1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. کتاب الصوم
  10. /
  11. فصل في صوم الكفارة
و هو أقسام (۱):

كليات الأقسام‏ أربعة: الأول:- ما يجمع فيه بين الصوم و غيره هو قسمان.

الثاني:- ما يترتب على العجز عن غيره و هو سبعة أقسام بجعل أقسام الصيد واحدا.

الثالث:- ما يتخير بينه و بين غيره.

الرابع:- ما يتخير بينه و بين غيره مع ترتب هذا التخيير على العجز عن شي‏ء آخر، و هو قسم واحد، و يأتي تفصيل هذه الأقسام في محالها إن شاء اللَّه تعالى. و إنّما يذكر في المقام لمجرد المناسبة مع الصيام.

منها: ما يجب فيه الصّوم مع غيره و هي كفارة قتل العمد و كفارة من أفطر على محرّم في شهر رمضان فإنّه تجب فيهما الخصال الثلاث (۲).

أما الأول، فإجماعا و نصوصا منها ما عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام) في الصحيح سئل: «عن المؤمن يقتل المؤمن متعمدا، هل له توبة؟

فقال (عليه السلام): إن كان قتله لإيمانه فلا توبة له، و إن كان قتله لغضب أو لسبب من أمر الدنيا، فإن توبته أن يقاد منه و إن لم يكن علم به أحد انطلق إلى أولياء المقتول فأقر عندهم بقتل صاحبهم فإن عفوا عنه فلم يقتلوه أعطاهم‏

الدية، و أعتق نسمة، و صام شهرين متتابعين و أطعم ستين مسكينا»۱.

و أما الأخير فقد مرّ في [مسألة ۱] من (فصل ما توجب الكفارة) فراجع.

و منها: ما يجب فيه الصّوم بعد العجز عن غيره و هي كفارة الظهار، و كفارة قتل الخطإ، فإنّ وجوب الصّوم فيهما بعد العجز عن العتق (۳) و كفارة الإفطار في قضاء رمضان، فإنّ الصّوم فيها بعد العجز عن الإطعام كما عرفت (٤)، و كفّارة اليمين و هي عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم و بعد العجز عنها فصيام ثلاثة أيّام (٥) و كفّارة صيد النعامة، و كفارة صيد البقر الوحشيّ، و كفّارة صيد الغزال، فإنّ الأول تجب فيه بدنة و مع العجز عنها صوم ثمانية عشر يوما (٦)، و الثاني يجب فيه ذبح بقرة و مع العجز عنها صوم تسعة أيّام (۷)، و الثالث: يجب فيه شاة و مع العجز عنها صوم ثلاثة أيّام (۸)، و كفارة من أفاض من عرفات قبل الغروب عامدا و هي: بدنة و بعد العجز منها صيام ثمانية عشر يوما (۹)، و كفارة خدش المرأة وجهها في المصاب حتى أدمته و نتفها رأسها فيه و كفارة شق الرّجل ثوبه على زوجته أو ولده، فإنهما ككفارة اليمين (۱۰).

كتابا و سنة: قال تعالى‏ وَ الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ- إلى قوله تعالى- فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً۲، و قال تعالى‏ وَ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً، فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ- إلى قوله تعالى- فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ‏۳. و أما السنة فتأتي في محله إن شاء اللَّه تعالى.

راجع [مسألة ۱] من (فصل المفطرات المذكورة كما أنها موجبة للقضاء توجب الكفارة).

كتابا، و سنة: قال تعالى‏ وَ لكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ‏4 و يأتي التفصيل في محله.

أما البدنة فللإجماع، و النصوص. منها قول أبي عبد اللَّه (عليه السلام) في صحيح حريز: «في قول اللَّه عزّ و جل:

فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ‏ قال: في النعامة بدنة، و في حمار وحش بقرة، و في الظبي شاة، و في البقرة بقرة»٥. و ما في خبر أبي الصباح عنه (عليه السلام) أيضا: «و في النعامة جزور»٦ ففيه: أولا أنه قاصر سندا، لأنّ في طريقه محمد بن الفضل. و ثانيا: أنه لا تعارض بينه و بين غيره، إذ لا فرق بين الجزور و البدنة للهدي و الجزور أعم منه، و كل منهما من الإبل ما تمَّ له خمس سنين و دخل في السادسة.

ثمَّ إن المشهور انه مع العجز عن البدنة تقوم ثمنها على البر و يتصدق به لكل مسكين مدان، و لا يلزم ما زاد على ستين إن زاد البر و لا الإتمام إن نقص، و النصوص الواردة في المقام أقسام:

الأول: خبر الزهري عن علي بن الحسين (عليه السلام)- في حديث- «ثمَّ يفض تلك القيمة على البر، ثمَّ يكال ذلك البر أصواعا، فيصوم لكل نصف صاع يوما»۷، و نحوه الفقه الرضوي (عليه السلام)۸ الثاني: جملة من الأخبار المشتملة على لفظ الطعام كصحيح زرارة و محمد بن مسلم عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «في محرم قتل نعامة قال (عليه السلام): عليه بدنة فإن لم يجد فإطعام ستين مسكينا، فإن كانت قيمة البدنة أكثر من إطعام ستين مسكينا لم يزد عن إطعام ستين مسكينا»۹ إلى غير ذلك من المطلقات المشتملة على إطعام ستين مسكينا، و المنساق منها هو

المد، كما في سائر المقامات‏ الثالث: ما اشتمل على لفظ المد، كخبر ابي بصير قال: «سألته عن محرم أصاب نعامة، و حمار وحش. قال (عليه السلام): عليه بدنة. قلت:

فإن لم يقدر على بدنة؟ قال (عليه السلام): فليطعم ستين مسكينا. قلت:

فان لم يقدر على ان يتصدق؟ قال (عليه السلام): فليصم ثمانية عشر يوما، و الصدقة مد على كل مسكين»۱۰ إلى غير ذلك مما اشتمل على لفظ «المد».

