1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. کتاب القصاص
  10. /
  11. فصل في قصاص ما دون النفس
لو جنى بما يتلف العضو غالبا فهو عمد قصد به الإتلاف أم لا (۱)، و لو جنى بما لا يتلف به غالبا فهو عمد مع قصد الإتلاف و لو رجاء (۲).

بسم اللَّه الرحمن الرحيم

الحمد للَّه رب العالمين

و الصلاة و السلام على أشرف خلقه محمد و آله الطيبين الطاهرين.

و يسمى قصاص الأطراف أيضا، و التعبير الأول أعم من الثاني كما هو واضح. و كلما مضى في الجناية على النفس من العمد مباشرة أو تسبيبا أو شبه الخطأ أو الخطأ المحض يجري في المقام أيضا من غير فرق.

لما مرّ في قصاص النفس من أنه قصد السبب و ترتب عليه المسبب قهرا، فيكون قصد السبب قصدا للمسبب أيضا، فراجع فلا وجه للإعادة و التكرار مرّة أخرى.

تقدم التفصيل في قصاص النفس، فراجع هناك.

(مسألة ۱): يشترط في جواز الاقتصاص فيما دون النفس أمور:
الأول: كلما يشترط في الاقتصاص في النفس يشترط هنا أيضا (۳)، من التساوي في الإسلام و الحرية و انتفاء الأبوة و كون الجاني كاملا فلا يقتص في الطرف لمن لا يقتص منه في النفس (٤).

لقاعدة أن: «من لا يقتص منه في النفس لا يقتص منه في الأطراف»،الثابتة بظواهر الأدلة، و الإجماع، و تسالم الفقهاء.

لما مرّ من ظواهر الأدلة، و إجماع فقهاء الملة، و قول أبي جعفر عليه السلام في المعتبر: «لا يقاد مسلم بذمي في القتل و لا في الجراحات»۱، و قريب منه غيره، فإذا قطع المسلم يد ذمي مثلا لم تقطع يده، و لكن عليه دية اليد.

(مسألة ۲): لا يشترط التساوي في الذكورة و الأنوثة فيقتص فيه للرجل من الرجل و من المرأة من غير أخذ الفضل، و يقتص لها منها و من الرجل لكن بعد ردّ التفاوت فيما بلغ الثلث (٥).

تقدم تفصيل ذلك في مسألة ۲ من فصل شرائط القصاص‏۲، فراجع فلا داعي للتكرار مرة أخرى.

الثاني: التساوي في السلامة و الآفة (٦)، و يصح كون المقتص منه اخفض (۷)، فلا تقطع اليد الصحيحة مثلا بالشلاء و لو بذلها الجاني (۸)، و تقطع الشلاء بالصحيحة (۹)، و المرجع في تشخيص الشلل هو العرف و أهل الخبرة (۱۰).

لما هو المنساق من الأدلة، مضافا إلى الإجماع، و ما يأتي من النصوص، بل يستفاد من قوله تعالى‏ وَ الْجُرُوحَ قِصاصٌ‏۳ المثلية، بقرينة قوله تعالى‏ وَ إِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ‏4.

كما يأتي الكلام فيه.

نصا، و إجماعا، فعن الصادق عليه السلام في معتبرة سليمان بن خالد: «في‏ رجل قطع يد رجل شلاء، قال: عليه ثلث الدية»٥.

للإطلاق، و العموم، و ظهور الإجماع و عدم الدليل على الخلاف، و قولهم عليهم السلام «إن الجاني لا يجني على أكثر من نفسه»٦.

كسائر الموضوعات التي يرجع فيها إلى العرف، و أهل الخبرة بها، بعد أن لم يرد فيها دليل شرعي بالخصوص.

(مسألة ۳): لو خيف من السراية يبدل بالدية (۱۱).

تحفظا على النفس من خطر السراية، و هي أهم من الطرف، مضافا إلى الإجماع.

(مسألة ٤): لا فرق في اليد بين القويّة و الضعيفة و الصحيحة و المجروحة فتقطع القويّة بالضعيفة و الصحيحة بالمجروحة و نحو ذلك (۱۲)، و في إلحاق شلل الأصابع باليد الشلاء فيما تقدم من التفصيل وجه (۱۳).

كل ذلك للعموم، و الإطلاق، و ظهور الاتفاق.

لدعوى القطع بوحدة المناط، فيلحق عند من حصل له القطع بها دون غيره، و الظاهر اختلافه باختلاف الموارد و أقسام الشلل.

الثالث: التساوي في المحل مع وجوده فتقطع اليمين باليمين و اليسار باليسار (۱٤)، و لو لم تكن له يمين قطعت يساره (۱٥)، و لو لم تكن له يد أصلا قطعت رجله (۱٦)، فتقطع الرجل اليمنى بقطع اليد اليمنى و اليسرى بقطع اليد اليسرى (۱۷).

لظاهر الآية الشريفة الدالة على اعتبار المثلية، و هو المنساق من قوله‏ تعالى‏ وَ الْجُرُوحَ قِصاصٌ‏۷، أي يقتص بمثلها بقرينة قوله تعالى‏ وَ إِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ‏۸، و لإجماع المسلمين، و استقرار السيرة على مراعاة هذه الجهات في الشرع المبين، بل يدل على اعتبارها حكم العقل أيضا، لأن في عدمها ظلما و تضييعا للحق.

للإطلاقات، و العمومات، بعد سقوط مراعاة المساواة، لعدم الموضوع لها كما هو المفروض.

لمعتبرة السجستاني قال: «سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل قطع يدين لرجلين اليمينين؟ فقال: يا حبيب تقطع يمينه للذي قطع يمينه أولا، و تقطع يساره للرجل الذي قطع يمينه أخيرا، لأنّه إنما قطع يد الرجل الأخير و يمينه قصاص للرجل الأول، قال: فقلت: إن عليا عليه السلام إنما كان يقطع اليد اليمنى و الرجل اليسرى، فقال: إنما كان يفعل ذلك فيما يجب من حقوق اللَّه، فأما يا حبيب حقوق المسلمين فإنه تؤخذ لهم حقوقهم في القصاص اليد باليد إذا كانت للقاطع يد [يدان‏]، و الرجل باليد إذا لم يكن للقاطع يد، فقلت له: أو ما تجب عليه الدية و تترك له رجله؟ فقال: إنما تجب عليه الدية إذا قطع يد رجل و ليس للقاطع يدان و لا رجلان، فثم تجب عليه الدية لأنه ليس له جارحة يقاص منها»۹، فهي معتبرة سندا بعد عمل فقهائنا الأبرار بها، و ضبطها ائمة الحديث في مجامعهم الشريفة.

لدعوى الشيخ و ابن زهرة الإجماع على ذلك، و قال في الجواهر: «لعله كاف في إثبات ذلك».

(مسألة ٥): لو قطع اليد اليسرى و لم تكن له اليسرى تقطع يمناه (۱۸)، و مع عدمهما قطعت الرجل (۱۹)، و لو قطع من لا رجل له أبدا رجل شخص آخر ففي قطع يده بدل الرجل وجهان (۲۰)، و كذا التعدي من يسرى كل عضو إلى يمناه كالعين و الاذن و الحاجب و غيرها (۲۱).

للإطلاقات، و العمومات، بعد عدم موضوع لمراعاة التساوي، و أفتى بذلك بعض الفقهاء (رحمة اللَّه عليهم)، و قال في الجواهر: «و يمكن استفادته من النص، و الفتوى أيضا».

لما تقدم من معتبرة السجستاني، فراجع و تأمل.

من فحوى ما تقدم من معتبرة السجستاني، و ظاهر التعليل في ذيلها، فيصح القطع. و من إمكان دعوى انصرافها عن الفرض، فلا يقطع مع أن بناءهم على الأخذ بالمتيقن في القصاص، فيبدل حينئذ إلى الدية.

من الجمود على ظاهر المعتبرة، و حمل ما ذكر فيها على المثال، فيجوز التعدي إلى سائر الأعضاء كالعين و غيرها، و من الاقتصار على خصوص القدر المتيقن في ما خالف العمومات، و الرجوع في غيره إلى الدية، مضافا إلى دعوى الإجماع على عدم التعدي، و الجمود على المثلية في قوله تعالى:

فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى‏ عَلَيْكُمْ‏۱۰، و في قوله تعالى‏ وَ إِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ‏۱۱، و لا يمكن التمسك بإطلاق قوله تعالى:

الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَ الْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَ الْأُذُنَ بِالْأُذُنِ‏۱۲، لحكومة آية المثلية عليه.

