1. صفحة الرئیسه
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مواهب الرحمن فی تفسیر القرآن
  8. /
  9. سورة البقرة
  10. /
  11. الآية 284

لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ (۲۸٤)


الآية الشريفة تثبت ملكية اللّه تعالى لجميع ما سواه و هيمنته على خلقه و تدبيره لهم و علمه بالجزئيات فلا يخفى عليه شي‏ء من أمور الناس حتّى خطرات القلوب و ما تخفيه النفوس و قد أثبت لنفسه محاسبة العباد و الجزاء على الأعمال فيغفر لمن يشاء و يعذب من يشاء لقدرته على كلّ شي‏ء و هو دليل على وحدانيته و انحصار الأمر فيه عزّ و جل. و في تعقيب آية الدّين بهذه الآية الشريفة إرشاد إلى أنّ مخالفة اللّه تعالى أمر عظيم تترتب عليها آثار خاصة في الدنيا و الآخر.

28٤- قوله تعالى: لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ.
إثبات لملكيته تعالى لمخلوقاته ملكية حقيقية إيجادا و إبقاء و إفناء و تربيبا و مثل هذه الملكية مختصة به لا يمكن أن توجد لغيره كما ثبت بالبراهين العقلية المفصلة في علم الفلسفة الإلهية و هو تمهيد لقوله تعالى: وَ إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ و بمنزلة العلة الفاعلية و الغائية له فيصير مجموع الآية المباركة من القضايا العقلية التي ذكرت فيها العلتان المزبورتان و هي من أمتن القضايا و أشرفها كما هو ثابت في علم الميزان.
و لعل في تخلل كلمة العطف وَ إِنْ تُبْدُوا إشارة إلى أنّ المعطوف من متممات المعطوف عليه فتكون المحاسبة على مضمرات القلوب و ما يبدو، و جزاؤه بالغفران أو العقاب من صغريات إحاطته القيومية على ما سواه فوق ما نتعقله من معنى الإحاطة فيكون تمام الآية بجميع أجزائها من أدلة سعة إحاطته.
قوله تعالى: وَ إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ.
البداء و الإبداء: بمعنى الظهور و الإظهار، و هو خلاف الخفاء و الإخفاء، و كلّ منهما مورد علمه تعالى، و كلّ ما كان مورد علمه في عباده من جوانحهم‏ و جوارحهم يكون؟؟؟ حسابه، و هذا شأن جعل القانون لمن أحاط بجميع جهات قانونه و استولى عليها استيلاء تاما، و لكن لا بد من الموازنة بين الاستيلاء على الخفايا و التعذيب عليها بحسب القوانين العقلية.
و المراد من قوله تعالى: ما فِي أَنْفُسِكُمْ تلك الأمور الكائنة في النفس التي تصدر الأعمال عنها و تكون أساسا لها فتشمل الملكات و الأحوال و الصّفات التي لها قرار في النفس- كالحب و البغض و الحسد و الحقد و نحو ذلك- فإنّها هي التي تكون قابلة للإظهار في الحركات الخارجية، فيكون ما في النفوس على أقسام:
الأول: مجرد الخطور و الفكرة من غير عزم ثابت عليه و إيجاد مقدمة من مقدماته و المستفاد من مجموع الأدلة السمعية أنّ مثل هذه الأمور إن كانت من الخيرات و الحسنات يثاب عليها و يشتد ثوابها بحسب أهمية الفعل.
و الغرض من ذلك هو تحريض الناس على إضمار الخيرات و الحسنات و الابتعاد عن السيئات و الآثام و لا عقاب على المضمر إن كان من السيئات ما لم يبرز في عمل خارجي.
الثاني: الخطور مع العزم عليه.
الثالث: ما إذا حصل بعض المقدمات على المضمر. و يظهر حكم هذين القسمين من القسم الأول بالفحوى.
الرابع: ما إذا حصل العمل الخارجي فيترتب عليه الثواب و ينبسط على جميع المقدمات حتّى الخطرات القلبية، و لا بأس بأن يجتمع في شي‏ء واحد ثوابات كثيرة من جهات متعددة فإنّ اللّه ذو الفضل العظيم هذا إذا كان المضمر من الخيرات و الحسنات و الفضائل.
و أما إذا كان من غيرها فقد ذكرنا أنّه لا عقاب ما لم يظهر في عمل خارجي إلا إذا كان الشخص من المقرّبين و أولياء اللّه تعالى المتفانين في حبه فإنّ خطرات قلوبهم مما يحاسب عليه و في المأثور: «حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين».
