1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. کتاب الصوم
  10. /
  11. فصل يعتبر العمد و الاختيار في الإفطار
المفطرات المذكورة. ما عدا البقاء على الجنابة- الذي مرّ الكلام فيه- تفصيلا- إنّما توجب بطلان الصوم إذا وقعت على وجه العمد و الاختيار (۱)، و أما مع السهو و عدم القصد، فلا توجبه (۲) من غير فرق بين أقسام‏ الصوم من الواجب المعيّن، و الموسع، و المندوب (۳) و لا فرق في البطلان مع العمد بين الجاهل بقسميه و العالم (٤) و لا بين المكره‏ و غيره، فلو أكره على الإفطار فأفطر مباشرة فرارا عن الضّرر المترتب على تركه بطل صومه على الأقوى (٥) نعم، لو وجر في حلقه من غير مباشرة منه لم يبطل (٦).

للنصوص، و الإجماع، و هو المرتكز في أذهان الناس قديما و حديثا.

ثمَّ إنّ النصوص التي يصح الاستدلال بها على اعتبار التعمد أقسام:

الأول: ما ذكر فيه لفظ «التعمد» كما ورد في الكذب و القي‏ء، و المقطوع به عدم الفرق بينهما و بين سائر المفطرات‏۱.

الثاني: قول أبي عبد اللَّه (عليه السلام) في موثق سماعة: «لأنّه أكل متعمدا»۲. فإن له نحو شرح و تفسير بالنسبة إلى جميع الأخبار الواردة في المفطرات كما هو واضح.

الثالث: المستفيضة الدالة على صحة الصوم مع الإفطار نسيانا۳، فإنّها حاكمة على جميع ما ورد في إفطار المفطرات مطلقا و شارحة لها كما في جميع موارد الحكومة.

الرابع: الأخبار الدالة على حصر المفطرات مثل قول أبي جعفر (عليه السلام): «لا يضرّ الصائم ما صنع إذا اجتنب ثلاث خصال: الطعام، و الشراب، و النساء، و الارتماس في الماء»4، فإنّ ظهور مثل هذه التعبيرات في العمد و الاختيار مما لا ينكر.

الخامس: ما يأتي من المستفيضة الدالة على وجوب القضاء٥، فإنّ التعمد و إن ذكر فيها في كلام السائل، لكن تقرير الإمام (عليه السلام) له في هذا الحكم العام البلوى للجميع يجعله نصّا في دخله في الحكم واقعا. هذا مع أنّه يكفي عدم ثبوت الردع في الأحكام الموافقة للارتكازات و لا نحتاج إلى التقرير.

إن كان السهو و الغفلة عن تناول المفطر مع الالتفات إلى أصل الصوم، فيدل على عدم البطلان- مضافا إلى كونه من ضروريات الفقه كما في الجواهر- خبر سماعة فيمن أفطر بظن دخول الليل: «من أكل قبل أن يدخل الليل، فعليه قضاؤه لأنّه أكل متعمدا»٦ فإنّه نص في اعتبار التعمد في المفطرية و عام لجميع المفطرات، لأنّ الظاهر أنّ ذكر الأكل من باب المثال لكل مفطر، إذ لا يتصوّر الخصوصية للأكل في ذلك، و يأتي في (فصل يجب القضاء دون الكفارة في موارد) ما ينفع المقام هذا.

و كذا إن كان السهو و الغفلة عن أصل الصوم، فيصح صومه و لا شي‏ء عليه، و تدل عليه النصوص، و الإجماع:

منها: قول عليّ (عليه السلام) في الصحيح: «من صام فنسي فأكل و شرب، فلا يفطر من أجل أنّه نسي، فإنّما هو رزق رزقه اللَّه تعالى فليتمّ‏ صيامه»۷. و نحوه غيره مما هو كثير، و مقتضى التعليل عدم الفرق بين جميع المفطرات، و إطلاقها يشمل صورة السهو عن تناول المفطر أيضا، هذا مضافا إلى حديث الرفع بالنسبة إلى نفي العقاب و الكفارة، و حديث: «كل ما غلب اللَّه على العباد، فهو أولى بالعذر»۸ الذي هو من أهمّ الأحاديث الامتنانية خصوصا مع ملاحظة ما في ذيل بعض الأخبار، من أنّ «هذا من الأبواب التي يفتح كل باب منه ألف باب»۹.