و مما ذكرنا ظهر الحال في ما ينقسم إلى الأعلى و الأسفل كالشفتين، فلا يؤخذ الأعلى بالأسفل و لا بالعكس، كما يأتي.

(مسألة ٦): لو قطع أيدي جماعة قطعت يداه و رجلاه الأولى فالأولى ثمَّ عليه الدية للباقين (۲۲)، و لو قطع فاقد اليدين و الرجلين يد شخص أو رجله ثبتت الدية (۲۳).

لإطلاق أدلة القصاص، و معتبرة السجستاني فيما أمكن فيه الاقتصاص، و أدلة الدية فيما لا يمكن، كما يأتي.

لعدم المحل للاقتصاص، فينتقل الحكم إلى الدية لا محالة.

الرابع: التساوي في الشجاج طولا و عرضا بل و عمقا و نزولا مع الإمكان عرفا و عدم المحذور (۲٤).

لإطلاق أدلة القصاص و المثلية، و مراعاة العدل المقطوع به من مذاق الشرع، و الإجماع في الأولين بل في الجميع. و من نسب إليه عدم الاعتبار في الأخير إنما ذهب إليه مع عدم الإمكان، و أما معه بما هو سهل يسير فلا وجه له، و المتيقن من الإجماع على فرض تحققه إنما هو الأول.

(مسألة ۷): لو تحققت زيادة في القصاص من غير عمد فلا بد من تداركها بالأرش (۲٥)، و لو لم يكن إلا بالنقص يثبت الأرش في الزائد (۲٦).

لحصول الزيادة بسبب فعله، و هو نحو نقص فلا بد من التدارك بالأرش، و سيأتي التفصيل في مقدارها إن شاء اللَّه تعالى.

لفرض استناده إليه، فلا بد من تداركه بالعوض إن لم يرض المجني عليه بترك القصاص و أخذ كامل الدية.

(مسألة ۸): لو لم يمكن مراعاة العمق فيه كالمسحاق و الموضحة فلا وجه لاعتباره (۲۷).

لقاعدة: (انتفاء الحكم بانتفاء الموضوع)، بلا فرق فيهما بين السمين‏ و المهزول بعد تحقق أصل الموضوع.

و السمحاق: جلدة رقيقة فوق العظم، و الموضحة: هي التي تبدي بياض العظام، فلا يعتبر العمق فيهما لتعسر ذلك عرفا و لما مر.

(مسألة ۹): يثبت القصاص في كل جرح لا تغرير فيه بالنفس و لا بالطرف و كانت السلامة معه غالبا (۲۸)، فيثبت في الحارصة و المتلاحمة و السمحاق و الموضحة (۲۹)، و لا يثبت القصاص فيما فيه تغرير للنفس أو الطرف كالهاشمة و المنتقلة و لا فيما لا يمكن الاستيفاء إلا بزيادة أو نقيصة كالجائفة و المأمومة و لا في كسر شي‏ء من العظام (۳۰).

للعموم، و الإطلاق، و الاتفاق، و قاعدة: «تقديم الأهم على المهم».

لعدم التغرير للنفس، و لا للطرف فيها بحسب المتعارف، و الحارصة:

هي الشجة التي تشق الجلد قليلا. و المتلاحمة: هي الشجة التي تشق اللحم و لا تصدع العظم، و قد تكون التي برأت شقها و التحمت، و السمحاق هي التي بلغت السمحاقة، أي الجلدة الرقيقة المغشية للعظام، و الموضحة: هي التي كشفت عن العظم.

لفرض وجود التغرير و الخطر فيها. و عن علي عليه السلام: «لا قصاص في عظم»۱۳، و في مقطوعة ابان: «الجائفة ما وقعت في الجوف ليس لصاحبها قصاص إلا الحكومة، و المنقلة تنقل منها العظام و ليس فيها قصاص إلا الحكومة، و في المأمومة ثلث الدية ليس فيها قصاص إلا الحكومة»۱4، و قريب منها غيرها.

و أما معتبرة أبي بصير عن الصادق عليه السلام قال: «سألته عن السن و الذراع يكسران عمدا، لهما أرش أو قود؟ فقال: قود، قلت: فإن أضعفوا الدية؟ قال: إن‏ أرضوه بما شاء فهو له»۱٥، فمحمول على بعض مراتب الكسر الذي لا تغرير فيه.

و الهاشمة: هي الشجة التي تكسر العظم، و المنتقلة: هي التي تحوج إلى نقل العظم عن محله إلى آخر أو يسقطه. و الجائفة: مؤنث الجائف من جاف أي الجرح الذي يصل إلى الجوف، و المأمومة: و هي التي تبلغ أم الرأس، أي الوعاء الذي يجمع فيه الدماغ.

(مسألة ۱۰): لو جنى جناية هي في معرض السراية الموجبة لدخول الطرف في النفس يجوز الاقتصاص قبل الاندمال و الأحوط الصبر إلى أن يتبين الحال (۳۱)، فلو قطع جملة من أعضائه خطأ يجوز له أخذ دياتها (۳۲)، و لو كانت أضعاف دية النفس (۳۳)، و وجب الإعطاء (۳٤). نعم لو سرت إلى النفس يجب إرجاع الزائد عن النفس (۳٥).

أما جواز الاقتصاص قبله، فللعمومات، و الإطلاقات، كقوله تعالى:

وَ الْجُرُوحَ قِصاصٌ‏۱٦، و قوله تعالى‏ فَمَنِ اعْتَدى‏ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى‏ عَلَيْكُمْ‏۱۷، و قوله تعالى‏ وَ إِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ‏۱۸، و أصالة البراءة عن وجوب الصبر إلى أن يتحقق الاندمال.

و أما الاحتياط: فلعدم التهجم في الدماء، و عدم المخالفة لمن نسب إليه التأخير، و وجوب الصبر إلى الاندمال.

و أما قول علي عليه السلام في معتبرة إسحاق بن عمار عن جعفر عليه السلام: «لا يقضى في شي‏ء من الجراحات حتى تبرأ»۱۹، فمحمول على جراحة لم يعلم حالها، لا ما إذا علم حالها و لم يعلم مئالها.

لوجود المقتضي و فقد المانع، فتشمله الأدلة لا محالة.

لشمول الأدلة لهذه الصورة أيضا بعد تحقق السببية في كل واحد منها.

لوجود السبب، فيتحقق الضمان لا محالة.

لتبين عدم الاستحقاق، و عدم صحة التمسك بالعموم و الإطلاق.

(مسألة ۱۱): لو اقتص المجني عليه من الجاني ثمَّ سرت الجناية فمات المجني عليه فلوليه أخذ الدية من الجاني و إن لم يكن القتل مقصودا و لم تكن الجناية مما يقتل غالبا (۳٦)، و إلا فله القود من الجاني أو أخذ الدية منه (۳۷).

لشمول أدلة وجوب الدية لمثل المقام.

أما الأول‏: فللأدلة الدالة على أن القتل العمد يوجب القصاص.

و أما الثاني‏: فلما دلّ على أن القتل الخطأ يوجب الدية، كما مر كل منهما مفصلا.

(مسألة ۱۲): كيفية الاقتصاص أن يحلق الشعر عن المحل إن كان مانعا عن تسهيل الاستيفاء و تيسيره في الحدّ المعتبر فيه، ثمَّ يربط الجاني على ما لا يتمكن منه عن الاضطراب ثمَّ يقاس بما يعلم طرفاه في محل الاقتصاص فيشق من احدى العلامتين إلى الأخرى طولا و عرضا إن كان جرح الجاني ذا عرض و إلا فالطول فقط (۳۸)، و لو شق على الجاني الاستيفاء دفعة يستوفي دفعات، و الأحوط للمجني عليه أن لا يمتنع عن ذلك (۳۹)، و إن لم يمكنه الاستيفاء وكّل غيره (٤۰).

