1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. کتاب الصلاة
  10. /
  11. فصل في شرائط وجوب الجمعة
و هي خمسة: (الأول): الإمام أو من نصبه الإمام (۱).

لا ريب في وجوب أصل الجمعة في الجملة بالأدلة الثلاثة فمن الكتاب قوله تعالى‏ إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى‏ ذِكْرِ اللَّهِ وَ ذَرُوا الْبَيْعَ‏۱، و من السنة نصوص متواترة تأتي الإشارة إلى بعضها، و أما الإجماع، فليس بين المسلمين خلاف في ذلك إنّما الخلاف في جهات:

الجهة الأولى: هل هي واجب مطلق- كوجوب صلاة العصر مثلا- حتى يجب على كل مكلف تحصيل شرائطها، أو واجب مشروط ببسط يد المعصوم عليه السّلام حتى لا يجب على الناس بدون حصول شرطه؟.

الجهة الثانية: بناء على الاشتراط ببسط يد المعصوم عليه السّلام هل تكون مشروعة مع فقد هذا الشرط أو لا؟.

الجهة الثالثة: بناء على المشروعية هل تسقط بإتيانها صلاة الظهر أو لا؟.

أما الجهة الأولى: فالمشهور اشتراطها بإذنه عليه السّلام و عدم الوجوب العينيّ لها.

و استدلوا عليه أولا: بأنّ مقتضى الأصل عدم الوجوب مطلقا إلا فيما هو المتيقن من مورد الأدلة و هو صورة بسط اليد.

و ثانيا: بالإجماعات المدعاة على الاشتراط التي يقطع منها برأي المعصوم.

و ثالثا: بالسيرة المستمرّة من الفقهاء الأساطين على عدم الإتيان التي اعترف بها من ذهب إلى الوجوب العينيّ أيضا.

و رابعا: أنّه لم ينقل أحد مواظبة أحد من المعصومين عليهم السّلام في زمان عدم بسط يدهم و لا أحد من أصحابهم على هذه الفريضة و لا وجه لذلك مع كونها من الفرائض العينية كما هو واضح.

و خامسا: استقرار سيرة النبي صلى اللّه عليه و آله و الخلفاء من بعده على تعيين شخص لإمامة الجمعة، كما كانوا يعيّنون شخصا لمنصب القضاء، فلو كانت فريضة عينية على كل شخص لما استقرت السيرة على اختصاص إقامتها بشخص خاص، بل تستقر على إقامتها في كل محل و يسعون في تحصيل شرائطها كما يكون كذلك بالنسبة إلى سائر الفرائض.

و سادسا: ظاهر جملة من الأخبار عدم الوجوب العينيّ لها منها: صحيح محمد بن مسلم قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الجمعة فقال عليه السّلام: تجب على كل من كان منها على رأس فرسخين، فإن زاد على ذلك فليس عليه شي‏ء»۲، و قوله عليه السّلام أيضا في صحيح الفضل بن عبد الملك قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إذا كان قوم في قرية صلّوا الجمعة أربع ركعات، فإن كان لهم من يخطب لهم جمعوا إذا كانوا خمس نفر، و إنّما جعلت ركعتين لمكان الخطبتين»۳، عن عليّ عليه السّلام: «لا جمعة، إلا في مصر تقام فيه الحدود»4.

و في موثق ابن بكير قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قوم في قرية ليس لهم من يجمع بهم، أ يصلون الظهر يوم الجمعة في جماعة؟ قال: نعم، إذا لم يخافوا»٥ إلى غير ذلك من الأخبار الظاهرة في نفي الوجوب العيني، و أنّها من المناصب الخاصة، فإنّها لو كانت من الواجبات العينية لم يكن وقع لهذا السؤال و لا لجواب الإمام عليه السّلام بل وجب على الناس تحصيل شرائطها من الإمام و الخطبة كفاية، و احتمال حمل مثل هذه الأخبار على صورة عدم التمكن أو على التقية خلاف ظاهرها خصوصا مثل موثّق سماعة قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الصلاة يوم الجمعة، فقال: أما مع الإمام فركعتان، و أما لمن صلّى وحده فهي أربع ركعات، و إن صلوا جماعة»٦، فإنّها كالنص في عدم الوجوب العيني.

