وصدره وباطن قدميه وظاهر كفيه.
مسألة 359: التحنيط بعد التغسيل أو التيمم قبل التكفين أو في أثنائه أو بعده؛ الأول أولى.
مسألة ۳60: يشترط في الكافور أنْ يكون طاهراً مباحاً مسحوقاً له رائحة.
مسألة ۳61: يكره إدخال الكافور في عين الميت وأنفه وأذنه وعلى وجهه.
الجريدتين
مسألة ۳62: يستحب أنْ يجعل مع الميت جريدتان رطبتان؛ إحداهما من الجانب الأيمن من عند الترقوة ملصقة ببدنه، والأخرى من الجانب الأيسر من عند الترقوة بين القميص والإزار، والأولى أنْ يكونا من النخل، فإنْ لم يتيسر فمن السدر، فإنْ لم يتيسر فمن الخلاف أو الرمان، والرمان مقدم على الخلاف، وإلا فمن كلّ عود رطب.
مسألة ۳63: إذا تركت الجريدتان لنسيان أو نحوه فالأولى جعلهما فوق القبر؛ واحدة عند رأسه، والأخرى عند رجليه.
مسألة 364: الأولى أنْ يكتب عليهما ما يكتب على حواشي الكفن ممّا تقدم، ويلزم الإحتفاظ عن تلوثهما بما يوجب المهانة ولو بلفهما بما يمنعهما عن ذلك من قطن ونحوه.
الصلاة على الميت
مسألة ۳65: تجب الصلاة وجوباً كفائياً على كلّ ميت مسلم؛ ذكراً كان أم أنثى، حراً أم عبداً، مؤمناً أم مخالفاً، عادلاً أم فاسقاً، ولا تجب على أطفال المسلمين إلا إذا بلغوا ست سنين، يستحب على من لم يبلغ ذلك إنْ تولد حياً، وإنْ كان الأحوط الإتيان بها برجاء المطلوبية، وكل من وجد ميتاً في بلاد الإسلام فهو مسلم ظاهراً، وكذا لقيط دار الإسلام بل دار الكفر إذا احتمل كونه مسلماً على الأحوط.
مسألة ۳66: كيفية الصلاة على الميت أنْ يكبر أولاً ويتشهد الشهادتين، ثم يكبر ثانياً، ويصلي على النبي صلی الله و علیه و آله و سلم ثم يكبر ثالثاً ويدعو للمؤمنين، ثم يكبر رابعاً ويدعو للميت، ثم يكبر خامساً وينصرف، والأحوط استحباباً الجمع بين الأدعية بعد كلّ تكبيرة, ولا قراءة فيها ولا تسليم.
مسألة ۳67: يجب في صلاة الميت أمور:
الأول: النية على نحو ما تقدم في الوضوء.
الثاني: حضور الميت؛ فلا يصلى على الغائب.
الثالث: إستقبال المصلي القبلة.
الرابع: أنْ يكون رأس الميت إلى جهة يمين المصلي، ورجلاه إلى جهة يساره.
الخامس: أنْ يكون مستلقياً على قفاه.
السادس: وقوف المصلي خلفه محاذياً لبعضه، إلا أنْ يكون مأموماً وقد استطال الصف حتى خرج عن المحاذاة.
السابع: أنْ لا يكون المصلي بعيداً عنه على نحو لا يصدق الوقوف عنده إلا مع اتصال الصفوف في الصلاة جماعة.
الثامن: أنْ لا يكون بينهما حائل من ستر أو جدار، ولا يضر الستر بمثل التابوت ونحوه.
التاسع: أنْ يكون المصلي قائماً؛ فلا تصحّ صلاة غير القائم إلا مع عدم التمكن من صلاة القائم.
العاشر: الموالاة بين التكبيرات والأدعية.
الحادي عشر: أنْ تكون الصلاة بعد التغسيل والتحنيط والتكفين، وقبل الدفن.