للإطلاق، و لقاعدة الإلحاق و ظهور الاتفاق.

على المشهور، لإطلاق الأدلة الشامل للجميع، و لاعتبار ترك المفطرات في حقيقة الصّوم، فمع الإتيان بالمفطر لا صوم إلا أن يدل دليل على الصحة.

و عن جميع منهم الشيخ (رحمه اللَّه)- في موضع من التهذيب، و صاحب الحدائق في مقدّمات كتابه- عدم البطلان بالنسبة إلى الجاهل مطلقا، و استدلوا عليه تارة: بأنّه لا ريب في اعتبار التعمد في المفطرية، و لا تعمد بالنسبة إلى الجاهل.

(و فيه): أنّ التعمد يحتمل فيه معان: الأول فعل المفطر مع عدم الغفلة و عدم النسيان، و عدم السهو عنه، و بهذا المعنى يصدق التعمد في صورة الجهل مطلقا، لعدم صدور الفعل من الجاهل عن سهو و غفلة و نسيان وجدانا.

الثاني: فعل المفطر مع العلم و الالتفات إلى المفطرية و إلى الصّوم موضوعا و حكما، و بهذا المعنى لا يصدق التعمد بالنسبة إلى الجاهل، لفرض عدم التفاته إلى الحكم أو الموضوع أو هما معا.

الثالث: كونه مساوقا للفعل الاختياري في مقابل المجبور و من هو مسلوب الاختيار، و المنساق من مادة العمد في موارد استعمالاته هو المعنى الثاني، لأنّ التعمد: الاتكاء و الاعتماد على الشي‏ء و هما ملازمان للالتفات إليه في الأفعال الاختيارية.

و بالجملة: هو أخصّ من مجرّد القصد إلى الفعل بأيّ نحو حصل و الالتفات و الاعتماد إلى الشي‏ء لا يحصل من الجاهل به إلا أن يقال: إنّ العمد له مراتب و يشمل بأول مراتبه مطلق الفعل الاختياريّ في مقابل الغفلة و بهذا المعنى يعم الجاهل أيضا و مقتضى الإطلاقات كفاية هذه المرتبة و عدم اعتبار الأزيد منه.

و أخرى: بأنّ زرارة و أبا بصير سألا أبا جعفر (عليه السلام): «عن رجل أتى أهله في شهر رمضان، و أتى أهله و هو محرم و هو لا يرى إلا أنّ ذلك حلال له، قال (عليه السلام): ليس عليه شي‏ء»۱۰.

و في صحيح ابن الحجاج الوارد في ارتكاب بعض تروك الإحرام: «أيّ رجل ركب أمرا بجهالة فلا شي‏ء عليه»۱۱.

و فيه: أنّ المنساق من الأول هو الغافل المعتقد للخلاف، فلا يشمل مطلق الجاهل. و الأخير محمول على القاصر، فيكون المراد بأنّه لا شي‏ء عليه أي: عدم الإثم و الكفارة، مع أنّه ورد في تروك الإحرام أنّ ارتكابه لا يوجب البطلان- كما يأتي في محله- مع أنّ عدم القضاء بالنسبة إلى الجاهل المقصر الملتفت خلاف مذاق الفقاهة، فكيف بمذاق الأئمة (عليهم السلام) مع كثرة المقصّرين في كلّ عصر و زمان و مكان و تعمدهم في ترك التعلم، فلا وجه للأخذ بإطلاق مثل هذه الأخبار إلا إذا تأيدت بقرائن أخرى من إجماع أو نحوه، فكيف إذا هجرها أعاظم الأصحاب، و خبراؤهم، و مهرة الفقه كالشهيدين و نحوهما. نعم، فيما دل دليل على صحة عمل الجاهل المقصر بالخصوص لا بد من القول بها كما في الجهر في موضع الإخفات و بالعكس و نحوه.