و منها: ما تدل على أنّ للإمام عليه السّلام أن يرخص الناس في ترك الجمعة إن اجتمعت مع أحد العيدين، لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في خبر الحلبي: «أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الفطر و الأضحى، إذا اجتمعا في يوم الجمعة، فقال عليه السّلام: اجتمعا في زمان عليّ عليه السّلام فقال: من شاء أن يأتي إلى الجمعة فليأت، و من قعد فلا يضرّه، و ليصلّ الظهر- الحديث-»۷ و لا وجه لمثل هذه الأخبار مع الوجوب العينيّ أبدا.

و منها: الأخبار الدالة على أنّ الجمعة من مناصب الإمام عليه السّلام كقولهم: «لنا الخمس و لنا الأنفال و لنا الجمعة و لنا صفو المال»۸ و لو كانت مثل فريضة المغرب و العشاء بطلت هذه التعبيرات خصوصا مثل النبويّ «الجمعة، و الحكومة لإمام المسلمين»۹.

و خلاصة الكلام‏ أنّه قد دلت الروايات‏۱0 على أنّ الخطبتين بدل عن الركعتين من الظهر، و مقتضى الأصل عدم سقوط المبدل إلا بدليل صريح و لا دليل كذلك يدل على التعيين.

و استدل على الوجوب العينيّ تارة: بقوله تعالى‏ إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى‏ ذِكْرِ اللَّهِ وَ ذَرُوا الْبَيْعَ‏۱۱. و فيه: أنّه مع قرب احتمال أن يكون المنادي منصوبا من قبل المعصوم عليه السّلام لا وجه للاستدلال بإطلاقه، لأنّه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.

و أخرى: بالمستفيضة الدالة على وجوب الجمعة، منها: قول أبي جعفر عليه السّلام في الصحيح: «الجمعة واجبة على من إن صلّى الغداة في أهله أدرك الجمعة»۱۲.

و فيه: أنّها لا تدل على أزيد من أصل الوجوب، و أما كيفية الوجوب و أنّه تخييريّ أو تعيينيّ و أنّ الإذن هل يكون شرطا للوجوب أو للصحة؟ فلا يستفاد شي‏ء من ذلك من مثل هذه الإطلاقات خصوصا مع ملاحظة سائر الروايات، حيث إنّ في بعضها قرائن على الاستحباب كصحيح زرارة قال: «حثنا أبو عبد اللّه عليه السّلام على صلاة الجمعة حتى ظننت أنّه يريد أن نأتيه، فقلت: نغدو عليك؟ فقال: لا، إنّما عنيت عندكم»۱۳ لأنّ الحث و الترغيب لا يكون إلا في المندوبات غالبا، مع ظهوره في أنّ زرارة لم يكن يواظب عليها، و إشعار «ظننت أنّه يريد ..» أنّها من وظائف الإمام، و مثله قول أبي جعفر عليه السّلام في موثق عبد الملك: «مثلك يهلك و لم يصل فريضة فرضها اللّه قال: قلت كيف أصنع؟

قال: صلوا جماعة يعني صلاة الجمعة»۱4، فإنّ ظهوره في أنّه كان لم يواظب على إتيانها مما لا ينكر و كان تلهف الإمام عليه السّلام على أنّ أصحابه لا يوفقون لهذه الفريضة لعدم بسط يده عليه السّلام.

إن قلت: قد ثبت الإذن لنواب الغيبة بمثل قوله عليه السّلام: «أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواه حديثنا، فإنّهم حجتي عليكم- الحديث-۱٥ فتجب حينئذ.

قلت: الإذن في إقامتها و إقامة الحدود ملازم لبسط اليد عرفا، و مع عدمه في الإذن فكيف بالمأذون لا وجه له أصلا كما هو معلوم لدى الخبير.

