1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. کتاب الصوم
  10. /
  11. فصل في شرائط وجوب الصوم
و هي أمور: الأول و الثاني: البلوغ و العقل (۱)، فلا يجب على الصبيّ و المجنون إلا أن يكملا قبل طلوع الفجر (۲) دون ما إذا كملا بعده، فإنّه لا يجب عليهما و إن لم يأتيا بالمفطر (۳)، بل و إن نوى الصبيّ‏ الصّوم ندبا، لكن الأحوط مع عدم إتيان المفطر الإتمام و القضاء (٤) إذا كان الصّوم واجبا معينا (٥) و لا فرق في الجنون بين الإطباقيّ و الأدواري إذا كان يحصل في النهار و لو في جزء منه (٦). و أما لو كان دور جنونه في الليل- بحيث يفيق قبل الفجر- فيجب عليه (۷).

ألحق‏ سقوط هذا الفصل من أصله، لأنّه بعد أن كان جميع ما ذكر في هذا الفصل من شرائط الصحة أيضا فلا وجه لعقد فصل آخر و جعل ما ذكر فيه شرطا للوجوب، إذ لا وجه لعدم الصحة و الوجوب. نعم، ينبغي أن يذكر في ذيل الفصل السابق أنّ صوم المميّز صحيح و ليس بواجب عليه.

بضرورة الدّين فيهما، و استقباح تكليف المجنون عند العقلاء.

فيشملهما دليل وجوب الصوم كسائر التكاليف، لوجود المقتضي و فقد المانع حينئذ.

لظهور الأدلة في اعتبار مقارنة الشرائط لجميع آنات الصوم من بدية إلى ختامه، و اعتبار مقارنة النية كذلك إلا ما خرج بالدليل، و لا دليل على الخلاف في المقام، بل ظاهرهم التسالم على عدم الإجزاء، و لا فرق في ذلك بين ما إذا نوى الصوم ندبا أم لا، لفرض أنّه فاقد لشرط الوجوب، و مقتضى الأصل عدم الإجزاء.

و نسب إلى الخلاف، و المعتبر، و المدارك وجوبه عليه، للإطلاقات، و صحة عبادات الصبيّ.

و يرد الأول: بما مرّ من أنّ المتفاهم منها إنّما هو اجتماع الشرائط من بدء الصوم إلى ختامه. و الأخير بأنّ الصحة أعم من الوجوب، لكن يمكن أن يقال: إنّ الحقيقة واحدة بالنسبة إلى الصبيّ و غيره، و قصد الوجوب غير معتبر، و المفروض أنّ عباداته شرعية، فيكون الإجزاء حينئذ قهريا، و كذا الكلام في الصلاة إذا بلغ في أثنائها، و كذا الحج، بل نسب إلى المشهور أنّه لو بلغ قبل المشعر يجزي عنه و المراد بمقارنة الشرائط لجميع آنات العمل ما إذا كان فقدها من موانع الصحة- كالطهارة بالنسبة إلى الصلاة، و الطهارة من الجنابة، و الحيض بالنسبة إلى الصوم- لا ما كان فقدها موجبا لسقوط الوجوب لا أصل الصحة، فإذا حصل الوجوب ينطبق على ما هو صحيح. فيجزي قهرا.

الظاهر إجزاء الإتمام و لا وجه للقضاء معه. نعم، لو لم يتم، أو لم ينو أصلا، فالاحتياط في القضاء.

لأنّ غير المعيّن موسّع لا وجه للقضاء بالنسبة إليه، و مقتضى قاعدة الاشتغال حينئذ أن يصوم يوما آخر.

لإطلاقه الدليل الشامل للجميع، و منافاته للتكليف مطلقا هكذا قالوا: و هو بإطلاقه مشكل فيما إذا كان الزمان قليلا مع سبق النية و تحقق سائر الشرائط و قد مرّ في الفصل السابق بالنسبة إلى الإغماء ما يجري هنا أيضا.

لوجود المقتضي و فقد المانع، فتشمله الأدلة الدالة على الوجوب لا محالة.