يظهر ذلك من الشيخ، و الشهيد الثاني، و العلامة، و الحدائق، لأنّ التنافي بين فعل المفطر و الصوم ذاتيّ، فلا بد من البطلان إلا إذا دل دليل على الصحة كما في النسيان.

(و فيه): أنّ القضاء معلق على التعمد في فعل المفطر، و يحتمل أن يكون المراد به في المقام بقرينة ترتب الكفارة المباشرة في الإفطار مع طيب النفس به و لا يتحقق ذلك مع الإكراه.

و بعبارة أخرى: القضاء و الكفارة زجر للنفس عما فعله بهواه، و مع الإكراه لم تعمل النفس بهواه، بل دافع عما يخالف هواه فلا موجب للكفارة، و مع الشك فيه لا يصح التمسك بالأدلة، لأنّه من التمسك بها مع الشك في الموضوع، فتجري أصالة الصحة بلا محذور فيها.

و استدلوا أيضا بما ورد في تقية أبي عبد اللَّه (عليه السلام) عن أبي العباس في الحيرة من قوله (عليه السلام): «فكان إفطاري يوما و قضاؤه أيسر عليّ من أن يضرب عنقي»۱۲.

(و فيه): مضافا إلى قصور سنده بالإرسال- و عدم ذكر القضاء إلا فيه دون سائر الأخبار- أنّ ذكر القضاء يمكن أن يكون لأجل التقية من عوام الشيعة، فعمل (عليه السلام) بتقيتين إحداهما من العامة فأفطر، و الثانية من عوام شيعته، فذكر (عليه السلام) القضاء، و لذا نسب إلى المشهور عدم وجوب‏

القضاء في صورة الإكراه، لأصالة الصحة، و حديث الرفع‏۱۳ الدال على رفعه لكل ما في رفعه منة و تسهيل، و لا ريب في أنّ سقوط القضاء فيه منة و تسهيل.

و يمكن أن يستأنس لسقوطه أيضا بما ورد في علة سقوطه عن المغمى عليه: من قوله (عليه السلام): «كل ما غلب اللَّه عليه فاللَّه أولى بالعذر»۱4، لكونه في مقام بيان القاعدة الكلية المنطبقة على جميع الموارد بقرينة قوله (عليه السلام): «هذا من الأبواب التي يفتح كل باب منه ألف باب» كما تقدم في فصل قضاء الصلاة، فالجزم بالبطلان مشكل جدّا، مع ما ورد من أنّ «اللَّه أكرم من أن يستغلق عبده»۱٥.

للأصل، و الاتفاق، و عدم تحقق العمد و الاختيار.

(مسألة ۱): إذا أكل ناسيا، فظنّ فساد صومه، فأفطر عامدا بطل صومه (۷)، و كذا لو أكل بتخيل أنّ صومه مندوب يجوز إبطاله، فذكر أنّه واجب (۸).

لإطلاق أدلّة المفطّرات بعد تحقق العمد و الاختيار، مضافا إلى ظهور الاتفاق على البطلان.

لما مرّ في سابقة من غير فرق، و كذا لو أوجر في حلقه، فزعم أنّ الأكل بعد ذلك حلال و أكل عمدا بطل صومه فيجب القضاء في جميع ذلك.

و أما الكفارة، فهي مبنية على وجوبها على الجاهل أيضا.

(مسألة ۲): إذا أفطر تقية من ظالم بطل صومه (۹).