ثمَّ إنّ لبسط اليد مراتب متفاوتة جدا و ليس صرف وجوده موجبا لثبوت الوجوب العينيّ، و المنساق منه ما كان للنبيّ صلى اللّه عليه و آله في زمان حياته و لم يتفق ذلك لعليّ عليه السّلام في زمان خلافته الظاهرية، لعدم تمكنه عليه السّلام من إزالة جملة من البدع، فما حال أولاده المعصومين عليهم السّلام فضلا عن فقهاء عصر الغيبة؟!!.

ثمَّ إنّه لو تمكن فقيه من تحصيل بسط اليد بالتوسل إلى حاكم الجور هل يجب عليه ذلك، و هل تجب الجمعة بعد ذلك؟ مقتضى الأصل العدم بعد انصراف الأدلة عنه فتأمل، فإنّ المسألة غير منقحة، بل غير مذكورة في كلامهم.

أما الجهة الثانية: فالمشهور جوازها، بل استحباب الإتيان بها لمثل ما تقدم من صحيح زرارة، و موثق عبد الملك، و عن جمع من القدماء و المتأخرين الحرمة لأنّها عبادة توقيفية تقصر الأدلة الواردة عن إثبات شرعيتها بلا إذن منهم عليهم السّلام.

و فيه: أنّ مثل ما تقدم من صحيح زرارة و موثق عبد الملك يكفي في الجواز، فالحرمة بلا دليل و ما استدل به لها عليل، و نعم ما قال في الجواهر:

«إنّ القول بالوجوب و الحرمة إفراط و تفريط» فراجع كلامه.

أما الجهة الثالثة: فمقتضى قاعدة الاحتياط، و ما هو المشهور- من أصالة الاحتياط في دوران الأمر بين التعيين و التخيير- عدم جواز الاكتفاء بصلاة الجمعة مع عدم بسط اليد مطلقا سواء كان في عصر الحضور أم الغيبة إلا مع تصريح خاص من المعصوم بالاكتفاء.

إلا أن يقال: إنّ وجوب هذا الاحتياط إنّما هو مع قطع النظر عن العلم بعدم تشريع صلاتين في ظهر يوم الجمعة، و أما مع ملاحظة هذا العلم القطعي و جواز صلاة الجمعة شرعا فلا يبقى موضوع لوجوب هذا الاحتياط و لذا ذهب جمع من الفقهاء إلى أولوية الاحتياط و رجحانه. مع أنّ أصل التعيين في دوران الأمر بين التعيين و التخيير محل البحث و إن نسب ذلك إلى المشهور.

هذا كله خلاصة ما فصله الفقهاء في هذه المسألة و من أراد التفصيل فليرجع إلى كتبهم التي ألفت في هذه المسألة خصوصا الجواهر، و مصباح الفقيه رضوان اللّه تعالى عليهم أجمعين.

(الثاني): العدد و هو خمسة أحدهم الإمام (۲).

أما أصل اعتبار العدد في الجملة، فيدل عليه الإجماع، و النصوص المستفيضة. و أما كفاية الخمسة. فهو الأشهر نقلا و تحصيلا، و عن جامع المقاصد و غيره أنّه المشهور، كما في الجواهر. و عن جمع اعتبار السبعة و منشأ الخلاف اختلاف النصوص.

فمنها: صحيح ابن أبي يعفور: «لا تكون جمعة ما لم يكن القوم خمسة»۱٦ و صحيح زرارة: «لا تكون الخطبة و الجمعة و صلاة ركعتين على أقلّ من خمسة رهط: الإمام و أربعة»۱۷ إلى غير ذلك من الأخبار.

