1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. کتاب الصلاة
  10. /
  11. فصل في شرائط إمام الجماعة
يشترط فيه أمور: البلوغ (۱) و العقل (۲)، و الإيمان (۳) و العدالة (٤)، و أن لا يكون‏ ابن زنا (٥)، و الذكورة إذا كان المأمومون أو بعضهم رجالا (٦)، و أن لا يكون قاعدا للقائمين و لا مضطجعا للقاعدين (۷)، و لا من لا يحسن‏ القراءة بعدم إخراج الحرف من مخرجه أو إبداله بآخر أو حذفه أو نحو ذلك حتّى اللحن في الإعراب و إن كان لعدم استطاعته غير ذلك (۸)

للأصل بعد الشك في شمول الإطلاقات له، و في العلويّ المنجبر:

«لا بأس أن يؤذّن الغلام قبل أنّ يحتلم. و لا يؤم حتّى يحتلم، فإن أمّ جازت صلاته و فسدت صلاة من خلفه»۱.

مضافا إلى نفي الخلاف عن عدم الجواز في المنتهى.

و أما خبر طلحة عن جعفر عن عليّ (عليهما السلام): «لا بأس أن يؤذّن الغلام الذي لم يحتلم، و أن يؤم»۲، و نحوه خبر غياث‏۳ فأسقطهما عن الاعتبار قصور سندهما، مع عدم الجابر. مع عدم الجابر مع إمكان الحمل فيه.

و أما موثق سماعة: «تجوز صدقة الغلام و عتقه و يؤم الناس إذا كان له عشر سنين»4.

فيمكن حمله على صورة تحقق الاحتلام في عشر سنين جميعا بينه و بين غيره، مع أنّ المنساق منه تحقق البلوغ في عشر سنين، فيعارض حينئذ ما دلّ على تحديده بإتمام خمسة عشر سنة، مضافا إلى إعراض المشهور عن إطلاقه، فما عن المبسوط، و الخلاف، و نسب إلى الجعفي من صحة إمامة المراهق لا دليل لهم عليه، و لعلّهم أرادوا صورة تحقق الاحتلام عند المراهقة، فلا نزاع حينئذ في البين.

الجنون تارة: يكون باختلال العقل من كل جهة مطلقا. و أخرى: باختلاله في جهة خاصة فقط مع كونه عاقلا في سائر الجهات. و ثالثة: يكون أدواريّا، ففي دور يكون عاقلا مطلقا و في دور آخر يكون بخلافه.

أما الأول، فمقتضى بناء العقلاء و مرتكزاتهم سقوط أفعاله مطلقا فضلا عن إمامته و هو المتيقن من إجماع الفقهاء، و صحيح زرارة: «لا يصلّين أحدكم خلف المجنون و ولد الزنا»٥.

و يشمل ما ذكر للقسم الثاني أيضا، لصدق كونه مجنونا مطلقا. و أما الأخير.

فمقتضى تكليفه و صحة أعماله في دور الإفاقة صحة الاقتداء به أيضا.

و استدلّ للمنع تارة: بإطلاق ما تقدّم من الصحيح. و يرد بأنّ المنساق منه عرفا حال التلبّس بالجنون كغيره من الصفات كيف و يصدق عليه العاقل فعلا.

و أخرى: بأنّه لا يؤمن عليه من عروض الجنون في أثناء الصّلاة. و يرد بأنّه لا دليل على أنّ مجرد احتمال عروض المانع يكون مانعا بل مقتضى المرتكزات عدمه.

و ثالثة: بأنّ من المحتمل احتلامه حال الجنون و بقاء جنابته إلى حال الإفاقة، فلا تصح صلاته حينئذ. و فيه: أنّه منفيّ بالأصل، مع أنّ الكلام فيما إذا أحرز صحة صلاته من كل جهة، فلا دليل لبطلان إمامته.

أي بالمعنى الأخص و هو الاعتقاد بالأئمّة الاثني عشر، و يدل عليه مضافا- إلى الإجماع- نصوص كثيرة، فعن الرضا (عليه السلام):   «لا يقتدى إلّا بأهل الولاية»٦.

و في صحيح زرارة: «سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الصلاة خلف المخالفين، فقال ما هم عندي إلّا بمنزلة الجدر»۷.

و في مكاتبة البرقي إلى أبي جعفر (عليه السلام): «أ تجوز الصلاة خلف من وقف على أبيك و جدك؟ فأجاب لا تصلّ وراءه»۸. ثمَّ إنّه يكفي مجرّد الاعتقاد.

