مادة (فتح) تدلّ على الفصل في الشي‏ء, والقضاء فيه، قال تعالى: رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ[1]، أي: افصل بيننا, وبينهم؛ ومنه: فتح البلاد، قال تعالى: ويَقُولُونَ مَتى‏ هذَا الْفَتْحُ[2]، ومنه: المفتاح.

والفتح: إزالة الإغلاق, والإشكال, سواء كان ذلك في الأمور الماديّة, أو المعنويّة, أو الاعتباريّة, وقد استُعمل في القرآن الكريم بجميع مشتقّاته، قال تعالى: يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ[3].

وفي قوله تعالى: وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىَ بَعْضٍ قَالُواْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ[4] المراد بـ بِمَا فَتَحَ اللّهُ عَلَيْكُمْ: ما كان مبينا في التوراة؛ ويفاد منه: أنّهم كانوا يزعمون أنّ ذلك سرّ لهم خاصّة.

وفي قوله تعالى : وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ[5], مفاتح الغيب: إمّا جمع (مِفتح)  بكسر الميم, وهو كمفتاح: آلة الفتح, وقيل: إنّه جمع مفتاح, كما في محراب, ومحاريب, ويؤيده القراءة الشاذّة (مفاتيح)؛ أو جمع مَفتح (بفتح الميم), وهو: المخزون, ويؤيّده ورود كلمة خزائن في سبعة مواضع من القرآن الكريم, نحو قوله تعالى : قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ[6], وقوله تعالى : وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ[7], وقوله تعالى : وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ[8], وقوله تعالى : أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ[9], وقوله تعالى : أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ[10].

والظاهر أنّهما متلازمان, فإنّ من عنده مفاتح الخزائن, وهو عالم بما فيها, قادر على التصرّف فيها, يكون كمن عنده الخزائن نفسها, وهو مالك لها.

 وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ, أي: عنده ما يفتح به أبواب الرحمة على الخلق, وكلّ نبيّ فاتح لأمّته أبواب المعارف الإلهيّة, ويبيّن الأحكام للناس، ومنه: إطلاق الفاتح على الحاكم, والفتح على الحكم, والقضاء, والفتّاح على القاضي.

[1] الأعراف: 89

[2] السجدة: 28

[3] سبأ: 26

[4] البقرة : 76

[5] الأنعام : 59

[6] الأنعام : 50

[7] الحجر : 21

[8] المنافقون : 7

[9] ص : 9

[10] الطور : 37

مادة (فتر) تدلّ على السكون, وزوال الحدّة من الشي‏ء، قال الراغب: الفتور: سكون بعد حدّة، ولين بعد شدّة، وضعف بعد قوّة”[1]، فتختصّ هذه المادّة بالسكون الخاصّ، لا كلّ سكون، وفي حديث ابن مسعود لما مرض بكى, فقال:  “إنّما أبكي لأنّه أصابني على حال فترة, ولم يصبني في حال اجتهاد”، أي: في حال سكون, وتقليل من العبادات, والمجاهدات.

وفي قوله تعالى: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ[2], المعنى: على سكون خال من ظهور رسول من رسل اللّه تعالى، وعلى انقطاع من الوحي، فكانت الحاجة ماسّة إلى بيان الشرائع, والأحكام بعد ما كتموها.

[1] المفردات في غريب القرآن: 371

[2] المائدة : 19

الفتيل: الخيط الذي في شقّ النواة، ويُضرَب به المثل في الشي‏ء الحقير؛ والنقير: هو الذي في ظهر النواة؛ والقطمير هو قشرتها الرقيقة، وقد وردت جميعها في القرآن الكريم أمثلة للقلّة والحقارة, قال تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلًا[1], وقيل: الفتيل هو ما يفتل بين الأصابع, من خيط, أو وسخ, فتدلكه بها.

[1] النساء : 49

مادة (ف ت ن) تعني: إدخال الذهب في النار, ليعلم جودته من رداءته، ثم استُعملت في معان تلازم ذلك بالعناية, نحو: مطلق الاختبار، والعذاب، والهلاك، والابتلاء، والخلوص, وليس ذلك من المشترك اللفظيّ في شي‏ء, ولها مراتب كثيرة، قال تعالى: وفَتَنَّاكَ فُتُونًا[1]، وقال تعالى: ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ[2]. أي: عذابكم، وقال تعالى: أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا[3].

وقد كثر استعمالها فيما أخرجه الاختبار للمكروه, وفي الحديث: “إنّكم تُفتنون في القبور”[4]، أي: تُمتحَنون, وتُختبَرون، ويراد بها: مسألة المنكر, والنكير.

وفي قوله تعالى : ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ[5], اختلف المفسّرون في المراد من الفتنة :

فقيل: الحُبّ, أي: لم يكن حبّهم للأصنام, وإعجابهم بها .

وقيل: الجواب, أي: لم يكن جوابهم إلّا أن أقسموا بالله على أنّهم ما كانوا مشركين .

