الجعالة: هي التسبيب لعمل بعوض، فلا يتوقف تحقّقها على القبول بل بمجرد الإيجاب فقط، سواءً كان عاماً مثل: (من بنى داري فله كذا)، أو خاصاً مثل: (إنْ بنيت داري فلك كذا)، فيستحق العامل الجعل المقرر بعد العمل، فلا يملك الجاعل على العامل شيئاً، ولا العامل على الجاعل شيئاً بمجرد الإنشاء، بخلاف الإجارة فإنَّ المستأجر يملك العمل على الأجير، وهو يملك الأجرة على المستأجر بمجرد الإنشاء، وتصحّ على كلّ عمل محللّ مقصود عند العقلاء.

يجوز أنْ يكون مجهولاً، كما يجوز في العوض أنْ يكون مجهولاً، إذا كان بنحو لا يؤدّي إلى التنازع، مثل: (من ردّ فرسي فله نصفه أو هذه الصُبرة أو هذا الثوب)، وإذا كان العوض مجهولاً محضاً مثل: (من ردّ فرسي فله شيء) بطلت، وكان للعامل أجرة المثل.

مسألة ٥54: إذا تبرع العامل بالعمل فلا أجرة له، سواءً أجعل لغيره أم لم يجعل.

مسألة ٥55: يجوز أنْ يكون الجعل من غير المالك كما إذا قال: (من خاط ثوب زيد فله درهم)، فإذا خاطه أحد لزم القائل الدرهم دون زيد.

مسألة ٥56: يستحقّ الجعل بالتسليم إذا كان المجعول عليه التسليم أما إذا كان المجعول عليه غيره كما إذا قال: (من أوصل دابتي إلى البلد كان له درهم) استحق العامل الدرهم بمجرد الإيصال إلى البلد، وإنْ لم يسلّمه إلى أحد، وإذا قال: (من خاط هذا الثوب فله درهم)، استحق الخيّاط الدرهم بمجرد الخياطة.

مسألة ٥57: الجعالة جائزة يجوز للجاعل الرجوع فيها قبل العمل، وإذا رجع في الأثناء فالأحوط التصالح والتراضي مع العامل في مقدار ما عمل، هذا إذا لم يلزم ضرر من الرجوع في الأثناء، وإلا فلا يجوز الرجوع.

مسألة ٥58: إذا جعل جعلين بأنْ قال: (من خاط هذا الثوب فله درهم)، ثم قال: (من خاط هذا الثوب فله دينار)، كان العمل على الثاني فإذا خاطه الخياط لزم الجاعل الدينار لا الدرهم، ولو انعكس الفرض لزم الجاعل الدرهم لا الدينار، وإذا لم تكن قرينة على العدول من الأولى إلى الثاني وجب الجعلان معاً.

مسألة ٥59: إذا جعل لفعل فصدر جميعه من جماعة من كلّ واحد منهم بعضه، كان للجميع جعل واحد لكلّ واحد منهم بعضه، بمقدار عمله، ولو صدر الفعل بتمامه من كلّ واحد منهم كان لكلّ واحد منهم جعل تام.

مسألة ٥60: إذا جعل جعلاً لمن ردّه من مسافة معينة فردّه من بعضها، كان له من الجعل بنسبة عمله مع قصد الجاعل التوزيع.

مسألة ٥61: إذا تنازع العامل والمالك في الجعل وعدمه، أو في تعيين المجعول عليه، أو القدر المجعول عليه، أو في سعي العامل، كان القول قول المالك.

مسألة ٥62: إذا تنازع العامل والمالك في تعيين الجعل، فإنْ كان في قدره يكون القول قول مدّعي الأقلّ، وإنْ كان في ذاته فالقول قول الجاعل في نفي دعوى العامل، ويجب عليه ايصال ما يدعيه للعامل.

مسألة ٥63: لو عين الجعالة لشخص خاص وأتى بالعمل غيره، لا يستحق العامل ولا المجعول له شيئاً، أما الأول فلأنَّه لم يؤمر بالعمل، وأما الأخير فلأنَّه لم يأتِ به.

مسألة ٥64: عقد التأمين للنفس أو المال -المعبر عنه في هذا العصر بالـ(سیکورته)-صحيح بعنوان المعاوضة، إنْ كان للمتعهد بالتأمين عمل محترم له مالية وقيمة عند العقلاء، من وصف نظام للأكل أو الشرب أو غيرهما، أو وضع محافظ على المال أو غير ذلك من الأعمال المحترمة، فيكون نوعاً من المعاوضة، وأخذ المال من الطرفين حلال، وإلا فالعقد باطل وأخذ المال حرام. نعم إذا كان بعنوان الهبة المشروطة فيدفع مقدار من المال هبةً ويشترط على المتهب دفع مال آخر على نهج خاص بينهم، فأخذ المال من الطرفين حلال، وكذا إذا كان بعنوان المصالحة على أنْ يدفع المراجع مالاً على نهج خاص وتدفع الشركة مالاً بنهج خاص.

مسألة 565: لا بدّ في عقد التأمين من الإيجاب والقبول، ويكفي فيهما كلّ لفظ ظاهر في إنشاء هذا العنوان، ولا تعتبر فيهما العربية حتى مع القدرة عليها، وتجري فيه المعاطات والفضولية أيضاً، ويكفي في الإيجاب القبول وقوعهما بالكتابة.

مسألة 566: يعتبر في المتعاقدين في التأمين الشرائط العامة في كلّ عقدٍ من البلوغ والعقل والاختيار وعدم الحجر لفلس أو سفه ونحوهما.

مسألة 567: التأمين من العقود اللّازمة من الطرفين، فلا يجوز لأحدهما الفسخ إلا بأحد موجباته.

مسألة 568: لا يجري في هذا العقد الخيارات إلا خيار الشرط وخیار الاشتراط -أي تخلف الشرط- وخيار الغبن.

مسألة 569: يصحّ تأمين السفن والشاحنات وغيرهما مع حمولتها إنْ كانت من المحلّلات، ولو كانت الحمولة من المحرمات كالمسكرات فيصحّ تأمين السفن والشاحنات دون الحمولة، وأما التأمين على المكائد التي تولد المحرمات منها كالخمر أو غيره فلا يصحّ تأمينها بوجه، إلا إذا كانت من المكائن المشتركة في نتاجها بين المحرّم والمحلّل، وقصد المنفعة المحلّلة، وكذا الحكم في المخازن.