1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. کتاب الصلاة
  10. /
  11. فصل في موجبات سجود السهو و كيفيته و أحكامه
(مسألة ۱): يجب سجود السهو لأمور: «الأول» الكلام سهوا (۱). بغير قرآن و دعاء و ذكر (۲)، و يتحقق بحرفين أو بحرف واحد مفهم في أيّ لغة كان (۳)، و لو تكلم جاهلا بكونه كلاما بل تخيل أنّه قرآن أو ذكر أو دعاء لم يوجب سجدة السهو، لأنّه ليس بسهو (٤). و لو تكلم عامدا بزعم أنّه خارج عن الصّلاة يكون موجبا لأنّه باعتبار السهو عن كونه في الصّلاة يعد سهوا. و أما سبق اللسان فلا يعد سهوا (٥)، و أما الحرف الخارج من التنحنح و التأوّه و الأنين الذي عمده لا يضر، فسهوه أيضا لا يوجب السجود (٦). «الثاني»: السلام في غير موقعه ساهيا (۷)، سواء كان بقصد الخروج- كما إذا سلّم بتخيل تمامية صلاته- أو لا بقصده (۸)، و المدار على إحدى الصيغتين الأخيرتين (۹) و أما «السلام عليك أيها النّبي ..» فلا يوجب شيئا من حيث إنّه سلام (۱۰). نعم، يوجبه من حيث أنّه زيادة سهوية (۱۱)، كما أنّ بعض إحدى الصيغتين كذلك. و إن كان يمكن دعوى إيجاب لفظ «السلام» للصدق، بل قد قيل إنّ حرفين منه موجب، لكنّه مشكل إلّا من حيث الزيادة (۱۲). «الثالث»: نسيان السجدة الواحدة (۱۳) إذا فات محلّ تداركها كما إذا لم يتذكر إلّا بعد الركوع أو بعد السلام. و أما نسيان الذكر فيها أو بعض واجباتها الأخر- ما عدا وضع الجبهة- فلا يوجب إلا من حيث وجوبه لكلّ نقيصة. (۱٤). «الرابع»: نسيان التشهّد مع فوت محلّ تداركه، و الظاهر أنّ نسيان بعض أجزائه أيضا كذلك، كما أنّه موجب للقضاء أيضا كما مرّ. «الخامس»: الشك بين الأربع و الخمس بعد إكمال السجدتين كما مرّ سابقا. «السادس»: للقيام في موضع القعود أو العكس (۱٥)، بل لكل‏ زيادة و نقيصة (۱٦) لم يذكرها في محلّ التدارك. و أما النقيصة مع التدارك فلا توجب (۱۷). و الزيادة أعم من أن تكون من الأجزاء الواجبة أو المستحبة- كما إذا قنت في الركعة الأولى مثلا، أو في غير محله من الثانية و مثل قوله: «بحول اللّه» في غير محلّه (۱۸). لا مثل التكبير أو التسبيح (۱۹) إلا إذا صدق عليه الزيادة- كما إذا كبّر بقصد تكبير الركوع في غير محلّه- (۲۰) فإنّ الظاهر صدق الزيادة عليه، كما أنّ قوله: «سمع اللّه لمن حمده» كذلك. و الحاصل: إنّ المدار على صدق الزيادة (۲۱). و أما نقيصة المستحبات فلا توجب حتّى مثل القنوت (۲۲) و إن كان الأحوط عدم الترك في مثله إذا كان من عادته الإتيان به دائما (۲۳)، و الأحوط عدم تركه في الشك في الزيادة و النقيصة (۲٤).

إجماعا، و نصّا ففي صحيح ابن الحجّاج قال: «سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن الرجل يتكلّم ناسيا في الصّلاة يقول: أقيموا صفوفكم فقال (عليه السلام): يتم صلاته ثمَّ يسجد سجدتي السهو»۱، و قد مرّ قوله (عليه السلام) أيضا في صحيح ابن أبي يعفور:- في الشك بين الاثنين و الأربع- «و إن تكلّم فليسجد سجدتي السهو»۲، و في موثق عمار عنه (عليه السلام) أيضا: «عن الرجل إذا أراد أن يعقد فقام، ثمَّ ذكر من قبل أن يقدم شيئا أو يحدث شيئا قال (عليه السلام): ليس عليه سجدتا السهو حتّى يتكلم بشي‏ء»۳، و في خبر سعيد الأعرج المشتمل على سهو النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) «و سجد سجدتين لمكان الكلام»4.

و نوقش‏ في الجميع بمعارضته بما يأتي من صحيح زرارة، و ابن مسلم و أنّ صحيح ابن أبي يعفور مجمل كما مرّ٥، و المراد بالتكلّم في موثق عمار الذكر

و التسبيح، فيكون دليلا لوجوب السجود لمطلق الزيادة، و فعل النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) مجمل يمكن أن يحمل على مطلق الرجحان، و لذا نسب إلى الصدوقين عدم الوجوب، و إلى بعض المتأخرين الفتوى بالاستحباب.

و يمكن دفع جميع المناقشات: أمّا المعارضة فيأتي بيان المعارض و ما فيه، و جملة «و إن تكلّم، فليسجد سجدتي السهو» في صحيح ابن أبي يعفور لا إجمال فيها بوجه، و المنساق من الكلام في موثق عمار الكلام الآدمي لا غيره، و حكاية الإمام لفعل النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) في مقام البيان ظاهر في الوجوب فما هو المشهور هو المتعين.

و أمّا المعارض، فهو أولا: صحيح زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): «في الرجل يسهو في الركعتين و يتكلّم، فقال (عليه السلام) يتم ما بقي من صلاته- تكلّم أو لم يتكلّم- و لا شي‏ء عليه»٦، و صحيح ابن مسلم عنه (عليه السلام) أيضا: «في رجل صلّى ركعتين من المكتوبة، فسلّم و هو يرى أنّه قد أتّم الصلاة و تكلّم ثمَّ ذكر أنّه لم يصلّ غير ركعتين، فقال (عليه السلام): أتمّ ما بقي من صلاته و لا شي‏ء عليه»۷ فيمكن أن يحمل على نفي الإثم بزعم المصلّي لا على نفي الإثم واقعا حتّى يقال إنّه لا إثم مع السهو كما يمكن أن يحمل على نفي الإعادة.

و توهم‏ أنّه لا وجه له، لاستفادته من قوله (عليه السلام): «يتم ما بقي من صلاته» في صحيح زرارة، و «أتمّ ما بقي من صلاته» في صحيح ابن مسلم، فيكون تأكيدا و هو خلاف الأصل.

مدفوع: بأنّ جملة «أتمّ ما بقي من صلاته و لا شي‏ء عليه» ظاهرة عرفا في عدم لزوم الإعادة و لا يلحظ مفرداتها مستقلّة حتّى يقال: إنّ «لا شي‏ء عليه» تأكيد أو تأسيس و حينئذ فهي ظاهرة في صحة الصلاة فقط و عدم لزوم الإعادة و ساكتة عن الجهات الأخر، مع وهنها باعراض المشهور و الإجماعات المنقولة على الخلاف.

و أما صحيح ابن يسار قال لأبي جعفر (عليه السلام) أكون في الصلاة فأجد

في بطني غمزا، أو أذى، أو ضربانا فقال (عليه السلام): انصرف ثمَّ توضأ و ابن على ما مضى من صلاتك ما لم تنقض الصلاة بالكلام متعمدا، و إن تكلمت ناسيا فلا شي‏ء عليك، فهو بمنزلة من تكلّم في الصلاة ناسيا»۸ فلا بدّ من رد علمه إلى أهله، و مع قطع النظر عن صدره، فدعوى أنّه يمكن أن يراد بقوله (عليه السلام):

«لا شي‏ء عليك» أو «لا شي‏ء عليه»- الوارد في أحكام الخلل- في خصوص نفي الإعادة- و يتبعه نفي الإثم من جهة نفس الصلاة- قريبة جدّا، فيكون ساكتا عن نفي شي‏ء آخر عليه.

لأنّ المتفاهم عرفا من التكلّم الذي يوجب سجود السهو إنّما هو ما لا يجوز فعله في الصلاة.

تقدم وجهه في «فصل مبطلات الصلاة» راجع الخامس من المبطلات.

الكلام الصادر في أثناء الصلاة على‏ أربعة أقسام: القسم الأول: ما كان عن عمد، و قد تقدّم حكمه في (فصل مبطلات الصلاة) و لا فرق فيه بين العلم بالحرمة و البطلان و عدمه.

القسم الثاني: ما كان عن جهل بالموضوع مع العلم بالحرمة و البطلان كما إذا تخيّل كون شي‏ء قرآنا، أو ذكرا، فتكلم به و لا يصحّ الحكم بكونه مبطلا، لأنّه التمسّك بدليل مبطلية الكلام العمدي بالنسبة إلى تمسّك بالعام في الشبهة المصداقية، كما لا وجه للحكم بكونه موجبا لسجود السهو، لعدم كونه من السهو عرفا فيكون المرجع حديث «لا تعاد» و أصالة عدم المانعية و أصالة البراءة عن سجود السهو.