وقيل: إنّه على تقدير مضاف, أي: لم يكن عاقبة افتتانهم بالشركاء, إلّا أن قالوا كذا وكذا .

وقيل : الشرك .

والظاهر أنّ الفتنة التي وقعوا فيها, وابتُلوا بها في ذلك الموقف العظيم, الذي رأو الحقائق فيه, وارتفعت الدواعي, وبطلت الدعاوي, هي المعذرة التي تعذّروا بها, وربّما يكون سببها أحد الوجوه التي ذكرها المفسّرون مما تقدّم نقله آنفًا, فهم يتعذّرون بكلّ ما يتوهّمون, للتخلّص من العذاب الذي لزمهم من سوء اعتقادهم بالشركاء, وعظيم الأمل بهم .

[1] طه : 40

[2] الذاريات: 14

[3] التوبة: 49

[4] بحار الأنوار – ج 86 – ص 294

[5] الأنعام : 23

الفتاة: اسم للمملوكة، والفتى اسم للمملوك، وفي الحديث: “لا يقولن أحدكم: عبدي, وأَمَتي، ولكن ليقل: فتاي, وفتاتي“[1]، وهو يطلق على المماليك في الشباب, والكبر؛ بخلاف الأحرار، فإنّه يطلق عليهم في ابتداء الشباب فقط, قال تعالى: وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلًا أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ[2].

والاستفتاء: طلب الفتيا، وهي الجواب عمّا يشكل من الأحكام, وما دقّ من الأمور، وقد استُعمل في كلّ تبيين للحكم، يقال: استفتيته فأفتاني, ولا يختصّ بما يراه الإنسان باجتهاد منه, وهو المتداول في هذه الأعصار، بل يعمّ ما إذا كان حاصلًا من الوحي, والإلهام، أو ما يتحقّق بالتشريع, والأمر، وهو ما يظهر من نسبة الفتوى إلى اللّه تعالى, في قوله تعالى: وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاء قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ[3].

[1] النهاية في غريب الحديث – ابن الأثير – ج 3 – ص 411 (فتو)

[2] النساء: 25

[3] النساء : 127

    الانفجار: الإنشقاق, قال تعالى: وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا[1], وكل انفجار مسبوق بالانبجاس ولا عكس.

وقد ذكر سبحانه وتعالى في آية أخرى الانبجاس، فقال جل شأنه: وَأَوْحَيْنا إِلى‏ مُوسى‏ إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْنًا[2], ويمكن الجمع بين الآيتين باختلاف المراتب: شدّة, وضعفًا، لأجل القرائن المحفوفة بالموضوع.

[1] البقرة: 60

[2] الأعراف: 160

الفُحش, والفواحش, والفاحشة: ما عظم قبحه من الأفعال, والأقوال.

ولم يرد لفظ الفحش في القرآن الكريم، ولعلّه لأجل عظمة قبح هذه المادّة لم يبق لها مفردًا بذاته, بل الفرد الواحد يشتمل على أنحاء من القبح من إيذائه غيره, وبذاءة اللسان, وقباحة الألفاظ, والبيان فيشتمل كلّ فحش على فواحش لا محالة.

والفاحشة: مصدر كالعافية, والعاقبة, وقيل: اسم وضع موضع المصدر.

وهي إمّا تصدر من الذكَرَين, وتسمّى باللواط, والتفخيذ, أو تصدر من الأنثيين وتسمّى مساحقة, أو بين الذكر, والأنثى وتسمّى بالزنا، وقد استُعملت في القرآن الكريم في جميع تلك الموارد, ففي الزنا قال تعالى:ولا تَقْرَبُوا الزِّنى‏ إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وساءَ سَبِيلًا[1], وفي اللواط, والسحق, قال تعالى: إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ[2].

وفي قوله تعالى: وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا* وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا[3] , المحتملات في المراد من الفاحشة ثلاثة احتمالات:

الاحتمال الأوّل: الزنا، وهذا هو المعروف بين المفسّرين, والفقهاء؛ واستدلّوا عليه بأمور:

منها: أنّ الزنا هو المعهود من إطلاق لفظ الفاحشة.

ومنها: مناسبة المقام تقتضي ذلك.

ومنها: ظهور الآية المباركة في أنّ الحكم فيها مؤقّت, وأنّه منسوخ بالحدّ المفروض في سورة النور, إذ قال تعالى: أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا, والسبيل ما ورد في سورة النور: الزَّانِيَةُ والزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ[4].

ومنها: الروايات المتعدّدة التي تدلّ على أنّ المراد منها الزنا, فقد روى كبار المحدّثين من الجمهور عن عبادة بن الصامت في حديث: “إنّ رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله) أوحي اليه، ولما سرى عنه الوحي فقال (صلى اللّه عليه وآله): “خذوا عنّي, قد جعل اللّه لهنّ سبيلًا: الثيّب جلد مائة, ورجم بالحجارة، والبكر جلد مائة ثم نفي سنة”[5].

