1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. کتاب الصلاة
  10. /
  11. فصل في مكان المصلّي
و المراد به ما استقر عليه و لو بوسائط، و ما شغله من الفضاء في قيامه، و قعوده، و ركوعه و سجوده، و نحوها (۱). و يشترط فيه أمور: (أحدها): إباحته، فالصلاة في المكان المغصوب باطلة (۲)، سواء تعلق الغصب بعينه أو بمنافعه، كما إذا كان مستأجرا و صلّى فيه شخص من غير إذن المستأجر و إن كان مأذونا من قبل المالك، أو تعلق به حق، كحق الرهن و حق غرماء الميت، و حق الميت إذا أوصى بثلثه و لم يفرز بعد و لم يخرج منه (۳).و حق السبق كمن سبق إلى مكان من المسجد أو غيره فغصبه منه غاصب على الأقوى (٤)، و نحو ذلك. و إنّما تبطل الصلاة إذا كان‏ عالما عامدا، و أما إذا كان غافلا أو جاهلا أو ناسيا (٥) فلا تبطل. نعم، لا يعتبر العلم بالفساد فلو كان جاهلا بالفساد مع علمه بالحرمة و الغصبية كفى في البطلان (٦). و لا فرق بين النافلة و الفريضة في ذلك على الأصح (۷).

لأنّ المراد بالمكان مطلق قرار الشي‏ء و إشغاله له أعمّ من الفضاء و غيره، و أعمّ من كونه بلا واسطة أو معها، و هذا هو مراد الجميع و إن اختلفوا في التعبير، و هو المنساق منه عرفا و المراد عند اللغويين، بل الحكماء و المتكلمين أيضا و إن قصرت عباراتهم عن تأدية المراد، فلا وقع للإشكال عليها، لأنّ الجميع من الشروح اللفظية.

و توهم‏ أنّ له عند الفقهاء معنيين: باعتبار الإباحة، و باعتبار الطهارة.

فاسد، لأنّ اعتبار طهارة مكان المصلّي من باب الوصف بحال المتعلق فما لم يوجب نجاسة بدنه أو لباسه لا يوجب البطلان و لا اعتبار بها قطعا. و لا ثمرة عملية في تحقيق ذلك بعد وضوح المراد، و لذا لم يتعرض جمع من الفقهاء لتعريفه أصلا. ثمَّ إنّ المراد بمحل القرار أعم من الحقيقي و الاعتباري.

إجماعا من المسلمين، بل ضرورة من الدّين، لتقوم العبادة بالتقرب، و لا يمكن التقرب بما يعاقب به المكلّف، و يكون مبغوضا عند من يتقرب لديه، و التفكيك بين جهة التقرب و جهة المبغوضية و إن أمكن بحسب الدقة العقلية، لأنّ المكان من لوازم الجسم و لا ربط له بأفعال الصلاة و أذكارها و لكن الأحكام الشرعية ليست مبنية عليها، بل على العرفيات، و مقتضاها كون الصلاة في المغصوب مبغوض لا يصح التقرب بها إلى اللّه عزّ و جل فيرون شخص هذا العمل مخالفة و عصيانا لا عبادة و إطاعة له تعالى، و يأتي في المسائل الآتية ما ينفع المقام.

ثمَّ إنّ ظاهرهم أنّ مسألة الصلاة في المكان المغصوب من صغريات اجتماع الأمر و النهي، و الصحة و الفساد مبنية على تلك المسألة جوازا أو منعا و لكنّه باطل، لظهور إجماعهم على بطلانها في المكان المغصوب في سعة الوقت و إمكان الخروج، سواء قيل بالجواز بالامتناع، كإجماعهم على الصحة فيه فيما إذا كان مضطرا و لم يكن الاضطرار بسوء الاختيار و عدم استلزام الصلاة تصرفا زائدا على أصل الكون، و كذا في ضيق الوقت إن أمكنه الخروج و صلّى في حال خروجه، و قد أثبتنا أنّه لا ثمرة عملية لهذا النزاع، فراجع ما كتبناه في (تهذيب الأصول).

لتحقق حرمة التصرف في الجميع فيكون مبغوضا و يعاقب المكلّف عليه فلا يصح أن يكون مقرّبا، فكما يكون التصرف في مال الغير حراما عقلا و شرعا- عينا كان أو منفعة يكون التصرف في متعلق حقه كذلك أيضا، لأصالة احترام ما يتعلق بالغير ما لا كان أو حقا، و هي من الأصول العقلائية النظامية التي تحكم الفطرة بها، و تطابقت الشرائع الإلهية عليها. أمّا حق الرهن فللإجماع، و قوله (صلّى اللّه عليه و آله): «الراهن و المرتهن ممنوعان من التصرف»۱.

و أما حق الغرماء و حق الميت المتعلق بالثلث فلجريان القاعدة الارتكازية و هي أنّه ليس لأحد أن يتصرّف في متعلق حق الغير إلّا بإذنه في جميع الحقوق إلّا ما خرج بالدليل و لا دليل على الخلاف في المقام بل يظهر منهم الإجماع على عدم الصحة في أمثال هذه الحقوق إلّا بإذن من له الحق، و لا فرق في ذلك بين القول ببقاء التركة على حكم مال الميت متعلقا لحق الغير أو انتقالها إلى الورثة كذلك، و كلّ منهما ممكن ثبوتا و لا دليل على استحالته من عقل أو نقل، كما يأتي التفصيل في محلّه إن شاء اللّه تعالى، لأنّه بعد كون المال متعلقا لحق الغرماء في الدّين أو حق الميت في مورد الوصية، لا يصح التصرف فيه على كلّ تقدير.

نعم، تعلق الحق تارة: على نحو الإشاعة، و أخرى: على نحو الكليّ في المعين، و في الأول لا يصح التصرف في جميع مورد الحق، و في الثاني يصح إلّا في مورد مقدار الحق، و مع الشك في أنّه من أيّهما يكون من الثاني، لأنّ المسألة من الأقل و الأكثر. و لا يخفى أنّ حق الغرماء و حق ثلث الميت فيما إذا أوصى إنّما يوجب حرمة التصرف إذا لم يضمن ضمانا شرعيا، و إلّا فلا بأس به.

لا ريب في أنّ العرف يرى حق السبق حقا من الحقوق المعتبرة في جميع المشتركات، و تقتضيه السيرة على عدم إزعاج السابق عما سبق إليه و يعد ذلك ظلما و عدوانا، و يدل عليه بعض النصوص، كمرسل محمد بن إسماعيل عن أبي عبد اللّه (عليه السلام): «قلت له: نكون بمكة أو بالمدينة أو الحيرة أو المواضع التي يرجى فيها الفضل فربما خرج الرجل يتوضأ فيجي‏ء آخر فيصير مكانه. قال (عليه السلام): من سبق إلى موضع فهو أحق به يومه و ليلته»۲.

و خبر طلحة بن زيد: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): سوق المسلمين كمسجدهم فمن سبق إلى مكان فهو أحق به إلى الليل»۳.

و الأحق فيهما بمعنى ثبوت أصل الحق، كما في قوله تعالى‏ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى‏ بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ*4.

و أشكل في الجواهر في كتاب الإحياء بأنّ مثل هذا الحق ليس كحق التحجير و لا يدخل في موضع الغصب- إلى آخر كلامه بطوله- و لكن قال في ذيل كلامه «ألا إنّه مع ذلك يمكن أن يقال: إنّ الأحقية تحصل أيضا ما دام يصدق كون الشي‏ء في يد المستحق و في تصرفه و تحت قبضته، فأخذه منه كدفعة الحسي ظلم».

أقول: و ذيل كلامه حق جدّا موافق للعرف و الاعتبار.

إن قلت: الأحقية لها مراتب شدة و ضعفا و أصل ثبوت الحق المجاملي في الجملة معلوم و وصوله إلى مرتبة حرمة التصرف بدون إذن السابق و رضاؤه مشكوك فيه فيدفع بالأصل، مع قصور الخبرين سندا.

قلت: استنكار المتشرعة، بل مطلق العرف لإزعاج السابق عن محلّه قرينة معتبرة على أنّ هذا الحق إلزامي لا أن يكون من مجرد المجامليات، على أنّه لنا أن نقول إنّ الأصل في كلّ حق ثابت أن يكون إلزاميا إلّا ما نص الشارع على عدمه فإنّه مرتبة ضعيفة من الملكية و الاستيلاء. و ذات الاستيلاء يقتضي ذلك.

و أما قصور السند في الخبرين فلا وجه له بعد اعتماد الكلّ عليهما في‏ المشتركات و إنّما الخلاف في مقدار الدلالة. و يأتي تتمة الكلام في كتاب إحياء الموات و المشتركات.

فرعان- (الأول): قد قيد حق السبق فيما تقدم من الخبرين بدخول الليل، و باليوم و الليلة، و الظاهر أنّه من التقييد الحقيقي بالغالب في تلك الأزمان لا التقييد الحقيقي الشرعي، فلو فرض أنّ أحدا اعتكف في محلّ خاص من المسجد لا يجوز مزاحمته و لو بعد يومين مثلا. و كذا لو أشغل محلا من السوق و وضع متاعه فيه في أيام ليس لأحد مزاحمته بعد اليوم و الليلة، و يأتي التفصيل في كتاب إحياء الموات و في المشتركات.

(الثاني): مقتضى أنّ لكلّ ذي حق إسقاط حقه و رفع اليد عنه صحة إسقاط حق السبق و المصالحة عنه بمال أو حق آخر قابل للنقل و الانتقال، بل و يصح جعله عوضا في المعاوضات و في صحة جعله مبيعا إشكال من جهة دعوى الإجماع على أنّه يعتبر في المبيع أن يكون عينا خارجيا أو ذميا و لا يكون منفعة و لا حقا و قد تعرضنا للبحث عنه في كتاب البيع، فراجع.

أمّا البطلان في مورد العلم و العمد فلتنجز النهي حينئذ فلا يصلح للتقرب به إلى المولى، لصيرورته مبغوضا. و أما الصحة في البقية فلعدم فعلية النهي لأجل العذر فلا مبغوضية فعلية فيه حتّى تمنع عن صلاحيته للتقرب فيمكن التقرب بالعمل حينئذ، فيصح لا محالة، لوجود المقتضي و هو الأمر و الملاك و فقد المانع و هو فعلية النهي.

إن قلت: فعلية النهي و إن كانت تسقط للعذر، و لكن ملاك المبغوضية باق و يكفي ذلك في عدم صحة التقرب به.

قلت أولا: لا نسلّم بقاء الملاك مع سقوط الفعلية لإمكان دورانه مدارها وجودا و عدما و لا طريق لنا لكشف بقائه بعد سقوط النهي.

و ثانيا: إنّ الملاك ليس إلّا من مجرد الاقتضاء فقط و لا ريب في كونه موجبا لحسن التجنب و الاحتياط. و أما فعلية المبغوضية مع سقوط النهي فلا وجه لها، كما تقتضيه سيرة العقلاء في النواهي العرفية عند سقوطها عن الفعلية لأجل العذر. ثمَّ إنّه لا فرق في مورد العذر بين الغاصب و غيره، و لكن تقدم الاحتياط بالنسبة إلى الغاصب، فراجع.

لفعلية المبغوضية بالعلم بالحرمة فتبطل لا محالة، علم بالفساد أو لا، لأنّ المبغوضية تدور مدار العلم بالحكم التكليفي دون الوضعي.

لتحقق مناط البطلان فيهما و هو عدم صلاحية المبغوض للتقرب به، و لقاعدة إلحاق النافلة بالفرضية إلّا ما خرج بالدليل، فلا وجه لما عن المحقق (قدّس سرّه) من الصحة في النافلة، لعدم اعتبار القرار و السكون فيهما لوضوح عدم إمكان انفكاك النافلة عن الكون و إن صح انفكاكها عن القرار و السكون و لا يصح التقرب بالصلاة المصاحب للكون في المبغوض فلا وجه لتعبير الماتن (رحمه اللّه) بالأصح إن أراد به معنى أفعل التفضيل. نعم، لو أراد به المعنى الثلاثي المجرد، فهو صحيح.

(مسألة ۱): إذا كان المكان مباحا و لكن فرش عليه فراش مغصوب فصلّى على ذلك الفراش بطلت صلاته، و كذا العكس (۸).

لأنّ المناط كلّه صدق التصرف في المغصوب عرفا حال الصلاة و هو متحقق فيهما.

(مسألة ۲): إذا صلّى على سقف مباح و كان ما تحته من الأرض مغصوبا، فإن كان السقف معتمدا على تلك الأرض تبطل‏ الصلاة عليه (۹)، و الا فلا (۱۰)، لكن إذا كان الفضاء الواقع فيه السقف مغصوبا أو كان الفضاء الفوقاني الذي يقع فيه بدن المصلّي مغصوبا بطلت في الصورتين (۱۱).

لصدق التصرف في المغصوب، إذ لا فرق في صدقه بين ما إذا كان بلا واسطة أو معها. نعم، لو لم يصدق ذلك عرفا فلا ريب في الصحة و لو، شك فيه، فالمرجع أصالة البراءة عن تقيد الصلاة بهذا التصرف المشكوك.

الأقسام المتصوّرة في نظائر المقام أربعة:

الأول: التصرف، و المرجع فيه هو العرف و لا ريب في الحرمة و بطلان الصلاة مع صدقه عرفا و عدم البطلان مع صدق العدم كذلك.

الثاني: استيفاء المنفعة التي لها مالية عرفية، كما إذا هيّأ محلا في الأرض المباحة و وضع فيها ما يدفع به الحرّ في أوانه أو البرد في فصله و جعل لكلّ من جلس فيه زمانا مخصوصا مقدارا خاصّا و هذا القسم يرجع إلى القسم الأول إمّا موضوعا أو حكما.

الثالث: مجرد الانتفاع بمال الغير بلا تصرف و لا استيفاء منفعة جعل لها عوض- كالاستضاءة بنور الغير و ناره و الاستظلال بجداره في محلّ مباح و مقتضى الأصل، و السيرة أنّه لا بأس به، بل لو منع المالك عن ذلك يعدّ مستنكرا عند العرف و المتشرّعة.

الرابع: الشك في أنّه من أيّهما، و مقتضى الأصل عدم الحرمة و عدم البطلان كما تقدم في الثوب المشكوك و المرجع في صدق التصرف متعارف الناس لا أهل الشك و الوسواس، و نزاع الفقهاء (رحمهم اللّه) في مثل هذه الفروع صغرويّ لا أن يكون كبرويا بعد تسالمهم على أحكام كلّ واحد من الأقسام الأربعة التي تعرضنا لها.

لصدق التصرف في الغصب في الصورة الأولى مع الواسطة، و في الأخيرة بدونها، فتحرم و تبطل الصلاة فيهما.

