1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مواهب الرحمن فی تفسیر القرآن
  8. /
  9. سورة النساء
  10. /
  11. الآيات 148 الى 149

لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ وَ كانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً (۱٤۸) إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً (۱٤۹)


يذكر سبحانه و تعالى في هاتين الآيتين الشريفتين أحد توجيهاته، القيمة الّتي لها الأثر الكبير في توحيد صفوف المؤمنين و اتّحاد كلمتهم، بعد أن حكي لهم عزّ و جلّ أحوال أعدائهم من الكافرين و المنافقين الّذين يريدون خديعتهم و الإيقاع فيهم، و إيجاد ثغرات ينفذ منها أعداء اللّه تعالى، ففي هذه الآية المباركة يومي عزّ و جلّ الى تصفية النفس من الأضغان و نبذ السوء من القول الّذي يؤثّر في النفوس فتوهن العزائم و يضعف التماسك، فيتخذها الأعداء وسيلة للنفوذ فيهم.
و ما ورد في الآية الشريفة حكم تربوي لإصلاح النفوس و تطهيرها من الضغائن و الأحقاد، و قد حذّرهم عزّ و جلّ بأنّه يعلم كلّ ما في نفوسهم و لا تخفى عليه خافية، فلا بدّ من إصلاحها بالعفو حتّى يشملهم عفوه و رحمته.
و لا يخفى ارتباط هاتين الآيتين الكريمتين بما سبق من الآيات الشريفة، فإنّ هذه السورة تضمّنت كثيرا من التوجيهات التربويّة لإصلاح النفوس و تصفيتها، و قيما أخلاقيّة لينال المجتمع بها سعادته، و أحكاما سامية ليحفظ المؤمن مكانته.

قوله تعالى: لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ.
محبّة اللّه تعالى هي رضاءه و إنعامه بالثواب و تفضّله على عبيده، و عدم محبّته هو سخطه و عقابه، و تقدّم ما يتعلّق بها في قوله تعالى: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَ الَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَ لَوْ يَرَى الَّذِينَ‏ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذابِ [سورة البقرة، الآية: ۱٦٥]، و ذكرنا في ضمن تفسيره بحثا عرفانيا يتعلّق بالحبّ.
و مادة (جهر) تدلّ على الظهور و البروز بوضوح، و قد وردت هذه المادة في القرآن الكريم في ما يقرب من ستة عشر موضعا، استعملت جميعها في هذا العالم و ليس لها حظ في الآخرة، و متعلّقها إمّا حاسة البصر، كما في قوله تعالى حاكيا عن اليهود لموسى عليه السّلام: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً [سورة البقرة، الآية: ٥٥]، و قوله تعالى حاكيا عن أهل الكتاب: فَقالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً [سورة النساء، الآية: ۱٥۳]، أو حاسة السمع كما في قوله تعالى: سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَ مَنْ جَهَرَ بِهِ [سورة الرعد، الآية: 10]، و قوله تعالى: وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَ لا تُخافِتْ بِها [سورة الإسراء، الآية: 110]، و لعلّ أشدّها ما ورد في قصة نوح عليه السّلام، قال تعالى حاكيا عنه ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً* ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَ أَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً [سورة نوح، الآية: 9].
و يستفاد منه أنّ الإعلان خلاف الإسرار، فيكون الإجهار خلاف الإخفات، و قد يستعمل خلاف الإسرار أيضا، و منه الحديث: «كلّ امتي معافي إلّا المجاهرين»، و هم الّذين أظهروا المعاصي و كشفوا ما ستر اللّه عليهم منها.
و السوء: هو كلّ ما يغمّ الإنسان، سواء كان من الأمور الدنيويّة أم الأخرويّة، نفسيا كان أو بدنيا خارجيا كان، مثل فوت مال، أو شأنيا كفوات جاه أو فقد حميم، و السوء من القول كلّ ما يسوء المقول فيه فيشمل السبّ، و القذف، ثم عمّم «السوء» أو حكمه حتّى يشمل الغمز و اللمز و الاتّهام بالسي‏ء من الصفات و الأعمال، و البهتان، و إلصاق العيوب و كلّ ما ليس في الطرف الآخر، و الدعاء عليه و نحو ذلك ممّا يسيئه، و هو يختلف باختلاف الأعصار و الأمصار و الأقوام، فربّ سي‏ء في عصر و مصر أو عند قوم لا يكون كذلك عند غيرهم.
