1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. کتاب الصلاة
  10. /
  11. فصل في كيفية صلاة الاحتياط
و جملة من أحكامها، مضافا إلى ما تقدم في المسائل السابقة.
(مسألة ۱): يعتبر في صلاة الاحتياط جميع ما يعتبر في سائر الصّلوات من الشرائط. و بعد إحرازها ينوي، و يكبّر للإحرام (۱)، و يقرأ فاتحة الكتاب (۲)، و يركع، و يسجد سجدتين، و يتشهّد، و يسلّم. و إن كانت ركعتين فيتشهّد و يسلّم بعد الرّكعة الثانية (۳) و ليس فيها أذان، و لا إقامة (٤) و لا سورة (٥) و لا قنوت (٦) و يجب فيها الإخفات في القراءة، و إن كانت الصّلاة جهرية (۷) حتّى في البسملة على الأحوط و إن كان الأقوى جواز الجهر بها بل استحبابه (۸).

ليس في الأدلة ما يعيّن ذلك، و مقتضى الأصل عدم وجوب الجهر بالخصوص و لا الإخفات كذلك فيكون مخيّرا، و لكن مقتضى كونها بمنزلة إحدى الأخيرتين تعين الإخفات فيها.

لظهور الاتفاق، و لأنّها لو كانت جزءا لكانت كإحدى الأخيرتين و لا قنوت فيهما. نعم، يبقى احتمال كونها مستقلة و حينئذ يستحب القنوت و يدفعه ظهور الاتفاق على عدمه، فيكون هذا مخصّصا لعمومات أدلة استحباب القنوت في النافلة.

للأصل، و الإجماع، و لأنّها لو كانت مستقلة لكانت نافلة و لا سورة فيها، و لو كانت جزءا لكانت كإحدى الأخيرتين و لا سورة فيها أيضا.

لعدم مشروعيتها في النافلة، و كذا ما روعي فيها جهة الجزئية المحضة، فلو كانت واجبة يكفيها أذان أصل الصلاة و إقامتها.

لتقوّم الصلاة بذلك كلّه، مع ذكرها فيما تقدّم من النصوص.

إذ لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب نصّا٦، و إجماعا، مضافا إلى التنصيص بها فيما مرّ من النصوص.

للإجماع على اعتبار كل ذلك، و تدل عليه الأخبار الواردة في أحكام الشكوك كقوله (عليه السلام): «فإذا فرغت و سلّمت فقم فصّل ما ظننت أنّك نقصت»۱، و قوله (عليه السلام): «فإذا فرغ تشهد و قام قائما فصلّى ركعة بفاتحة الكتاب»۲، و كذا: «ثمَّ صلّى ركعتين و أنت جالس تقرأ فيهما بأمّ الكتاب»۳، و قوله (عليه السلام): «إن شئت صلّيت ركعة من قيام و إلا ركعتين من جلوس»4، و قوله: «فتشهد و سلّم ثمَّ صلّ ركعتين و أربع سجدات تقرأ فيهما بأمّ الكتاب ثمَّ تتشهد و تسلّم، فإن كنت إنّما صلّيت ركعتين كانتا هاتان تمام الأربع، و إن كنت صلّيت أربعا كانتا هاتان نافلة»٥.

إلى غير ذلك مما هو كثير، ظهورها في أنّها صلاة منفردة- شرّعت لتدارك النقص المحتمل- مما لا ينكر، و مقتضي إطلاقها أنّه يعتبر فيها جميع ما يعتبر في الصلاة مطلقا إلا ما دلّ الدليل على عدم الاعتبار في المقام بالخصوص، فيشملها

عموم أدلّة الشرائط و الأجزاء و الموانع و إطلاقاتها فتجب فيها النية، إذ لا صلاة إلّا بها، و تكبيرة الإحرام، لأنّها صلاة و هي مفتاح كل صلاة، و كذا يشملها أدلة اعتبار سائر الأجزاء و الشرائط إلّا ما خرج بالدليل.

لإطلاق ما دلّ على استحباب الجهرية الظاهر في عدم تقييده بحال دون‏

حال حتى عدّ من علامات المؤمن- كما في الرواية۷– و قد مرّ نظير المقام في [مسألة ۲۲]: من (فصل أحكام الجماعة).

(مسألة ۲): حيث إنّ هذه الصّلاة مردّدة بين كونها نافلة أو جزء أو بمنزلة الجزء فيراعى فيها جهة الاستقلال و الجزئية، فبملاحظة جهة الاستقلال يعتبر فيها النية، و تكبيرة الإحرام، و قراءة الفاتحة دون التسبيحات الأربعة، و بلحاظ جهة الجزئية يجب المبادرة إليها بعد الفراغ من الصّلاة (۹) و عدم الإتيان بالمنافيات بينها و بين الصّلاة. و لو أتى‏ ببعض المنافيات، فالأحوط إتيانها ثمَّ إعادة الصّلاة (۱۰)، و لو تكلّم سهوا فالأحوط الإتيان بسجدتي السهو (۱۱) و الأحوط ترك الاقتداء فيها، و لو بصلاة احتياط (۱۲) خصوصا مع اختلاف سبب احتياط الإمام و المأموم (۱۳)، و إن كان لا يبعد جواز الاقتداء مع اتحاد السّبب، و كون المأموم مقتديا بذلك الإمام في أصل الصّلاة (۱٤).

لأنّه المتيقن من الأصل المزبور على فرض تماميته.

لا بدّ من التكلم في جهات:

الأولى‏ قد يقال: إنّ مقتضى الأصل كونه في الصلاة ما لم يأت بالاحتياط، فيكون السلام ملحقا بالسلام السهويّ حكما و إن لم يكن منه موضوعا، فلا يكون مانعا عن انضمام اللاحق بالسابق.

و فيه- أولا: أنّه لم يقل أحد بجريان حكم السلام السهويّ على مثل هذا السلام.

و ثانيا: ظواهر الأخبار الواردة في المقام دالة على حصول الفراغ مثل قولهم (عليهم السلام): «فإذا فرغت و سلّمت فقم فصل»۸ و نحو ذلك من التعبيرات الظاهرة، بل الناصة في تحقق الفراغ الواقعي.

الثانية: قد استدل على أنّ تحليل المنافي بعد الصلاة و قبل الاحتياط يوجب البطلان بأمور كلها مخدوشة.

منها: اشتمال بعض أخبار الباب على كلمة (الفاء) المقتضية للترتيب بلا مهلة كقوله (عليه السلام): «فإذا سلّمت فأتم ما ظننت أنّك نقصت»۹ و نحوه غيره.

و يرد أولا: بعدم انحصار نصوص المقام بذلك، بل منها ما تشتمل على لفظ

(ثمَّ) و على (الواو)۱۰ و لا ريب في كونهما أعم من الفورية.

و ثانيا: بأنّ كلمة (الفاء) إنّما تدل على تعلّق الجزاء بالشرط في الجملة.