(مسألة ۳): إذا كان المكان مباحا و كان عليه سقف مغصوب، فإن كان التصرف في ذلك المكان يعدّ تصرفا في السقف بطلت الصلاة فيه (۱۲)، و إلا فلا، فلو صلّى في قبة سقفها أو جدرانها مغصوبة و كان بحيث لا يمكنه الصلاة فيها إن لم يكن سقف أو جدار، أو كان عسرا و حرجا- كما في شدة الحر أو شدة البرد- بطلت الصلاة، و إن لم يعد تصرفا فيه فلا. و مما ذكرنا ظهر حال الصلاة تحت الخيمة المغصوبة فإنّها تبطل إذا عدّت تصرفا في الخيمة، بل تبطل على هذا إذا كانت أطنابها أو مساميرها غصبا كما هو الغالب إذ في الغالب يعدّ تصرفا فيها، و إلا فلا.

النزاع في مثل هذه المسألة أيضا صغرويّ لا أن يكون كبرويا فمع صدق التصرف تبطل عند الكلّ، و مع عدم صدقه، أو الشك فيه لا وجه للبطلان، و ليس في صدق التصرف و عدمه تعبد خاص في البين حتّى يكون المرجع فيه النص و الإجماع، كما إنّه ليس ذلك من الموضوعات المستنبطة حتّى يكون نظر الفقيه و قوله متبعا فيه، بل هو من العرفيات الشائعة بينهم في عامة التصرفات الملكية و الحقية، فراجع و تأمل.

(مسألة ٤): تبطل الصلاة على الدابة المغصوبة، بل و كذا إذا كان رحلها أو سرجها أو وطاؤها غصبا، بل و لو كان المغصوب نعلها (۱۳).

كلّ ذلك لصدق التصرف في المغصوب إمّا بلا واسطة أو معها.

(مسألة ٥): قد يقال (۱٤) ببطلان الصلاة على الأرض التي تحتها تراب مغصوب‏ و لو بفصل عشرين ذراعا، و عدم بطلانها إذا كان شي‏ء آخر مدفونا فيها، و الفرق بين الصورتين مشكل، و كذا الحكم بالبطلان، لعدم صدق التصرف في ذلك التراب أو الشي‏ء المدفون. نعم، لو توقف الاستقرار و الوقوف في ذلك المكان على ذلك التراب أو غيره يصدق التصرف و يوجب البطلان (۱٥).

هذه المسألة بفروعها إمّا من موارد عدم صدق التصرف، أو من‏ موارد الشك في صدقه و تقدم فيهما الحرمة و عدم البطلان، فلا وجه لما قيل فيهما من الحرمة و البطلان.

لأنّه مع صدق التصرف عرفا تثبت الحرمة فعلا، فيوجب البطلان قهرا.

(مسألة ٦): إذا صلّى في سفينة مغصوبة بطلت (۱٦)، و قد يقال بالبطلان إذا كان لوح منها غصبا. و هو مشكل على إطلاقه، بل يختص البطلان بما إذا توقف الانتفاع بالسفينة على ذلك اللوح.

أمّا البطلان فيما إذا كانت السفينة مغصوبة، فلصدق التصرف فيحرم و تبطل الصلاة فيها. و أمّا عدم البطلان في غيره، فلما تقدم من أنّ مجرد الانتفاع بمال الغير بلا تصرف فيه لا حرمة فيه و لا يوجب بطلان الصلاة إلّا إذا كان من القسم الثاني الذي تقدم في المسألة الخامسة عند بيان الأقسام الأربعة.

(مسألة ۷): ربما يقال ببطلان الصلاة على دابة خيّط جرحها بخيط مغصوب. و هذا أيضا مشكل، لأنّ الخيط يعد تالفا و يشتغل ذمة الغاصب بالعوض، إلا إذا أمكن رد الخيط (۱۷) إلى مالكه مع بقاء ماليته.

بل و إن أمكن ردها ما لم يعدّ من التصرف في المغصوب عرفا، و مع الشك فيه لا حرمة و لا بطلان كما تقدم، و كذلك فيما إذا التحمت السيارة و نحوها بشي‏ء غصبيّ كما إنّه مع صدق التصرف فيه توجب الحرمة و البطلان‏ سواء كانت له مالية أو لا، ما دام يصح اعتبار الملكية فيه بالنسبة إلى مالكه عرفا.

(مسألة ۸): المحبوس في المكان المغصوب يصلّي فيه قائما مع الركوع و السجود (۱۸) إذا لم يستلزم تصرفا زائدا على الكون فيه على الوجه المتعارف كما هو الغالب. و أما إذا استلزم تصرفا زائدا فيترك ذلك الزائد و يصلّي بما أمكن من غير استلزام. و أما المضطر إلى الصلاة في المكان المغصوب فلا إشكال في صحة صلاته.

لا ريب في سقوط النهي لأجل الاضطرار- إذ ما من شي‏ء حرّمه اللّه تعالى إلّا و قد أحلّه لمن اضطر إليه- و يدل عليه الإجماع، بل الضرورة الفقهية و حيث لا حرمة فلا بطلان قهرا، و لا فرق بين كون منشأ الاضطرار الحبس أو شي‏ء آخر، هذا إذا لم تستلزم الصلاة تصرفا زائدا على مطلق الكون كما هو الغالب إذ الجسم يشغل حيّزا خاصا لا محالة بأيّ وضع كان. و أمّا مع التصرف الزائد فلا ريب في فعلية النهي بالنسبة إلى الزائد لوجود المقتضي و فقد المانع، فيحرم و تبطل الصلاة كما إذا توقفت الصلاة عن قيام على تخريب شي‏ء منه- مثلا- ينتقل إلى القعود حينئذ و هكذا.

(مسألة ۹): إذا اعتقد الغصبية و صلّى فتبيّن الخلاف فإن لم يحصل منه قصد القربة بطلت و إلا صحت. و أما إذا اعتقد الإباحة فتبيّن الغصبية فهي صحيحة من غير إشكال (۱۹).

أما البطلان في الأول، فلفقد قصد القربة و أما الصحة في الثاني، فلوجود المقتضي لها و فقد المانع عنها. و أمّا عدم الإشكال في الأخير فلسقوط النهي لأجل الجهل بالموضوع، لأنّ من شرائط تنجز التكليف عقلا العلم بالموضوع و لو إجمالا، فلا موجب للبطلان أصلا.

(مسألة ۱۰): الأقوى صحة صلاة الجاهل بالحكم الشرعي‏ و هي الحرمة، و إن كان الأحوط البطلان خصوصا في الجاهل المقصّر (۲۰).

أمّا الصحة في الجاهل القاصر بالحكم، فلعدم فعلية النهي بالنسبة إليه، لأجل الجهل المعذور فيه، و أمّا المقصّر- فمقتضى إجماعهم على أنّه كالعالم العامد إلّا ما خرج بالدليل هو البطلان فيه- و لا وجه للتردد في الحكم بالنسبة إليه مع الإجماع على أنّه كالعالم إلّا أن يناقش في عموم معقده، فيصير المورد مشكوكا حينئذ و مقتضى الأصل عدم المانعية كما إنّ مقتضى البراءة عدم وجوب الإعادة و القضاء. و الاحتياط حسن على كلّ حال حتّى في الجاهل القاصر.

(مسألة ۱۱): الأرض المغصوبة المجهول مالكها لا يجوز التصرف فيها و لو بالصلاة، و يرجع أمرها إلى الحاكم الشرعي و كذا إذا غصب آلات و أدوات- من الآجر و نحوه- و عمّر بها دارا أو غيرها ثمَّ جهل المالك، فإنّه لا يجوز التصرف و يجب الرجوع إلى الحاكم الشرعي (۲۱).

لأصالة عدم جواز التصرف فيما يتعلق بالغير مطلقا- عينا كان أو منفعة، أو حقا- إلّا برضاء مالكه أو من له حق النظر فيه و هو الحاكم الشرعي و هذا الأصل من الأصول العقلائية النظامية المعتبرة عند الكلّ، و يأتي في كتاب الخمس، و اللقطة بعض الكلام إن شاء اللّه تعالى و لا فرق في ذلك بين غير المنقول- كالأراضي- و غيره كالآلات و الأدوات و نحوها.

(مسألة ۱۲): الدار المشتركة لا يجوز لواحد من الشركاء التصرف فيها إلا بإذن الباقين (۲۲).

لقاعدة سلطنة الناس على أموالهم بعد عدم الفرق في المالك بين الواحد و المتعدد عقلا و شرعا.

(مسألة ۱۳): إذا اشترى دارا من المال غير المزكّى أو غير المخمّس يكون بالنسبة إلى مقدار الزكاة أو الخمس فضوليا (۲۳)، فإن أمضاه الحاكم ولاية على الطائفتين (۲٤) من الفقراء و السادات يكون لهم، فيجب عليه أن يشتري هذا المقدار من الحاكم، و إذا لم يمض بطل (۲٥)، و تكون باقية على ملك المالك الأول (۲٦).

هذه المسألة مكرّرة في هذا الكتاب و هي مبنية على أنّ تعلق الخمس و الزكاة بنحو الإشاعة العينية الحقيقية في تمام المال، أو الحقية كذلك، فلا يصح التصرف فيه حينئذ قبل إخراجهما بدون إذن الحاكم الشرعي الذي هو وليّ الطائفتين.

و أمّا إن كان تعلقهما بالمال بنحو الكلّي في المعين حقا أو عينا فيصح التصرف فيه ما بقي مقدارهما في الخارج و يأتي في [مسألة ۳۱] من زكاة الأنعام، و [مسألة ۷٥] من خمس الأرباح تفصيل ذلك فلا وجه للتعرض هنا.

للإجماع على ثبوت هذه الولاية عليهما و الظاهر أنّ ذلك من الأمور الحسبية التي يرجع الناس فيها بحسب فطرتهم إلى زعيمهم الروحاني و يكفي عدم الردع في مثل ذلك في ثبوته مع أنّه ورد التقرير كما يأتي في محلّه.

لأصالة عدم ترتب الأثر على المعاملة الواقعة على متعلق حق الغير إلّا برضاه أو برضاء من له الولاية عليه و هذا الأصل- مضافا إلى أنّه من الاستصحاب المعتبر- أصل نظامي تطابقت على اعتباره الأدلة الأربعة كما سيأتي في المعاملات. و لا فرق في ذلك بين الحقوق المتعلقة بالعين كالزكاة و الخمس و الحقوق المتعلقة بالذمة كالكفارات و الديون و نحوهما لأنّ الذميات المالية تتعلق بالتركة بواسطة الموت.

المراد به بالنسبة إلى المبيع و السادة و الفقراء بالنسبة إلى الثمن، فيصح إطلاق المالك الأول بالنسبة إلى كلّ واحد منهما.

(مسألة ۱٤): من مات و عليه من حقوق الناس كالمظالم أو الزكاة أو الخمس- لا يجوز لورثته التصرف في تركته- و لو بالصلاة في داره- قبل أداء ما عليه من الحقوق (۲۷).

لفرض تعلق حق الإمام و السادة و الفقراء بالمال و لا يصح التصرف فيما تعلق به حق الغير بدون رضائه بالضرورة و في حكم الأداء التسبب لبراءته منها بالضمان الشرعي و يأتي في المسألة التالية ما ينفع المقام.

(مسألة ۱٥): إذا مات و عليه دين مستغرق للتركة لا يجوز للورثة و لا لغيرهم التصرف في تركته قبل أداء الدّين، بل و كذا في الدّين غير المستغرق (۲۸)، إلا إذا علم رضاء الديان بأن كان الدّين قليلا و التركة كثيرة و الورثة بانين على أداء الدّين غير متسامحين، و الا فيشكل حتّى الصلاة في داره و لا فرق في ذلك بين الورثة و غيرهم. و كذا إذا لم يكن عليه دين و لكن كان بعض الورثة قاصرا أو غائبا أو نحو ذلك (۲۹).

دين الميت على أقسام خمسة:

الأول: من لا مال له أصلا و لا ريب في سقوط الخطاب التكليفي بالنسبة إليه و إلى ورثته. و أما اشتغال ذمة الميت، فيمكن اعتباره له فيقال في العرف:

مات مديونا و مشغول الذمة بمال الغير خصوصا إن كان متسامحا في الأداء و هو اعتبار صحيح لا دليل على امتناعه من عقل أو شرع، و يصح صيرورته مورد الشفاعة مع المسامحة. و أمّا الخطاب التكليفي بالنسبة إلى ورثته لأداء دين مورثهم فلا دليل عليه، و مقتضى الأصل عدمه، و لكن حق الديان لا يسقط إلّا بالأداء من الزكاة أو بالإسقاط و الإبراء.

الثاني: من له مال و دينه مستغرق لماله، و لا ريب في توجه الخطاب التكليفي بأداء الدّين إلى الورثة لأولويتهم به من غيرهم، و لأنّهم المسؤولون عما يتعلق بالميت عرفا و شرعا.

و أما المال ففيه احتمالات، بل أقوال:

أولها: الانتقال إلى الديان بحسب حصص دينهم و يجب على الورثة تسليمه إليهم، و هذا من مجرد الاحتمال و لا قائل به منا، بل ادعي الإجماع‏ بقسميه على خلافه، و مقتضى عموم ما تركه الميّت فلوارثه عدمه أيضا.

ثانيها: أن يبقى على حكم مال الميت يؤدّى منه دينه، و هو احتمال حسن ثبوتا و لا مانع منه عقلا و لا نقلا، لأنّ الملكية أمر اعتباري يصح اعتبارها للميت أيضا إن ترتب عليه ثمرة صحيحة، كما في المقام، و في دية الميت إن قطعت بعض أعضائه بعد موته فإنّها بحكم ماله يؤدّى منه دينه كما يأتي إن شاء اللّه تعالى.

و قد يستدل عليه مضافا إلى الأصل، بجملة من الأخبار:

منها: خبر السكوني عن الصادق (عليه السلام): «أول شي‏ء يبدأ به من المال الكفن، ثمَّ الدّين، ثمَّ الوصية، ثمَّ الميراث»٥.

حيث أضاف المال إلى الميت، و يستفاد منه بقاء ملكيته لتمام ماله.

و فيه: أنّه في مقام بيان وجوب هذا الترتيب، و تقديم الأهمّ فالأهمّ، و لا يستفاد منه حكم مالك المال بعد صاحبه، و مثله قول عليّ (عليه السلام) في خبر محمد بن قيس: «الدّين قبل الوصية، ثمَّ الوصية على أثر الدّين، ثمَّ الميراث بعد الوصية، فإنّ أول القضاء كتاب اللّه»٦.

بل هو أظهر في ما ذكرناه من سابقة، كما لا يخفى.

و منها: خبر عباد بن صهيب عن أبي عبد اللّه (عليه السلام): «في رجل فرط في إخراج زكاته في حياته، فلما حضرته الوفاة حسب جميع ما فرط فيه مما لزمه من الزكاة، ثمَّ أوصى به أن يخرج ذلك فيدفع إلى من يجب له، قال:

فقال (عليه السلام): جائز يخرج ذلك من جميع المال إنّما هو بمنزلة الدّين لو كان عليه ليس للورثة شي‏ء حتّى يؤدّوا ما أوصى به من الزكاة»۷.