و إن كان من العزم على الإثم و العصيان من دون فعل المعصية خارجا فلا ريب في أنّه نحو من التجري و الطغيان و لكن لا يترتب عليه العقاب فإنّ مقتضى الآيات الكثيرة و السنة المقدسة أنّ العقاب يترتب على الأعمال الخارجية دون المنويات القلبية.
و منه يظهر حكم ما إذا فعل بعض المقدمات غير المحرمة و لم يفعل أصل الحرام المقصود و أما إذا فعله فيستحق العقاب حينئذ على فعل الحرام لا أن يكون العقاب انبساطيا بالنسبة إلى المقدمات كما في الثواب لبناء عادته عزّ و جل على التخفيف قد سبقت رحمته غضبه هذا السبق ليس زمانيا فقط.
و محاسبة ما في النفوس بالمعنى المتقدم مما تدل عليه النصوص الكثيرة كتابا و سنة قال تعالى: لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَ لكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ [البقرة- ۲۲٥]، و قال تعالى: إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا [الإسراء- ۳٦]، و غير ذلك من الآيات الشريفة.
و لكن المحاسبة من اللّه جلت عظمته أعم من أن يكون في البين؟؟؟
منه عزّ و جلّ على ما في النفوس سواء في الدنيا أو في الآخرة أو لا يكون فيهما معا، لأنّ في نفس الاستيلاء على المحاسبة و الإخبار عنها آثار خاصة هذا محصل ما يستفاد من مجموع الآيات الكريمة في مضمرات النفوس و الجزاء عليها و ما ورد في السنة الشريفة.
و لكن للمفسرين في تعيين المراد من ذلك أقوالا:
فقد ذهب جمع: إلى ثبوت المحاسبة و الجزاء على كلّ ما يرد القلب و ما يضمره الإنسان في النفس فيكون من التكليف بما لا يطاق و حينئذ تكون الآية المباركة منسوخة بقوله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها المذكور في الآية التالية.
و فساده واضح فإنّ اللّه تعالى لم يشرع دينا فيه ما لا يطاق و هو قبيح عقلا و يستحيل عليه عزّ و جل، و الآية غير ناظرة إلى التكليف بما لا يطاق و لا عموم لها حتّى يشمله.
و ذهب آخر: إلى أنّ الآية مختصة بكتمان الشهادة فهي مرتبطة بما سبقها من الآيات. و هذا أيضا مردود بالإطلاق و عدم اختصاصها به كما هو الظاهر المعلوم.
و ذهب ثالث: إلى أنّها مخصوصة بالكفار. و يرد عليه: ما ورد على سابقيه.
و قال رابع: بأنّ المراد بالإخفاء العمل. و لكنّه خلاف ظاهر الآية الشريفة.
قوله تعالى: فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ.
تفريع على ما تقدم فإنّ المغفرة و العذاب يتوقفان على المحاسبة و العلم و مشية اللّه تعالى لغفران من يشاء و تعذيب من يريد عدل محض لأنّها منبعثة عن العلم الأتم الأكمل و الحكمة البالغة الكاملة
و عن عليّ (عليه السلام) في بعض حالاته الانقطاعية مع ربه: «اللهم لا تفعل بي ما أنا أهله فإنّك إن تفعل بي ما أنا أهله تعذّبني و لم تظلمني أصبحت أتقي عدلك و لا أخاف جورك فيا من هو عدل لا يجور ارحمني، اللهم افعل بي ما أنت أهله فإنّك إن تفعل بي ما أنت أهله ترحمني و إن تعذّبني فأنت غنيّ عن عذابي و أنا محتاج إلى رحمتك فيا من أنا محتاج إلى رحمته ارحمني».
و إثبات المغفرة لما في النفوس يدل على أنّ لها شأنية العذاب باعتبار ثبوتها و قرارها في النفس بحيث تصدر الأعمال عنها، فتكون الجملة قرينة لما ذكرناه آنفا من التفصيل في المضمرات.
قوله تعالى: وَ اللَّهُ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ.
بيان العلة للمحاسبة و المشية في الغفران و التعذيب، و القدرة من صفات ذاته المقدسة كعلمه و حكمته، كما أنّ مالكيته تعالى لما سواه كذلك، فيكون ما ذكر في الآية الشريفة معلّل بصدرها و ذيلها، و في الآية من الإنذار و التخويف ما لا يخفى.

