1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. کتاب القصاص
  10. /
  11. فصل في ما يثبت به القتل
يثبت القتل بأمور: الأول: الإقرار (۱)، و يكفي مرة واحدة (۲).

للإجماع، بل ضرورة من الفقه إن لم تكن من الدين، و قاعدة: «إقرار العقلاء على أنفسهم جائز» المسلمة بين جميع ذوي العقول، و قد تنسب تلك إلى نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله»۱.

للإطلاقات، و العمومات الصادقة على مجرد تحقق صرف الطبيعة الحاصلة بالمرة، مضافا إلى نصوص خاصة مثل قوله عليه السّلام في معتبرة الفضيل:

«من أقرّ على نفسه عند الإمام بحق من حدود اللّه مرة واحدة- إلى أن قال- فعلى الإمام أن يقيم الحدّ عليه- إلى أن قال- و إذا أقرّ بقتل رجل لم يقتله حتى يحضر أولياء المقتول فيطالبوا بدم صاحبهم»۲، و قريب منهما غيرها.

و نسب إلى جمع منهم الشيخ و ابن إدريس اعتبار المرتين، إما تنظيرا على السرقة، أو للاحتياط في الدماء.

و الأول‏: قياس باطل مع أنه مع الفارق.

و الثاني‏: لا يعارض ظواهر الأدلة.

(مسألة ۱): يعتبر في المقر البلوغ و العقل و القصد و الاختيار (۳)، و الحرية (٤)، فلا اعتبار بإقرار الصبي و إن كان مراهقا و لا المجنون و لا المكره و لا الساهي و لا النائم و لا الغافل و لا السكران الذي لا عقل و لا اختيار له (٥).

لأن ذلك كله من الشرائط العامة المعتبرة في حجية كل لفظ صادر من المتكلم، إنشاء كان أو إخبارا، و قد مرّ الوجه فيها في كتاب الإقرار۳، فراجع فلا داعي للتكرار.

لأن إقرار العبد إقرار في حق الغير و هو غير مسموع، مضافا إلى الإجماع، و النص، ففي خبر الوابشي عن الصادق عليه السّلام قال: «سألته عن قوم ادّعوا على عبد جناية تحيط برقبته، فأقرّ العبد بها؟ فقال: لا يجوز إقرار العبد على سيده»4.

كل ذلك لقاعدة: «انتفاء المشروط بانتفاء شرطه»، و المفروض اشتراط الكمال و القصد و الاختيار.

(مسألة ۲): المحجور عليه لسفه أو فلس إن أقر بالقتل العمدي يقبل إقراره (٦)، و يقتص منه في الحال من دون انتظار لفك حجره (۷)، و أما ما يوجب الدية فتثبت الدية في ذمة المحجور عليه بإقراره (۸).

لما تقدّم من عموم قاعدة: «إقرار العقلاء على أنفسهم نافذ».

لعمومات القصاص، و إطلاقاته بلا مانع في البين.

لعدم المنافاة بين حجره و ثبوت مال في ذمته بإقراره. نعم لا بد من مشاركة الغرماء من تصديقهم لذلك إن كان قبل المحجور.

(مسألة ۳): لو أقر شخص بقتله عمدا و أقر آخر بقتله خطاء يتخير الولي في الرجوع إلى أيهما شاء (۹)، و ليس له الولاية عليهما معا و الأخذ بقولهما كذلك (۱۰).

لعموم ولايته، و عدم صحة الجمع بينهما لعلمه بعدم استحقاق كليهما، و عموم قاعدة: «إقرار العقلاء على أنفسهم نافذ» فلا بد من التخيير، مضافا إلى الإجماع، و النص، ففي خبر الحسن بن صالح: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل وجد مقتولا فجاء رجلان إلى وليه، فقال أحدهما: أنا قتلته عمدا، و قال الآخر: أنا قتلته خطاء؟ فقال: إن هو أخذ بقول صاحب العمد فليس له على صاحب الخطأ سبيل، و إن أخذ بقول صاحب الخطأ فليس له على صاحب العمد سبيل»٥، و يصح تطبيقها على القاعدة كما مرّ.

للعلم بأن القتل واحد، و هو إما عمد أو خطأ، فكيف يصح له الأخذ بهما معا.

(مسألة ٤): لو أقر بقتله عمدا و جاء آخر و أقر أنه هو الذي قتله و رجع المقر الأول عن إقراره فلا قصاص و لا دية عليهما بل تكون دية المقتول من بيت المال (۱۱)، و إن لم يرجع الأول عن إقراره فللحاكم الشرعي أن يعمل بنظره (۱۲).

إجماعا، و نصا، قال الصادق عليه السّلام: «أتي أمير المؤمنين عليه السّلام برجل وجد في خربة و بيده سكين ملطخ بالدم. و إذا رجل مذبوح يتشحط في دمه، فقال له أمير المؤمنين عليه السّلام: ما تقول؟ قال: أنا قتلته، قال: اذهبوا به فأقيدوه به، فلما ذهبوا به أقبل رجل مسرعا فقال: لا تعجلوا ردوه إلى أمير المؤمنين عليه السّلام، فردوه فقال: و اللّه يا أمير المؤمنين ما هذا قتل صاحبه أنا قتلته، فقال أمير المؤمنين عليه السّلام للأول: ما حملك على إقرارك على نفسك؟ فقال: يا أمير المؤمنين‏

و ما كنت استطيع أن أقول و قد شهد عليّ أمثال هؤلاء الرجال و أخذوني و بيدي سكين ملطخ بالدم و الرجل متشحط في دمه، و أنا قائم عليه و خفت الضرب فأقررت، و أنا رجل كنت ذبحت بجنب هذه الخربة شاة، فأخذني البول فدخلت الخربة فوجدت الرجل يتشحط في دمه فقمت متعجبا، فدخل عليّ هؤلاء فأخذوني فقال عليه السّلام: خذوا هذين فاذهبوا بهما إلى الحسن عليه السّلام و قولوا له: ما الحكم فيهما؟ قال: فذهبوا إلى الحسن عليه السّلام و قصّوا عليه قصتهما، فقال الحسن عليه السّلام: قولوا لأمير المؤمنين عليه السّلام: إن كان هذا ذبح هذا فقد أحيا هذا، و قد قال اللّه تعالى‏ وَ مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً، فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: ذرية بعضها من بعض، فخلّى عنهما و أخرج دية المذبوح من بيت المال»٦، و هذه الرواية و إن كانت قاصرة من حيث السند، لكن متنها يدلّ على صدورها عن معدن الوحي و تقرير باب مدينة علم الرسول صلّى اللّه عليه و آله له، و تطابق الأصحاب على العمل بها حتى من لا يعمل إلا بالقطعيات. و لكن لا بد من الاقتصار على العمل بها في موردها فقط، كما صنع ذلك أعاظم الفقهاء و اجلاؤهم الذين هم أمناء اللّه على حلاله و حرامه رفع اللّه تعالى شأنهم، و هي مشتملة على كرامة باهرة لأكبر سبطي الرسول مع تقرير أمير المؤمنين و الصادق عليهما السّلام و مشايخ الحديث و الفقه لها و لا بد في غير موردها من العمل بالقواعد العامة حسبما انطبقت عليه، و تقتضي ذلك القاعدة المعمول بها لدى الأصحاب و هي: «الاقتصار على ما خالف الأصول على المتيقن».

حسب القواعد الجارية في المقام من تعارض الإقرارين، أو الترجيح لأحدهما بالقرائن المعتبرة، أو غيرها.

(مسألة ٥): لو أقر بالقتل عمدا ثمَّ عقبه بالإبدال بقتله خطاء و لم تكن قرينة تعين القتل خطاء يؤخذ بإقراره الأول و يترتب عليه أحكامه (۱۳).

لتمامية الإقرار الأول بحسب المحاورات العرفية و أخذه به، إلا إذا ثبت ما ينافيه بحجة معتبرة أقوى و أظهر من الإقرار الأول، و المفروض عدمه، مضافا إلى الإجماع على الأخذ بالإقرار الأول و طرح ما ينافيه، كما تقدم في كتاب الإقرار.

الثاني: البيّنة و هي أن يشهد رجلان كاملان عدلان بالقتل (۱٤).

لعمومات أدلة حجية البينة- كما تقدم مكررا- مضافا إلى أدلة خاصة كما يأتي.

(مسألة ٦): ينحصر ثبوت موجب القصاص سواء كان في النفس أو الطرف بشاهدين عدلين فقط (۱٥)، فلا اعتبار بشهادة النساء لا منفردات و لا منضمات إلى الرجال (۱٦)، بل لا تثبت بشهادتهن الدية فيما يوجب القصاص (۱۷)، نعم تجوز شهادة النساء فيما يوجب الدية كالقتل خطاء أو شبه عمد و في الجراحات التي لا توجب القصاص كالهاشمة و ما فوقها (۱۸).