و أما كون ذلك من الترتيب بلا مهلة، فيحتاج إلى قرينة خارجية.

و منها: إطلاق المتمم في جملة من الأخبار عليها، و المتمم للشي‏ء لا يكون إلّا جزءا منه كقوله (عليه السلام): «فإذا سلّمت فأتمم فما ظننت أنّك نقصت».

و فيه أنّ إطلاق المتمم عليها بملاحظة أنّ فيها جهة المتممية في الجملة لا كونها جزءا من الصلاة الأصلية من كل جهة و إلّا لما احتاجت إلى النيّة و التكبيرة، فهي بمنزلة ما ورد في النوافل: «إنّ اللّه تعالى يتم الفرائض بالنوافل‏۱۱، فإتمام الشي‏ء إكماله سواء كان بأجزائه الداخلية أو بالأمور الخارجية.

و منها: ما ورد في خبر ابن أبي يعفور من لزوم سجدتي السهو إن تكلّم بينها و بين الصلاة قال (عليه السلام): «فإن كان صلّى أربعا كانت هاتان نافلة، و إن كان صلّى ركعتين كانت هاتان تمام الأربعة، و إن تكلّم فليسجد سجدتي السهو»۱۲.

و فيه: أنّه يحتمل أن يراد به التكلّم في الصلاة الأصلية، أو في صلاة الاحتياط، أو فيما بينهما و لا قرينة على الأخير كما هو واضح على الخبير.

و منها: ظهور التسالم على الجزئية و فيه: أنّه ليس من الإجماع، لذهاب جمع منهم ابن إدريس إلى أنّها صلاة مستقلّة.

و منها: أنّ مقتضى مرتكزات المتشرّعة تنزيلها منزلة الجزء. و فيه: أنّها حصلت من فتوى الفقهاء و قد مرّ مدرك الفتوى و المناقشة فيه.

و منها: ما يقال: إنّ المتفاهم من النصوص أنّ التكليف الواقعي بالنسبة إلى أصل الصلاة باق بحاله إلى أن يحصل الفراغ و هو لا يحصل إلّا بصلاة الاحتياط، فهي من الصلاة الأصلية قد تغيّرت فيها كيفية الامتثال فقط، لحكمة عدم تحقق الزيادة في الصلاة على فرض تماميتها في الواقع.

و فيه: أنّه خلاف الظاهر من قولهم (عليهم السلام): «فإذا سلّمت» و «فإذا فرغت»۱۳ مما هو ظاهر بل نصّ في تحقق الفراغ و لم لا يجوز أن يكون المقام مثل ما ورد في النافلة من قول أبي جعفر (عليه السلام): «إنّما جعلت النافلة ليتم بها ما يفسد من الفريضة»۱4.

الثالثة: أنّه يترتب على الجزئية أمور ثلاثة: وجوب الموالاة، و حرمة إتيان المنافي بينها و بين الصلاة تكليفا، و البطلان مع إتيان المنافي وضعا، فإن ثبتت الجزئية، فلا يحتاج إثبات الأمور الثلاثة إلى دليل مستقل و إلّا فلا بدّ لا يجاب كل واحد منها من إقامة دليل عليه بالخصوص، و المتسالم بينهم وجوب الموالاة و حرمة المنافي، فلا ثمرة في النزاع فيها من هذه الجهة.

قال في الجواهر «إنّ الفورية المزبورة ليست إلّا موالاة لحوق الأجزاء بعضها ببعض لا فورية تعبّدية نحو سجدتي السهو التي لا ربط لها بالصلاة بحيث لو تركها عمدا لم تبطل صلاته و إن أثم»، و يمكن استفادة التسالم على البطلان من تسالمهم على وجوب الموالاة و حرمة المنافي لملازمتها له عرفا إذ يبعد جدا أن يتعرّضوا لوجوب المبادرة و لا يتعرضوا للبطلان و حينئذ فلا ثمرة للنزاع أصلا.

و خلاصة الكلام: أنّ الملازمة العرفية بين وجوب الفورية و الموالاة و حرمة المنافي و بين البطلان مع تخلله تدل على أنّ الإجماع على أحد هذه الأمور وقع من حيث الملازمة لا من حيث هو فقط. و أشكل عليه بعدم كونه من الإجماع المعتبر. و يمكن دفع الإشكال بأنّ أصل تحقق الإجماع ثابت في الجملة و الملازمة ملتفت إليها عند المجمعين، فيكون كالعام الانحلاليّ الشامل لجميع الأفراد التي يمكن أن يشملها العموم.

لإمكان دعوى شمول دليل صحة الجماعة في الفريضة لها حينئذ لكونها من توابعها عند المتشرّعة فيشملها الإطلاق و العموم.

لأصالة عدم ترتب آثار الجماعة إلّا فيما دلّ عليه الدليل بالخصوص بناء على تمامية هذا الأصل، و قد أشرنا إلى ما يمكن المناقشة فيه في محلّه.

إن كان ذلك لأجل استصحاب بقائه في الصلاة، ففيه أنّ مثل قولهم (عليهم السلام): فإذا فرغت و سلّمت فصلّ- الحديث-»۱٥ ظاهر في حصول الفراغ و يكون مقدما على الاستصحاب، و إن كان لأجل ما مرّ من خبر ابن أبي يعفور۱٦، فقد تقدّم إجماله، و لا يبعد أن يستفاد من وجوب المبادرة أنّ الكون المتخلل بين الصلاة و صلاة الاحتياط بحكم الأكوان الصلاتية، و لكنّه مشكل.

لعلّ عدم جزمه (رحمه اللّه) بالبطلان، لأجل أنّ الحرمة التكليفية مورد

الإجماع بخلاف الوضعية التي لم تذكر في كتب القدماء كما في الجواهر و إنّما المذكور فيها وجوب المبادرة و لكن قد مرّ أنّه يمكن أن يكون ذكره من باب المثال و الملازمة.

(مسألة ۳): إذا أتى بالمنافي قبل صلاة الاحتياط، ثمَّ تبيّن له تمامية الصّلاة لا يجب إعادتها (۱٥).

للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق.

(مسألة ٤): إذا تبيّن قبل صلاة الاحتياط- تمامية الصّلاة لا يجب الإتيان بالاحتياط (۱٦).

لأنّه لا موضوع للجبران حينئذ مع تمامية الصلاة و استغنائها عنه مع عدم انقلاب التكليف الواقعي إلى الاحتياط حتى يجب نفسيا.

(مسألة ٥): إذا تبيّن- بعد الإتيان بصلاة الاحتياط- تمامية الصّلاة تحسب صلاة الاحتياط نافلة (۱۷)، و إن تبيّن التمامية في أثناء صلاة الاحتياط جاز قطعها (۱۸)، و يجوز إتمامها نافلة (۱۹)، و إن كانت ركعة واحدة ضمّ إليها ركعة أخرى (۲۰).