الاحتمال الثاني: الفاحشة في الآية الأولى: المساحقة, وفي الثانية: اللواط.

الاحتمال الثالث: الفاحشة في الآية الأولى: المعنى الأعمّ من الزنا, والمساحقة, وهو احتمال حسن أخذًا بالعموم الوضعيّ للفظ الفاحشة, فيكون الحكم المذكور في الآية الشريفة مجملًا تبيّنه الآيات التي وردت في الحدود, وما ورد في السنة الشريفة.

وأمّا الآية الثانية فيجري فيها ما يجري في الآية الأولى, إلّا أنّ المراد بالفاحشة فيها إمّا اللواط, أو التفخيذ, أو الزنا، والأَولى هو العموم, فيكون الحكم فيها مجملًا تبيّنه السنّة المقدسة, وما ورد في سورة النور؛ واحتمال اختصاصها باللواط يبعده ظاهر الآية الشريفة, فإنّ مجرد الإيذاء لا يناسب تلك المعصية العظيمة التي ورد فيها التغليظ الشديد, فقد خسف اللّه تعالى بقوم لوط لأجلها, وكيف كان فالآيتان غير منسوختين.

وفي قوله تعالى: فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ[6], المراد من الفاحشة: التي توجب الحدّ، وهي: الزنا والمساحقة.

والفحشاء: صفة, كالسوداء, والحمراء.

[1] الإسراء: 32

[2] العنكبوت: 28

[3] النساء : 15 ـــ 16

[4] النور: 2

[5] الدر المنثور – ج 2 – ص 129

[6] النساء : 25

مادة (ف د ي) تأتي بمعنى: العوض, والبدل, فإن كان المبدل منه إنسانًا يسمّى (فِداء) بكسر الفاء, والمدّ، أو (فَدى) بالفتح والقصر، وإن كان عبادة مركبة تسمّى (فِدية), مثل: كفارة اليمين, والصوم، وكفارات الإحرام.

وقد ورد الاستعمالان في القرآن الكريم بهيآت مختلفة، قال تعالى: فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وإِمَّا فِداءً[1]، وقال تعالى: فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ[2]، وقال تعالى: يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ[3]، وقال جلّ شأنه: وفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ[4].

واصطلح في السنّة المقدّسة على بدل الصوم, إذا تُرك لعذر, الفدية؛ وإذا ترك عمدًا, وبلا عذر مقبول, الكفّارة، وعليه اصطلاح فقهاء الفريقين، وقد يطلق أحدهما على الآخر.

[1] محمد: 4

[2] الحديد: 15

[3] المعارج: 11

[4] الصافات: 107

الفرح: السرور, وهو ضد الحزن, وفي قوله تعالى: فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ[1], أي: أنّهم مسرورون بما وجدوه من فضل اللّه, الذي كان حاضرًا, مشهودًا, عندهم.

وفي قوله تعالى : فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ[2], فرحوا: أي: بطروا, وأعجبوا, وظنّوا أنّه دالّ على رضا الله عزّ, وجلّ عنهم, وازدادوا إثمًا, ولم يؤدّوا حقّ المنعم, فخرجوا عن طور الإنسانيّة, قال عزّ, وجلّ: وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ[3].

[1] آل عمران : 170

[2] الأنعام : 44

[3] آل عمران : 178

مادة (ف ر ض) تأتي بمعنى: قطع الشي‏ء الصّلب، والتأثير فيه، قال تعالى حكاية عن الشيطان: لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا[1]، أي: مقطوعًا معلومًا، وتُستعمَل في فرائض اللّه تعالى, لأنّها تقطع الأوهام, والشكوك, والمحتملات, بالنسبة إلى موردها.

وتطلق في اصطلاح الفقهاء على المواريث أيضًا, لأنّها تقطع, وتُقسّم من مال الميّت، ونسب إلى نبيّنا الأعظم (صلّى اللّه عليه وآله): ” تعلّموا الفرائض وعلّموها الناس فإنّها نصف العلم“[2]؛ وفي الحديث عنه (صلّى اللّه عليه وآله) أيضًا: “إنّما العلم ثلاثة: آية مُحكَمة، أو فريضة عادلة، أو سنّة قائمة“[3].

وفرائض اللّه تعالى هي: الأحكام التي أوجبها على العباد, والفرق بين الفرض والوجوب من وجوه:

الأول: أنّ الفرض يختصّ بما فرضه اللّه تعالى فقط, بخلاف الوجوب فإنّه أعم، يقال: وجوب عقليّ، ولا يقال: فريضة عقليّة.

الثاني: الوجوب يطلق, ولو على مرتبة الإنشاء؛ والفرض لا يطلق إلّا على مقام العمل.

الثالث: يطلق الفرض في الشريعة على ما ألزمه اللّه تعالى، بخلاف الوجوب فإنّه أعمّ من السنّة, وما فرض اللّه جلّ شأنه.

