1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. کتاب الصلاة
  10. /
  11. فصل يشترط في الأذان و الإقامة
يشترط في الأذان و الإقامة أمور: الأول: النية ابتداء و استدامة على نحو سائر العبادات، فلو أذّن أو أقام لا بقصد القربة لم يصح (۱). و كذا لو تركها في الأثناء. نعم، لو رجع إليها و أعاد ما أتى به من الفصول لا مع القربة معها صح، و لا يجب الاستئناف (۲). هذا في أذان الصلاة. و أما أذان الإعلام فلا يعتبر فيه القربة (۳) كما مر. و يعتبر أيضا تعيين الصلاة التي يأتي بهما لها مع الاشتراك، فلو لم يعيّن لم يكف (٤). كما أنّه لو قصد بهما صلاة لا يكفي لأخرى بل يعتبر الإعادة و الاستئناف (٥). الثاني: العقل (٦)، و الإيمان (۷)، و أما البلوغ فالأقوى عدم‏ اعتباره (۸) خصوصا في الأذان (۹) و خصوصا في الإعلاميّ (۱۰) فيجزي أذان المميز و إقامته إذا سمعه، أو حكاه، أو فيما لو أتى بهما للجماعة (۱۱). و أما إجزاؤهما لصلاة نفسه فلا إشكال فيه (۱۲). و أما الذكورية فتعتبر في أذان الإعلام و الأذان و الإقامة لجماعة الرجال غير المحارم (۱۳). و يجزيان لجماعة النساء (۱٤) و المحارم على إشكال في الأخير (۱٥)، و الأحوط عدم الاعتداد. نعم، الظاهر إجزاء سماع أذانهنّ بشرط عدم الحرمة كما مرّ و كذا إقامتهنّ (۱٦). الثالث: الترتيب بينهما بتقديم الأذان على الإقامة (۱۷). و كذا بين فصول كلّ منهما (۱۸)، فلو قدم الإقامة عمدا أو جهلا أو سهوا أعادها بعد الأذان (۱۹). و كذا لو خالف الترتيب فيهما بين فصولهما، فإنّه يرجع إلى موضع المخالفة و يأتي على الترتيب إلى الآخر (۲۰). و إذا حصل الفصل الطويل المخلّ بالموالاة يعيد من الأول من غير فرق أيضا بين العمد و غيره (۲۱). الرابع: الموالاة بين الفصول من كلّ منهما على وجه تكون صورتهما محفوظة بحسب عرف المتشرعة. و كذا بين الأذان و الإقامة، و بينهما و بين الصلاة، فالفصل الطويل المخلّ بحسب عرف المتشرعة بينهما، أو بينهما و بين الصلاة مبطل (۲۲). الخامس: الإتيان بهما على الوجه الصحيح بالعربية، فلا يجزئ ترجمتهما، و لا مع تبديل حرف بحرف (۲۳). السادس: دخول الوقت، فلو أتى بهما قبله و لو لا عن عمد لم يجتزأ بهما و إن دخل الوقت في الأثناء (۲٤). نعم، لا يبعد جواز تقديم الأذان قبل الفجر للإعلام (۲٥)، و إن كان الأحوط إعادته بعده. السابع: الطهارة من الحدث في الإقامة على الأحوط، بل لا يخلو عن قوّة بخلاف الأذان (۲٦).

للإجماع، و لما هو المرتكز بين المتشرعة، بل الظاهر أنّ عبادية التكبيرات و الشهادة ذاتية عرفية غير متقومة بقصد القربة كسائر الأذكار و القرآن و الدعاء، فيكفي قصد ذاتها، و لو لم تقصد القربة. نعم، يكون قصد الخلاف مانعا عن العبادية لا أن يكون قصد القربة معتبرا فيها. كما يعتبر في عبادية الحيعلات قصد القربة، لعدم كونها ذكرا، و يكفي القصد الإجمالي الارتكازي المنبعث عن قصد الصلاة، و لا يعتبر التفصيلي منه، للأصل.