لأصالة عدم الحجية و الاعتبار إلا فيما دلّ عليه الدليل بالخصوص، و هو شهادة شاهدين عدلين.

لأن ذلك من حقوق الآدمي غير المالية، و تقدم في كتاب الشهادات:

لا تقبل شهادة النساء فيها لا منفردات و لا منضمات.

لما مرّ من الأصل بعد عدم ما يصلح للخلاف، و تقدم بعض الكلام في كتاب الشهادات فراجع.

لأن المطلوب فيها المال، و تقبل شهادتهن فيه على كل حال، كما تقدم و يأتي بعد ذلك إن شاء اللّه تعالى.

(مسألة ۷): لا يثبت ما يوجب القصاص بشهادة شاهد واحد و يمين المدعي (۱۹).

نسب ذلك إلى المشهور، بل ادعي عليه الإجماع، و تقدم بعض الكلام في كتاب الشهادات.

(مسألة ۸): يعتبر في قبول الشهادة أمور: الأول: توارد الشهادتين على موضع واحد و صفة واحدة (۲۰)، فلو قال أحدهما: إنه قتله في السوق، و قال الآخر: انه قتله في البيت، أو قال أحدهما: إنه قتله بالسيف، و قال الآخر: إنه خنقه، لم يقبل (۲۱)، و لا يتحقق به اللوث أيضا (۲۲). الثاني: أن تكون الشهادة بالقتل أو الجراح ظاهرة عرفا في المعنى (۲۳)، فلا يكتفي بالإهمال و الإجمال (۲٤)، نعم لا يضر بالظهور العرفي الاحتمالات الدقية العقلية (۲٥). الثالث: أن تكون الشهادة مستندة إلى العلم و اليقين و إلا فلا تقبل (۲٦).

لعدم تحقق شهادة البينة على شي‏ء واحد كما في سائر الموضوعات التي تثبت بالبينة، فإن أحدهما بالخصوص لا اعتبار بقوله، لفرض اعتبار البينة في القبول، و مع الاختلاف لا تتحقق البينة، لأن كلا منهما يقول غير ما يقوله الآخر، فلم تقم البينة على أمر واحد، بل لازم قول كل واحد نفي قول الآخر، و مع الاختلاف لا اعتبار بها.

لتحقق التكاذب في البين، و عدم قيام البينة على شي‏ء واحد، و كذا في جميع موارد الاختلاف الموجب للتكاذب.

للأصل بعد لزوم الاقتصار في مورد تحققه على المتيقن في الحكم، المخالف للقواعد (و اللوث أمارة يظن بها صدق المدعي في ما ادعاه من القتل)، فيأتي تفصيله بعد ذلك إن شاء اللّه تعالى. و يمكن الاختلاف بحسب اختلاف الخصوصيات الحافة بالموضوع، فقد يحصل اللوث و قد لا يحصل، فيصير النزاع بين الفقهاء في ذلك صغرويا.

لحجية ذلك عند العقلاء، و ابتناء إظهار جميع المقاصد الشخصية و النوعية الشرعية و غيرها على ذلك في جميع الدعاوي و المخاصمات و الاحتجاجات.

لعدم اعتبار المهملات و المجملات في جميع المحاورات، فضلا عما يوجب القود و القصاص بين الناس، بل لا بد و أن يسد باب التهجم على الدماء و الأعراض.

لعدم الاعتناء بها في المحاورات، بل لو اعتنى أحد بها يكون خارجا عن الفطرة المستقيمة، و يعد ذلك من اعوجاج السليقة.

لأنهما المتيقن من اعتبار الشهادة، و في غيرهما تجري أصالة عدم الاعتبار، مضافا إلى الإجماع، كما مر في كتاب الشهادة۷.

(مسألة ۹): لو شهد أحدهما بأنه أقر بالقتل و الآخر بأنه شهد ذلك عيانا يثبت اللوث و إن لم تقبل شهادتهما (۲۷).

أما ثبوت اللوث: فهو وجداني لمن تأمل في هذا النحو من الشهادة، كما لا يخفى على أهله.

و أما عدم ثبوت الشهادة: فلوقوع الاختلاف في البين.

(مسألة ۱۰): لو شهد أحد الشاهدين بالقتل مطلقا و شهد الآخر بالإقرار به عمدا يثبت أصل القتل (۲۸)، و حينئذ يكلّف المدعى عليه بالبيان و هو لا يخلو عن أقسام: الأول: إنكار أصل القتل و لا يقبل منه ذلك (۲۹). الثاني: الإقرار بالعمد يقبل ذلك منه (۳۰). الثالث: أن ينكر العمد مع أن الولي يدعيه فيقدم قول الجاني مع يمينه (۳۱). الرابع: أن يدعي الخطأ و ينكر الولي ذلك يقدم قول الولي (۳۲). الخامس: أن يدعي الجاني الخطأ و يدعي الولي العمد يجري عليه حكم التداعي (۳۳).

لاتفاقهما عليه بلا إشكال، فيكون كما إذا شهد أحد الشاهدين‏ بالنجاسة المطلقة، و الآخر بأنه لاقى الدم مثلا، فلا ريب في ثبوت أصل النجاسة، و كذا في النظائر من توافق الشاهدين في أصل النوع، و الاختلاف في الصنف في الجملة.

لتمامية البينة على ثبوته، فلا موضوع للإنكار مع البينة القائمة التامة شرعا.

لوجود المقتضي و فقد المانع، فيشمله عموم إقرار العقلاء على أنفسهم جائز.

لأنه أبصر بفعل نفسه من غيره، و لأنه من التفسير الذي يرجع إليه، و لذلك نظائر في الفقه.

لأن سياق هذه الدعوى ترجع إلى المدعي لشي‏ء و المنكر له بحسب ظاهر تقريرها، فيقدم قول المنكر إلا أن يثبت المدعي قوله بالبينة، و إن كان ظاهر التقرير من القسم الثالث يجري عليه حكمه، فالنزاع صغروي لا بد و أن يلحظ فيه خصوصيات كيفية التقرير حتى يظهر الحكم قهرا.

لأن الظاهر من مثل هذا النحو من الدعاوي يكون من التداعي، فيجري عليه حكمه لا محالة، هذه هي الكبريات الكلية و أما الصغريات‏ و تشخيص خصوصياتها، فموكولة إلى نظر الحاكم الشرعي، و كيفية تقرير الدعوى لديه.

(مسألة ۱۱): إذا شهدوا أنه رمى زيدا عمدا فأصاب عمرا خطاء يترتب عليه حكم الخطإ (۳٤).

لفرض تحقق الشهادة بذلك.

(مسألة ۱۲): لو شهدت البينة بما يكون سببا لموته عادة و ادعى الجاني أن الموت لم يكن مستندا إلى جنايته قبل قوله مع يمينه (۳٥).

أما قبول قوله: فللأصل بعد عدم وجود بينة في البين، و البينة قامت على الجناية نفسها لا على الاستناد. و أما اليمين: فلقطع الخصومة و النزاع، كما مر مكررا.

(مسألة ۱۳): لو شهد أحدهما بالقتل عمدا و الآخر بالقتل مطلقا و أنكر القاتل العمد و ادعاه الولي فلا تثبت دعوى الولي إلا بالقسامة لو أراد إثبات دعواه (۳٦).

لعدم التكاذب بين الشهادتين، فكأن الشاهد الآخر كالشاهد الواحد ابتداء الذي يثبت به اللوث (أي الأمارة الظنية على صدق المدعي)، فيحتاج في إثبات دعواه إلى القسامة (أي أيمان متعددة) على ما يأتي من التفصيل فيهما.

(مسألة ۱٤): إذا شهد عدلان بأن القاتل هو زيد بالخصوص مثلا و شهد آخران بأنه عمرو كذلك فلا قود و لا دية فعلا حتى يتبين الحال (۳۷)، و لكن على الحاكم الشرعي السعي في عدم اطلال دم المحترم (۳۸).

لتعارض البينتين و سقوطهما بذلك رأسا، بعد فرض عدم الترجيح في البين، و الأخذ بأحدهما دون الآخر ترجيح بلا مرجح، فلا يثبت موضوع القود و لا الدية.

و عن جمع منهم الشيخ و الفاضل تنصيف الدية عليهما، لسقوط القصاص بتعارض البينتين، و قتلهما معا لا يجوز إجماعا، و قتل واحد من غير تعيين تهجم‏ على الدم المحترم بلا دليل، مع أن القصاص كالحدّ يسقط بالشبهة، و تخيير الولي أو الحاكم يحتاج إلى دليل و هو مفقود، بل معلوم العدم، فلا بد من الدية لئلا يطل دم المسلم.