الثاني عشر: أنْ يكون الميت مستور العورة ولو بنحو الحجر واللّبن أنْ تعذّر الكفن.
الثالث عشر: إباحة مكان المصلي.
الرابع عشر: إذن الولي؛ إلا إذا أوصى الميت بأنْ يصلي عليه شخص معين فلم يأذن له الولي وأذن لغيره فلا يحتاج إلى الإذن, وإنْ كان هو الأحوط.
مسألة ۳68: لا يعتبر في الصلاة على الميت الطهارة من الحدث والخبث وإباحة اللباس وستر العورة، وإنْ كان الأحوط استحباباً إعتبار جميع شرائط الصلاة، بل الأحوط وجوباً ترك الكلام في أثنائها والضحك والسكوت الطويل ونحوه ممّا يكون ماحياً لصورتها.
مسألة ۳69: إذا شك في أنَّه صلى على الجنازة أم لا بنى على العدم، وإذا صلى وشك في صحّة الصلاة وفسادها بنى على الصحة، وإذا علم ببطلانها وجبت إعادتها على الوجه الصحيح، وكذا لو أدى اجتهاده أو تقليده إلى بطلانها.
مسألة ۳70: يجوز تكرار الصلاة على الميت الواحد لكنه مكروه؛ إلا إذا كان الميت من أهل الشرف في الدين.
مسألة ۳71: لو دفن الميت بلا صلاة صحيحة صُلِّي على قبره ما لم يتلاش بدنه.
مسألة ۳72: يستحب أنْ يقف الإمام والمنفرد عند وسط الرجل وعند صدر المرأة.
مسألة ۳73: إذا اجتمعت جنائز متعددة جاز تشريكها بصلاة واحدة؛ فتوضع الجميع أمام المصلي مع المحاذاة بينها، والأَولى مع اجتماع الرجل والمرأة أنْ يجعل الرجل أقرب إلى المصلي، ويجعل صدرها محاذياً لوسط الرجل، ويجوز جعل الجنائز صفاً واحداً؛ فيجعل رأس كلّ واحد عند إلية الآخر شبه الدرج ويقف المصلي وسط الصف ويراعي في الدعاء بعد التكبير الرابع تثنية الضمير وجمعه.
مسألة ۳74: يستحب في صلاة الميت الجماعة، ويعتبر في الإمام أنْ يكون جامعاً لشرائط الإمامة على الأحوط وجوباً، بل الأحوط وجوباً اعتبار شرائط الجماعة من انتفاء البعد والحائل وأنْ لا يكون موقف الإمام أعلى من موقف المأموم وغير ذلك.
مسألة ۳75: إذا حضر شخص في أثناء صلاة الإمام كبر مع الإمام وجعله أول صلاته وتشهد الشهادتين بعده وهكذا؛ يكبر مع الإمام ويأتي بما هو وظيفة نفسه، فإذا فرغ الإمام أتى ببقية التكبير بلا دعاء وإنْ كان الدعاء أحوط استحباباً.
مسألة ۳76: لو صلى الصبي على الميت أجزت صلاته إذا كانت صحيحة.
مسألة ۳77: إذا كان الولي للميت امرأة جاز لها مباشرة الصلاة والإذن لغيرها؛ ذكراً كان أم أنثى.
مسألة ۳78: لا يتحمل الإمام في صلاة الميت شيئاً عن المأموم.
مندوبات صلاة الميت
مسألة ۳79: يستحب في الصلاة على الميت أمور:
منها: أنْ يكون المصلي على طهارة، ويجوز التيمم مع وجدان الماء إذا خاف فوت الصلاة إنْ توضأ أو اغتسل؛ بل مطلقاً.
ومنها: رفع اليدين عند التكبير.
ومنها: أنْ يرفع الإمام صوته بالتكبير والأدعية.
ومنها: إختيار المواضع التي يكثر فيها الاجتماع.