لأنّ الصلاة من المستحبات النفسية بحسب الذات، و قد تحقق قصد أصل الصلاتية مع لحاظ جهة الاحتياطية، و انكشاف الخلاف في الثانية لا يستلزم بطلان أصل قصد الصلاة و المراد بالنافلة في المقام ذات الصلاة التي تكون مندوبة من جهة كونها خير موضوع لا نافلة خاصة.

هذا، مضافا إلى قوله (عليه السلام) في خبر ابن أبي يعفور في الشك بين الثلاث و الأربع: «و إن كنت صلّيت أربعا كانتا هاتان نافلة»۱۷ و الظاهر أنّ ذكرهما من باب المثال لا اختصاص الحكم بخصوص الشكّين فقط. و هل يجوز الاحتساب بهما من النوافل المرتبة بعد الفراغ أو في الأثناء؟ وجهان: من إطلاق النص، و من أنّه خلاف القاعدة، و الإطلاق ليس واردا لبيان مثل هذه الجهات.

نعم، لو نوى من أول الأمر هكذا بحيث كان الترديد في المنويّ لا أصل النيّة، فالظاهر الصحة و الإجزاء عن النافلة المرتبة أيضا.

لجواز قطع كل نافلة كما مرّ سابقا.

لأنّ كل نافلة جاز قطعها جاز إتمامها نافلة أيضا كما هو معلوم.

لأنّ قصد الركعة الواحدة كانت مقيّدة بجهة الاحتياطية و قد تبيّن الخلاف فيها، فيبقى قصد أصل الصلاتية المتصفة بالاستحباب، فتكون نافلة

محضة و يجوز حينئذ القطع و الضم، لما مر من جوازهما في كل نافلة. هذا إن قلنا بعدم مشروعية النافلة ركعة واحدة إلّا في خصوص الوتر و إلّا فيصح الاكتفاء بها بلا ضم ركعة أيضا. هذا إذا كان قصد الوجه من باب تعدد المطلوب، و أما إن كان بعنوان التقوّم فيشكل صحة ضم الركعة حينئذ، لأنّ نصوص الاحتساب نافلة وردت فيما إذا أتى بركعتين، و حملها على مجرد المثال ثمَّ استفادة لزوم ضم الركعة منها خلاف الظاهر، إلّا أن يقال: إنّ الأدلّة الواردة في صلاة الاحتياط تسهيلية امتنانية وردت لعدم تضييع ما يصدر من المكلف مطلقا.

و على أي تقدير فإن كان متمما فهو، و إلّا فلم يضيع الشارع ما صدر منه بل جعله نافلة، و من لوازم جعله الإذن في ضم الركعة بعد انحصار الركعة الواحدة في خصوص الوتر.

(مسألة ٦): إذا تبيّن بعد إتمام الصّلاة- قبل الاحتياط، أو بعدها، أو في أثنائها- زيادة ركعة- كما إذا شك بين الثلاث و الأربع و الخمس فبنى على الأربع ثمَّ تبيّن كونها خمسا (۲۱)- يجب إعادتها مطلقا (۲۲).

المراد بالخمس الذي كان طرف الشك هو ما كان في حال القيام و انهدم و ذهب موضوعه، و المراد بما تبيّن كونها خمسا حصول الاعتقاد و الجزم بعد الصلاة بأنّها خمس ركعات.

لبطلان الصلاة من جهة زيادة الركعة نصّا۱۸، و إجماعا بلا فرق فيه بين أن تكون عمدية أو سهوية كما مرّ في أوائل (فصل الخلل).

(مسألة ۷): إذا تبيّن بعد صلاة الاحتياط نقصان الصّلاة فالظاهر عدم وجوب إعادتها و كون صلاة الاحتياط جابرة (۲۳)، مثلا إذا شك بين‏ الثلاث و الأربع فبنى على الأربع ثمَّ بعد صلاة الاحتياط تبيّن كونها ثلاثا صحت و كانت الركعة عن قيام- أو الركعات من جلوس عوضا- عن الركعة الناقصة.

لأنّه لا وجه لأصل تشريعها إلّا ذلك، و قال الصادق (عليه السلام)

لعمّار: «ألا أعلمك شيئا إذا فعلته ثمَّ ذكرت أنّك أتممت أو نقصت لم يكن عليك شي‏ء؟ قلت: بلى. قال: إذا سهوت فابن على الأكثر- الحديث-»۱۹.

و مقتضى الإطلاق عدم الفرق بين ما إذا كان الاحتياط موافقا للمنصوص في الكيفية كركعة من قيام إن كان النقص ركعة، أو ركعتين من جلوس بدل ركعة من قيام، لأنّ الشارع أذن في جميع ذلك و اكتفى بهذا النحو من الامتثال و جعله جابرا على كل حال.

(مسألة ۸): لو تبيّن بعد صلاة الاحتياط نقص الصّلاة أزيد مما كان محتملا (۲٤) كما إذا شك بين الثلاث و الأربع فبنى على الأربع و صلّى صلاة الاحتياط فتبيّن كونها ركعتين و أنّ الناقص ركعتان- فالظاهر عدم كفاية صلاة الاحتياط بل يجب عليه إعادة الصّلاة. و كذا لو تبينت الزيادة (۲٥) عما كان محتملا، كما إذا شك بين الاثنتين و الأربع فبنى على الأربع و أتى بركعتين للاحتياط فتبيّن كون صلاته ثلاث ركعات. و الحاصل: إنّ صلاة الاحتياط إنّما تكون جابرة للنقص الذي كان أحد طرفي شكه. و أما إذا تبيّن كون الواقع بخلاف كل من طرفي شكّه فلا تكون جابرة (۲٦).

محتملات هذه المسألة ثلاثة: الأول‏ إجراء حكم تذكر النقص بعد السلام عليه، فيأتي بركعتين متصلا و لا شي‏ء عليه، لأصالة بقاء الصلاة على صحة الالتحاق، و أصالة عدم المانعية، لتخلل صلاة الاحتياط.

الثاني: إلحاق ركعة أخرى بصلاة الاحتياط، لأنّ التكليف الواقعيّ في الاحتياط كان بالركعتين فوقع السلام في غير المحل و يصح إلحاق الركعة بها.

الثالث: بطلان أصل الصلاة، لانصراف أدلّة العلاج بالاحتياط عن مثل الفرض، و لا يترك الاحتياط بتتميم الصلاة بما يحتمل نقصه ثمَّ إعادتها إن كان التيقن قبل الإتيان بالمنافي.

تجري فيه عين ما تقدّم من الوجوه الثلاثة باستثناء الوجه الثاني، فيأتي بركعة بقصد الاتصال بالصلاة الأصلية ثمَّ يعيد الصلاة. ثمَّ إنّه (رحمه اللّه) في [مسألة ۱۱] من (فصل الشك في الركعات) تردّد في أنّ الفصل بصلاة الاحتياط يوجب البطلان، و في المقام جزم بذلك فراجع و تأمّل.

قد تبيّن مما تقدّم أنّ الجزم بعدم الجبران مشكل.