و فيه: أنّ المراد بقوله (عليه السلام): «ليس للورثة شي‏ء» أي ليس لهم التغيير و لا التصرف في المال لتعلق حق الغير به حتّى يؤدوا ما أوصى به و ليس في‏ مقام بيان بقاء المال على ملك الميت، و لا ظهور له فيه حتّى يصح الاستدلال به لذلك في مقابل المرتكزات من انتقال المال إلى الوارث و انقطاع علاقة الميت عن ماله بموته، و غير ذلك من الأخبار التي لا تكون في الدلالة مثل ما ذكر.

ثالثها: انتقال المال إلى الورثة متعلقا بحق الغير و هو المطابق للمرتكزات، لأنّ العرف و العقلاء و المتشرعة يرون لصاحب الحق أخذ حقه من التركة مع امتناع الورثة عن الأداء، فيكون المال بعد موت صاحبه، كوثيقة الدين، مضافا إلى أنّه ادعى عليه الإجماع، و تدل عليه العمومات و الإطلاقات الدالة على أنّ ما تركه الميت فلوارثه، مع أنّ الورثة بعد موت مورثهم يرون أنفسهم واجدين لشي‏ء من المال بعد أن كانوا فاقدين له، لكنّه ملك طلق مع عدم الدّين، و متعلق لحق الغير مع الدّين و لا ثمرة عملية معتنى بها بين القولين، لعدم جواز تصرف الوارثة في المال قبل أداء الحق على كلّ منهما و جوازه بعده على كلا القولين.

ثمَّ إنّ ظاهر المشهور أنّ تعلق حق الديان بمال الميت كتعلق حق الرهانة و هو متين و مطابق للمرتكزات أيضا، فيكون الرهن على قسمين: رهن اختياري حاصل في حال الحياة، و رهن عرفي غير اختياري حاصل بعد الممات، و كما لا يجوز للورثة التصرف إلّا برضاء من له الحق كذلك لا يجوز لغيرهم أيضا، لوحدة المناط فيهما.

الثالث‏ من أقسام دين الميت: ما إذا كان أقلّ من التركة، و ظاهر ما تقدم من الأخبار- كظاهر الكلمات- عدم جواز التصرف فيها للورثة إلّا مع الأداء أو الضمان الشرعي، و نسب إلى المحقق الثاني (رحمه اللّه) الجواز في هذا القسم، لإطلاق صحيح البزنطي: «في من مات و ترك عيالا و عليه دين، قال (عليه السلام): إن استيقن أنّ الذي عليه يحيط بجميع المال فلا ينفق عليهم، و إن لم يستيقن فلينفق عليهم من وسط المال»۸.

و مثله صحيح ابن الحجاج‏۹، فإذا كان الإنفاق الذي هو إتلاف المال‏ جائزا يجوز التصرف بغيره بالأولى.

و فيه: أنّ ذلك من باب إحراز الرضا في الدين غير المستغرق خصوصا بالنسبة إلى الإنفاق لعيال الميت الذي يرضى به نوع المدينين و يستنكرون ممن لا يرضى بذلك، فلا ربط له بالمقام. نعم، لو كان تعلق الحق بنحو الكليّ في المعين يصح للورثة التصرف فيها ما بقي مقدار الدّين فلا يجوز بعد ذلك، و لكنه خلاف ظاهر إطلاق الأخبار و الكلمات.

إلّا أن يقال: بانصرافها عن هذا القسم خصوصا إن كان الدّين قليلا، و التركة كثيرة فيعمل حينئذ بحسب القاعدة، و هي أنّ التعلق بنحو الكليّ في المعيّن معلوم، و بنحو آخر مشكوك و مقتضى الأصل عدمه.

الرابع: أن يكون الدّين أكثر من التركة و حكمه من حيث عدم جواز تصرف الورثة في التركة حكم القسم الثاني، و من حيث التقسيم أن يقسم المال بين الغرماء بالحصص.

الخامس: ما إذا وجد الغريم عين ماله في التركة، و فيه تفصيل يأتي في كتاب المفلّس في أحكام الدّين و الحجر إن شاء اللّه تعالى.

فرعان- (الأول): لو تصرف الورثة في المال ثمَّ أدوا الدّين يكون من صغريات الفضولي، و كذا لو أجاز الديان.

(الثاني): لا فرق بين أقسام الدّين من ثمن المبيع، أو عوض الإجارة، أو مهر الزوجة، و عوض المتلفات، و الكفارات، و القرض و نحوها.

لأنّ المال المشترك لا يجوز التصرف فيه إلّا بإذن جميع الشركاء أو وليهم مع قصورهم، للإجماع، و لقاعدة السلطنة، و يأتي التفصيل في كتاب الشركة إن شاء اللّه تعالى.

(مسألة ۱٦): لا يجوز التصرف- حتّى الصلاة- في ملك الغير إلا بإذنه الصريح (۳۰) أو الفحوى أو شاهد الحال (۳۱).و الأول: كأن يقول:- أذنت لك بالتصرف في داري- بالصلاة فقط، أو بالصلاة و غيرها و الظاهر عدم اشتراط حصول العلم برضاه. بل يكفي الظن (۳۲) الحاصل بالقول المزبور، لأنّ ظواهر الألفاظ معتبرة عند العقلاء. و الثاني: كأن يأذن في التصرف بالقيام و القعود و النوم و الأكل من ماله، ففي الصلاة بالأولى يكون راضيا. و هذا أيضا يكفي فيه الظنّ على الظاهر، لأنّه مستند إلى ظاهر اللفظ إذا استفيد منه عرفا (۳۳) و الا فلا بد من العلم بالرضا، بل الأحوط اعتبار العلم مطلقا (۳٤). و الثالث: كأن يكون هناك قرائن و شواهد تدل على رضاه كالمضايف المفتوحة الأبواب، و الحمامات، و الخانات، و نحو ذلك. و لا بد في هذا القسم من حصول القطع بالرضا (۳٥)، لعدم استناد الإذن في هذا القسم إلى اللفظ، و لا دليل على حجية الظن غير الحاصل منه (۳٦).

للضرورة الدينية، بل العقلائية غير المختصة بمذهب و ملة، و قال (عليه السلام): «لا يحل مال امرئ مسلم إلّا بطيبة نفس منه»۱۰.

لأنّ طرق إحراز الإذن و الرضا من الأمور المتعارفة بين جميع الناس في أمور معاشهم و معادهم و ليس للشارع فيها تعبد خاص، و يكفي في اعتبارها لديه عدم ثبوت الردع و هي ثلاثة:

الأول: الإذن الحاصل من ظواهر الألفاظ في خصوص الصلاة أو في الأعم منها سواء حصل منه الظن أو لا، لأنّ ظواهر الألفاظ حجة معتبرة لدى العقلاء كافة و لم يردع عنه الشرع، بل لا يمكنه ذلك لاختلال النظام.

الثاني: الإذن الحاصل من الفحوى و هو أيضا من الأمور المعتبرة و هو يكون عبارة عن الإذن في شي‏ء يستلزم عرفا الإذن في الصلاة بالطريق الأولى و يختلف ذلك حسب اختلاف الموارد و الأشخاص و هي إمّا أولوية قطعية أو ظنية و كلاهما معتبران لدى العرف و لو لم يحصل الظنّ منها، لا دليل على اعتبارها، بل مقتضى الأصل عدمه، و لا تعارف على الاعتماد على الأولوية مطلقا حتّى مع عدم حصول القطع أو الظن.

الثالث: شاهد الحال و هو عبارة عن ظهور الفعل و هو أيضا حجة متعارفة كظهور القول، فكلّ فعل له ظهور عرفيّ في الإذن و الرضاء- بحيث يصح الاحتجاج به لدى العقلاء- يجوز الاعتماد عليه شرعا أيضا و إن لم يحصل منه القطع كما في ظواهر الألفاظ. نعم، لا بد من كشفه و لو ظنا بالظنّ النوعيّ عن‏ الرضا، إذ ليست في البين سيرة متبعة على حجية ظواهر الأفعال مطلقا حتّى في صورة عدم حصول الظنّ منها بالرضاء الفعليّ.

ثمَّ إنّه نسب إلى الذخيرة، و البحار جواز الصلاة في كلّ مكان و إن لم يرض المالك به ما لم يتضرّر، و استدل بقول النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله):

«جعلت لي الأرض مسجدا و ترابها طهورا أينما أدركتني الصلاة صلّيت»۱۱.

و فيه: أنّه في مقام الاقتضاء لا بيان الحكم الفعليّ من كلّ جهة، مع إعراض المشهور عن ظاهره، و مخالفته للقاعدة العقلية من عدم جواز التصرف فيما يتعلق بالغير إلّا برضاه، و مخالفته أيضا لإطلاق قوله (عليه السلام): «لا يحل مال امرئ مسلم إلّا بطيبة نفس منه»۱۲.

لا دليل على اعتبار حصول الظنّ الشخصي في حجية الظواهر.

نعم، النوعي منه حكمة الاعتبار لا قيد المعتبر.

إن عدّ من المداليل اللفظية، فلا دليل على اعتبار حصول الظن الشخصي، بل يكفي النوعي منه من باب حكمة الاعتبار لا العلية الفعلية.

خروجا عن خلاف من أوجب اعتبار العلم، و جمودا على أصالة عدم جواز التصرف التي هي من الأصول النظامية.

ظواهر الأفعال كظهور الألفاظ حجة معتبرة لدى العقلاء بعد إحراز الظهور و سقوط احتمال الخلاف و كما لا يعتبر حصول القطع في الثانية لديهم، فكذا في الأولى و لا دليل على التفكيك بين الظهورين بعد استقرار الظهور، و يصح الاحتجاج بهما من حيث نفس الظهور لا حصول القطع بالواقع.

الدليل على اعتبار ظواهر الأفعال بعد تحقق الظهور الفعلي، السيرة، و بناء العقلاء. نعم، الفرق بينهما أنّ استقرار الظهور في الأفعال يحتاج إلى تثبت أزيد من استقراره في الألفاظ، و أمّا بعد الاستقرار فلا فرق بينهما من هذه الجهة. و بالجملة فكلّ ما يصح الاحتجاج به في المتعارف يصح الاعتماد عليه في مثل المقام أيضا.

(مسألة ۱۷): يجوز الصلاة في الأراضي المتسعة اتساعا عظيما بحيث يتعذر أو يتعسر على الناس اجتنابها و إن لم يكن إذن من ملاكها، بل و إن كان فيهم الصغار و المجانين (۳۷)، بل لا يبعد ذلك‏ و إن علم كراهة الملاك (۳۸)، و إن كان الأحوط التجنب حينئذ مع الإمكان (۳۹).

للسيرة القطعية ما لم يكن ضرر، و للحرج في الاستيذان غالبا مع رضا الناس و أولياء القاصرين نوعا في الصلاة في تلك الأراضي إن لم يكن ضرر في البين، و الظاهر صحة التعدّي إلى جميع الأعمال الخيرية ما لم يتضرر به المالك- كقراءة القرآن، و الدعاء، و مباحثة الفقه، و ذكر المراثي للأئمة (عليهم السلام) و نحوها، إذ المناط كلّه إحراز رضاء الملاك به و هو حاصل، و لكن الأحوط الاقتصار على المتيقن من السيرة و قد تقدم في [مسألة ۷] من (فصل شرائط الوضوء) ما ينفع المقام.

بناء على جريان السيرة حتّى مع كراهة الملاك، و إنّ الناس يوبخون الملاك على كراهتهم لذلك لا أن يوبخوا المتصرف فيها بمثل هذه التصرفات مع عدم ضرر في البين، و لكن الشأن في ثبوت السيرة حتّى مع إحراز الكراهة.

و الشك فيه يكفي في عدم الصحة.

و لا يترك هذا الاحتياط اقتصارا في الحكم المخالف للأصل على المتيقن.

(مسألة ۱۸): تجوز الصلاة في بيوت من تضمنت الآية جواز الأكل فيها (٤۰) مع عدم العلم بالكراهة- كالأب و الأم و الأخ‏ و العم و الخال و العمة و الخالة و من ملك الشخص مفتاح بيته و الصديق- و أما مع العلم بالكراهة فلا يجوز، بل يشكل مع ظنّها أيضا (٤۱).

جواز الصلاة في موارد الآية الكريمة۱۳ من القسم الثاني الذي تقدم في [مسألة ۱٦]، لأنّه إذا كان الأكل جائزا، لظهور الحال يكون جواز الصلاة بالأولى و تقدم أنّ الأولوية لا بد و أن تكون قطعية أو ظنية، و أما مع العدم، فلا يجوز و ليست الآية۱4 في مقام الجعل التعبدي الشرعي حتّى يتمسك بإطلاقها، لإثبات الأولوية مطلقا، بل إرشاد إلى المتعارف و مقتضاه ما ذكرناه، و لكن الأحوط في أصل الأكل تركه أيضا إلّا مع شهادة الحال بالرضا- خصوصا في هذه الأزمان التي قلت الأخوة و الصفاء- و مع ذلك لا يصح التمسك بالإطلاق، و لا بالسيرة كما لا يخفى، لأنّ الأول تمسك بالدليل في الموضوع المشتبه، و الثاني خلاف ما تسالموا عليه من أنّه لا بد من الاقتصار على المتيقن عند الشك في مفاد الأدلة اللبية.

لأصالة عدم جواز التصرف إلّا مع إحراز الرضا بوجه معتبر.

(مسألة ۱۹): يجب على الغاصب الخروج من المكان المغصوب (٤۲)، و إن اشتغل بالصلاة في سعة الوقت يجب‏ قطعها (٤۳). و إن كان في ضيق الوقت يجب الاشتغال بها حال‏ الخروج (٤٤) مع الإيماء للركوع و السجود (٤٥)، و لكن يجب عليه قضاؤها أيضا إذا لم يكن الخروج عن توبة و ندم (٤٦)، بل الأحوط القضاء و إن كان من ندم و بقصد التفريغ للمالك (٤۷).

لحكم العقل بلزوم اختيار أخفّ القبحين و أقلّ المحذورين. هذا إذا كان الوجوب بمعنى اللابدية العقلية. و أما إن كان بمعنى الإلزام الشرعي المولوي، فإن أريد به الوجوب من باب التسامح و المجاز من جهة الملازمة في الجملة بين الكون في المباح و ترك الكون في المغصوب، فلا بأس به و يصح إطلاقه حينئذ بحسب العرف إطلاقا تسامحيا مجازيا، و إن أريد به الصدق الحقيقي، فلا وجه له أصلا، لأنّه إمّا نفسي أو غيريّ. و الأول خلاف المرتكزات من كون الخروج مقدمة لترك الغصب و تفريغ مال المالك و الثاني لا موضوع له، لأنّ المطلوب النفسي إنّما هو ترك الغصب و الحركات الخروجية غصب و قد ثبت في محلّه عدم مقدمية أحد الضدين لترك الآخر و لا العكس، و على فرض صحة تصوير المقدمية، فلا وجه للوجوب الشرعي، إذ لا وجه للوجوب الغيري المولوي لما هو مبغوض فعليّ كما لا وجه لحرمة الخروج شرعا، لمكان الاضطرار إليه، فكيف تثبت الحرمة المولوية لما اضطر إليه مع ورود قوله (صلّى اللّه عليه و آله): رفع ما اضطرّوا إليه»۱٥.