إنّ قصد القربة تارة: يكون في تمام الأذان، و أخرى: في بعض فصوله، و ثالثة: في حال السكوت في أثناء الفصول ثمَّ العود إليها مع بقاء الموالاة، و رابعة: حال السكوت مع فقد الموالاة.

و في الأول‏ يجب الاستئناف لفقد الشرط، و في الثاني‏ يجب استئناف ذلك الفصل بالخصوص مع عدم فوت الموالاة، و في الثالث‏ يصح و لا شي‏ء عليه، و في الأخير يستأنف أصل الأذان، لفقد الشرط و هو الموالاة.

تقدم ما يتعلق به، و أنّه لا ثمرة للنزاع إلا فيما إذا قصد الرياء فيجزي الإعلاميّ معه دون الصلاتي.

لأنّ الأذان و الإقامة في الشريعة من أول تشريعهما إنّما يؤتى بهما بحسب قصد المصلّين لصلاة معينة بلا فرق بين كونهما مندوبين نفسيين أو غيريين، فالتخصص لصلاة معينة دخيل فيهما بحسب عنوانهما القصدي، كتخصص التكبيرات التي يؤتى بها للصلوات افتتاحية كانت أو غيرها، و كتخصص التعقيبات بها. و إطلاقات أدلة الأذان و الإقامة منزلة على هذه المرتكزات الإجمالية المغروسة في الأذهان. و عليه، يكون قصد الخلاف مانعا لا أن يكون قصد التعيين التفصيلي شرطا لوجوده إجمالا و ارتكازا عند إرادة الصلاة، و يدل على ما قلناه قوله عليه السلام في جملة من الأخبار: «من صلّى بأذان و إقامة- الحديث-»۱.

فإنّ ظهوره في تخصص الأذان و الإقامة بالصلاة مما لا ينكر، و قوله عليه السلام: «لا تدع الأذان في الصلوات كلّها»۲.

و قوله عليه السلام: «أدنى ما يجزي أن تفتتح الليل بأذان و إقامة، و تفتتح النهار بأذان و إقامة»۳.

إلى غير ذلك مما يستفاد منه التخصص القصدي الإجمالي، هذا بحسب المستفاد من الأخبار المنساق من القرائن.

و أما بحسب القاعدة و كون المطلوبية مقدمة فالمسألة من صغريات‏

المقدمات الموصلة، فإن قلنا بأنّ قصد التوصل بالمقدمة إلى ذيها معتبر في مطلوبيتها فلا بد من التعيين لا محالة، و إلا- كما هو المشهور- فلا وجه له و يمكن القول في المقام بعدم الابتناء على المقدمة الموصلة، لما مرّ من أنّ قصد الخلاف مانع لا أن يكون قصد التوجه إلى الصلاة شرطا، لفرض كونه حاصلا في ذهن نوع المصلّين الذين يأتون بالأذان و الإقامة، هذا كله بناء على كون مطلوبيتها غيرية. و أما بناء على كونها نفسية فيسقط البحث من رأسه.

لعدم الإجزاء بعد تنزيل الأدلة على التخصيص الحاصل من القصد و لو إجمالا المنبعث من قصد الصلاة الخاصة.

للإجماع، و لسلب ألفاظ المجنون عند العرف و العقلاء.

لظهور عدم الخلاف، و قول أبي عبد اللّه عليه السلام في موثق عمار عن الأذان هل يجوز أن يكون عن غير عارف؟: «لا يستقيم الأذان و لا يجوز أن يؤذن به إلا رجل مسلم عارف، فإن علم الأذان و أذن به و لم يكن عارفا لم يجز أذانه، و لا إقامته و لا يقتدى به»4.

و المراد بالعارف من يعرف الإمام عليه السلام، و لأنّ الأذان و الإقامة عبادة، و هي من غير العارف باطلة.