لهم (عليهم السلام) و إن لم يعلم تفصيل تمام الجهات الراجعة إليهم (عليهم السلام).

للنص، و الإجماع، بل اعتبارها في الإمامة من ضروريات المذهب و عن أبي جعفر (عليه السلام):

«لا تصلّ إلّا خلف من تثق بدينه و أمانته»۹ و عن عليّ (عليه السلام):

«الأغلف لا يؤم القوم و إن كان أقرأهم، لأنّه ضيّع من السنّة أعظمها»۱۰.

و عن سماعة: «سألته عن رجل كان يصلّي، فخرج الإمام و قد صلّى الرجل ركعة من صلاة فريضة قال (عليه السلام): إنّ كان إماما عدلا، فليصلّ ركعة أخرى و ينصرف و يجعلها تطوّعا و ليدخل مع الإمام في صلاته، و إن لم يكن إمام عدل، فليبن على صلاته كما هو- الحديث-»۱۱.

فيظهر منه المفروغية عن اعتبار العدالة في الإمامة.

و عن مولانا الرضا (عليه السلام): «لا صلاة خلف الفاجر»۱۲ و في صحيح ابن يعفور: «بم يعرف عدالة الرجل» فما عن المستند من: «إنّي لم أعثر إلى الآن على خبر مشتمل على لفظ العدالة أو عدم جواز الاقتداء بالفاسق» مخدوش بما مرّ من ذكرها بنفسها و بلوازمها العرفية و الشرعية.

ثمَّ إنّ البحث في العدالة يقع في أمور:

الأول‏- إنّها من أهم الكمالات الواقعية للنفوس الإنسانية و هي الجهاد الأكبر الذي تكون مجاهدة الأنبياء و خلفاؤهم للكفار و الطغاة مقدمة لحصولها في النفوس فيستكمل بها دينهم و دنياهم، و يكون كل علم و كمال نفسي مع عدمها ضائعا في الآخرة كما ثبت ذلك كله في محلّه.

الثاني: العدالة- كالشجاعة و السخاوة و نحوها- من الصفات النفسانية المعروفة لدى العقلاء كافة، لأنّ لكل قوم عادل و فاسق في جميع الملل و الأديان، و ليست من الأمور التعبّدية الشرعية حتّى نحتاج في فهم حقيقتها من المراجعة إلى الشارع. نعم، متعلق العدالة في شرعنا يكون الأحكام الشرعية كما أنّه في سائر الشرائع و الملل يكون من أحكامها. و يترتب على تحقق هذا الموضوع آثار و أحكام في شرعنا كترتّبها عليه في سائر الأديان بحسب ما عندهم من الأحكام و الآثار، و إذا راجعنا العقلاء يقولون: إنّ العدالة الاستقامة في التحفظ على ما هو القانون الديني و العمل به، فيكون معناها في شرعنا الاستقامة في الإتيان بالواجبات و ترك المحرّمات بأن يكون معتنا بدينه و مهتمّا به، فلا يكون مجرّد ترك المحرّمات و إتيان الواجبات أحيانا من العدالة في شي‏ء، لأنّها أخصّ من ذلك عند العرف و المتشرعة بل في الواقع أيضا، لأنّ هذا من الحالات، و العدالة من الصفات الراسخة في النفس كالشجاعة و غيرها.

الثالث: إنّها أمر وجوديّ- كما أنّ الفسق أيضا كذلك- لشهادة العرف و الاعتبار بذلك كما هو معلوم، فتكون النسبة بينهما التضاد لا العدم و الملكة، أو السلب و الإيجاب. مع أنّه لا أثر عمليّا في هذا النزاع أصلا إلّا بناء على صحة الاقتداء بالمجهول. و ظاهر النص و الفتوى خلافه.

الرابع: هل العدالة شرط أو الفسق مانع؟ يمكن استفادة كل منهما من ظواهر الأدلّة- الواردة في خصوص المقام- فيدل على الأول قوله صلّى اللّه عليه و آله: «لا تصلّ إلّا خلف من تثق بدينه»۱۳، بناء على أنّه عبارة أخرى عن العدالة عرفا. و يدل على الثاني قوله (عليه السلام): «لا صلاة خلف الفاجر»۱4.

و لكن المنساق من الأدلّة- خصوصا صحيحة ابن أبي يعفور- الأول، فيحمل الثاني على التأكيد بالسنة مختلفة، كما هو عادة الأئمة (عليهم السلام) في مقام بيان الاهتمام بالشي‏ء.