و منها: ما يدل على السبعة كقول الباقر عليه السّلام في صحيح ابن مسلم: «تجب الجمعة على سبعة نفر من المسلمين، و لا تجب على أقلّ منهم: الإمام، و قاضيه، و المدعي حقّا، و المدعى عليه، و الشاهدان، و الذي يضرب الحدود بين يدي الإمام»۱۸، و لكن صحيح الحلبي شاهد للجمع بين الأخبار قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «في صلاة العيدين إذا كان القوم خمسة أو سبعة فإنّهم يجمعون الصلاة كما يصنعون يوم الجمعة»۱۹.

و كذا صحيح زرارة: «قلت لأبي جعفر عليه السّلام: على من تجب الجمعة؟ قال: تجب على سبعة نفر من المسلمين و لا جمعة لأقلّ من خمسة من المسلمين أحدهم الإمام، فإذا اجتمع سبعة و لم يخافوا أمّهم بعضهم و خطبهم»۲0 فيدل المجموع على أنّ عقد الجمعة بكل من العددين صحيح، و بسبعة أفضل من الخمسة، و هذا هو الجمع الشائع في الفقه.

(مسألة ۱): لو نقص العدد في أثناء الخطبة أو بعدها قبل التلبس بالصلاة سقط الوجوب (۳).

لانتفاء المشروط بانتفاء الشرط، مضافا إلى ظهور الإجماع. هذا إذا لم يعد بلا فصل عرفا، و إلا فلا يسقط الوجوب ما لم يطل الفصل بل و إن طال لعدم دليل على اعتبار التوالي بين الصلاة و الخطبة، بل مقتضى الأصل العدم إلا إذا كان بحيث يضرّ بالوحدة عرفا، و لكن الأحوط استيناف الخطبة رجاء.

(مسألة ۲): لو دخلوا في الصلاة و لو بالتكبير وجب الإتمام و لو لم يبق إلا واحد (٤).

لأنّه شرط في الابتداء عندنا كما في كشف اللثام، و عن بعضهم نفي الخلاف فيه، و قريب منه ما في المدارك، و لكنه مشكل لظهور الأدلة في الشرطية مطلقا حدوثا و بقاء فالأحوط أما الإعادة جمعة مع تحقق الشرائط أو الإعادة ظهرا بعد إتمامها جمعة مع عدم تحققها.

(الثالث): الخطبتان (٥) و يجب في كل واحدة منهما الحمد للّه، و الصلاة على النبيّ و آله، و الوعظ، و قراءة سورة خفيفة (٦).

إجماعا، و نصوصا مستفيضة۲۱ و هما شرط الصحة بخلاف العدد، فإنّه شرط الوجوب، فلا تصح الجمعة و لو مع اجتماع سائر الشرائط بدون الخطبة كما لا تصح الظهر من دون إتيان ركعتين منها.

أما اعتبار الحمد، فتدل عليه- مضافا إلى الإجماع- النصوص القولية و الفعلية، و الأصل فيها قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في موثق سماعة: «ينبغي للإمام الذي يخطب بالناس يوم الجمعة أن يلبس عمامة في الشتاء و الصيف و يتردى ببرد يمنية أو عدني و يخطب بالناس و هو قائم يحمد اللّه و يثني عليه ثمَّ يوصي بتقوى اللّه ثمَّ يقرأ سورة من القرآن صغيرة ثمَّ يجلس ثمَّ يقوم فيحمد اللّه و يثني عليه‏

و يصلّي على محمد صلى اللّه عليه و آله، و على أئمة المسلمين و يستغفر للمؤمنين و المؤمنات، فإذا فرغ من هذا أقام المؤذن فصلّى بالناس ركعتين يقرأ في الأولى بسورة الجمعة، و في الثانية بسورة المنافقين»۲۲.

و أما الصلاة على النبيّ صلى اللّه عليه و آله في الخطبة الأولى التي لا ذكر لها في الموثق، فنسب إلى الأكثر، و عن جمع دعوى الإجماع عليه. و أنكر وجوبها السيد رحمه اللّه، لخلوّ الموثق عنها.

و أما الوعظ في الأولى فقد ذكر في الموثق، و نسب إلى المشهور وجوبه في الثانية أيضا.