الشامل لما إذا حصل الاضطرار بسوء الاختيار أيضا كما في جميع أبواب الفقه.

و منه يظهر أنّه لا وجه للوجوب و الحرمة معا كما نسب إلى بعض، لأنّه إذا لم يمكن أحد الإلزامين مولويا، فكيف يجمع بينهما و هل هو إلّا من الجمع بين الباطلين كما لا وجه للوجوب الفعلي مع ثبوت العقاب للنهي السابق، لما مر من عدم تصور الوجوب المولوي لا نفسيا و لا غيريّا فلا وجه للإلزام المولوي لا بالنسبة إلى الفعل و لا بالنسبة إلى الترك و ليس في البين إلّا حكم العقل فقط باختيار أقلّ المحذورين، و لعلّ من قال: بالوجوب، أو الحرمة، أو هما معا أراد ذلك بالتوسع و العناية لا الواقع و الحقيقة، و له وجه إتماما للحجة، و بذلك يمكن أن يجمع بين الأقوال و يرفع النزاع عن هذه العويصة التي أطيل فيها الكلام.

الصلاة في سعة الوقت في المكان المغصوب لها أقسام:

الأول: أن يكون قد نسي المعصية و شرع في الصلاة و تذكر في الأثناء و كان الخروج من المحلّ الغصبيّ غير متوقف على إتيان المنافي و خرج فورا، فتصح صلاته، لوجود المقتضي للصحة و فقد المانع عنها، و لحديث «لا تعاد»۱٦.

الثاني: أن يكون ملتفتا إلى الغصبية و مع ذلك شرع في الصلاة في سعة الوقت و لا إشكال في بطلان صلاته و لا يحتاج إلى القطع.

الثالث: أن يكون ناسيا و شرع فيها و تذكر في الأثناء و توقف الخروج على إتيان المنافي، فتبطل قهرا حينئذ أيضا، فلا موضوع لوجوب القطع في هذه الأقسام إلّا أن يراد الوجوب بالعرض و المسامحة من جهة لا بدية الخروج و هو قطع للصلاة أيضا، فيصح انتسابه إليه مجازا.

الرابع: أن يشك في أنّه كان شروعه فيها نسيانا عن الغصبية أو ملتفتا إليها، فمع التمكن من الخروج بلا فعل المنافي تصح صلاته و لا شي‏ء عليه، لحديث «لا تعاد»۱۷، و إن توقف على فعل المنافي، فلا صلاة له، لما مر.

أمّا بناء على جواز اجتماع الأمر و النهي، أو الامتناع و تغليب جانب الأمر. فلا ريب في صحة الصلاة حينئذ، بل مقتضى القاعدة بناء عليهما الصحة مع الاختيار أيضا إلّا أنّهم ادعوا الإجماع على العدم معه و أمّا بناء على الامتناع و تغليب جانب النّهي كما نسب إلى المشهور- و إن لم يكن لهم دليل يصح الاعتماد عليه كما أثبتناه في الأصول- فمقتضى القاعدة البطلان حينئذ مطلقا، لعدم إمكان التقرب بالمبغوض، و لكنّهم أجمعوا على عدم سقوط وجوب الصلاة على كلّ حال، و أرسلوا إرسال المسلّمات قضية لا تسقط الصلاة بحال، فيجب الاشتغال بها حال الخروج إجماعا.

إن لم يكن الركوع و السجود الاختياريين مستلزما لتصرف زائد على أصل التصرفات الخروجية وجب الإتيان بهما كذلك و إلّا وجب الإتيان ببدلهما و هو الإيماء، لأنّ الزائد عليه تصرف زائد على التصرفات الخروجية و هو مبغوض لا يصح أن يقع جزء العبادة.

لقاعدة الاشتغال، لأنّ الدخول بعد أن كان بسوء الاختيار لا يوجب سقوط العقاب بالنسبة إلى التصرفات الخروجية و إن كان مضطرا إليها، إذ الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقابا، مضافا إلى احتمال عدم شمول أدلة الأبدال الاضطرارية لما إذا أوجدها المكلّف بسوء اختياره مثل المقام و إن كان ظاهرهم (رحمهم اللّه) الإطلاق في سائر الموارد، لكنّه يوجب حسن الاحتياط بلا ارتياب.

لاحتمال عدم الأثر للتوبة مع التلبس الفعلي بما فيه ملاك المبغوضية فإنّ مورد التوبة أقسام:

الأول: التوبة عما مضى و انقضى- كمن كذب ثمَّ تاب و ندم عنه- مع عدم تلبسه بالمعصية فعلا بوجه و لا ريب في زوال العصيان بذلك، لتطابق النص‏۱۸ و الفتوى على أنّ «التائب من الذنب كمن لا ذنب له» و هو الذي يقتضيه كمال عناية اللّه تعالى بالمذنبين من عباده.

الثاني: التوبة عما مضى مع التلبس بالمعصية فعلا- كمن يمشي في الأرض المغصوبة عمدا و اختيارا مع تمكنه من تركه و المشي في غيرها و يتوب عن كلّ قدم يرفع عنها ثمَّ يضع قدما أخرى- و مقتضى عمومات التوبة صحتها لو لم يصدق عليها العبث و اللعب بالتوبة، و الظاهر عدم صدقهما لأنّ كلا منهما إمّا قصدي أو انطباقي، و المفروض عدم صدق الأول، لعدم القصد، و الشك في الأخير يكفي في عدم صدقه، و يدل على صحة التوبة إطلاق صحيح ابن سالم عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «ما من مؤمن يقترف في كلّ يوم و ليلة أربعين كبيرة فيقول و هو نادم: أستغفر اللّه الذي لا إله إلّا هو الحيّ القيوم بديع السماوات و الأرض ذا الجلال و الإكرام و أسأله أن يتوب عليّ، إلّا غفرها اللّه له، ثمَّ قال: و لا خير فيمن يقارف كلّ يوم و ليلة أربعين كبيرة»۱۹.

و مثله خبر عمار بن مروان قال: «قال أبو عبد اللّه: من قال أستغفر اللّه مائة مرة في يوم غفر اللّه له سبعمائة ذنب و لا خير في عبد يذنب في يوم سبعمائة ذنب»۲۰.

و إطلاق صحيح أبي بصير قال: «قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً قال: هو الذنب الذي لا يعود فيه أبدا قلت: و أينا لم يعد؟ فقال: يا أبا محمد إنّ اللّه يحب من عباده المفتن التواب»۲۱.

و أما خبر جابر- عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «سمعته يقول: التائب من الذنب كما لا ذنب له، و المقيم على الذنب و هو مستغفر منه كالمستهزئ»۲۲. فمضافا إلى قصور سنده يمكن حمله على عدم حصول الندم.

الثالث: هذا القسم بعينه مع عدم التمكن من المشي في غيرها و مع القول ببقاء خطاب النية عن التصرف فعلا في حال الاضطرار أيضا، لأنّه كان بسوء الاختيار و حكمه حكم القسم الثالث بلا فرق بينهما أبدا.

الرابع: هذا القسم بعينه مع القول بسقوط خطاب النهي لأجل الاضطرار و بقاء ملاك المبغوضية مع القول بأنّ ملاك المبغوضية كالمبغوضية المصحوبة بالخطاب الفعليّ، و حكمه أيضا حكم القسم الثالث بلا فرق.

الخامس: هذا القسم بعينه مع القول بسقوط الخطاب و الملاك لأجل الاضطرار و حكمه صحة العبادة الواقعة في حال الخروج، لعدم المبغوضية في الحركات الخروجية لا خطابا و لا ملاكا، فلا إثم و لا معصية فيها، و مقتضى إطلاق قوله (صلّى اللّه عليه و آله): «التائب من الذنب كمن لا ذنب له»۲۳.

و سعة فضل اللّه تعالى الصحة في المقام، و طريق الاحتياط واضح.

(مسألة ۲۰): إذا دخل في المكان المغصوب جهلا أو نسيانا أو بتخيل الإذن ثمَّ التفت و بان الخلاف، فإن كان في سعة الوقت لا يجوز له التشاغل بالصلاة (٤۸) و إن كان مشتغلا بها وجب القطع و الخروج (٤۹)، و إن كان في ضيق الوقت اشتغل بها حال الخروج (٥۰) سالكا أقرب الطرق (٥۱)، مراعيا للاستقبال بقدر الإمكان (٥۲)، و لا يجب قضاؤها (٥۳) و إن كان أحوط (٥٤)، لكن هذا إذا لم يعلم برضاء المالك بالبقاء بمقدار الصلاة و إلا فيصلّي ثمَّ يخرج (٥٥). و كذا الحال إذا كان مأذونا من المالك في الدخول ثمَّ ارتفع الإذن برجوعه عن إذنه، أو بموته و الانتقال إلى غيره (٥٦).

لفقد شرط الصحة و هو إباحة المكان فلا يمكن قصد الصلاة المأمور بها مع الالتفات، مضافا إلى الإجماع على البطلان.

لما مر- في المسألة السابقة- من بطلان الصلاة، فلا وجه لوجوب القطع إلّا من باب المسامحة و المجاز إذ لا فرق في الشرائط بين الحدوث و البقاء، فإذا علم بانتفاء الشرط في الأثناء يقع باطلا لا محالة قطعها في سعة الوقت أو لم يقطعها.

لعدم سقوط الصلاة بحال، فيجب الإتيان بها على كلّ حال.

لأن لا يلزم التصرف الزائد على أصل التصرف الخروجي مهما أمكن، فيصير باطلا.

لقاعدة الميسور، و ظهور الإجماع عليه.

لقاعدة الإجزاء، و كون تكليفه هذا النحو من الصلاة، و عدم كون أصل التصرفات الخروجية مبغوضة، لعدم كون الدخول بسوء الاختيار فتكون التصرفات واجبة شرعا و لا محذور فيه.

للخروج عن شبهة الخلاف، و لأنّ الاحتياط حسن على كلّ حال.

هذا كلّه إذا لم يمكنه الخروج و إتيان الصلاة بلا إتيان المنافي. و إلّا يتعيّن عليه ذلك.

و تصح صلاته، لوجود المقتضي لها و فقد المانع عنها، فلا بد من الصحة و الإجزاء.

لأنّه بالرجوع عن الإذن يثبت موضوع الغصبية، فتجري عليه أحكام الغصب، و كذا بعد الانتقال إلى مالك آخر، فلا بد من إحراز رضاه و يجري فيه جميع ما تقدم من الفروع السابقة.

(مسألة ۲۱): إذا أذن المالك بالصلاة خصوصا أو عموما ثمَّ رجع عن إذنه قبل الشروع فيها وجب الخروج في سعة الوقت و في الضيق يصلّي حال الخروج على ما مر (٥۷). و إن كان ذلك بعد الشروع فيها فقد يقال بوجوب إتمامها مستقرا و عدم الالتفات إلى نهيه (٥۸)، و إن كان في سعة الوقت إلا إذا كان موجبا لضرر عظيم على المالك (٥۹)، لكنه مشكل (٦۰)، بل الأقوى وجوب القطع في السعة (٦۱) و التشاغل بها خارجا في الضيق (٦۲) خصوصا في فرض الضرر على المالك (٦۳).

و تقدم الوجه فيما مر، فلا وجه للإعادة.

نسب هذا القول إلى جمع- منهم الشهيد الثاني- و استدل لهم بأمور:

منها: استصحاب وجوب الإتمام. و يرده: أنّ رجوع المالك عن إذنه بمنزلة الدليل المقدم على الأصل، فلا يبقى موضوع له.

و منها: إطلاق قوله (عليه السلام): «الصلاة على ما افتتحت»۲4.

و يرده‏ أنّه لا ربط له بالمقام، بل في مورد النية بأن يرى المكلّف نفسه في صلاة و شك في أنّه نواها من الأول أو لا، و يدل عليه خبر معاوية قال: «سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن رجل قام في الصلاة المكتوبة، فظنّ أنّها نافلة أو قام في النافلة، فظنّ أنّها مكتوبة قال: هي على ما افتتح الصلاة عليه»۲٥.

و منها: أنّ المانع الشرعي و هو حرمة قطع الصلاة كالمانع العقلي مثل الاضطرار إلى البقاء فيه لحفظ نفس أو نحوه، فكما تصح الصلاة في الثاني فكذا في الأول. و يرده أنّ هذه الصلاة مرددة بين البطلان و عدمه، و لا دليل على حرمة قطع مثل هذه الصلاة، لأنّ عمدة الدليل الإجماع و شموله للمقام ممنوع.

و منها: أنّ رجوع المالك عن إذنه مع علمه باشتغال المصلّي بالصلاة أمر بالمنكر و هو غير جائز. و يرده: أنّه لا دليل على حرمة إبطال صلاة الغير، و على فرض وجوده فشموله للمقام أول الدعوى.

و منها: أنّ المالك- بإذنه في الصلاة في داره- أقدم على سلب قدرته عن ما له ما دام المصلّي مشغولا بالصلاة. و يرده أولا: أنّه عين الدعوى.

و ثانيا: أنّه خلاف قاعدة السلطنة المتفق عليها بين جميع العقلاء، فليس شي‏ء في البين يعتمد عليه في مقابل قاعدة السلطنة و هي مقدمة على حرمة إبطال الصلاة و وجوب الاستقرار فيها و الإتيان بصلاة المختار، فلا وجه لملاحظة التزاحم بينها و احتمال ترجيح الأخيرين عليها. نعم، قد يدل دليل خاص على سقوط اعتبار إذنه في بعض الموارد، ما إذا أذن في دفن الميت في ملكه ثمَّ رجع عن إذنه و قد تقدم في [مسألة ۱۱] من (فصل مكروهات الدفن) و هذه المسألة سيالة في موارد من الفقه:

منها: ما إذا أذن المالك لغيره في رهن ماله لدينه.

و منها: ما إذا أذن في الزرع في ملكه.

و منها: ما إذا رجع الباذل عن بذله في الحج إلى غير ذلك من الموارد و في الجميع قاعدة السلطنة محكّمة إلّا أن يدل دليل على الخلاف و قد تعرضنا للجميع في محالّها المناسبة فراجع و تأمل.

لأنّه لم يصرح أحد بالصحة في هذه الصورة.

لما مرّ من الإشكال الوارد على أدلتهم.

كما عن جمع كثير من الفقهاء- منهم الشهيد الثاني- و المحقق الثاني- لفقد الشرط، فتصير باطلة و لا يحتاج إلى الإبطال و يجب عليه أن يأتي بصلاة المختار في خارج ذلك المحلّ.

لما مر من عدم سقوط الصلاة بحال مطلقا و لا بد من الإيماء للركوع و السجود إن استلزم الاختياري منهما التصرف الزائد على الخروج.