والفريضة: المهر, لأنّه يُقطَع من مال الزوج للزوجة؛ وفي قوله تعالى: لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً[4] فرض الفريضة: تسمية المهر, وتقديره تفصيلًا, أو إجمالًا .

والفارض: المسنّة, في قوله تعالى: قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُواْ مَا تُؤْمَرونَ[5].

والمفروض: من الفرض، وهو القطع من الشي‏ء الصلب, أو التأثير فيه، يقال: فرض الحديد, وفرض الزند، ولا يقال: فرض القرطاس, وإنّما يقال: قطع، وفي قوله تعالى: وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا[6], لعلّ التعبير به, لأنّ متابعة الشيطان خلاف الفطرة والاستقامة.

[1] النساء: 7

[2] عوالي اللآلي – ج 3 – ص 491

[3] الكافي – ج 1 – ص 32

[4] البقرة : 236

[5] البقرة : 68

[6] النساء : 118

فرعون: لقب كان يطلق على كلّ من ملك مصر, كـقيصر لملك الروم، وتُبَّع لملك اليمن، وخاقان لملك الترك، وكسرى لملك الفرس.

وفرعون كلمة غير عربيّة, مركّبة من لفظين مصريّين: (ير) و(عون): أي البيت الأعظم، فصارت علمًا لملوك مصر قبل الميلاد بأكثر من ألف سنة، وهو مثل (الباب العالي) المستعمل في سلاطين آل عثمان؛  وقد ورد هذا اللفظ في الكتب المقدسة كثيرًا، وورد في القرآن العظيم في ما يزيد على سبعين موضعًا، وقد ضبط التاريخ أسماءهم, وصفاتهم، وأعمالهم, إلى أن ذهب اللّه تعالى بهم؛ قال عزّ وجل: ودَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وقَوْمُهُ وما كانُوا يَعْرِشُونَ[1].

[1] الأعراف : 137

الفَرط: تأتي بمعنى: التقدّم, يقال: فَرَطَكم فلان, أي تقدّم, وسبق الى الماء, ومنه قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : ( أنا فرطكم على الحوض)؛ والفارط: المتقدّم الى الماء, ومنه الدعاء للصبيّ: “اللهم أجعله فرطًا لأبويه” .

وفي قوله تعالى: قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللّهِ حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُواْ يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا^[1], فرّطنا: جعلنا غيرنا  الفارط, أي: السابق للطاعة, وهو يستلزم التقصير, والتضييع, فيكون التفريط: التقصير في ما قدر على فعله, والتضعيف في (فرّطنا) للسلب, والإزالة.

وفي قوله تعالى : وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ[2], قد ضمّن التفريط معنى: الغفلة, والترك, أي: ما أغفلنا في الكتاب.

[1] الأنعام : 31

[2] الأنعام : 38

الإفراغ: الصبّ السيّال حتى يخلو المحل منه، وأصل الفراغ: الخلوّ، وفي قوله تعالى: وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ[1], شُبّه الصّبر بالماء الذي في وعاء, وهو كناية عن كمال الصّبر, ونهايته، فطلبوا إفراغه عليهم؛ والمراد منه: إفاضة الصّبر عليهم بتمامه.

[1] البقرة : 250

مادة (ف ر ق) تدلّ على الفصل, والتمييز. ومنه فَرَق الشعر: إذا فصله, وميّز بينه؛ ومنه القضاء, وفصل الخصومات، قال تعالى: فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ[1]، وقال تعالى: وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ[2]، وقال تعالى: واعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا[3]، وهذا هو المراد في قوله تعالى: قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ[4]، أي: الفصل بينه وأخيه (عليهما السّلام), وبين قومه الذين عاندوه, وأعرضوا عن طاعته, بالحكم العدل، وهو يدلّ على حصول البينونة, والمباعدة بين الطائفتين, بسبب فسقهم، فقد صارا خصمين.

وقال بعضهم: فرَقت- بالتخفيف- في المعاني، وفرَّقت- بالتشديد- في الأعيان، ويقال: فرَقت في الكلام، بالتخفيف، وفرّقت بين العبدين، بالتشديد.

وفي قوله تعالى: وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ[5], فرق البحر: انفصال بعضه عن بعض, مع بقاء الجسم السيّال على سيلانه، وهو من أعظم المعجزات لموسى (عليه السلام), وقد شرحه اللّه تبارك وتعالى بقوله جلّ شأنه: فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ[6]

    والفَرَق, والفَلَق: الانفراج، ولكن الأول مع الفصل، والثاني مع الانشقاق.

    والفَريق: اسم جمع لا واحد له، وفي قوله تعالى: أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ[7], المراد به: من له القدرة على التحريف, سواء كان من الأحبار, والعلماء, أو من تبعهم في ذلك, وإن لم يكن منهم موضوعًا، وإن كان ظاهر الآية يختصّ بالطائفة الأولى.

