1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مواهب الرحمن فی تفسیر القرآن
  8. /
  9. سورة البقرة
  10. /
  11. الآية 243

أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ (۲٤۳)


الآية الشريفة في أسلوبها الرائع و بلاغتها الخلابة تبيّن آية من الآيات الإلهية التي وقعت في الأمم السابقة للعبرة و الموعظة. و قد ذكرها سبحانه و تعالى في ختام آيات الأحكام لتثبيت ما ورد فيها من الأحكام التي لوحظ فيها مصلحة الفرد و النوع و توطئة لما يأتي من الآيات التي تدعو إلى بذل النفس و الإنفاق.
و ترشد الإنسان إلى الرجوع إلى اللّه تعالى في مواضع الخطر و أنّ الموت و الحياة بيده جلّ شأنه و أنّ الحذر لا يقي القدر.
و تبيّن أنّ جميع التدبيرات الأرضية مقهورة تحت إرادة السماء و هي التي تحفظ الإنسان من جميع الشرور و الأخطار فيجب شكره تعالى و لكنّ أكثر الناس لا يشكرون.

۲٤۳- قوله تعالى: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ.
ألم أداة استفهام تستعمل في مقام التعجب و لم تأت في القرآن الكريم غالبا إلا و هي معدّاة ب (إلى) و إن كانت هي في نفسها متعدية فيستفاد منه أسلوب خاص يستعمل في الأمثال.
و الرؤية في المقام بمعنى العلم حيث نزّل علم المخاطب بما فيه من الإيمان و اليقين أو ما عليه من الظهور منزلة الرؤية بالبصر.
و الديار جمع الدار و هي المنزل و تستعمل في البلد أيضا بل الدنيا و الآخرة يقال الدار الدنيا و الدار الآخرة قال تعالى: وَ لَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ [النحل- 30]، و قال تعالى: فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ [الرعد- ۲٤].
و المراد بجملة: وَ هُمْ أُلُوفٌ هو الكثرة الموجبة للاستغراب و يضرب به المثل للكثرة.
و مادة (حذر) تأتي بمعنى الاحتراز عما يخاف منه، و لها استعمالات كثيرة في القرآن الكريم بهيئات مختلفة قال تعالى: وَ يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ [آل عمران- 28].
و هو إما مفعول له أي: خرجوا حذر الموت، أو مفعول مطلق أي: يحذرون الموت حذرا.
و الخطاب و إن كان موجّها إلى الرسول (صلّى اللّه عليه و آله) لكن يراد به الأمة أيضا و كلّ من بلغه لأنّه (صلّى اللّه عليه و آله) واسطة الفيض.
و المعنى: ألم تعلم أيّها الرسول أو من يبلغه الخطاب إلى حال الذين خرجوا و هم على كثرة تثير الدهشة و العجب فرارا من الموت. و لم يبيّن سبحانه و تعالى سبب الموت في المقام هل هو مهاجمة الأعداء أو شي‏ء آخر.
قوله تعالى: فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ.
تعبير عن الإرادة التكوينية بالأمر بالموت لبيان تمام قدرته و نفوذ أمره و هذا لا ينافي أن يكون الموت بسبب من الأسباب الطبيعية كالطاعون- على ما ورد في الأخبار- أو الغرق أو استيلاء الأعداء و نحو ذلك. ثم أحياهم بعد موتهم للعيش إما إتماما للحجة أو لأجل اعتبار الأمم اللاحقة من ذلك، أو لبيان تمام قدرته و نحو ذلك من المصالح لأنّ حذف المتعلّق يفيد العموم.
و لعلّ عدم ذكر إحدى تلك المصالح في المقام كما هو دأب القرآن في بلاغته في غير المقام أيضا لبيان الشمول و عدم انحصارها بأمة بل يمكن أن تجري في جميع الأمم و يرشد إلى التعميم قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ في ذيل الآية المباركة و فضله يعم ما سواه تعالى من الوجودات و العدميات مطلقا و لا يختص بشي‏ء دون آخر و لا قوم مخصوصين.
قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ.
الفضل هو الزيادة الممدوحة عن حد الإقتصاد و الاستحقاق، و جميع عطاياه تبارك و تعالى و مواهبه فضل، و ما سواه مفتقر إليه عزّ و جل بالذات و بجميع الشؤون و ما كان كذلك كيف يعقل فيه الاستحقاق على اللّه تعالى.