القسم الثالث: ما لو تكلّم عامدا بزعم كونه خارجا عن الصلاة، فهو باعتبار

نفس التكلّم من حيث هو عمد، و باعتبار السهو في موضوعه يكون سهوا. و بعبارة أخرى: إنّه سهو حكميّ لا موضوعيّ، و في وجوب سجود السهو لمثله إشكال، لأنّ المنساق من التكلّم السهويّ ما كان عن سهو في نفس التكلم من حيث هو إلّا أن يقال: بأنّ المراد بالسهو ما لم يحكم بكونه عن عمد فيجب سجود السهو لكل كلام مطلقا إلّا ما كان عن عمد فقط، فيكون التكلّم في الصلاة على قسمين:

الأول: ما كان عمديا و هو يوجب البطلان.

و الثاني: ما كان غير عمد و هو يوجب سجود السهو، فيكون ذكر السهو في الأدلّة من جهة كونه الفرد الغالب في الكلام غير العمدي، فتحصل من ذلك قاعدة كليّة و هي: إنّ كل كلام كان عمده مبطلا يكون سهوه موجبا لسجود السهو.

القسم الرابع: ما صدر عن سبق اللسان، و في وجوب سجود السهو له أيضا إشكال، لعدم كونه سهوا موضوعا و لا يكون عمدا أيضا و يمكن كونه موجبا لسجود السهو بنحو ما مرّ آنفا.

(فرع): لو علم أنّه تكلم في الصلاة و لم يعلم أنّه كان عن عمد أو سهو و تردّد بينهما، فمقتضى ظاهر حال المصلّي عدم تعمده للكلام، فيدخل بذلك في موضوع وجوب سجود السهو بناء على ما مرّ من أنّ كل ما لم يحكم بكونه عمدا يشمله حكم السهو.

موضوعا، و أمّا حكما فقد تقدّم إمكان استفادة وجوب السجدة له أيضا.

للأصل بعد الشك في شمول الأدلّة لمثله، بل الظاهر عدم الشمول.

للإجماع، و استدلّ عليه تارة: بأنّه من التكلم السهوي، فيشمله ما دلّ على وجوب سجود السهو له. و فيه: أنّ المنساق عرفا من التكلّم هو التكلّم الآدمي لا مثل السلام الذي هو من أجزاء الصلاة.

و أخرى: بأنّه من الزيادة السهوية. و فيه: أنّ وجوب السهو لها مطلقا محل بحث- كما يأتي- و على فرض الوجوب، فمقتضى عد السلام قسما مستقلا أنّه مقابل لها لا أن يكون من صغرياتها إلّا أن‏ يقال: إنّه من صغرياتها، و لكن فيه خصوصية ليست في مطلق الزيادة أوجبت التعرّض لها بالخصوص.

و ثالثة: بموثق عمار عن الصادق (عليه السلام): «عن رجل صلّى ثلاث ركعات و هو يظن أنّها أربع، فلمّا سلّم ذكر أنّها ثلاث قال (عليه السلام): يبني على صلاته متى ما ذكر، و يصلّي ركعة و يتشهّد و يسلّم و يسجد سجدتي السهو و قد جازت صلاته»۹.

و فيه: أنّه لم يعلم أنّ وجوب سجود السهو لأجل عروض الشك، أو لأجل التشهّد، أو للسلام، أو للقعود في موضع القيام، أو لأجل المجموع من حيث المجموع، فالاستدلال على وجوبه لخصوص السلام من التخصيص بلا مخصّص.

و رابعة: بصحيح العيص عنه (عليه السلام) أيضا: «عن رجل نسي ركعة من صلاته حتى فرغ منها ثمَّ ذكر أنّه لم يركع قال (عليه السلام): يقوم فيركع و يسجد سجدتين»۲۰.

و فيه: مضافا إلى ما مرّ في سابقة أنّه يحتمل أن يراد بقوله (عليه السلام):

«و يسجد سجدتين» سجدتي الصلاة لا سجدتي السهو فيكون أجنبيا عن المقام إلّا أن يقال: إنّ ظهور الموثق في وجوب سجود السهو ممّا لا ينكر، و كذا الصحيح، فإنّ قوله (عليه السلام): «و يسجد سجدتين» ظاهر في سجدتي السهو، و لو كان المراد سجود الصلاة لقال ثمَّ يسجد، لأنّ معروفية السجدتين بعد الركوع يستغني عن ذكرهما، و حينئذ فالمتيقّن من مورد وجوب سجود السهو إنّما هو للسلام، لأنّه الذي يشبه الكلام الآدمي و ليست فيه الجزئية المحضة، فإن تمَّ الدليل على وجوبه لشي‏ء آخر نقول به، و إلّا فالمتيقن منه هو السلام. هذا مضافا إلى ما مرّ من القاعدة من أنّ كل كلام كان عمده مبطلا يكون سهوه موجبا لسجود السهو.

فما عن جمع من عدم الوجوب كالكليني، و الصدوقين، و العماني، و السيد،

و الديلمي، و ابني حمزة و زهرة مخدوش كما لا يخفى، و أمّا ما في صحيح الأعرج من قوله (عليه السلام): «و سجد سجدتين لمكان الكلام»۱۱ حيث إنّه (عليه السلام) خصّ السجود للكلام مع وقوع السلام أيضا، فلا يستفاد الحصر منه، و يمكن أن يكون ذكر الكلام لأجل كونه الفرد البارز في إيجاب السجود.

ثمَّ إنّ مدرك ما ذكرناه- من القاعدة من أنّ كل كلام كان عمده مبطلا كان سهوه موجبا لسجود السهو- إنّما هو ظهور الإجماع، و المنساق من ظواهر الأدلّة، فلا وجه لجعل بحث مستقل فيها كما لا يخفى.

أمّا الأول، فلكونه ظاهر الموثق. و أمّا الثاني، فلإطلاق الكلمات و عدم تفرقتهم بينهما.

لأنّهما المنساق من الأدلّة على فرض تمامية الدلالة، و مورد اتفاق الأجلّة.

لما مرّ من اختصاصه بالأخيرتين.

بناء على وجوبها لكل زيادة، و يأتي ما يتعلّق بذلك.

بل ممنوع لعدم إطلاق في البين حتّى يتمسّك بإطلاقه و على فرض وجوده يشك في صدقه عليه، فلا يصح التمسك به حينئذ، فمقتضى الأصل عدم الوجوب.

(فرع): ظاهر الكلمات هو الإطلاق، فيشمل السلام الواقع في حال القيام،

أو الركوع، أو السجود، و للتأمل فيه مجال إذا المتيقن من الأدلة على فرض الدلالة ما كان في حال الجلوس. نعم، بناء على كونه من باب مطلق الزيادة يصح ذلك، و لكنه مشكل صغرى و كبرى.

تقدم ما يتعلّق بها۱۲، و كذا الرابع‏۱۳ و الخامس‏۱4، فلا وجه للإعادة، لكونها من التطويل بلا طائل.

أمّا عدم الوجوب، فللأصل بعد عدم دليل عليه، و ظهور الأدلة في نسيان خصوص وضع الجبهة. و أمّا وجوبه لكل نقيصة، فيأتي الكلام فيه.

نسبه في الأمالي إلى دين الإمامية، و نسبه ابن إدريس فيما حكي عنه إلى أكثر المحققين، و حكي عن السيد، و سلار، و غير واحد ممّن تأخّر عنهم، و عن الغنية دعوى الإجماع عليه و استدلّ عليه تارة: بإجماع الغنية. و فيه: أنّه مخدوش كما ثبت في محلّه.

و أخرى: بصحيح ابن عمار: «عن الرجل يسهو فيقوم في حال قعود أو يقعد

في حال قيام قال: يسجد سجدتين بعد التسليم و هما المرغمتان ترغمان أنف الشيطان»۱٥ و بموثق عمار: «عن السهو ما تجب فيه سجدتا السهو؟

قال (عليه السلام): إذا أردت أن تقعد فقمت، أو أردت أن تقوم فقعدت، أو أردت أن تقرأ فسبحت، أو أردت أن تسبّح فقرأت فعليك سجدتا السهو و ليس في شي‏ء ممّا تتم به الصلاة سهو، و عن الرجل إذا أراد أن يقعد فقام ثمَّ ذكر من قبل أن يقدم شيئا أو يحدث شيئا، فقال (عليه السلام): ليس عليه سجدتا السهو حتّى يتكلّم بشي‏ء»۱٦.

و أورد عليه‏ بأنّه لا بدّ من تقييد صدر موثق عمّار بذيله، فيكون القيام في موضوع القعود أو العكس الذي وقع فيه التكلّم سهوا موجبا للسجود دون مطلق القيام في محل القعود أو العكس، فيقيد صحيح ابن عمّار بذلك أيضا.