و لكن يمكن الخدشة في الكلّ. أما الإجماع فلعدم ثبوته لتعبير جمع منهم المحقق في الشرائع: بالإسلام. أما الموثق فلأنّ عدم قبول عباداتهم مسلّم و لكن عدم الصحة يحتاج إلى بحث، و إلا فلم لم يذكروا شرطية الإيمان في الوضوء و الغسل و الصلوات المندوبة و سائر العبادات؟! و إنّما ذكروها هنا و في الصوم مع‏

اختلافهم فيهما أيضا. و ما وجه تعليل أبي عبد اللّه عليه السلام في صحيح ابن خالد وجوب إعادة الزكاة عليهم: «فإنّها وضعت في غير موضعها و إنّما موضعها أهل الولاية»٥.

مع أنّ التعليل بالذاتي أولى؟!!.

لشريعة عباداته فتشمله إطلاقات الأدلة. و ذكر الرجل في بعض الأدلة من باب المثال لا لإخراج غير البالغ. و الانصراف إلى البالغ بدوي و عدم حصول التقرب منه من مجرد الدعوى، فالمقتضي للصحة و الإجزاء موجود و المانع عنهما مفقود بجميع احتمالاته، و حديث «عمد الصبيّ خطأ»٦ يختص بالجنايات، كما يأتي.

لجملة من الأخبار:

منها: صحيح ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام: «لا بأس أن يؤذن الغلام الذي لم يحتلم»۷.

و في خبر غياث بن إبراهيم عنه عليه السلام أيضا: «لا بأس بالغلام الذي لم يبلغ الحلم أن يؤم القوم و أن يؤذن»۸.

و نحوهما غيرهما.

إذ المقصود منه الإعلام بدخول الوقت و هو يحصل بأذان غير البالغ أيضا إذا علم الوقت أو علمه غيره، بل ذكرنا أنّه يحصل بأذان غير الإنسان، كما يحصل الإعلام بدخول الوقت بصياح الديك، كما مر سابقا.

كلّ ذلك لشمول إطلاقات الأدلة بناء على شريعة عباداته. كما هو التحقيق.

لأنّهما كنفس صلاته فإن كانت تمرينية فهما كذلك و إن كانت شرعية- كما هو الحق- فهما كذلك أيضا، و قد أثبتنا كونها شرعية مرارا.

العمدة فيه كثرة اهتمام الشارع بسترهنّ و اختفائهنّ، و عدم عموم، أو إطلاق وارد في البين من كلّ جهة حتّى يصح التمسك به لأذانهنّ للإعلام و لجماعة الأجانب، بل يكون ذلك مستنكرا بين المتشرعين و المتشرعات في كلّ عصر و زمان.

لقاعدة الاشتراك، و ظهور الاتفاق، و ما دل على استحبابهما للجماعة الشامل لجماعتهنّ أيضا.

لأصالة عدم الإجزاء بعد الشك في شمول دليل الإجزاء و الاجتزاء لذلك.

لدعوى: ظهور الإطلاق فيه. و لكن مقتضى الأصل عدم الإجزاء فيه أيضا بعد الشك في شمول الدليل له، و قد تقدم في المسألة التاسعة بعض الكلام، فراجع.

للإجماع، و ظواهر ما مرّ من النصوص‏۹، و التأسي و السيرة.

لظاهر النصوص و الإجماع، و في صحيح زرارة: «من سها في الأذان فقدم أو أخّر أعاد على الأول الذي أخّره حتّى يمضي على آخره»۱۰.

و في خبر الفقيه: «و كذلك في الأذان و الإقامة- أي تابع بينهما- فابدأ بالأول فالأول، فإن قلت (حيّ على الصّلاة) قبل الشهادتين تشهدت ثمَّ قلت:

(حيّ على الصّلاة)» ۱۱.