و فيه‏: أن ذلك ليس دليلا شرعيا للحكم، إذ يمكن أن يكون الحكم تخيير الولي في الرجوع إلى أيهما شاء، كما نسب إلى المحقق الأول و الثاني (رحمهما اللّه تعالى)، و يمكن أن يكون للواقعة حكم لم يصل إلينا، و منه يظهر أن ما نسب إلى المحقق الأول و الثاني من مجرد الاحتمال الذي لا دليل عليه أيضا، فعدم التهجم على الدماء و التثبيت فيها يقتضي ما ذكرناه.

لأن دم المحترم لا يطل، كما تقدم في الروايات الكثيرة.

(مسألة ۱٥): لو شهدا بأنه قتل عمدا و أقر آخر بأنه هو القاتل و أن المشهود عليه برئ من قتله يكون للولي قتل المشهود عليه و يرد المقر نصف ديته و له قتل المقر و لا رد (۳۹) و له قتلهما بعد أن يرد على المشهود عليه نصف ديته دون المقر و لو أراد الدية كانت عليهما نصفين (٤۰)، ثمَّ إن ولي الدم لو وجّه الدعوى على أحدهما دون الآخر يكون طرف الدعوى خصوص ما وجهت الدعوى إليه فقط و سقطت عن الآخر (٤۱).

لإقراره بالانفراد حينئذ.

الأصل في هذه الأحكام المخالفة للضوابط- مضافا إلى الإجماع- صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «سألته عن رجل شهد عليه قوم أنه قتل عمدا فدفعه الولي إلى أولياء المقتول ليقاد به فلم يبرحوا حتى أتاهم رجل فأقر عند الولي أنه قتل صاحبهم عمدا، و أن هذا الذي شهد عليه الشهود برئ من قتل صاحبكم، فلا تقتلوه به و خذوني بدمه؟ فقال أبو جعفر عليه السّلام: إن أراد أولياء المقتول أن يقتلوا الذي أقرّ على نفسه فيقتلوه و لا سبيل لهم على الآخر، ثمَّ سبيل لورثة الذي أقرّ على نفسه على ورثة الذي شهد عليه، و إن أرادوا أن يقتلوا الذي شهد عليه فليقتلوه و لا سبيل لهم على الذي أقرّ، ثمَّ ليؤد الذي أقرّ على‏

نفسه إلى أولياء الذي شهد عليه نصف الدية، قلت: أرأيت إن أرادوا أن يقتلوهما جميعا؟ قال: ذلك لهم، و عليهم أن يدفعوا إلى أولياء الذي شهدوا عليه نصف الدية خاصة دون صاحبه، ثمَّ يقتلونهما، قلت: إن أرادوا أن يأخذوا الدية؟ فقال:

الدية بينهما نصفان، لأن أحدهما أقرّ و الآخر شهد عليه، قلت: كيف جعلت الأولياء الذي شهد عليه على الذي أقرّ نصف الدية حين قتل و لم تجعل لأولياء الذي أقرّ على أولياء الذي شهد عليه و لم يقرّ؟ فقال عليه السّلام: لأن الذي شهد عليه ليس مثل الذي أقرّ، الذي شهد عليه لم يقرّ و لم يبرئ صاحبه، و الآخر أقرّ و برّأ صاحبه، فلزم الذي أقرّ و برّأ صاحبه ما لم يلزم الذي شهد عليه و لم يقرّ، و لم يبرئ صاحبه»۸، و السند معتبر و العمل متحقق. و مخالفته للقواعد المسلّمة ثابتة. و الاحتياط حسن على كل حال، خصوصا في النفوس المحترمة على أي حال. و كيف يقدم الولي على قتلهما معا مع علمه بعدم استحقاق أحدهما للقتل، و كذا في أخذ الدية منهما معا؟!

لانتفاء الموضوع حينئذ، إذ لا معنى للترافع و التخاصم إلا توجيه الدعوى و بيانها لدى الحاكم، فإن ادعى على المشهود عليه سقط إقرار المقرّ، و إن ادعى على المقرّ سقطت البينة.

(مسألة ۱٦): لو قامت البينة بالقتل و ادعى الجاني عدم التكليف كالجنون و غيره لا يقبل منه إلا بالحجة الشرعية (٤۲).

للأصل، بعد عدم دليل على اعتبار قوله.

(مسألة ۱۷): لو ادعى القتل العمدي و أقام على خصوص العمدية شاهدا واحدا و امرأتين يجوز للولي العفو عنه (٤۳).

لثبوت حقه الاقتضائي، فله أن يعفو عنه، أو يعمله.

(مسألة ۱۸): إذا ادعى شخص القتل على شخصين و أقام المدعي على ذلك البينة ثمَّ ادعى الشخصان المشهود عليهما أن الشاهدين قتلاه تقبل شهادتهما مع تصديق الولي (٤٤)، و إلا فلا (٤٥)، و لو شهد المشهود عليهما بالقتل- عمدا أو خطاء- على غير الشاهدين لم تقبل (٤٦).

لعموم حجية الشهادة الشامل للمقام، مع تصديق الولي.

لوجود التهمة و درء الحدّ عن نفسهما، فلا تقبل حينئذ شهادتهما.

للتهمة بدفع الضرر عن أنفسهما بالقصاص أو الدية.

(مسألة ۱۹): لو قامت البينة على شخص معين أنه القاتل و ادعى الولي اشتراك غير المشهود عليه في القتل معه فإن أقام الولي البينة على مدعاه أيضا يجرى عليه حكم الاشتراك في القتل (٤۷)، و إن لم يقم البينة عليه فإن أقر يجرى عليه حكم الاشتراك أيضا (٤۸)، و إن أنكر يختص القود أو الدية بالمشهود عليه (٤۹).

لوجود المقتضي له و فقد المانع.

لما مرّ في سابقة بعد إقراره على القتل.

لعدم ثبوت القتل بالنسبة إلى الآخر، لا بالإقرار و لا بالبينة، فمقتضى أصالة احترام الدم عدم جواز الإقدام على قوده، و يظهر ذلك من صحيح زرارة المتقدم.

(مسألة ۲۰): لو شهدا لمن يرثانه أن زيدا جرحه قبلت سواء كانت الشهادة بعد الاندمال أو قبله (٥۰).

لعموم أدلة حجية الشهادة الشامل للمقام أيضا.

و دعوى: أنها لا تقبل قبل الاندمال للتهمة المانعة عن قبول الشهادة، لأنها تجر النفع لاحتمال السراية.

غير صحيحة: بما تقدم في كتاب الشهادة من أن التهمة المانعة عن قبول الشهادة هي في موارد خاصة، و المقام ليس منها.

(مسألة ۲۱): إذا شهد شاهدان من العاقلة بفسق شاهدي القتل قبلت شهادتهما إن كان القتل عمدا أو شبيها به (٥۱)، و إن كان المشهود به القتل خطاء لم تقبل شهادتهما (٥۲).

لثبوت الجرح فيهما، فتشملهما العمومات الدالة على عدم اعتبار شهادة الفاسق.

لتحقق التهمة المانعة عن القبول، فإنهما يدفعان عن نفسهما الغرم بها.

الثالث: القسامة و هي الأيمان تقسم على جماعة يحلفونها (٥۳)، و قد تطلق على نفس الأولياء الذين يحلفون (٥٤).و موضوعها أن يوجد قتيل في محل لا يعرف من قتله و لا بينة في البين و يدعى الولي على واحد أو جماعة و يقترن دعواه بما يشعر بصدقه في دعواه فيحلف على ما يدعيه و يحكم الحاكم بما يقتضيه (٥٥). و البحث فيها من جهات: الأولى: في اعتبار اللوث فيها (٥٦)، و هو غير محدود بحدّ معين بل كلما يمكن أن يحصل للحاكم الظن بصدق المدعي في دعواه (٥۷)، كالبينة غير الجامعة لشرائط القبول، أو الشاهد الواحد، أو وجد المقتول متشحطا بدمه و عنده ذو سلاح و عليه الدم، أو وجد في دار قوم مختصة بشخص لا يدخلها غيره أو محلة كذلك، أو في محل مراماة يكون خصمه مقابلا فقول المرأة و الصبي و الفاسق و الكافر قد يكون من موجبات اللوث (٥۸).

فهي اسم أقيم مقام المصدر، و لا اختصاص لها بأيمان الدماء بحسب اللغة و العرف، و لكن الفقهاء في اصطلاحهم خصصوها بها، و لا مشاحة فيه.