و أما قراءة سورة صغيرة في الأولى فقد ذكر فيه و نسب إلى المشهور وجوبها في الثانية أيضا، و لا يترك الاحتياط بمتابعة المشهور.

و المناقشة في الموثق باشتماله على جملة من المندوبات فلا وجه، لاستفادة الوجوب منه‏ لا وجه لها، لأنّ استفادة الندب في بعضها إنّما هو لأجل القرائن الخارجية و إلا فهو ظاهر في وجوب الجميع.

(مسألة ۳): الأحوط اعتبار العربية فيهما مع الإمكان، و مع عدمه يجزي بأيّ لفظ أمكن في غير القرآن (۷).

نسب اعتبار العربية فيهما إلى المشهور، و لا دليل لهم إلا التأسي و وجوبه في مثل المقام الذي تكون العربية مقتضى ألسنتهم المباركة عليهم السّلام مشكل، بل ممنوع.

(مسألة ٤): يجب تقديمهما على الصلاة، فلو عكس لم تصح (۸).

و يدل على التقديم مضافا إلى الإجماع نصوص مستفيضة قولية و فعلية۲۳، و يدل على البطلان مع العكس انتفاء المشروط بانتفاء الشرط،

و مقتضاه التعميم بالنسبة إلى العامد و الجاهل و الناسي إلا أن يقال بشمول حديث:

«لا تعاد»۲4 للأخير و فيه تأمل، و لو عكس ثمَّ أتى بجمعة أخرى بعد الخطبتين لا يبعد الإجزاء.

(مسألة ٥): يجب أن يكون الخطيب قائما حين إيراد الخطبة مع القدرة (۹).

إجماعا، و نصوصا منها ما تقدم من موثق سماعة، و أما مع العجز فنسب إلى المشهور سقوطه، بل ادعي الإجماع عليه، و تقتضيه قاعدة الميسور أيضا.

(مسألة ٦): الأحوط اعتبار الطمأنينة فيهما (۱0).

للتأسي، و كونهما بدلا عن الركعتين، و كذا ما يأتي في المسألة التالية من اعتبار الطهارة و نحوها.

(مسألة ۷): يجب الفصل بينهما بجلسة خفيفة (۱۱)، و الأحوط اعتبار الطهارة فيهما، و توجه الناس إلى الخطيب، و عدم التكلم حين الخطبة، و عدم الالتفات عنه بل الإصغاء إليه (۱۲).

إجماعا، و نصوصا مستفيضة، منها: ما تقدم من موثق سماعة، و منها قوله عليه السّلام: «و ليقعد بين الخطبتين»۲٥.

أما كونها خفيفة، فلقوله عليه السّلام: «ثمَّ تجلس قدر ما يمكن هنيئة»۲٦ و في خبر آخر: «قدر ما يقرأ قل هو اللّه أحد»۲۷.

كل ذلك لتنزيل الخطبة منزلة الصلاة في الروايات‏۲۸ و إن أمكنت المناقشة فيها من بعض الجهات.

(مسألة ۸): يجب إسماع العدد المعتبر، بل يعتبر أن يفهموا ما يقوله الخطيب، و مع عدم الفهم يخطب بلغتهم (۱۳).

لأنّه لا وجه لتشريع الخطبة إلا ذلك.

(مسألة ۹): يجزي المسمّى في كل ما يعتبر أن يقال في الخطبة (۱٤).

للأصل، و الإطلاق، و ظهور الاتفاق.

(مسألة ۱۰): لا إشكال في جواز الإتيان بالخطبتين بعد الزوال، و الأحوط عدم الإتيان بهما قبله (۱٥).

المشهور كما عن التذكرة، بل المجمع عليه كما عن الغنية وجوب الإتيان بهما بعد الزوال للسيرة، و لخبر محمد بن مسلم قال: «سألته عن الجمعة فقال: أذان و إقامة يخرج الإمام بعد الأذان فيصعد المنبر فيخطب، و لا يصلّي الناس ما دام الإمام على المنبر-»۲۹.