لتحصيل الترتيب اللازم إن أراد الجمع بينهما، و إلا فيجوز الاقتصار على كلّ منهما بعد عدم كونهما الارتباطيين، كما مرّ في أول فصل الأذان و الإقامة عند قوله: «و يجوز ترك الأذان و الاكتفاء بالإقامة». بل الاكتفاء بالأذان فقط.

لأنّ بذلك يحصل الترتيب، و لما مرّ في صحيح زرارة.

لعدم إمكان تحصيل الترتيب بعد فوت الموالاة، و لأنّ الترتيب و الموالاة شرط واقعي بلا فرق فيه بين العمد و غيره. هذا كلّه إن أراد الإتيان بهما، و إن أراد تركهما معا أو ترك أحدهما فتسقط جملة من هذه الفروع.

و أما موثق عمار قال: «سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل نسي من الأذان حرفا فذكره حين فرغ من الأذان و الإقامة، قال عليه السلام: يرجع إلى الحرف الذي نسيه فليقله و ليقل من ذلك الحرف إلى آخره و لا يعيد الأذان كلّه و لا الإقامة»۱۲.

فهو نحو تسهيل و ترخيص لا بأس بالعمل به في مورده كما يصح ترك الأذان و الاكتفاء بالإقامة، لموثقة الآخر: «إن نسي الرجل حرفا من الأذان حتّى يأخذ في الإقامة، فليمض في الإقامة و ليس عليه شي‏ء، فإن نسي حرفا من الإقامة عاد الى الحرف الذي نسيه ثمَّ يقول من ذلك الموضع إلى آخر الإقامة»۱۳.

فروع- (الأول): الفصول من كلّ منهما ارتباطية لظهور الأدلة و الإجماع، و أما نفسهما فليس كذلك، للأصل بعد فقد الدليل.

(الثاني): لو شك في أنّه أتى بهما مرتبا و لا يعيد إن كان في الأثناء، لأصالة عدم الإتيان بلا دليل حاكم عليها، بخلاف ما إذا كان بعد الفراغ، لقاعدة الفراغ.

(الثالث): إذا علم إجمالا أنّه أتى في أحدهما بخلاف الترتيب و لم يعلم أنّه في الأذان أو في الإقامة يعيدهما و يجوز له الاكتفاء بإعادة الإقامة فقط.

كلّ ذلك للسيرة خلفا عن سلف، بل الظاهر أنّ الموالاة في مثل هذه الجملات التي لها وحدة صورية معتبرة عرفا في المحاورات فتنزل إطلاقات الأدلة عليها بلا إشكال، و كذا بين الأذان و الإقامة بعد فرض إرادة الإتيان بهما و كونهما

من مقدمات الصلاة، لأنّ لهما حينئذ نحو وحدة عرفية، و كذا بين الإقامة و بين الصلاة، لكونها عند المتشرعة كباب الدخول في الصلاة، بل في خبر أبي هارون: «الإقامة من الصلاة»۱4.

و بالجملة الوحدة الصورية بين فصول كلّ منهما و بين الأذان و بين الإقامة و بينها و بين الصلاة مرعية بين المسلمين و ليس المراد بالموالاة الدقية العقلية، بل و لا الدقة العرفية أيضا، لعدم الدليل على اعتبار كلّ منهما، بل المراد حفظ الوحدة الصورية و عدم الإتيان بما يوجب محوها، و استنكار ذلك بحسب المحاورات العرفية الدائرة عند الناس.

لظواهر الأدلة المبينة لكيفيتهما، مضافا إلى ظهور التسالم و الإجماع.

لإطلاق النص، و الإجماع، بل الضرورة في الجملة، قال أبو عبد اللّه عليه السلام في صحيح معاوية بن وهب: «لا تنتظر بأذانك و إقامتك إلا دخول وقت الصلاة»۱٥.