(مسألة ۹): إذا تبيّن قبل الشروع في صلاة الاحتياط نقصان صلاته لا تكفي صلاة الاحتياط (۲۷)، بل اللازم حينئذ إتمام ما نقص، و سجدتا السهو للسلام في غير محلّه إذا لم يأت بالمنافي. و إلّا فاللازم إعادة الصّلاة، فحكمه حكم من نقص من صلاته ركعة أو ركعتين على ما مرّ سابقا (۲۸).

لأنّ المتفاهم العرفي مما دلّ على العلاج بالاحتياط صورة بقاء الشك بعد الصلاة لا أقلّ من الشك في شمولها لمثل المقام، فلا يصح التمسك بعمومها حينئذ، لأنّه من التمسّك بالعام في الشبهة المصداقية، فالمرجع قاعدة الاشتغال.

لأنّه بعد عدم شمول أدلّة الاحتياط للمقام يدور الأمر بين بطلان الصلاة أو إتمام ما نقص منها و لا وجه للأول، بل مقتضى الأصل، و إطلاق الأخبار۲۰ الواردة في نسيان الركعة، و صحة الصلاة مع تداركها و إطلاق معقد

الإجماع على الصحة حينئذ مع التدارك- كون المقام من موارد نسيان الركعة، و وقع السلام في غير المحل و دعوى اختصاصها بصورة عدم عروض الشك في الأثناء. بلا شاهد، بل الإطلاق على خلافه.

(مسألة ۱۰): إذا تبيّن نقصان الصّلاة في أثناء صلاة الاحتياط، فإمّا أن يكون ما بيده من صلاة الاحتياط موافقا لما نقص من الصّلاة في الكم و الكيف- كما في الشك بين الثلاث و الأربع إذا اشتغل بركعة قائما و تذكر في أثنائها كون صلاته ثلاثا. و إما أن يكون مخالفا له في الكم و الكيف- كما إذا اشتغل في الفرض المذكور بركعتين جالسا فتذكر كونها ثلاثا- و إما أن يكون موافقا له في الكيف دون الكم- كما في الشك بين الاثنتين و الثلاث و الأربع إذا تذكر كون صلاة ثلاثا في أثناء الاشتغال بركعتين قائما- و إما أن يكون بالعكس كما إذا اشتغل في الشك المفروض بركعتين جالسا- بناء على جواز تقديمهما- و تذكر كون صلاته ركعتين، فيحتمل إلغاء صلاة الاحتياط في جميع الصور و الرجوع إلى حكم تذكر نقص الركعة (۲۹). و يحتمل الاكتفاء بإتمام صلاة الاحتياط في جميعها (۳۰) و يحتمل وجوب إعادة الصّلاة في الجميع (۳۱). و يحتمل التفصيل بين الصور المذكورة (۳۲). و المسألة محل إشكال، فالأحوط الجمع بين المذكورات بإتمام ما نقص، ثمَّ الإتيان بصلاة الاحتياط ثمَّ إعادة الصّلاة (۳۳). نعم، إذا تذكر النقص بين صلاتي الاحتياط في صورة تعددها مع فرض كون ما أتى به موافقا لما نقص في الكم و الكيف لا يبعد الاكتفاء به (۳٤) كما إذا شك بين الاثنتين و الثلاث و الأربع و بعد الإتيان بركعتين قائما تبين كون صلاته ركعتين.

لأصالة عدم تحقق العلاج بالاحتياط بالركعة المفصلة إلّا بما هو المعلوم من مفاد الأدلّة، و المعلوم من مفادها صورة استقرار الشك إلى ما بعد الفراغ منها، فلا يشمل صورة زوال الشك في أثنائها كما لا يشمل ما إذا زال قبل الشروع فيها و حينئذ فلا موضوع للاحتياط، بل وجب تتميم الصلاة بما نقص.

إن قلت: مقتضى استصحاب وجوبها حين الشروع فيها وجوب الإتمام و الاجتزاء بها.

قلت: لا وجه لجريان الاستصحاب، لأنّ زوال الشك يكشف عن عدم الوجوب سابقا أصلا و أنّه كان من تخيّل الوجوب فقط لا أقلّ من الشك في شمول أدلّة العلاج بالاحتياط لمثل الفرض، فكيف يتحقق اليقين السابق حتى يجري الأصل و من ذلك يظهر ما في الجواهر من الاعتماد على الاستصحاب إن لم يكن‏

تخلل ما وقع من الاحتياط مضرّا به و إعادتها إن كان مضرّا، فالأحوط إتمام الصلاة و تتميم أصل الصلاة ثمَّ الإعادة إذ لم يستفد شي‏ء من الأدلّة في جميع صور المقام إلّا ما كان مخالفا في الكم فراجع.

جمودا على الإطلاقات، و تمسكا بالاستصحاب بناء على عدم شمولها للمقام، و لكنّه في صورة الاختلاف الكمي بعيد جدّا. و قال في الجواهر:

«بل هي أوضح فسادا مما سبق و إن نسبه في الروضة إلى ظاهر النص و الفتوى معللا له فيها بالامتثال المقتضي للإجزاء و هو عجيب» و كلام صاحب الجواهر متين كما لا يخفى.

لقاعدة الاشتغال بعد قصور شمول أدلّة العلاج للمقام، و الشك في شمول أدلّة تذكر النقص في الأثناء لما نحن فيه، لفوت الموالاة بما أتى به من الاحتياط، فكل هذه الاحتمالات يوجب الترديد في شمول الأدلّة اللفظية و اللبية للمقام، فلا بدّ حينئذ من الاحتياط.

فيكتفي بالاحتياط في الصورة الأولى فقط، لكونها أقرب إلى الصلاة الأصلية بحسب متفاهم المتشرّعة فتشلمها إطلاقات أدلّة العلاج بخلاف بقية الصور. و فيه: أنّه إن كان الاختلاف في الكيف مأذونا من طرف الشارع يكون كالاتحاد فيه فتشملها الإطلاقات أيضا. نعم، في شمولها لصورة الاختلاف في الكمية إشكال و إن كان خلاف الجمود على الإطلاق.

للعلم الإجمالي بوجوب أحد هذه الوظائف، فيجب الاحتياط بعد عدم استفادة تعين إحداها من الأدلّة.

لكونه حينئذ من صغريات ما مرّ في [مسألة ۷]، بل ينبغي الجزم بالصحة كما جزم فيها، لأنّ احتمال كون مجموع الاحتياطين تداركا للنقص المحتمل مما يقطع بخلافه.

(مسألة ۱۱): لو شك في إتيان صلاة الاحتياط بعد العلم بوجوبها عليه فإن كان بعد الوقت لا يلتفت إليه و يبني على الإتيان (۳٥)، و إن كان جالسا في مكان الصّلاة، و لم يأت بالمنافي و لم يدخل في فعل آخر بنى على عدم الإتيان (۳٦). و إن دخل في فعل آخر، أو أتى بالمنافي أو حصل الفصل الطويل- مع بقاء الوقت- فللبناء على الإتيان بها وجه (۳۷)، و الأحوط البناء على العدم و الإتيان بها، ثمَّ إعادة الصّلاة (۳۸).