لما تقدم من عدم تصريح القائلين بالجواز بهذه الصورة.

(مسألة ۲۲): إذا أذن المالك في الصلاة، و لكن هناك قرائن تدل على عدم رضاه، و أنّ إذنه من باب الخوف أو غيره لا يجوز أن يصلّي، كما إنّ العكس بالعكس (٦٤).

لأنّ المدار على الواقع و الإذن طريق إليه و لا أثر له مع المخالفة للواقع.

(مسألة ۲۳): إذا دار الأمر بين الصلاة حال الخروج من المكان الغصبيّ بتمامها في الوقت أو الصلاة بعد الخروج و إدراك ركعة أو أزيد، فالظاهر وجوب الصلاة في حال الخروج، لأنّ مراعاة الوقت أولى من مراعاة الاستقرار و الاستقبال و الركوع و السجود الاختياريين (٦٥).

أرسل ذلك إرسال المسلّمات الفقهية. و ما يقال: من أنّ قاعدة من‏ أدرك ركعة من الوقت فقد أدرك الوقت توسع الوقت تنزيلا، فيأتي بالصلاة الاختيارية مع إدراك ركعة من الوقت. مردود، لعدم شمول القاعدة لمورد التفويت و المنساق منها إنّما هو مورد الفوات و تقدم في فصل الأوقات ما ينفع المقام‏۲٦.

الثاني: من شروط المكان كونه قارا (٦٦)، فلا تجوز الصلاة على الدابة أو الأرجوحة أو في السفينة و نحوها مما يفوت معه استقرار المصلّي (٦۷).نعم، مع الاضطرار- و لو لضيق الوقت عن الخروج من السفينة مثلا- لا مانع (٦۸)، و يجب عليه حينئذ مراعاة الاستقبال و الاستقرار بقدر الإمكان (٦۹)، فيدور حيثما دارت الدابة أو السفينة. و إن أمكنه الاستقرار في حال القراءة و الأذكار و السكوت خلالها حين الاضطراب وجب ذلك (۷۰) مع عدم الفصل الطويل الماحي للصورة، و إلا فهو مشكل (۷۱).

القرار إن كان بمعنى عدم الحركة أصلا، فلا دليل على اعتباره بل مقتضى الأصل و ما يأتي من أخبار الصلاة في السفينة عدم الاعتبار. و إن كان بمعنى استقرار المصلّي و طمأنينته، فدليل اعتبارهما في الصلاة يكون دليلا لاعتبار القرار في المكان بهذا المعنى، فليس هذا الشرط في المكان شرطا مستقلا في مقابل شرطية الاستقرار و الطمأنينة، و ليس لاعتبار قرار المكان موضوعية خاصة و إنّما هو طريق لشرطية الاستقرار و الاستقبال و الطمأنينة مما تكون معتبرة في الصلاة و حينئذ فلو صلّى في محلّ كان متحرّكا مع تحقق الاستقرار و الاستقبال و الطمأنينة تصح صلاته و لا شي‏ء عليه، و يشهد لما قلنا خبر ابن جعفر قال: «سألته عن الرجل هل يصلح له أن يصلّي على الرف المعلّق بين نخلتين؟ فقال: إن كان مستويا يقدر على الصلاة فيه فلا بأس- الحديث-»۲۷.

لظهوره في أنّ قرار المكان له طريقية لا أن يكون موضوعية و يأتي في مسائل القيام ما ينفع المقام.

لما مر أنّه لا موضوعية لهذا الشرط، بل هو طريق لفقد بعض الشرائط المعتبرة في الصلاة.

للإجماع، و النص و يأتي في المسألة التالية بعض النصوص.

لإطلاق أدلة اعتبارهما في كلّ جزء من أجزاء الصلاة، مضافا إلى الإجماع، و قاعدة الميسور.

لقاعدة الميسور، و الإجماع، و ظهور بعض الأخبار۲۸.

لاحتمال أهمية حفظ الصورة عن الاستقرار و نحوه.

(مسألة ۲٤): يجوز في حال الاختيار الصلاة في السفينة، أو على الدابة الواقفتين مع إمكان مراعاة جميع الشروط من الاستقرار و الاستقبال و نحوهما (۷۲)، بل الأقوى جوازها مع كونهما سائرتين (۷۳) إذا أمكن مراعاة الشروط و لو بأن يسكت حين الاضطراب عن القراءة و الذكر مع الشرط المتقدم، و يدور إلى القبلة إذا انحرفتا عنها، و لا تضر الحركة التبعية بتحركهما (۷٤)، و إن كان الأحوط القصر على حال‏ الضيق و الاضطرار (۷٥).

لوجود المقتضي للصحة حينئذ و فقد المانع عنها، فتصح و تجزي لا محالة.

أما مع وقوفهما، فللإطلاقات و العمومات، و أصالة عدم اعتبار شرط خاص في مكان المصلّي غير ما تقدم و يأتي من الشرائط و منه يظهر جواز الصلاة في السفينة و على الدابة مع سيرهما إن لم يستلزم خلل في شرائط الصلاة من الاستقرار و الطمأنينة، و الاستقبال، للأصل بعد عدم دليل على اعتبار قرار المكان في مقابل الاستقرار و الطمأنينة و الاستقبال. هذا بحسب الأصل و الإطلاق.

و أما الأخبار الواردة في الصلاة في مثل السفينة فأقسام أربعة:

الأول: ما هو ظاهر في الجواز كصحيح جميل: «أنّه قال لأبي عبد اللّه (عليه السلام): تكون السفينة قريبة من الجدد فأخرج و أصلّي؟

قال (عليه السلام): صلّ فيها أ ما ترضى بصلاة نوح؟!»۲۹.

و عنه (عليه السلام) أيضا: «لا بأس بالصلاة في جماعة في السفينة»۳۰.

الثاني: ما يظهر منه أنّ اعتباره طريقيّ لا أن يكون له موضوعية خاصة كصحيح عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: «سألته عن الرجل هل يصلح له أن يصلّي على الرف المعلّق بين نخلتين؟ فقال: إن كان مستويا يقدر على الصلاة فيه فلا بأس»۳۱.

و موثق مفضل بن صالح قال: «سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن الصلاة في الفرات و ما هو أضعف منه من الأنهار في السفينة قال: إن صلّيت فحسن و إن خرجت فحسن»۳۲.

الثالث: ما يظهر منه عدم الجواز إلّا مع الضرورة كخبر عليّ بن إبراهيم قال: «سألته عن الصلاة في السفينة قال: يصلّي و هو جالس إذا لم يمكنه القيام في السفينة، و لا يصلّي في السفينة و هو يقدر على الشط- الحديث-»۳۳.

و قوله (عليه السلام) في الصحيح: «لا يصلّي على الدابة الفريضة إلّا مريض»۳4.

و في صحيح ابن سنان قال: «قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام) أ يصلّي شيئا من المفروض راكبا؟ فقال: لا إلّا من ضرورة»۳٥.

الرابع: ما ورد لبيان التفصيل كصحيح حماد بن عيسى قال: «سمعت أبا عبد اللّه (عليه السلام) يسأل عن الصلاة في السفينة، فيقول: إن استطعتم أن تخرجوا إلى الجدد فاخرجوا فإن لم تقدروا فصلّوا قياما فإن لم تستطيعوا فصلّوا قعودا و تحرّوا القبلة»۳٦.

و مثله غيره.

و مقتضى الجمع العرفي بين هذه الأخبار هو أنّه مع التمكن من إتيان الصلاة جامعة للشرائط لا بأس بالصلاة في السفينة و نحوها، لما مرّ في صحيح ابن جعفر، و القسم الأول من الأخبار و إلّا فإن أمكنه الخروج منها و إتيان الصلاة جامعة للشرائط يجب ذلك، لما في القسم الأخير و إلّا فيصلّي فيها و يراعي الشرائط مهما أمكن، و هذا هو الذي تقتضيه الإطلاقات و العمومات، مع ما ارتكز في الأذهان من قاعدة الميسور، فليس في أخبار السفينة شي‏ء يخالفها.

و لكن نسب إلى المشهور عدم الجواز إلّا مع الاضطرار، بل ادعي عليه الإجماع، و الظاهر أنّه على فرض الثبوت اجتهادي حصل مما ظهر لهم مما مرّ من الأخبار لا أن تكون من الشهرة، أو الإجماع المعتبر.

كلّ ذلك لأصالة عدم المانعية بعد فقد الدليل على مانعية مثل هذه الحركة التبعية، و كذا بالنسبة إلى الدوران حيث ما دارت إلى القبلة و السكون حين الاضطراب، لأنّ كلّ ذلك من الشك في المانعية، و المرجع فيه البراءة كما ثبت في محلّه.

خروجا عن خلاف ما نسب إلى المشهور، و ادعي عليه الإجماع على فرض الصحة.

فروع- (الأول): لو لم يتمكن فيها من الصلاة جامعة للشرائط و تمكن من الخروج و الإتيان بها جامعة للشرائط و مع ذلك صلّى فيها وجب الإعادة، أو القضاء.

(الثاني): لو صلّى ركعتين- مثلا- فيها مستجمعا للشرائط و صلّى الركعتين الآخرتين في الخارج، الظاهر صحة الصلاة مع عدم المنافي.

(الثالث): لا فرق فيما ذكر بين المسافر و الحاضر، لكون الحكم موافقا للقاعدة و الأخبار وردت على طبقها كما لا فرق بين السفينة و السيارة و القطار و الطائرة.

(الرابع): مقتضى الإطلاقات و العمومات جواز إيجاد موضوع الحكم اختيارا في السفر، و تقتضيه السيرة أيضا.

(مسألة ۲٥): لا يجوز الصلاة على صبرة الحنطة و بيدر التبن و كومة الرمل مع عدم الاستقرار، و كذا ما كان مثلها (۷٦).

لأنّ المناط في الجميع واحد و هو الصحة مع تحقق الشرائط، و البطلان مع فقدها أو بعضها إلّا مع الضرورة و الحكم في الجميع موافق للقاعدة.

(الثالث): أن لا يكون معرضا لعدم إمكان الإتمام و التزلزل في البقاء إلى آخر الصلاة (۷۷)- كالصلاة في الزحام المعرض لإبطال‏ صلاته و كذا في معرض الريح أو المطر الشديد أو نحوها- فمع عدم الاطمئنان بإمكان الإتمام لا يجوز الشروع فيها على الأحوط. نعم، لا يضر مجرد احتمال عروض المبطل. (الرابع): أن لا يكون مما يحرم البقاء فيه كما بين الصفين من القتال، أو تحت السقف، أو الحائط المنهدم، أو في المسبعة أو نحو ذلك- مما هو محلّ للخطر على النفس (۷۸). (الخامس): أن لا يكون مما يحرم الوقوف، و القيام، و القعود عليه كما إذا كتب عليه القرآن، و كذا على قبر المعصوم (عليه السلام) أو غيره- ممن يكون الوقوف عليه هتكا لحرمته (۷۹).(السادس): أن يكون مما يمكن أداء الأفعال فيه بحسب حال المصلّي (۸۰)، فلا يجوز الصلاة في بيت سقفه نازل بحيث لا يقدر فيه على الانتصاب، أو بيت يكون ضيقا لا يمكن فيه الركوع و السجود على الوجه المعتبر. نعم، في الضيق و الاضطرار يجوز و يجب مراعاتها بقدر الإمكان (۸۱). و لو دار الأمر بين مكانين في أحدهما قادر على القيام، لكن لا يقدر على الركوع و السجود إلا موميا و في الآخر لا يقدر عليه و يقدر عليهما جالسا، فالأحوط الجمع بتكرار الصلاة و في الضيق لا يبعد التخيير (۸۲). (السابع): أن لا يكون متقدما على قبر معصوم (۸۳) و لا مساويا له (۸٤) مع عدم الحائل (۸٥) المانع الرافع لسوء الأدب على الأحوط. و لا يكفي في الحائل الشبابيك و الصندوق الشريف و ثوبه (۸٦). (الثامن): أن لا يكون نجسا نجاسة متعدية إلى الثوب أو البدن (۸۷)، و أما إذا لم تكن متعدية فلا مانع (۸۸) إلا مكان الجبهة فإنّه‏ يجب طهارته و إن لم تكن نجاسته متعدية (۸۹)، لكن الأحوط طهارة ما عدا مكان الجبهة أيضا مطلقا (۹۰)، خصوصا إذا كانت عليه عين النجاسة (۹۱). (التاسع): أن لا يكون محلّ السجدة أعلى أو أسفل من موضع القدم بأزيد من أربع أصابع مضمومات على ما سيجي‏ء في باب السجدة (۹۲). (العاشر): أن لا يصلّي الرجل و المرأة في مكان واحد (۹۳)،بحيث تكون المرأة مقدمة على الرجل أو مساوية (۹٤) إلا مع الحائل (۹٥)، أو البعد عشرة أذرع (۹٦) بذراع اليد (۹۷) على الأحوط و إن كان الأقوى كراهته، إلا مع أحد الأمرين (۹۸). و المدار على الصلاة الصحيحة- لو لا المحاذاة أو التقدم- دون الفاسدة، لفقد شرط أو وجود مانع (۹۹). و الأولى في الحائل كونه مانعا عن المشاهدة (۱۰۰) و إن كان لا يبعد كفايته مطلقا (۱۰۱).كما إنّ الكراهة، أو الحرمة مختصة بمن شرع في الصلاة لاحقا إذا كانا مختلفين في الشروع، و مع تقارنهما تعمهما (۱۰۲). و ترتفع‏ أيضا بتأخر المرأة مكانا بمجرد الصدق (۱۰۳)، و إن كان الأولى تأخرها عنه في جميع حالات الصلاة بأن يكون مسجدها وراء موقفه (۱۰٤)، كما إنّ الظاهر ارتفاعها أيضا بكون أحدهما في موضع عال على وجه لا يصدق معه التقدم و المحاذاة و إن لم يبلغ عشرة أذرع (۱۰٥).

لا موضوعية لاعتبار هذا الشرط أيضا، بل هو طريق محض لحصول القصد و النية للصلاة، فإن حصل القصد إليها لا أثر لهذا الشرط و إلّا فتبطل الصلاة من حيث عدم حصول قصد القربة. و أما الجزم بالنية فلا دليل على اعتباره، بل مقتضى الأصل عدمه و يمكن أن يكون بعض مراتب عدم الجزم مساويا لعدم حصول أصل النية و القصد، فيعتبر الجزم حينئذ مقدمة لحصول أصل النية و القصد، و يمكن أن يكون مراد ما نسب إلى المشهور من اعتبار الجزم بالنية ذلك أيضا، فيصير النزاع بينهم و بين ما عن محققي المتأخرين من عدم الاعتبار لفظيا.