 والفُرقان: ما يفرق بين الحقّ, والباطل، وهو كثير, مثل الكتب السماويّة، قال تعالى: وإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ والْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ[8]؛ والزمان الذي يغلب فيه الحقّ على الباطل، قال تعالى: وما أَنْزَلْنا عَلى‏ عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ[9]؛ والمكان الذي يُقضى فيه بالحق, ويعمل فيه؛ والمعاجز الصادرة من الأنبياء, فرقان، والسنّة المقدسة فرقان؛ والعقل الداعي إلى عبادة الرحمن, واكتساب الجنان, فرقان؛ والعالم الذي يعمل بعلمه, فرقان؛ وكلّ ما يضاف إليه تعالى, فرقان مقابل ما يضاف إلى الشيطان.

والقرآن أجلى تلك المظاهر, بل هي منطوية في القرآن, فهو قرآن بوجوده الجمعيّ، وفرقان بوجوده التفصيليّ، ولا يختصّ الفرقان بالتفرّق الحسّيّ بحسب المدارك الظاهريّة، بل يشمل التفرّق بحسب جميع المدارك، قال تعالى: فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ[10]. فجميع التقديرات الإلهيّة وجميع مراتب قضائه عزّ, وجلّ, من الفرقان، وفي الحديث: “القرآن جملة الكتاب, والفرقان المُحكَم الواجب العمل به”[11]؛ وهو من بيان بعض المراتب، وإلّا فالقرآن بجميع آياته فرقان.

وفي قوله تعالى: نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ* مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُوانتِقَامٍ[12], المراد به: القرآن الكريم، فهو من حيث  وجوده الجمعيّ يسمّى قرآنًا، ومن حيث  تفرقته بين الحقّ والباطل يسمّى فرقانًا، ومن حيث  إرشاداته يسمّى نورًا، ومن حيث  كونه أساسًا للعمل, والحكم بالعدل, يسمّى ميزانًا، وتختلف أسماؤه الشريفة باختلاف صفاته المباركة.

[1] الدخان: 4

[2] آل عمران: 105

[3] آل عمران: 103

[4] المائدة: 25

[5] البقرة : 50

[6] الشعراء: 63

[7] البقرة : 75

[8] البقرة: 53

[9] الأنفال: 41

[10] الدخان: 4

[11] الكافي – ج 2 – ص 630, كتاب: فضل القرآن , باب: النوادر , الحديث 11, والحديث للصادق (عليه السلام).

[12] آل عمران : 3ـــ4

    الافتراء: الكذب على الغير، وفي حديث بيعة النساء: “ولا يأتين ببهتان يفترينه”[1]، قال تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ[2], والافتراء على اللّه تعالى, هو نسبة ما ليس بمأذون منه تعالى إليه، وبهذا المعنى يستعمل في غيره تعالى أيضًا، كالافتراء على الأنبياء, وسائر الناس، وهو قبيح عقلًا, وشرعًا، لأنّه ظلم، وهو من المعاصي الكبيرة.

[1] النهاية في غريب الحديث – ج 1 – ص 165

[2] آل عمران : 24

الفساد: كلّ ما يقابل الصلاح؛ وقد ورد بعض المصاديق في الكتاب, والسنّة، منها ما يذكره عزّ, وجلّ في الآية الكريمة: إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ[1], ومنها: الشرك, وقطع الطريق, والخروج على الإمام المعصوم (عليه السّلام), ومنها: القتل بغير سبب من تلك الأسباب التي أذن بها الشارع، فالقتل كذلك يكون فسادًا في الأرض.

[1] المائدة : 33

مادة (ف س ق) تأتي بمعنى: الخروج، يقال: فسق الرطب, إذا خرج عن قشره، ويفاد من موارد استعمالاتها: أنّ الفسق خروج الشي‏ء من الشي‏ء على وجه الفساد، ومنه الفسق في الشرع, وهو الخروج عن طاعة اللّه تعالى الى معصيته, لأنّه الخروج عن الاستقامة، وهو أعمّ من الكفر؛ والعصيان أعمّ منهما، وقد وردت هذه المادّة في القرآن الكريم بهيآت مختلفة فيما يقرب من أربعين موردًا, كلّها تشعر بالذّم، وفي المتعارف يستعمل في من عُرف بذلك, ويقال للفأرة: الفويسقة، لأنّها تخرج من بيتها مرّة بعد أخرى، وقد “أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقتل الفأرة في الحرم … وكان يسمًي الفأرة الفويسقة، وقال: إنّها توهي السقا، وتضرم البيت على أهله”[1]

[1] من لا يحضره الفقيه – ج 2 – ص 363

مادّة (ف ص ل) تدلّ على إبانة أحد الشيئين من الآخر, وقد وردت هذه المادة  في القرآن الحكيم  في ما يقرب من ثلاثة وأربعين موردًا, ولم يرد كلمة (الفاصلين) إلّا في قوله تعالى : قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبْتُم بِهِ مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ[1].