ففي صحيح ابن أبي يعفور قال: «قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): بم يعرف عدالة الرجل بين المسلمين حتّى تقبل شهادته لهم و عليهم؟ فقال: أن تعرفوه بالستر و العفاف و كفّ البطن و الفرج و اليد و اللسان و يعرف باجتناب الكبائر التي أوعد اللّه عليها النار من شرب الخمر، و الزنا، و الربا، و عقوق الوالدين، و الفرار من الزحف، و غير ذلك، و الدلالة على ذلك كلّه أن يكون ساترا لجميع عيوبه، حتّى يحرم على المسلمين ما وراء ذلك من عثراته و عيوبه و تفتيش ما وراء ذلك، و يجب عليهم تزكيته و إظهار عدالته في الناس، و يكون منه التعاهد للصلوات الخمس إذا واظب عليهنّ و حفظ مواقيتهنّ بحضور جماعة المسلمين.

و أن لا يتخلّف عن جماعتهم في مصلاهم إلّا من علّة، فإذا كان كذلك لازما لمصلاه عند حضور الصلوات الخمس، فإذا سئل عنه في قبيلته و محلّته قالوا: ما رأينا منه إلّا خيرا مواظبا على الصّلوات متعاهدا لأوقاتها في مصلاه، فإنّ ذلك يجيز شهادته و عدالته بين المسلمين، و ذلك أنّ الصّلاة ستر و كفارة للذنوب، و ليس يمكن الشهادة على الرجل بأنّه يصلّي إذا كان لا يحضر مصلّاه و يتعاهد المسلمين، و إنّما جعل الجماعة و الاجتماع إلى الصّلاة، لكي يعرف من يصلّي ممن لا يصلّي، و من يحفظ مواقيت الصّلاة ممن يضيع، و لو لا ذلك لم يمكن لأحد أن يشهد على آخر بصلاح، لأنّ من لا يصلّي لا صلاح له بين المسلمين فإنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) همّ بأنّ يحرق قوما في منازلهم لتركهم الحضور لجماعة المسلمين، و قد كان فيهم من يصلّي في بيته فلم يقبل منه ذلك، و كيف يقبل شهادة أو عدالة بين المسلمين ممن جرى الحكم من اللّه عزّ و جل و من رسوله (صلّى اللّه عليه و آله) فيه الحرق في جوف بيته بالنار، و قد كان يقول: «لا صلاة لمن لا يصلّي في المسجد مع المسلمين إلّا من علّة»۱٥.

مع أنّ الظاهر أنّ العدالة في جميع موارد اعتبارها بمعنى واحد- كالقاضي و المفتي و الشاهد- و لا ريب في ظهور الأدلّة في كون العدالة شرطا فيها لا أن يكون الفسق مانعا. و الظاهر أنّ المقام أيضا مثل سائر موارد اعتبارها، مضافا إلى أنّ هذا

النزاع لغو بناء على أنّ المراد بالعدالة الصفة الراسخة في النفس دون مجرّد الحالة كما لا يخفى، مع أنّ هذا النزاع لا ثمرة عملية له أيضا إلّا بناء على صحة الائتمام بالمجهول و هو لا يجوز نصّا و إجماعا.

ففي خبر حماد المنجبر عن الصادق (عليه السلام) قال: «لا تصلّ خلف الغالي و إن كان يقول بقولك، و المجهول، و المجاهر بالفسق و إن كان مقتصدا»۱٦، و عنه (عليه السلام): «ثلاثة لا يصلّي خلفهم: المجهول، و الغالي- الحديث-»۱۷.

و أما خبر عبد الرحيم القصير قال: «سمعت أبا جعفر (عليه السلام): يقول:

إذا كان الرجل لا تعرفه يؤم الناس فيقرأ القرآن فلا تقرأ و اعتد بقراءته (بصلاته)»۱۸ فيجب حمله على ما إذا حصل الوثوق بعدالته من إئتمام الناس به.

إن قلت: بأصالة عدم صدور الفسق تثبت العدالة.

قلت: لا ريب في كونه من الأصول المثبتة. نعم، لو كان سابقا عادلا و شك في بقائها يجري استصحاب العدالة و يترتب عليها الأثر، و كذا لو رأينا منه معصية و شك في أنّه معذور في ارتكابها أم لا، فإنّ أصالة الصحة تثبت العدالة بناء على أنّها حجة في لوازمها أيضا، فتثبت في الموردين العدالة الشرعية و لا ربط لها بصحة الاقتداء بالمجهول لثبوت العدالة في موردهما شرعا و هو كالثبوت بسائر الأمارات المعتبرة.

