حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ (238) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (239)
بعد أن ذكر سبحانه و تعالى جملة من الأحكام المتعلقة بشؤون الحياة الزوجية و بيّن ما يكون سببا في سعادة هذه الحياة و نبّه الإنسان إلى ابتغاء الإحسان في جميع شؤونه، و عدم تناسي الناس الفضل بينهم.
بيّن في هاتين الآيتين المباركتين ما هو من أعظم الشؤون العبودية التي لها دخل في تكميل الحقيقة الإنسانية و هي الصلاة التي دعا إليها جميع الأنبياء و بها يتشرف المصلّي بالتكلّم مع الحيّ القيوم و هي إسراء النفوس إلى الملكوت الأعلى و معراج أرواح المتعبّدين إلى قاب قوسين أو أدنى، و هي التي تنهى عن الفحشاء و المنكر، و تبعث النفوس الغافلة إلى التذكر بجلال اللّه عزّ و جل و جماله، و تذكير الإنسان إلى مكانته الحقيقية، و تجعله مراقبا لنفسه لتطهيرها من رذائل الأخلاق و تحليتها بفواضلها، و تمكنها على تحمل المصاعب و الآلام في طريق الاستكمال.
و في تعقيب تلك الأحكام بالأمر بالصلاة التي هي أكبر العبادات إشارة إلى أنّ الايتمار بأوامر اللّه سبحانه و تعالى و الانتهاء عن نواهيه إنّما يكون في النفوس المستعدة و هي لا تحصل إلا بإقامة الصلاة و المحافظة عليها و أدائها بخضوع و خشوع لتنال النفس سعادتها. فهي الروح لتلك الأحكام و إنّها بدون الصلاة كالجسم الذي لا روح له.