ومنها: أنْ تكون الصلاة بالجماعة.
ومنها: أنْ يقف المأموم خلف الإمام.
ومنها: الإجتهاد في الدعاء للميت وللمؤمنين.
ومنها: أنْ يقول قبل الصلاة: الصلاة ثلاث مرات.
مسألة ۳80: أقلّ ما يجزئ من الصلاة أنْ يقول المصلي: الله أكبر، أشهد أنَّ لا إله إلا الله وأشهد أنَّ محمدا رسول الله صلی الله و علیه و آله و سلم، ثم يقول: الله أكبر اللهم صل على محمد وآل محمد، ثم يقول: الله أكبر اللهم اغفر للمؤمنين، ثم يقول: الله أكبر اللهم اغفر لهذا؛ ويشير إلى الميت, ثم يقول: الله أكبر.
التشييع
مسألة ۳81: يستحب إعلام المؤمنين بموت المؤمن ليشيعوه ويستحب لهم تشييعه، وقد ورد في فضله أخبار كثيرة، فَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام قال: مَنْ تَبِعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ أُعْطِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَرْبَعَ شَفَاعَاتٍ, ولَمْ يَقُلْ شَيْئاً إِلَّا وقَالَ الْمَلَكُ: ولَكَ مِثْلُ ذَلِكَ[1].
وعَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام قَالَ: أَوَّلُ مَا يُتْحَفُ بِهِ الْمُؤْمِنُ فِي قَبْرِهِ أَنْ يُغْفَرَ لِمَنْ تَبِعَ جَنَازَتَهُ [2].
وله آداب كثيرة مذكورة في الكتب المبسوطة، مثل: أنْ يكون المشيع ماشياً خلف الجنازة، خاشعاً متفكراً، حاملاً للجنازة على الكتف، قائلاً حين الحمل: بسم الله وبالله وصلى الله على محمد وآل محمد، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات.
ويكره الضحك واللعب واللهو والإسراع في المشي, وأنْ يقول: أرفقوا به، واستغفروا له، والركوب والمشي قدام الجنازة، والكلام بغير ذكر الله تعالى والدعاء والإستغفار، ويكره وضع الرداء من غير صاحب المصيبة؛ فإنَّه يستحب له ذلك، وأنْ يمشي حافياً.
الدفن
مسألة ۳82: تجب كفاية مواراة الميت في الأرض بحيث يؤمن على جسده من السباع، وإيذاء رائحته للناس، ولا يكفي وضعه في بناء أو تابوت وإنْ حصل فيه الأمران.
ويجب وضعه على الجانب الأيمن موجهاً وجهه إلى القبلة، وإذا اشتبهت القبلة عمل بالظن على الأحوط وجوباً، ومع تعذّره يسقط وجوب الإستقبال إنْ لم يمكن التأخير.
مسألة ۳83: إذا كان الميت في البحر ولم يمكن دفنه في البر ولو بالتأخير؛ غُسّل وحُنّط وصُلِّي عليه, ووضع في خابية وأحكم رأسها وألقي في البحر، أو ثُقّل بشدّ حجر أو نحوه برجليه ثم يلقى في البحر، والأحوط استحباباً إختيار الأول.
مسألة ۳84: لا يجوز دفن المسلم في مقبرة الكفار، وكذا العكس.
مسألة ۳85: إذا ماتت الحامل الكافرة وحملها من مسلم دفنت في مقبرة المسلمين على جانبها الأيسر، مستدبرة للقبلة وإنْ كان الحمل لم تلجه الروح على الأحوط.
مسألة 386: لا يجوز دفن المسلم في المكان المملوك بغير إذن المالك، أو الموقوف لغير الدفن كالمدارس والمساجد والحسينيات المتعارفة في زماننا والخانات الموقوفة وإنْ أذن الولي.