و عن الشيخ رحمه اللّه في المبسوط، و المحقق في المعتبر، و جمع ممن تأخر عنه جواز الإتيان بهما قبل الزوال أيضا، لقول الصادق عليه السّلام في صحيح ابن سنان: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي الجمعة حين تزول الشمس قدر شراك، و يخطب في الظل الأول، فيقول جبرئيل: «يا محمد قد زالت الشمس فانزل فصلّ»۳0. و يمكن الخدشة فيه: بأنّ المراد بقوله عليه السّلام: «حين تزول الشمس» ليست الأولية الدقية الحقيقية، بل العرفية منها و هي لا تنافي الإتيان بها أول الزوال و المراد بقوله عليه السّلام: «و يخطب في الظل الأول» أي: حين شروع الظل إلى أن يصير مثل الشاخص و المراد بقوله عليه السّلام: «قد زالت الشمس» هو الإخبار بتحقق الزوال حين الشروع في‏

الخطبة، فيكون مفاده الحث على اختصار الخطبة و إتيان الجمعة قبل بلوغ الظل إلى المثل.

(مسألة ۱۱): يجب اتحاد الإمام و الخطيب مع الإمكان (۱٦).

لظواهر كلمات الأصحاب و الأخبار منها ما تقدم من موثق سماعة۳۱.

(مسألة ۱۲): يستحب أن يكون الخطيب فصيحا بليغا مواظبا لمقتضى الحال من الزمان، و المكان، و الحاضرين، عاملا بما يعظ الناس، ليكون وعظه أبلغ تأثيرا في القلوب (۱۷).

) للإجماع، و الاعتبار، و الأخبار۳۲

(الرابع): الجماعة فلا تصح فرادى (۱۸).

بضرورة المذهب، بل الدّين، و هل هي شرط ابتداء أو استدامة؟

يجري هنا ما تقدم في نقص العدد في الأثناء.

(الخامس): أن لا يكون هناك جمعة أخرى و بينهما دون فرسخ (۱۹).

للإجماع، و لقول أبي جعفر عليه السّلام: «يكون بين الجماعتين ثلاثة أميال، يعني لا تكون جمعة إلا فيما بينه و بين ثلاثة أميال و ليس تكون جمعة إلا بخطبة، قال: فإذا كان بين الجماعتين في الجمعة ثلاثة أميال فلا بأس أن يجمع هؤلاء و يجمع هؤلاء»۳۳.

(مسألة ۱۳): تعتبر المسافة من نهاية الجماعة (۲0).

لأنّها المنساق من الأدلة عرفا، فما عن جامع المقاصد من اعتبارها من المسجد إن صلّيت فيه غير ظاهر الوجه.

(مسألة ۱٤): إن سبقت إحداهما و لو بتكبيرة الإحرام- بطلت المتأخرة (۲۱) و إن تقارنتا بطلتا معا (۲۲).

لما عن التذكرة من الإجماع ظاهرا أو صريحا على صحتها و بطلان اللاحقة، و يشهد له تتبع كلمات الأصحاب كما في الجواهر، و لأنّ الأولى وقعت صحيحة جامعة للشرائط، و مقتضى الأصل عدم إبطال المتأخرة لها، فتختص هي بالبطلان، لأنّ الجمع إنّما حصل من ناحيتها و نظير المقام ما سبق في عدم تقدم المرأة على الرجل في مكان المصلّي. و مقتضى الإطلاق عدم الفرق بين العلم و الجهل و السهو و النسيان. و أما كفاية السبق بتكبيرة الإحرام، فيظهر من كشف اللثام الإجماع عليه.

بلا خلاف معتد به- كما في الجواهر- لأنّ الحكم بصحتهما معا مخالف لإطلاق أدلة الاشتراط و صحة إحداهما دون الأخرى ترجيح بلا مرجح، فيتعيّن البطلان فيهما، و مقتضى الإطلاق عدم الفرق بين علمهما معا أو جهلهما معا أو الاختلاف.