أرسلوا ذلك كله إرسال المسلّمات، و يشهد له الاعتبار، و وجوب‏ حفظ المماثلة، و بناء الشريعة على العدل و الانصاف، و التجنب عن الجور و الاعتساف. و في هذه الأعصار يمكن تحديد الجرح بغير ذلك كله.

أما الأول‏: فلقاعدة الميسور، فتشمله الإطلاقات، و العمومات.

و أما الثاني‏: فلصحة دعوى ظهور الأدلة لذلك دون غيره.

لشمول عمومات أدلة الوكالة له أيضا.

و هل يجوز تخدير المحل بالأدوية العصرية الطبية، بحيث لا يتأثر عن الألم؟ فيه إشكال بل منع، لإطلاق المماثلة المعتبرة بالكتاب، و السنة كما مر، فتشمل حتى مثل هذه الآلام أيضا، إلا إذا رضي المجني عليه بذلك، لأنه نحو تصالح.

(مسألة ۱۳): يؤخر القصاص في الطرف عن شدة الحر و البرد إلى اعتدال النهار (٤۱).

لظهور الإجماع على الوجوب، و للخوف من السراية، و لما مرّ في الحدود.

(مسألة ۱٤): لو اضطرب الجاني فزيد في جرحه لذلك فلا شي‏ء على من يباشر الاقتصاص (٤۲)، و إن لم تكن مستندة إلى الاضطراب يقتص من المستوفي في العمد و يطالب بالدية أو الأرش في الخطأ (٤۳)، و لو ادعى الجاني العمد و أنكره المباشر فالقول قوله مع اليمين (٤٤)، و لو ادعى المباشر الخطأ و أنكره الجاني ففي تقديم قول المباشر وجه (٤٥)

للأصل بعد استناد التفريط إلى نفس الجاني باضطرابه.

لعموم أدلة القصاص في العمد، و الدية أو الأرش في غيره.

لأنه أعرف بقصده، و لأصالة الصحة في فعل المسلم، و تقتضيه‏ قاعدة: «اليمين على من أنكر بعد عدم البينة في البين»، و لكن الظاهر ثبوت الأرش عليه، لعدم ذهاب جرح المسلم هدرا.

لما مر في سابقة، إلا إذا كانت قرينة على الخلاف فتتبع حينئذ.

(مسألة ۱٥): لا بد من مراعاة الاعتدال في تمام الأحوال فلا يقتص إلا بمثل الحديدة الحادة غير المسمومة- و لا الكالة- المناسبة للاقتصاص بمثله و لا يجوز تعذيبه بأكثر مما عذب به المجني عليه، فلو قلع عينه بآلة كانت سهلة في القلع لا يجوز قلعها بآلة تكون أشد منها تعذيبا، و إذا قلع الجاني باليد من غير آلة يجوز القلع باليد من غير آلة أيضا. و كذا فيما كان القلع بها أسهل (٤٦)، و لو عذبه بأكثر مما جنى يعزّره الحاكم بما يرى (٤۷)، و لو فعل ما يوجب الاقتصاص يقتص منه و إلا فالدية أو الحكومة. (٤۸).

كل ذلك لإطلاق الآيات المباركة، قال تعالى‏ وَ إِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ‏۲۰، و قوله تعالى‏ فَمَنِ اعْتَدى‏ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى‏ عَلَيْكُمْ‏۲۱، و بناء الشريعة على التسهيل و التيسير، و تجويزه المماثلة حفظا للنظام و قطعا لطغيان الأنام، و مراعاة للعدل الإسلامي في كل شي‏ء فالأولى للمجني عليه مراعاة الأسهل و إن جنى عليه بالأصعب.

لأنه فعل منكرا، و لا منصب للحاكم الشرعي إلا دفع المنكر بالقول و رفعه بالتعزير.

تقدم ما يتعلق بذلك غير مرة، و عن أبي جعفر عليه السلام: «ان أميرالمؤمنين عليه السّلام أمر قنبر أن يضرب رجلا حدّا فغلط قنبر فزاده ثلاثة أسواط، فأقاده علي عليه السّلام من قنبر ثلاثة أسواط»۲۲، و عن الصادق عليه السّلام: «أن لكل شي‏ء حدّا و من تعدّى ذلك الحدّ كان له حدّ»۲۳، إلى غير ذلك من الروايات.

(مسألة ۱٦): لا يتجاوز في الاقتصاص عن عضو إلى عضو آخر (٤۹)، فلو كان الجرح يستوعب عضو الجاني لصغره مع عدم الاستيعاب في عضو المجني عليه لكبره يقتص المقدار المعين و إن استوعبه (٥۰)، فلو كان رأس الجاني شبرا مثلا و رأس المجني عليه شبرين و جنى عليه بشبر يقتص الشبر و إن استوعبه (٥۱)، و إن زاد على العضو كأن جنى عليه في الفرض بشبرين لا يتجاوز عن عضو إلى عضو آخر فلا يقتص من الرقبة أو الوجه، بل يقتص بقدر الشبر و يؤخذ للباقي بالدية إن كان له مقدر و إلا فالحكومة (٥۲).

لأدلة اعتبار المثلية من الكتاب، و السنة، و الإجماع، قال تعالى‏ وَ إِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ»، و قوله تعالى‏ فَمَنِ اعْتَدى‏ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى‏ عَلَيْكُمْ‏.

للزوم مراعاة المثلية الواجبة في المحل.

لما مرّ من مراعاة المثلية. و الاستيعاب و عدمه خارجان عن الحكم الشرعي، بل هما من خصوصيات المحل و مقتضياته الخارجة من مورد القصاص، بلا شبهة و التباس.

لأنه مقتضى العدل و الانصاف، و مراعاة المماثلة مهما أمكن، و الخروج عن الاعتساف. و ما ورد في بعض الروايات من أن: «الوجه من الرأس»۲4، لا ربط له بالمقام، لأنه في مقام بيان أن الموضحة في الوجه كالموضحة في الرأس سواء في الدية، فلكل منهما حكمه الخاص، لا أن الوجه جزء من الرأس من هذه الجهة.

(مسألة ۱۷): لا يجوز تتميم الناقص بعضو آخر (٥۳)، فلو كان عضو المجني عليه صغيرا فجنى عليه بقدر شبر مثلا و هو مستوعب لتمام المحل كرأسه مثلا لا يستوعب في الاقتصاص تمام رأس الجاني بل يقتص بقدر شبر و إن كان ذلك بقدر نصف رأسه (٥٤).

لوجوب ملاحظة المماثلة في المحل كما مرّ مرارا.

لخروج كبر المحل و صغره عن خصوصيات الجراحة كما مرّ و إنما اللازم هو مراعاة مساحة نفس الجراحة دون الخصوصيات الخارجية التي هي غير اختيارية.

(مسألة ۱۸): لو أوضح الجاني جميع رأس المجني عليه بأن سلخ الجلدة و اللحم من جملة الرأس- يجوز للمجني عليه أن يفعل ذلك بالجاني مع مساواة رأسيهما من حيث الكبر و الصغر (٥٥)، و له الخيار في الابتداء بأي جهة (٥٦)، و كذا لو كان رأس المجني عليه أصغر لكن له الغرامة في المقدار الزائد بالتقسيط على مساحة الموضحة (٥۷)، و لو كان أكبر يقتص من الجاني بقدر مساحة جنايته و لا يسلخ جميع رأسه (٥۸)، و لو شجّه فأوضح في بعضها خاصة فله دية الموضحة (٥۹)، و لو أراد القصاص استوفى التمام في الموضحة و الباقي (٦۰).

للمماثلة المعتبرة المكررة في الآية الشريفة۲٥.

لعدم الترجيح في تقديم جهة من الجهات في البين، فيتحقق التخيير لا محالة، فإن كانت ملاحظة ما فعله الجاني من التقديم و التأخير من المرجحات لدى الحاكم الشرعي يقدم، ما قدّمه الجاني.

أما استيفاء القدر الموجود فلإطلاق الأدلة. و أما الغرامة بالنسبة إلى المفقود، فلعموم أدلة ضمان الجروح، مضافا إلى ظهور الإجماع.

أما الاقتصاص بقدر جنايته فلأدلة اعتبار المماثلة. و أما عدم سلخ جميع رأسه فلأصالة الحرمة في التصرف في النفس المحترمة، إلّا بوجه شرعي و هو مفقود.