مسألة ۳87: لا يجوز الدفن في قبر ميت قبل اندراسه وصيرورته تراباً، نعم؛ إذا كان القبر منبوشاً جاز الدفن فيه.
مندوبات الدفن
مسألة ۳88: يستحب حفر القبر قدر قامة أو إلى الترقوة, وأنْ يجعل له لحد ممّا يلي القبلة في الأرض الصلبة بقدر ما يمكن فيه الجلوس, وفي الرخوة يشق وسط القبر شبه النهر ويجعل فيه الميت، ويسقف عليه ثم يهال عليه التراب، وأنْ يغطى القبر بثوب عند إدخال المرأة، والذِكر عند تناول الميت وعند وضعه في اللحد، والتحفي وحلّ الأزرار وكشف الرأس للمباشرة لذلك، وأنْ تحل عقد الكفن بعد الوضع في القبر من طرف الرأس، وأنْ يحسر عن وجهه ويجعل خده على الأرض ويعمل له وسادة من تراب، وأنْ يوضع شيء من تربة الحسين علیه السلام معه وتلقينه الشهادتين والإقرار بالأئمة علیهم السلام، وأنْ يسد اللحد باللبن وأنْ يخرج المباشر من طرف الرجلين، وأنْ يهيل الحاضرون التراب بظهور الأكفّ غير ذي الرحم، وطم القبر وتربيعه لا مثلثاً ولا مخمساً ولا غير ذلك ورش الماء عليه دوراً؛ يستقبل القبلة، ويبتدأ من عند الرأس فإنْ فضل شيء صب على وسطه، ووضع الحاضرين أيديهم عليه غمزاً بعد الرش ولا سيما إذا كان الميت هاشمياً أو الحاضر لم يحضر الصلاة عليه، والترحم عليه بمثل: (اللهم جاف الأرض عن جنبيه، وصعد روحه إلى أرواح المؤمنين في عليين، وألحقه بالصالحين)، وأنْ يلقنه الولي بعد انصراف الناس رافعاً صوته، وأنْ يكتب إسم الميت على القبر أو على لوح أو حجر وينصب على القبر.
مكروهات الدفن
مسألة ۳89: يكره دفن ميتين في قبر واحد، ونزول الأب في قبر ولده، وغير المحرم في قبر المرأة، وإهالة الرحم التراب، وفرش القبر بالساج من غير حاجة، وتجصيصه وتطيينه؛ إلا أنْ يكون الميت من أهل الشرف, وكذا تسنيمه والبناء عليه والمشي عليه والجلوس والإتكاء.
مسألة ۳90: يكره نقل الميت من بلد موته إلى بلد آخر، إلا المشاهد المشرفة والمواضع المحترمة فإنَّه يستحب، ولا سيما الغريّ والحائر, وفي بعض الروايات أنَّ من خواص الأول إسقاط عذاب القبر ومحاسبة منكر ونكير.
مسألة ۳91: لا فرق في جواز النقل بين ما قبل الدفن وما بعده إذا اتفق تحقّق النبش، بل لا يبعد جواز النبش لذلك إذا كان بإذن الولي ولم يلزم هتك حرمة الميت أوصى الميت بذلك, والأحوط وجوباً تركه مع عدم الوصية.
مسألة 392: يحرم نبش قبر المؤمن على نحو يظهر جسده، إلا مع العلم باندراسه وصيرورته تراباً، من دون فرق بين الصغير والكبير والعاقل والمجنون، ويستثنى من ذلك موارد:
منها: ما إذا كان النبش لمصلحة الميت كالنقل إلى المشاهد كما تقدم, أو لكونه مدفوناً في موضع يوجب مهانة عليه كمزبلة أو بالوعة أو نحوهما, أو في موضع يتخوف فيه على بدنه من سيل أو سبع أو عدو.
ومنها: ما لو عارضه أمر راجح أهم، كما إذا توقف دفع مفسدة على رؤية جسده.