و هي مشروعة في الإسلام، سواء كانت من وضع نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله، كما يظهر من بعض الأخبار، ففي رواية أبي بصير قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن القسامة أين كان بدوها؟ فقال: كان من قبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لما كان بعد فتح خيبر، تخلف رجل من الأنصار عن أصحابه فرجعوا في طلبه، فوجدوه متشحطا في دمه قتيلا، فجاءت الأنصار إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقالوا: يا رسول اللّه قتلت اليهود صاحبنا، فقال: ليقسم منكم خمسون رجلا على أنهم قتلوه، قالوا: يا رسول اللّه كيف نقسم على ما لم نر؟ قال: فيقسم اليهود، قالوا: يا رسول اللّه من يصدّق اليهود؟ فقال: انا إذن أدي صاحبكم، فقلت له: كيف الحكم فيها؟ فقال: إن اللّه عزّ و جل حكم في الدماء ما لم يحكم في شي‏ء من حقوق الناس لتعظيمه الدماء، لو أن رجلا ادعى على رجل عشرة آلاف درهم أو أقل من ذلك أو أكثر لم يكن‏ اليمين على المدعي، و كانت اليمين على المدعى عليه، فإذا ادعى الرجل على القوم أنهم قتلوا كانت اليمين لمدعي الدم قبل المدعى عليهم، فعلى المدعي أن يجي‏ء بخمسين يحلفون أن فلانا قتل فلانا، فيدفع إليهم الذي حلف عليه، فإن شاؤوا عفوا، و إن شاؤوا قتلوا، و إن شاؤوا قبلوا الدية، و إن لم يقسموا فإن على الذين ادعي عليهم أن يحلف منهم خمسون ما قتلنا و لا علمنا له قاتلا، فإن فعلوا أدّى أهل القرية الذين وجد فيهم، و إن كان بأرض فلاة أدّيت ديته من بيت المال، فإن أمير المؤمنين كان يقول: لا يبطل دم امرئ مسلم»۹.

و في صحيح زرارة قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن القسامة؟ فقال عليه السّلام:

هي حق، إن رجلا من الأنصار وجد قتيلا في قليب من قلب اليهود، فأتوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقالوا: يا رسول اللّه إنا وجدنا رجلا منا قتيلا في قليب من قلب اليهود، فقال: ائتوني بشاهدين من غيركم، قالوا: يا رسول اللّه ما لنا شاهدان من غيرنا، فقال لهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: فليقسم خمسون رجلا منكم على رجل ندفعه إليكم، قالوا: يا رسول اللّه كيف نقسم على ما لم نر؟ قال: فيقسم اليهود، قالوا: يا رسول اللّه كيف نرضى باليهود و ما فيهم من الشرك أعظم، فوداه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. إنما جعلت القسامة احتياطا لدماء الناس كيما إذا أراد الفاسق أن يقتل رجلا أو يغتال رجلا حيث لا يراه أحد خاف ذلك فامتنع من القتل»۱۰، إلى غير ذلك من الروايات الكثيرة، أو كانت في الجاهلية فقررها الإسلام، كما في الحديث:

«القسامة جاهلية»۱۱، أي كان أهل الجاهلية يدينون بها و قد قررها الإسلام، و كيف كان فلا ثمرة عملية بل و لا علمية في البحث عن ذلك.

و يصح هذا الإطلاق و الاستعمال من باب الملازمة العرفية بين الحال و المحل، و ليست في ذلك أيضا ثمرة عملية بل و لا علمية.

كما في اللغة و اصطلاح الفقهاء.

اللوث سواء كان بمعنى القوة، أو بمعنى التلطخ معتبر في موضوع القسامة بالإجماع، و إرسال الفقهاء له إرسال المسلّمات، و تقتضيه الأنظار العرفية أيضا. فيما تعارف بينهم من اهتمامهم بالتحقيق في موارد التهمة، و ان لم يوجد فيما وصل إلينا من النصوص، و يكفينا تسالم الأعلام و فقهاء الإسلام، و مرتكزات أذهان الأنام.

و هو مما يختلف باختلاف القضايا و الخصوصيات و الأزمنة و الأمكنة، و شدة فطانة الحاكم و كثرة ممارسته في خصوصيات القضايا و زيادة تجربياته فيها، و ربما تطول التحقيقات في قضية أياما بل شهورا، فتظهر النتيجة بعد ذلك، و قد ذكر الفقهاء بعضها من باب الغالب، و قد أشير إلى بعضها في قوله تعالى‏ وَ شَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَ هُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ وَ إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَ هُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ‏۱۲، خصوصا إن كان الحاكم من مصاديق قوله صلّى اللّه عليه و آله: «اتقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور اللّه تعالى»۱۳.

و بالجملة: الجامع القريب أنه ما يوجب الظن بصدق المدعي في دعواه. و للظن مراتب و لموجباته أنواع و أقسام، و لا بد و أن لا يطوي ملفة القضاء في موارد التهمة و اللوث، إلا بعد الفحص الشامل و الاستقصاء الكامل، عسى أن يظهر الحق و يزول الباطل، و اللّه العاصم.

إذا كان ذلك كله بحيث توجب التهمة يثبت اللوث و إلا فلا، و يمكن الاختلاف باختلاف الجهات و الخصوصيات.

(مسألة ۲۲): اللوث إما أن يكون وجوده ثابتا أو يكون عدمه معلوما أو أنه مشكوك الوجود و العدم. يجري حكم القسامة في الأول و في الأخيرين يجري حكم المدعي و المنكر (٥۹)، فمع وجود البينة يعمل بها و مع عدمها يحلف المنكر حلفا واحدا (٦۰).

أما الأول‏: فلتحقق موضوعها فيه، فيترتب عليه الحكم قهرا.

و أما الأخيران‏: فلتحقق المدعي و المنكر وجدانا، فيشملهما حكم المدعي و المنكر لا محالة.

كما هو الشأن في جميع موارد تحقق المدعي و المنكر.

(مسألة ۲۳): لو وجد قتيل في الشوارع و الطرق العامة أو نحوها من المجامع العامة فلا لوث (٦۱)، إلا إذا كانت عداوة في البين فيتحقق حينئذ (٦۲).

لعدم توفر ما يوجب الظن للحاكم.

لأن الاحتمال متحقق بالنسبة إلى الجميع، و لا ظن بأحد، و مع مجرد الاحتمال لا يثبت اللوث. نعم مع العداوة يثبت الظن بالنسبة إلى العدو، فيثبت اللوث أيضا.

(مسألة ۲٤): لو وجد قتيل بين القريتين فاللوث فيه لأقربهما إليه (٦۳)، و مع التساوي فهما سواء فيه (٦٤)، و إن كانت في إحداهما عداوة فاللوث فيها و إن كانت أبعد (٦٥).

لأن الأقربية منشأ للتهمة، و في معتبرة سماعة قال: «سألته عن الرجل يوجد قتيلا في القرية أو بين قريتين قال عليه السّلام: يقاس بينهما فأيهما كانت أقرب ضمنت»۱4، و في موثق محمد بن قيس قال: «سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في رجل قتل في قرية أو قريبا من قرية أن يغرم أهل تلك القرية إن لم توجد بينة على أهل تلك القرية أنهم ما قتلوه»۱٥، و غيرهما من الروايات.

لتحقق أصل التهمة في الجملة فيهما، و عدم الترجيح في البين، فيشتركان في اللوث.

لأن العداوة من أهم مناشئ التهمة.

(مسألة ۲٥): لو قتل شخص في زحام الناس من جمعة أو عيد أو إفاضة أو وجد قتيل في سوق أو مفازة أو على جسر و لم يعلم قاتله و لم يكن لوث في البين فديته من بيت مال المسلمين (٦٦)، و إن كان في البين لوث يعمل بمقتضاه (٦۷).

إجماعا، و نصوصا مستفيضة، منها قول الصادق عليه السّلام في معتبرة السكوني: «أن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: من مات في زحام الناس يوم الجمعة، أو يوم عرفة، أو على جسر لا يعلمون من قتله، فديته من بيت المال»۱٦.

و في معتبرة عبد اللّه بن بكير عن الصادق عليه السّلام قال: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في رجل وجد مقتولا لا يدري من قتله، قال: ان كان عرف له أولياء يطلبون ديته أعطوا ديته من بيت مال المسلمين و لا يبطل دم امرئ مسلم، لأن ميراثه للإمام، فكذلك تكون ديته على الإمام و يصلّون عليه و يدفنونه، قال و قضى في رجل زحمه الناس يوم الجمعة في زحام الناس فمات أن ديته من بيت مال المسلمين»۱۷.