الثالث: عدم الإغماء (۸)، فلا يجب معه الصّوم و لو حصل في‏ جزء من النهار، نعم، لو كان نوى الصوم قبل الإغماء فالأحوط إتمامه (۹).

تقدم ما يتعلق به في الشرط الثالث من شرائط صحة الصوم، و قد مرّ في نفي قضاء الصلاة عن المغمى عليه ما ينفع المقام.

و كذا لو صحا و جدّد النية قبل الزوال و الوجه في لزوم الاحتياط قصور الأدلة عن الشمول للصورتين خصوصا إذا كان زمان الإغماء قليل جدّا.

الرابع: عدم المرض الذي يتضرّر معه الصائم و لو برئ بعد الزوال و لم يفطر لم يجب عليه النية و الإتمام (۱۰)، و أما لو برئ قبله و لم يتناول مفطرا، فالأحوط أن ينوي و يصوم (۱۱) و إن كان الأقوى عدم وجوبه.

أما عدم وجوب الصوم على المريض، فيمكن أن يستدل عليه بالأدلة الثلاثة- كما تقدم- بل الأربعة، لأنّ المسألة من صغريات الأهمّ و المهم.

و أما عدم وجوب الإتمام لو برئ بعد الزوال، فيدل عليه مضافا إلى الأصل، و ظهور الاتفاق فوات محل النية، و عدم الدليل على امتداده بالنسبة إليه إلى ما بعد الزوال و لا يجري ما تقدم في البلوغ هنا، لأنّ المرض مثل الحيض، فأصل إمساكهما في حال المرض و الحيض باطل لا أن يكون صحيحا و غير واجب، فلو أمسك مع التضرر و لو آنا ما ثمَّ برئ لا يصح الصوم منه، لما تقدم في الفصل السابق من أنّ عدم الضرر من شرائط صحة الصوم و المفروض تحقق الضرر في المقام.

نسب ذلك إلى المشهور، و استدل عليه تارة: بامتداد وقت النية بالنسبة إليه إلى ما قبل الزوال. و أخرى: بما في المدارك من أنّ المريض أعذر من المسافر.

(و فيه): أنّ الأول لا دليل عليه من نص، أو إجماع، مع أنّه على فرض الصحة إنّما هو فيما إذا صح الإمساك لا فيما إذا بطل، و قد مرّ في الفصل السابق عدّ عدم المرض من شرائط الصحة.

و الثاني: قياس لا نقول به، فإن تمَّ الإجماع، فهو الحجة و إلا فلا دليل على المسألة، و ثبوت الإجماع مشكل خصوصا في المريض الذي كان يتضرّر بالإمساك واقعا، لوقوع جزء من إمساكه مبغوضا، فلا يصلح للتقرب به.

نعم، إن لم يتضرّر بالإمساك واقعا و كان من مجرّد اعتقاد ذلك و قلنا بامتداد وقت النية بالنسبة إليه أيضا يمكن القول بالصحة، و لعل هذا مراد ما نسب إلى المشهور، و لكنه مشكل أيضا، لعدم الدليل على الامتداد إلا بالنسبة إلى الجاهل و الناسي كما تقدم في (فصل النية)، مع أنّ نفس خوف الضرر يكفي في المبغوضية و إن لم يكن ضرر واقعيّ، لما مرّ من أنّ لنفس الخوف موضوعية خاصة و يظهر من ذلك كله وجه قوله (رحمه اللَّه): «و إن كان الأقوى عدم وجوبه» بل لا بد و أن يقال بعدم صحته، لما تقدم في (الفصل السابق).

الخامس: الخلوّ من الحيض و النفاس، فلا يجب معهما و إن كان حصولهما في جزء من النهار (۱۲).

لاعتبار الطهارة عنهما في صحة الصوم، كما تقدم في (فصل ما يجب الإمساك عنه) و مع عدم صحة الصوم بحصول أحدهما و لو في جزء من النهار كيف يتصوّر وجوب الصوم مع وجودهما و لو في جزء من النهار.