لأنها أبعد عمقا، و لا أثر في تفاوت طولها و قصرها.

لصدق الجرح على الجميع، فيشمله إطلاق قوله تعالى‏ وَ الْجُرُوحَ قِصاصٌ‏۲٦.

(مسألة ۱۹): الأعضاء المشتملة على اليمنى و اليسرى يقتص اليمنى باليمنى و اليسرى باليسرى فلا بد من مراعاة المثلية فيهما و كذا في الأسفل و الأعلى كالجفن و الشفة (٦۱)، و لا فرق في ذلك بين الصحيحة و السقيمة و الأذان المثقوبة و غيرها إن كان الثقب متعارفا، كما لا فرق بين الصغيرة و الكبيرة و الصماء و غيرها (٦۲)، و في الثقب غير المتعارف يرجع الى الأرش، أو الحكومة (٦۳).

لعموم أدلة اعتبار المماثلة، و إطلاقها، مضافا إلى الإجماع، فلو قطع الجاني أذنه اليمنى أو عينه اليمنى مثلا يقطع المجني عليه منه اليمنى أيضا، و لو قطع شفته أو جفنه العليا يقطع منه العليا أيضا.

لشمول الإطلاق للجميع، بعد تحقق المثلية عرفا المعتبرة في القصاص.

لعموم أدلة الأرش و الحكومة، بعد عدم موضوع للمماثلة عرفا.

(مسألة ۲۰): لو جنى الجاني على المجني عليه جناية من قطع اذن أو يد أو رجل أو غير ذلك فأزال المجني عليه تلك الجناية عن نفسه بالفنون الحديثة أو بغيرها من الأدوية مع عدم بقاء نقص فيه من ناحية تلك الجناية فهل يجوز له الاقتصاص من الجاني بعد ذلك؟ وجهان (٦٤). و لو انعكس بأن اقتص من الجاني العضو و بادر إلى الالتحام و الالتئام يحتمل القطع ثانيا (٦٥)، و كذا الحكم لو قطع بعض الأعضاء كشحمة الاذن أو غيرها (٦٦).

البحث في المقام تارة بحسب إطلاقات أدلة القصاص، و أخرى بحسب الدليل الخاص.

أما الأولى‏: فالمنساق من مجموعها أن القصاص إنما هو لتدارك النقص الوارد على المجني عليه، و إيراد مثله على الجاني، لحفظ النظام و قطع تعدي الأنام، فمع عدم النقص و الشين، فلا يبقى موضوع له.

إن قيل‏: قد تألم المجني عليه بالألم و تضرر بصرف المال في المعالجة و المداواة.

يقال‏: تدارك ذلك كله بالغرامة، و هي غير القصاص، مع أنه يمكن أن لا يكون تضرر في البين، كما إذا كانت المعالجة بكرامة ولي أو اعجاز نبي، و للحاكم الشرعي إن يعزّر الجاني في مثل الفرض لأنه فعل منكرا.

إن قيل‏: هل يمكن ابتناء المقام على ما قالوه من أن الحادث الزائل العائد كالذي لم يزل، أو كالذي لم يعد، فعلى الأول يثبت القصاص دون الأخير؟.

يقال‏: لا مدرك لما قالوه من عقل أو نقل أو عرف، فكيف يصح الابتناء عليه؟!

و أما الدليل الخاص- و هو الجهة الثانية- فيستفاد من التعليل الوارد في رواية ابن عمار عن أبي جعفر عن أبيه عليهما السّلام: «أن رجلا قطع من بعض اذن الرجل شيئا، فرفع ذلك إلى علي عليه السّلام فأقاده، فأخذ الآخر ما قطع من اذنه فرده على اذنه بدمه فالتحمت و برئت، فعاد الآخر إلى علي عليه السّلام فاستقاده فأمر بها فقطعت ثانية و أمر بها فدفنت، و قال عليه السّلام: إنما يكون القصاص من أجل الشين»۲۷، و هو في غير الفرض، لأن المفروض في المقام أن المعاد عين المبتدأ بلا شين في البين أصلا، مع أنه جعل القصاص من أجل الشين لا كلية فيه، إلا أن يقال: إنه بيان لحكمة القصاص، لا أن يكون علة له.

و هنا فروع لا بأس بالإشارة إليها.

الأول‏: هل يجوز ذلك من حيث الحكم التكليفي إن كان ذلك العضو من نفسه أو من غيره بإذنه؟ مقتضى الأصل الجواز.

الثاني‏: هل يجرى على المقطوع بعد الالتصاق و الالتحام حكم الميتة أو لا؟ فيه تفصيل، فإن صار بالالتصاق و الالتحام جزء حقيقيا من البدن بحيث يتأثر الإنسان بعصره و حره و برده مثلا، فلا يجري عليه حكم الميتة، و إلا فيجري و يلحق به الشك للاستصحاب.

الثالث‏: هل تجوز الصلاة فيه؟ هذا الفرع مبني على سابقة كما مرّ بلا حاجة للإعادة.

الرابع‏: لو جنى عليه شخص، فهل يجري عليه حكم الجناية على الأجزاء الأصلية؟ الظاهر ابتناؤه على الفرع الثاني كما تقدم.

الخامس‏: لو ألصق عضو آخر ببدنه، فهل يجري عليه حكم غصب المال أو هو منصرف عنه؟ يمكن تقوية الثاني إن لم يكن عرف على خلافه.

السادس‏: هل يجوز التبادل من شخصين بين عضويهما لغرض شخصي، مع عدم محذور شرعي في البين؟ مقتضى الأصل الجواز، فلو صار عضو الأجنبية جزء لبدن الأجنبي مثلا أو بالعكس، فهل يجري عليه الحكم الأول أو الثاني؟ الظاهر ابتناء هذا الحكم على الفرع الثاني كما مرّ.

السابع‏: هل يجوز بيع الأعضاء لهذا الغرض إذا كانت فيها منفعة محللة شائعة أو لا يجوز، لأنه من بيع الميتة؟ منشأ القول بالجواز انصراف أدلة بيع الميتة عن ذلك، هذا في العضو المنفصل بلا اختيار.

و أما المتصل، فهل يجوز للإنسان بيع بعض أعضاء بدنه في حال حياته بحيث يقطع؟ الظاهر عدمه، لعدم السلطة على ذلك، إلا بمجوز شرعي، و هو مفقود.

لما مر في معتبرة إسحاق بن عمار، فراجع.

لعدم الفرق بين الكل و البعض في جميع ما تقدم، و لو قطع العضو أو بعضه فتعلّق بجلده ثمَّ ألصقه يجري القصاص لتحقق المماثلة، فتشملها العمومات و الإطلاقات المتقدمة.

(مسألة ۲۱): إذا قطع أذنه فأزال سمعه فهما جنايتان لكل منهما المختص بها (٦۷)، فلو قطع أذنا فيها شلل ففيها ثلث الدية (٦۸).

أما كونهما جنايتين، فللعرف، و الشرع، و اللغة، و العقل، و يترتب على اختلاف الموضوع اختلاف الحكم لا محالة.

لما نسب إلى الشيخ من الإجماع عليه، و ما يأتي من القاعدة.

(مسألة ۲۲): يقتص في العين مع مساواة المحل فتقطع اليمنى باليمنى و اليسرى باليسرى دون العكس (٦۹)، و لو كان الجاني أعورا اقتص منه (۷۰)، و إن عمى (۷۱)، و لا يرد إليه شي‏ء (۷۲).

للعموم، و الإطلاق، و الاتفاق في كل منهما.

لعموم الأدلة الشامل لذلك أيضا، بلا فرق بين كونه كذلك خلقة أو غيرها.

إجماعا، و نصا، ففي معتبرة محمد بن قيس قال: «قلت لأبي جعفر عليه السّلام: أعور فقأ عين صحيح، قال: تفقأ عينه، قلت: يبقى أعمى؟ قال عليه السّلام:

الحق أعماه»۲۸، و في خبر أبان أيضا عن الصادق عليه السّلام: «سألت عن أعور فقأ عين صحيح متعمدا قال تفقأ عينه قلت: فيكون أعمى؟ قال الحق أعماه»۲۹، و ظهر مما مر حكم ما لو قطع أعور العين الصحيحة من أعور، فإنه يقتص منه.

للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق. و إن جني عليه ابتداء، كان له تمام الدية نصا و فتوى. ففي رواية عبد اللّه بن الحكم عن الصادق عليه السّلام قال: «سألته عن رجل صحيح فقأ عين رجل أعور؟ فقال عليه الدية كاملة، فإن شاء الذي فقئت عينه أن يقتص من صاحبه و يأخذ منه خمسة آلاف درهم فعل، لأن له الدية كاملة و قد أخذ نصفها بالقصاص»۳۰، و مثله غيره.

(مسألة ۲۳): لو قلع ذو عينين عين أعور اقتص له بعين واحدة (۷۳)، و يكون للمجني عليه التخيير بين أخذ الدية كاملة و بين الاقتصاص و أخذ نصفها (۷٤).

لعموم قوله تعالى‏ الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ‏۳۱، الشامل للمقام أيضا.

لقول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح محمد بن قيس: «قضى أمير المؤمنين في رجل أعور أصيبت عينه الصحيحة ففقئت، أن تفقأ إحدى عيني‏ صاحبه، و يعقل له نصف الدية، و إن شاء أخذ دية كاملة و يعفى عن عين صاحبه»۳۲، و تقدم رواية عبد اللّه بن الحكم أيضا، و يحمل على صحيح محمد بن قيس غيره.

و المنساق من مثل هذه الأخبار أنها فيما إذا كانت لعين الأعور دية كاملة، كما إذا كان كذلك خلقة أو بآفة من اللّه تعالى، و اما إذا قلعت عينه قصاصا، فهي منصرفة عنها.

(مسألة ۲٤): لا قصاص للعين الصحيحة من العمياء بل يبدل بالدية (۷٥).

لأن النقص ذاتي، لا أن يرجع إلى النفع كالأعور و الأحول و نحوهما، مضافا إلى الإجماع. و يأتي قدر الدية في محله إن شاء اللّه تعالى.

(مسألة ۲٥): لو أذهب الضوء دون أصل الحدقة اقتص بالمماثل فيرجع فيه إلى حذاق الاختصاصيين بذلك (۷٦)، و لو لم يمكن إذهاب الضوء إلا بإيقاع جناية أخرى عليه يتبدل إلى الدية (۷۷).

أما أصل الاقتصاص بالمماثل، فلعموم الأدلة و إطلاقاتها الشاملين لذلك، مضافا إلى الإجماع.

و أما الرجوع إلى أهل الخبرة، فلمرتكزات المتشرعة بل العقلاء في مثل هذه الأمور. و ما قاله بعض الفقهاء تبعا لخبر رفاعة، إنما هو بيان لبعض صغريات ذلك لو كان صحيحا في نفسه، ففي رواية رفاعة عن الصادق عليه السّلام: «ان عثمان أتاه رجل من قيس بمولى له قد لطم عينه، فانزل الماء فيها و هي قائمة ليس يبصر بها شيئا، فقال له: أعطيك الدية، فأبى، قال: فأرسل بهما إلى علي عليه السّلام و قال: احكم بين هذين فأعطاه الدية فأبى، قال: فلم يزالوا يعطونه حتى أعطوه ديتين، فقال: ليس أريد إلا القصاص، قال: فدعا علي عليه السّلام بمرآة فحماها، ثمَّ دعا بكرسف فبلّه، ثمَّ جعله على أشفار عينيه و على حواليها، ثمَّ استقبل بعينه عين الشمس، قال: و جاء بالمرآة، فقال: انظر، فنظر فذاب الشحم و بقيت عينه قائمة و ذهب البصر»۳۳، و يمكن اختلاف ذلك باختلاف الأعين أو الأزمنة أو الأمكنة.

لأصالة الحرمة و الاحترام، مضافا إلى ظهور الإجماع.

(مسألة ۲٦): تقتص العين الصحيحة بالعمشاء و الحولاء و الخفشاء و الجهراء و العشواء (۷۸).

لإطلاق الأدلة، و ظهور الإجماع بعد كون التفاوت في النفع لا في الذات، فيشمله عموم قوله تعالى‏ الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ‏۳4.

و العمش خلل في اجفاء العين يوجب سيلان الدمع غالبا. و الحول:

اعوجاج فيها. و الخفش: عدم حدة البصر بحيث لا يرى في الليل خاصة، أو لا يرى الأشياء في يوم غيم، أو صغر العين. و الجهراء: عدم البصر نهارا ضد الخفشاء الذي هو عدم البصر ليلا.

(مسألة ۲۷): يثبت القصاص في شعر الحاجب و الرأس و اللحية و الأهداب و نحوها (۷۹)، كما يقتص لو جنى على المحل من دون الشعر (۸۰)، و لا بد في الاقتصاص من مراعاة التساوي (۸۱).

لعموم قوله تعالى‏ فَمَنِ اعْتَدى‏ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى‏ عَلَيْكُمْ‏۳٥، و قوله تعالى: وَ إِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ‏۳٦، و قول علي عليه السّلام: «إنما يكون القصاص من أجل الشين»۳۷، و جملة من الأخبار التي يمكن استفادة ذلك منها، فعن الصادق عليه السّلام في رواية مسمع: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في اللحية إذا حلقت فلم تنبت، الدية كاملة، فإذا نبتت فثلث الدية»۳۸، و مثله خبر السكوني، و في رواية سلمة بن تمام قال: «أهرق رجل قدرا فيها مرق على رأس رجل فذهب شعره، فاختصموا في ذلك إلى علي عليه السّلام فأجّله سنة فجاء فلم ينبت شعره، فقضى عليه بالدية»۳۹، و في معتبرة سليمان بن خالد عن الصادق عليه السّلام قلت: «الرجل يدخل الحمام فيصبّ عليه صاحب الحمام ماء حارا فيمتعط شعر رأسه فلا ينبت، فقال عليه السّلام: عليه الدية كاملة»، و مقتضى الإطلاق عدم الفرق بين عد الناس وجود اللحية زينة أو لا.

لشمول أدلة القصاص له بلا إشكال إن أمكن الفرض، و مع عدم إمكانه يتبدل إلى الدية.

لتحقق المثلية المعتبرة في القصاص، و لو فقدت المثلية ترجع إلى الدية كما يأتي.

(مسألة ۲۸): في الأنف قصاص (۸۲)، و يقتص الأنف الشام بعادمه و الصحيح بالمجذوم إن لم يتناثر منه شي‏ء و إلا فبقدر ما لم يتناثر، و الصغير و الكبير، و الأفطس و الأشم و الأقنى سواء (۸۳)، و لا يقتص الأنف الصحيح بالشلل (۸٤).

للعموم، و الإطلاق من الكتاب و السنة، مضافا إلى الإجماع، قال تعالى‏ الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَ الْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَ الْأُذُنَ بِالْأُذُنِ (وَ السِّنَّ بِالسِّنِّ) وَ الْجُرُوحَ قِصاصٌ‏.

لإطلاق أدلة المماثلة، بعد اتفاقهم على أنه لا اعتبار بالتفاوت في الأوصاف، بل تسقط ملاحظة التساوي فيها بعد تحقق التماثل الذاتي.

لما يستفاد من مجموع الأدلة أن الشلل العضوي يخرجه عن موضوع القصاص، بل يتبدل الحكم إلى الدية أو الأرش و الحكومة.

(مسألة ۲۹): يقتص بقطع المارن- و هو ما لان من الأنف و كذا بقطع بعضه (۸٥)، و لو قطع المارن مع بعض القصبة فالمرجع في تعين الاقتصاص أهل الخبرة بهذه الأمور (۸٦)، و مع استقرار الشك فالحكومة (۸۷).

للعمومات، و الإطلاقات المتقدمة الشاملة للكل و البعض.

لعدم ورود تحديد شرعي في ذلك يصح الاعتماد عليه، فلا بد من الرجوع إلى خبراء الفن.

لأنها بمنزلة التصالح الذي هو خير محض. و اللّه العالم بحقائق الأحكام.