والفصل: القطع, والمفارقة, ومنه: مفارقة المكان, قال تعالى: ولَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ[2]، ومنه: الفصل المعروف في العلوم, لانقطاع ما قبلها عما بعدها.

وفي قوله تعالى: فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ[3], فصل الجنود: إخراجهم عن مقرّهم, والسير إلى الحرب.

وقد نُسبت: مرّة: الى الله تعالى, نحو: قوله سبحانه: إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ[4].

وثانية: إلى زمان معيّن, نحو: يوم القيامة: قال تعالى: هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ[5].

وثالثة: إلى الخطاب, والقول, والكلمة، قال تعالى: إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ[6], وقال تعالى:وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ[7].

ويفاد منها: أنّها تُستعمل في كل مورد يحتاج الى العزم, والتصميم, والإبانة, والظهور, نحو: يوم القيامة, والقرآن الكريم, والأنبياء.

والفصال: في قوله تعالى: فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّا آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ[8], بمعنى: فصل الصّبيّ عن الرضاع, أي: الفطام، والفطيم: المفطوم, يقع على الذكر, والأنثى, فلهذا لم تلحقه الهاء.

[1] الأنعام : 57

[2] يوسف: 94

[3] البقرة : 249

[4] الحجر : 17

[5] الصافات : 21

[6] الطارق : 13

[7] ص : 21

[8] البقرة : 233

مادّة (فصم) تدلّ على الانقطاع, والانقلاع, وفي الحديث: “فيفصم عنه الوحي”[1].

[1] النهاية: 3/452 (فصم)

الانفضاض: التفرّق, قال تعالى: وإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْها وتَرَكُوكَ قائِمًا[1], وتُستعمَل في موارد التفرّق, الموجب للسقوط في الهاوية, والردى.

[1] الجمعة: 11

  الفضل: يأتي بمعنى: الزيادة في المكارم, وما يكون ممدوحًا, وليس بواجب.

وهو إمّا فرديّ نحو: فضل زيد على عمرو ، أو صنفيّ, نحو: فضل العالم على الجاهل، أو نوعيّ, نحو: فضل الإنسان على الحيوان، أو جنسيّ, نحو: فضل الحيوان على النبات، وفضل الرسل بالنسبة إلى غيرهم من قبيل الثاني، وفضل بعضهم على بعض من قبيل الأوّل؛ وهو المشار إليه في قوله تعالى: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ[1].

وتفاضل الرسل بعضهم على بعض لاختلافهم من جهات:

الأولى: الاستعدادات التي لا يعلمها إلّا اللّه تعالى.

الثانية: المقام الإلهيّ نفسه, والجمال المعنويّ، فإنّه إذا كان للجمال الظاهريّ مراتب لا تحصى، فالجمال المعنويّ أحقّ بذلك, وأولى.

الثالثة: العلوم, والمفاض عليهم من عالم الغيب.

الرابعة: مراتب الانقطاع إليه عزّ, وجلّ, التي لا نهاية لها.

الخامسة: مراتب تحمّل الأذى في إبلاغ الرسالة الإلهيّة.

السادسة: عدد الأمّة, والأتباع, وفضائلهم المعنويّة.

السابعة: الشريعة في كمالها, وتأييدها, ونحو ذلك.

الثامنة: كون كتبهم السماويّة شرعة, ومنهاجًا لعدد من الأنبياء اللاحقين.

التاسعة: في تشعير المشاعر الدّينيّة, وإعلامها.

العاشرة: البيّنات, والآيات, والمعجزات: كميّة, وكيفيّة.

الحادية عشرة: التصرّف في هذا العالم, وهم في عالم البرزخ, في كونهم واسطة الفيض, والبركات, التي تنزل عليهم, ثمّ منهم إلى غيرهم.

الثانية عشرة: الغرض, وهو مراتب الجنان, فإنّ الأنبياء (عليهم السلام) يختلفون فيها, فإنّ بعضهم في جنة الرضا, وبعضهم في الرضوان.

وبعض تلك الأمور من الأمور التكوينيّة الذاتيّة, وبعضها من المجعولة للذات، والجميع تنتهي إليه عزّ, وجلّ, بالجعل البسيط, أو المركّب.

وكيف كان فإنّ جميع تلك الجهات موجودة في نبيّنا الأعظم (صلّى اللّه عليه وآله), الذي جعله خاتمًا لما سبق, وفاتحًا لأبواب المعارف على اللاحقين, وهو صاحب المعجزة الخالدة.

وفي قوله تعالى: ثُمَّ تَوَلَّيْتُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ[2], المراد من فضله تبارك وتعالى: الإمهال، وعدم التعجيل في العقوبة.

وفي قوله تعالى: وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ[3], الفضل بالنسبة إلى الرجل: أن يعطي أكثر من النصف, ولو بقليل، وبالنسبة إلى المرأة: أن تأخذ أقل منه, ولو بقليل.