السادس: الحضر، فلا يجب على المسافر الذي يجب عليه قصر الصلاة (۱۳) بخلاف من كان وظيفته التمام- كالمقيم عشرا و المتردد ثلاثين يوما، و المكاري، و نحوه، و العاصي بسفره- فإنّه يجب عليه التمام إذ المدار في تقصير الصّوم على تقصير الصّلاة، فكل سفر يوجب قصر الصّلاة يوجب قصر الصّوم و بالعكس (۱٤).

بالأدلة الثلاثة، و ضرورة مذهب الإمامية، و تقدم في الشرط الخامس من شرائط الصحة في (الفصل السابق) ما ينفع المقام.

لما تقدم في (الفصل السابق) عند قوله (رحمه اللَّه): إذ الإفطار كالقصر و الصيام كالتمام في الصلاة.

(مسألة ۱): إذا كان حاضرا، فخرج إلى السفر فإن كان قبل الزّوال وجب عليه الإفطار (۱٥)، و إن كان بعده وجب عليه البقاء على‏ صومه (۱٦) و إذا كان مسافرا و حضر بلده أو بلدا يعزم على الإقامة فيه عشرة أيّام، فإن كان قبل الزوال و لم يتناول المفطر وجب عليه الصّوم (۱۷)، و إن كان بعده أو تناول فلا (۱۸) و إن استحب له الإمساك بقية النهار (۱۹)، و الظاهر أنّ المناط كون الشروع في السفر قبل الزوال أو بعده لا الخروج عن حدّ الترخص و كذا في الرجوع المناط دخول البلد (۲۰) لكن لا يترك الاحتياط بالجمع (۲۱) إذا كان الشروع قبل الزوال و الخروج عن حدّ الترخص بعده، و كذا في العود إذا كان الوصول إلى حدّ الترخص قبل الزوال و الدخول في المنزل بعده.

يعني: لا يصح منه قصد الصوم حين السفر، و يبطل صومه لو قصد، لفقد شرط الصحة و هو الحضور. و أما وجوب تناول المفطر، فمقتضى الأصل عدمه بعد فقد الدليل عليه.

و أما ما تقدم- في الفصل السابق- من قول أبي عبد اللَّه (عليه السلام) في صحيح الحلبي: «إن خرج من قبل أن ينتصف النهار، فليفطر و ليقض ذلك اليوم، و إن خرج بعد الزوال فليتم صومه»۱، فالمراد منه عدم صحة قصد الصوم.

ثمَّ إنّ الأقسام كثيرة-:

الأول: ما إذا نوى الصوم ثمَّ سافر قبل الزوال و لم يرجع في يومه و لا ريب في بطلان صومه، لعدم صحة نية الصوم بعد التجاوز عن حدّ الترخص، لأنّه لا يجوز للمسافر أن ينوي الصوم، كما مرّ، و يدل على البطلان الإجماع، و النصوص التي تقدمت في الفصل السابق، و قد سمّاهم رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله): «عصاة» فكيف يصح الصوم معها.

الثاني: ما إذا ترك نية الصوم جهلا، أو نسيانا و سافر قبل الزوال و لم يرجع في يومه و لا ريب في عدم تصور صحة الصوم بالنسبة إليه من جهة فقد النية، و النصوص الشاملة لهذه الصورة أيضا.

الثالث: ما إذا ترك النية عمدا و سافر قبل الزوال و لم يرجع في يومه، و لا ريب في بطلان الصوم بالنسبة إليه نصّا، و إجماعا، و أنّه آثم في ترك النية حين كان حاضرا في محله.

الرابع: ما إذا تركها جهلا، أو نسيانا و سافر قبل الزوال و لم يتناول شيئا

اتفاقا ثمَّ رجع إلى محله قبل الزوال أيضا و قد نوى الصوم حينئذ، فهل يصح صومه؟ نظرا إلى امتداد وقت النية بالنسبة إلى الجاهل و الناسي، و انصراف ما دلّ على بطلان صوم المسافر عن مثله أو لا يصح جمودا على إطلاق ما دلّ على بطلان صوم المسافر، و إمكان كون السفر كالحيض و النفاس في أنّ مجرّد وجوده الواقعيّ مطلقا مبطل للصوم إلا ما خرج بالدليل وجهان؟ لا دليل يصح الاعتماد عليه للجزم بالبطلان.