و لعلّ التعبير و عدم ذكر الخصوصية في المقام، ليشمل الجميع و كلّ ما ينطبق عليه السوء من القول عرفا، و التقييد بالقول من باب الغالب.
ثمّ إنّه تقدّم أنّ عدم محبّته تعالى لأمر يدلّ على مبغوضيته و هو كاف في النهي التشريعي، سواء أ كان تنزيهيا أم إلزاميا، و الأدلّة الخاصّة تبيّن أحدهما و الاقتصار عليه من دون ذكر النهي و التحريم فيه، للإشارة الى أنّ المؤمنين لما تربّوا بالتربية الإلهية، و تحقّق فيهم شعور خاصّ بالنسبة الى التوجيهات الربوبيّة و إحساس عميق بالالتزام بالتكاليف الشرعيّة، يكفي لهم في الزجر عن شي‏ء و الامتناع عنه أن يقال لهم: «إنّ اللّه لا يحبّ الجهر بالسوء من القول».
أو لأجل بيان أنّ الامتناع عن الجهر بالسوء من القول- و تقييد اللسان بقيد حتّى لا ينفلت منه الكلام بغير حقّ- لا بدّ أن ينشأ عن شعور داخلي و ضمير حساس متصل بالحي القيوم لكلّ ما يصدر منه قولا و فعلا، من دون احتياج الى تكليف خارجي، و إذا تحقّق أيضا إنّما يكون تأكيدا لما في الضمير.
أو لأنّ الحكم في الآية الشريفة موافق للفطرة؛ لأنّه من أفراد الظلم الّذي هو مبغوض بالفطرة، و يكفي في أمثال ذلك إثارتها؛ و من أهمّ ما يثيرها إعلام الكراهية منه عزّ و جلّ و عدم محبّته للسوء من القول، و إليه يشير ما ورد في كلمات الفقهاء: انّ التكاليف الواردة في الأحكام الفطريّة إنّما تكون إرشاديّة، لا أن تكون مولويّة.
و إنّما ذكر عزّ و جلّ اسم الجلالة؛ لبيان أنّ التكاليف بجميع أنواعها سواء أ كانت مولويّة أم إرشاديّة و إثارة الفطرة، إنّما تكون من اختصاصه تعالى، و ليس لأحد غيره ذلك.
قوله تعالى: إِلَّا مَنْ ظُلِمَ.
استثناء منقطع من التحريم، و (ظلم) مبني للمجهول، أي: يحرم الجهر بالسوء من القول إلّا من ظلم فإنّه لا بأس له بأن يجهر بالسوء من القول انتصارا ممّن ظلمه، و إحقاقا للحقّ و إعلانا للواقع.
و يحتمل أن يكون الاستثناء متّصلا بتقريب: لا يحبّ اللّه الجهر بالسوء إلّا الصادر ممّن ظلم، فإذا لوحظ الاستثناء باعتبار الحكم يكون منقطعا، و إذا لوحظ باعتبار الموضوع يكون متصلا، و قرئ على البناء للفاعل (أي المعلوم)، فيكون المعنى: لا يحبّ اللّه الجهر بالسوء إلّا الظالم فإنّه يحبّه فيجهر بالسوء، فيكون الاستثناء حينئذ متصلا، و لكن ظاهر الآية الشريفة خلافه.
و إنّما ذكر عزّ و جلّ مَنْ ظُلِمَ لبيان أنّ الجهر بالسوء من مصاديق الظلم، و هو مبغوض بالفطرة، و إرشاد الى أنّ المظلوم إنّما يجوز له الانتصار ممّن ظلمه في الجهة الّتي ظلم بها، و لا يجوز التعدّي عنها.
قوله تعالى: وَ كانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً.
تعليل لما تقدّم، أي: أنّ اللّه سميع لأقوالكم، عليم بنواياكم، فهو يعلم الظالم منكم و المظلوم.