و مقتضى إطلاقها كفاية ما يسمى طعاما و لو لم يكن من البر، إذ لم يذكر البر إلا في خبر الزهري، و هو مضافا إلى قصور سنده، يمكن حمله على المثال و الغالب في تلك الأزمنة. و دعوى: انجباره بالشهرة ممنوع، لما في الجواهر من قلة القائل بالبر. كما أن دعوى: انصراف المطلقات إلى البر ممنوع أيضا.

كما أن المدّين لم يذكرا إلا في خبر الزهري، و صحيح أبي عبيدة، لأن المذكور فيهما نصف الصاع، و الصاع أربعة أمداد، فيكون نصفه مدّين.

و حمله على الندب من أوضح طرق الجمع.

و دعوى: الفرق بين المقام و سائر الموارد بأن المقام من تفريق حق الفقراء الذي تعلق به حقهم فوجب الأكثر بخلاف سائر الموارد، لأنها دفع عمن عليه الكفارة فيجب الأقل، للأصل. (مخدوش): لأن المقام أيضا من الدوران بين الأقل و الأكثر، لأنه يشك في أن حقهم تعلق بالأقل أو الأكثر.

هذا بالنسبة إلى البدنة و الإطعام.

و أما صوم ثمانية عشر يوما مع العجز عنهما، فالمشهور إنه مترتب على العجز عن صوم ستين يوما بدل كل مدّ يوما، و يدل عليه النص، و الإجماع، ففي صحيح ابن مسلم: «فإن لم يكن عنده فليصم بقدر ما بلغ لكل طعام مسكين يوما»۱۱، و في صحيح أبي عبيدة: «فإن لم يقدر على الطعام صام لكل نصف صاع يوما۱۲ بناء على إعطاء نصف صاع. و هو مدان لكل‏

مسكين، و في جملة من النصوص التعبير بصوم ثمانية عشر بعد العجز عن الصدقة۱۳، و عن جمع من الفقهاء التعبير بما في هذه النصوص أيضا، و لكن لا بد من تقييد هذه النصوص بما مر من: صحيح ابن مسلم، و أبي عبيدة، و يأتي في كتاب الحج إن شاء اللَّه تعالى بعض ما ينفع المقام، و لا يناسب التفصيل بأكثر من ذلك، لعدم ابتلاء المحرمين فيما يقرب من هذه الأعصار بأصل الصيد- فضلا عن صيد النعامة- حتى صارت هذه المسألة من المسائل الفريضة.

لقوله تعالى‏ فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ‏۱4 و قول أبي عبد اللَّه (عليه السلام) في الصحيح: «في البقرة بقرة»۱٥، و يدل على البدل قول أبي عبد اللَّه (عليه السلام) في الصحيح: «و من كان عليه شي‏ء من الصيد فداؤه بقرة، فإن لم يجد فليطعم ثلاثين مسكينا، فإن لم يجد فليصم تسعة أيام»۱٦.

و ظاهرهم الإجماع عليه أيضا.

للنصوص، و يقتضيه ظاهر ما تقدم من الآية الكريمة، و في خبر أبي بصير عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «قلت: فإن أصاب ظبيا ما عليه؟

قال (عليه السلام): عليه شاة. قلت: فإن لم يجد الشاة؟

قال (عليه السلام): فعليه إطعام عشرة مساكين. قلت فإن لم يقدر على ما يتصدق به؟ قال (عليه السلام): فعليه صيام ثلاثة أيام»۱۷ هذا مضافا إلى الإجماع.

لصحيح ضريس عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «سألته عن رجل أفاض من عرفات من قبل أن تغيب الشمس. قال (عليه السلام): عليه بدنة ينحرها يوم النحر، فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوما بمكة أو في الطريق، أو في أهله»۱۸. و يدل عليه الإجماع أيضا.

راجع مسألة ٤ و ٥ من (فصل مكروهات الدفن)۱۹ ، و يأتي تمام الكلام في الكفارات ان شاء اللَّه تعالى.

و منها: ما يجب فيه الصّوم مخيّرا بينه و بين غيره و هي: كفارة الإفطار في شهر رمضان و كفارة الاعتكاف، و كفارة النذر و العهد، و كفارة جزّ المرأة شعرها في المصاب، فإنّ كلّ هذه مخيّرة بين الخصال الثلاث على الأقوى (۱۱)، و كفارة حلق الرّأس في الإحرام و هي دم شاة، أو صيام ثلاثة أيّام، أو التصدق على ستة مساكين لكلّ واحد مدّان (۱۲).

أما كفارة الإفطار فقد تقدم في المسألة الأولى من فصل المفطرات، كما أنها موجبة للقضاء كذلك توجب الكفارة.

و أما كفارة الاعتكاف، فتأتي في المسألة التاسعة من (فصل أحكام الاعتكاف).

و أما كفارة النذر و العهد، فالمشهور المدعى عليه الإجماع إنها ككفارة شهر رمضان، ففي خبر عبد الملك بن عمر عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام) قال: «سألته عمن جعل للَّه عليه أن لا يركب محرما سماه فركبه قال: لا، و لا أعلمه، إلا أن قال (عليه السلام): فليعتق رقبة أو ليصم شهرين متتابعين‏

أو ليطعم ستين مسكينا»۲۰، و مثله مكاتبتا ابن مهزيار۲۱، و القاسم الصيقل الواردتان في نذر الصوم‏۲۲.