إن كانت التقية من غير المخالف، فهو مثل الإكراه و تقدّم ما يتعلق‏

به. و أما إن كان منه، فإما أن يكون بتناول ما لا يرونه مفطرا، أو بالإفطار فيما يرونه عيدا، أو مغربا، فلا وجه للبطلان في ذلك كلّه، لأنّ كل من تأمل فيما ورد في الترغيب و التحريض إلى ذي التقية يطمئن بأنّ الأمر فيها أوسع من سائر الضروريات كما هو واضح لمن راجع أخبارها- كما سيأتي بعضها-:

فمنها: ما عن الصادق (عليه السلام) في قول اللَّه عزّ و جل‏ أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا قال (عليه السلام): «بما صبروا على التقية» وَ يَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ قال (عليه السلام): «الحسنة التقية، و السيئة الإذاعة»۱٦.

فجعل (عليه السلام) إذاعة الحق في دولة الباطل سيئة مطلقا، و مثل هذا الإطلاق ترخيص لها من كل جهة، و غير قابل للتقييد إلا بما هو أقوى منه.

و في رسالته (عليه السلام) إلى أصحابه قال: «و عليكم بمجاملة أهل الباطل. تحمّلوا الضيم منهم، و إياكم و مماظّتهم. دينوا- فيما بينكم و بينهم إذا أنتم جالستموهم و خالطتموهم و نازعتموهم الكلام- بالتقية التي أمركم اللَّه أن تأخذوا بها فيما بينكم و بينهم- الحديث-»۱۷.

فالضيم: الظلم. و المماظة: المنازعة.

و عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «لا خير فيمن لا تقية له، و لقد قال يوسف‏ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ‏ و ما سرقوا۱۸.

و في حديث شرائع الدّين عن الصادق (عليه السلام): «و استعمال التقية في دار التقية واجب و لا حنث و لا كفارة على من حلف التقية»۱۹.

و عن (عليه السلام) أيضا في خبر ابن صدقة: «فكل شي‏ء يعمل المؤمن بينهم لمكان التقية مما لا يؤدّي إلى الفساد في الدّين فإنّه جائز»۲۰.

و ظهور مثل هذه التعبيرات في سقوط الحكم الواقعيّ معها تكليفا كان أو

وضعا مما لا ينكر، و ظاهرها الإجزاء أيضا عن الواقع في التكاليف نفسية كانت أو غيرية- حكما أو موضوعا- خصوصيا إطلاق قول (عليه السلام): «ما صنعتم من شي‏ء، أو حلفتم عليه من يمين في تقية فأنتم منه في سعة»۲۱.

و قوله (عليه السلام): «التقية في كلّ شي‏ء»۲۲، فالعموم ثابت، و الإطلاق موجود فالإجزاء متعيّن، و يقتضيه التسهيل، و التيسير، و السماحة في الشريعة المقدسة.

إن قيل: إنّ المنساق من الأدلة أنّ تشريع التقيّة إنّما هو في الدّين كقوله (عليه السلام): «لا دين لمن لا تقية له»۲۳ و قوله (عليه السلام): «لا إيمان لمن لا تقية له»۲4 فلا يشمل الموضوعات مطلقا.

يقال: موضوع الحكم الديني من الدّين أيضا خصوصا الموضوعات التي حدّدها الشارع بحدود و قيود. نعم، الموضوع الصّرف الذي لا دخل للحكم فيه خارج عن مساقها و ليس الكلام فيه، فحكم الحاكم، و الإفطار فيما يرونه مغربا، أو عيدا أو نحو ذلك من الأمور الدينية لدى متشرعة المسلمين، فتعمّها جميع أدلة تشريع التقية.