إلّا أن يقال إنّه تعالى يجعل الاستحقاق لعباده على نفسه و هو الذي يفضل عليهم في هذا الجعل كما يظهر من مواضع متعددة من القرآن الكريم‏، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى‏ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ [التوبة- 111]، و من المعلوم أنّ كلّا من المشتري و ملكه و قدرته و أوصافه حتى صفة الاشتراء ترجع إليه تعالى بنحو الاقتضاء و جميع ذلك فضل منه عزّ و جل فهو تعالى يعرّف عباده قدرته و يحوطهم بألطافه، و يجللهم برحمته و نعمائه، و يرشدهم إلى مواعظه و أحكامه.
و الفضل و الجود و الرحمة مفاهيم مختلفة و هي من صفاته الحسنى فإنّه تعالى جواد رحيم ذو الفضل، فالمفاهيم و إن كانت مختلفة لكنّها متصادقة فيه عزّ و جل، و الفرق إنّما يكون بالاعتبار.
و لعلّ الفرق أنّ الرحمة و الجود يعمّان جميع الموجودات، و الفضل يختص بالإنسان، هذا إذا لوحظت الرحمة بالمعنى العام و أما إذا لوحظت بعنوان الرحمانية و الرحيمية فقد تقدم الفرق بينهما في أول سورة الفاتحة.
و إنّ فضل الإنسان لا بد أن يرجع إلى كمال عقله العلمي و العملي و تأدبه بآداب اللّه و تخلّقه بمكارم الأخلاق فإنّه حينئذ يدوم بدوام الحيّ القيوم و ما سوى ذلك كظلّ زائل و نجم آفل.
قوله تعالى: وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ.
وضع الظاهر (النّاس) موضع المضمر لبيان أنّ الأكثر من جميع الناس لا الطائفة السابقة الذين أحياهم اللّه تعالى.
و هذه هي الأكثرية المذمومة في جملة من الآيات الشريفة الذين وصفهم عزّ و جل بأوصاف مختلفة قال تعالى: وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ [الأنعام- 37]، و قال تعالى: وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ [غافر- ٥۹]، و قال تعالى: فَأَبى‏ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً [الفرقان- ٥۰]، إلى غير ذلك من الآيات.
و شكر اللّه واجب عقلي و ما ورد في الآيات إرشاد إلى حكم العقل و إتمام الحجة ليصح الجزاء ثوابا على الفعل و عقابا على الترك.
و هو يتحقق بالعمل بما يرتضيه المنعم المشكور و الاجتناب عما يسخطه و لا يرضيه و هو الشكر الحقيقي و مع وجوده يستغنى عن الشكر اللساني و لو مرة و مع عدمه لا يكفي الأخير و لو ألف مرة.
و هذه الآية المباركة تشير إلى حقيقة من الحقائق التاريخية التي وقعت في الأمم الماضية و لها شؤون في الكتب، و قد ورد ما يماثلها في العهد القديم.
و لكن ذكر بعض المفسرين: أنّها مثل لا حقيقة لها. و ذكر آخرون: أنّ المراد من الموت هو استيلاء العدو و استعمار الأقوام و استعبادهم و إزالة استقلالهم و سلب مواردهم و نهب إمكانياتهم المادية و المعنوية و أنّ المراد بالإحياء هو نهوض الأمة في إبادة الأعداء و استعادة الاستقلال إليهم و دفاعهم عن حقوقهم.
و لكن ذلك خلاف سياق الآية الشريفة فإنّها كما ذكرنا تدل على حقيقة تاريخية واقعة في الخارج و سيأتي في البحث التاريخي ما يتعلق بها.

يستفاد من هذه الآية المباركة أمور:
الأول: ذكرنا أنّ الآية الشريفة تدل على أنّ الإنسان لا يمكنه الفرار عن مقدّرات اللّه تبارك و تعالى و أنّ الهلع لا يرد قضاءه و أنّ الواجب عليه التسليم و يشير إلى مدلول هذه الآية قوله تعالى: قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَ إِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا [الأحزاب- ۱٦]، فلن ينفع الفرار في دفع القدر المحتوم و إذا فروا فإنّهم ملاقوه لا محالة.
الثاني: لم يرد في الآية المباركة تفصيل و بيان كيفية الموت من أنّه كان جماعيا أو انفراديا في زمان محدود؟ و هل أنّهم ماتوا بسبب ما هربوا منه؟ و لعلّ السّر في إخفاء كلّ ذلك أنّ الآية في مقام بيان أصل التسليم و أخذ العبرة من طبيعة الواقعة بأنّ الفزع و الجزع و الحذر لا يغيّر المصير أو القضاء المبرم و أنّ الصبر و الثبات و الرجوع إلى قضائه هو المتعيّن و أما جزئيات الواقعة، فهي لا تكون موضع العبرة غالبا.
الثالث: إنّما وضع الظاهر موضع المضمر في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ أولا: لتعدد الموضوع و هذا يقتضي الإظهار. و ثانيا:
الاهتمام بالفضل و إظهار قدرته عزّ و جل و انحصاره فيه تعالى.