و أما ما ورد من أن كفارة النذر كفارة اليمين الخبر حفص بن غياث عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «سألته عن كفارة النذر، فقال (عليه السلام):

كفارة النذر كفارة اليمين»، و مثله ما عن الحلبي‏۲۳، موافق للعامة «لاتفاق روايتهم على ذلك، مع إمكان حملها على النذر الذي يراد به اليمين.

و أما العهد، فيدل عليه خبر أبي بصير عن أحدهما (عليه السلام): «من «جعل عليه عهد اللَّه و ميثاقه في أمر اللَّه طاعة فحنث فعليه عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا»۲4. و تقدم بعض الكلام في كفارة الصوم الواجب بالنذر في مسألة ۱ من (فصل المفطرات .. إلخ) فراجع، و يأتي تمام الكلام في محله إن شاء اللَّه تعالى. كما أنه تقدم ما يتعلق بجز المرأة شعرها في المصاب أيضا في خبر سدير و في (فصل مكروهات الدفن)، و يأتي تفصيله في محله.

للنص، ففي خبر حريز عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام) قال: «مر رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) على كعب بن عجزة الأنصاري و القمل يتناثر و هو محرم. فقال (صلّى اللَّه عليه و آله): أ تؤذيك هوامك؟ فقال: نعم.

قال: فأنزلت هذه الآية فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ‏ فأمره رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) بحلق رأسه‏

و جعل عليه الصيام ثلاثة أيام، و الصدقة على ستة مساكين لكل مسكين مدان و النسك شاة. قال: و قال أبو عبد اللَّه (عليه السلام): و كل شي‏ء في القرآن أو فصاحبه بالخيار يختار ما شاء، و كل شي‏ء في القرآن فمن لم يجد فعليه كذا، فالأول بالخيار»۲٥، و في خبر عمر بن يزيد عنه (عليه السلام) أيضا- في حديث-: «و الصدقة على عشرة مساكين يشبعهم من الطعام»۲٦. و الأشهر رواية و فتوى هو الأول، و قد أفتى به أكثر الأصحاب، و يأتي التفصيل في محلّه إن شاء اللَّه تعالى.

و منها: ما يجب فيه الصّوم مرتبا على غيره مخيّرا بينه و بين غيره، و هي كفارة الواطئ أمته المحرمة بإذنه، فإنّها بدنة أو بقرة و مع العجز فشاة أو صيام ثلاثة أيّام (۱۳).

على المشهور المدعى عليه الإجماع، لموثق ابن عمار قال:

«قلت لأبي الحسن (عليه السلام) أخبرني عن رجل محل وقع على أمة له محرمة؟ قال: مؤسرا أو معسرا؟ قلت: أجنبي فيهما. قال (عليه السلام):

هو أمرها بالإحرام أو لم يأمرها، أو أحرمت من قبل نفسها؟ قلت: أجنبي فيهما. فقال (عليه السلام): إن كان مؤسرا و كان عالما أنّه لا ينبغي له و كان الذي أمرها بالإحرام فعليه بدنة، و إن شاء بقرة، و إن شاء شاة، و إن لم يكن أمرها بالإحرام فلا شي‏ء عليه مؤسرا كان أو معسرا، و إن كان أمرها و هو معسر فعليه دم شاة أو صيام»۲۷.

و المراد بالصيام صيام ثلاثة أيام المعروفة في بدل الشاة، و يأتي التفصيل في محلّه إن شاء اللَّه تعالى.

(مسألة ۱): يجب التتابع في صوم شهرين من كفارة الجمع أو كفارة التخيير و يكفي في حصول التتابع فيهما صوم الشهر الأول‏ و يوم من الشهر الثاني (۱٤)، و كذا يجب التتابع في الثمانية عشر بدل الشهرين (۱٥)، بل هو الأحوط في صيام سائر الكفارات و إن كان في وجوبه فيها تأمل و إشكال (۱٦).

أما أصل وجوب التتابع في الجملة، فيدل عليه مضافا إلى الإجماع التقييد به في ظواهر الأدلة.

و أما الاجتزاء في حصوله بشهر و يوم من الشهر الثاني، فلنصوص كثيرة، و الإجماع بقسميه، و سهولة الشريعة المقدسة. قال أبو عبد اللَّه (عليه السلام) في صحيح الحلبي: «إن كان على رجل صيام شهرين متتابعين و التتابع أن يصوم شهرا و يصوم من الآخر شيئا أو أياما منه»۲۸، و عن سماعة بن مهران قال: «سألته عن الرجل يكون عليه صوم شهرين متتابعين أ يفرق بين الأيام؟ فقال (عليه السلام): إذا صام أكثر من شهر فوصله ثمَّ عرض له أمر فأفطر فلا بأس، فإن كان أقلّ من شهر أو شهرا فعليه أن يعيد الصيام»۲۹، و المراد بعروض أمر إنّما هو صورة التعمد و الاختيار دون الأعذار غير الاختيارية فإنّها لا تضرّ بالمتابعة، كما يأتي في [مسألة ۱٦] و يمكن أن يكون حصول المتابعة بوصل يوم من الشهر الثاني بحسب القاعدة أيضا بأن يكون المراد بالمتابعة بين طبيعيّ صيام الشهرين و هو يحصل بصوم يوم من الشهر الثاني أيضا و اعتبار الزائد عليه مشكوك، فيرفع بالبراءة و قد وردت النصوص على طبق القاعدة.