و فيه: أنّه يمكن حمل الذيل على القعود المندوب الذي تركه المصلّي سهوا كالقعود لمندوبات التشهّد مثلا بعد الإتيان بواجباته، و يصحّ أن يراد بالتكلّم حينئذ التكلّم الآدمي سهوا، أو مطلق الذكر و القراءة في غير المحل، فلا وجه بعد ذلك لرفع اليد عن ظاهر الصدر و تقييده بالذيل ثمَّ تقييد صحيح ابن عمّار به أيضا.

إن قلت: يعارضهما ما ورد في نسيان التشهّد و التذكّر قبل الركوع، و النصوص ظاهرة، بل صريحة في وجوب الرجوع و التدارك و عدم وجوب سجود السهو- كما تقدّم.

قلت: ليس تلك النصوص واردة في مقام بيان سجود السهو و عدمه بل وردت لبيان حكم التشهّد قبل الدخول في الركن اللاحق، فتقيّد بأدلّة المقام.

و أمّا صحيح الحلبي: «عن الرجل يسهو في الصلاة، فينسى التشهّد قال (عليه السلام): يرجع، فيتشهّد قلت: أ يسجد سجدتي السهو؟

فقال (عليه السلام): لا، ليس في هذا سجدتا السهو»۱۷ فالمراد به نفس نسيان التشهّد بقرينة قوله فيما مرّ من صحيح ابن عمّار: «ليس فيما يتم به الصلاة سهو»

و ليس في مقام بيان حكم القيام في غير المحل فراجع.

نسب ذلك إلى جمع من المتأخرين منهم العلامة، و عن الشيخ نسبته إلى بعض أصحابنا، و عن الدروس بعد نقله لذلك قال: «لم نظفر بقائله و لا مأخذه إلّا رواية الحلبي» و مراده عدم الظفر بقائله بين المتقدّمين و إلّا فقد نسبه في الذكرى إلى العلامة و اختاره أيضا و قال في الجواهر: «فمن العجيب ما سمعته من الدروس مع أنّه خيرة الفاضل قبله و خيرته نفسه فيما سمعت من كتبه، بل قد سمعت أنّه حكى عن الصدوق أيضا و ربما استفيد من المحكي عن أبي علي» و كيف كان فاستدلّ عليه تارة: بما عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن سفيان بن السميط عن الصادق (عليه السلام): «قال تسجد سجدتي السهو في كل زيادة تدخل عليك أو نقصان»۱۸.

و فيه أولا: بعد الإغماض عن جهالة سفيان- لوقوعه في طريق رواية ابن أبي عمير، و ادعي الإجماع على تصحيح ما يصحّ عنه على فرض اعتبار هذا الإجماع- إنّ إعراض المشهور عنه، و عدم أثر في الأخبار لهذا الحكم العام البلوى، و عدم قول بالوجوب إلى زمن العلامة (رحمه اللّه) ممّا يوهن استفادة الوجوب منه.

و ثانيا: خلو جملة من الأخبار الواردة في نسيان بعض الأجزاء عن التعرّض لسجود السهو، بل في بعضها أنّه لا شي‏ء عليه كصحيح زرارة: «من ترك القراءة متعمدا أعاد الصلاة و من نسي فلا شي‏ء عليه»۱۹، و في صحيح ابن مسلم: «من نسي القراءة فقد تمّت صلاته و لا شي‏ء عليه»۲۰.

و لكن يمكن‏ المناقشة: فيها: بأنّها في مقام بيان إتمام الصلاة و عدم الإعادة، فتكون جملة: «لا شي‏ء عليه» عبارة أخرى عن عدم الإعادة و ليست متعرّضة لنفي سجود السهو حتّى تعارض الأخبار الدالة عليه، كما أنّه معارضته بما تقدّم من‏

الأخبار الدالة على أنّه ليس عليه سهو في نسيان السجدة لا وجه له لما تقدّم من وهنها بإعراض المشهور.

و أخرى: بصحيح فضيل بن يسار سأل أبا عبد اللّه (عليه السلام): «عن السهو فقال: من حفظ سهوه، فأتمّه فليس عليه سجدتا السهو و إنّما السهو على من لم يدر أ زاد في صلاته أم نقص»۲۱، و قريب منه موثق سماعة۲۲، و بصحيح الحلبي عن الصادق (عليه السلام): «إذا لم تدر أربعا صلّيت أم خمسا، أم نقصت أم زدت، فتشهّد و سلّم و اسجد سجدتين بغير ركوع و لا قراءة، فتشهّد فيهما تشهّدا خفيفا»۲۳. و جملة: «لم يدر زاد في صلاته أم نقص» تحتمل، وجوها:

الأول: العلم الإجمالي بأحدهما أنّه إمّا زاد أو نقص.

الثاني: الشك في أحدهما بأن يكون مركبا من جملتين مستقلتين يعني: من لم يدر زاد أم لا، يسجد سجدتي السهو. و من لم يدر نقص أم لا فكذلك، بناء على هذين الوجهين يدل على وجوب السجود عليه مع العلم التفصيلي بالسهو بالأولوية كما عن العلّامة و الشهيد (رحمهما اللّه).

و فيه: منع ثبوت الأولوية بحيث يوجب الجزم بالحكم.

الثالث: ما يختص بصحيح الحلبي و هو أن يكون «أم نقصت» معطوفا على فعل الشرط يعني: إذا زدت أو نقصت، فيدل عليه المدعى حينئذ بالمطابقة، و لكنه خلاف الظاهر.

الرابع: أن يكون المراد بالزيادة و النقيصة فيها الشك في زيادة الركعة أو نقيصتها لا مطلق الزيادة و النقيصة و حينئذ لا ربط له بالمقام.

و ثالثة: بصحيح صفوان قال: «سألته عن سجدتي السهو فقال: إن نقصت فقبل التسليم و إن زدت فبعده»۲4، و نحوه صحيح سعد الأشعري‏۲٥ بدعوى أنّ المنساق منهما مفروغية وجوب سجود السهو للزيادة و النقيصة و إنّما بيّن (عليه السلام) محله.

و فيه: أنّه ليس في مقام بيان وجوب سجود السهو، بل في مقام بيان محله، مع أنّه خلاف المشهور، و موافق مع العامة.

و رابعة: بأنّ سجود السهو إرغام للشيطان كما في الخبر۲٦ و إرغام الشيطان واجب مع الإمكان و لا يتّصف بالاستحباب، لأنّه من أعدى الأعداء و ألد الخصوم.

و فيه: أنّه يمكن أن يكون ذلك من الحكمة لا العلة التامة المنحصرة، فالجزم بالفتوى مشكل.

لعدم تحقّق النقيصة مع التدارك. نعم، قد يستلزم التدارك زيادة شي‏ء كما إذا نسي الفاتحة و قرأ السورة و تذكر بعد إتمامها و رجع و أتى بالفاتحة و السورة فلم ينقص منه شي‏ء و إنّما زيد السورة، فتجب للزيادة حينئذ.

كل ذلك للإطلاق، و صدق الزيادة في عرف المتشرّعة سواء أمكن فرض جزئية المستحب للواجب أم لا، إذ المراد بالزيادة هنا ما هو داخل في الصلاة بنظر عرف المتشرّعة، مع أنّا قد صححنا إمكان جزئية المستحب كما مرّ مرارا.

لكونهما من مطلق الذكر المطلوب في كل حال في الصلاة و غيرها و ليس مطلوبيتهما من حيث مطلق الذكر محدودا بحد خاص حتى يتصوّر فيهما الزيادة أو النقيصة.

أو سبّح بقصد تسبيح الركوع أو السجود في غير المحل.

و هي متقوّمة بقصد الجزئية، فإن كانت عن عمد تبطل، و إن كانت عن سهو توجب سجود السهو في غير ما كان سهوه أيضا موجبا للبطلان كالأركان.

اقتصارا في الحكم المخالف للأصل على المتيقن من مفاد الأدلّة و لأنّ المنساق من الأدلّة أنّ النقيصة السهوية هي التي إذا حصلت عمدا أو أوجبت البطلان و ليست المندوبات كذلك، و قال في الجواهر: «بل عن غاية المراد أنّ الذي عليه المتأخّرون وجوبها في كل موضع لو فعله أو تركه عمدا بطلت صلاته، فيخرج حينئذ نسيان القنوت، و فعل الذكر و الدعاء بغير قصد و نحوهما مما لا يقدح عمدا».