والفضل, والجود, والرحمة, مفاهيم مختلفة, وهي من صفاته الحسنى, فإنّه تعالى جواد, رحيم, ذو الفضل، فالمفاهيم وإن كانت مختلفة, لكنّها متصادقة فيه عزّ وجل، والفرق إنّما يكون بالاعتبار, وما كان من اللّه تعالى فلا حدّ له, ولعلّ الفرق: أنّ الرحمة, والجود, يعمّان جميع الموجودات، والفضل يختصّ بالإنسان، هذا إذا لوحظت الرحمة بالمعنى العام.

والفضل يأتي بمعنى: الزيادة عن الاقتصاد، ويختلف في المدح, والذمّ, باختلاف متعلّقه, ففضل العلم, والحلم ممدوح، وفضل الغضب مذموم.

[1] البقرة : 253

[2] البقرة : 64

[3] البقرة: 237

الإفضاء: المخالطة, والاتّصال بالمماسة, يقال: أفضى إلى الأرض يده: إذا مسّها في سجوده, ويكنّى به في النكاح عن الجماع غالبًا؛ والإفضاء من الكلمات التي تستعمل في الحياة الزوجيّة, لأنّها تشمل الارتباط, والتمتّع, ورفع الحشمة، وهي من أحسن الكنايات في هذا المجال.

وفي قوله تعالى: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا[1], المعنى: كيف تأخذون من مالها شيئًا وقد ارتبطتم بها ارتباط اللباس باللابس, نحو: قوله تعالى: هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ[2], واختلطتم معها, وتحقّقت علاقة الزوجيّة, فكأنّهما حقيقة واحدة.

[1] النساء: 21

[2] البقرة: 187

مادة (ف ط ر) تأتي بمعنى:  الشقّ, والاختلال, ومنه قوله تعالى : إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ[1], أي: انشقّت, سواء كان على سبيل الفساد, مثل قوله تعالى: هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ[2], أي: اختلال, أو كان على سبيل الإصلاح, مثل قوله تعالى: السَّمَاء مُنفَطِرٌ بِهِ[3], ومنه: فطرت العجين, إذا عجنته, فخبزته من وقته, والفِطر: الكمأة لأنّها تفطر الأرض, وفطر الله الخلق, أي: أوجده, وأبدعه من غير مثال .

والفِطرة: التي فطر الله الناس عليها, قال تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ[4], أي: أبدع, وأثبت فيها معرفة الله تعالى, بما لها من القوّة على الدخول في معرفة ما يرتبط بالانسان, ممّا يوجب كماله, وسوقه إليه. ومنه قوله تعالى: وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ[5].

وقوله تعالى : قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ قُلْ إِنِّيَ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكَينَ[6],  يدلّ على أنّ السماوات والأرض كانتا رتقًا, وكتلة واحدة ففُتقتا, وهو نوعٌ  من الفطر, والشقّ, من دون أن يكون لهما مثال سابق, والمعنى: أنّه: مبدع السماوات, والأرض, ابتداء من غير سابق .

[1] الإنفطار : 1

[2] الملك : 3

[3] المزّمِّل : 18

[4] الروم : 30

[5] الزخرف : 87

[6] الأنعام : 14

الفظاظة: الخشونة, والشراسة في الأخلاق, قال تعالى: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ[1]

[1] آل عمران: 159

    الفَقر: الحاجة, ولكنّه يستعمل على أقسام:

الأول: الحاجة الضروريّة الفعليّة، وهي عامّة لجميع الموجودات الممكنة, لأنّ كلّ ممكن محتاج, وكلّ محتاج ممكن, قال تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ واللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ[1]، وقال تعالى في وصف الأنبياء: وما جَعَلْناهُمْ جَسَدًا لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ[2].

الثاني: عدم المقتنيات, وهو المراد بقوله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ والْمَساكِينِ [3]، وغيره من الآيات.

الثالث: فقر النفس, الذي أشار إليه نبيّنا الأعظم (صلّى اللّه عليه وآله) في قوله: “كاد الفقر أن يكون كفرًا“[4], وهو في مقابل غناء النفس, الذي هو من أجلّ الصّفات وأكملها.

الرابع: الفقر إلى اللّه تعالى, وهو أرفع المقامات, وأعلى الدّرجات, فعن سيّد الأنبياء في كلمته المباركة التي جمعت فيها أبواب من المعارف: “اللهم أغنني بالافتقار إليك، ولا تفقرني بالاستغناء عنك”[5], وإياه عنى بقوله تعالى: فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ[6] وبهذا ألمّ الشاعر فقال:

ويعجبني فقري إليك ولم يكن        

 ليعجبني لولا محبتك الفقر“[7]

والفقر الذي يعد به الشيطان: هو فقر النفس, فيكون الفقر في الدنيا, وللدنيا, وهو من أقبح الذمائم, ومصدر كلّ فحشاء وسوء.

[1] فاطر: 15

[2] الأنبياء: 8

[3] التوبة: 60

[4] الكافي – ج 2 – ص 307 , كتاب: الايمان والكفر , باب: الحسد , الحديث 4.