لأنّ الصلاة عبارة عن أفعال و أكوان خاصة مع فرض النهي عن الأكوان الخاصة لا تقع جزء للعبادة، لعدم إمكان التقرب بالمبغوض هذا إذا كانت الأكوان في ضمن الأفعال أو القراءة و الأذكار. و أما لو تحقق كون منفصلا عنها و حرم نفس هذا الكون الخاص من هذه الجهة ففي بطلان أصل الصلاة حينئذ إشكال و إن كان موافقا للاحتياط.

يجري فيه عين ما تقدم في الشرط الرابع من غير فرق بينهما أبدا، فيجري فيه عين ما جرى في سابقة.

هذا الشرط أيضا لا موضوعية له، بل هو طريق لإتيان الأفعال الصلاتية بحسب التكليف الفعلي، فدليل اعتبار هذا الشرط عين أدلة اعتبار تلك الأفعال. و القاعدة الكلية في جميع ذلك مراعاة أدلة تلك الأفعال و الشرائط فمع تحققها لا دليل على اعتبار هذه الشروط في المكان و مع عدم تحققها تعتبر هذه الشروط لتحققها.

لقاعدة الميسور بعد عدم سقوط الصلاة إجماعا.

يأتي التفصيل في [مسألة ۱۷] من مسائل القيام، فلا وجه للتكرار.

كما عن جمع من المتأخرين- منهم المجلسي، و البهائي، و الكاشاني- لصحيح الحميري قال: «كتبت إلى الفقيه (عليه السلام) أسأله عن الرجل يزور قبور الأئمة (عليهم السلام)- إلى أن قال:- و هل يجوز أن يتقدم القبر و يصلّي و يجعله خلفه أم لا؟ فأجاب و قرأت التوقيع و منه نسخت- إلى أن قال:- و أمّا الصلاة فإنّها خلفه و يجعله الإمام، و لا يجوز أن يصلّي بين يديه لأنّ‏ الإمام لا يتقدم و يصلّي عن يمينه و شماله»۳۷. و لكن نسب إلى المشهور الجواز على كراهة، لقصور الخبرين عن إثبات الحرمة، لوجوه: منها: قصور السند.

و فيه: أنّه معتبر، كما لا يخفى على من راجع كتب الرجال.

و منها: إعراض المشهور عنه. و فيه: أنّ إعراضهم اجتهادي لا أثر له.

و منها: أنّ الفقيه من ألقاب الكاظم (عليه السلام) و الحميري متأخر عنه زمانا و لم يدركه.

و فيه: أنّ المراد به في المقام صاحب الأمر (عليه السلام) و لا محذور.

و منها: اضطرابها لما عن الحميري أيضا: «و لا يجوز أن يصلّي بين يديه، و لا عن يمينه، و لا عن شماله، لأنّ الإمام لا يتقدم و لا يساوى»۳۸.

و فيه: أنّهما روايتان، كما صرح به في الوسائل، و لا اضطراب حينئذ. و لا تعارض بينهما بالنسبة إلى التقدم. و أما بالنسبة إلى اليمين و الشمال فيمكن الجمع، كما يأتي.

و منها: أنّها في مقام بيان الآداب لا الأحكام.

و فيه: أنّ هذا الاحتمال خلاف الظاهر، كما هو ظاهر. فلا قصور فيه لا من حيث السند و لا من جهة الدلالة، سواء قرئ قوله (عليه السلام): «و يجعله الإمام» بكسر الهمزة أو بفتحها، لأنّه على كلا التقديرين عبارة أخرى عن الجملة السابقة عليه و الجملة اللاحقة له، و يدل عليه أيضا خبر هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) في زيارة والده (عليه السلام): «و يصلّي خلفه و لا يتقدم عليه»۳۹.

ثمَّ إنّ التقدم تارة: يكون بالخط المستقيم بحيث يكون القبر الشريف خلفه حقيقة، و لا ريب في شمول الصحيح له، و أخرى يكون عن يمينه و شماله بحيث يصدق التقدم مسامحة عرفا لا حقيقة و هل يشمل ذلك أيضا أو لا؟

وجهان هذا بالنسبة إلى القبر الشريف، و أمّا بالنسبة إلى الصندوق الذي هو أوسع من القبر بمراتب، كما إنّ الضريح أوسع من الصندوق كذلك- و لم يكونا كذلك في زمان صدور الحديث- فهل التقدم عليهما أيضا ممنوع، أمّا بالنسبة إلى جعل نفس القبر خلفه فلا ريب في المنع كراهة أو حرمة. و أمّا بالنسبة إلى اليمين أو اليسار، فيجري ما ذكرناه آنفا بالنسبة إلى القبر.

لما تقدم في خبر الحميري من قوله (عليه السلام): «لأنّ الإمام لا يتقدم و لا يساوى» و قوله (عليه السلام): «و أمّا الصلاة فإنّها خلفه» المستفاد منه الحصر.

و أشكل عليه أولا: بمخالفة المشهور لذهابهم إلى الجواز. و فيه: أنّ الظاهر أنّ الشهرة اجتهادية لا أن تكون مستندة إلى ما لم يصل إلينا.

و ثانيا: بمعارضته بما تقدم في خبره الآخر: «و يصلّي عن يمينه و شماله».

و فيه: أنّ اليمين و الشمال أعم من المساواة فيحملان على غير المساوي بقرينة هذا الخبر، و تقتضي المنع عن التقدم و المساواة مرتكزات المؤمنين أيضا خلفا عن سلف، كما أشكل على الحصر بأنّه لا يستفاد منه إلّا مجرد الفضل الإضافي بالنسبة إلى التقدم بقرينة ذيل الحديث، و لكن مع ذلك كلّه الجزم بالفتوى مشكل، لأنّ الخبرين كانا بمرأى المشهور و فيهم الأساطين و مع ذلك لم يذهبوا إلى المنع في هذا الحكم العام البلوى و قال في المستند: «أما فيه- أي في قبر المعصوم- فلا ريب في مرجوحية استدباره، بل الظاهر عدم الخلاف فيها، و هو فيها الحجة، مضافا إلى صحيح الحميري- ثمَّ ذكر الصحيحين- ثمَّ قال: و هل هي على وجه الكراهة أو الحرمة؟ المشهور هو الأول، بل ظاهر المنتهى عدم الخلاف فيه، و قال بعض مشايخنا المحققين: الظاهر اتفاقهم على ترك العمل بظاهر الصحيحين من عدم جواز الصلاة مقدّما على قبره، و صرّح بعض مشايخنا المعاصرين بعدم وجدان القائل به، و اختار بعض مشايخنا المحدثين الثاني‏ و نسبه إلى المعتبر و شيخنا البهائي و المحدّث المجلسي و لا دلالة لكلام الأوليين عليه، بل لا يفيد أزيد من الكراهة».

أقول: فإذا تحقق الاتفاق على ترك العمل بالصحيح فلا وجه لاعتباره حينئذ، مع أنّ جلّ ما ورد بالنسبة إلى قبور المعصومين (عليهم السلام) بل كلّه إنّما هو من الآداب و السنن مع اشتمالها على مثل هذه التعبيرات فأيّ موجب لحمل ما ورد في المقام على الحرمة، و البقية على مجرد الآداب و السنة فالجزم بالاحتياط الوجوبي أيضا مشكل، فإذا كان هذا حال التقدم فيسقط البطلان بالنسبة إلى التساوي بالأولى.

ثمَّ إنّه يظهر عن جمع جواز المساواة و عدم الكراهة فيها، لإطلاق قوله (عليه السلام) في الصحيح الأول: «و يصلّي عن يمينه و شماله».

و إطلاق جملة من النصوص:

منها: خبر ابن فضال في وداع أبي الحسن (عليه السلام) لقبر النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «فقام إلى جانبه يصلّي فألزق منكبه الأيسر بالقبر قريبا من الأسطوانة المخلقة التي عند رأس النبي (صلّى اللّه عليه و آله)».

و خبر جعفر بن ناجية: «صلّ عند رأس الحسين (عليه السلام)».

و خبر صفوان: «فصلّ ركعتين عند الرأس».

و في خبر الثمالي: «ثمَّ تدور من خلفه إلى عند رأس الحسين و صلّ عند رأسه ركعتين، و إن شئت صلّيت خلف القبر و عند رأسه أفضل».

و نحو ذلك من الأخبار.

و فيه: أنّ ذلك كلّه أعم من المحاذاة العرفية، لأنّ إلصاق المنكب الأيسر بالقبر يمكن أن يكون بمؤخر القبر، فيقع القبر في القدام، و كذا الصلاة عند الرأس، فإنّها أعم من المحاذاة قطعا. و كذا قوله (عليه السلام): «يصلّي عن يمينه و شماله» أعم من المحاذاة، فقوله (عليه السلام) في الصحيح الآخر للحميري: «لا يساوي» محكّم بعد حمله على الكراهة خصوصا بعد المسامحة فيها.

ثمَّ إنّه لا يخفى أنّ التساوي مع ضلع الضريح المقدس مستقبلا للقبلة لا يكون تساويا مع القبر، لأوسعية الضريح من القبر الشريف بكثير.

للأصل في صورة وجود الحائل بعد صحة انصراف الدليل عنه.

لأنّهما من توابع القبر الشريف عرفا، بخلاف الجدار مثلا.

لما دل على اعتبار طهارة الثوب و البدن، و لا بد من تقييدها بغير المعفو عنه، و قد تقدم التفصيل في كتاب الطهارة، فراجع. و هذا الشرط أيضا له طريقية لا أن تكون له موضوعية.

للنص و الإجماع، ففي صحيح ابن جعفر عن أخيه (عليه السلام):

«عن البيت و الدار لا تصيبهما الشمس و يصيبهما البول و يغتسل فيهما من الجنابة، أ يصلّي فيهما إذا جفّا؟ قال: نعم»44.

و قريب منه صحيحاه الآخران‏ و موثق عمار الساباطي‏، و يأتي تتمة الكلام في محلّه إن شاء اللّه تعالى.

إجماعا من المسلمين في الأعصار و الأمصار، و يأتي في التاسع من واجبات السجود إن شاء اللّه تعالى ما يدل عليه أيضا.

خروجا عن خلاف من أوجب طهارة ما يلاقيه المصلّي حين الصلاة، كالسيد لقوله تعالى‏ وَ الرُّجْزَ فَاهْجُرْ.

و طهارة محلّ المساجد مطلقا، كالحلبي، لقوله (صلّى اللّه عليه و آله):

«جنبوا مساجدكم النجاسة».

و فيهما ما لا يخفى، و كذا في باقي أدلتهما غير الصالحة للوجوب، و إن صلحت للكراهة و الاحتياط.

لأنّه مع التمكن من الصلاة في غيره يكون ذلك نحو تسامح بالنسبة إلى الصلاة، و خلاف المحافظة عليها.

راجع السابع من واجبات السجود، فقد ذكرنا هناك دليله و لا وجه للتعرض هنا.

نسب المنع إلى المشهور و ادعى عليه الإجماع. و عن عامة المتأخرين الجواز مع الكراهة، بل عليه إجماعهم. و البحث فيها تارة: بحسب الأصل و أخرى: بحسب الإطلاقات، و ثالثة: بحسب الأدلة الخاصة.

أمّا الأولان: فمقتضاهما عدم اعتبار هذا الشرط أصلا. و أمّا الأخير فاستدل للمنع بجملة من الأخبار- و هي كثيرة-:

منها: صحيح ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) «أصلّي و المرأة إلى جانبي و هي تصلّي. قال (عليه السلام): لا، إلّا أن تقدم هي أو أنت، و لا بأس أن تصلّي و هي بحذاك جالسة أو قائمة».

بناء على أنّ المراد بالتقدم التقدم الصلاتي لا المكاني.

و منها: صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) قال:

«سألته عن المرأة تزامل الرجل في المحمل يصليان جميعا، قال (عليه السلام) لا، و لكن يصلّي الرجل فإذا فرغ صلّت المرأة»٥۰.

و منها: صحيح إدريس بن عبد اللّه القمّي قال: «سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن الرجل يصلّي و بحياله امرأة قائمة على فراشها جنبا، فقال (عليه السلام): إن كانت قاعدة فلا يضرك و إن كانت تصلّي فلا»٥۱.

و منها: خبر أبي بصير عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «سألته عن الرجل و المرأة يصليان معا في المحمل؟ قال (عليه السلام): لا و لكن يصلّي الرجل و تصلّي المرأة بعده»٥۲.

و منها موثق عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام): «أنّه سئل عن الرجل يستقيم له أن يصلّي و بين يديه امرأة تصلّي؟ قال (عليه السلام): إن كانت تصلّي خلفه فلا بأس و إن كانت تصيب ثوبه»٥۳.

و منها: صحيح ابن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) قال: «سألته عن إمام كان في الظهر فقامت امرأته بحياله تصلّي و هي تحسب أنّها العصر، هل يفسد ذلك على القوم و ما حال المرأة في صلاتها معهم و قد كانت صلّت الظهر؟ قال: لا يفسد ذلك على القوم و تعيد المرأة»٥4.

و بإزاء هذه الأخبار: أخبار أخرى ظاهرة، بل صريحة في الجواز، كصحيح جميل عن أبي عبد اللّه (عليه السلام): «لا بأس أن تصلّي المرأة بحذاء الرجل و هو يصلّي، فإنّ النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) كان يصلّي و عائشة مضطجعة بين يديه و هي حائض، و كان إذا أراد أن يسجد غمز رجليها فرفعت رجليها حتّى يسجد»٥٥.

و عدم انطباق التعليل على المورد لا يضر بالاستدلال، مع أنّه يمكن أن يكون مورد العلة حكما آخر، و هو عدم كون المرأة غير مصلية، و ذكر بهذا النحو كما يظهر من روايات أخرى. و خبر ابن فضال عمن أخبره عن جميل عن أبي عبد اللّه (عليه السلام): «في الرجل يصلّي و المرأة تصلّي بحذاه، قال (عليه السلام): لا بأس»٥٦.

و صحيح فضيل عن أبي جعفر (عليه السلام): «إنّما سميت مكة بكة لأنّه يبك فيها الرجال و النساء، و المرأة تصلّي بين يديك و عن يمينك و عن يسارك و معك و لا بأس بذلك، و إنّما يكره في سائر البلدان»٥۷.

بناء على أنّ المراد بالكراهة الاصطلاحية، و في خبر عيسى بن عبد اللّه القمي: «سأل أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن امرأة صلّت مع الرجال و خلفها صفوف و قدامها صفوف، قال (عليه السلام): مضت صلاتها و لم تفسد على أحد و لا تعيد»٥۸.

فيحمل القسم الأول من الأخبار على الكراهة بقرينة هذه الأخبار، مع أنّ في الأخبار المانعة قرائن دالة على الكراهة أيضا. ففي صحيح الحلبي قال:

«سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن الرجل يصلّي في زاوية الحجرة و ابنته أو امرأته تصلّي بحذائه في الزاوية الأخرى، قال (عليه السلام): لا ينبغي ذلك إلّا إن يكون بينهما ستر، فإن كان بينهما ستر أجزأه»٥۹.