قال في الجواهر: «ثمَّ الظاهر استثناء المندوبات كالقنوت و نحوه مما عرفت، فلا يجب سجود السهو بنسيانه بعد العزم على فعله كما نص عليه الفاضل و الشهيدان- إلى أن قال- خلافا لظاهر بعضهم بل المحكي عن أبي علي من أنّه لو نسي القنوت قبل الركوع أو بعده قنت قبل أن يسلّم ثمَّ تشهد و سجد سجدتي السهو» فيستفاد منه أنّ صورة العزم على الإتيان ثمَّ الترك السهوي مورد الخلاف لا صورة العادة عليه، و يمكن كونهما متلازمين، فإنّ العادة ملازمة للعزم الإجمالي و وجه اختصاص سجود السهو بصورة العزم على الإتيان أنّ في صورة عدم العزم يكون من الترك العمدي، و لا وجه لسجوده في الترك العمدي، و لكن الأحوط في غير صورة العزم على العدم هو الإتيان، لصدق السهو الذي هو من الشيطان، فلا بدّ من إرغام أنفه.

لما تقدم من صحيح الفضيل، و الحلبي، و موثق سماعة۲۷، و تقدّم‏

محتملاتها و إجمالها من هذه الجهة، و لخبر زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام):

«قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله):» إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر زاد أم نقص فليسجد سجدتين و هو جالس و سمّاهما رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) المرغمتين»۲۸.

و يرد عليه‏ و على جميع ما استدلّ به على وجوب سجود السهو للشك في الزيادة و النقيصة على فرض تمامية دلالتها إعراض المشهور عنها أولا: و معارضتها بما دلّ على أنّ الشك بعد التجاوز و الفراغ ليس بشي‏ء الظاهر في عدم أثر للشك فيهما مطلقا لا بالنسبة إلى سجدة السهو و لا غيرها ثانيا. و بالأخبار المختلفة الواردة في الأبواب المتفرّقة۲۹ المتعرّضة لحكم الشك في الأفعال و عدم التعرّض لسجود السهو مع كونها في مقام البيان ثالثا، فلا بدّ و أن يحمل ما يمكن أن يستفاد منه سجود السهو لمطلق الشك في الأفعال على الندب القابل للمسامحة من كل جهة إلّا أن يقال: إنّ سجود السهو في مورد احتمال تشريعه إرغام الشيطان و لا وجه لاستحباب إرغام الخبيث مع الإمكان، و فيه ما تقدّم أنّه من الحكمة لا العلّة، فما نسب إلى العلامة في المختلف و الشهيد في الروض، و المفيد في الغربة من الوجوب مخدوش.

(مسألة ۲): يجب تكرره بتكرر الموجب، سواء كان من نوع واحد أو أنواع (۲٥) و الكلام الواحد موجب واحد و إن طال (۲٦) نعم، إن‏ تذكر ثمَّ عاد تكرر (۲۷) و الصيغ الثلاث للسلام موجب واحد (۲۸)، و إن كان الأحوط التعدد (۲۹) و نقصان التسبيحات الأربع موجب واحد، بل و كذلك زيادتها و إن أتى بها ثلاث مرّات (۳۰).

للإطلاق، لأصالة عدم التداخل لا في الأسباب و لا في المسببات إلّا إذا دلّ عليه دليل بالخصوص كما هو المطابق للعرف المأنوس، و قد قرّر ذلك في الأصول، و مقتضى الإطلاق عدم الفرق بين النوع الواحد و الأنواع المتعددة.

لأنّه المنساق عرفا من الأدلّة إذ لا ريب في عدم إرادة أجزاء الكلام و جزئياته من الزيادة و النقيصة بأن يجب على من نسي الفاتحة- مثلا- سجدات‏

بعدد حروفها أو آياتها، فإنّه مقطوع بخلافه، بل مقتضى ما ورد- أنّ في نسيان التشهّد سجدتا السهو۳۰ و ما تسالموا عليه من سجدتي السهو لنسيان السجدة الواحدة، مع اشتمالها على الأجزاء- هو أنّ المراد بوحدة ما يزاد و ينقص و يتعدّده الوحدة العنوانية العرفية عند المتشرّعة، فكل ما يعد واحدا بحسب المتعارف، ففي زيادته سهوا أو نقيصته كذلك سجدتي السهو مرة واحدة و إن تعدّد كذلك تتعدّد، فالكلام الواحد عرفا يجب فيه سجود السهو مرة و إن كانت له أجزاء كثيرة، بل جملات متعدّدة، و الفاتحة شي‏ء واحد، و كذا السورة إن وقع السهو في كل واحد منهما- و إن طالت السورة- و لا يبعد أن يقال: إنّ القراءة شي‏ء واحد و إن تركّبت من الفاتحة و السورة، و المسألة بحسب الأصول العملية من صغريات الأقل و الأكثر، فإنّ وجوب سجود السهو مرة واحدة معلوم في زيادة القراءة سهوا- مثلا- و الشك في الزائد فيرجع فيه إلى الأصل.

و أما بحسب الاستظهار من الأدلة، فالمحتملات ثبوتا أربعة:

الاحتمال الأول: وحدة السهو و المسهوّ عنه عرفا طال أو قصر، و مقتضى المتفاهم من الأدلّة عرفا، و أصالة البراءة عن الأكثر عدم وجوب سجدتي السهو إلّا مرة واحدة.

الاحتمال الثاني: تعدّد السهو و تعدّد المسهوّ عنه عرفا كما إذا سها فقرأ آية من الفاتحة، فتذكّر ثمَّ عرضه السهو فقرأ آية أخرى منها أو من غيرها، و مقتضى إطلاقات الأدلّة و شمولها لكل سهو مستقلا تعدد السجود فيه.

الاحتمال الثالث: تعدد السهو و وحدة السّهو عنه عرفا كما إذا سها فتكلّم ببعض الكلمة، فتذكّر ثمَّ عرضه السهو، فتكلّم ببعضها الآخر، و مقتضى الإطلاقات التعدّد أيضا إن كان بحرفين أو حرف واحد مفهم، و لو كان بحرف واحد مهمل، فالتمسك بوجوبه حينئذ بالأدلة اللفظية تمسك بالعام في الشبهة المصداقية، و مقتضى الأصل البراءة عن الوجوب مطلقا.

الاحتمال الرابع: وحدة السهو و تعدّد المسهوّ عنه عرفا و الظاهر شمول‏

الإطلاقات له، فيتعدّد السجود، و مع الشك في الشمول فالمسألة من صغريات الأقل و الأكثر، و لكن الظاهر عدم القصور في الشمول.

ثمَّ إنّ المناط في تعدّد المسهو به وحدة العنوان و عدمه في الأفعال، و في الأذكار وحدة الداعي و عدمه إن لم تكن من العناوين المختلفة عرفا كالتسبيحات و الاستغفار- مثلا- فإنّهما عنوانان عند عرف المتشرّعة، و يأتي في كفارات الإحرام نظير المقام، فراجع.

كما مرّ في القسم الثاني.

لتعنونها بعنوان التسليم الذي هو شي‏ء واحد عرفا، مضافا إلى إطلاق دليل وجوب سجود السهو للتسليم الشامل للجميع عند الإتيان بالجميع و للواحد عند الاكتفاء به، و لكن لو أتى ب (السلام عليك أيّها النبي) فقط فقد تقدّم عدم الوجوب له من حيث السلام و إن وجب من حيث الزيادة.

لاحتمال التعدّد بتعدّد الصيغ.

لما تقدّم من وحدة العنوان التي لا تنافي تعدّد الأجزاء و اختلافها فهي كسورة الفاتحة التي هي واحدة مع اختلاف آياتها. هذا كلّه مع وحدة السهو أيضا و أما مع تعدّده، فيتعدّد السجود.

(مسألة ۳): إذا سها عن سجدة واحدة من الركعة الأولى مثلا و قام و قرأ الحمد و السورة، و قنت و كبّر للركوع فتذكر قبل أن يدخل في الركوع، وجب العود للتدارك و عليه سجود السهو ست مرّات. (۳۱) مرّة لقوله: «بحول اللّه» و مرّة للقيام، و مرّة للحمد، و مرّة للسورة، و مرّة للقنوت، و مرّة لتكبير الركوع. و هكذا يتكرّر خمس مرّات لو ترك التشهّد و قام و أتى بالتسبيحات و الاستغفار بعدها و كبّر للركوع فتذكر.

لتعدّد المسهوّ به، فيتعدّد السجود أيضا و ليس ذلك داخلا تحت عنوان واحد عرفيّ قريب حتّى يجب السجود مرة كما في المسألة السابقة بل كل واحد من ذلك معنون بعنوان خاص. نعم، في قراءة الحمد و السورة لا يبعد الاكتفاء بالمرة

لوحدة عنوان القراءة بالنسبة إليها، و لكنّه مشكل أيضا للتعدد العرفيّ و لولاه لأمكن أن يقال: إنّ الجامع القريب في المقام الزيادة السهوية، فتجب سجدتان مرة واحدة فقط.

(مسألة ٤): لا يجب فيه تعيين السبب، و لو مع التعدّد (۳۲) كما أنّه لا يجب الترتيب فيه بترتيب أسبابه على الأقوى (۳۳) أما بينه و بين الأجزاء المنسية و الركعات الاحتياطية فهو مؤخر عنهما كما مرّ (۳٤).