الخامس: تقدم أنّها صفة واقعية نفسانية كسائر الصفات النفسانية و لا ريب في أنّ طريق معرفة الصفات النفسانية إنّما يكون بآثارها الخارجية إذ لا طريق إلى معرفة الواقعيات إلّا بعلم الغيب الذي هو منحصر باللّه تعالى، و بمن يفيضه إليه كما أنّها تعلم بآثارها التي هي من الطرق العرفية العادية للعلم بالواقعيات. بل عامة الناس لا يعرفون الواقعيات إلّا من الآثار الظاهرية. و قد اختلف الفقهاء (رحمهم اللّه) في طريق معرفة العدالة على أقوال:

الأول: ما نسب إلى الشيخ (قدّس سرّه) من كفاية ظهور الإسلام في إحراز العدالة ما لم يعلم الخلاف و هذا هو المشهور بين العامة، و استدلّ عليه تارة:

بالإجماع القولي و العملي. و يرد الأول: بأنّ خلافه مظنة الإجماع‏ و الثاني: بأنّ سيرة الأئمة (عليهم السلام) و الخواص كانت على عدم ترتيب آثار العدالة بمجرّد ظهور الإسلام، بل كان النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) يتفحّص في الشاهد.

فعن الحسن بن عليّ العسكريّ (عليهما السلام) في تفسيره عن آبائه عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) قال: «كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) إذا تخاصم إليه رجلان قال للمدّعي: أ لك حجة؟ فإن قدم بينة يرضاها و يعرفها أنفذ الحكم على المدّعى عليه، و إن لم يكن له بيّنة حلّف المدّعى عليه باللّه ما لهذا قبله ذلك الذي ادّعاه و لا شي‏ء منه، و إذا جاء بشهود لا يعرفهم بخير و لا شر قال للشهود: أين قبائلكما؟ فيصفان، أين سوقكما؟ فيصفان، أين منزلكما؟ فيصفان، ثمَّ يقيم الخصوم و الشهود بين يديه ثمَّ يأمر فيكتب أسامي المدّعي و المدّعي عليه و الشهود، و يصف ما شهدوا به، ثمَّ يدفع ذلك إلى رجل من أصحابه الخيار، ثمَّ مثل ذلك إلى رجل آخر من خيار أصحابه، ثمَّ يقول: ليذهب كل واحد منكما من حيث لا يشعر الآخر إلى قبائلهما و أسواقهما و محالّهما و الربض الذي ينزلانه، فيسأل عنهما.

فيذهبان و يسألان، فإن أتوا خيرا و ذكروا فضلا رجعوا إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، فأخبراه، أحضر القوم الذي أثنوا عليهما، و أحضر الشهود، فقال للقوم المثنين عليهما: هذا فلان بن فلان و هذا فلان بن فلان أ تعرفونهما؟ فيقولون: نعم، فيقول: إنّ فلانا و فلانا جاءني عنكم فيما بيننا بجميل و ذكر صالح أ فكما قالا؟ فإن قالوا: نعم، قضى حينئذ بشهادتهما على المدّعي عليه، فإن رجعا بخبر سيّئ و ثناء قبيح دعا بهم، فيقول: أ تعرفون فلانا و فلانا؟ فيقولون: نعم، فيقول: اقعدوا حتّى يحضرا، فيقعدون فيحضرهما فيقول للقوم: أ هما هما؟ فيقولون: نعم، فإذا ثبت عنده ذلك لم يهتك سترا بشاهدين و لا عابهما و لا وبخهما، و لكن يدعو الخصوم إلى الصلح، فلا يزال بهم حتّى يصطلحوا لئلّا يفتضح الشهود، و يستر عليهم.

و كان رؤوفا رحيما عطوفا على أمّته، فإن كان الشهود من أخلاط الناس غرباء لا يعرفون و لا قبيلة لهما و لا سوق و لا دار أقبل على المدّعى عليه فقال: ما تقول فبهما؟ فإن قال: ما عرفنا إلّا خيرا غير أنّهما قد غلطا فيما شهدا عليّ أنفذ شهادتهما، و إن جرحهما و طعن عليهما أصلح بين الخصم و خصمه و أحلف المدّعى عليه و قطع الخصومة بينهما»۱۹.