نسب ذلك إلى المشهور، لجريان حكم المبدل، و لما أرسله المفيد بورود الآثار عنهم (عليهم السلام) بذلك، و الأول خلاف الأصل و الإطلاقات، و الثاني لا يصلح لإثبات الوجوب و إن صلح للاحتياط، و لذا ناقش فيه في المدارك و المناقشة في محلها.

نسب وجوب التتابع في صيام سائر الكفارات إلى المشهور،

و أرسله المحقق (رحمه اللَّه) في الشرائع إرسال المسلّمات فقال: «كل الصوم يجب فيه التتابع».

و استدلوا عليه تارة: بأنّه المنصرف إليه من أدلتها. و أخرى: بما مرّ من إرسال المفيد ذلك عنهم (عليهم السلام). و ثالثة: بما ورد في بيان حكمة التتابع فيما ورد فيه النص بالخصوص «لئلا يهون عليه الأداء، فيستخف به، لأنّه إذا قضاه متفرقا هان عليه القضاء»۳۰.

(و يرد على الجميع): بأنّ الأول ممنوع، و خلاف الأصل، و ظاهر الإطلاقات. و الثاني لا عين له و لا أثر فيما بأيدينا من الكتب. و الأخير من مجرد الحكمة و قد ثبت في محله عدم اطرادها.

هذا مضافا إلى قول أبي الحسن (عليه السلام): «إنّما الصيام الذي لا يفرق كفارة الظهار، و كفارة الدم، و كفارة اليمين»۳۱، و قول أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «كل صوم يفرق إلا ثلاثة أيام في كفارة اليمين»۳۲ و هما يصلحان لنفي وجوب كلية التتابع و إن وجب حملهما على الحصر الإضافي. هذا مع أنّ وجوب التتابع نفسيا أو غيريا تكليف زائد مشكوك منفي بالأصل و الإطلاق، كما هو مورد الاتفاق.

(مسألة ۲): إذا نذر صوم شهر، أو أقلّ، أو أزيد لم يجب التتابع إلا مع الانصراف أو اشتراط التتابع فيه (۱۷).

أما مع اشتراط التتابع في النذر، فلا ريب في وجوبه، لشمول وجوب الوفاء به للتتابع المشروط فيه أيضا، و كذا مع الانصراف إليه انصرافا معتبرا في المحاورات. و أما مع عدمها، فمقتضى الإطلاق و الأصل عدم وجوبه.

و استدل‏ على وجوبه تارة: بتنظيره بأقل الحيض و أكثره، أو عشرة الإقامة، و مدة الاعتكاف. و أخرى: بخبر الفضيل عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «في رجل جعل عليه صوم شهر، فصام منه خمسة عشر يوما ثمَّ عرض له أمر. فقال (عليه السلام): إن كان صام خمسة عشر يوما فله أن يقضي ما بقي و إن كان أقلّ من خمسة عشر يوما لم يجزه حتى يصوم شهرا تاما»۳۳.

و يرد على الأول بأنّه قياس. و على الأخير بأنّه مضافا إلى قصور سنده مخالف للمشهور، فلا بد من حمله على الندب. فما عن ابن حمزة من أنّه «إن نذر صوم شهر، فإن أفطر مع الاضطرار بنى، و مع الاختيار استأنف إن كان قبل النصف، و إن كان بعده جاز له البناء مع الإثم».

و ما عن أبي الصلاح من أنّه «إن كان في ابتداء الشهر لزمه الإتمام» لم يظهر لقولهما دليل يعتمد عليه.

(مسألة ۳): إذا فاته النذر المعيّن أو المشروط فيه التتابع فالأحوط في قضائه التتابع أيضا (۱۸).

استدل على وجوب التتابع في القضاء تارة: بأنّه عين الأداء، فيعتبر فيه كلّ ما يعتبر في الأداء. و أخرى: بأنّ دليل النذر يشمل القضاء أيضا. و ثالثة: باستصحاب وجوب تتابع الأداء بالنسبة إلى القضاء. و رابعة:

بالمرسل: «من فاتته فريضة فليقضها كما فاتته»۳4.

و الكل مخدوش: إذ الأول عين المدعى و أصل الدعوى. و الثاني تابع لقصد الناذر و مع عدمه فالإطلاق، و الأصل ينفيه. و الثالث: بأنّ الأداء و القضاء متغايران عرفا في هذه الجهة خصوصا بعد عدم اعتبار التتابع في قضاء شهر رمضان، فلا وجه للاستصحاب، و الأخير بأنّ المنساق منه أصل الوجوب‏

لا جميع كيفيات الواجب، مع أنّ في شموله للواجب بالعرض إشكال. فهذه الوجوه المذكورة لا تصلح للفتوى و إن صلحت للاحتياط، و من ذلك كله يظهر وجه الاحتياط.

(مسألة ٤): من وجب عليه الصّوم اللازم فيه التتابع لا يجوز أن يشرع فيه في زمان يعلم أنّه لا يسلم له بتخلل العيد، أو تخلل يوم يجب فيه صوم آخر من نذر، أو إجارة، أو شهر رمضان، فمن وجب عليه شهران متتابعان لا يجوز له أن يبتدئ بشعبان، بل يجب أن يصوم قبله يوما، أو أزيد من رجب، و كذا لا يجوز أن يقتصر على شوال مع يوم من ذي القعدة، أو على ذي الحجة مع يوم من المحرّم لنقصان الشهرين بالعيدين (۱۹). نعم، لو لم يعلم من حين الشروع عدم السلامة، فاتفق فلا بأس على الأصح (۲۰)، و إن كان‏ الأحوط عدم الإجزاء و يستثنى مما ذكرنا من عدم الجواز مورد واحد و هو صوم ثلاثة أيّام بدل هدي التمتع إذا شرع فيه يوم التروية فإنّه يصح و إن تخلل بينها العيد، فيأتي بالثالث بعد العيد (۲۱) بلا فصل (۲۲) أو بعد أيّام التشريق بلا فصل لمن كان بمنى (۲۳) و أما لو شرع فيه يوم عرفة أو صام يوم السابع و التروية و تركه في عرفة لم يصح و وجب الاستيناف (۲٤) كسائر موارد وجوب التتابع.