و يستفاد من هذه الآية المباركة أنّ جواز الجهر بالسوء للمظلوم لم يكن اعتباطيا أو يباح له على الإطلاق، بل لا بدّ له من التأكيد و التبيين في الأمر، فإنّ اللّه سميع للأقوال عليم بأنّه مظلوم أو ظالم، فلعلّ من يكون يجهر بالسوء في القول ظالما و هو لا يدري، فيرتكب ما لا يحبّه اللّه تعالى، فتكون الآية الشريفة مبيّنة لملاك الحكم.
و في قوله تعالى التحذير للظالم ليكفّ عن ظلمه، و للمظلوم حتّى لا يتعدّى عن الحدّ في الانتصار، و تثبيت الواقع و إحقاق الحقّ.
قوله تعالى: إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ.
توجيه ربوبي لتهذيب النفس و الترغيب الى الخير، و دعوة الى التحلّي بالعفو، و يظهر لطف هذا التوجيه التربوي الإصلاحي وقوعه بعد إباحة الجهر بالسوء، و قد تكفّلت الآية المباركة جميع صور الخير بادية و خافية، فإنّه لا يكتفي بالجهر بالخير و ابدائه، بل لا بدّ من إصلاح النفس و الهمس بالخير حتّى تتروض عليه، فيستولي على جميع مشاعرها.
و الخير يشمل كلّ ما ينطبق عليه هذا العنوان المحبّب الى النفوس، سواء كان‏ قولا أم فعلا أم النية، فيحسن أن تكون النيات حسنة و النفوس خيرة، ففي الألفاظ اليسيرة الّتي لها وقع في النفوس المستعدة معان كثيرة، و قد ذكر القرآن الكريم مصاديق كثيرة للخير، منها: قوله تعالى: إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَ إِنْ تُخْفُوها وَ تُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَ يُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ [سورة البقرة، الآية: 271].
و منها: العفو الّذي يذكره عزّ و جلّ بعد ذلك: أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ.
و منها: الإيمان باللّه العظيم، قال تعالى: وَ لَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَ لَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَ لا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَ لَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَ لَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَ اللَّهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ [سورة البقرة، الآية: 221].
و منها: الصلح و الإصلاح في مورد الخصومة و التباعد، قال تعالى: وَ الصُّلْحُ خَيْرٌ [سورة النساء، الآية: 128]، و قال تعالى: قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ [سورة البقرة، الآية: 220]، إلى غير ذلك من الموارد الّتي ذكرها اللّه تبارك و تعالى في القرآن الكريم.
و إنّما ذكر عزّ و جلّ إبداء الخير؛ لما فيه من الترغيب إليه و تشويق الناس له، كما ذكر الإخفاء فيه لقربه الى الخلوص و بعده عن الرياء؛ و لأنّ الإخفاء أوقع في النفس و أثبت.
قوله تعالى: أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ.
تخصيص بعد تعميم تنويها لفضله و تنبيها لمنزلته العظيمة في تصفيه النفوس و ربط الصفوف، و بيان لأظهر مصاديق الخير.
و العفو عن السوء هو الستر عليه، و إطلاقه يشمل العفو في القول بأنّ لا يذكر ظلم ظالمه، و العفو في الفعل بالصفح عن المسي‏ء و أن لا يواجهه بما يسيئه، و لا ينتقم منه، و أعظم منه أن يكافأه بالإحسان، فإنّ اللّه يحبّ المحسنين، كما في قوله‏ تعالى: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ الْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَ الْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [سورة آل عمران، الآية: ۱۳٥].
قوله تعالى: فَإِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً.
إرشاد الى أنّ العفو من صفات اللّه تبارك و تعالى، و لا بدّ للمؤمن أن يتحلّى بصفاته عزّ و جلّ الكماليّة و يكون مظهرا من مظاهرها.
و الآية الشريفة تبيّن أنّ العفو الّذي بيد المظلوم لا بدّ أن لا يكون من نوع عفو الذليل العاجز الّذي يخنع للظلم و يرضخ لسلطة الظالم، فإنّ ذلك أمر مرغوب عنه في الإسلام، بل هو التسامح بعد أن أباح الشارع له أن يقتصّ من الظالم و يجهر له بالسوء من القول، فيكون من العفو عند المقدرة، و هذا هو من الصفات الكماليّة له عزّ و جلّ.