و إطلاقه يشمل عدم الإجزاء و إن دخل الوقت في الأثناء.

نسب ذلك إلى المشهور، و البحث فيه من جهات:

الأولى: يجوز الإعلام قبل الوقت بأنّ الوقت سيدخل سواء كان ذلك بقراءة القرآن، أو بالمناجاة كما هو المتعارف في السّحر في بعض البلاد عند الشيعة أو بالأذان إن كانت في البين أمارة عليه بحيث لا يوجب الاشتباه على الناس و تحيرهم في الوقت، و يكفي في جواز ذلك كلّه أصالة الإباحة بعد عدم دليل على المنع لأنّ ما لا يجوز من الأذان قبل الوقت إنّما هو الأذان الذي كان إعلانا بدخول الوقت لا ما كان إعلانا بأنّ الوقت سيدخل بعد ذلك لتهيؤ الناس للصلاة في أول وقتها و لا يبعد أن يقال: باستحبابه، لأنّه من التسبيب إلى المسارعة إلى الخير و يوجب المغفرة.

الثانية: مقتضى أدلة توقيت أذان الصلاة بوقتها، و أذان الإعلام بدخول الوقت أيضا عدم جواز الإتيان به قبل الوقت مطلقا، و يدل عليه ما تقدم من النص، و الإجماع، بل الضرورة، و عن أصل النرسي عن أبي الحسن عليه السلام: «أنّه سمع الأذان قبل طلوع الفجر فقال: شيطان، ثمَّ سمعه عند طلوع الفجر فقال: «الأذان حقا»۱٦.

فلا يصح ذلك إلا أن يدل دليل على الخلاف.

و قد استدل للجواز بجملة من الأخبار:

منها: قول أبي عبد اللّه عليه السلام في الصحيح: «كان لرسول اللّه صلى اللّه عليه و آله مؤذنان أحدهما بلال و الآخر ابن أم مكتوم و كان ابن أم مكتوم أعمى، و كان يؤذن قبل الصبح، و كان بلال يؤذن بعد الصبح، فقال النبيّ صلى اللّه عليه و آله «إنّ ابن أم مكتوم يؤذن بليل فإذا سمعتم أذانه فكلوا و اشربوا حتّى تسمعوا أذان بلال»، فغيرت العامة هذا الحديث عن جهته- الحديث-»۱۷.

و عنه عليه السلام أيضا في الصحيح: «كان بلال يؤذن للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله و ابن أم مكتوم و كان أعمى يؤذن بليل و بلال يؤذن حين يطلع الفجر»۱۸.

و في صحيح ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «قلت له: إنّ لنا

مؤذنا يؤذن بليل، قال: أما إنّ ذلك ينفع الجيران لقيامهم إلى الصلاة، و أما السنة فإنّه ينادى مع طلوع الفجر- الحديث-»۱۹.

و قريب منه خبره الآخر، و لا ريب في ظهور هذه الأخبار قولا و تقريرا في جوازه قبل الفجر، و ما تقدم من خبر النرسي ضعيف سندا لا يصلح لمعارضة هذه الأخبار الكثيرة المعتبرة المعتضدة بعمل المشهور، و يمكن حمله على ما إذا أوجب تلبس الأمر على المؤمنين و وقوع صلاتهم قبل الوقت، كما أنّ صحيح الحلبي- قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الأذان قبل الفجر، فقال: إذا كان في جماعة فلا، و إذا كان وحده فلا بأس»۲۰.

ساقط، لإجماله و هجره بين الأصحاب.

إن قلت: ما تقدم من قول أبي عبد اللّه عليه السلام: «و أما السنة فإنّه ينادى مع طلوع الفجر» يدل بالمفهوم على أنّ الأذان قبل الفجر بدعة لا يجوز.