[5] مفردات غريب القرآن .- ص 383

[6] القصص : 24

[7] مفردات غريب القرآن .- ص 383

الفاقِع: صفة كمال للصفرة, ويدل عليه ذيل قوله تعالى: قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاء فَاقِـعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ[1], أي: خلصت صفرته, يقال: أسود حالك، وأحمر قانئ، وأبيض ناصع، وأخضر ناضر، وأصفر فاقع؛ وكلّها صفات مبالغة لهذه الألوان.

وقد نقل أنّ الصفرة الشديدة توجب السرور، وتجلي البصر، وعن الصادق (عليه السلام): “من لبس نعلا صفراء كان في سرور حتّى يبليها“[2].

[1] البقرة : 69

[2] الكافي – ج 6 – ص 466, كتاب: الزي والتجمل والمروءة, باب: الخف, الحديث: 5.

الفقه: الفهم, وفي قوله تعالى : وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرا[1], جملة أَن يَفْقَهُوهُ في موضع المفعول من أجله, تقديره: كراهة أن يفقهوه، وقيل: لئلّا يفقهوه, والضمير المنصوب في يَفْقَهُوهُ عائد على القرآن.

[1] الأنعام : 25

    الفلاح: الشقّ, والقطع, وأصل الفلاح: الظفر بالمقصود, والفوز بالمطلوب بعد الكدّ, والاجتهاد, فكأنّه قد قطع المصاعب حتّى نال مقصوده, ولا يطلق إلّا في الخير؛ وقد وردت جملة لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ في آيات كثيرة من القرآن العظيم, كلّها من قبيل ترتّب الجزاء على الشرط.

وجميع الآيات التي ذُكر فيها الفلاح مثبتا- مجرّدا عن حرف النفي- يُفاد منها البشارة, بخلاف ما ذُكر فيها حرف النفي: مفردًا, أو جمعًا.

وتقديم التقوى على الفلاح أينما ورد في القرآن الكريم, من قبيل تقديم العلّة على المعلول، ويختلف ذلك بحسب اختلاف النفوس, والاستعدادات.

وفي قوله تعالى: وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[1], المراد بالفلاح: الأخرويّ الدائم, الذي لا يزول, فهو بقاء بلا فناء، وغنى بلا فقر، وعزّ بلا ذل، وعلم بلا جهل, على ما يظهر من الآيات, والروايات, دون الفلاح الدنيويّ, الذي هو الغنى, والعز, والبقاء, الزائل, فإنّه غير معتنى به عند أولياء اللّه تعالى, فضلًا عنه عزّ, وجلّ.

والمفلحون: الذين أدركوا, وأمنوا ممّا منه فزعوا في الدنيا, والآخرة, وهو مقتضى الإطلاق, وقد رُتّب الفلاح على التقوى في آيات كثيرة، قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[2]، وقال تعالى: واتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[3]، وقال تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى[4], إلى غير ذلك من الآيات المباركة.

[1] البقرة : 189

[2] المائدة: 100

[3] آل عمران: 200

[4] الأعلى: 14

مادّة (فلق) تدلّ على الشقّ بإبانة، ومنه: الفَلَق- بفتحتين- للمطمئن من الأرض بين ربوتين لما بينهما من الإبانة، ومنه الفِلق بالكسر, والفيلق للعجب، وقد وردت هذه المادّة في القرآن الكريم في أربعة موارد اثنان منها في قوله تعالى: إنَّ اللّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ * فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا[1]؛ والثالث: في قوله تعالى: فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ[2] ،أي: الانهيار، أو الكلمة التي علم الله تعالى موسى (عليه السلام), ففلق بها البحر, وقيل غير ذلك؛ والرابع: في قوله تعالى : قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ[3] ؛ أي: الصبح، والمراد به: شقّ الحَبّ, والنوى, فيخرج منهما النبات, والشجر.

[1] الأنعام : 95 ــ 96

[2] الشعراء : 63

[3] الفلق : 1

الفوم: الحنطة، روي ذلك عن أبي جعفر (عليه السلام), وهو قول أكثر المفسرين؛ وقال جمع: إنّه الثوم أُبدلت الثاء فاء، وهو المشاكل للبصل, قال تعالى: وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا[1].

[1] البقرة : 61

    الأفواه: جمع فاه, وإنّما ذكره عزّ, وجلّ للتأكيد, ومقابلة للقلوب, وزيادة في التقريع, ونظير ذلك قوله تعالى: وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوِ ادْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ[1].

[1] آل عمران : 167

الفئة: الجماعة المتظاهرة التي يرجع بعضهم إلى بعض, قال تعالى: قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ[1].

[1] البقرة : 249

مادّة (فيض) تأتي بمعنى: سيلان الماء مع الكثرة، وتستعمل في كلّ دفع مع كثرة, نحو قوله تعالى: فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ[1]، والاستفاضة: الشيوع, والكثرة, والانتشار.

[1] البقرة : 198