و إنّما خصّ عزّ و جلّ العفو بالذكر مع أنّه يحبّ الخير و هو أيضا من صفاته عزّ و جلّ؛ لأنّ المقام يستدعي التأكيد على العفو بعد الإباحة بالجهر بالسوء للمظلوم؛ و لأنّ العفو من مصاديق الخير، فيستدعي أن يكون الثاني أيضا من صفاته، ففي الكلام تلويح إليه.

تتضمّن الآيتان الشريفتان على حكم تربوي إصلاحي له الأثر الكبير في تهذيب النفس، و توحيد صفوف المجتمع الإسلامي الّذي طالما تمنّى الأعداء تقويضه باستعمال كلّ الأمور و الأساليب في إيجاد ثغرات ينفذون منها في تشتيت كلمتهم، و كان من أهمّ الأمور الّتي تفتّت عضد المسلمين و تشلّ قواهم و تهدّد كيانهم، و تقدح الفتنة بينهم، هي الأقوال السيئة الّتي تؤجّج البغضاء و العصبية، فإنّ ما يصدر من اللسان هو من أهمّ المؤثّرات في الإنسان، سواء أ كانت ايجابية أم سلبية، و قد ورد في الحديث: «و هل يكب الناس على مناخرهم في النار إلّا حصائد ألسنتهم»، أي: ما يقطعونه من الكلام الّذي لا خير فيه.
و الآيتان الشريفتان تعالجان هذا الموضوع من جوانب متعدّدة، فمن جانب تثبت فيه حكما شرعيا، و هو التحريم بأسلوب لطيف يجعل المؤمن يشعر شعورا داخليا بأنّ الأمر مكروه و له مخاطر عديدة على النفس و المجتمع، فقال عزّ و جلّ: لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ، و يكفي للمؤمنين هذا الخطاب الربوبي في إثبات إحساس داخلي متّصل بالحي القيوم بالايتمار بأوامره و الانتهاء عن نواهيه.
و من جانب آخر يثبت الموضوع السوء من القول و يعتبره من أفراد الظلم الّذي تشمئزّ منه النفوس و تنفر منه الطباع و تنكره الفطرة، و تعميمه بحيث يشمل جميع أفراده قولا كالبهتان و الشتم و السباب، أو عملا كالهمز، و جميع ما يوجب إثارة الشحناء و البغضاء.
و إنّما خصّ عزّ و جلّ السي‏ء من الأقوال لعظيم أثرها في النفوس؛ و لأنّها الوسيلة الوحيدة في تضعيفها، و انتشار السي‏ء من الأفعال و منها ينفذ الأعداء، ثمّ‏ يعالج الفرد الواقع منه في المجتمع بأسلوب تربوي يحدّ من انتشار أمثاله و يقلّل من تأثيره على الإنسان المظلوم، فأباح له مثل ما ظلم به من سي‏ء القول، و لم يبح له أكثر من ذلك، فقال عزّ و جلّ: إِلَّا مَنْ ظُلِمَ، و أعطى الضمان عزّ و جلّ لهذا الحكم فقال عزّ من قائل: وَ كانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً، فإنّ اللّه تعالى يسمع أقوال الظالمين فيجازيهم عليها، كما يعلم شكاوي المظلومين و تظلّمهم، فأباح لهم التظلّم بإظهار ما ظلموا به.
و هذا الحكم و إن لوحظ في الجانب التربوي للتحديد من الظلم إلّا أنّه لم يكن حاسما للموقف، فحبّب إليهم الخير و اعتبره عزّ و جلّ هو الأصلح في هذا الموقف الّذي لا بدّ من إزالة الشحناء و تطويق الخلاف، و اعتبره حكما إصلاحيا للنفوس بالترويض على الخير و جعله مستوليا على جميع مشاعرها، فلا يقتصر على الخير في حالة واحدة، بل من الأفضل تعميمه لجميع الحالات.