قلت: المراد بالنسبة الوظيفة الشرعية التي يؤتى بها للإعلام بدخول الوقت و لا ريب في أنّه بهذا القصد بدعة، و إنّما الكلام فيما إذا ترتبت عليه فائدة شرعية أخرى كالتأهب للصلاة و نحوه مع عدم تلبس دخول الوقت على المصلّين.

إن قلت: إنّ ابن أم مكتوم كان يؤذن بقصد الإعلام بدخول الوقت و مع ذلك لم يردعه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و هو تقرير للبدعة.

قلت: أولا إنّه كان معتقدا بدخول الوقت و لا معنى للبدعة. و ثانيا: إنّ عماه، و تصريح النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بعدم ترتيب الأثر على أذانه يسقط أذانه عند الناس، فيترتب على أذانه فائدة تأهب الناس للصلاة فقط دون سائر الآثار.

و منه يظهر أنّه يمكن أن يجعل النزاع بين المشهور و بين من خالفهم- كالسيد و الحلي- لفظيا قهرا إذ مراد المشهور من الجواز ما إذا ترتب عليه أثر شرعي غير توهم دخول الوقت و مراد غيرهم ما إذا أوجب ذلك التلبيس على المصلّين و وقوع صلاتهم قبل الوقت.

الثالثة: لا ريب في أنّه لا يجوز الاكتفاء بهذا الأذان للإعلام بدخول الوقت حين الأذان أو بعده بلا فصل، لفرض كونه قبل الوقت، و أما مع الفصل، فيصح بعد أن كان مأذونا فيه شرعا و كان مضبوطا كما إذا علم أنّ الأذان يكون قبل دخول الوقت بنصف ساعة أو ربعها- مثلا- فبعد مضيّ نصف ساعة أو الربع يصح ترتيب الأثر على دخول الوقت، فيشمله إطلاق ما دل على الاعتماد على أذان الثقة۲۱ و هل يشمله إطلاق دليل استحباب الحكاية۲۲ و الاكتفاء بالسماع؟ لا يبعد ذلك أيضا، لأنّه أذان غير محرّم شرعا مع تحقق سائر الشروط التي مرّ اعتبارها في السماع، و لكن يمكن دعوى الانصراف عن مثله. و منه يظهر وجه الاحتياط المذكور في المتن. هذا في الأذان قبل دخول الوقت.

و أما الأذان بعد دخوله فإن كان بعده بيسير مثل دقيقتين أو ثلاث دقائق فلا بأس به، و إن كان أزيد فلا يجوز إن كان بعنوان التشريع، و كذا إن ترتب عليه تشويش المصلّين و اضطرابهم بعد إحرازهم دخول الوقت و إتيانهم للصلاة أو كانوا في أثنائها، و إن لم يكن كذلك فلا بأس.

المشهور عدم وجوب الطهارة من الحدث في الإقامة، للأصل، و إطلاق الأدلة. و نسب إلى جمع من الفقهاء وجوبها فيها، لقول أبي جعفر عليه السلام في صحيح زرارة قال: «تؤذن و أنت على غير وضوء في ثوب واحد قائما أو قاعدا و أينما توجهت، و لكن إذا أقمت فعلى وضوء متهيئا للصلاة»۲۳.

و عن أبي عبد اللّه عليه السلام في صحيح الحلبي قال: «لا بأس أن يؤذن الرجل من غير وضوء و لا يقيم إلا و هو على وضوء»۲4.

و عنه عليه السلام أيضا: «إنّ عليا كان يقول- في حديث-: و لا بأس بأن يؤذن المؤذن و هو جنب، و لا يقيم حتّى يغتسل»۲٥.

و عن عليّ بن جعفر عن أخيه عليه السلام: «فإن أقام و هو على غير وضوء أ يصلّي بإقامته؟ قال: لا»۲٦.

