للاطمئنان مراتب متفاوتة شدة و ضعفا،و أعلى مراتبه القطع الذي مضى بعض القول فيه.و أما سائر مراتبه-شخصيا كان أو نوعيا-فلا ريب في اقتضاء الاعتبار و صحة الاعتذار فيه لدى العقلاء كافة،فلو لم يرد ردع شرعي كفى ذلك في اعتباره و صحة الاعتذار به،لأنه من أهم الامور النظامية العقلائية،و يكفي في اعتبارها عدم ثبوت الردع فقط و لا نحتاج إلى التقرير،فاللازم في المقام هو البحث عن أنه هل ورد ردع من الشارع عن الاعتماد عليها أو لا؟و لا نحتاج إلى تكلّف الاستدلال على الاعتبار و صحة الاعتذار،لأنهما من المرتكزات العقلائية بعد عدم ثبوت الردع،كما لا يخفى.إلاّ أن متابعة المشهور أولى،فنقول:
البحث في غير العلم من جهات:
فتارة:يبحث عن إمكان التعبّد به.
و اخرى:عن تأسيس الأصل في الاعتبار و عدمه.
و ثالثة:عن الأمارات الخاصة.
و رابعة:عن مطلق الظن.
كما أن وجه الاعتبار يمكن أن يكون جعل الحجية،أو جعل وجوب العمل على طبق ما اعتبر،أو جعل المؤدى منزلة الواقع،أو جعل الطريقية فقط، أو جعل تتميم الكشف-إن قيل إنه في مقابل ما ذكر-و بين كل واحد منها و الباقي ملازمة عرفية و إن اختلفت العبارات أو تعددت المفاهيم،كما لا يخفى.
ثم إن أصالة عدم الحجية في ما هو معتبر من جهة الكشف لا يصح جريانها بالنسبة إلى مرتبة الاقتضاء،لفرض اقتضاء الحجية فيها بوجدان كل عاقل،و إنما تصح بالنسبة إلى التقرير لو اعتبرنا تقرير الاقتضاء في الحجية، و بالنسبة إلى الانتساب إلى الشارع أو اكتفينا بعدم ثبوت الردع،فلا يصح الانتساب إليه قبل استقرار عدم الردع،و مع استقراره لا جعل و لا مجعول في البين رأسا حتى نحتاج إلى إبداء هذه الاحتمالات و الأقوال،لابتناء جميعها على أن ما ثبت من الشارع إنما هو أمر وجودي،و المفروض كفاية الأمر العدمي و هو عدم ثبوت الردع،فهذه التطويلات من التطويل بلا طائل تحتها،و فرض في فرض،إلاّ أنه لا بد من سلوك ما سلكه القوم،فنقول على طريق الشكل الأول البديهي الإنتاج:الظنون مطلقا فيها جهة الكشف.و كل ما كان فيه جهة الكشف يكون فيه اقتضاء الحجية،فالظنون مطلقا فيها اقتضاء الحجية.ثم نقول:الظنون فيها اقتضاء الحجية،و كل ما فيه اقتضاء الحجية تتم حجيته مع عدم ثبوت الردع، فالظنون مطلقا تتم حجيتها مع عدم ثبوت الردع،و سنثبت عدم ثبوت الردع إن شاء اللّه تعالى.