فإنّ لفظ لا ينبغي يناسب الكراهة. مع أنّ التأمل في مجموع الأخبار المانعة يشهد بالكرهة أيضا، و هو حمل شائع عرفي متعارف في الفقه. كما أنّ كثرة الاختلاف في التحديد الرافع للمنع، كما يأتي من أمارات الكراهة أيضا.

و حمل الاختلاف على الاختلاف بحسب الطول خلاف ظاهر الإطلاق.

و مما يؤكد الكراهة اشتمال بعض الأخبار المانعة على لفظ «لا ينبغي» فراجع.

إن قلت: إنّ الأخبار الدالة على الجواز قاصرة عن إثباته، أمّا الأول:

فلعدم انطباق التعليل فيه على الحكم. و أمّا الثاني: فلإرساله. و أما الثالث:

فلإمكان أن تحمل الكراهة فيه على الحرمة بقرينة الأخبار المانعة. و أمّا الأخير:

فلعدم أثر له في كتب الأحاديث. نعم، هو مذكور في كتب الفقه، هذا مع إمكان حمل هذه الأخبار على مورد تحقق الفصل الرافع للمنع.

قلت: أمّا عدم مناسبة التعليل للمورد فقد تقدم الجواب عنه، و إنّه لا يوجب سقوط حجية الظهور، بل النص و أمّا خبر ابن فضال فالظاهر أنّه عين الخبر الأول، و على فرض المغايرة يصح الأخذ بمراسيل ابن فضال، لإطلاق قوله (عليه السلام): «خذوا ما رووا و ذروا ما رأوا»٦۰.

و أما الكراهة، فهي ظاهرة في الكراهة الاصطلاحية أو تكون أعمّ منهما، و على أيّ تقدير توجب سقوط الأخبار المانعة عن الظهور في الحرمة مع اشتمال‏ بعضها على لفظ «لا ينبغي»٦۱. و أما عدم وجدان الأخير في كتب الأحاديث، فلا يوجب سقوط اعتباره بعد اعتناء الفقهاء بنقله، كما إنّ حملها على مورد حصول الفضل بعيد عن مساقها جدا مضافا إلى أنّ التصرف في الهيئة أهون من التصرف في مادة المطلقات الواردة في مقام البيان، و يمكن منع قيام الشهرة على المنع فضلا عن الإجماع، إذ لم يصرّح بالمنع إلّا الشيخان، و ابن حمزة، و قيل أكثر القدماء و لو ثبت الشهرة و الإجماع بمثل ذلك لاختل النظام و بطلت جملة من الأحكام.

لما تقدم في صحيح ابن أبي يعفور- من قوله: «و المرأة إلى جنبي»- الظاهر في التساوي، و لاتفاق النص و الفتوى على الصحة مع تأخرها كما تقدم.

للإجماع، و النصوص:

منها: صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام): «في المرأة تصلّي عند الرجل، قال: إذا كان بينهما حاجز فلا بأس»٦۲.

و في خبر الحلبي قال: «لا ينبغي ذلك إلّا أن يكون بينهما ستر، فإن كان بينهما ستر أجزأه»٦۳.

و في خبر ابن جعفر: «إن كان بينهما حائط طويل أو قصير فلا بأس»٦4.

و قريب منه خبره الآخر.

فروع- (الأول): المدار على صدق الحائل بينهما عرفا طويلا كان أو قصيرا مستقرا كان أو غير مستقر- كالستر يجعل حين الصلاة فقط- كما لا فرق في مادته سواء كانت من الآجر أو الخشب أو القماش أو شي‏ء آخر، و كذا لا فرق بين كونه غليظا أو رقيقا كما لا فرق بين كون نجسا أو طاهرا و بين كونه مباحا أو غصبا كلّ ذلك لصدق الحائل عرفا، فتشمله الإطلاقات قهرا.

(الثاني): لا فرق في ارتفاع المنع مع الحائل بين كون المرأة متقدمة، أو إلى أحد الجانبين، لظهور الإطلاق.

(الثالث): لو وقف بينهما شخص و هو لا يصلّي، ففي صدق الحائل عليه جمودا على الإطلاق أو عدمه، لاحتمال الانصراف عنه وجهان و الأوجه الأول.

اختلفت الأخبار في التحديد الرافع للمنع، ففي بعضها: «إذا كان بينهما شبر»٦٥.

و كخبر ابن مسلم، و في بعضها: «إلّا أن يكون بينهما شبر أو ذراع»٦٦.

و كخبر أبي بصير، و في بعضها: «شبر أو ذراع أو نحوه»٦۷.

و كخبر آخر لأبي بصير، و في بعضها: «قدر ما لا يتخطّى أو قدر عظم الذراع فصاعدا»٦۸.

و كخبر زرارة، و في بعضها: «موضع رحل»٦۹.

و كخبر حريز، و في بعضها: «عشرة أذرع»۷۰.

و كصحيح ابن جعفر، و في بعضها: «أكثر من عشرة أذرع»۷۱.

و مقتضى الصناعة كفاية الأقل و حمل الأكثر على مراتب الفضل.

ثمَّ إنّ العناوين الواردة في أدلة المنع أربعة: «الحذاء» و «الحيال» و «الجنب» و «الإزاء»۷۲، و المنساق منها عرفا في مثل المقام المماسة العرفية فبكلّ ما يصدق عليه الخروج- عن هذه العناوين- يرتفع المنع حرمة أو كراهة، و يدل عليه إطلاق ما ورد في الستر، و الحاجز، و قدر الشبر لأنّ هذه العناوين من الأمور التشكيكية و المتيقن منها هو أنّ المماسة ممنوعة و اعتبار الزائد عليها مشكوك، فيرجع فيه إلى الأصل.

هذا محصّل ما يستفاد من مجموع أخبار الباب على كثرتها و اختلافها بعد رد بعضهما إلى البعض و أمّا الكلمات فهي مضطربة كما لا يخفى على من راجعها في المفصّلات.

فروع- (الأول): سقوط المنع ببعد عشرة أذرع متفق عليه فتوى، و نصّا كما تقدم في خبر ابن جعفر. و أما موثق عمار المتقدّم، فمحمول على عشرة و أكثر كما في قوله تعالى‏ فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ‏۷۳.

و هل يستفاد من هذا الإجماع إعراضهم عن سائر التحديدات الواردة في الأخبار المتقدمة- حتّى لا يصح التمسك بها من هذه الجهة، الظاهر العدم، لعدم الاعتماد على مثل هذه الإجماعات، و على فرض الاعتبار لا أن يكون مثله مضرّا، لأنّه إثباتيّ لا يكون الإجماع على عدم اعتبار سائر التحديدات و سقوطها رأسا.

(الثاني): هل يلاحظ التحديد بين الموقفين، أو المسجدين، أو بين موقف أحدهما و مسجد الآخر، المنساق من الأخبار هو الأول، و مقتضى الأصل هو الأخير، لأنّ اعتبار الزائد عليه مشكوك فيرجع فيه إلى البراءة.

(الثالث): الظلمة، و تغميض العين و العمى ليس من الحاجز و الستر عرفا، فلا وجه لما نسب إلى الشهيد الثاني في الأولين، و إلى التحرير في الأخير من عدم المنع حرمة، أو كراهة.

(الرابع): لا فرق بين كون الحائط، و الحاجز ذات ثقب أو لا، للإطلاق، و لصحيح ابن جعفر عن أخيه (عليه السلام) قال: «سألته عن الرجل يصلّي في‏ مسجد حيطانه كوى كلّه قبلته و جانباه، و امرأته تصلّي حياله يراها و لا تراه قال:

لا بأس»۷4.

و الكوى جمع الكوّة و هي الثقبة و على هذا لا بأس بالشباك سواء كان من حديد أو غيره.

(الخامس): هل يكون هذا الشرط واقعيا أو ذكريا، مقتضى الإطلاق هو الأول، و مقتضى التسهيل هو الأخير و طريق الاحتياط واضح.

لأنّ المنساق من الذراع في الأخبار مطلقا هو ذراع اليد إلّا مع قرينة معتبرة على الخلاف و هي مفقودة.

لما مرّ من عدم تمامية الأدلة لإثبات الحرمة. و الكراهة خفيفة المؤنة يكفي فيها ذلك، مع أنّ أصل المرجوحية متفق عليها بين الكلّ.

لانسباق الصحيحة، و الإتيان بالوظيفة الفعلية من أدلة المقام، مع أنّه مقتضى أصالة عدم المانعية في غير المعلوم من موارد الأدلة.

(۱۰۰) للجمود على لفظ الستر الوارد في بعض الأخبار۷٥، و لأنّه أنسب إلى الستر الذي أكد الشارع فيه بالنسبة إلى النساء.

لظهور الإطلاق بعد كون الستر من باب المثال، و اشتمال صحيح‏ ابن جعفر على الكوى كما مرّ، و في خبره الآخر قال: «سألته عن الرجل هل يصلح له أن يصلّي في مسجد قصير الحائط و امرأة قائمة تصلّي و هو يراها و تراه قال: إن كان بينهما حائط طويل أو قصير فلا بأس»۷٦.

و مقتضاهما الجزم بالفتوى، فلا وجه لقوله (لا يبعد).

لظهور الأدلة في المنع عن صلاة من تستند المحاذاة إليه و تتحقق بفعله و هي في مورد السبق و اللحوق تستند إلى اللاحق، و في مورد المقارنة تستند إليهما.

و ما يقال في‏ الأول: من أنّ المحاذاة من الأمور الإضافية القائمة بالطرفين، فلا وجه لبطلان خصوص اللاحقة. و في الثاني: بأنّ المدار في إبطال المحاذاة على الصلاة الصحيحة، فما تنعقد من حين الحدوث باطلا كيف تكون مبطلا، فلا وجه للإبطال حينئذ، بل هو من الانبطال بالذات كصلاة المحدث و نحوه.

مردود، أمّا الأول: فلأنّ المحاذاة و إن كانت من الأمور الإضافية، لكن تقدم أنّ المستفاد من الأدلة بطلان صلاة من حدثت بفعله المحاذاة و هي اللاحقة فقط، فتجري أصالة الصحة في الأولى بلا مزاحم.

و أما الثاني‏، فإنّ المراد الصحة من تمام الجهات لو لا المحاذاة و هي متحققة في كلتا الصلاتين مع المقارنة و حدثت المحاذاة بفعلها فتبطل الصلاتان لا محالة، فالمراد بالصحة التعليقية منها لا الفعلية من كلّ جهة- كما في جميع موارد تعلق النهي بالعبادات- فإنّه يتعلق بالصحيح الاقتضائي، فتفسد من هذه الجهة لا أن يكون المراد الصحيح الفعلي من كلّ جهة، إذ لا وجه له مع النهي.

لأنّه المتيقن المعلوم من مفاد الأدلة و الزائد عليه مشكوك، فيرجع فيه إلى البراءة و المانع المذكور في الأخبار صلاة المرأة بحذاء الرجل، أو بإزائه أو بحياله، أو بجنبه و لا ريب في الخروج عن هذه العناوين بمجرد تأخر المرأة عرفا.

حملا لقوله (عليه السلام) في موثق عمار: «إن كانت تصلّي خلفه فلا بأس»۷۷.

على مجرد الأولوية جمعا بينه و بين صحيح زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): «لا تصلّي المرأة بحيال الرجل إلّا أن يكون قدامها و لو بصدره»۷۸.

و خبر ابن فضال‏۷۹: «إذا كان سجودها مع ركوعه فلا بأس».

للخروج بذلك أيضا عن صدق الحذاء، و الحيال، و الجنب، و الإزاء الوارد في الأخبار.

و لباب القول: أنّ الأقسام ثلاثة: فتارة: نعلم بعدم صدق العناوين المذكورة عرفا و لا ريب في عدم المنع حينئذ:

و أخرى: نعلم بصدقها و لا ريب في المنع حينئذ.

و ثالثة: يشك في الصدق و عدمه و المرجع فيه أصالة البراءة عن المانعية بعد عدم جواز التمسك بالأدلة، لأنّه من التمسك بالدليل فيما لم يحرز موضوعه.

(مسألة ۲٦): لا فرق في الحكم المذكور- كراهة أو حرمة بين المحارم و غيرهم، و الزوج و الزوجة و غيرهما، و كونهما بالغين أو غير بالغين، أو مختلفين (۱۰٦)، بناء على المختار من صحة عبادات الصبيّ و الصبية.

لأنّ هذه القيود للصلاة أو للمصلّي باعتبار الصلاة، فتشمل كلّ ما تكون صلاة شرعا، و ذكر الرجل و المرأة من باب الغالب و المثال لا لموضوعية خاصة، مع ذكر امرأته و بنته في صحيح محمد بن مسلم قال: «سألته عن الرجل يصلّي في زاوية الحجرة و امرأته أو ابنته تصلّي بحذاه في الزاوية الأخرى قال:

لا ينبغي ذلك- الحديث-»۸۰.

و الابنة تشمل الصغيرة و الكبيرة. و أما احتمال انصراف الأدلة إلى البالغين، فلا وجه له كما إنّ عدم شرعية عبادات الصبيان لا وجه له بعد شمول الإطلاقات و العمومات لهم، و حديث «رفع القلم»۸۱ لا يرفع إلّا الوجوب و العقاب على المخالفة دون أصل الشرعية و الصحة، و قد تكررت صحة عباداتهم كثيرا في هذا الكتاب فيما مضى و يأتي.

(مسألة ۲۷): الظاهر عدم الفرق أيضا بين النافلة و الفريضة (۱۰۷).

لقاعدة إلحاق النافلة بالفريضة في جميع الأجزاء و الشرائط و الموانع إلّا ما خرج بالدليل، و يدل عليها مضافا إلى ظهور الإجماع، قول‏ الرضا (عليه السلام) في مقام بيان القاعدة الكلية: «و كلّ سنة إنّما تؤدى على جهة الفرض»۸۲.

(مسألة ۲۸): الحكم المذكور مختص بحال الاختيار، ففي الضيق و الاضطرار لا مانع و لا كراهة (۱۰۸). نعم، إذا كان الوقت واسعا يؤخر أحدهما صلاته (۱۰۹) و الأولى تأخير المرأة صلاتها (۱۱۰).

أمّا في الضيق، فلأهمية إدراك الوقت عن مثل هذا المانع قطعا و أما في الاضطرار، فلقاعدة ما من شي‏ء حرّمه اللّه إلّا و قد أحلّه لمن اضطر إليه.

لعدم ما يصلح لوجوب تقديم أحدهما بالخصوص، فمقتضى الأصل و الإطلاق هو التخيير.

لقوله (عليه السلام): «يصلّي الرجل فإذا فرغ صلّت المرأة»۸۳.

و قوله (صلّى اللّه عليه و آله): «أخروهنّ حيث أخرهنّ اللّه»۸4.

المحمول على الندب في المقام إجماعا.

(مسألة ۲۹): إذا كان الرجل يصلّي و بحذائه أو قدامه امرأة من غير أن تكون مشغولة بالصلاة لا كراهة و لا إشكال و كذا العكس، فالاحتياط أو الكراهة مختص بصورة اشتغالهما بالصلاة (۱۱۱).