و في صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «ازدحم الناس يوم الجمعة في إمرة علي عليه السّلام بالكوفة فقتلوا رجلا فودي ديته إلى أهله من بيت مال المسلمين»۱۸، إلى غير ذلك من الروايات.

لعموم دليله الشامل للمقام أيضا.

و تلخيص المقال: أن المقتول إما أن يكون قاتله معلوما، أو لا، و الثاني إما أن يكون فيه لوث أو لا، و حكم الكل يعلم مما تقدم.

(مسألة ۲٦): المدار في اللوث على مجرد حصول الظن (٦۸)، لا على المعتبرة فيه شرعا و لا على مجرد الاحتمال (٦۹)، فلو تعارضت الأمارات و لم يحصل ظن في البين فلا موضوع للقسامة بل تفصل الخصومة بسائر الطرق الشرعية (۷۰).

لظاهر إطلاق الأدلة كما مر، و تصريحات الأجلة، و ما يظهر من القول بخلافه محجوج بظواهر الأدلة، و عمل من كان أهل التحقيق في فصل الخصومات في النفوس و الدماء.

لأنّه خلاف المنساق من جميع الإطلاقات الواصلة إلينا، بعد ردّ بعضها إلى بعض، كما لا اعتبار بمجرد الشك و الاحتمال، لحصوله من دون حاجة إلى الأمارة و نحوها.

اما عدم اعتبار القسامة، فلعدم الموضوع لها بعد الظن، و أنه ليس في‏ البين إلا مجرد الاحتمال و الشك، كما إذا وجد بقرب القتيل شخص بيده سلاح ملطخ بالدم، و بقربه أيضا حيوان يقدر على قتل الإنسان، و كان الاحتمال و التردد متساويا بينهما.

ثمَّ إنه لو حصل الظن هل يقدم الراجح منه على المرجوح كما هو مقتضى الارتكازات، أو لا أخذا بالعمومات و الإطلاقات؟ وجهان.

و أما فصل الخصومة بسائر الطرق الشرعية، فلما تقدم في كتاب القضاء من أنه المتعين لقطع الخصومات.

(مسألة ۲۷): بعد تحقق أمارة ظنية على القتل لا يشترط في اللوث أثر القتل (۷۱)، و كذا لا يشترط في القسامة حضور المدعى عليه (۷۲).

للأصل، و الإطلاق، و ظهور الاتفاق، خصوصا في هذه الأعصار التي قد يقتل الشخص بدون أثر ظاهر في البين.

لظهور الإجماع، مضافا إلى إطلاقات الأدلة، فهو كالحكم على الغائب قطعا لمادة الفساد، و اهتماما لدماء العباد.

(مسألة ۲۸): لو وجد الولي شخصا مقتولا في داره و ادعي أن واحدا من أهل الدار قتله فهو لوث تجري فيه القسامة (۷۳)، و لا بد من إحراز كونه في الدار حين القتل و إلا فلا لوث و لو أنكر يقدّم قوله بيمينه (۷٤).

و هو وجداني للحاكم بعد إحرازه بأن المدعى عليه كان في الدار حين القتل، سواء أحرز ذلك بالعلم أو البينة أو الإقرار.

أما عدم اللوث مع عدم كونه في الدار حين القتل، فهو من القضايا المنتفية بانتفاء الموضوع.

أما تقديم قوله باليمين مع الإنكار، فللأصل، و لقاعدة البينة على المدعي و اليمين على المدعى عليه.

الجهة الثانية في كميتها و هي في العمد خمسون يمينا و في الخطأ و شبهه خمس و عشرون (۱).

أما الأول‏: فللإجماع، و النصوص، منها ما عن الصادق عليه السّلام في معتبرة ابن سنان: «القسامة خمسون رجلا في العمد، و في الخطأ خمسة و عشرون رجلا و عليهم أن يحلفوا باللّه»۱۹، و في صحيح ابن فضال عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام: «و القسامة جعل في النفس على العمد خمسين رجلا، و جعل في النفس على الخطأ خمسة و عشرين رجلا»۲۰.

و أما الثاني‏: فلما مرّ من قول الصادق عليه السّلام: «و في الخطأ خمسة و عشرون رجلا»، و إطلاقه يشمل شبه الخطأ أيضا، بقرينة مقابلته مع العمد، و كذا قول الرضا عليه السّلام كما تقدم.

(مسألة ۱): إن كان للمدعي قوم بلغ قدر القسامة حلف كل واحد منهم يمينا (۲)، و إن نقصوا كررت عليهم الأيمان حتى تكمل القسامة (۳)، و لو كان القوم أكثر فهم مختارون في تعيين خمسين منهم في العمد و نصفه في غيره (٤).

لما تقدم من الإطلاق، و الاتفاق.

لظهور الإطلاق الحالي في أدلة المقام، مضافا إلى ظهور الإجماع، و سيأتي في القسامة في الأعضاء ما يمكن الاستشهاد به للمقام، كصحيحة يونس عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام‏۲۱، فيمكن الاستظهار منها أن الحكم مطلقا

كذلك، و إن كان مورد الرواية هو الأعضاء، و لكن قد اشتهر أن المورد لا يكون مخصصا.

لعدم جواز الترجيح بلا مرجح، و عدم دليل على التعيين، فلا محال يتحقق التخيير.

(مسألة ۲): لو لم يكن للمدعي قسامة- أو كانت و لكن امتنعوا كلا أو بعضا- حلف المدعي و من يوافقه إن كان و كرر عليهم حتى تتمّ القسامة (٥)، و إن لم يكن له موافق أصلا كرر عليه نفسه حتى يتم العدد (٦).

لأن المستفاد من النصوص المتقدمة أن القسامة إنما جعلت لرفع التهمة، و أنها أعم من وجود أهلها فعلا، أو إمكان تكرارها، و بذلك ترتفع التهمة و اللوث.

لأن ذلك هو المستفاد من مجموع النصوص الواردة في الباب، مضافا إلى الإجماع، و يشهد له الاعتبار أيضا.

(مسألة ۳): إذا كان العدد ناقصا فلهم التوزيع بينهم بأي نحو اختاروا (۷) و إن كان الأولى التوزيع بالسوية (۸)، و لو كان في التوزيع كسر فالخيار لهم في اختياره أيضا (۹)، و الأولى أن يختاره ولي الدم (۱۰)، و مع التشاح فالمرجع القرعة (۱۱)، و لا يعد ذلك نكولا (۱۲).

للأصل، و لأن الحق لهم، فلهم أن يختاروا كلما أرادوا.

لمحبوبية العدل و الانصاف مطلقا، ما لم يكن دليل على الخلاف، فإن كان عددهم عشرة يحلف كل واحد خمسة في العمد، و لو كان عددهم خمسة يحلف كل واحد منهم عشرة في العمد و خمسة في الخطأ.

لأصالة بقاء التخيير إلا أن يدل دليل على المنع، و المفروض عدمه.

لأنه الأصل، و من سواه كالمتفرع عليه، و لذلك يصح أن يجعل‏

الكسر مطلقا على ولي الدم.

لتحقق موضوعها من الشبهة و الإجمال، فيترتب الحكم بلا إشكال،

لاختلاف موضوع النكول مع التشاح لغة و عرفا، بل و عقلا أيضا، فلا يجري حكم أحدهما على الآخر لذلك.

(مسألة ٤): لا تعتبر الوراثة الفعلية في القسامة (۱۳)، بل يكفي كونها من أهل المدعي و عشيرته و قبيلته (۱٤)، و تعتبر الوراثة في المدعي (۱٥)، و لا تعتبر الرجولية فيه (۱٦)، و إن اعتبرت في القسامة (۱۷)، و إذا لم يتم النصاب في الرجال وزعت عليهم (۱۸)، و مع الفقد يحلف المدعي تمام العدد و إن كان امرأة (۱۹).

للأصل، و إطلاق ما تقدم من النصوص.

لأنه المنساق من ظواهر الأدلة، كقوله عليه السّلام في صحيح سليمان بن خالد: «القسامة على أهل القتيل»۲۲. أو «.. على أهل المقتول يحلفون باللّه الذي لا إله إلا هو لقتل فلان فلانا»۲۳، و كذا قوله صلّى اللّه عليه و آله: «فليقسم خمسون رجلا منكم»۲4، و غير ذلك من الأخبار.

لأنه المستفاد من الأدلة، مضافا إلى الإجماع، و قد تقدم في كتاب القضاء ما يتعلق بالمقام‏۲٥.

للأصل، بعد عدم دليل على الخلاف.

لظواهر الأدلة، مضافا إلى تسالم الأجلة.

لما تقدم في المسألة السابقة، فلا وجه للتكرار.

لشمول الإطلاقات المتقدمة لها حينئذ.