(مسألة ۳۰): يقتص للمنخر بالمنخر مع التساوي في المحل الأيمن بالأيمن و الأيسر بالأيسر (۸۸)، و كذا الحاجز بالحاجز (۸۹)، و لو قطع بعض الأنف يقاس المقطوع إلى الباقي و يقطع من الجاني بحسابه إن نصفا فنصف، و إن ثلثا فثلث و نحو ذلك (۹۰).

لإطلاق أدلة القصاص، و اعتبار المماثلة في مورده كتابا و سنة و إجماعا، كما مر مكررا.

لما مر في سابقة.

للمماثلة المعتبرة بالكتاب و السنة كما مرّ، و لا يراعى المساحة بين الأنفين، و انما يراعى النسبة لتحقق المماثلة عرفا.

(مسألة ۳۱): يقتص الشفة بالشفة مع التساوي علوا، و سفلا (۹۱)، و لا فرق بين الطويلة و القصيرة، و الكبيرة و الغليظة و الرقيقة، و الصحيحة و المريضة (۹۲). نعم لو كان المرض هو الشلل يتبدّل بالدية حينئذ و يأتي مقدار الدية في الديات (۹۳)، و لو قطع بعضها فبحساب المساحة كما مر في الأنف و يأتي في الديات.

أما أصل الاقتصاص في الشفتين، فلعمومات، و إطلاقات الأدلة، و إجماع فقهاء الملة.

و أما التساوي فيهما، فلأدلة اعتبار المماثلة من الكتاب و السنة كما مرت مكررة، فيقتص للشفة العليا بالعليا و السفلى بالسفلى.

كل ذلك للإطلاقات، و العمومات، و أن كل ذلك من الصفات غير الملحوظة في اقتصاص الذات.

لما مر غير مرة من أن الصحيح لا يقتص للمشلول، فتنتقل إلى الدية حينئذ، و يأتي التفصيل في الديات إن شاء اللّه تعالى.

(مسألة ۳۲): يثبت القصاص في اللسان تمامه بالتمام و بعضه بالبعض (۹٤). مع التساوي في النطق (۹٥)، فلا يقطع الناطق بالأخرس (۹٦)، و يقطع الأخرس بالناطق، و بالأخرس و الفصيح بغيره و الخفيف بالثقل (۹۷)، و لو قطع لسان طفل يقتص منه (۹۸)، إلا إذا ثبت خرسه فلا يقطع بل فيه الدية (۹۹).

لإطلاق قوله تعالى‏ فَمَنِ اعْتَدى‏ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى‏ عَلَيْكُمْ‏، و قوله تعالى‏ وَ جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها. و لم أجد الفرع في الكتب الفقهية كالشرائع و الجواهر و اللمعة.

لظهور المثلية في قوله تعالى في ذلك، مضافا إلى الإجماع، كما مر في نظائر المقام.

للأصل، و الإجماع، و ما تقدم في نظائره غير مرة.

كل ذلك لإطلاق الأدلة من غير ما يصلح للتقييد.

لإطلاق الأدلة و عمومها الشاملين لذلك أيضا.

إن قلت‏: قوله عليه السلام في صحيح أبي بصير: «لا قود لمن لا يقاد منه»44، حاكم عليهما فلا مجال للأخذ بهما.

يقال‏: نعم لو ثبت عموم دلالته فتثبت الحكومة لا محالة، و أما مع عدم الثبوت أو الشك فيه تقدم حقوق الناس التي اهتم الشارع بها غاية الاهتمام، و لعل إعراض المشهور عن العمل بعموم الصحيحة لأجل ذلك.

أما عدم القطع مع ثبوت الخرس، فلما مرّ من أنه لا يقطع الصحيح بالأخرس.

و أما الدية فلما يأتي في الديات. و في ثبوت الخرس يرجع الى العلامات المعتبرة، و ثقات المتخصصين في ذلك.

(مسألة ۳۳): في ثدي المرأة و حلمتها قصاص (۱۰۰)، مع تساوي المحل من حيث اليمنى و اليسرى (۱۰۱)، و كذا في حلمة الرجل قصاصا مساويا (۱۰۲)، و لو قطع رجل حلمة ثدي امرأة فلها القصاص من غير رد (۱۰۳).

للعمومات، و الإطلاقات الشاملة لذلك أيضا، فلو قطعت امرأة ثدي امرأة أخرى أو حلمها، تقتص منها.

لعموم ما دلّ على اعتبار التساوي في الجناية و المقتص منه.

لعموم الدليل الشامل لكل منهما، فلو قطع، رجل حلمة رجل آخر، يقتص منه مع مراعاة التساوي.

أما أصل ثبوت القصاص، فلعموم دليله و إطلاقه. و أما عدم الرد، فللأصل بعد عدم دليل على ثبوته، فيتحقق الحق الثابت و هو أصل القصاص، و ينفى الزائد بالأصل، إلا أن يدل دليل عليه بالخصوص.

(مسألة ۳٤): يقتص في السن مع التساوي في المحل و الطرف و نحوهما (۱۰٤)، و لا فرق فيما ذكر بين الأصلية التي تنبت بعد سقوط أسنان الرضاع و غيرها بعد تحقق المماثلة و لو بالأجهزة الحديثة (۱۰٥).

للأدلة الأربعة، فمن الكتاب قوله تعالى‏ وَ السِّنَّ بِالسِّنِ‏، و السنة و الإجماع و العقل كما تقدم‏، فلا يقلع ما في الفك الأعلى بما في الفك الأسفل و كذا العكس، و لا ما في اليمين باليسار أو العكس، و لا الثنية بالرباعية أو الطاحن أو الناب أو الضاحك و كذا العكس، و لا الزائد بالأصلية أو العكس، بل و لا الزائدة بالزائدة مع اختلاف المحل، كل ذلك لاعتبار المماثلة في الاعتداء كما صرح بها الكتاب الكريم- كما مر- و السنة المقدسة. نعم لا اعتبار بأوصاف الأسنان كالسواد و البياض و الصفر و غيرها.

لإطلاق الدليل الشامل لجميع ذلك. نعم لو لم تتحقق المماثلة من كل جهة تتعين الدية أو الأرش. و يمكن أن يجعل هذا النزاع بين الفقهاء لفظيا.

(مسألة ۳٥): لو عادت المقلوعة كما كانت بلا نقص بحكم أهل الخبرة ففيها التعزير، و إن حكموا بالنقص ففيها الأرش إذا كان العود قبل الاقتصاص (۱۰٦).

أما الأول‏: فلأنه منكر، و كل منكر يعزّر مرتكبه، كما تقدم غير مرة من أن الغرض من نصب الحاكم الشرعي إقامة المعروف و الردع عن المنكر.

و أما الثاني‏: فلفرض حصول النقص، فلا بد إما من الأرش أو الحكومة، بل نسب إلى المشهور ثبوت حق القصاص مطلقا، فإن كان مدركهم التمسك بالعمومات بدعوى عدم انصرافها عن بعض فروض المسألة فهي صحيحة، و إن كان لهم دليل آخر نطالبهم بذلك، و الأحوط التراضي.

(مسألة ۳٦): لو اقتص و عادت سن الجاني ليس للمجني عليه إزالتها (۱۰۷)، و كذا لو عادت سن المجني عليه ليس للجاني إزالتها (۱۰۸).

للأصل بعد تحقق استيفاء حقه، فليس له حق بعد الاقتصاص حتى يكون له حق الاستيفاء.

و ما تقدم من أن الحكمة في القصاص لأجل الشين فلا يجوز إلصاق العضو المقطوع، و لو فعل ذلك يقتص مرة أخرى كما مر، لا يشمل مثل المقام.

لأنه إنبات و هبة جديدة منه تعالى مع انه لا شين في المقام أصلا.

لما مر في سابقة.

(مسألة ۳۷): لو قلع سن الصبي فإن كان لم تنبت في زمان يرجى فيه النبات عادة ففيه القصاص (۱۰۹). و إلا فلا قصاص و فيه الأرش (۱۱۰)، فلو مات الصبي المجني عليه قبل اليأس من عودها فلوارثه الأرش (۱۱۱).

للعمومات، و الإطلاقات الشاملة للصبي أيضا.

أما عدم القصاص: فللإجماع، و لمعتبرة علي بن حديد عن أحدهما عليهما السلام أنه قال: «في سن الصبي يضربها الرجل فتسقط ثمَّ تنبت، قال عليه السلام:

ليس عليه قصاص، و عليه الأرش».