في الكافي عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول اللّه عزّ و جلّ: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ فقال: إنّ هؤلاء أهل مدينة من مدائن الشام و كانوا سبعين الف بيت و كان الطاعون يقع فيهم في كلّ أوان فكانوا إذا أحسّوا به خرج من المدينة الأغنياء لقوّتهم و بقي فيها الفقراء لضعفهم، فكان الموت يكثر في الذين أقاموا و يقلّ في الذين خرجوا، و يقول الذين خرجوا: لو كنا أقمنا لكثر فينا الموت، و يقول الذين أقاموا لو كنا خرجنا لقل فينا الموت.
قال: فاجتمع رأيهم جميعا أنّه إذا وقع الطاعون فيهم و أحسّوا به خرجوا كلّهم من المدينة فلما أحسّوا بالطاعون خرجوا جميعا و تنحوا عن الطاعون حذر الموت، فساروا في البلاد ما شاء اللّه ثم إنّهم مروا بمدينة خربة قد جلا عنها أهلها و أفناهم الطاعون فنزلوا بها، فلما حطوا رحالهم و اطمأنوا بها قال لهم اللّه تعالى: موتوا جميعا، فماتوا من ساعتهم و صاروا رميما تلوح و كانوا على طريق المارة فكنستهم المارة فنحوهم و جمعوهم في موضع فمرّ بهم نبيّ من أنبياء بني إسرائيل يقال له (حزقيل) فلما رأى تلك العظام بكى و استعبر و قال: يا ربّ لو شئت لأحييتهم الساعة كما أمتهم فعمروا بلادك و ولدوا عبادك و عبدوك مع من يعبدك من خلقك، فأوحى اللّه إليه أ فتحب ذلك؟ قال: نعم يا ربّ، فأحياهم اللّه فأوحى اللّه عزّ و جل إليه قل كذا و كذا فقال الذي أمره اللّه‏ عزّ و جلّ أن يقوله- فقال أبو عبد اللّه (عليه السلام) و هو الاسم الأعظم- فلما قال حزقيل ذلك الكلام نظر إلى العظام يطير بعضها إلى بعض فعادوا أحياء ينظر بعضهم إلى بعض يسبّحون اللّه عزّ و جل و يكبّرونه و يهلّلونه، فقال حزقيل عند ذلك: أشهد أنّ اللّه على كلّ شي‏ء قدير. قال عمر بن يزيد فقال أبو عبد اللّه (عليه السلام): فيهم نزلت هذه الآية».
أقول: سواء كان حزقيل من أوصياء بني إسرائيل كما عن بعض أو نبيا من أنبياء بني إسرائيل فإنّ له شأنا لمكان الاسم الأعظم الذي عنده، فأصل الواقعة مما لا ينكر و إنّما ذكرت في القرآن للردع عن الاعتماد على النفس من كلّ جهة و الحث على التوكل على اللّه تعالى، و للتنبيه على أنّ إرادته تعالى قاهرة و مهيمنة على ما سواه كما مرّ في الآيات السابقة و يأتي في الآيات اللاحقة إن شاء اللّه تعالى.
و عن عليّ (عليه السلام): «عند التقادير ضلت التدابير» فكم من هارب من بلية و هو واقع فيها بأشد مما فرّ منها. و أما محل الواقعة فسيأتي في البحث التاريخي ما يتعلق به.
هذا، و إنّ رجلا من أمناء فرعون في مصر كان يدعى حزقيل أيضا و كان أول أمره نجارا و هو الذي سألته أم موسى (عليه السلام) أن يصنع لها تابوتا صغيرا تضع فيه ابنها الوليد ثم ألقت بوليدها في النّهر و قد حبس لسانه عند ما أراد إفشاء سرّ موسى (عليه السلام) و سيأتي في الآيات المناسبة تتمة الواقعة.
و لكن لا يخفى أنّ حزقيل النبيّ غير هذا الرجل. كما أنّه غير ذي الكفل كما توهمه بعض.
الطبرسي في الاحتجاج في حديث عن الصادق (عليه السلام) قال: «أحيا اللّه قوما خرجوا من أوطانهم هاربين من الطاعون لا يحصى عددهم فأماتهم اللّه دهرا طويلا حتّى بليت عظامهم و تقطعت أوصالهم و صاروا ترابا فبعث اللّه في وقت أحبّ أن يري خلقه قدرته نبيا يقال له (حزقيل)، فدعاهم فاجتمعت أبدانهم و رجعت فيها أرواحهم و قاموا كهيئة يوم ماتوا لا يفتقدون من أعدادهم رجلا فعاشوا بعد ذلك دهرا طويلا».
أقول: قريب منه ما عن أبي جعفر (عليه السلام) كما في الكافي‏ و يستفاد من هذه الروايات أنّ المعاد عين المبتدإ كما أثبتوه في الفلسفة الإلهية. و حزقيل أي: قوة الربّ.