بل كان عند القضاة جمع خاص لتوثيق من يرد عليهم من الشهود في الخصومات كما لا يخفى على من راجع التواريخ.

و أخرى: بأصالة عدم صدور الفسق، و أصالة الصحة. و يرد: بأنّ العدالة- كما تقدم- صفة خاصة و إثباتها بأصالة عدم صدور الفسق، و أصالة الصحة، من الأصل المثبت، و مقتضى أصالة الصحة في فعل الغير هو عدم ترتب آثار الفساد لو احتمل الفعل الصادر منه للصحة و الفساد، و أما إثبات العدالة بها فهو ممنوع- كما هو معلوم.

و ثالثة: بلزوم الحرج لو لم يكتف به. و يرد بعدم لزومه كما هو واضح.

و رابعة: بإطلاق مثل قوله تعالى‏ وَ اسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ‏۲۰.

و يرد: بأنّه لا بد من تقييده بما دل على اعتبار العدالة في الشاهد.

و خامسة: بجملة من الأخبار- و هي العمدة- مثل قول أبي عبد اللّه (عليه السلام) في خبر علقمة: «كلّ من كان على فطرة الإسلام جازت شهادته»۲۱، و قول عليّ (عليه السلام): «اعلم أنّ المسلمين عدول بعضهم على بعض»۲۲ و ما ورد من الرضا (عليه السلام): في قبول شهادة الناصبي‏۲۳ إلى غير ذلك مما ذكر في المطوّلات.

و يرد أولا: بقصور سندها و عدم الجابر له.

و ثانيا: بلزوم تقييدها بصحيح ابن أبي يعفور۲4 الذي هو من محكمات‏

أخبار الباب سندا و متنا، و لا بد من إرجاع غيره إليه، أو تأويله أو طرحه.

و ثالثا: بأنّ جلّ هذه الأخبار لو لا كلّها في مقام الترغيب إلى الجماعة و الترهيب عن تركها، و في مقام دفع الوساوس النفسانية التي تحصل لكلّ أحد بتشكيك شياطين الإنس و الجنّ، فرفع الشارع عذر الجميع بمثل هذه الأخبار- التي صدرت لدفع الوسواس و رفعها- لا لبيان تحديد معنى العدالة شرعا، بل هي باقية على معناها العرفي و اللغوي كما لا يخفى.

و رابعا: بأنّ ما دلّ على الصّلاة خلف الناصبي‏۲٥ محمول على التقية قطعا.

ثمَّ إنّه يمكن حمل قول من ذهب: إلى كفاية الإسلام في العدالة على العمل بالوظائف الإسلامية التي جاء بها الشارع و لا ريب في تحقق العدالة حينئذ، بل قد يكون ذلك فوق مرتبة العدالة.

الثاني: كفاية حسن الظاهر مطلقا و نسب ذلك إلى المشهور.

الثالث: بشرط إفادة الظن.

الرابع: بشرط حصول الوثوق. و ربما يتوهّم أنّ هذه الأقوال في نفس العدالة من حيث هي، و لكن المتأمل فيها يرى أنّها في الكاشف عنها و المعرّف لها لا في نفسها. نعم، من حيث الملازمة الغالبية بين واقع العدالة و حسن الظاهر عبّروا بذلك لا أن يكون ذلك حدّا منطقيا أو تحديدا تعبّديا شرعيا، أو يكون ذلك من الموضوعات المستنبطة التي يرجع فيها إلى الفقهاء، بل العدالة مثل سائر الموضوعات العرفية التي يعرفها العرف بعد الاطلاع عليها و على آثارها كالمحبة و العلاقة و العداوة، بل تكون مثل الحرف و الصنائع كالتجارة و الزراعة و الحياكة و نحوها مما تعرف بآثارها و لوازمها العرفية و كذا العدالة صفة نفسانية واقعية التي آثارها ما فصل في صحيح ابن أبي يعفور على ما تقدم‏۲٦، و يشهد بذلك عرف المتشرّعة أيضا، و سياق جملة من فقراته يدل أنّه لا موضوعية لحسن الظاهر من حيث هو، بل هو من طرق استكشاف تلك الصفة الواقعية النفسانية، فراجع و تأمّل.

ثمَّ إنّه استدلّ للقول الثاني بما مرّ من خبر علقمة، و خبر الأمالي:

«من صلّى خمس صلوات في اليوم و الليلة في جماعة، فظنوا به خيرا»۲۷ و في مرسل يونس: «إذا كان ظاهر الرجل ظاهرا مأمونا جازت شهادته و لا يسأل عن باطنه»۲۸.