و ظاهر هذه الأخبار و إن كان اشتراط الطهارة في الإقامة إلا أنّ قوله عليه السلام فيما مر من الصحيح متهيئا للصلاة ظاهر، بل نصّ في أنّ هذه الطهارة طهارة تهيئة للصلاة، و الطهارة التهيئية ليست بواجبة قطعا. نعم، تكون مندوبة، و الواجب إنّما هو الطهارة المقرونة مع الشروع في الصلاة فقط، فيصلح قوله عليه السلام هذا قرينة لصرف سائر الأخبار عن ظاهرها مضافا إلى وهنها بإعراض المشهور هذا مع أنّ مقتضى مرتكزات المتشرعة التزامهم بالشرائط المعتبرة في الصلاة حين الأذان و الإقامة غالبا كالتزامهم بها في التكبيرات السبعة الافتتاحية و الأدلة وردت إرشادا إلى هذا المرتكز، فلا يستفاد منها حكم تعبدي. و منه يظهر أنّه لا وجه للاحتياط الوجوبي فضلا عن الفتوى. نعم، استحباب الطهارة فيهما مسلّم و يتأكد في الإقامة، لما مرّ.

(مسألة ۱): إذا شك في الإتيان بالأذان بعد الدخول في الإقامة لم يعتن به و كذا لو شك في فصل من أحدهما بعد الدخول في الفصل اللاحق. و لو شك قبل التجاوز أتى بما شك فيه (۲۷).

أما الأولان، فلقاعدة التجاوز، و أما الأخير، فلأصالة عدم الإتيان من غير دليل حاكم عليها، و يأتي في الخلل ما ينفع المقام.

  1. راجع الوسائل باب: 4 من أبواب الأذان و الإقامة.
  2. الوسائل باب: ٦ من أبواب الأذان و الإقامة حديث: ۳.
  3. الوسائل باب: ٦ من أبواب الأذان و الإقامة حديث: ۱.
  4. الوسائل باب: ۲٦ من أبواب الأذان و الإقامة حديث: ۱.
  5. الوسائل باب: ۳ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۱.
  6. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب العاقلة.
  7. الوسائل باب: ۳۲ من أبواب الأذان و الإقامة حديث: ۱.
  8. الوسائل باب: ۳۲ من أبواب الأذان و الإقامة حديث: 4.
  9. راجع النصوص التي وردت في كيفية الأذان و الإقامة صفحة: ۲۰- ۲۱.
  10. الوسائل باب: ۳۳ من أبواب الأذان و الإقامة حديث: ۱.
  11. الوسائل باب: ۳۳ من أبواب الأذان و الإقامة حديث: ۳.
  12. الوسائل باب: ۳۳ من أبواب الأذان و الإقامة حديث: 4.
  13. الوسائل باب: ۳۳ من أبواب الأذان و الإقامة حديث: ۲.
  14. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الأذان و الإقامة حديث: ۱۲.
  15. الوسائل باب: ۸ من أبواب الأذان و الإقامة حديث: ۱.
  16. مستدرك الوسائل باب: ۷ من أبواب الأذان و الإقامة حديث: ۲.
  17. الوسائل باب: ۸ من أبواب الأذان و الإقامة حديث: ۲.
  18. الوسائل باب: ۸ من أبواب الأذان و الإقامة حديث: ۳.
  19. الوسائل باب: ۸ من أبواب الأذان و الإقامة حديث: ۷.
  20. الوسائل باب: ۸ من أبواب الأذان و الإقامة حديث: ٦.
  21. الوسائل باب: ۳ من أبواب الأذان و الإقامة.
  22. الوسائل باب: 4٥ من أبواب الأذان و الإقامة.
  23. الوسائل باب: ۹ من أبواب الأذان و الإقامة حديث: ۱.
  24. الوسائل باب: ۹ من أبواب الأذان و الإقامة حديث: ۲.
  25. الوسائل باب: ۹ من أبواب الأذان و الإقامة حديث: ٦.
  26. الوسائل باب: ۹ من أبواب الأذان و الإقامة حديث: ۸.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"