و الوجه في ذلك كله عدم تحقق الامتثال، فلا وجه للإجزاء.

و المراد بعدم الجواز في صدر المسألة عدم الصحة لا الحرمة النفسية و لا يصح جعل ذلك من الأعذار المغتفرة، كما يأتي في المسألة السادسة، لأنّ المنساق من العذر المغتفر ما لم يكن للعمد و الاختيار دخل فيه، هذا مع ظهور تسالم الأصحاب عليه و إرسالهم له إرسال المسلّمات الفقهية، و عدم نقل الخلاف حتى ممن عادته المخالفة أو نقل الخلاف. نعم، خالف فيه صاحب الجواهر فجعل المانع تعمد الإفطار لا تعمد سببه، و لكنه خلاف المتفاهم العرفي.

إن كان هذا مع الغفلة، و اعتقاد عدم العيد فبان الخلاف، فيشمله إطلاق قوله (عليه السلام): «هذا مما غلب اللَّه تعالى عليه و ليس على ما غلب اللَّه عزّ و جل عليه شي‏ء»۳٥.

و أما مع الالتفات و التردد، فيشكل الإجزاء إلا بناء على ما عن صاحب‏ الجواهر من «أن المانع تعمد الإفطار من حيث هو إفطار مباشريّ لا تعمد السبب» و لكنه مشكل، و الظاهر عدم التزامه (رحمه اللَّه) في سائر الموارد من الأسباب. و منه يظهر وجه الاحتياط.

لجملة من الأخبار:

منها: خبر الأزرق عن أبي الحسن (عليه السلام): «عن رجل قدم يوم التروية متمتعا، و ليس له هدي فصام يوم التروية و يوم عرفة.

قال (عليه السلام): يصوم يوما آخر بعد أيام التشريق»۳٦ و مثله غيره.

و هذا هو المشهور، بل ادعي عليه الإجماع.

و بإزائها ما يظهر منه الخلاف، كصحيح حماد عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام) «قال علي (عليه السلام): صيام ثلاثة أيام في الحج، قبل التروية بيوم و يوم التروية، و يوم عرفة، فمن فاته ذلك فليتسخر ليلة الحصبة- يعني: ليلة النفر- و يصبح صائما، و يومين بعده، و سبعة إذا رجع»۳۷.

و يمكن حمله على من لم يتمكن من الصوم بعد العيد، مع أنّ إعراض المشهور عنه أوهنه.

مقتضى إطلاق النص و الفتوى صحة الإتيان و لو مع الفصل و لا دليل على عدم الفصل- كما في الجواهر و غيره بل يمكن استظهار التوسعة مما ورد في تفسير قوله تعالى‏ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِ‏۳۸ أنّ المراد به تمام ذي الحجة۳۹.

لحرمة صوم أيام التشريق لمن كان بمنى، لصحيح ابن عمار:

«عن الصيام فيها- أيام التشريق- فقال (عليه السلام): أما بالأمصار فلا بأس به و أما بمنى، فلا». و يشمل غير منى كالإقامة في مكة أيضا في أيام التشريق إذ لا تجب الإقامة فيها بمنى، بل يستحب، كما يأتي في محله إن شاء اللَّه تعالى.

ثمَّ إنّ الكلام في عدم الفصل بعدم أيام التشريق عين الكلام في عدم الفصل بعد العيد من غير فرق.

أما عدم الصحة، فلاعتبار التتابع و لا دليل على سقوطه في مثل الفرض. و أما وجوب الاستيناف فلفوات المشروط بفوات شرطه إلا أن يدل دليل على الإجزاء و لا دليل كذلك، إلا دعوى: كون التتابع واجبا نفسيا لا غيريا، كوجوب المتابعة في صلاة الجماعة، أو دعوى: أنّ مفسدات الصوم محصورة في أمور و ليس فقد التتابع منها.

و يرد الأول: بأنّه خلاف المنساق من الأدلة. و الأخير: بأنّه لم يقل أحد بأنّ فقد التتابع من مبطلات أصل الصوم، فالصوم صحيح لكنه لا يجزي عن التكليف الفعلي المعتبر فيه التتابع، و يأتي في [مسألة ۸] التصريح منه (رحمه اللَّه) بصحة أصل الصوم.

(مسألة ٥): كلّ صوم يشترط فيه التتابع إذا أفطر في أثنائه، لا لعذر اختيارا يجب استينافه (۲٥)، و كذا إذا شرع فيه في زمان‏ يتخلّل فيه صوم واجب آخر من نذر و نحوه، و أما ما لم يشترط فيه التتابع و إن وجب فيه بنذر أو نحوه، فلا يجب استينافه، و إن أثم بالإفطار كما إذا نذر التتابع في قضاء رمضان، فإنّه لو خالف و أتى به متفرقا صح و إن عصى (۲٦) من جهة خلف النذر.

لعدم الإتيان بالمأمور به على وجهه، فوجب الاستيناف.

أما الصحة، فلكون المتابعة حينئذ واجبا نفسيا مستقلا لأجل النذر، فيصح أصل الصوم لا المخالفة.

و اما العصيان، فلتركه ما وجب عليه بالنذر، بل تجب عليه كفارة للمخالفة و الظاهر أنّه ليس له أن يجعل المتابعة قيدا و شرطا في المنذور، لأنّه حينئذ من نذر غير المشروع. فتأمل.