و ما قيل: من أنّ المنساق منها تنزيل العمل الفاقد للجزء و الشرط منزلة الواجد. و أما تنزيل المعدوم منزلة الموجود، فلا يستفاد منها، فمن ترك الصوم في يوم يرونه عيدا فلم يأتي بشي‏ء حتّى ينزل منزلة الواجد للشرائط.

يقال: هذه كلّها تبعيد للمسافة، و تضييق لما وسعه الشارع بمجرّد الوهم و الخيال من دون دليل عليه من عقل، أو شعر، مع أنّ ظاهر أدلة التقيّة لزوم متابعتهم و مجاملتهم و ترتب أثر الواقع على ذلك، فترك الصوم في يوم عيدهم يترتب عليه حكم الصوم من جهة انطباق عنوان المتابعة عليه، بل لنا أن نقول:.

إنّ الشارع رفع اليد عن الواقع رأسا في موارد التقية، فلا واقع إلا بما يحصل به متابعتهم و ذلك لوجود غرض أهمّ في البين و هو حفظ وحدة صورة الإسلام و عدم وقوع التباغض بين المسلمين، فالتقية بمراتبها الوسيعة من صغيرات تقديم الأهمّ على المهمّ الذي تحكم به فطرة ذوي العقول من كلّ مذهب و ملّة، و من تأمل في سيرة النبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) و خلفائه المعصومين (عليهم السلام) يعلم بأنّ اهتمامهم بحفظ صورة الإسلام و وحدته كان أشدّ من اهتمامهم بسائر الجهات، و لا وجه لهذا الاهتمام مع فعلية الواقع و القضاء، لأنّه تشديد على الشيعة مع أنّ التقية شرعت للتسهيل عليهم.

و يظهر ذلك كلّه من قول أبي عبد اللَّه (عليه السلام) لأبي العباس: «يا أمير المؤمنين ما صومي إلا بصومك، و لا إفطاري إلا بإفطارك»۲٥.

و في خبر أبي الجارود قال: «سألت أبا جعفر (عليه السلام) إنّا شككنا سنة في عام من تلك الأعوام في الأضحى، فلما دخلت على أبي جعفر و كان بعض أصحابنا يضحي، فقال (عليه السلام): الفطر يوم يفطر الناس و الأضحى يوم يضحي الناس، و الصوم يوم يصوم الناس»۲٦.

فإنّ ظهورهما في رفع اليد عن الواقع مما لا ينكر.

إن قيل: فلا وجه للقضاء حينئذ، مع أنّه تقدم المرسل المشتمل عليه.

يقال: تقدم ما فيه سندا و دلالة. هذا مع أنّ التقية إنّما شرعت للتسهيل- و التيسير و الألفة- و القضاء ينافي ذلك كلّه.

و خلاصة الكلام: إنّ المنساق منها إجزاء متابعتهم عن الواقع مطلقا، بل احتمال سقوط الواقع في موردها صحيح أيضا، و لا محذور من عقل أو نقل في أن يسقط الشارع الواقع في مورد التقيّة و يجعل موردها- وجوديّا كان أو عدميا- منزلة الواقع و يثيب عليه بأضعاف ثواب الواقع، فإنّ ذلك كلّه بيده و تحت اختياره يفعل ما يشاء و يحكم ما يريد، و قد تقدم في الوضوء و الصلاة ما ينفع المقام.

(مسألة ۳): إذا كانت اللقمة في فمه، و أراد بلعها لنسيان الصوم، فتذكر وجب إخراجها، و إن بلعها مع إمكان إلقائها بطل صومه، بل تجب الكفارة أيضا. و كذا لو كان مشغولا بالأكل فتبيّن طلوع الفجر (۱۰).

كل ذلك لتحقق الأكل العمدي الموجب للقضاء و الكفارة نصا، و إجماعا.

(مسألة ٤): إذا دخل الذباب، أو البق، أو الدخان الغليظ، أو الغبار في حلقه من غير اختياره لم يبطل صومه (۱۱) و إن أمكن إخراجه وجب، و لو وصل إلى مخرج الخاء (۱۲).