و خصّ من أفراد الخير العفو عن السي‏ء كلّها؛ لأنّه من صفات الباري عزّ و جلّ؛ و لأنّه يزيل ما أوجب كدر الصفو بين الأفراد، و يرجع الثقة بينهم، فتضمّنت هاتان الآيتان حكما تربويا إصلاحيا، و اشتملتا على خلق كريم نبيل هو من أخلاق اللّه عزّ و جلّ، و قد عرفت في التفسير أنّ هذا الخلق له الأثر العظيم في ما إذا كان عند المقدرة، دون العفو التابع من الذلّة، فإنّه ليس بتلك المثابة و لم يعد أن يكون خلقا كريما.
و تعلّق حبّه تعالى بأمر عقلي كقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ* [سورة البقرة، الآية: ۱۹٥] يدلّ على أنّ ذلك لا يختصّ بهذا الدين الحنيف، و إنّما يعمّ جميع الأديان السماويّة؛ لأنّ محبّة المحسنين أمر فطري، و كذا عدم حبّه لشي‏ء تبغضه الفطرة، فيكون قبح الجهر ممّا لا يختصّ بهذا الدين.
و إنّ قوله تعالى: إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ يمكن أن يكون إشارة الى المراتب في العمل، فمن كان قادرا على الإبداء و الجهر بأن صان نفسه عن المهالك- كالرياء و العجب و الغرور- يبدي في العمل، و إلّا فيخفي حفظا عنها و صونا عن الشوائب و المكائد الشيطانيّة.

في تفسير العياشي بإسناده عن الصادق عليه السّلام في قوله تعالى: لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ قال «من أضاف قوما فأساء ضيافتهم، فهو ممّن ظلم، فلا جناح عليهم فيما قالوا فيه».
أقول: قريب منه ما في الدرّ المنثور، و معنى الرواية أنّه لا يجوز التعدّي عن ما لاقاه الضعيف من سوء الضيافة، فغاية ما يجوز له أن يقول مثلا: (لم يحسن ضيافتي، أو أساء في ضيافته)، فإنّ ذلك نوع من الظلم الخلقي، و من المعلوم أنّ للظلم أنواعا، و لكلّ نوع مراتب، و في كلّ مرتبة درجات، و الرواية من باب ذكر أحد المصاديق كما هو واضح منها.
و في تفسير العياشي عن أبي الجارود عن الصادق عليه السّلام: «الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ قال: أن يذكر الرجل بما فيه».
أقول: لا بدّ و أن يقيّد بما لم يكن من المستثنيات.
و في تفسير علي بن إبراهيم في قوله تعالى: لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ قال: «لا يحبّ اللّه أن يجهر الرجل بالظلم و السوء و لا يظلم، إلّا من ظلم، فقد أطلق له أن يعارضه الظلم».
أقول: المراد من ذيل الرواية بما لا يوجب التعدّي عليه أو ينافي الشرع، و إلّا فلا يجوز كما تقدّم، و في بعض الروايات: «انّ اللّه تعالى جعل لكلّ شي‏ء حدّا، و جعل على من تعدّى الحدّ حدّا».
و في تفسير القمّي في قوله تعالى: لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ إن جاءك‏ رجل و قال فيك ما ليس فيك من الخير و الثناء و العمل الصالح، فلا تقبله منه فكذّبه فقد ظلمك».
أقول: إمّا عدم القبول لعدم الحقيقة و نفي الواقع، و إمّا تكذيبه لإرشاده الى الواقع، و المراد من قوله عليه السّلام: «فقد ظلمك»؛ لأنّه قال فيك ما ليس فيك، فإنّه يوجب حبّ الثناء و المحمدة، و يعتبر ذلك عند علماء الأخلاق أم الفساد و أصل المهلكات؛ لما يستلزم الغرور و صرف النفس عن نيل الكمال و البعد عن الحقائق و الوقوع في المساوئ و الضلال، و ذلك ظلم كبير.
و في المجمع: قال في الآية المباركة: «لا يحبّ اللّه الشتم في الانتصار، إلّا من ظلم، فلا بأس له أن ينتصر ممّن ظلم بما يجوز الانتصار في الدين».
أقول: الروايات الدالّة على أنّ اللّه تبارك و تعالى يبغض القول السي‏ء أو الشتم كثيرة جدا، إلّا من ظلم بما يجوز في الدين، فلو حصل التعدّي أو ممّا لا يجوز في الدين، فلم يرخّصه الشارع.