للإطلاق، و الأصل و قد تقدّم مكررا أنّ التعيّن في القصد فرع تعيّن المقصود و تشخّصه في الخارج عن غيره و المقام ليس كذلك إذ لا فرق بين السجود للتكلّم و السجود للجزء المنسيّ أبدا.

لإطلاق الأدلّة، و أصالة البراءة، و قد تقدّم في [مسألة ۷] من الفصل السابق ما ينفع المقام فراجع، فإنّها متحدة مع المقام في الدليل.

تقدّم في [مسألة ۱۱] من الفصل السابق فراجع.

(مسألة ٥): لو سجد للكلام فبان أنّ الموجب غيره فإن كان على وجه التقييد وجبت الإعادة (۳٥) و إن كان من باب الاشتباه في التطبيق أجزاء (۳٦).

لأنّ ما قصده لا واقع له و ما له الواقع لم يقصد، و لكنه فيما إذا رجع إلى عدم قصد الأمر فيما هو المكلف به فعلا و إلّا فلا وجه للإعادة.

لتحقق القصد إلى المأمور به واقعا و الخطأ إنّما وقع في توهّم الخلاف لا في أصل قصد امتثال الأمر، و لا يضرّ توهّم الخلاف بعد تحقق قصد امتثال الأمر.

(مسألة ٦): يجب الإتيان به فورا (۳۷)، فإن أخر عمدا عصى (۳۸) و لم يسقط (۳۹)، بل وجبت المبادرة إليه، و هكذا (٤۰). و لو نسيه أتى به إذا تذكر و إن مضت أيام، و لا يجب إعادة الصلاة، بل لو تركه أصلا لم تبطل على الأقوى (٤۱).

لا لظهور الأمر في الفورية حتّى يقال: قد ثبت بطلانه في الأصول، بل لأنّ مقتضى مرتكزات المتشرّعة إتيان الواجبات المتعلّقة بالصلاة قبل الإتيان بالمنافيات متصلا بالصلاة، و في صحيح عبد الرحمن ابن الحجاج عن الصادق (عليه السلام): «سجدتا السهو قبل التسليم هما أم بعد؟

قال (عليه السلام): «بعد»۳۱.

و في صحيح ابن سنان عنه (عليه السلام): «إذا كنت لا تدري أربعا صلّيت أم خمسا فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك ثمَّ سلّم بعدهما»۳۲.

و في صحيح ابن أبي يعفور: «ثمَّ يسلّم و يسجد سجدتي السهو و هو جالس قبل أن يتكلّم»۳۳.

و في صحيح الفضيل «فإذا سلّم سجد سجدتين و هو جالس»۳4، و في خبر منهال القصاب: «أسهو في الصلاة و أنا خلف الإمام قال (عليه السلام): إذا سلّم فاسجد سجدتين و لا تهب»۳٥– أي: لا تخش من الناس أنّك سهوت.

و المنساق من الجميع عرفا هو الفورية العرفية المرتكزة في أذهان المتشرّعة أيضا، و يظهر من المحقق البهبهاني و السبزواري الإجماع عليها أيضا، و الظاهر أنّ ذكر التكلّم في صحيح ابن أبي يعفور من باب المثال لترك جميع ما هو مناف للفورية لا الخصوصية فيه بالخصوص.

و أما موثق ابن عمار: «عن الرجل يسهو في صلاته، فلا يذكر ذلك حتى يصلّي الفجر كيف يصنع؟ قال (عليه السلام): لا يسجد سجدتي السهو حتى تطلع‏

الشمس و يذهب شعاعها»۳٦ فهو في مقام بيان كراهية السجود عند طلوع الشمس، فلا ربط له بالمقام، مضافا إلى إعراض الأصحاب عنه مطلقا، فلا وجه لما عن العلامة و الشهيدين، و بعض من متأخّري المتأخرين من القول باستحباب الفورية.

ثمَّ إنّه لا يستفاد من مثل الصحيحين إلّا الفورية المتعارفة، و أما الحرمة التكليفية للكلام و غيره من المنافيات أو هي و الوضعية بمعنى بطلان الصلاة بتخلّل المنافي بينها و بين سجود السهو، فلا يدل عليه، و لكن نسب في الحدائق إلى جملة من الأصحاب حرمة إتيان المنافيات بينها و بين الصلاة.

ثمَّ الأخبار في محل سجود السهو على ثلاثة أقسام:

منها: ما مرّ و هو المشهور من أنّه بعد السلام.

و منها: ما دلّ على أنّه قبله كخبر أبي الجارود: «قلت لأبي جعفر (عليه السلام) متى أسجد سجدتي السهو؟ قال (عليه السلام): قبل التسليم لأنّك إذا سلّمت فقد ذهبت حرمة صلاتك»۳۷ و يرده عدم قائل به، و إعراض المشهور عنه مع ضعف سنده، و وهن تعليله.

و منها: ما دلّ على أنّها إن كانت للزيادة فبعد التسليم، و إن كانت للنقيصة فقبله كقول الرضا (عليه السلام) في صحيح سعد بن سعد: «في سجدتي السهو إذا نقصت قبل التسليم و إذا زدت فبعده»۳۸، و مثله قول الصادق (عليه السلام) في صحيح صفوان‏۳۹ و أسقطهما موافقتهما لما نسب إلى أبي حنيفة، و عدم قائل بهما من الخاصة إلّا ما نسب إلى أبي علي، فالمشهور هو المعوّل و عليه العمل.

لترك الفورية الواجبة، و لكن الظاهر أنّه من الذنوب المكفرة.

للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق.

لأصالة بقاء الفورية ما لم يسقط الأمر، و يقتضيه موثق عمار عن الصادق (عليه السلام): «سألته عن الرجل إذا سها في الصلاة فينسى أن يسجد سجدتي السهو قال: يسجدها متى ذكر».

عن المشهور نقلا و تحصيلا، بل لا أجد فيه خلافا إلّا من الشيخ (رحمه اللّه) في الخلاف فقال باشتراطه، و تبعه المولى الأكبر كما في الجواهر، و يدل على المشهور ظهور الأدلّة في تمامية الصلاة جزءا و شرطا بعد الفراغ و التسليم، كما أنّ أدلّة وجوب سجود السهو ظاهرة في أنّه نحو كفارة خاصة أوجبها عروض السهو في الصلاة من دون ربط له بها أصلا. نعم، يرتبط في رفع منقصة عروض السهو و الغفلة فقط حيث إنّ الشيطان سلط على المصلّي و أغفله عن اللّه تعالى في عبادته فيسلط المصلّي عليه أيضا بإتيان أعظم مظاهر العبودية التي هي السجدة، فارتباطها بالصلاة من هذه الجهة فقط كسائر الكفارات المشروعة التي لا ينافي تركها صحة أصل العمل، كما في جملة من كفارات الإحرام مع دخلها في رفع النقص الحاصل منه، و كالنافلة المشروعة لتكميل الفريضة مع عدم ارتباطها بها قيدا. هذا مضافا إلى أصالة عدم الارتباط أصلا عند الشك فيه مطلقا.

و استدلّ‏ المحقق البهبهاني على الشرطية تارة، بقول الفقهاء: «تجب السجدتان لكذا».

و فيه: أنّه لا فرق بين قولهم في المقام و قولهم في تروك الإحرام: «تجب الشاة مثلا لكذا».

و أخرى: بأنّ المنساق من أدلّتهما كونها دخيلا في صحة الصلاة.

و فيه: أنّه لا دلالة لها عليه بوجه، بل التصريح بكونهما المرغمتين، يدل على الخلاف فإنّ المتبادر من هذا التعبير عرفا أنّهما خارجتان عن حقيقة الصلاة

مطلقا وجبتا لمدافعة الشيطان، لأنّه أوقع المصلّي في السهو و النسيان.

و ثالثة: بقاعدة الاشتغال. و فيه: أنّ مورد الشك في الشرطية من موارد البراءة، مع أنّ مقتضى الإطلاق كون الوجوب نفسيا كما ثبت كل ذلك في محله.

و أما ما يقال: من أنّ الأدلّة على فرض التمامية إنّما تنافي الجزئية للصلاة لا الارتباطية بينهما كالأجزاء المنسية المتلازمة مع الصلاة ثبوتا و سقوطا، فمجرّد دعوى لا يعضدها الدليل، فلا يجوز عليه التعويل، لأنّ الارتباط بين الشيئين المتلازمين ثبوتا و سقوطا لا يعقل إلّا في مورد التقيّد جزءا أو شرطا و في غيره لا وجه للتلازم، لاحتياجه إلى دليل خاص و هو مفقود، مع أنّ مقتضى الأصل عدمه.