لقاعدة عدم اعتبار الشك بعد الوقت، و المتفاهم من الأدلّة و المرتكز في أذهان المتشرّعة أنّ صلاة الاحتياط موقتة بوقت الفريضة، فيجري فيها كل ما يجري في الفريضة من غير فرق إلّا مع الدليل على الخلاف.

لقاعدة الاشتغال من غير دليل حاكم عليها.

للعلم الإجمالي إما بوجوب الإتيان بصلاة الاحتياط، لاحتمال عدم بطلان الصلاة بذلك، أو إعادة الصلاة، لاحتمال بطلانها به، و هذا الاحتياط واجب بناء على عدم تمامية ما مرّ من الوجوه و إلّا فلا وجه لوجوبه كما هو معلوم و إن كان لا ريب في حسنة.

إما لأجل جريان قاعدة الفراغ، بدعوى: أنّ فعل المنافي و الفصل الطويل يكشف عن تحقق الفراغ، فتجري القاعدة حينئذ.

و أشكل عليه أولا: بأنّه لا ملازمة بينها و بين تحقق الفراغ الواقعي أو البنائي بوجه أبدا، و يمكن دفعه بأنّ الظاهر حال المصلّين في مثل ذلك يقتضي الفراغ عن الصلاة و عمّا يتعلّق بها.

و ثانيا: أنّ مجرى القاعدة هو الشك في صحة الموجود لا الشك في أصل الموجود و المقام من الثاني دون الأول. و فيه: أنّه يمكن إرجاع المقام إلى الأول باعتبار الصلاة الأصلية.

و إما لأجل اعتبار الفورية و الموالاة مع الصلاة الأصلية في صلاة الاحتياط شرعا، فيكون الشك- بعد فوت الفورية- شك في الشي‏ء بعد تجاوز المحل، فلا يعتنى به.

و أشكل عليه بأنّه لا بدّ من الدخول في الغير في صحة جريانها.

و يمكن دفعه بما مرّ من عدم دليل على هذا الاعتبار و المناط كلّه مضيّ المحل و لا ريب في مضيّه بناء على الفورية.

و إما لأجل قوله (عليه السلام) في خبر إبراهيم بن هاشم: «لا سهو في سهو»۲۱ أو «على سهو» كما في صحيح حفص‏۲۲.

و فيه: ما سيأتي من إجماله، و عدم الاعتبار به إلّا فيما هو المتيقّن من مفاده.

و يمكن الخدشة فيه بأنّه يؤخذ بإطلاقه إلّا فيما دلّ الدليل على خلافه.

(مسألة ۱۲): لو زاد فيها ركعة أو ركنا و لو سهوا بطلت (۳۹)، و وجب عليه إعادتها (٤۰)، ثمَّ إعادة الصّلاة (٤۱).

لإطلاق ما دلّ على البطلان بالزيادة الركنية، و أنّه لم يخالف في البطلان أحد كما في مفتاح الكرامة.

إن قلت: مقتضى إطلاق قوله (عليه السلام): «لا سهو في سهو» عدم البطلان، مع أنّ زيادة الركن في النافلة لا توجب البطلان.

قلت: مع ظهور الإجماع لا وجه للعمل بإطلاقه على فرض عدم إجماله، و ما دلّ على عدم بطلان النافلة بزيادة الركن ظاهره النافلة المحضة دون مثل المقام.

للأصل، و إطلاقات أدلّة وجوبها بعد الإخلال بالفورية في صلاة الاحتياط، فتكون غير قابلة للتدارك، فتبطل لا محالة. إلّا أن يقال: بعدم استفادة الفورية بهذا النحو من الأدلّة، فتصح الصلاة مع الإتيان بالاحتياط أو الشك فيه، فيجب الاحتياط بالجمع بين الإتيان بصلاة الاحتياط و إعادة أصل الصلاة إن لم يجر أصل موضوعيّ في المقام و هو استصحاب وجوب صلاة الاحتياط، و استصحاب كونها جابرة.

و فيه: أنّه من الاستصحاب المردد بين مقطوع البقاء- لو لم تكن الفورية بهذا المقدار معتبرة- و مقطوع الزوال لو كانت معتبرة و يمكن دفعه لمناط الفورية العرفية القابلة للشك فيها عرفا.

لاحتمال بطلانها بتخلّل ما وقع.

(مسألة ۱۳): لو شك في فعل من أفعالها، فإن كان في محله أتى به. و إن دخل في فعل مترتب بعده بنى على أنّه أتى به، كأصل الصّلاة (٤۲).

لجريان أحكام الصلاة الأصلية عليها إلّا ما دلّ الدليل على الخلاف فتجري فيها جميع القواعد التي تجري في أصل الصلاة من الاعتناء بالشك إن كان في المحل، و عدم الاعتناء به إن كان بعده و غيرهما و لا دليل على الخلاف إلّا قوله (عليه السلام): «لا سهو في سهو» كما تقدّم، و ظهور إجماعهم على عدم جريانه في المقام مانع عن الاستدلال به إلّا في المعلوم من مفاده- كما سيأتي- و إن لم نقل بإجماله.

(مسألة ۱٤) لو شك في أنّه هل شك شكا يوجب صلاة الاحتياط أم لا؟ بنى على عدمه (٤۳).

لقاعدة الفراغ إن كان بعد الصلاة. هذا إذا حدث الشك بعد الفراغ، و أما إن كان في أثناء الصلاة، فيرجع إلى حالته الفعلية، لأنّ ما كان سابقا إن تبدّل‏

إلى الحالة الفعلية، فالحكم للمتبدّل إليه دون ما تبدّل و إن كانت الحالة الفعلية هي السابقة بعينها، فالحكم أوضح من أن يخفى.

(مسألة ۱٥): لو شك في عدد ركعاتها (٤٤) فهل يبني على‏ الأكثر (٤٥) الا أن يكون مبطلا (٤٦) فيبني على الأقل أو يبني على الأقل مطلقا (٤۷)؟ وجهان‏ (٤۸)، و الأحوط البناء على أحد الوجهين، ثمَّ إعادتها ثمَّ إعادة أصل الصّلاة (٤۹).

الشك في صلاة الاحتياط تارة: يكون في أصل الإتيان بها، و قد مرّ حكمه في [مسألة ۱۱] و أخرى: يكون في أجزائها و صحتها و فسادها و قد تقدم حكمه في [مسألة ۳] و يأتي في [مسألة ۱۷]. و ثالثة: يكون في عدد ركعاتها سواء كانت صلاة الاحتياط ركعة واحدة أو اثنتين، و ينحصر الشك فيها بحسب الغالب في موارد ثلاثة:

الأول‏- ما إذا كانت ركعة واحدة و شك فيها بين الواحدة و الاثنين.