يستفاد من الآية الشريفة ما يلي:
الأول: تثبت الآية الشريفة من الصفات للّه تعالى صفة المالكية، و القدرة، و العلم، و الربوبية العظمى، و الحكمة البالغة، و محاسبة اللّه تعالى لعباده، و هي من مهام صفاته العليا الذاتية، و هي تستلزم القيومية.
الثاني: يستفاد من قوله تعالى: وَ إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ علم اللّه تعالى بالجزئيات، و يمكن استفادة ذلك من سياق جملة من الآيات القرآنية و السنة الشريفة، و عليه إجماع الأنبياء و المرسلين، بل يمكن إقامة الدليل العقلي عليه أيضا.
و من نفى علمه تعالى عن الجزئيات تمسكا بأنّه يستدعي الآلات و هو نقص بالنسبة إليه عزّ و جل فقد أخطأ و ما ذكره مغالطة فاسدة، و سيأتي في الموضع المناسب تفصيل الكلام في علمه عزّ و جل إن شاء اللّه تعالى.
الثالث: تدل الآية الشريفة على أنّ المحاسبة من اللّه تعالى أعم من الجزاء و المحاسبة منه عزّ و جل تستدعي علمه بالجزئيات و الكليات و بجميع‏ شؤون العباد، و تستلزم قدرته على جميع ما سواه فتكون في الإخبار بها آثار خاصة، منها إراءة أعمال العباد الظاهرية و الباطنية و سؤاله عزّ و جل منهم عن السبب في فعلها.
الرابع: يستفاد من هذه الآية و ما في سياقها لزوم مراقبة الإنسان لنفسه، و هي من أجل مقامات النفس و لها مراتب كثيرة و بعض تلك المراتب مبدأ السير و السلوك، و بعضها الآخر غاية لها. كما لا يخفى على أهله، و المراقبة عن الحركات مبدأ، و المراقبة عن الخطرات غاية.