لأصالة الصحة بعد عدم تحقق العمد و الاختيار فيما وصل إلى الجوف من البق و الغبار.

لأنّه لو بلعه مع إمكان الإخراج يكون من الأكل العمديّ، مع أنّه يحرم البلع من حيث الخباثة و لا يصدق على الإخراج القي‏ء حتى يبطل الصوم من هذه الجهة.

(مسألة ٥): إذا غلب على الصائم العطش، بحيث خاف من الهلاك، يجوز له أن يشرب الماء، مقتصرا على مقدار الضرورة (۱۳) و لكن يفسد صومه بذلك. و يجب عليه الإمساك بقية النهار إذا كان في شهر رمضان (۱٤)، و أما في غيره من الواجب الموسع و المعيّن، فلا يجب الإمساك (۱٥) و إن كان أحوط في الواجب المعيّن (۱٦).

أما أصل جواز الشرب حينئذ، فلأدلّة نفي العسر و الحرج، و الضرر. و أما الاقتصار على قدر الضرورة، فيدل عليه- مضافا إلى عدم الخلاف- موثق عمار عن الصادق (عليه السلام): «في الرجل يصيبه العطاش حتى يخاف على نفسه؟ قال (عليه السلام): يشرب بقدر ما يمسك رمقه و لا يشرب حتى يروى»۲۷.

أما فساد الصوم، فلتناول المفطر عن عمد و اختيار، و لظهور الإجماع عليه و لولاه لأمكن جريان حديث رفع الاضطرار الوارد في مقام الامتنان و التسهيل لنفي القضاء. و أما وجوب الإمساك بقية النهار، فلما تقدم في [مسألة ۱۸] من (فصل النية)، و يمكن أن يستأنس له من قوله (عليه السلام): «و لا يشرب حتى يروى».

للأصل بعد اختصاص الدليل بشهر رمضان.

لاحتمال إلحاقه بشهر رمضان من جهة تعينه و إن كان لا دليل عليه في مقام الإثبات.

فروع- (الأول): لو استمر عطاش ذي العطاش في طول عمره يتناول من الماء بمقدار رفع الضرورة و لا وجه للقضاء حينئذ.

(الثاني): من اضطر إلى تناول دواء يجري عليه حكم ذي العطاش و يجب القضاء إلا إذا استمر مرضه في طول السنة فلا وجه للقضاء حينئذ.

(الثالث): لو اضطر إلى استعمال ما يستعمل لجريان هواء التنفس (البخاخ) فهو يتصور على أقسام ثلاثة:

الأول: ما إذا علم بوجود شي‏ء في الفم و بلعه فهو يكون مفطرا.

الثاني: ما إذا علم بعدم وجود شي‏ء فيه و إنّما هو من مجرد تغيير الهواء.

الثالث: ما إذا شك في أنّه من أيّ القسمين، ففي الأخيرين لا وجه‏

لبطلان الصوم أصلا للأصل الموضوعي و الحكمي.

(مسألة ٦): لا يجوز للصائم أن يذهب إلى المكان الذي يعلم اضطراره فيه إلى الإفطار بإكراه، أو إيجار في حلقه، أو نحو ذلك (۱۷) و يبطل صومه لو ذهب و صار مضطرا و لو كان بنحو الإيجار (۱۸)، بل لا يبعد بطلانه بمجرد القصد إلى ذلك، فإنّه كالقصد للإفطار (۱۹).

لأنّه و إن كان بنحو الإيجار و الاضطرار، و لكن حيث إنّ سببه اختياريّ، فينتهي إلى الاختيار لا محالة. هذا، و لكن مقتضى ظواهر الكلمات في الموارد المتفرّقة عدم الفرق- في الضروريات و الاضطراريات المسقطة للتكليف قضاء و كفارة- بين حصول سببها بلا اختيار أو معه، لإطلاق أدلّة الاضطراريات الشامل لها، و قد تقدّم في جملة من المسائل السابقة نظير المقام أيضا ك [مسألة ۱ و ۱4 و ٥۱] من (فصل ما يجب الإمساك عنه).