الثاني: ما إذا كانت ركعتين و شك بين الواحدة و الاثنين.

الثالث:- هذه الصورة مع كون الشك بين الاثنين و الثلاث و لا بدّ من أن نذكر قاعدة (لا سهو في سهو) حتى يتبيّن الحال.

فرع: إذا شك- مثلا- بين الثلاث و الأربع و شرع في صلاة الاحتياط و بعد رفع رأسه من سجودها علم أنّه نسي ركعة من صلاة الفريضة يأتي بالسلام بعد الفراغ من صلاة الاحتياط، ثمَّ يعيد أصل الصلاة على الأحوط.

البحث في مسألة الشك في عدد ركعات الاحتياط التي هي من صغريات قاعدة (لا سهو في سهو) تارة: بحسب العمومات، و أخرى: بحسب الدليل الخاص، و ثالثة: بحسب الاعتبار.

أما الأول‏ فيحتمل أن يكون الشك فيها من الشكوك المبطلة رأسا، لأنّها إما ركعة واحدة أو ركعتان و الشك فيهما من الشكوك المبطلة- كما تقدّم- و يحتمل عدم كونه منها و إجراء حكم الشك في النافلة عليها و الشك فيها لا يوجب البطلان، لاقتضاء احتمال كونها نافلة ذلك و حينئذ فيبني إما على الأقل و يتمّها إن احتاجت إلى الإتمام، أو يبني على الأكثر الصحيح كما يأتي في الشك في النافلة، و يمكن‏

استظهار هذا الاحتمال من جهة تغليب الشارع عليها حكم النافلة، و لو لم يمكن استظهار أحد الاحتمالين لوجب الاحتياط بإجراء حكم الشك في النافلة عليه ثمَّ إعادتها، لاحتمال كون الشك فيها من الشكوك المبطلة كما مرّ، ثمَّ إعادة الصلاة أيضا لاحتمال بطلان الصلاة بتخلّل ما شك فيها ما بينها و بين المعادة، و احتمال كون المعادة هي الاحتياطية الواقعية و كون ما شك فيها باطلة بناء على البطلان بذلك.

و أما الثاني: فليس إلّا قول أبي عبد اللّه (عليه السلام) في صحيح حفص:

«ليس على الإمام سهو، و لا على من خلف الإمام سهو، و لا على السهو سهو، و لا على الإعادة إعادة»۲۳، و قوله (عليه السلام): في خبر إبراهيم بن هاشم: «و ليس على من خلف الإمام سهو إذا لم يسه الإمام، و لا سهو في سهو، و ليس في المغرب سهو، و لا في الفجر سهو، و لا في الركعتين الأولتين في كل صلاة سهو، و لا سهو في النافلة»۲4.

و الأول صحيح و كذا الثاني على المعروف بين المتأخرين، و لكن إبراهيم بن هاشم يروي في هذا الخبر عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) بلا واسطة و هو غير معهود منه فراجع.

و لو كنا نحن و ملاحظة الصدر و الذيل لهذه الجملة في الحديثين لكان السهو الأول ظاهرا في الشك، و السهو الثاني عبارة عن موجب السهو، أو الشك مثل صلاة الاحتياط، أو قضاء الأجزاء المنسية، أو سجدتي السهو، و ذلك لأنّ السهو في سياق الحديثين أريد به الشك قطعا، بل الظاهر أنّ السهو في الروايات و اصطلاحات الرواة يراد به الشك إلّا مع قرينة على الخلاف، و حيث إنّ إرادة نفس الشك من الثاني خلاف المتعارف، لندرة الشك في الشك جدّا، فيتعيّن إرادة موجب الشك بالمعنى الأعم منه و من السهو تعميما لما يكون من الابتلائيات في الصلاة.

و قال في الجواهر: «الظاهر الاقتصار في تفسير هذه الفقرة على أن يراد بالسهو الأول الشك، و السهو الثاني الشك أو السهو على إرادة الموجب، فيكون المعنى لا شك في موجب شك أو سهو- بالفتح- و على عموم المجاز- إلى أن قال- قد عرفت ظهور سياق النص و الفتوى في إرادة الشك من السهو الأول- إلى أن قال- بل في الرياض استظهار إرادة الشك من السهو الثاني أيضا منهما (أي من العلامة و الشيخ) و من غيرهما، بل استظهر عدم الخلاف فيه من عبارة الأول منها».

هذا بحسب الاستظهارات العرفية و كلمات الأصحاب.

و أما الثالث: أي بحسب الاحتمال العقلية في هذه الجملة مع أنّ الاحتمالات بعيدة عن سياق ألفاظ الكتاب و السنّة و بناء الفقه و الفقهاء المأنوسين بكلمات المعصومين مطلقا، و لكن حيث ذكرها جمع، فنحن نقتضي أثرهم و نقول:

إما أن يراد بالأول خصوص الشك فقط، أو السهو كذلك، أو الأعم منهما، و من الثاني أيضا كذلك فهذه تسعة احتمالات، و يحتمل أن يراد من السهو الأول موجبة، و من الثاني نفسه أو موجبة، فتصير الاحتمالات ثمانية عشر و لا حجية لكل واحد من هذه الاحتمالات إلّا إذا دلّت عليه حجة معتبرة أخرى من إجماع أو غيره، و قد ذكر في الجواهر ثمانية منها ثمَّ قال: «و عن ظاهر جملة من المتأخرين إمكان إرادة الثمان من هذه الفقرة و هو مشكل لمخالفته لمقتضى الأصل في جملة منها و الخروج عنه بمثل هذه النصوص المجملة مشكل».

أقول: و يمكن دعوى القطع بأنّه ليس من عادة الأئمة (عليهم السلام) بيان الأحكام بهذا النحو من الإجمال خصوصا أحكام الصلاة. و الاحتمالات الثمانية التي ذكرها في الجواهر نذكرها إجمالا:

الأول: الشك في تحقق الشك و قد مرّ في [مسألة ۹] من (فصل الشك في الركعات) و [مسألة ۱٤] من هذا الفصل حكمه.

الثاني: الشك في أنّه هل سها أو لا؟، فإن كان بعد الفراغ، فهو من مجاري قاعدة الفراغ و إن كان في الأثناء و بعد تجاوز المحل، فهو من مجاري قاعدة التجاوز، فلا أثر لهذه الجملة المجملة فيها، و إن كان في المحل فمقتضى قاعدة الاحتياط لزوم الإتيان به إلّا إذا عمل بإطلاق هذه الجملة المجملة و قال في الجواهر و نعم ما

قال: و هدم تلك القاعدة المعلومة المنقول عليها الإجماع ببعض محتملات هذه الفقرة مما لا يجترئ عليه ذو حريجة في الدين».