(مسألة ٦): إذا أفطر في أثناء ما يشترط فيه التتابع لعذر من الأعذار كالمرض، و الحيض و النفاس و السفر الاضطراري دون الاختياري- لم يجب استئنافه، بل يبني على ما مضى (۲۷) و من العذر ما إذا نسي النية حتّى فات وقتها بأن تذكر بعد الزوال، و منه أيضا ما إذا نسي فنوى صوما آخر و لم يتذكر إلّا بعد الزوال (۲۸)، و منه أيضا ما إذا نذر قبل تعلق الكفّارة صوم كلّ خميس، فإن تخلله في أثناء التتابع لا يضرّ به (۲۹) و لا يجب عليه الانتقال إلى غير الصّوم من الخصال في‏ صوم الشهرين لأجل هذا العذر. نعم، لو كان قد نذر صوم الدّهر قبل تعلق الكفّارة اتجه الانتقال إلى سائر الخصال (۳۰).

لظهور الإجماع، و قاعدة: «إنّ اللَّه أولى بالعذر فيما غلب عليه» و في صحيح ابن خالد عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «عن رجل كان عليه صيام شهرين متتابعين، فصام خمسة و عشرين يوما، ثمَّ مرض، فإذا برئ يبني على صومه، أم يعيد صومه كلّه؟ قال (عليه السلام): بل يبني على ما كان صام. ثمَّ قال (عليه السلام): هذا مما غلب اللَّه تعالى عليه و ليس على ما غلب اللَّه عزّ و جل عليه شي‏ء».

و يستفاد من مثله قاعدة كلية في جميع الأعذار و جميع الصيام المشروطة فيها التتابع، و في صحيح رفاعة عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «عن رجل عليه صيام شهرين متتابعين، فصام شهرا و مرض قال (عليه السلام): يبنى عليه اللَّه حبسه. قلت: امرأة كان عليها صيام شهرين متتابعين، فصامت‏

و أفطرت أيام حيضها؟ قال (عليه السلام): تقضيها. قلت: فإنّها قضتها ثمَّ يئست من المحيض قال (عليه السلام): لا تعيدها أجزأها ذلك».

و المراد بالقضاء هنا هو البناء بقرينة ذيله، و الظاهر أنّ ذكر الشهرين في السؤال من باب الاحتياج إليه في مورد السؤال، فلا يوجب تخصيص الجواب المعلل بالعلة الكلية بخصوص مورد السؤال، لأنّ المناط عموم تعليل الجواب لا مورد السؤال، مع أنّ التعليل سيق مساق التسهيل و الامتنان، فلا وجه في مثله للاختصاص لتوهم الاختصاص بالشهرين. كما لا وجه لتوهم جريان أصالة عدم الإجزاء في غيرهما مع حصول التفرق بالعذر، لأنّ مثل هذه العلة مقدّمة على الأصل بلا إشكال.

أما صحيح جميل و محمد بن حمران عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام):

«في الرجل الحر يلزمه صوم شهرين متتابعين في ظهار، فيصوم شهرا ثمَّ يمرض. قال (عليه السلام): يستقبل، فإن زاد على الشهر الأول يوما أو يومين بنى على ما بقي»، و صحيح الحلبي: «صيام كفارة اليمين في الظهار شهرين متتابعين، و التتابع أن يصوم شهرا و يصوم من الآخر شيئا أو أياما منه، فإن عرض له شي‏ء يفطر منه أفطر ثمَّ يقضي ما بقي عليه، و إن صام شهرا ثمَّ عرض له شي‏ء فأفطر قبل أن يصوم من الآخر شيئا فلم يتابع أعاد الصوم كله و قال (عليه السلام): صيام ثلاثة أيام في كفارة اليمين متتابعات و لا تفصل بينهنّ»44. (ففيه): أنّ الأول مخالف للإجماع، فلا بد من حملهما على الندب. و حمل قوله (عليه السلام) في الأخير: «ثمَّ عرض له شي‏ء فأفطر» على عروض البداء عن الصوم لا العوارض القهرية غير الاختيارية فإنّ العلة الواردة في اغتفارها غير قابلة للتخصيص بمثل هذه الأخبار المخالفة للمشهور، بل المجمع عليه المنافية للتسهيل و الامتنان، و قوله (عليه السلام) في ذيل صحيح الحلبي: «صيام ثلاثة أيام في كفارة اليمين متتابعات و لا تفصل بينهنّ» في مقام بيان أصل تشريع التتابع و ليس في مقام بيان سائر الجهات.

ثمَّ إنّه قد صرّح جمع بالفرق بين السفر الاختياري و الاضطراري فالأول قاطع للتتابع بخلاف الأخير، لأنّ ذلك هو المنساق من أدلة المقام المعللة بما «غلب اللَّه عزّ و جل عليه» تارة، و بأنّه «حبسه اللَّه» أخرى، و عن صريح آخرين عدم الفرق بينهما في قطع التتابع. و استظهر في المستند الإجماع عليه، و صريح صاحب الجواهر عدم القطع أيضا. و لكن الإجماع غير ثابت و الجزم بعدم الفرق لا دليل عليه، بل يمكن التفصيل في سائر الأعذار بين الاختياري منها و عدمه أيضا و إن كان خلاف إطلاق كلماتهم في الأعذار الموجبة لتبدل التكليف كالحيض، و النفاس، و المرض، و نحوها.

ثمَّ إنّه لو سافر نسيانا أو إكراها، فالظاهر كونه من العذر المقبول.