الخامس: ما إذا نوى الصوم و سافر قبل الزوال جهلا أو نسيانا ثمَّ رجع أو بقي على سفره، و يصح صومه في صورة الجهل دون النسيان، كما تقدم في الفصل السابق.

السادس: ما إذا نوى الصوم عمدا ثمَّ سافر اتفاقا قبل الزوال و رجع قبله أيضا و لا دليل على بطلان هذا الصوم، بل الأصل صحته، لأنّ الأدلة الدالة على اشتراط الحضور إنّما هي في الأسفار القديمة التي لم يمكن فيها الرجوع قبل الزوال و كانت مستغرقة لتمام اليوم، و الشك في شمولها لمثل الفرض يكفي في العدم، لأنّ التمسك بها حينئذ يكون من التمسك بالدليل في الموضوع المشكوك.

السابع: ما إذا نوى عمدا و التفاتا مع العلم بأنّه يسافر قبل الزوال و يرجع قبله أيضا و بطلان هذا الصوم مبنيّ على أن يكون عروض السفر في اليوم الصومي قبل الزوال كعروض الحيض و المرض المضرّ، و كتناول المفطر و إثباته بالأدلة التي بين أيدينا مشكل جدا و الاعتماد فيه على الكلمات أشكل، لأنّ الروايات و الكلمات ظاهرة في الأسفار القديمة التي لم يكن رجوع فيها قبل الزوال- كما تقدم- فلا تشمل مثل الفرض الذي لم يكن معهودا في عصر الروايات، و لا في زمان القدماء من الفقهاء الذين يدور عليهم رحى الإجماعات، فمقتضى الامتنان و التسهيل و التيسير الذي بنيت عليه الشريعة المقدّسة صحة هذا الصوم و عدم القضاء فيه، و يمكن أن يستشهد للصحة ببعض ما يأتي في الفروع التالية.

الثامن: عين هذه الصورة مع الرجوع بعد الزوال.

التاسع: إحداث السفر بعد الزوال و الرجوع بعده، و يأتي حكمهما عند قوله: «و إن كان بعده أو تناول فلا» بناء على شمول الرجوع من السفر بعد الزوال لمثل الفرض الذي أحدث فيه السفر بعد الزوال، و لكنه مشكل.

العاشر: إحداث السفر بعد الزوال و عدم الرجوع يصح فيه الصوم كما يأتي.

إجماعا، و نصوصا تقدم بعضها في الفصل السابق، كقول الصادق (عليه السلام): «و إن خرج بعد الزوال فليتم يومه»۲.

للنص، و الإجماع، ففي موثق أبي بصير: «سألته عن الرجل يقدم من سفره في شهر رمضان، فقال (عليه السلام): إن قدم قبل زوال الشمس فعليه صيام ذلك اليوم و يعتد به»۳، و عن البزنطي: «سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن رجل قدم من سفر في شهر رمضان و لم يطعم شيئا قبل الزوال قال (عليه السلام): يصوم»4 و نحوهما غيرهما و منهما يستفاد أنّ مجرّد التلبس بالسفر من حيث هو لا يوجب بطلان الصوم، و لا يكون كتناول المفطر.

و أما ما ظاهره التخيير، كموثق سماعة: «و إن قدم من سفره قبل زوال الشمس فعليه صيام ذلك اليوم إن شاء»٥، و صحيح ابن مسلم: «و إن دخل بعد طلوع الفجر فلا صيام عليه و إن شاء صام»٦، فموهون بالإعراض، مع إمكان حملها على التخيير في تناول المفطر حال كونه مسافرا لا بعد ورود

المحلّ بقرينة قول الصادق (عليه السلام) في صحيح رفاعة: «إذا طلع الفجر و هو خارج و لم يدخل فهو بالخيار إن شاء صام، و إن شاء أفطر»۷.

أما مع التناول، فلانتفاء موضوع الصوم. و أما مع عدمه، فعلى المشهور، و عن السرائر دعوى الإجماع عليه، و في خبر ابن مسلم: «عن الرجل يقدم من سفر بعد العصر في شهر رمضان، فيصيب امرأته حين طهرت من الحيض، أ يواقعها؟ قال (عليه السلام): لا بأس به»۸، و إطلاقه يشمل مورد عدم التناول.