الثالث: الشك في موجب الشك أي صلاة الاحتياط و هذا أظهر الاحتمالات و هو الظاهر من الأصحاب كما في الجواهر، و في مفتاح الكرامة عن أربعين المجلسي: «أنّ أكثر الأصحاب خصّوا قولهم (عليهم السلام): «لا سهو في سهو» بهذه الصورة»، و في الدروس: «نسبته إلى ظاهر المذهب»، و في الجواهر:

«و المراد بعدم الالتفات كما صرّح به بعضهم البناء على الأكثر بالنسبة إلى الأعداد (ما لم يستلزم فسادا)».

الرابع: الشك في موجب السهو أي التشهّد المنسيّ و سجدتي السهو و السجدة المنسية، و هذا القسم مثل سابقة في أنّه أظهر الاحتمالات و الظاهر من الأصحاب.

الخامس: أن يكون المراد بكل منهما النسيان كما إذا نسي سجدة- مثلا- و ذكرها في التشهّد و لم يعد لإتيانها فنسي العود إليها بعد ذلك و الظاهر وجوب العود إليها ما لم يدخل في الركوع، و إن نسي ذلك يقضيها بعد الصلاة، و الحكم بعدم القضاء و صحة الصلاة مستندا إلى احتمال من احتمالات هذه الجملة اعتماد على المجهول، بل أصل صحة الصلاة في مثل الفرض مشكل.

السادس: السهو عن الشك كما لو شكّ في السجدة و كان في محل يمكنه التدارك لو كانت مشكوكا فيها ثمَّ سها عن ذلك، فإن كان في المحل وجب التدارك، لكونه شكا قبل تجاوز المحل، و لو خرج عن محل تدارك المنسيّ بأن لم يدخل في الركن اللاحق، فمقتضى قاعدة الاشتغال وجوب العود، و مقتضى أحد احتمالات هذا الحديث المجمل عدم العود، و الاعتماد عليه اعتماد على مجرد الاحتمالات بلا دليل عليه، و الأحوط إتمام الصلاة ثمَّ قضاء المشكوك إن كان له قضاء ثمَّ إعادة أصل الصلاة.

السابع: أن يراد بلفظ السهو النسيان، فيكون المعنى: إنّ النسيان في موجب النسيان «بالفتح» لا حكم له كما إذا نسي إحدى سجدتي السهو و تجاوز المحل، أو نسي بعض واجبات السجدة المنسية، أو التشهّد المنسي و التمسك‏

بعدم الالتفات مطلقا حتى لو كان في المحل بأحد احتمالات هذا اللفظ المجمل قول بلا دليل و تعويل على العليل، فلا بد من انطباقه على سائر القواعد، فيكون التمسك به حينئذ من لزوم ما لا يلزم.

الثامن: أن يراد بالسهو الثاني الشك بحذف المضاف أي لا سهو في موجب الشك، فمن تكلّم سهوا- مثلا- في صلاة الاحتياط لا تجب عليه سجدتي السهو، و نسب ذلك إلى الشهرة، و لكن لا ظهور للحديث كما لا يخفى.

هذا هو المشهور، بل عن الدروس نسبته إلى ظاهر المذهب، و لأنّ البناء على الأقل اعتناء بالشك و هو خلاف ظاهره، و إن نسب إلى المحقق الأردبيلي القول به، لكنه مخالف للمشهور بل الإجماع.

لأنّ الحديث بصدره و ذيله في مقام التصحيح و أنّه ليس على المكلف شي‏ء، و لو كان الأكثر مبطلا لوجب الاستئناف حينئذ و هو خلاف ظاهره، فيجب حينئذ البناء على الأقل.

لأصالة الاشتغال، و أصالة عدم الزيادة بعد عدم دليل حاكم عليها، لقصور: «لا سهو في سهو» عن الحكومة، لإجماله، و كذا ما دلّ على البناء على الأكثر، لظهوره في الصلوات الأصلية دون الاحتياطيات العلاجية، و عدم تحقق إجماع يصح الاعتماد عليه.

مقتضى نسبة الدروس الأول إلى ظاهر المذهب تعيّنه، لأنّه من الإجماع المعتبر كما عليه بناء الفقهاء في مثل هذا التعبير.

لما مرّ في أول المسألة و ظهر أيضا أنّ الاحتياط استحبابي.

فروع- (الأول): لو علم أنّه سها عن سجدة و لم يعلم أنّها من أيّ ركعة فإن كان بعد الفراغ يقتضي سجدة مع الإتيان بسجدتي السهو و تصح صلاته و لا شي‏ء عليه، و كذا إن كان في الأثناء و علم بأنّها كانت من الركعات السابقة. و أما إن علم‏

بأنّها إما كانت من الركعة السابقة أو هذه الركعة التي يكون محلّها باقيا يأتي بها و يتم الصلاة و لا شي‏ء عليه.

(الثاني): لو علم أصل السهو و لم يعلم أنّه في سجدة واحدة أو في القراءة- مثلا- فإن كان بعد الفراغ تصح صلاته و لا شي‏ء عليه و إن كان في الأثناء يجري فيه ما تقدم في الفرع الأول.

(الثالث): لو علم أصل السهو و لم يعلم أنّه سجدة أو تشهّد، فإن كان بعد الفراغ يقضيهما مع سجدة السهو لكل منهما لقاعدة الاحتياط، و إن كان في الأثناء و أمكن الإتيان بهما بأن كان في محلّهما كما إذا كان في الجلوس من الركعة الثانية يأتي بهما، و كذا إن كان قبل الدخول في ركوع الركعة الثالثة لما مرّ من قاعدة الاحتياط، و إن أمكن تدارك أحدهما يأتي به و لا شي‏ء عليه بالنسبة إلى الآخر لأصالة البراءة.

(الرابع): لو علم أصل السهو و لم يعلم أنّه سجدة أو ركوع، فإن كان بعد الفراغ يقضي السجدة، لأصالة عدم الإتيان بها و أصالة عدم عروض المبطل في الصلاة بالنسبة إلى الركوع، و الأحوط مع ذلك إعادة أصل الصلاة، و كذا إن كان في الأثناء و تجاوز عن محل التدارك، فيتدارك ما كان محلّه باقيا و يجري قاعدة التجاوز بالنسبة إلى الآخر و الأحوط إعادة الصلاة.

(الخامس): لو علم أصل السهو و لم يعلم أنّه ركوع أو قراءة، فإن كان بعد الفراغ، أو في الأثناء مع مضيّ محل تداركها يقوي الصحة و الأحوط الإعادة، و إن كان في الأثناء و أمكن تداركهما أو أحدهما، فكما مرّ في الفروع السابقة. هذا ما تقتضيه القواعد المعمولة المعتبرة في الصلاة، و أما نفي الأثر للسهو في جميع هذه الفروع و الحكم بصحة الصلاة مطلقا تمسكا بعموم حديث: «لا سهو في السهو» فعهدة إثباته على مدّعيه و قد ظهر مما مرّ أنّه لا دليل عليه.

(مسألة ۱٦): لو زاد فيها فعلا من غير الأركان أو نقص فهل عليه سجدتا السهو أو لا؟ وجهان‏ (٥۰) فالأحوط الإتيان بهما.