ذكر جمهور المفسرين أنّ الآية الشريفة تشير إلى قوم من بني إسرائيل وقع فيهم الوباء فخرجوا هاربين فنزلوا واديا فأماتهم اللّه تعالى، و قد اختلفوا في القرية التي كانوا فيها فنقل عن بعضهم أنّها (داوردان) من نواحي شرقي واسط. و قيل: إنّها قرية من قرى الشام.
كما أنّهم اختلفوا في عددهم بين مقلل لهم و هو أربعة آلاف و مكثر لهم و هو ستمائة ألف.
و قد اختلفوا أيضا في مدّة موتهم، و قيل أماتهم اللّه قبل آجالهم عقوبة لهم ثم بعثهم إلى بقية آجالهم.
هذا، و لكن بعثهم كان معجزة لنبي من أنبيائهم و هو حزقيل بن يوزي ثالث أنبياء العبرانيين الكبار كان معاصرا لأرميا و دانيال في القرنين السادس و السابع قبل الميلاد، و كان من الذين ساروا إلى السّبي و هو صغير السّن و كان يخبر رفقاءه في السّبي بالأخطار و المصائب المحدقة بهم، و له سفر من أسفار التوراة تكثر فيه الرؤيا و التشابيه الشعرية و الاستعارات التي كان الغرض منها تهذيب الأسرى و توبيخهم على تذمرهم و إصرارهم على خطاياهم و دعوتهم للتوبة و تسلية للأتقياء منهم برجاء العودة إلى ديارهم و هلاك أعدائهم.
و قد وردت هذه الواقعة تقريبا في الإصحاح السابع و الثلاثين من سفر حزقيال حيث ورد فيه «كانت عليّ يد الربّ فأخرجني بروح الربّ و أنزلني في وسط البقعة و هي ملآنة عظاما، و أمرّني عليها من حلوها و إذا هي كثيرة جدّا على وجه البقعة و إذا هي يابسة جدّا فقال لي: يا ابن آدم أ تحيا هذه العظام؟
فقلت: يا سيد الرّب أنت تعلم، فقال لي: تنبّأ على هذه العظام و قل لها: أيتها العظام اليابسة اسمعي كلمة الربّ هكذا قال السيد الربّ لهذه العظام هانذا ادخل فيكم روحا فتحيون و أضع عليكم عصبا و أكسيكم لحما و أبسط عليكم جلدا و أجعل فيكم روحا فتحيون إنّي أنا الربّ فتنبأت كما أمرت و بين ما أتنبأ كان صوت و إذا رعش فتقاربت العظام كلّ عظم إلى عظمه و نظرت و إذا بالعصب و اللحم كساها و بسط الجلد عليها من فوق و ليس فيها روح فقال لي: تنبأ للروح تنبأ يا ابن آدم و قل للروح هكذا قال السيد الربّ هلمّ يا روح من الرياح الأربع و هبّ على هؤلاء القتلى ليحيوا، فتنبأت كما أمرني فدخل فيهم الروح فحيوا و قاموا على أقدامهم جيش عظيم جدا جدا».
و كيف كان فإنّ كثيرا مما ذكره المفسرون لم يقم عليه دليل معتبر و قال ابن عطية: «إنّ هذه القصص كلّها لين الأسانيد» و إنّ الآية الشريفة لم يذكر فيها الا أصل الواقعة كما عرفت.
و أكبر الظن أنّ منشأ القول في هذه الواقعة بأنّ النبيّ هو الذي دعا اللّه تعالى في بعثهم و إحيائهم ما تقدم في سفر حزقيال و أنّه صاحب رؤيا قيام العظام اليابسة و كان متأخرا عن عصر موسى بكثير.

الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"