ومنها: ما لو لزم من ترك نبشه ضرر مالي، كما إذا دفن في ملك غيره بغير إذنه, أو دفن معه مال غيره، من خاتم ونحوه؛ فينبش لدفع ذلك الضرر المالي.
ومنها: ما إذا دفن بلا غسل أو بلا تكفين أو تبيّن بطلان غسله أو بطلان تكفينه أو لكون دفنه على غير الوجه الشرعي؛ لوضعه في القبر على غير القبلة، أو دفن بغير إذن الولي أو في مكان أوصى بالدفن في غيره أو نحو ذلك؛ فيجوز نبشه في هذه الموارد إذا لم يلزم هتك لحرمته، وإلا ففيه إشكال.
مسألة ۳93: الأحوط وجوباً ترك التوديع المتعارف عند بعض الشيعة (أيدهم الله تعالى) بوضع الميت في موضع والبناء عليه ثم نقله إلى المشاهد الشريفة، بل اللّازم أنْ يدفن بمواراته في الأرض مستقبلاً بوجهه القبلة على الوجه الشرعي، ثم ينقل بعد ذلك بإذن الولي على نحو لا يؤدي إلى هتك حرمته مع وصية الميت بذلك.
مسألة ۳94: إذا وضع الميت في سرداب جاز فتح بابه وإنزال ميت آخر فيه إذا لم يظهر جسد الأول؛ إمّا للبناء عليه أو لوضعه في لحد داخل السرداب، وأمّا إذا كان بنحو يظهر جسده ففي جوازه إشكال.
مسألة ۳95: إذا مات ولد الحامل دونها؛ فإنْ أمكن إخراجه صحيحاً وجب، وإلا جاز تقطيعه، ويتحرى الأرفق فالأرفق، وإنْ ماتت هي دونه، شق بطنها من الجانب الأيسر إنْ احتمل دخله في حياته، وإلا فمن أي جانب كان وأخرج، ثم يخاط بطنها وتدفن.
مسألة ۳96: إذا وجد بعض الميت وفيه الصدر غُسّل وحُنّط وكُفّن وصُلّي عليه ودُفن، وكذا إذا كان الصدر وحده أو بعضه على الأحوط وجوباً، وفي الأخيرين يقتصر في التكفين على القميص والإزار, وفي الأول يضاف إليهما المئزر إنْ وجد له محل، وإنْ وجد غير عظم الصدر؛ مجرداً كان أو مشتملاً عليه اللّحم غُسّل وحُنّط ولُفّ بخرقة ودفن على الأحوط وجوباً ولم يصل عليه، وإنْ لم يكن فيه عظم لف بخرقة ودفن على الأحوط وجوباً.
مسألة ۳97: يجب الغسل بمس الميت الإنساني بعد برده وقبل إتمام غسله؛ مسلماً كان أو كافراً، حتى السقط إذا ولجته الروح وإنْ لم يتم له أربعة أشهر على الأحوط، ولو يُمّم الميت للعجز عن تغسيله, أو غسله الكافر لفقد المماثل, أو غسل بالقراح لفقد المماثل, أو غسل بالقراح لفقد الخليط, أو أقلّ من ثلاثة أغسال لعوز الماء؛ فلا يجب الغسل بمسه.
مسألة ۳98: لا فرق في الماسّ والممسوس بين أنْ يكون من الظاهر والباطن، وكونه ممّا تحله الحياة عدا الشعر ماسّاً وممسوساً.
مسألة ۳99: لا فرق بين العاقل والمجنون، والصغير والكبير, والمسّ الإختياري والإضطراري.
مسألة ٤۰0: إذا مس الميت قبل برده لم يجب الغسل بمسه, نعم؛ يتنجس العضو الماس بشرط الرطوبة المسرية في أحدهما، وإنْ كان الأحوط استحباباً تطهيره مع الجفاف أيضاً.