في تفسير العياشي، و المجمع و التبيان عن الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى: لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ … أنّ المراد ما يتناوله الأمر و النهي من الاعتقادات و الإرادات و غير ذلك مما هو مستور عنا.
أقول: هذه قرينة على أنّه ليس المراد من مورد المحاسبة مطلق ما يخطر بالبال و ما تضمره النفوس ما لم تكن مستقرة في النفس و إرادة فعلية لحصول المراد خارجا، و حينئذ فلا تختص المحاسبة بخصوص الجزاء على الأعمال الخارجية.
و في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: لما نزلت على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله): لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ. قال: فاشتد ذلك على أصحاب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) فأتوا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) جثوا على الركب فقالوا: يا رسول اللّه كلّفنا من الأعمال ما نطيق: الصلاة، و الصيام، و الجهاد، و الصدقة، و قد أنزل اللّه هذه الآية و لا نطيقها. فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله): أ تريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتاب من قبلكم: سمعنا و عصينا؟ بل قولوا: سمعنا و أطعنا غفرانك ربنا و إليك المصير. فلما اقترأها القوم و ذلت بها ألسنتهم أنزل اللّه في أثرها: آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ‏ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَ الْمُؤْمِنُونَ … الآية. فلما فعلوا ذلك نسخها اللّه تعالى، فأنزل: لا يكلف اللّه نفسا إلا وسعها … إلى آخرها.
أقول: رواه جمع غفير عن أبي هريرة، و روي أيضا قريب منه عن ابن عباس. كما روي النسخ أيضا عن ابن مسعود و عائشة.
و روي أيضا عن ابن عباس أنّها نزلت في الشهادة و إقامتها و كتمانها.
فتكون الآية غير منسوخة.
و روي عن ابن عباس و عائشة: أنّ المراد بالآية تلك الأعمال التي لم يطلع عليها الحفظة.
و روي عن الربيع بن أنس: أنّ المراد بالمحاسبة ما يخبر اللّه العبد به يوم القيامة بأعماله التي عملها في الدنيا.
و روي عن عائشة: أنّ المراد بالمحاسبة ما يصيب الرجل من الغم و الحزن إذا هم بالمعصية و لم يفعلها.
و روي عن ابن عباس أيضا في قوله تعالى: وَ إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ. فذلك سرائرك و علانيتك يحاسبكم به اللّه فإنّها لم تنسخ، و لكن اللّه إذا جمع الخلائق يوم القيامة يقول: إنّي أخبركم بما أخفيتم في أنفسكم مما لم تطلع عليه ملائكتي، فأما المؤمنون فيخبرهم و يغفر لهم ما حدثوا به أنفسهم، و هو قوله تعالى: يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ يقول: يخبركم. و أما أهل الشك و الريب فيخبرهم بما أخفوا من التكذيب، و هو قوله: وَ لكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ.
و روي عن ابن عباس تفسيرها بوسوسة النفس، أو حديث النفس و بناء على جميع هذه الروايات تكون الآية محكمة و غير منسوخة.
أقول: الروايات في النسخ و عدمه متعارضة، مع أنّ رواية النسخ قاصرة السند و على فرض اعتبارها معارضة بالمثل، و مخالفة لظاهر الكتاب، و في مثل ذلك لا بد أن يرجع إلى أصالة عدم النسخ عقلا و شرعا كما هو ثابت في‏ محلّه. مع أنّ العقل يحكم بأنّه لا موضوع للنسخ فيما لا يعقل التكليف به، و هو الخطرات القلبية الخارجة عن الاختيار.
و أما الروايات التي وردت في تفسير الآية الكريمة مما لا يدل على نسخها إن رجعت إلى ما ذكرناه فلا بأس بها و الا فلا بد من طرحها.

خلق اللّه تعالى الإنسان كالمرآة للحقائق الواقعية و المعارف المعنوية بل هو كالمرآة لصفات جلاله و جماله.
الحق في كثرة الأعيان إذ ظهرا و وجهه الأحديّ الذات ما كثرا لكن كما شاهد الأعيان شاء يرى وجه الحقيقة في مرآة إنسان‏ هذا إذا كان الإنسان منقطعا إلى اللّه تعالى و منقادا له من كلّ جهة و أما غيره فلا يليق به هذا المقام بل قد يكون كالأنعام.
فإذا كان للإنسان الاستعداد لأن يحكي حقائق الممكنات مما مضى و ما هو موجود و ما هو آت فيجب أن يعتني بنفسه و يرعاها نهاية الرعاية و لا يسقطها عن الاعتبار و الا تلحقها المهانة و الصغار لأنّها السبب الموصل إلى كلّ مطلوب، و الرابط بين أهل الأرض و الغيب المحجوب فأيّ مكرمة للّه على خلقه أعظم من هذه المكرمة و أي موهبة له تعالى في عوالمه أفضل من هذه الموهبة و من فعل ما يوجب درن هذه المرآة فقد جنى على نفسه و أضاع ما أعدّ له من النعم الباقيات قال تعالى: فَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [التوبة- 70].

الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"