و المتحصل‏ من الجميع أنّه تارة: يعلم بتحقق الإفطار بما يفعله، و أخرى: يعلم بعدمه. و ثالثة: لا يعلم به أصلا، فيتحقق الإفطار بلا قصد و اختيار، و مقتضى اعتبار العمد و الاختيار و القصد في الإفطار عدم تحققه في الأخيرين، و تقتضيه أصالة الصحة أيضا.

لأنّ العمد إلى السبب عمد إلى المسبب عرفا و انتهاء سلسلة الأسباب إلى العمد و الاختيار عقلا.

تقدم ما يتعلق بقصد الإفطار في [مسألة ۲۲] من (فصل النية)، و لكن في كون المقام من قصده إشكال، من جهة الإشكال في أنّ مثل هذا الإيجار إفطار أم لا؟.

(مسألة ۷): إذا نسي فجامع لم يبطل صومه و إن تذكر في الأثناء وجب المبادرة إلى الإخراج، و إلا وجب عليه القضاء و الكفارة (۲۰).

لتحقق الإفطار العمدي الموجب لها، و تقدم نظير الفرع في [مسألة ۳] من هذا الفصل و [مسألة ۳۹] من (فصل ما يجب الإمساك عنه) فراجع، فإنّ الجميع داخل تحت كبرى واحدة.

  • راجع الوسائل باب: ۱ حديث: ۳ و باب: ۲ حديث: ۳ و ۷ من أبواب ما يمسك به الصائم.
  • الوسائل باب: ٥۰ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۱.
  • الوسائل باب: ۹ من أبواب ما يمسك عنه الصائم.
  • الوسائل باب: ۱ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۱.
  • الوسائل باب: ۸ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۱ و غيره.
  • الوسائل باب: ٥۰ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۱.
  • الوسائل باب: ۹ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۹.
  • الوسائل باب: ۳ من أبواب قضاء الصلاة حديث: ۳.
  • الوسائل باب: ۳ من أبواب قضاء الصلاة حديث: ۹.
  • الوسائل باب: ۹ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۱۲.
  • الوسائل باب: 4٥ من أبواب تروك الإحرام حديث: ۳.
  • الوسائل باب: ٥۷ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ٥.
  • الوسائل باب: ٥٦ من أبواب جهاد النفس حديث: ۲.
  • الوسائل باب: ۲4 من أبواب من يصح منه الصوم حديث: ٦.
  • الوسائل باب: ۲۸ من أبواب حدّ القذف حديث: ۱.
  • الوسائل باب: ۲4 من أبواب الأمر بالمعروف حديث: ۱.
  • الوسائل باب: ۲4 من أبواب الأمر بالمعروف حديث: ۱۳.
  • الوسائل باب: ۲4 من أبواب الأمر بالمعروف حديث: ۱۷.
  • الوسائل باب: ۲4 من أبواب الأمر بالمعروف حديث: ۲۱.
  • الوسائل باب: ۲٥ من أبواب الأمر بالمعروف حديث: ٥.
  • الوسائل باب: ۱۲ من أبواب الأيمان حديث: ۲.
  • الوسائل باب: ۲٥ من أبواب الأمر بالمعروف حديث: ۳.
  • الوسائل باب: ۲٥ من أبواب الأمر بالمعروف حديث: ۳.
  • الوسائل باب: ۲4 من أبواب الأمر بالمعروف حديث: ۲۹.
  • الوسائل باب: ٥۷ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ٦.
  • الوسائل باب: ٥۷ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: ۷.
  • الوسائل باب: ۱٦ من أبواب من يصح منه الصوم حديث: ۱.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"