فما عن الشيخ (رحمه اللَّه) من الوجوب إن كان لم يتناول شيئا و عدم وجوب القضاء عليه حينئذ. (مردود): بالإجماع، و ظاهر الخبر.

لظهور الإجماع على استحباب الإمساك مع الإمكان على كل من رخص له في شهر رمضان، و في موثق سماعة: «سألته عن مسافر دخل أهله قبل زوال الشمس و قد أكل، قال (عليه السلام): لا ينبغي له أن يأكل يومه ذلك شيئا. و لا يواقع في شهر رمضان»۹ و الظاهر أنّ ذكر المسافر من باب السؤال لا الخصوصية، فيعم الحكم المريض الذي برئ و الحائض التي طهرت.

لأنّ الظاهر من التعبيرات الواردة في النصوص من دخول الأهل و الخروج منه و القدوم من السفر هو ذلك و تقدم في [مسألة ۱٥] من (فصل صلاة المسافر) أنّ مبدأ المسافة يحسب من أول البلد لا من حدّ الترخص، و إنّما هو حدّ الترخص شرعا لا المسافة الخارجية، و تقدم الإشكال في البلاد الواسعة خصوصا في هذه الأعصار، فلا يترك الاحتياط فيها.

لاحتمال كون الصوم تابعا للصلاة من هذه الجهة.

(مسألة ۲): قد عرفت التلازم بين إتمام الصّلاة و الصوم و قصرها و الإفطار لكن يستثنى من ذلك موارد: أحدها: الأماكن الأربعة فإنّ المسافر يتخيّر فيها بين القصر و التمام في الصّلاة و في الصّوم يتعيّن الإفطار (۲۲). الثاني: ما مرّ من الخارج إلى السفر بعد الزوال، فإنّه يتعيّن عليه البقاء على الصّوم (۲۳) مع أنّه يقصّر في الصّلاة. الثالث: ما مرّ من الراجع من سفره، فإنّه إن رجع بعد الزوال يجب عليه الإتمام مع أنّه يتعيّن عليه الإفطار (۲٤).

للإجماع، و لما تقدم في [مسألة ۱۳] من (فصل أحكام صلاة المسافر) فراجع.

لما تقدم من النص الخاص‏۱۰، و لا وجه للعمل بقاعدة الملازمة في مقابله.

لما تقدم في سابقة، فلا وجه للتكرار.

(مسألة ۳): إذا خرج إلى السفر في شهر رمضان لا يجوز له الإفطار إلا بعد الوصول إلى حدّ الترخص (۲٥) و قد مرّ سابقا وجوب‏ الكفارة عليه إن أفطر قبله (۲٦).

للإجماع، و لقاعدة الملازمة.

تقدم في [مسألة ۱۱] من (فصل المفطرات المذكورة) كما أنها موجبة للقضاء كذلك توجب الكفارة أيضا.

فرع: لو وصل إلى حدّ الترخص و أفطر ثمَّ بدا له العود إلى وطنه أو محل إقامته فلا كفارة عليه إلا إذا تعمّد هو في التسبيب للرجوع حتى يدخل في تناول المفطر عمدا فحينئذ تجب الكفارة لأنّه بعد تعمده في الرجوع عنه يكشف عن بطلان قصد المسافة فوقع الإفطار العمدي في يوم الصوم من شهر رمضان.

(مسألة ٤): يجوز السفر اختيارا في شهر رمضان (۲۷)، بل‏ و لو كان للفرار من الصوم كما مرّ (۲۸) و أما غيره من الواجب المعيّن، فالأقوى عدم جوازه إلا مع الضّرورة (۲۹) كما أنّه لو كان مسافرا وجب‏ عليه الإقامة لإتيانه الإمكان.

للأصل، و لجملة من الأخبار:

منها: صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام): «أنّه سئل عن الرجل يعرض له السفر في شهر رمضان و هو مقيم و قد مضى منه أيام؟

فقال (عليه السلام): لا بأس بأن يسافر و يفطر و لا يصوم»۱۱.