و في الدرّ المنثور: «انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: من دعا على من ظلمه فقد انتصر».
أقول: ورد في الروايات المستفيضة أنّ دعاء المظلوم لا يرد، و أنّها تخرق الحجب السبع. و قد أخذ المظلوم حقّه ممّا يهبه سبحانه و تعالى له؛ و لذا انتصر.
نعم آثار الاستجابة قد تتأخّر لمصالح لا يمكن دركها في عالم الإمكان إلّا لأخصّ الخواص.
و في بعض التواريخ يحكى عن ابن السكيت (رضوان اللّه تعالى عليه) معلم أبناء المتوكّل: جلس معه المتوكّل يوما فجاء المعتز و المؤيد ابنا المتوكّل، فقال له:رأيّما أحبّ إليك ابناي، أم الحسن و الحسين عليهما السّلام؟ فقال ابن السكيت: و اللّه إنّ قنبر خادم علي عليه السّلام خير منك و من ابنيك، فقال المتوكل العباسي: سلوا لسانه من قفاه، ففعلوا فمات، و من العجب أنّه أنشد قبل ذلك للمعتزّ و المؤيد.
يصاب الفتى من عثرة بلسانه و ليس يصاب المرء من عثرة الرجل‏
فعثرته في القول تذهب رأسه و عثرته في الرجل تبرأ على مهل‏

أقول: لعلّ ابن السكيت (رحمه اللّه تعالى) رأى تكليفه في إظهار الحقيقة و الواقع، و علم أنّ المتوكّل أراد قتله على أي حال استعمل التقية أو لم يستعملها، و إلّا كان له الفرار من البلاء بذريعة التقيّة أو بغيرها و لم يتجاهر بعقيدته أو بالواقع؛ لقاعدة تقديم الأهمّ و هو حفظ النفس المؤمنة على غيره و هو المهمّ، أو هيّجه حبّه لأهل البيت عليهم السّلام، و كيف كان فرضوان اللّه تعالى عليه.

يمكن أن تكون الآية الشريفة: لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إشارة الى ما تعرض على النفس من الحالات الّتي يتأثّر المؤمن بها، كالتحدّث مع النفس في الخواص، سواء أ كان ذلك في العقائد أم في العوائد، و لا فرق في العوائد بين أن تكون نفسيّة باطنية- كحبّ الجاه و الرياسة، و طلب الخصوصية، و حبّ المدح، و خوف الفقر و غيرها- أم ظاهريّة، مثل كثرة المخاصمة و العتاب و غيرها إِلَّا مَنْ ظُلِمَ بداعي البشرية غير الاختياريّة كالابتلاء بالاضطرار، و دفع الحرج و غيرهما، فما يعرض على قلب المؤمن من الأوهام الّتي يتألّم و يتأثّر بها بلا أثر خارجي لتلك الأوهام و يصير المؤمن مظلوما، فلا عتاب عليه من المحبوب.
أو لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ بالخطرات الّتي تختلج على قلب أخصّ الخواص، فإنّها توجب النزول عن سمو مقامهم- كما في بعض الروايات- لأنّ ما تمرّ على قلوبهم لها دخل في حطّ تقرّبهم لديه جلّ شأنه و إن لم يكن كذلك عند الخواص فضلا عن العوام، فإنّ «حسنات الأبرار سيئات المتقرّبين»، و قال تعالى: وَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ [سورة المجادلة، الآية: 11] إِلَّا مَنْ ظُلِمَ بالمنع من التمتع بحضرة قدسه بشهود الجمال بالاشتغال في امور العباد الّتي توجب‏ هدايتهم الى معرفة ربّ الأرباب، و نجاتهم من المهالك و الظلمات.
أو لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ بإفشاء أسرار الربوبيّة و إعلام المواهب الألوهيّة على من لا يليق بالتشرّف لساحة قدسه، و ران على قلبه، و تاه في الظلمات فعمى عليه معرفة الخير من الشرّ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ بغلبات الأحوال من إظهار شي‏ء من الحجّة و البرهان، لا بإفشاء الأسرار و رفع الحجب.