(مسألة ۷): كيفيته (٤۲): أن ينوي (٤۳)، و يضع جبهته على الأرض- أو غيرها مما يصح السجود (٤٤) عليه- و يقول (٤٥) «بسم اللّه‏ و باللّه و صلّى اللّه على محمّد و آله» (٤٦) أو يقول: «بسم اللّه و باللّه اللّهم صلّى على محمّد و آل محمّد» (٤۷) أو يقول: «بسم اللّه و باللّه السلام‏ عليك أيّها النبي و رحمة اللّه و بركاته» (٤۸). ثمَّ يرفع رأسه (٤۹) و يسجد مرّة أخرى و يقول ما ذكره و يتشهّد (٥۰). و يسلّم (٥۱) و يكفي في تسليمه السلام عليكم (٥۲). و أمّا التشهّد فمخيّر بين‏ التشهّد المتعارف و التشهّد الخفيف (٥۳). و هو قوله: أشهد أن لا إله إلّا اللّه و أشهد أنّ محمّدا رسول اللّه، اللّهمّ صلّ على محمد و آل محمد و الأحوط الاقتصار على الخفيف (٥٤) كما أنّ في تشهّد الصّلاة أيضا مخيّر بين القسمين، لكن الأحوط هناك التشهّد المتعارف، كما مرّ سابقا (٥٥). و لا يجب التكبير للسجود (٥٦) و إن كان أحوط (٥۷). كما أنّ الأحوط مراعاة جميع ما يعتبر في سجود الصّلاة فيه: من الطهارة من الحدث و الخبث، و الستر، و الاستقبال، و غيرها من الشرائط و الموانع التي للصّلاة- كالكلام و الضحك في الأثناء و غيرهما- فضلا عما يجب في خصوص السجود: من الطمأنينة، و وضع سائر المساجد، و وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه، و الانتصاب مطمئنا بينهما (٥۸) و إن كان في وجوب ما عدا ما عدا ما يتوقف عليه اسم السجود و تعدده نظر (٥۹).

مقتضى أصالتي الإطلاق و البراءة كفاية مجرد تحقق السجدتين عرفا و عدم اعتبار شي‏ء زائدا على صدق مسمّاها مما يعتبر في سجود الصلاة، و دعوى انصراف الأمر بمطلق السجود إلى إتيانه بنحو ما يعتبر في الصلاة لا شاهد عليه أصلا. نعم، ما دلّ على اعتبار أن لا يكون المسجد من المأكول و الملبوس بأنّ الناس عبيد ما يأكلون و يلبسون، و الساجد في سجوده في عبادة اللّه عزّ و جل، فلا ينبغي أن يضع جبهته في سجوده على معبود أبناء الدنيا، و ما دل على أنّ السجود على سبعة أعظم‏ يظهر منه اعتبار ذلك في قوام مطلق السجود لو لم نقل بظهوره في سجود الصلاة فقط، لأنّ معهودية السجود في الصلاة و ابتلاء المكلّفين به كل يوم و ليلة مرات تمنع عن شمول الأخبار لغيره، نعم، يمكن دعوى استنكار المتشرّعة بل العرف السجود مطلقا على الأعيان النجسة خصوصا مع التعدّي.

لكونهما عبادة و لا عبادة إلّا بالقصد و نيّة القربة.

تقدّم ما يتعلّق به.

نسب إلى المشهور وجوب الذكر فيهما في الجملة، و استدلّ عليه‏

تارة: بقاعدة الاشتغال. و فيه: أنّ المرجع في الشك في الشرطية إنّما هو البراءة لا الاشتغال كما ثبت في محلّه.

و أخرى: بأنّ المنصرف من سجود السهو كونه مثل سجود الصلاة في الواجبات. و فيه: أنّه لا وجه لهذا الانصراف في مقابل الإطلاقات الواردة في مقام البيان خصوصا مع موثق عمار عن الصادق (عليه السلام): «قال: سألته عن سجدتي السهو هل فيها تكبير أو تسبيح، فقال لا إنّما هما سجدتان فقط، فإن كان الذي سها هو الإمام كبّر إذا سجد و إذا رفع رأسه ليعلم من خلفه أنّه قد سها و ليس عليه أن يسبّح فيهما و لا فيهما تشهّد بعد السجدتين».

و ثالثة: بما يأتي من صحيح الحلبي و فيه: مضافا إلى اضطرار متنه الذي هو من أمارة الاستحباب لا بد من حمله عليه جمعا بينه و بين موثق عمار، و لذا اختار جمع من الفقهاء عدم الوجوب و لعلّه الأشهر، بل المشهور بين المتأخّرين منهم العلامة في المختلف و المنتهى، و المحقق في المعتبر و لكن ظهور الصحيح في الوجوب مما لا ينكر، و حمل موثق عمار على نفي خصوص التسبيح و التكبير ممكن، مما نسب إلى المشهور لو لم يكن أقوى فلا ريب في أنّه أحوط.

عن المحقق الأول في النافع الأحوط أن يقول: «بسم اللّه و باللّه و صلّى اللّه على محمد و آله في السجدة الأولى، بسم الله و باللّه السلام عليك أيّها النبيّ و رحمة اللّه و بركاته في السجدة الثانية»، و في مفتاح الكرامة: «نقلت هذه الصورة عن التقى» و لا دليل لهما على هذا التفصيل، و قد جعل هذا الاختلاف مؤيّدا للاستحباب، كما لا موافق للماتن على اختيار هذه الصورة في السجدتين لا من أقوال الفقهاء و لا من الأخبار.

لما يأتي في صحيح الحلبي، و الفقيه.

في الكافي عن الحلبي في الصحيح عن أبي عبد اللّه (عليه السلام):

«قال (عليه السلام): تقول في سجدتي السهو بسم اللّه و باللّه- اللهمّ صلّ على محمد و آل محمد- و صلّى اللّه على محمد و آل محمد» قال الحلبي: و سمعته مرة أخرى يقول فيهما: «بسم اللّه و باللّه السلام عليك أيّها النبيّ و رحمة اللّه و بركاته»44.

و في التهذيب بسند صحيح عن الحلبي «سمعت أبا عبد اللّه (عليه السلام):

يقول في سجدتي السهو: بسم اللّه و باللّه السلام عليك أيّها النبيّ و رحمة اللّه و بركاته».

و في الجواهر: «عن الفقيه عنه (عليه السلام) تقول في سجدتي السهو «بسم اللّه و باللّه و صلّى اللّه عليه محمد و آل محمد»، و عن بعض النسخ «و على آل محمد» و سمعته مرة أخرى: «يقول بسم اللّه و باللّه السلام عليك أيّها النبيّ و رحمة اللّه و بركاته» و نحوه في التهذيب، لكن بزيادة الواو قبل السلام».

و أشكل عليه بوجوه: الوجه الأول: ظهوره في وقوع السهو من الإمام (عليه السلام) و هو خلاف المذهب.

و فيه: أنّه لا ظهور فيه، لأنّ قوله «سمعته مرة أخرى يقول أي: يقول في مقام بيان الحكم و التعليم لا عند العمل بموجب السهو، و هذا التعبير كثير في الأخبار جدّا، مضافا إلى احتمال أن يكون قد اقتدى (عليه السلام) بالعامة و حصل السهو من إمام إجماعه، فأتى بسجود السهو (عليه السلام) معهم تقية إلى غير ذلك من الاحتمالات.

الوجه الثاني: معارضته بما مرّ من موثق عمار، و قد مرّ جوابه مضافا إلى أنّ ظهور الشهرة- القدمائية على خلافه- أسقطه عن الاعتبار.

الوجه الثالث: اختلاف نسخة.

و فيه: أنّ نسخة: (و على آل محمد) ساقطة لعدم كون هذا التعبير مأنوسا عنهم (عليهم السلام)، بل هو موافق لتعبيرات العامة، و ما ورد في بعض الدعوات ورد تقية، و أما نسخة: (و السلام عليك)- كما في التهذيب- بزيادة الواو قبل السلام، فهي أيضا ساقطة، لعدم ذكر «الواو» في غالب الجمل المشتملة على السلام على النبيّ، مع أنّ المقام من صغريات الأقل و الأكثر للشك في أصل تشريع لفظ «الواو» إذ يحتمل- أن يكون قد ذكر «الواو» على فرض ثبوتها في خبر الحلبي أي: «و يقول السلام عليك» كما يحتمل أن يكون قد كتبت ركزة للفصل بين (بسم اللّه و باللّه) و «السلام عليك» فاشتبه بالواو، و عن المحقق البهبهاني الجزم بأنّ الأصح ترك «الواو» و بذلك كلّه يشكل في لفظ «الواو» في قوله: «و صلّى اللّه على محمد و آل محمد» مع أنّه من المعلوم أنّ لفظ «واو» لا ربط له بالمعنى، فوجوده و عدمه من هذه الجهة سواء، و كذا لا دخل له بإعراب ما بعده أيضا، لأنّ ما بعده إما مبتدأ أو في محل الابتداء بدأ بالواو أم لا.

و على فرض صدور لفظ (الواو) من المعصوم (عليه السلام) إنّما صدر لمجرّد التزيين الظاهري الاستحبابي، فلا ملزم لذكره على فرض الصدور، هذا.