و منها: صحيح الحلبي عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام) قال: «سألته عن الرجل يدخل شهر رمضان و هو مقيم لا يريد براحا ثمَّ يبدو له بعد ما يدخل شهر رمضان أن يسافر، فسكت، فسألته غير مرّة فقال (عليه السلام): يقيم أفضل إلا أن تكون له حاجة لا بد له من الخروج فيها، أو يتخوّف على ماله»۱۲، و نحوهما غيرهما و قد عمل بها المشهور.

و نسب إلى الحلبي عدم جواز السفر في شهر رمضان، لقوله تعالى:

فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ‏۱۳ بدعوى: أنّ المراد بها من كان حاضرا في أول الشهر فليصمه و لا يسافر، كما يظهر ذلك من جملة من الأخبار التي يأتي بعضها.

و فيه: أنّ المراد بالشهود من الآية الحضور في مقابل السفر مطلقا بوجوده الاتفاقي، كما هو المنساق منها لا وجوب الحضور، و الأخبار محمولة على مجرّد الأفضلية بقرينة سائر الأخبار المرخصة المتقدمة.

و استدل أيضا: بمثل خبر أبي بصير قال: «سألت أبا عبد اللَّه (عليه السلام) عن الخروج إذا دخل شهر رمضان، فقال: لا، إلا فيما أخبرك به: خروج إلى مكة، أو غزو في سبيل اللَّه، أو مال تخاف هلاكه، أو أخ تخاف هلاكه، و إنّه ليس أخا من الأب و الأم»۱4.

و عنه (عليه السلام) أيضا: «إذا دخل شهر رمضان، فاللَّه فيه شرط قال اللَّه تعالى‏ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ‏ فليس للرجل إذا دخل شهر رمضان أن يخرج إلا في حج أو عمرة، أو في مال يخاف تلفه، أو أخ يخاف هلاكه»۱٥.

و فيه: أنّ جميع ذلك محمول على الكراهة بقرينة ما تقدم في صحيح ابن مسلم من قوله (عليه السلام): «يقيم أفضل» فلا مخالفة بين الأخبار بعد رد بعضها إلى بعض.

للأصل، و الإطلاق الشامل لهذه الصورة أيضا، و قد تقدم في [مسألة ۲٥] من (فصل المفطرات المذكورة) كما أنّها توجب القضاء توجب الكفارة كذلك.

الواجب المعيّن إن كان نذرا و كان مرجع نذره إلى أن لا يسافر و يصوم، فلا ريب في عدم جواز السفر حينئذ، و إن لم يكن كذلك، بل كان من مجرّد نذر صوم اليوم المعيّن، فمقتضى الأصل، و فحوى جواز السفر في‏ شهر رمضان الجواز فيه أيضا و لا دليل على المنع إلا دعوى: أنّ الحضر شرط للواجب، فيجب تحصيله كسائر شرائط الواجب.

(و فيه) أولا منع كونه شرطا له، بل هو شرط للوجوب في شهر رمضان و غيره‏ و ثانيا: ليس كل شرط واجب يجب تحصيله، إذ يمكن أن يكون بوجوده الاتفاقي شرطا له، و يشهد لذلك ما رواه ابن جندب قال: «سأل أبا عبد اللَّه (عليه السلام) عباد بن ميمون و أنا حاضر عن رجل جعل على نفسه نذر صوم و أراد الخروج في الحج، فقال عبد اللَّه بن جندب: سمعت من زرارة عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام) أنّه سأله عن رجل جعل على نفسه نذر صوم يصوم، فمضى فيه في زيارة أبي عبد اللَّه (عليه السلام) قال: يخرج و لا يصوم في الطريق فإذا رجع قضى ذلك»۱٦.

و المنساق منه النذر المعيّن، و لذا ذهب جمع من الأعلام إلى جواز السفر فيه و هو الأقوى، و كذا إن كان الواجب المعيّن غير النذر كالقضاء المضيّق مثلا.

(مسألة ٥): الظاهر كراهة السفر في شهر رمضان قبل أن يمضي ثلاثة و عشرون يوما (۳۰) إلا في حج، أو عمرة، أو مال يخاف تلفه، أو أخ يخاف هلاكه (۳۱).