(مسألة ٥): يجري حكم رد الحلف على المدعى عليه في المقام أيضا (۲۰)، فلو لم يحلف المدعي أو هو و عشيرته فله أن يرد الحلف على المدعى عليه فعليه أيضا خمسون قسامة (۲۱)، و لو كانوا أقل من خمسين كررت عليهم حتى يكمل العدد فيحكم ببراءته قصاصا و دية و إن لم يكن له قسامة و نكل عن اليمين الزم بالدعوى (۲۲).
(مسألة ٦): لو كان المدعي أكثر من واحد يكفي خمسون قسامة (۲۳)، و لو كان المدعى عليه أكثر تتعدد القسامة حسب تعدد المدعى عليه (۲٤).

لظهور الإطلاق، و الاتفاق.

لأن كل واحد منهم تتوجه عليه دعوى مستقلة بانفرادها، فيكون منكرا يلزم باليمين، و هو هنا خمسون يمينا، فيكون كل واحد من الآحاد مشمولا للأدلة مطابقة، و بمنزلة العام و المطلق الشامل لكل فرد.

و نسب إلى الشيخ رحمه اللّه كفاية قسامة واحدة هنا أيضا، و ادعى عليه الإجماع في الخلاف، و هو موهون لمخالفته له بنفسه في مبسوطه، و مخالفة جمع له أيضا، كما لا وجه للتمسك بالإطلاق هنا، لفرض صحة دعوى تعدد الحلف فلا محالة.

(مسألة ۷): الأحوط الرجوع في القسامة إلى الحاكم الشرعي أو المأذون من قبله (۲٥).

لأن تشخيص خصوصيات اللوث، و حلف كل واحد منهم و ارتباطه مع المدعي، لا يكون إلا لمن يكون مسلطا على الأمور الشرعية، و هو الحاكم الشرعي، مع أن الشك في شمول الإطلاق لكل واحد مع عدم إذنه، يكفي في عدم الشمول.

ثمَّ هل القسامة المعهودة يمين واحد أو أيمان متعددة؟ يحتمل كل منهما ثبوتا، و لكن المنساق من ظواهر الأدلة هو الأول، إذ المستفاد منها أنهم عليهم السّلام جعلوا هذا العدد يمينا واحدة، لقطع الدعوى، و تحفظا على الدماء المحترمة.

(مسألة ۸): تثبت القسامة في الأعضاء مع اللوث (۲٦)، و الأقوى أن القسامة فيها ست أيمان فيما فيه دية النفس كالأنف و الذكر و إلا فبنسبتها من الست فيما فيه دون الدية (۲۷)، ففي كل ما فيه نصف الدية كاليد الواحدة و الرجل الواحدة ثلاث أيمان و فيما فيه ثلثها اثنتان و هكذا (۲۸)، و إن كان كسر في اليمين أكمل بيمين ففي الإصبع الواحدة يمين واحدة و كذا الجروح (۲۹)، و لكن الأحوط أن تكون قسامة الأعضاء كقسامة النفس خمسين في العمد و خمسا و عشرين في غيره فيما بلغت الجناية الدية و إلا فبنسبتها من خمسين يمينا في العمد و خمس و عشرين في الخطأ و شبهه (۳۰).

إجماعا، و نصوصا منها صحيحة يونس عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام:

«فيما افتى به أمير المؤمنين عليه السّلام في الديات: فمما افتى به في الجسد و جعله ست فرائض: النفس، و البصر، و السمع، و الكلام، و نقض الصوت من الغنن، و البحح، و الشلل من اليدين و الرجلين، ثمَّ جعل مع كل شي‏ء من هذه قسامة على نحو ما

بلغت الدية، و القسامة جعل في النفس على العمد خمسين رجلا، و جعل في النفس على الخطاء خمسة و عشرين رجلا، و على ما بلغت ديته من الجروح ألف دينار ستة نفر، و ما كان دون ذلك فحسابه من ستة نفر، و القسامة في النفس، و السمع، و البصر، و العقل، و الصوت من الغنن و البحح، و نقص اليدين و الرجلين، فهو ستة أجزاء الرجل، تفسير ذلك: إذا أصيب الرجل من هذه الأجزاء الستة. و قيس ذلك فإن كان سدس بصره أو سمعه أو كلامه أو غير ذلك حلف هو وحده، و إن كان ثلث بصره حلف هو و حلف معه رجل واحد، و إن كان نصف بصره حلف هو و حلف معه رجلان، و إن كان ثلثي بصره حلف هو و حلف معه ثلاثة نفر، و إن كان أربعة أخماس [خمسة أسداس‏] بصره حلف هو و حلف معه أربعة، و إن كان بصره كله حلف هو و حلف معه خمسة نفر، و كذلك القسامة في الجروح كلها، فإن لم يكن للمصاب من يحلف معه ضوعفت عليه الأيمان، فإن كان سدس بصره حلف مرة واحدة، و إن كان الثلث حلف مرتين، و إن كان النصف حلف ثلاث مرات، و إن كان الثلاثين حلف أربع مرات و إن كان خمسة أسداس حلف خمس مرات، و إن كان كله حلف ست مرات، ثمَّ يعطى»۲۹، و تقتضيه حكمة تشريع القسامة.

و منها: معتبرة ظريف المتقدمة عن علي عليه السّلام: «أنه جعل القسامة في النفس على العمد خمسين رجلا، و فيها على الخطأ خمسة و عشرين رجلا، و على ما بلغت ديته من الجروح ألف دينار ستة نفر. فما كان دون ذلك فبحسابه من ستة نفر»۳۰.

لأن هذا هو المنساق من النص.

لتسالم الأصحاب على أنه لا كسر في اليمين.

لما تقدم من عدم الكسر في اليمين.

لصدق عقد النكاح بالنسبة إلى المحرم حينئذ.

جمودا على الإطلاقات، و احتياطا في الدماء.

(مسألة ۹): لو حصل للمجني عليه مرض باطني أو قلبي من الجناية تجرى القسامة فيه أيضا (۳۱).

لوجود المقتضي و فقد المانع، فتشمله الأدلة حينئذ.

و هي الجهة الثالثة من البحث.
(مسألة ۱): يشترط في القسامة أمور: الأول: علم الحالف فلا يكتفى بالظن (۱). الثاني: جزمه فلا يجزي التردد فيها (۲). الثالث: الظهور العرفي بذكر الخصوصيات التي يرفع بها الإبهام و الإجمال (۳). الرابع: أن يكون الحالف جامعا لشرائط الكمال (٤). الخامس: أن يكون الحلف باللّه تعالى لا بغيره (٥).

لاعتبار ذلك في كل حلف كما تقدم مكررا.

للأصل، و لما مر في كتاب الأيمان.

لظواهر الأدلة، مضافا إلى الإجماع، و قد تقدم في اليمين في كتاب القضاء ما ينفع المقام.

لما مر في مسألة ۹ من كتاب الأيمان و النذور۳۱.

للأصل، و الإجماع، و النصوص، كما مر جميعها في كتاب الأيمان.

(مسألة ۲): الأحوط اجتماع القسامة حين الحلف في مجلس واحد إن رأى الحاكم فيه مصلحة (٦).

لأصالة عدم ترتب الأثر إلا بذلك، و لكنه مشكل لظهور الإطلاق في الكفاية مطلقا، واحدا كان المجلس أو متعددا، هذا إذا رأى الحاكم في الاجتماع مصلحة و لم تكن في التفريق مصلحة ملزمة، و إلا فالأحوط هو التفريق، بل هو لازم حينئذ.

(مسألة ۳): يجوز أن تقوم قسامة واحدة لجنايات متعددة ان حصلت (۷).

لو لا انسباق التزويج الصحيح من الأدلة و الشك فيه يكفي في عدم‏ الحرمة للأصل و تقدم منه رحمه اللَّه التوقف في نظيرها فراجع الفصل السابق.

(مسألة ٤): لا تقبل قسامة الكافر في دعواه على المسلم مطلقا (۸).

لشمول الإطلاقات لها أيضا، كما تشمل قيام بينة واحدة في موارد مختلفة، كل ذلك مع اجتماع الشرائط.

و هي الجهة الرابعة من البحث:
(مسألة ۱): يثبت القصاص بالقسامة في قتل العمد (۱)، و الدية على القاتل في الخطأ شبه العمد (۲)، و على العاقلة في الخطاء المحض (۳).