و أما الأرش: فلتحقق المماثلة في جهة الاعتداد، فيرجع بعد ذلك إلى الأصل و ما تقدم.

و لكن عن جمع أن في سن الصبي بعيرا، مطلقا لقول الصادق عليه السلام: «ان أمير المؤمنين عليه السّلام قضى في سن الصبي إذا لم يثغر ببعير»، و الثغر: السن الأصلي الذي نبت بعد سقوط أسنان الرضاع، و في رواية مسمع عن الصادق عليه السلام أيضا: «قضى في سن قبل أن يثغر بعيرا في كل سن».

و لكن العمل بإطلاقه مشكل مع قصور سندهما، فالأولى رد علمهما إلى أهله، و الأحوط التصالح إن لم يكن محذور في البين.

ثمَّ لا فرق بين الكسر و القلع، لشمول العمومات و الإطلاقات لكليهما، و لكن لا بد في الكسر من ملاحظة المماثلة، و لو بالآلات الحديثة كما في القلع.

للعمومات، و الإطلاقات بعد تحقق التعدي، و يقتضيه الأصل أيضا.

(مسألة ۳۸): لا تقلع السن الأصلية بالزائدة (۱۱۲)، بل فيها الدية (۱۱۳)، و تقلع الزائدة بالزائدة مع تحقق الشرائط (۱۱٤).

لما مرّ مكررا من اعتبار المماثلة في القصاص، و المفروض عدمها عرفا، و تقدم في مسألة ۳٤ ما يرتبط بالمقام.

لعموم أدلة الأرش بعد عدم موضوع للمماثلة، و سيأتي مقدارها إن‏ شاء اللّه تعالى، و كذا الحكم لو اشتبهت الزائدة بالأصلية.

لتحقق المماثلة عرفا.

(مسألة ۳۹): يثبت القصاص في قطع الذكر مطلقا (۱۱٥)، و لا يقطع الصحيح بذكر العنّين و من يكون بذكره شلل (۱۱٦)، و يقطع ذكر العنين بالصحيح و المشمول به (۱۱۷)، و كذا يثبت القصاص في قطع الحشفة أو بعضها (۱۱۸).

للعموم، و الإطلاق، و الاتفاق، بلا فرق في ذلك بين الأغلف و المختون، و الكبير و الصغير بلغا في الكبر و الصغر ما بلغا، و الخصي- إن لم يبلغ إلى شلل الذكر- كل ذلك لما مر.

و أما قول أبي جعفر عليه السّلام في المعتبر: «لا قود لمن لا يقاد منه»٥۰، فإن عمومه و إطلاقه موهون بإعراض المشهور عن العمل بهما مع كونه بمنظر منهم و مسمع، و أنه في مقام بيان قاعدة كلية، فهو مختص بمورده إذا، فالمرجع ما تقدم من العموم و الإطلاق، مضافا إلى الإجماع. و اللّه العالم بحقائق الأحكام.

على المشهور فيهما، بل ادعي الإجماع في الثاني، و يشهد لذلك ما تقدم في اليد. و لا بد من التراضي بالدية، لما يأتي في الديات إن شاء اللّه تعالى.

لظهور الإجماع، و يشهد له ما مرّ في اليد. و لكن لا بد من مراعاة عدم تحقق الضرر على النفس.

للعمومات، و الإطلاقات، و ظهور الإجماع، و لكن لا بد من مراعاة المثلية في الكمية من كل جهة.

(مسألة ٤۰): في الخصيتين قصاص و كذا في إحداهما مع التساوي‏ في المحل (۱۱۹)، و لو خيف ذهاب منفعة أخرى ينقلب إلى الدية (۱۲۰)، هذا إذا ذهب أصل المنفعة بفعل الجاني، و أما إذا بقيت و ذهبت العين بفعله يقتص بالنسبة إلى العين فقط إلا مع الخوف فتنتقل إلى الدية (۱۲۱)، و لو قطع الذكر و الخصيتين اقتص منه كذلك (۱۲۲).

للإطلاق، و الاتفاق، و العموم، و يقتص اليمنى باليمنى و اليسرى باليسرى.

لانتفاء موضوع القصاص، و هو اعتبار المثلية، فلا محالة تنقلب إلى الدية.

أما الأول‏: فلاعتبار المماثلة في القصاص مهما أمكن.

و أما الثاني‏: فلعدم إمكان تحصيلها مع الخوف، فلا بد من الانتقال إلى الدية حينئذ.

للإطلاق، و الاتفاق، سواء قطعهما معا أم على التعاقب، لشمول الدليل لكل منهما.

(مسألة ٤۱): يقتص في الشفرين و كذا في أحدهما (۱۲۳)، بلا فرق بين الصغيرة و الكبيرة و البكر و الثيب و المختونة و غيرها، و الصحيحة و الرتقاء، و القرناء، و العفلاء، و المفضاة و غيرها (۱۲٤)، هذا إذا كانت الجانية امرأة، و أما لو كان رجلا أو قطعت المرأة ذكر رجل تتعين الدية حينئذ (۱۲٥).

أما الشفران: فهما اللحمان المحيطان بالفرج الشفتين بالفم.

و أما أصل القصاص مطلقا، فلعمومات الأدلة و إطلاقاتها الشاملة لهما و لأحدهما.

كل ذلك للإطلاق، و العموم الشامل لجميع ذلك. نعم لا يقتص من الصحيحة للشلاء، لما تقدم مرارا.

لعدم موضوع القصاص في الجاني و الجانية حتى تتحقق المثلية، فلا محالة تنتقل إلى الدية.

و أما رواية عبد الرحمن بن سيابة عن الصادق عليه السّلام: «إن في كتاب علي عليه السّلام لو أن رجلا قطع فرج امرأته لأغرمته لها ديتها، و إن لم يؤد إليها الدية قطعت لها فرجه إن طلبت ذلك»٥۱، فهي لا يصح العمل بها حتى في موردها، بل لا بد من رد علمها إلى أهلها بعد إعراض المشهور عنها.

(مسألة ٤۲): كل مورد لم يتمكن من المثلية و المساواة في الاقتصاص تتعين الدية و المرجع في ذلك ثقات أهل الخبرة و المتخصصين، فلو زالت بكر بكارة أخرى و لم يتمكن من المماثلة من كل جهة فعلى الجانية الدية (۱۲٦).

لأصالة الاحترام في النفس و الأطراف مطلقا، فمع إمكان القصاص يتعين، و مع عدمه لا بد من الدية، لئلا يذهب ما هو محترم هدرا أو ضياعا.

(مسألة ٤۳): يثبت القصاص في الأليتين مع الأمن من الضرر و إلا فالدية (۱۲۷).

أما الأول‏: فللعمومات، و الإطلاقات الشاملة لهما أيضا.

و أما الأخير: فلقاعدة نفي الضرر و الحرج الحاكمة عليهما.

(مسألة ٤٤): يقطع المجذوم بمثله و بالصحيح، و الاذن الصماء بالأذن الصحيحة (۱۲۸).

للعموم، و الإطلاق، و ظهور الاتفاق، و المراد بالمثلية و التساوي ما هو في ظاهر الجسم- لا بالنسبة إلى تمام المنافع- إلا ما خرج بالدليل الخاص.

(مسألة ٤٥): لو جنى على شخص بجناية داخلية مثل النزيف الداخلي أو حدث مرض اعصاب أو سكر أو غير ذلك تتعين الدية (۱۲۹).

لعموم قوله تعالى‏ فَمَنِ اعْتَدى‏ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى‏ عَلَيْكُمْ‏٥۲، بعد عدم إمكان المثلية بنظر المتخصص.

(مسألة ٤٦): لو جنّ المجني عليه لا يسقط القصاص فلوليه الاستيفاء (۱۳۰)، و لو جنّ الجاني بعد تحقق الجناية يقتص الكامل شرعا منه (۱۳۱).

لعموم ما دلّ على ثبوته، مضافا إلى الأصل، و لو استند الجنون إلى الجناية تكون الدية كاملة، كما يأتي في كتاب الديات إن شاء اللّه تعالى.