و أما الكلام في أصل صيغ التحية على النبي (صلّى اللّه عليه و آله) المنقولة من النسخ فالمسألة بالنسبة إليها من صغريات التعيين و التخيير، لاتفاق رواه الصحيح على نقل «السلام عليك أيّها النبيّ و رحمة اللّه و بركاته» و الاختلاف في غيرها، فيكون احتمال التعيين في هذه الصيغة دون غيرها من الصيغ و الزوائد.

لتوقف الاثنينية عليه لو لم نكتف بمجرّد النية. و لا يجب الجلوس للأصل و الإطلاق.

للإجماع، و جملة من النصوص كقول الصادق (عليه السلام) في صحيح الحلبي: «و اسجد سجدتين بغير ركوع و لا قراءة فتشهّد فيهما تشهّدا خفيفا» و قول أبي الحسن (عليه السلام) في صحيح ابن يقطين: «و يسجد للسهو

و يتشهّد تشهّدا خفيفا»، و نحوه قول الرضا (عليه السلام) في خبر سهل بن اليسع‏ إلى غير ذلك من الأخبار.

و عن العلامة (رحمه اللّه) في المختلف استحبابه و تبعه جمع ممن تأخّر عنه، للأصل و إطلاق جملة من الأخبار، و موثق عمار: «و لا فيهما تشهّد بعد السجدتين».

و فيه: أنّ الأصل مقطوع بالمستفيضة الظاهرة في الوجوب كما أنّ الإطلاق مقيّد بها أيضا، و موثق عمار محمول إما على التقية أو على التشهّد غير الخفيف من التشهّدات الطويلة المعروفة المشتملة على المندوبات مضافا إلى وهنه بإعراض الأصحاب، و الظاهر أنّ المراد بالخفيفة في الروايات ترك المندوبات لا الاقتصار على خصوص الشهادتين دون الإتيان بالصلاة.

قال في الجواهر- و نعم ما قال-: «لكن الإنصاف أنّ للتوقّف- أو المنع فيما زاد على ما يتحقق به مسمّى السجود عرفا أو شرعا، لعدم ظهور، أو انصراف معتد به في شي‏ء من الأدلّة، فيبقى الإطلاق سليما- مجالا». و أما ما عن بعض من اعتبار وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه و وضع المساجد السبعة على الأرض، لتقوم مطلق السجود بهما، فمشكل لأنّ معهودية السجود الصلاتي تمنع عن استفادة الإطلاق من أدلّة اعتبارهما لمطلق السجود.

يكفي في حسن الاحتياط احتمال اشتراط ذلك كلّه في سجود السهو، لاحتمال انصرافه إلى ما هو المعهود من سجود الصلاة في جميع الشرائط و الخصوصيات إلّا ما خرج بالدليل، و يشهد له ما ورد من أنّه بعد السلام و قبل الكلام خصوصا مثل وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه، و وضع المساجد

السبعة على الأرض الذي يمكن دعوى اعتباره في حقيقة مطلق السجود و إن كان فيه إشكال أيضا كما تقدّم، و لكن الانصراف المعتبر لا وجه له، فإطلاقات الأدلة، و أصالة البراءة عما زاد على تحقق مسمى السجدتين محكمة بعد عدم الدليل على الخلاف. نعم، يكفي مجرّد الاحتمال في حسن الاحتياط مضافا إلى وجود القائل به بالوجوب من الفقهاء بل عن مجمع البرهان في اعتبار الجلوس بينهما مطمئنّا لعلّه لا خلاف فيه، فيحسن الاحتياط خروجا عن الخلاف.

على المشهور، للأصل و الإطلاق، و موثق عمار: «سألته عن سجدتي السهو هل فيهما تسبيح أو تكبير؟ فقال (عليه السلام): لا إنّما هما سجدتان فقط، فإن كان الذي سها الإمام كبّر إذا سجد و إذا رفع رأسه ليعلم من خلفه أنّه قد سها و ليس عليه أن يسبّح فيهما- الحديث-»٥۲ (٥۷) خروجا عن خلاف ما نسب إلى الشيخ في ظاهر المبسوط من الوجوب و هو ضعيف جدا كما في الجواهر، و في غاية الضعف كما عن غيره نعم، نسب إلى المشهور استحبابه و لا دليل عليه أيضا إلّا الاعتماد على فتوى المشهور من باب المسامحة فيه. نعم، في خبر عمرو بن خالد عن زيد عن آبائه عن عليّ (عليه السلام) المشتمل على سهو النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) قال: «فاستقبل القبلة و كبّر و هو جالس ثمَّ سجد سجدتين»٥۳ و لكنه مما ينبغي القول به في نفسه.

و تقدّم ما يتعلق به.

جمودا على الظاهر الذي يمكن أن يستفاد منه العزيمة، و خروجا عن خلاف من ظاهره ذلك.

فرع: لو كان عليه سجود السهو و صلّى ركعتين و أتى بسجدتي الركعة الأخيرة بنحو سجود السهو فإن كان ذلك سهوا أو جهلا، فالظاهر صحة الصلاة، لحديث «لا تعاد» بناء على جريانه في صورة الجهل أيضا، و يجب عليه الإتيان بسجدتي السهو و إن كان ذلك عن عمد، فالظاهر صحة سجود السهو و بطلان الصلاة بناء على وجوب خصوص التسبيح في السجود و عدم إجزاء غيره اختيارا، و لكن إن رجع ذلك إلى التشريع في نية سجود السهو يبطل السجود أيضا من هذه الجهة، و أما التداخل فمقتضى الأصل عدمه.

لورود لفظ الخفيف في جملة من الأخبار التي تقدم بعضها. و هو يحتمل أحد معان ثلاثة: إما بمعنى ترك مندوبات التشهّد، أو بمعنى الاقتصار على أقلّ الواجبات، أو بمعنى الاقتصار على خصوص الشهادتين و ترك الصلاة و الظاهر بطلان الأخير، لأنّ التشهّد في الأدلّة و عند المتشرّعة عبارة عن الشهادتين و الصلوات فيتردّد بين أحد الأولين و إرادة الأول منهما متعيّن و الشك إنّما هو في إرادة الثاني و مع الشك في الصلاة لا يصح التمسك بالإطلاق، فلا بد من الرجوع إلى الأدلّة الواردة في التشهّد الصلاتي، لاتحاد المقام معه حينئذ في الدليل و قد تقدّم ما يتعلّق به فراجع.

ثمَّ الظاهر أنّ تقييد التشهّد بالخفيف في أخبار المقام من باب الرخصة لا العزيمة، لو ورده في مقام توهم قدح الزيادة، فلا تدل على أزيد من الترغيب في الترك و أما منافاتها لأصل التشهّد، و كون التشهّد المشتمل عليها كالعدم، فتقصر الأدلة عن إثباته مضافا إلى بعده في نفسه، فلو أتى بالزيادة لا تبطل أصل التشهّد.

للأصل، و الإطلاق، و صدق التسليم عليه، و عدم دليل على وجوب شي‏ء زائد عليه.

للنص، و الإجماع قال أبو عبد اللّه (عليه السلام) في صحيح ابن سنان: «إذا كنت لا تدري أربعا صلّيت أم خمسا فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك ثمَّ سلّم بعدهما»٥۰، و مثله موثق أبي بصير٥۱.

و عن العلامة في المختلف القول باستحبابه و قوّاه بعض من تأخّر عنه جمعا بينها و بين ما مرّ من موثق عمار و غيره ممّا مرّ في التشهّد.

و فيه: ما عرفت فراجع، و في المعتبر: إنّ رواية عمار المشعرة بعدم وجوب التسليم متروكة، و في مفتاح الكرامة: «إنّ عبارات القدماء طفحت بأنّه يتشهّد و يسلّم» و يكفي ذلك في الاطمئنان بالوجوب.

(مسألة ۸): لو شكّ في تحقق موجبه و عدمه لم يجب عليه (٦۰). نعم، لو شك في الزيادة أو النقيصة فالأحوط إتيانه كما مرّ (٦۱).

لأصالة عدم السهو و الغفلة، و أصالة البراءة عن وجوب السجود عليه.

تقدّم وجهه قبل المسألة الثانية من هذا الفصل فراجع.  (٦۲) لأصالة عدم الإتيان، و قاعدة الاشتغال.

(مسألة ۹): لو شكّ في إتيانه بعد العلم بوجوبه وجب و إن طالت المدّة (٦۲). نعم، لا يبعد البناء على إتيانه بعد خروج وقت الصلاة (٦۳)، و إن كان الأحوط عدم تركه خارج الوقت (٦٤) أيضا.

بدعوى أنّه من توابع الصلاة، فيلحق بها من هذه الجهة أيضا و فيه:

أنّ الفورية تكليف مستقل لا أن تكون توقيتا و ظرفا له بحيث يتصوّر فيه الشك بعد الوقت، بل يجب الإتيان به فورا ففورا مطلقا.

تقدّم وجهه آنفا.

(مسألة ۱۰): لو اعتقد وجود الموجب ثمَّ بعد السلام شك فيه لم يجب عليه (٦٥).