فروع- (الأول): المدار في هذا الشرط على الجمعة الصحيحة، فلو تعددت الجمعة في أقل من فرسخ و بطلت إحداهما من جهة من الجهات لا يوجب ذلك بطلان الصحيحة.

(الثاني): لا فرق في هذا الشرط بين الجمعة الواجبة و المندوبة، و ما نسب إلى ابن فهد من عدم اعتباره في المندوبة مخالف للإطلاق و الاتفاق.

(الثالث): لا فرق بين البلدان و القرى، فلو كان بلد مساحته تسع فراسخ يصح انعقاد جمعة في كل رأس فرسخ منها.

(الرابع): لو انعقدت جمعتان في أقلّ من فرسخ و اشتبه السبق و التأخر بينهما يعاد ظهرا على المشهور نقلا و تحصيلا، و عن غاية المرام نفي الخلاف فيه، لقاعدة الاشتغال.

(الخامس): يصح الاعتماد في إحراز عدم السبق على الأمارات و الأصول المعتبرة كما في سائر الأمور الشرعية.

  • سورة الجمعة: ۹.
  • الوسائل باب: 4 من أبواب صلاة الجمعة حديث: ٦.
  • الوسائل باب: ۳ من أبواب صلاة الجمعة حديث: ۲.
  • الوسائل باب: ۳ من أبواب صلاة الجمعة حديث: ۳
  • الوسائل باب: ۱۲ من أبواب صلاة الجمعة حديث: ۱.
  • الوسائل باب: ٦ من أبواب صلاة الجمعة و آدابها حديث: ۸.
  • الوسائل باب: ۲٥ من أبواب صلاة العيد حديث: ۱.
  • وردت الرواية في رسالة الفاضل ابن عصفور.
  • وردت الرواية عن الأشعثيات أو الجعفريات كما في الكتب الفقهية.
  • راجع الوسائل باب: ۱4 من أبواب صلاة الجمعة حديث: ۲. و غيره.
  • سورة الجمعة: ۹.
  • الوسائل باب: 4 من أبواب صلاة الجمعة حديث: ۱.
  • الوسائل باب: ٥ من أبواب صلاة الجمعة حديث: ۱.
  • الوسائل باب: ٥ من أبواب صلاة الجمعة حديث: ۲.
  • الوسائل باب: ۱۱ من أبواب صفات القاضي حديث: ۹.
  • الوسائل باب: ۲ من أبواب صلاة الجمعة حديث: ۸.
  • الوسائل باب: ۲ من أبواب صلاة الجمعة حديث: ۲.
  • الوسائل باب: ۲ من أبواب صلاة الجمعة حديث: ۹.
  • الوسائل باب: ۲ من أبواب صلاة الجمعة حديث: ۳.
  • الوسائل باب: ۲ من أبواب صلاة الجمعة حديث: 4.
  • راجع الوسائل باب: ٦ من أبواب صلاة الجمعة.
  • الوسائل باب: ۲4 و ۲٥ من أبواب صلاة الجمعة حديث: ۱ و ۲.
  • راجع الوسائل باب: ۱٥ من أبواب صلاة الجمعة.
  • الوسائل باب: ۹ من أبواب القبلة حديث: ۱.
  • الوسائل باب: ۱٦ من أبواب صلاة الجمعة حديث: ۲.
  • الوسائل باب: ۲٥ من أبواب صلاة الجمعة حديث: ۱ و ۳.
  • الوسائل باب: ۲٥ من أبواب صلاة الجمعة حديث: ۱ و ۳.
  • الوسائل باب: ٦ من أبواب صلاة الجمعة.
  • الوسائل باب: ۲٥ من أبواب صلاة الجمعة حديث: ۳.
  • الوسائل باب: ۱٥ من أبواب صلاة الجمعة حديث: ۱.
  • تقدم في صفحة: ۸۲.
  • راجع الوسائل باب: 4۷ من أبواب صلاة الجمعة، و راجع أبواب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.
  • الوسائل باب: ۷ من أبواب صلاة الجمعة حديث: ۱.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"