للأصل، و العمومات، و الإطلاقات، مضافا إلى معتبرة بريد العجلي «سئل أبو جعفر عليه السّلام عن رجل قتل رجلا فلم يقم عليه الحدّ و لم تصح الشهادة عليه حتى خولط و ذهب عقله، ثمَّ إن قوما آخرين شهدوا عليه بعد ما خولط أنه قتله؟ فقال: إن شهدوا عليه أنه قتله حين قتله و هو صحيح ليس به علّة من فساد عقل قتل به، و إن لم يشهدوا عليه بذلك و كان له مال يعرف دفعت إلى ورثة المقتول الدية من مال القاتل، و إن لم يكن له مال اعطي الدية من بيت المال، و لا يبطل دم امرئ مسلم»٥۳، و تقدم أنه كل ما يجري في قصاص النفس يجري في ما دونها أيضا.

(مسألة ٤۷): لو مات الجاني قبل استيفاء القصاص يتبدل الحكم إلى الدية، و لو مات المجني عليه بغير سبب الجناية فلأوليائه القصاص بعد المراجعة إلى الحاكم الشرعي (۱۳۲).‏

لزوال الموضوع في الأول، فينتقل الحكم إلى الدية لا محالة، لئلا يبطل دم امرئ مسلم، و لأن أولياء الميت أولى بأحكامه، مضافا إلى الأصل في الثاني.

و أما الرجوع إلى الحاكم الشرعي، فلأن تشخيص هذه الموضوعات التي لها المعرضية للنزاع و الجدال، لا بد و أن تكون بنظره لقطعهما.

(مسألة ٤۸): لا فرق في السبب الموجب للجناية بين الضرب أو غيره كصب بعض الأدوية السامة على الجسد مثلا أو اتصال بعض الجسد بآلات الكهرباء التي قد توجب الشلل فيه (۱۳۳).

لتحقق الاعتداء على كل حال، فتشمله الإطلاقات و العمومات.

(مسألة ٤۹): لو صدرت الجناية من اثنين بنحو الاشتراك فيها اقتص منهما المجني عليه إن شاء مع رد ما فضل من دية المقتص منه إليهما أو يأخذ منهما الدية و يسقط القصاص، أو يقتص من أحد هما و يدفع من لم يقتص منه فضل دية المقتص عنه (۱۳٤)، و كذا لو صدرت الجناية من جماعة.

للعموم، و الإطلاق، و فحوى ما تقدم في النفس، و معتبرة أبي مريم الأنصاري عن أبي جعفر عليه السّلام: «في رجلين اجتمعا على قطع يد رجل، قال: إن أحب أن يقطعهما أدّى إليهما دية يد يقتسمانها ثمَّ يقطعهما، و إن أحب أخذ منهما دية يد، و إن قطع يد أحدهما ردّ الذي لم يقطع يده على الذي قطعت يده ربع الدية»٥4، و لا فرق بين الاثنين و الأزيد، للإجماع، و فحوى ما مر في النفس.

و تقدم نظير هذه المسألة في مسائل القصاص في النفس.

(مسألة ٥۰): لو فعل الجاني ما يوجب زوال بعض القوى الجسمانية عن المجني عليه بمثل السحر أو التسخيريات فلا إشكال في الضمان (۱۳٥)، و هل يجوز القصاص بالمثل؟ وجهان (۱۳٦).

لعموم أدلة الاعتداء، و ما تقدم من عدم فرق بين الأسباب.

من أن مقتضى العموم، و الإطلاق، الجواز بعد كون المجني عليه عالما بذلك، و من أنه دفع الحرم بالحرام فلا يجوز. و يمكن الإشكال بأنه حرام إن لم يأذن الشارع فيه، و المفروض شمول عموم الإذن له. نعم لو لم يكن عالما به قبل ذلك و تعلّم السحر لهذا الغرض بالخصوص، ففيه إشكال.

(مسألة ٥۱): لا يقتص من الحامل إن استلزم القصاص الضرر لحملها (۱۳۷)، فعلى المجني عليه أو وليه تأخيره إلى أن تضع حملها أو المطالبة بالدية (۱۳۸).

لما تقدم في استيفاء القصاص على النفس، و ما تقدم في حدّ الحامل و أنه من الإسراف في القتل بقوله تعالى‏ فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ‏٥٥.

لولايته على ذلك، و لو اختار أحدهما لا يجوز لها المنع.

  1. الوسائل: باب 4۷ من أبواب قصاص النفس حديث: ٥ و تقدم في صفحة: ۲۲۱. ج: ۲۸.
  2. تقدم في ج: ۸ صفحة: ۲۱۹.
  3. سورة المائدة الآية: 4٥.
  4. سورة النحل الآية: ۱۲٦.
  5. الوسائل: باب ۲۸ من أبواب ديات الأعضاء: ۱.
  6. الوسائل: باب ۳۳ من أبواب القصاص في النفس: ۱۰.
  7. سورة المائدة الآية: 4٥.
  8. سورة النحل الآية: ۱۲٦.
  9. الوسائل: باب ۱۲ من أبواب قصاص الطرف: ۲.
  10. سورة البقرة الآية: ۱۹4.
  11. سورة النحل الآية: ۱۲٦.
  12. سورة المائدة الآية: 4٥.
  13. الوسائل: باب ۲4 من أبواب قصاص الطرف: ۲.
  14. الوسائل: باب ۱٦ من أبواب قصاص الطرف: ۱.
  15. الوسائل: باب ۱۳ من أبواب قصاص الطرف: 4.
  16. سورة المائدة الآية: 4٥.
  17. سورة البقرة الآية: ۱۹4.
  18. سورة النحل الآية: ۱۲٦.
  19. الوسائل: باب 4۲ من أبواب موجبات الضمان: ۲.
  20. سورة النحل ۱٦ الآية: ۱۲٦.
  21. سورة البقرة الآية: ۱۹4.
  22. الوسائل: باب ۱۹ من أبواب قصاص الطرف.
  23. الوسائل: باب ۳ من أبواب مقدمات الحدود.
  24. الوسائل: باب ٥ من أبواب ديات الشجاج و الجراح الحديث: ۱.
  25. راجع صفحة: ۱۲.
  26. سورة المائدة الآية: 4٥.
  27. الوسائل: باب ۲۳ من أبواب قصاص الطرف: ۱.
  28. الوسائل: باب ۱٥ من أبواب قصاص الطرف: ۱ .
  29. الكافي ج-: ۷ صفحة: ۳۱۹/ ۳.
  30. الوسائل: باب ۱٥ من أبواب قصاص الطرف: ۲.
  31. سورة المائدة الآية: 4٥.
  32. الوسائل: باب ۲۷ من أبواب ديات الأعضاء: ۲.
  33. الوسائل: باب ۱۱ من أبواب قصاص الطرف: ۱.
  34. سورة المائدة الآية: 4٥.
  35. سورة البقرة الآية: ۱۹4.
  36. سورة النحل الآية: ۱۲٦.
  37. الوسائل: باب ۲۳ من أبواب قصاص الطرف: ۱.
  38. الوسائل: باب ۳۷ من أبواب ديات الأعضاء: ۱.
  39. الوسائل: باب ۳۷ من أبواب ديات الأعضاء: ۳.
  40. الوسائل: باب ۳۷ من أبواب ديات الأعضاء: ۲.
  41. سورة المائدة الآية: 4٥.
  42. سورة البقرة الآية: ۱۹4.
  43. سورة الشورى الآية: 4۰.
  44. الوسائل: باب ۲۸ من أبواب القصاص في النفس: ۱.
  45. المائدة الآية: 4٥.
  46. تقدم في صفحة: ۷.
  47. الوسائل: باب ۳۳ من أبواب ديات الأعضاء: ۱.
  48. الوسائل: باب ۳۳ من أبواب ديات الأعضاء: ۳.
  49. الوسائل: باب ۳۳ من أبواب ديات الأعضاء: ۲.
  50. الوسائل: باب ۲۸ من أبواب القصاص في النفس: ۱.
  51. الوسائل: باب ۹ من أبواب قصاص الطرف: ۲.
  52. سورة البقرة الآية: ۱۹4.
  53. الوسائل: باب ۲۹ من أبواب القصاص في النفس: ۱.
  54. الوسائل: باب ۲٥ من أبواب القصاص في الطرف: ۱.
  55. سورة الإسراء الآية: ۳۳.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"