مسألة ٤۰1: يجب الغسل بمس القطعة المبانة من الحي أو الميت إذا كانت مشتملة على العظم، دون الخالية منه، ودون العظم المجرد من الحي، أما العظم المجرد من الميت، أو السن منه، فالأحوط الغسل بمسه.
مسألة ٤۰2: إذا قلع السن من الحي وكان معه لحم يسير لم يجب الغسل بمسه.
مسألة ٤۰3: يجوز لمن عليه غسل المس دخول المساجد والمشاهد والمكث فيها، وقراءة العزائم. نعم؛ لا يجوز له مس كتابة القرآن ونحوها ممّا لا يجوز للمحدث, فيكون مس الميت كالحدث الأصغر إلا في إيجاب الغسل، ولا يصحّ له كلّ عمل مشروط بالطهارة كالصلاة إلا بالغسل، والأحوط وجوباً ضمّ الوضوء إليه كما مر.
الأغسال المندوبة
وهي أنواع ثلاثة؛ زمانية ومكانية وفعلية؟.
والأول: له أفراد كثيرة؛
منها: غسل الجمعة، وهو أهمها, حتى قيل بوجوبه لكنه ضعيف، ووقته من طلوع الفجر الثاني يوم الجمعة إلى الزوال، والأحوط أنْ ينوي فيما بين الزوال إلى الغروب القربة المطلقة، وإذا تركه إلى الغروب قضاه يوم السبت إلى الغروب، ويجوز تقديمه يوم الخميس إنْ خاف إعواز الماء يوم الجمعة، ولو اتفق تمكنه منه يوم الجمعة أعاده فيه، وإذا تركه حينئذ أعاده يوم السبت برجاء المطلوبية فيهما.
مسألة ٤۰4: يصحّ غسل الجمعة من الجنب والحائض، ويجزئ عن غسل الجنابة والحيض إذا كان بعد النقاء.
ومنها: غسل يوم العيدين، ويوم عرفة، ويوم التروية؛ وهو الثامن من ذي الحجة، ويوم الغدير؛ وهو الثامن عشر منه, ويوم المباهلة؛ وهو الرابع والعشرون منه, ويوم مولد النبي صلی الله و علیه و آله و سلم؛ وهو السابع عشر من ربيع الأول, ويوم النوروز, وأول رجب وآخره ونصفه, ويوم المبعث؛ وهو السابع والعشرون منه, وليلة الفطر, وليالي القدر, وليلة النصف, وليلة السابع عشر, بل جميع ليالي العشرة الأخيرة, وفي غير ذاك.
مسألة 405: جميع الأغسال الزمانية لا ينقضها الحدث الأكبر أو الأصغر, ويتخير في الإتيان بها بين ساعات وقتها.
والثاني: أيضاً له أفراد كثيرة؛
كالغسل لدخول مكة أو المدينة أو أحد مسجديهما أو حرميهما أو البيت الشريف وغير ذلك.
مسألة ٤۰6: وقت الغسل في هذا القسم قبل الدخول في هذه الأمكنة قريباً منه.
الثالث: قسمان:
الأول: ما يستحب لأجل إيقاع فعل كالغسل للإحرام أو الطواف أو الوقوف بعرفات أو المشعر أو الذبح أو النحر أو الحلق ولغير ذلك.
الثاني: ما يستحب بعد وقوع فعل منه كالغسل لقتل الوزغ ومس الميت بعد تغسيله.
مسألة ٤۰7: يجزئ في القسم الأول من هذا النوع غسل أول النهار ليومه وأول الليل لليلته، والقول بالإجتزاء بغسل الليل للنهار وبالعكس وجيه، والظاهر انتقاضه بالحدث بينه وبين الفعل.
مسألة ٤۰8: يلزم الإتيان بجميع ما مر من الأغسال المندوبة برجاء الثواب والمشروعية لا بقصد الأمر الفعلي.
[1]. الكافي (ط. الإسلامية)؛ ج3 ص173.
[2]. المصدر السابق.