وجه الوجوب إطلاق أدلّة وجوبها لكل زيادة و نقيصة الشامل لصلاة

الاحتياط أيضا بناء على كونها كأصل الصلاة من هذه الجهة أيضا. و وجه العدم احتمال شمول حديث: «لا سهو في سهو»۲٥ لنفي سجدتي السهو أيضا، أو إجراء حكم النافلة عليها من هذه الجهة كما مرّ و لا ريب في أنّ رفع اليد عن الإطلاق بمجرّد الاحتمال مشكل جدّا، كما أنّ إجراء حكم النافلة عليه من هذه الجهة أشكل، و لكن الشك في أصل الوجوب يجري في جريان أصالة عدمه.

(مسألة ۱۷): لو شك في شرط أو جزء منها بعد السلام لم يلتفت (٥۱).

لقاعدة الفراغ، و ظهور الاتفاق، و يشهد له حديث: «لا سهو في سهو» أيضا.

(مسألة ۱۸): إذا نسيها و شرع في نافلة أو قضاء فريضة أو نحو ذلك فتذكر في أثنائها قطعها (٥۲) و أتى بها ثمَّ أعاد الصّلاة على‏ الأحوط (٥۳). و أما إذا شرع في صلاة فريضة مرتبة على الصّلاة التي شك فيها- كما إذا شرع في العصر فتذكر أنّ عليه صلاة الاحتياط للظهر- فإن جاز عن محلّ العدول قطعها (٥٤) كما إذا دخل في ركوع الثانية مع كون احتياطه ركعة أو ركوع الثالثة مع كونها ركعتين، و إن لم يجز عن محل العدول فيحتمل العدول إليها (٥٥) لكن الأحوط القطع و الإتيان بها ثمَّ إعادة الصلاة.

أما في النافلة، فلظهور الاتفاق على جواز قطعها مطلقا، فكيف بما إذا كان الإتمام منافيا لواجب فوريّ كما في المقام.

و أما في الفريضة، فلأنّ إبطال إحدى الصلاتين مما لا بدّ منه، لأنّ إتمام الثانية يوجب بطلان الأولى، لفوات الفورية المعتبرة في احتياطها و تتميم الأولى بإتيان الاحتياط يوجب بطلان الثانية و المسألة من موارد التعيين و التخيير، و احتمال الترجيح في إتمام الأولى فيتعيّن إتمامها بناء على لزوم الأخذ بالمعيّن في دوران الأمر بين التعيين و التخيير. هذا كلّه بناء على عدم جواز الصلاة في الصلاة، و إلّا فيأتي بالاحتياط في أثناء الثانية فريضة كانت أو نافلة ثمَّ يتمّها و يصح الجميع.

و أما عدم جواز إتيان صلاة في أثناء صلاة أخرى، فاستدلّ عليه تارة:

بالإجماع. و فيه: أنّه لا اعتبار بهذا الإجماع، لأنّهم يستدلّون للبطلان بما يأتي من الوجهين الأخيرين، فيكون الإجماع من المعلوم المدرك.

و أخرى: بأنّه موجب لفوت الموالاة المعتبرة. و فيه: أنّه لا كلية فيه، مع أنّ‏

كون فوت الموالاة الحاصل بالصلاة موجبا للبطلان يحتاج إلى دليل أيضا و هو مفقود.

و ثالثة: بأنّه من الفعل الكثير، فيكون باطلا و مبطلا. و فيه: ما مرّ في سابقة من غير فرق، و قد ورد إتيان الفريضة في أثناء صلاة الآيات راجع [مسألة ۱۲] من صلاة الآيات‏۲٦ فمقتضى أصالة عدم المانعية، و أصالة الصحة صحة صلاة الداخلة و المدخولة فيها. ثمَّ إنّه على فرض تمامية الدليل على المنع يختص بصورة العمد و الاختيار، فلو أدخل صلاة في أخرى سهوا، أو غفلة، أو اضطرارا تصحّ الصلاتان معا.

أما وجوب الإتيان بالاحتياط، فللأصل و إطلاق دليل وجوبها، و أما إعادة الصلاة، فلاحتمال بطلانها بتخلّل ما وقع بينها و بين الاحتياط نسيانا.

بناء على وجوب الترتيب حتى في هذه الصورة و إلّا فيكون حكمه حكم ما تقدّم في سابقة من غير فرق، و إثبات وجوب الترتيب حتى في المقام، مع كون وجوبه ذكريا التفاتيا مشكل إن لم يكن ممنوعا.

محتملات المقام ثلاثة: العدول إليها و هو خلاف القاعدة فيحتاج إلى دليل و هو مفقود، و إتيان صلاة الاحتياط في أثناء الصلاة و الاجتزاء بذلك و قد تقدّم ما استدلّ به على المنع و المناقشة فيه، و قطع الصلاة و الإتيان بصلاة الاحتياط ثمَ‏

إعادة أصل الصلاة، لاحتمال بطلانها بما تخلّل بينها و بين الاحتياط من الصلاة اللاحقة، و بعد بطلان العدول و إدخال الصلاة في الصلاة تكون هذه المسألة أيضا من موارد الدوران بين التعيين و التخيير و قد مرّ أنّ الترجيح في قطع اللاحقة إن لزم الأخذ بالمعين، فتذكّر.

(مسألة ۱۹): إذا نسي سجدة واحدة أو تشهدا فيها قضاهما بعدها على الأحوط (٥٦).

لاحتمال جريان حكم الصلاة الواجبة عليها من هذه الجهة، و لكنه بلا دليل و يكفي ذلك في نفي الوجوب.

  1. الوسائل باب: ۸ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۳.
  2. الوسائل باب: ۹ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۲.
  3. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ٥.
  4. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۹.
  5. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۱.
  6. مستدرك الوسائل باب: ۱ من أبواب القراءة في الصلاة و لا حظ الوسائل باب: ۷- ۱۱ من الخلل.
  7. الوسائل باب: ٥٦ من أبواب المزار من كتاب الحج.
  8. الوسائل باب: ۸ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۳.
  9. الوسائل باب: ۸ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۱.
  10. راجع الوسائل باب: ۱۰ حديث: 4 و باب: ۱۱ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة.
  11. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب الفرائض و نوافلها.
  12. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۲.
  13. الوسائل باب: ۸ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۱ و ۳.
  14. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها حديث: ۱۰.
  15. الوسائل باب: ۸ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۳
  16. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۲.
  17. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۱.
  18. الوسائل باب: ۱۹ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة.
  19. الوسائل باب: ۸ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۳.
  20. راجع الوسائل باب: ۳ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة.
  21. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۳.
  22. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۱.
  23. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۱ و راجع باب: ۲4 حديث: ۳.
  24. الوسائل باب: ۲4 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۸.
  25. تقدّم في صفحة: ۳۰4.
  26. راجع ج: ۷ صفحة ۳۰4
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"