نصا، و إجماعا، ففي الصحيح عن الصادق عليه السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«فأقيموا قسامة خمسين رجلا أقيده برمته»۳4، و في صحيح زرارة عنه صلّى اللّه عليه و آله أيضا: «فليقسم خمسون رجلا منكم على رجل ندفعه إليكم»۳٥، و في رواية أبي بصير عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «فعلى المدعي أن يجي‏ء بخمسين يحلفون إن فلانا قتل فلانا فيدفع إليهم الذي حلف عليه، فإن شاؤوا عفوا، و إن شاؤوا قتلوا، و إن شاؤوا قبلوا الدية»۳٦، إلى غير ذلك من الروايات الواردة بين الفريقين‏۳۷.

للإجماع، و كون القسامة كالبينة.

على المشهور، و تقتضيه ظواهر النصوص الدالة على أن القسامة كالبينة.

و أما قولهم عليهم السّلام: «لا تعقل العاقلة إلا ما قامت عليه البينة»۳۸، فالحصر فيه إضافي يقابل الإقرار، مضافا إلى وهنه بالإعراض.

(مسألة ۲): لو ادعى على اثنين و له على أحدهما لوث دون الآخر تجري القسامة بالنسبة إلى الأول و أما الآخر فلا موضوع لها فيه (٤). و لو أراد قتل ذي اللوث بعد القسامة يردّ عليه نصف ديته و كذا لو أراد قتل الآخر بعد اليمين المردودة (٥)، كما له أن يترك ذلك و يأخذ نصف الدية من أحدهما (٦)، و يجوز الصلح بما يتراضيان عليه (۷)، و كذا لو كانت الدعوى على أكثر من اثنين و أراد القتل بعد الثبوت فتلاحظ النسبة في دفع مقدار الدية (۸).

اما الأول‏: فلوجود المقتضي فيه من اعتبار اللوث في مورد القسامة و فقد المانع، فيترتب حكمها لا محالة.

و أما الثاني‏: فحيث لا لوث فيه لا موضوع فيه للقسامة، فيكون كسائر الدعاوي من كون اليمين على المدعى عليه، فإن حلف سقطت الدعوى بالنسبة إليه، و إن ردّ اليمين على المدعي يحلف و يثبت دعواه، و قد تقدم كل ذلك في كتاب القضاء.

و هذا الحلف لا يدخل في الخمسين، لأن موضوع الخمسين اللوث، و المفروض عدمه في مورد هذا الحلف.

لفرض توجه دعواه على اثنين، فليس له قتل كل واحد منهما منفردا إلا بذلك، و لو قتلهما معا فيعطى كل واحد منهما نصف الدية.

لأنه لا حق له أزيد من ذلك.

لأن الحق لا يتعداهما، فلهما أن يفعلا ما شاءا.

لكون الحكم مطابقا للقواعد، فلا فرق بينما إذا كانت الزيادة أكثر من واحد أو أقل.

(مسألة ۳): لو كان لوث في البين و بعض الأولياء غائب أو قاصر و رفع الحاضر الدعوى إلى الحاكم تسمع دعواه (۹)، و يطالبه الحاكم الشرعي بخمسين قسامة و مع الفقد يحلّفه خمسين يمينا في العمد و في غيره نصفها كما مرّ و يثبت حقه و لا يجب انتظار الغائب و لا كمال القاصر و يستوفي حقه و لو قودا (۱۰)، و يسقط حق الغائب و القاصر بقسامة الحاضر أو يمينه (۱۱).

للإطلاق، و الاتفاق، و قاعدتي: «إن لكل ذي حق مطالبة حقه» و «عدم الضرر و الضرار».

لما يظهر من نصوص القسامة المتقدمة و الفتاوى من أنها لو حصلت ثبت الحق لأهله من غير فرق بين الحالف منهم و غيره، مع فرض كونه مدعيا و أنه لا يعتبر فيها حصول الأيمان موزعة على قدر نصيبهم، على وجه إن لم يكن يحصل اليمين من بعضهم على قدر استحقاقه لم يثبت له حق.

كما لا وجه أن لكل ذي حق يحلف تمام الخمسين على وجه يبلغ الأيمان ألف يمين أو أزيد، الذي يمكن القطع بعدمه من النصوص و الفتاوى، كما قال في الجواهر و ما ذكره (قدس اللّه نفسه الزكية)، حسن لكن لا بد من تقييده بما إذا لم يحصل للحاكم الشرعي المباشر لفصل الخصومة قرينة دالة على التشديد، بتكرار القسامة و تأكيدها بالنسبة إلى غير الحاضر، و إلا فلا بد من العمل بها.

و بذلك يمكن الجمع بين الكلمات و ان بعد عن ظاهر بعضها.

و الاحتمالات في المقام كثيرة، لكنها غير مستندة إلى ركن وثيق، و لا تأمل عميق، فمن شاء فليراجع المفصلات.

كل ذلك لتحقق الموضوع شرعا- كما مر في سابقة- فيترتب الحكم عليه قهرا.

(مسألة ٤): لو أكذب أحد الوليين صاحبه لا يقدح في اللوث بعد تحققه ما لم تكن قرينة معتبرة على الخلاف (۱۲).

أما عدم القدح، فللأصل بعد تحقق اللوث، و أما القدح مع القرينة المعتبرة، فلفرض عدم اللوث مع القرينة المعتبرة على الخلاف، و المرجع في التكذيب المحاورات العرفية إذ لم يرد فيه تحديد في الشريعة المقدسة.

(مسألة ٥): لو مات الولي قبل القسامة أو الحلف قام وارثه مقامه (۱۳)، فعليه عين ما كان على الولي مما تقدم (۱٤)، و إن مات في الأثناء يستأنف أصل الإيمان رأسا (۱٥)، و لو مات بعد التمام و الإكمال ثبت للوارث حقه من غير يمين (۱٦)، و لو مات من لا وارث له فلا قسامة (۱۷).

لظهور اتفاقهم على أنه من الحقوق الموروثة، فيكون إثباته أيضا كذلك.

لأنه لا معنى لقيامه مقام الولي في إقامته الدعوى إلا ذلك.

لأن تمام هذه الأيمان كالوحدة، و لا تبعيض في الواحدة، مع أن الحق انتقل إلى الغير، فلو قلنا بكفاية التبعيض يلزم إثبات الحق يمين غير ذي الحق.

لثبوت الحق حينئذ للمورث، فينتقل إلى الوارث بلا احتياج إلى الإثبات.

لأن وارثه الإمام عليه السّلام، و هو أعلم بتكليفه.

(مسألة ٦): لو تمت القسامة و استوفى الولي الدية فشهدت البينة بأن المدعى عليه لم يكن قادرا على القتل لحبس أو مرض أو غيبة أو نحو ذلك، ففي صحة القسامة و ترتب حكمها عليها أو بطلانها بالبينة وجهان (۱۸).

وجه الصحة فصل الخصومة باليمين، فيشملها إطلاق قول أبي‏

الحسن عليه السّلام: «ذهبت اليمين بما فيها»۳۹.

و وجه البطلان كثرة أهمية الدم، و احتمال انصراف الإطلاق عن المقام، و لا يبعد الأول بعد صدق فصل الخصومة باليمين.

(مسألة ۷): لو علم ببطلان القسامة فلا وجه لترتب الأثر عليها حدوثا و بقاء (۱۹)، فلا وجه لأخذ الدية و لو كان الولي قد أخذها استعيدت منه (۲۰)، و لو اقتص الولي بالقسامة أو الحلف فإن اعترف بتعمد الكذب اقتص منه و إلا فعليه الدية (۲۱)، و لو كان بين المدعي و القسامة اختلاف في المذهب بعد كونهما مسلمين بأن لا يعتبروها و لا يقدموا عليها فلا يتم موضوع القود فيها (۲۲).

لعدم الموضوع للأثر، فينتفي الحكم بانتفاء موضوعه حينئذ.

لما مرّ من انتفاء الحكم بانتفاء الموضوع بعد انكشاف الخلاف.

أما الأول‏: فلأنه من العمد.

و أما الثاني‏: فلأنّه من شبه العمد.

لفرض عدم تحقق الموضوع، و للحاكم الشرعي حينئذ فصل الخصومة بأي وجه صحيح شرعي أمكنه حتى «لا يبطل دم امرئ مسلم».

(مسألة ۸): لو تمت القسامة و استوفى الولي حقه و انفصلت الخصومة فقال آخر: (إني قتلته منفردا) ليس للولي الرجوع إليه (۲۳)، و إن أكذب نفسه و صدّق المقر يبطل حكم القسامة و يصح الرجوع إلى المقرّ (۲٤)، و كذا لو لم تتم القسامة و لم تنفصل الخصومة و لكن كانت دعوى الولي دعوى جزمية قطعية (۲٥)، و إن كانت دعواه ظنية و لم تكن جزمية فله الخيار في استيفاء حقه من القسامة أو الرجوع إلى المقرّ (۲٦)، و هذا التخيير ثابت له ما دام ظنه باقيا (۲۷).