و على أي حال، كانَ اللَّهُ في الأزل و الأبد سَمِيعاً لأقوالكم و عَلِيماً بأحوالكم و مقاماتكم. و إِنْ تُبْدُوا خَيْراً ممّا أفاض عليكم من النّعم و الحالات و ما وهب لكم من المكاشفات بترقّي النفوس الى المقامات و وصولها إلى أعلى الدرجات، أَوْ تُخْفُوهُ حفظا عن الشوائب و صونا عن المكائد أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ بترك إعلام ما جعل اللّه إظهاره سوءا، أو تعفوا بما تدعوكم به النفس الأمارة بالسوء بأن لا تتّبعوها أو تصفحوا عن المسي‏ء كما يصفح عنكم الجليل، فَإِنَّ اللَّهَ كان في الأزل و الأبد رحيما، و بمقتضى رحمته كان عَفُوًّا عنكم لو اتّصفتم بمظاهر أخلاقه جل شأنه، قَدِيراً على كلّ شي‏ء، فإنّه قادر على أن لا يعفو عن أحد و يذلّ عبده بردّه إلى نفسه و هواه و إيكاله الى نفسه مع الاختيار و يؤاخذه لكفرانه، فإنّه لَظَلُومٌ كَفَّارٌ [سورة إبراهيم، الآية: ۳٤]، و لكن رحمته الّتي وسعت كلّ شي‏ء، و محبّته لخلقه و رأفته لهم تقتضيان أن يعفو عن الجميع، فإنّه يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً [سورة الزمر، الآية: ٥۳]، و يعفو عن المسي‏ء مهما توغّل في الظلمات و بعد عن ساحة قدس ربّ السماوات.

من المعاصي الكبيرة الغيبة، و هي: أن يذكر خلف إنسان ما هو مستور يغمّه لو سمعه، فإن كان صدقا سمّي غيبة و إلّا فهو البهتان الّذي هو أشدّ من الغيبة، بل من الموبقات.
و لا فرق في الغيبة بين أن يكون بقصد الانتقاص أو لم يكن كذلك لإطلاق ما يأتي من الأدلّة، كما لا فرق في العيب المستور بين أن يكون في بدنه، أو في خلقه، أو في نسبه، أو في قوله، أو في دينه، أو دنياه. و سواء كان الذكر بالقول أو الكتابة أو بالحكاية بوجود العيب في الشخص المغتاب (بالفتح)، كالإشارات و التمثيليات، ففي جميع ذلك تتحقّق الغيبة.
و تدلّ على أنّها أم الرذائل الأخلاقيّة و من المعاصي الكبيرة الأدلّة الأربعة:
فمن الكتاب قوله تعالى: وَ لا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ [سورة الحجرات، الآية 12]. فشبّه سبحانه و تعالى لما يناله المغتاب (بالكسر) من عرض المغتاب (بالفتح) بأفحش وجه كما هو معلوم. و قال تعالى: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ، أي: الّذي لا يبالي بالغيبة و هتك أعراض الناس. و قال تعالى: لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ، فإنّ الجهر بالسوء سواء كان أمام الطرف أو خلفه مبغوض عند اللّه تعالى، و إنّ إطلاق السوء فيها كما يشمل الغيبة و البهتان يشمل الكذب، بل يشمل ترك التقيّة المكلّف بها أيضا؛ فإنّه سوء للعامل أو الفاعل.
و من السنّة روايات كثيرة بلغت حدّ التواتر، فعن نبيّنا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «من اغتاب امرءا مسلما بطل صومه و نقض وضوؤه و جاء يوم القيامة تفوح من فيه رائحة من الجيفة يتأذّى بها أهل الموقف، و إن مات قبل أن يتوب مات مستحلا لما حرّمه اللّه تعالى»، المحمول في بطلان الصوم و نقض الوضوء على المرتبة النازلة من الكمال، أو على الاستحباب بالقضاء أو التجديد، و المراد من الاستحلال عدم المبالاة في ارتكاب الغيبة.
و عن الصادق عليه السّلام: «الغيبة أسرع في دين الرجل المسلم من الأكلة في جوفه»، الى غير ذلك من الروايات المذكورة في كتب الأحاديث.