للأصل، و النص، و الإجماع، و قد تقدم صحيح جميل‏۸٥ فراجع.

فروع- (الأول): لو صلّيا مع المحاذاة جهلا بالموضوع، أو نسيانا، فمقتضى حديث «لا تعاد»۸٦ الصحة في الثاني بلا إشكال. و أمّا في الأول، فمبنيّ على شموله لصورة الجهل أيضا، و يأتي التحقيق إن شاء اللّه و إن قلنا بأنّ ذلك من الشرائط العلمية فلا ريب في الصحة.

(الثاني): لو شك في تحقق المحاذاة و عدمها، فمع سبق عدمها يجري الأصل و تصح الصلاة، و مع عدمه يصح جريان أصالة عدم المحاذاة بالعدم الأزلي، و أصالة عدم تقييد الصلاة بهذا القيد المشكوك.

(الثالث): لو علم بأنّه صلّى مع المرأة المصلية في الجملة و شك في التقديم و التأخير الزماني، فمقتضى أصالة الصحة صحة الصلاة.

(الرابع): لو صلّيا محاذيا و بعد الفراغ من الصلاة أخبرت المرأة ببطلان صلاتها، لعدم الطهارة- مثلا- تصح صلاة الرجل إن حصل منه قصد القربة، و كذا بالعكس.

(الخامس): لا فرق في المنع بين الحدوث و الاستدامة، فلو صلّيا و كان بينهما عشرة أذرع و في أثناء الصلاة تقاربا تبطل صلاة كلّ منهما و إن قرب أحدهما إلى الآخر تبطل صلاة من حصل بفعله المحاذاة كما مرّ.

(مسألة ۳۰): الأحوط ترك الفريضة على سطح الكعبة، و في جوفها اختيارا (۱۱۲) و لا بأس بالنافلة (۱۱۳)، بل يستحب أن يصلّي فيها قبال كلّ ركن ركعتين (۱۱٤). و كذا لا بأس بالفريضة حال الضرورة (۱۱٥). و إذا صلّى على سطحها فاللازم أن يكون قباله في جميع حالاته شي‏ء من فضائها و يصلّي قائما (۱۱٦). و القول بأنّه يصلّي مستلقيا متوجها إلى البيت المعمور أو يصلّي مضطجعا ضعيف (۱۱۷).

استدل لعدم صحة الفريضة على سطح الكعبة، أولا: بانصراف أدلة الاستقبال عن سطح الكعبة. و فيه: أنّها قبلة من تخوم الأرض إلى عنان السماء نصّا۸۷ و إجماعا، فيكون سطحها كجوفها من هذه الجهة و ثانيا: بحديث المناهي: «و نهى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) عن الصلاة على ظهر الكعبة»۸۸.

و فيه: أنّه قاصر سندا.

و ثالثا: بقاعدة الاشتغال. و فيه: أنّ المقام من الشك في أصل المانعية و المرجع فيه البراءة، كما ثبت في محلّه، فلم يتم دليل على المنع. نعم، هو الأحوط.

و استدل على المنع عن إتيان الفريضة في جوفها تارة: بإجماع الخلاف.

و فيه: أنّه موهون خصوصا مع مخالفة ناقله و شهرة الخلاف.

و أخرى: بصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) «قال: لا تصلّ المكتوبة في الكعبة»۸۹.

و بموثق عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام): «قال: لا تصلّ المكتوبة في جوف الكعبة، فإنّ النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) لم يدخل الكعبة في حج و لا عمرة و لكنه دخلها في الفتح فتح مكة فصلّى ركعتين بين العمودين و معه أسامة بن زيد»۹۰.

و فيه: مضافا إلى أنّ الأول ضبطه الشيخ (رحمه اللّه) «لا تصلح»۹۱ و هو أعمّ من الحرمة، معارضتهما بموثق يونس قال: «قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): حضرت الصلاة المكتوبة و أنا في الكعبة أ فأصلّي فيها؟ قال (عليه السلام): صلّ»۹۲.

و ظاهره سعة الوقت و عدم الاضطرار.

و ثالثة: بانصراف أدلة الاستقبال عنه. و فيه: ما تقدم في الصلاة على سطحها، فلم يقم دليل على المنع عنها في جوفها أيضا. نعم، لا بأس بالاحتياط.

للأصل و الإطلاق، و الإجماع، بعد تقييد دليل المنع عنها في جوفها بالمكتوبة.

لجملة من الأخبار:

منها: صحيح ابن عمار قال (عليه السلام): «و تصلّي في زواياها»۹۳.

و صحيح ابن همام قال أبو الحسن (عليه السلام): دخل النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) الكعبة فصلّى في زواياها الأربع و صلّى في كلّ زاوية ركعتين»۹4.

و يأتي في كتاب الحج تفصيل ذلك.

لإجماع الأعلام، و لعدم سقوط الصلاة بحال، كما هو المتسالم عليه في غير مقام.

أمّا إبقاء مقدار من الفضاء فلتحقق الاستقبال، لأنّ الكعبة قبلة من تخوم الأرض إلى عنان السماء. و أما القيام فلعموم أدلة اعتباره و عدم دليل في المقام على سقوطه.

نسب هذا القول إلى الصدوق (رحمه اللّه) في الفقيه، و إلى الشيخ (رحمه اللّه) في النهاية، لخبر عبد السلام عن الرضا (عليه السلام): «في الذي تدركه الصلاة و هو فوق الكعبة قال (عليه السلام): إن قام لم يكن له قبلة و لكن يستلقي على قفاه و يفتح عينيه إلى السماء و يعقد بقلبه القبلة التي في السماء البيت المعمور و يقرأ، فإذا أراد أن يركع غمّض عينيه. و إذا أراد أن يرفع رأسه من الركوع فتح عينيه، و السجود على نحو ذلك»۹٥.

و فيه: أنّه محمول على الضرورة و عدم إمكان إبقاء الفضاء قباله، و قد ورد عنه (عليه السلام) قريب منه في الصلاة في جوف الكعبة أيضا۹٦. مع أنّهما (قدّس سرّهما) لا يقولان به في جوفها، فمثل هذه الأخبار من الشواذ التي لا بد و أن يرد علمه إلى أهله، مضافا إلى كثرة مخالفة فتوى الشيخ (رحمه اللّه) في سائر كتبه لنهايته، كما يظهر عن الجواهر و الحدائق. قال (قدّس سرّه) في كتاب النكاح من الحدائق عند البحث عن إسلام زوجة الكافر ما هذا لفظه:

أقول: من يعرف حال الشيخ و طريقته في دعوى الإجماع و اختلاف أقواله و فتاواه في كتبه لا يتعجب منه فإنّه في بعض كتبه، كالخلاف و المبسوط من رؤوس المجتهدين، و في بعض آخر، كالنهاية و كتابي الأخبار من رؤوس الأخباريين و شتان ما بين الحالتين.

فرع: لو صلّى الفريضة في جوف الكعبة أو في سطحها و في كلّ ركعة توجه إلى جانب منها تصح صلاته و لا شي‏ء عليه فضلا عن النوافل.

  1. مستدرك الوسائل باب: ۱۷ من أبواب أحكام الرهن حديث: ٦ إلّا أنّ المذكور فيه( المرهون) بدل المرتهن. و هو خطأ.
  2. الوسائل باب: ٥٦ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۱.
  3. الوسائل باب: ٥٦ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۲.
  4. سورة الأنفال: ۷٥.
  5. الوسائل باب: ۲۸ من أبواب الوصايا حديث: ۱.
  6. الوسائل باب: ۲۸ من أبواب الوصايا حديث: ۲.
  7. الوسائل باب: 4۰ من أبواب الوصايا حديث: ۱.
  8. الوسائل باب: ۲۹ من أبواب الوصايا حديث: ۱
  9. الوسائل باب: ۲۹ من أبواب الوصايا حديث: ۲.
  10. الوسائل باب: ۳ من أبواب مكان المصلّي حديث: ۱.
  11. الوسائل باب: ۱ من أبواب مكان المصلّي حديث: ٥.
  12. الوسائل باب: ۳ من أبواب مكان المصلّي حديث: ۱.
  13. سورة النور( ۲٤) الآية: ٦۱.
  14. سورة النور( ۲٤) الآية: ٦۱.
  15. الوسائل باب: ۳۰ من أبواب الخلل حديث: ۲.
  16. الوسائل باب: ۹ من أبواب القبلة حديث: ۱.
  17. الوسائل باب: ۹ من أبواب القبلة حديث: ۱.
  18. الوسائل باب: ۸٦ من أبواب جهاد النفس حديث: ۱4.
  19. الوسائل باب: ۸٥ من أبواب جهاد النفس حديث: ۹.
  20. الوسائل باب: ۹۲ من أبواب جهاد النفس حديث: ۳.
  21. الوسائل باب: ۸٦ من أبواب جهاد النفس حديث: ۳.
  22. الوسائل باب: ۸٦ من أبواب جهاد النفس حديث: ۸.
  23. الوسائل باب: ۸٦ من أبواب جهاد النفس حديث: ۱4.
  24. لم نعثر عليه في كتب الأحاديث إلّا أنّه موجود في الكتب الفقهية.
  25. الوسائل باب: ۲ من أبواب النية حديث: ۲.
  26. تقدم في صفحة: ۹۰.
  27. الوسائل باب: ۳٥ من أبواب مكان المصلّي حديث: ۱.
  28. راجع الوسائل باب: ۱۳ و ۱4 من أبواب القبلة.
  29. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب القبلة حديث: ۳ و ۹.
  30. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب القبلة حديث: ۳ و ۹.
  31. الوسائل باب: ۳٥ من أبواب مكان المصلّي حديث: ۱.
  32. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب القبلة حديث: ۱۱.
  33. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب القبلة حديث: ۸.
  34. الوسائل باب: ۱4 من أبواب القبلة حديث: ۱
  35. الوسائل باب: ۱4 من أبواب القبلة حديث: 4.
  36. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب القبلة حديث: ۱4.
  37. الوسائل باب: ۲٦ من أبواب مكان المصلّي حديث: ۱.
  38. الوسائل باب: ۲٦ من أبواب مكان المصلّي حديث: ۲.
  39. الوسائل باب: ۲٦ من أبواب مكان المصلّي حديث: ۷
  40. الوسائل باب: ۲٦ من أبواب مكان المصلّي حديث: 4
  41. الوسائل باب: ٦۹ من أبواب المزار حديث: ٥.
  42. الوسائل باب: ٥4 من أبواب المزار حديث: ۲.
  43. الوسائل باب: ٥۲ من أبواب المزار حديث: ۳۱.
  44. الوسائل باب: ۳۰ من أبواب النجاسات حديث: ۱.
  45. الوسائل باب: ۳۰ من أبواب النجاسات حديث: ۲.
  46. الوسائل باب: ۳۰ من أبواب النجاسات حديث: ۷.
  47. سورة المدثر: ٥.
  48. الوسائل باب: ۲4 من أبواب أحكام المساجد حديث: ۲.
  49. الوسائل باب: ٥ من أبواب مكان المصلّي حديث: ٥.
  50. الوسائل باب: ٥ من أبواب مكان المصلّي حديث: ۲.
  51. الوسائل باب: 4 من أبواب مكان المصلّي حديث: ۱.
  52. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب مكان المصلّي حديث: ۲.
  53. الوسائل باب: ٦ من أبواب مكان المصلّي حديث: 4
  54. الوسائل باب: ۹ من أبواب مكان المصلّي حديث: ۱.
  55. الوسائل باب: 4 من أبواب مكان المصلّي حديث: 4.
  56. الوسائل باب: ٥ من أبواب مكان المصلّي حديث: ٦.
  57. الوسائل باب: ٥ من أبواب مكان المصلّي حديث: ۱۰.
  58. لم نعثر عليه في كتب الأحاديث إلّا أنّها موجودة في الكتب الفقهية.
  59. الوسائل باب: ۸ من أبواب مكان المصلّي حديث: ۳.
  60. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب القضاء حديث: ۳.
  61. الوسائل باب: ۸ من أبواب مكان المصلّي حديث: ۳.
  62. الوسائل باب: ۸ من أبواب مكان المصلّي حديث: ۲.
  63. الوسائل باب: ۸ من أبواب مكان المصلّي حديث: ۳.
  64. الوسائل باب: ۸ من أبواب مكان المصلّي حديث: ۲.
  65. الوسائل باب: ٥ من أبواب مكان المصلّي حديث: ۱.
  66. الوسائل باب: ٥ من أبواب مكان المصلّي حديث: ۳.
  67. الوسائل باب: ٥ من أبواب مكان المصلّي حديث: 4.
  68. الوسائل باب: ٥ من أبواب مكان المصلّي حديث: ۸.
  69. الوسائل باب: ٥ من أبواب مكان المصلّي حديث: ۱۱.
  70. الوسائل باب: ۷ من أبواب مكان المصلّي حديث: ۲.
  71. الوسائل باب: ۷ من أبواب مكان المصلّي حديث: ۱.
  72. راجع الوسائل باب: ٥ من أبواب مكان المصلّي.
  73. سورة النساء: ۱۱.
  74. الوسائل باب: ۸ من أبواب مكان المصلّي حديث: ۱.
  75. الوسائل باب: ۸ من أبواب مكان المصلّي حديث: ۳.
  76. الوسائل باب: ۸ من أبواب مكان المصلّي حديث: 4.
  77. الوسائل باب: ٦ من أبواب مكان المصلّي حديث: 4.
  78. الوسائل باب: ٦ من أبواب مكان المصلّي حديث: ۲.
  79. الوسائل باب: ٦ من أبواب مكان المصلّي حديث: ٥.
  80. الوسائل باب: ٥ من أبواب مكان المصلّي حديث: ۱.
  81. الوسائل باب: 4 من أبواب مقدمة العبادات.
  82. الوسائل باب: ۱۹ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث: ۱۱.
  83. الوسائل باب: ٥ من أبواب مكان المصلّي حديث: ۲.
  84. مستدرك الوسائل باب: ٥ من أبواب مكان المصلّي حديث: ۱.
  85. الوسائل باب: 4 من أبواب مكان المصلّي حديث: 4.
  86. الوسائل باب: ۹ من أبواب القبلة حديث: ۱.
  87. الوسائل باب: ۸۹ من أبواب القبلة حديث: ۱.
  88. الوسائل باب: ۱۹ من أبواب القبلة حديث: ۱.
  89. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب القبلة حديث: ۱.
  90. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب القبلة حديث: ۳.
  91. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب القبلة حديث: 4.
  92. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب القبلة حديث: ٦.
  93. الوسائل باب: ۳٦ من أبواب مقدمات الطواف حديث: ۱.
  94. الوسائل باب: ۳٦ من أبواب مقدمات الطواف حديث: ۲.
  95. الوسائل باب: ۱۹ من أبواب القبلة حديث: ۲.
  96. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب القبلة حديث: ۷.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"