لتمامية الحجة لديه على خلاف إقرار المقر، فكيف يرجع إليه مع الحجة المعتبرة على الخلاف؟!

أما الأول‏: فلاعترافه بالكذب.

و اما الثاني‏: فلوجود المقتضي و فقد المانع بعد التصديق.

لأنه مع العلم بخلاف دعوى المقرّ حينئذ، كيف يرجع إليه؟ نعم يصح ذلك بعد تكذيب نفسه كما مرّ.

لفرض اعتبار كل منهما بالنسبة إليه، بعد أن قلنا بسماع الدعوى الظنية.

لأن المناط كله عدم علمه ببطلان دعوى المقرّ، و المفروض بقاؤه مع الظن و التردد في دعوى نفسه، إن قلنا بسماع الدعوى فيهما، كما هو المفروض.

(مسألة ۹): لو فقد بعض القسامة الشرائط المعتبرة فيه فان كان بعد تمامية القسامة فلا أثر له (۲۸)، و إن كان قبل ذلك يبدل الفاقد للشرائط بالجامع لها إن وجد (۲۹)، و إلا تقدم حكمه (۳۰).

لفرض تمامية الموضوع و ترتب الحكم عليه قهرا.

لشمول الأدلة لهذه الصورة أيضا، سواء جعلناها من الأيمان المتعددة، أو نزّلناها منزلة اليمين الواحدة، كما مرّ، لأن مثل هذه التنزيلات شائعة، فلا يحتاج إلى استيناف أصل القسامة.

من تكرار اليمين على البقية كما مر.

(مسألة ۱۰): إذا تحقق اللوث و تحققت القسامة في الخارج و قبل حكم الحاكم ظهر له أن المقتول كان مهدور الدم بسبب شرعي تذهب القسامة هدرا (۳۱)، كما لو أظهر أهل القسامة أن المقتول كان مباح الدم شرعا فلا قود و لا دية حينئذ (۳۲).

لفرض كشف الخلاف فيها، و أنها اجتمعت على ما ليس له أثر شرعي.

لفرض اتفاق أهل القسامة في أيمانهم على أنه كان مباح الدم، فلا يترتب على القتل شي‏ء شرعا.

(مسألة ۱۱): لو أقام ولي المقتول القسامة على مدعاه و أقام القاتل الحجة الشرعية على أنه كان مهدور الدم شرعا فلا قود و لا دية على القاتل (۳٤).

لسقوط قسامة ولي المقتول بالمعارضة بما أقامها القاتل، فلا يبقى موجب للقود و الدية.

ان قيل‏: هذا خلاف إطلاق قوله عليه السّلام: «و لا يبطل دم امرئ مسلم».

يقال‏: انه صحيح فيما إذا جرى قوله عليه السّلام فيه، و لكن في المقام بعد تحقق بينة القاتل مثلا أنه كان مهدور الدم لا يجوز التمسك به، لأن المراد به المسلم الذي لم يهدر الشارع دمه. نعم للحاكم الشرعي النظر في القضية بجميع الخصوصيات، فمن الممكن أن يترتب عليها حكم آخر غير ما تقدم.

(مسألة ۱۲): لو تحققت القسامة جامعة للشرائط فرأى الحاكم الشرعي مصلحة شرعية في استينافها يجوز له ذلك (۳٤).

لوجود المقتضي و هو المصلحة الشرعية، و ولاية الحاكم- و عدم‏

المانع في البين. و ليس ذلك من إبطال اليمين، بل هو من تحديدها لغرض شرعي.

(مسألة ۱۳): ما تقدم من الأحكام في قسامة النفس تجري في قسامة الأعضاء أيضا (۳٥).

لظهور الإجماع، و إطلاق الأدلة الشامل لكل واحد منهما.

(مسألة ۱٤): لو اتهم شخص بالقتل و التمس الولي من الحاكم الشرعي حبسه حتى تحضر البينة جاز له إجابته إن كان ممن يحتمل فراره دون من لم يكن كذلك و لو أخّر الولي إقامة البينة إلى ستة أيام يخلّى سبيله (۳٦)، بلا فرق بين قتل النفس و الجراح (۳۷).

لأن ذلك في الجملة من شؤون الحسبة، و للحاكم الشرعي الولاية عليها، و لا يعد ذلك من تعجيل العقوبة قبل الاستحقاق حتى لا يجوز، و في خبر السكوني عن الصادق عليه السّلام: «قال: إن النبي صلّى اللّه عليه و آله كان يحبس في تهمة الدم ستة أيام، فإن جاء أولياء المقتول يثبت و إلا خلّي سبيله»، و لا وجه للمناقشة في الحديث بضعف السكوني، لاحتفافه بقرائن توجب سكون النفس إلى التوثيق أو الصدور، و لذا استقر نظر المحققين على الاعتماد عليه.

لأنه بعد أن رأى الحاكم الصلاح فيه، و كان ذلك من شؤون الحسبة، يكون الحكم موافقا للقاعدة، فلا وجه للاقتصار على خصوص مورد النص حينئذ.

  1. راجع ج: ۲۱ صفحة: ۲۳۱.
  2. الوسائل: باب ۳۲ من أبواب مقدمات الحدود الحديث: ۱.
  3. راجع ج: ۲۱ صفحة: ۲4۰.
  4. الوسائل: باب 4۱ من أبواب القصاص في النفس: ۳.
  5. الوسائل: باب ۳ من أبواب دعوى القتل: ۱.
  6. الوسائل: باب 4 من أبواب دعوى القتل: ۱.
  7. راجع ج: ۲۷ صفحة: ۱۸۷.
  8. الوسائل: باب ٥ من أبواب دعوى القتل ح ۱.
  9. الوسائل: باب ۱۰ من أبواب دعوى القتل الحديث: ٥.
  10. الوسائل: باب ۱۰ من أبواب دعوى القتل الحديث: ۳.
  11. النهاية لابن الأثير ج: 4 صفحة: ٦۲.
  12. سورة يوسف آية- ۲۷.
  13. النهاية لابن الأثير ج ۳ صفحة: 4۲۸.
  14. الوسائل: باب ۸ من أبواب دعوى القتل الحديث: 4.
  15. الوسائل: باب ۸ من أبواب دعوى القتل الحديث: ٥.
  16. الوسائل: باب ٦ من أبواب دعوى القتل ٥.
  17. الوسائل: باب ٦ من أبواب دعوى القتل الحديث: ۱ .
  18. الوسائل: باب ٦ من أبواب دعوى القتل الحديث: ۲.
  19. الوسائل: باب ۱۱ من أبواب دعوى القتل الحديث: ۱.
  20. الوسائل: باب ۱۱ من أبواب دعوى القتل الحديث: ۲.
  21. الوسائل: باب ۱۱ من أبواب دعوى القتل الحديث: ۲.
  22. الوسائل: باب ۱۰ من أبواب دعوى القتل: ۷ .
  23. الوسائل: باب ۱۰ من أبواب دعوى القتل: ٦.
  24. الوسائل: باب ۱۰ من أبواب دعوى القتل: ۳.
  25. راجع المجلد السابع و العشرين صفحة: ٦4.
  26. الوسائل: باب ۹ من أبواب دعوى القتل: ۳ .
  27. الوسائل: باب ۹ من أبواب دعوى القتل: ٥.
  28. الوسائل: باب ۱۰ من أبواب دعوى القتل الحديث: ٥.
  29. الوسائل: باب ۱۱ من أبواب دعوى القتل: ۲.
  30. الوسائل: باب ۱۱ من أبواب دعوى القتل الحديث: ۲.
  31. راجع ج: ۲۲ صفحة: ۲٥٦. طبعة النجف الأشرف.
  32. الوسائل: باب ۹ من أبواب دعوى القتل الحديث: ۲.
  33. الوسائل: باب ۹ من أبواب دعوى القتل الحديث: ۳.
  34. الوسائل: باب ۹ من أبواب دعوى القتل الحديث: ۳.
  35. الوسائل: باب ۱۰ من أبواب دعوى القتل: ۳.
  36. الوسائل: باب ۱۰ من أبواب دعوى القتل: ٥.
  37. راجع السنن الكبرى للبيهقي ج: ۸ صفحة: ۱۱۷.
  38. الوسائل: باب ۹ من أبواب العاقلة: ۱.
  39. الوسائل: باب ۱۰ من أبواب كيفية الحكم الحديث: ۲.
  40. الوسائل: باب ۲۹ من أبواب القصاص في النفس الحديث: ۱.
  41. الوسائل: باب ۲۹ من أبواب القصاص في النفس.
  42. الوسائل: باب ۱۲ من أبواب دعوى القتل: ۱.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"