لصدق أنّه مما «غلب اللَّه عليه» في كل منهما إذ المراد بهذه الجملة ما لم يكن للعمد و الاختيار فيه دخل، وعد عذرا شرعا و عرفا، و النسيان كذلك.

و دعوى: أنّ المنساق من الشيطان، لقوله تعالى‏ فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ‏، (مخدوش). لأنّ الآية قضية في واقعة و لا وجه لدعوى الكلية في أنّ كل نسيان من الشيطان.

لأنّه عذر شرعيّ، فيصدق عليه الغلبة و الحبس الواردين في الأخبار المتقدّمة.

لعدم التمكن من الصوم حينئذ، فيتعيّن الانتقال إلى سائر الخصال، و لكن لا يبعد أن يقال: بصحة الانطباق على صوم الكفارة لو لم يكن الصوم معنونا بعنوان خاص، فيصير من التداخل القهري.

(مسألة ۷): كلّ من وجب عليه شهران متتابعان- من كفارة معينة أو مخيّرة- إذا صام شهرا و يوما متتابعا يجوز له التفريق في البقية و لو اختيارا لا لعذر (۳۱)، و كذا لو كان من نذر أو عهد لم يشترط فيه تتابع الأيّام جميعها و لم يكن المنساق منه ذلك (۳۲) و ألحق المشهور بالشهرين الشهر المنذور فيه التتابع (۳۳) فقالوا: إذا تابع في خمسة عشر يوما منه يجوز له التفريق في البقية اختيارا، و هو مشكل. فلا يترك الاحتياط فيه بالاستيناف مع تخلل الإفطار عمدا و إن بقي منه يوم (۳٤)، كما لا إشكال في عدم جواز التفريق اختيارا مع تجاوز النصف في سائر أقسام الصّوم المتتابع (۳٥).

للنصوص:

منها: قول أبي عبد اللَّه (عليه السلام) في صحيح الحلبي المفسر لمعنى التتابع: «و التتابع أن يصوم شهرا و يصوم من الآخر شيئا أو أياما منه، فإن عرض له شي‏ء يفطر منه أفطر ثمَّ يقضي ما بقي عليه، و إن صام شهرا ثمَّ عرض له شي‏ء فأفطر قبل أن يصوم من الآخر شيئا، فلم يتابع أعاد الصوم كلّه».

و منها: موثق سماعة عنه (عليه السلام): «عن الرجل يكون عليه صوم شهرين متتابعين أ يفرق بين الأيام؟ فقال (عليه السلام): إذا صام أكثر من شهر فوصله، ثمَّ عرض له أمر فأفطر، فلا بأس. فإن كان أقل من شهر أو شهرا، فعليه أن يعيد الصيام»، و نحوهما غيرهما. و ظاهرهم الإجماع على الحكم أيضا.

فما نسب إلى النهاية من عدم جواز الإفطار عمدا و لو بعد شهر و يوم، و وجوب الاستيناف إلا مع الاضطرار إلى الإفطار، و كذا ما عن المفيد، و السيد، و ابني زهرة و إدريس من الإثم فقط دون الاستيناف خلاف ما ورد في‏ شرح التتابع من السنة و الإجماع، و يكون من الاجتهاد في مقابل النص.

فيجوز فيه التفريق مطلقا، للأصل و الإطلاق ما لم يشترط التتابع و لم يكن قرينة معتبرة على الانصراف إليه، و أما معهما، فإن كان هناك كيفية خاصة في حصول التتابع قصدا في النذر، أو انصرافا إليها يلزم اتباعها، لأنّ النذر تابع لكيفية ما نذر، و ما ورد في تحقق التتابع بشهر و يوم إنّما هو فيما إذا لم يكن قرينة على الخلاف من قصد الناذر أو الانصراف.

و لكن نسب إلى المشهور أنّ التتابع مطلقا عبارة عما تقدم في صحيح الحلبي، فهو تحديد تعبديّ لمطلق التتابع في الصوم- كما حدّد الشارع السفر، و الكرّ و نحوها بحدّ خاص معيّن- و استوجهه في الجواهر، و لكن إثباته حتى فيما إذا لم يكن ذلك من قصد الناذر مشكل، لعدم إحراز كون أخبار المقام واردة لبيان تحديد أصل التتابع مطلقا، و الشك في ذلك يكفي في عدم صحة التمسك بها، لكونه حينئذ من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية كما هو معلوم في الخطابات المحاورية.

لخبر الفضيل: «في رجل جعل عليه صوم شهر، فصام خمسة عشر يوما، ثمَّ عرض له أمر. فقال (عليه السلام): إن كان صام خمسة عشر يوما فله أن يقضي ما بقي، و إن كان أقل من خمسة عشر يوما لم يجزه حتى يصوم شهرا تاما»، و روي ذلك عن أبي جعفر (عليه السلام) أيضا بناء على أنّ المراد به الصوم المشروط فيه التتابع لكنه بلا شاهد، و الشهرة إنّما تجبر قصور السند لا الدلالة، كما ثبت في محله، فالسند ضعيف و الدلالة قاصرة، فالجزم بالحكم مشكل لو لم يكن إجماع معتبر، و هو أشكل، و إن ادعاه في السرائر، و يمكن حمل الخبر على الندب في النذر المطلق.

مقتضى إطلاق دليل وجوب الوفاء بالنذر بكيفية المنذور هو الجزم بالإعادة بعد سقوط الخبر و الإجماع عن الاعتبار إلا أنّ شهرة الفتوى توجب التردد.

لأنّه بعد وجوب التتابع فيه يجب مراعاته في جميع أيامه مطلقا إلا إذا دلّ دليل على سقوطه و جواز التفريق فيه و هو مفقود كما هو المفروض و التعدي مما ورد فيه الدليل إلى غيره قياس باطل.