لأصالة عدم الموجب، مع أنّ المتفاهم من الأدلّة استمرار الموجب إلى حين الإتيان لا أن يكون مجرّد الاعتقاد به في وقت ما موجبا له مطلقا.

(مسألة ۱۱): لو علم بوجود الموجب و شكّ في الأقل و الأكثر بنى على الأقل (٦٦).

لأصالة عدم تحقق الأكثر المشكوك، و أصالة عدم وجوب السجود له.

(مسألة ۱۲): لو علم نسيان جزء و شكّ بعد السلام في أنّه هل تذكر قبل فوت محلّه و تداركه أم لا؟ فالأحوط إتيانه (٦۷).

مقتضى أصالة عدم تحقق موجب السجود بعد زوال علمه عدم وجوب السجود عليه ما لم يدل عليه دليل بالخصوص.

و أما التمسّك لعدم الوجوب بقاعدة الفراغ.

ففيه- أولا: أنّ المنساق من أدلّتها الشك في أصل الوجود لا الشك في التدارك بعد العلم بعدم الوجود.

و ثانيا: التعليل في بعض الأخبار بالأذكرية حين العمل‏٥4 ينافي جريانها في المقام، لأنّه يعلم بالنسيان، فكيف يصح التعليل بها إلّا أن يكون ذلك من مجرد الحكمة لا العلة.

إن قلت: مقتضى أصالة عدم التدارك ثبوت النقص و وجوب السجود عليه.

قلت: قد أشرنا مرارا أنّ المستفاد من الأدلّة اعتبار استمرار النسيان إلى محل إتيان سجود السهو، و أصالة عدم التدارك لا يثبت استمراره إليه إلّا بناء على الأصل المثبت. اللهمّ إلّا أن يقال: بعدم الواسطة بينهما عرفا.

و أما ما يقال: في وجه وجوب السجود بأنّه يعلم إجمالا بوجود الخلل لأنّه إن ذكر و تدارك كان ما أتى به قبل الذكر زيادة، و إن لم يذكر فقد نقص، فيجب‏

السجود إما للزيادة أو للنقيصة. فهو مخدوش، لأنّه إن ذكر و تدارك لا يعلم بالزيادة، لفرض علمه بالنسيان، فكيف يحصل له العلم بها.

(مسألة ۱۳): إذا شكّ في فعل من أفعاله، فإن كان في محلّه أتى به (٦۸) و إن تجاوز لم يلتفت (٦۹).

لقاعدة التجاوز بناء على جريانها في غير الصلاة، و طريق الاحتياط الإتيان بقصد القربة المطلقة.

لأصالة عدم الإتيان به، و مقتضى بعض محتملات: «لا سهو في سهو»٥٥ عدم وجوبه، لكن قد تقدّم أنّ إجماله أسقط الاستدلال بإطلاقه و الأولى قصد الرجاء.

(مسألة ۱٤): إذا شكّ في أنّه سجد سجدتين أو سجدة واحدة بنى على الأقلّ (۷۰) إلّا إذا دخل التشهّد (۷۱) و كذا إذا شكّ في أنّه سجد سجدتين أو ثلاث سجدات (۷۲)، و أما إن علم بأنّه زاد سجدة وجب عليه الإعادة (۷۳) كما أنّه إذا علم أنّه نقص واحدة أعاد (۷٤) و لو نسي ذكر السجود و تذكر بعد الرفع لا يبعد عدم وجوب الإعادة. (۷٥) و إن كان أحوط.

لأصالة عدم الإتيان بالمشكوك، فيجب الإتيان به، و احتمال شمول إطلاق قوله (عليه السلام): «لا سهو في سهو» له. مدفوع بما مرّ.

لقاعدة التجاوز بناء على ما مرّ، و الأحوط التدارك رجاء.

فيعيد أصل سجود السهو من رأس بناء على قدح الزيادة، و على ما يحصل به الترتيب بناء على عدم القدح، و قد تقدّم أنّ مقتضى الأصل عدم القدح. هذا إن قلنا بعدم صحة التمسّك بإطلاق «لا سهو في سهو» و إلّا فلا وجه للإعادة مطلقا في الخلل السهويّ الحاصل فيه.

إن كانت الزيادة عمدية، فالظاهر البطلان للتشريع، و يقتضيه مرتكزات المتشرّعة أيضا و إن كانت سهوا، فمقتضى أصالة البراءة عن المانعية عدم وجوب الإعادة، و يمكن أن يستظهر حكمه من زيادة السجدة في أصل الصلاة بالفحوى مع جريان احتمال: «لا سهو في سهو» فيه أيضا، لكن الأول لا يخلو عن القياس، و في الثاني إجمال و التباس. و إن كانت عن جهل، فالبطلان مبنيّ على أنّ الجاهل مطلقا كالعامد حتى في المقام أم لا.

فلا تجب الإعادة، لأصالة عدم الزيادة.

إلحاقا له بالصلاة، و تمسكا بإطلاق قوله (عليه السلام): «لا سهو في سهو» و لكن الأول قياس، و الثاني مجمل كما مرّ. و من ذلك يعلم وجه الاحتياط.

(فرع): لو أتى بسجدتي السهو و بعد الفراغ منها شك في أنّه هل أتى بسلام الصلاة أم لا، فالظاهر جريان قاعدة التجاوز بالنسبة إلى السلام.

  1. الوسائل باب: 4 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۱.
  2. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۲.
  3. الوسائل باب: ۳۲ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۲.
  4. الوسائل باب: ۳ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۱٦.
  5. تقدّم في صفحة: ۲۹4.
  6. الوسائل باب: ۳ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ٥.
  7. الوسائل باب: ۳ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۹.
  8. الوسائل باب: من أبواب القواطع.
  9. الوسائل باب: ۳ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۱4.
  10. الوسائل باب: ۳ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۸.
  11. الوسائل باب: ۳ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۱٦
  12. راجع ج: ٦ صفحة: 4٦۷ و في هذا المجلّد: صفحة: ۳۱۸.
  13. راجع ج: ٦ صفحة: 4٦۷ طبعة النجف الأشرف و في هذا المجلد: صفحة: ۳۱۸.
  14. راجع صفحة: ۲٥٦
  15. الوسائل باب: ۳۲ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۱.
  16. الوسائل باب: ۳۳ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۲.
  17. راجع الوسائل باب: ۹ من أبواب التشهّد حديث 4.
  18. الوسائل باب: ۳۲ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۳.
  19. الوسائل باب: ۲۷ من أبواب القراءة في الصلاة حديث: ۱.
  20. الوسائل باب: ۲۷ من أبواب القراءة في الصلاة حديث: ۲.
  21. الوسائل باب: ۲۳ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ٦.
  22. الوسائل باب: ۲۳ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: 4.
  23. الوسائل باب: ۱4 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: 4.
  24. الوسائل باب: ٥ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ٦.
  25. الوسائل باب: ٥ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: 4.
  26. الوسائل باب: ۱۸ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۱
  27. تقدّم ذلك في صفحة:- ۲٥٦.
  28. الوسائل باب: ۳۲ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۱
  29. راجع الوسائل باب: ۱۲ من أبواب الركوع و باب: ۱٥ و ۱٦ من أبواب السجود. و باب: ۱۳ من أبواب التشهّد: و غيرها.
  30. راجع الوسائل باب: ۸ من أبواب التشهّد.
  31. الوسائل باب: ٥ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۱.
  32. الوسائل باب: ۱4 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۱.
  33. الوسائل باب: ۷ من أبواب التشهّد حديث: 4.
  34. الوسائل باب: ۹ من أبواب التشهّد حديث: ۱.
  35. الوسائل باب: ۲4 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ٦.
  36. راجع الوسائل باب: ۳۸ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۲.
  37. الوسائل باب: ٥ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ٥.
  38. الوسائل باب: ٥ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: 4.
  39. الوسائل باب: ٥ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ٦.
  40. الوسائل باب: ۲۲ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۲.
  41. الوسائل باب: ۱ من أبواب ما يسجد عليه.
  42. راجع الوسائل باب: 4 من أبواب السجود حديث: ۲.
  43. الوافي ج: ٥ باب سائر مواضع سجدتي السهو و صفتيهما صفحة( ۱٤۹).
  44. الوسائل باب: من أبواب الخلل الواقع في الصلاة.
  45. الوسائل باب: من أبواب الخلل الواقع في الصلاة.
  46. الوسائل باب: ۱4 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: 4.
  47. الوسائل باب: ۱٥ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ٦.
  48. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۲.
  49. الوسائل باب: ۲۰ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۳.
  50. الوسائل باب: ۱4 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۱.
  51. الوسائل باب: ۱4 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۳.
  52. الوسائل باب: ۲۰ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۳.
  53. الوسائل باب: ۱۹ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۹.
  54. تقدّم في صفحة: ۲۳۲، و في الوسائل باب: 4۲ من أبواب الوضوء حديث: ۷.
  55. الوسائل باب: ۱٥ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۲ و ۳.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"