و من الإجماع ما هو مسلّم بين المسلمين بجميع مذاهبهم، بل عدّ حرمتها من الضروريات الدينيّة.
و من العقل حكمه بالقبح؛ لأنّه نوع من التعدّي على الغائب و ظلم عليه؛ لفرض أنّه يغمّه و يتأذّى لو سمع بذكر ما فيه.
و يعتبر فيها امور:
الأول: وجود سامع بقصد إفهامه، فلو لم يكن سامع لا تكون غيبة.
الثاني: تعيين المغتاب و تشخيصه، فلو قال: واحد من أهل البلد سارق، لا يكون غيبة، أو قال: أحد أولاد زيد جبان، لا يكون غيبة، أو قال: أحد أولاد الجار فاسق، لا يكون غيبة و إن حرّم من جهة انطباق عنوان الهتك أو الإهانة بالانتقاص.
الثالث: أن لا يكون المغتاب (بالفتح) داخلا في المستثنيات الّتي سنذكرها.
الرابع: أن يكون المغتاب (بالكسر) جامعا لشرائط التكليف، و لو فقد أحد هذه الشروط انتفى الحكم و إن تحقّق مفهوم الغيبة لغة في بعض الموارد.
و قد استثنى من حرمة الغيبة موارد كثيرة مذكورة في كتب الفقه، و لكن أهمّها هي:
الأوّل: المتجاهر بالفسق، فتجوز غيبته في العيب المتجاهر فيه- دون العيب المستتر فيه- إن قصد من غيبته ارتداعه عن فسقه بعد وصول الخبر إليه أو يحذّر الناس عنه، فعن نبيّنا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «اذكر الفاسق بما فيه كي يحذره الناس»، فإذا علم أنّه لا يؤثّر فيه- كغالب الفساق الّذين انحرفوا عن الصراط المستقيم و ران قلوبهم- ففي غيبته إشكال من إمكان شمول قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ وَ أَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [سورة النور، الآية: 19]، و دعوى سياق الآية الشريفة في غير المورد تحتاج الى دليل، و من شمول إطلاق بعض الروايات مثل قوله عليه السّلام: «من ألقى جلباب الحياء، فلا غيبة له» إن لم يدع الانصراف عن المورد. نعم تجوز من جهة تحذير الناس في عدم وقوعهم في المهالك.
الثاني: الظالم لغيره، فيجوز للمظلوم غيبته في ظلمه للانتصار و بلا تعدّي؛ لقوله تعالى: لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ، و إطلاق الآية الكريمة يشمل جميع أنواع الظلم و مراتبها، إلّا إذا كان الظلم على نحو لا يعتنى به لدى عرف المتشرّعة و لا يحصل منه إيذاء، فالآية المباركة منصرفة عنه.
و لا فرق في ذلك بين ما كان في مجلس عامّ أو لم يكن فيه، كما لا فرق في الظلم من أن يطرأ على المغتاب، أو على من ينتسب إليه، كما إذا غصب زيد دار عمرو فمات عمرو، فيجوز لورثته غيبة زيد انتصارا لحقّهم، و كذا لا فرق بين أن يكون الظالم حيّا أو ميّتا، كلّ ذلك لإطلاق الآية الشريفة.
و هل تجوز الغيبة في ما لو وقع الظلم على شخص لا ينتسب الى المغتاب (بالكسر) أصلا إلّا من باب الاخوة الإيمانيّة و لم يرد إليه نفعا؟
مقتضى الأدلّة عدم الجواز إلّا من باب النهي عن المنكر إن توفّرت شرائطه.
الثالث: نصح المستشير لو استشاره شخص في أمر ذي بال كالتزويج، و شراء عقار، أو جعل وكيل، أو اتّخاذ أجير و غيرها، فيجوز نصحه و لو استلزمت الغيبة، و لا فرق في ذلك بين أن يكون ابتداء و من دون الاستشارة أو معها.
و هناك موارد اخرى مذكورة في الكتب الفقهيّة، كالخوف على الدين، فيجوز غيبته لئلّا تترتّب عليه مفسدة دينيّة، أو كجرح الشهود، و قدح المقالات الباطلة و غيرها، و من شاء التفصيل فليرجع الى كتابنا (مهذب الأحكام).

الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"