(مسألة ۸): إذا بطل التتابع في الأثناء لا يكشف عن بطلان الأيّام السابقة، فهي صحيحة و إن لم تكن امتثالا للأمر الوجوبيّ و لا الندبيّ (۳٦)، لكونها محبوبة في حدّ نفسها من حيث إنّها صوم، و كذلك الحال في الصّلاة إذا بطلت في الأثناء، فإن الأذكار و القراءة صحيحة في حدّ نفسها من حيث محبوبيتها لذاتها.

أما عدم كونه امتثالا للأمر الوجوبيّ، فلعدم الإتيان به على وجهه و لا وجه للامتثال حينئذ، و أما عدم كونه امتثالا للأمر الندبي، فلعدم قصد الأمر الندبي الخاص و الامتثال متقوّم بالقصد. نعم، ذات الصوم من حيث هو مقصود في الجملة كما أنّه مطلوب كذلك، فيصح و يثاب من هذه الجهة، و كذا الكلام في أذكار الصلاة و أفعالها المطلوبة كالسجدة مثلا. و لكن يمكن أن يقال: في الصوم بالقصد الطولي بأنّ بناء المتشرعة عند بطلان الصوم الواجب يقصدون الصوم المندوب، فقصد الصوم المندوب متحقق طولا و هذا المقدار يكفي في القصد و ترتب الثواب.

  1. الوسائل باب: ۹ من أبواب القصاص في النفس حديث: ۱.
  2. سورة المجادلة: ۳- 4.
  3. سورة النساء: ۹۲.
  4. سورة المائدة: ۸۹.
  5. الوسائل باب: ۱ من أبواب كفارات الصيد حديث: ۱( كتاب الحج).
  6. الوسائل باب: ۱ من أبواب كفارات الصيد حديث: ۳( كتاب الحج).
  7. الوسائل باب: ۱ من أبواب بقية الصوم الواجب حديث: ۱.
  8. مستدرك الوسائل باب: ٦ من أبواب كفارات الصيد.
  9. الوسائل باب: ۲ من أبواب كفارات الصيد حديث: ۷.
  10. الوسائل باب: ۲ من أبواب كفارات الصيد حديث: ۳.
  11. الوسائل باب: ۲ من أبواب كفارات الصيد حديث: ۸ و ۱.
  12. الوسائل باب: ۲ من أبواب كفارات الصيد حديث: ٦ و ۱۰.
  13. الوسائل باب: ۲ من أبواب كفارات الصيد حديث: ۱۱.
  14. سورة المائدة: ۹٥.
  15. تقدم في صفحة: ۳۱۷.
  16. الوسائل باب: ۲ من أبواب كفارات الصيد و توابعها حديث: ۱۱.
  17. الوسائل باب: ۲ من أبواب كفارات الصيد و توابعها حديث: ۳.
  18. الوسائل باب: ۲۳ من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: ۳.
  19. راجع المجلد الرابع صفحة: ۲4۹.
  20. الوسائل باب: ۲۳ من أبواب الكفارات حديث: ۷.
  21. راجع الوسائل باب: ۷ من أبواب بقية الصوم الواجب حديث: ۱.
  22. راجع الوسائل باب: ۷ من أبواب بقية الصوم الواجب حديث: ۳.
  23. الوسائل باب: ۲۳ من أبواب الكفارات حديث: ۱ و 4.
  24. الوسائل باب: ۲4 من أبواب الكفارات حديث: ۲.
  25. الوسائل باب: ۱4 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: ۱.
  26. الوسائل باب: ۱4 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: ۲.
  27. الوسائل باب: ۸ من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: ۲.
  28. الوسائل باب: ۳ من أبواب بقية الصوم الواجب حديث: ۹.
  29. الوسائل باب: ۳ من أبواب بقية الصوم الواجب حديث: ٥.
  30. الوسائل باب: ۲ من أبواب بقية الصوم الواجب حديث: ۱.
  31. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب بقية الصوم الواجب حديث: ۳.
  32. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب بقية الصوم الواجب حديث: ۱.
  33. الوسائل باب: ٥ من أبواب بقية الصوم الواجب حديث: ۱.
  34. تقدم ما يتعلق بهذه الرواية في صفحة: ۲۸٥.
  35. الوسائل باب: ۳ من أبواب بقية الصوم الواجب حديث: ۱۲.
  36. الوسائل باب: ٥۲ من أبواب الذبح في الهدي حديث: ۳.
  37. الوسائل باب: ٥۳ من أبواب الذبح في الهدي حديث: ۳.
  38. سورة البقرة: ۱۹٦.
  39. الوسائل باب: 4٦ من أبواب الذبح حديث: ۱ و ۱٥ و غيرهما.
  40. الوسائل باب: ۲ من أبواب الصوم المحرّم حديث: ۱.
  41. الوسائل باب: ۳ من أبواب بقية الصوم الواجب حديث: ۱۲.
  42. الوسائل باب: ۳ من أبواب بقية الصوم الواجب: ۱۰.
  43. الوسائل باب: ۳ من أبواب بقية الصوم الواجب حديث: ۳.
  44. الوسائل باب: ۳ من أبواب بقية الصوم ملحق حديث: ۹ و باب: ۱۰ منها حديث:4.
  45. سورة يوسف: 4۲.
  46. تقدم في صفحة: ۳۳۰.
  47. الوسائل باب: ۳ من أبواب بقية الصوم الواجب حديث: ٥.
  48. الوسائل باب: ٥ من أبواب بقية الصوم الواجب حديث: ۱.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"