لقول الصادق (عليه السلام) في مرسل ابن أسياط: «فإذا مضت ليلة ثلاث و عشرين فليخرج حيث شاء»۱۷.

تقدم ما يدل عليه في المسألة السابقة فراجع.

(مسألة ٦): يكره للمسافر في شهر رمضان، بل كل من‏ يجوز له الإفطار التملّي من الطّعام و الشراب، و كذا يكره له الجماع في النهار (۳۲)، بل الأحوط تركه و إن كان الأقوى جوازه (۳۳).

لإجماع الأصحاب و قطعهم، و لما عن الصادق (عليه السلام) في صحيح ابن سنان: «سألت أبا عبد اللَّه (عليه السلام) عن الرجل يسافر في شهر رمضان و معه جارية له، أ فله أن يصيب منها بالنهار؟ فقال (عليه السلام):

سبحانه اللَّه أما يعرف هذا حرمة شهر رمضان؟! إنّه له في الليل سبحا طويلا قلت: أ ليس له أن يأكل و يشرب و يقصر؟ فقال (عليه السلام): إنّ اللَّه تبارك و تعالى قد رخص للمسافر في الإفطار و التقصير رحمة و تخفيفا لموضع التعب و النصب و وعث السفر، و لم يرخص له في مجامعة النساء في السفر بالنّهار في شهر رمضان- إلى أن قال- و إنّي إذا سافرت في شهر رمضان ما آكل إلا القوت و ما أشرب كلّ الريّ»۱۸ و هو نحو احترام لشهر رمضان و لذا تعدّى الأصحاب إلى سائر المفطرات.

للأصل، و جملة من‏ الأخبار: منها: صحيح عمر بن يزيد: «سألت أبا عبد اللَّه (عليه السلام) عن الرجل يسافر في شهر رمضان إله أن يصيب من النساء؟ قال (عليه السلام):

نعم»۱۹.

فيحمل ما يظهر منه المنع على الكراهة جمعا كصحيح ابن مسلم عنه (عليه السلام) أيضا: «إذا سافر الرجل في شهر رمضان فلا يقرب النساء بالنهار في شهر رمضان فإنّ ذلك محرّم عليه»۲۰ فما حكي من الحرمة عن الشيخ، و أبي الصلاح مخدوش. و اللَّه تعالى هو العالم.

  1. الوسائل باب: ٥ من أبواب من يصح منه الصوم حديث: ۲.
  2. الوسائل باب: ٥ من أبواب من يصح منه الصوم حديث: ۲.
  3. الوسائل باب: ٦ من أبواب ما يصح منه الصوم حديث: ٦.
  4. الوسائل باب: ٦ من أبواب ما يصح منه الصوم حديث: 4.
  5. الوسائل باب: ٦ من أبواب ما يصح منه الصوم حديث: ۷.
  6. الوسائل باب: ٦ من أبواب ما يصح منه الصوم حديث: ۱.
  7. الوسائل باب: ٦ من أبواب من يصح منه الصوم حديث: ۲.
  8. الوسائل باب: ۷ من أبواب من يصح منه الصوم حديث: ۲.
  9. الوسائل باب: ۷ من أبواب من يصح منه الصوم حديث: ۱.
  10. الوسائل باب: ۷ من أبواب من يصح منه الصوم حديث: ۱.
  11. الوسائل باب: ۳ من أبواب من يصح منه الصوم حديث: ۲.
  12. الوسائل باب: ۳ من أبواب من يصح منه الصوم حديث: ۱.
  13. سورة البقرة: ۱۸٥.
  14. الوسائل باب: ۳ من أبواب من يصح منه الصوم حديث: ۳.
  15. الوسائل باب: ۳ من أبواب من يصح منه الصوم حديث: ٦.
  16. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب من يصح منه الصوم حديث: ٥.
  17. الوسائل باب: ۳ من أبواب من يصح منه الصوم حديث: ٦.
  18. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب من يصح منه الصوم حديث: ٥.
  19. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب من يصح منه الصوم حديث: ۱.
  20. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب من يصح منه الصوم حديث: ۸.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"