فيكون مجرد حسن الظاهر أمارة تعبّدية كسائر الأمارات التعبّدية الشرعية غير المقيّدة بالظن كسوق المسلمين و أرضهم و نحوهما.

و فيه أولا: قصور السند فلا تصلح للاعتماد.

و ثانيا: يمكن حملها على صورة حصول الظن العادي كما هو الغالب.

و ثالثا: يجب تقييده بما تقدم من صحيح ابن أبي يعفور بكونه من أهل الستر و العفاف، و كونه بحيث إذا سئل عنه في قبيلته و محلّته قالوا: «ما رأينا منه إلّا خيرا».

و بالجملة صحيح ابن أبي يعفور شارح لجميع ما ورد من الأخبار في العدالة فلا وجه للأخذ بها مع قطع النظر عنه، و لا ريب في كونه أخص من الجميع، و قد مرّ بعض ما يتعلّق به في الاجتهاد و التقليد، فراجع إذ لا يتم المقام بدون مراجعته.

و استدلّ للثالث‏ بأنّ المنساق من مجموع الأدلّة بقرينة مرتكزات المتشرعة في خصوص الائتمام و الاقتداء إنّما هو صورة حصول الظنّ و هو حسن إن أريد به الظنّ العادي الذي هو عبارة عن الوثوق فيتّفق جميع الأخبار حينئذ على معنى واحد.

و استدل للرابع‏ بقوله (عليه السلام): «لا تصلّ إلّا خلف من تثق بدينه و أمانته»۲۹، فإنّ ظهوره في دوران الائتمام مدار حصول الوثوق مما لا ينكر، و المنساق من صحيح ابن أبي يعفور بعد التأمّل في جميع فقراته أيضا ذلك، لأنّ من ملازمة الستر و العفاف و المواظبة على الصلاة و قول أهل القبيلة و المحلّة ما رأينا منه إلّا خيرا يحصل الوثوق قهرا.

و دعوى: أنّ سائر الأخبار حاكمة على الصحيح. مخدوشة إذ المقام مقام للتقييد لا الحكومة، و يمكن الجمع بين الأخيرين بدعوى أنّ للوثوق مراتب متفاوتة يكفي أدناها و هي مساوقة الظن العادي غالبا، بل و لحسن الظاهر أيضا مراتب و أدنى مراتب الوثوق المساوق لها كاف في المقام، لعموم الابتلاء و لو اعتبرت المراتب الأخرى لصعب حصولها، بل ربما أوجب إثارة الوسواس في أذهان العوام، و لعلّ المشهور اكتفوا بمجرّد حسن الظاهر من جهة ملازمته نوعا لحصول هذه المرتبة من الوثوق، و لم يصرّحوا بلفظ الوثوق دفعا لوساوس العوام و تشكيكاتهم، فاتبعوا إعمال هذه النكتة المستفادة من الروايات أيضا فجزاهم اللّه تعالى خيرا.

السادس: المعروف بين الإمامية أنّ العدالة صفة نفسانية باعثة على ترك الكبائر التي منها الإصرار على الصغائر و ترك منافيات المروّة.

أما اعتبار اجتناب الكبائر، فيدل عليه قوله (عليه السلام) فيما تقدم من صحيح ابن أبي يعفور: «و يعرف باجتناب الكبائر التي أو عد اللّه عليها النار»۳۰.

و أما كون الإصرار على الصغائر من الكبائر، فيدل عليه- مضافا إلى الإجماع- قول الرضا (عليه السلام) في صحيح ابن شاذان الوارد في تعداد جملة من الكبائر: «الاشتغال بالملاهي و الإصرار على الذنوب،۳۱، و قول الصادق (عليه السلام) في خبر ابن مسلم الوارد في تعداد جملة منها: «و ضرب الأوتار و الإصرار على صغائر الذنوب»۳۲.

و أما اعتبار ترك منافيات المروّة فيها، فاستدل عليه تارة: بالإجماع. و يرد بعدم تحققه.

و أخرى: بما مرّ في صحيح ابن أبي يعفور من قوله (عليه السلام): «أن تعرفوه بالستر و العفاف، و كفّ البطن و اليد و الفرج و اللسان و الدلالة على ذلك كلّه أن يكون ساترا لجميع عيوبه» بدعوى: أنّ المراد بالعيوب كل ما كان عيبا و لو لم يكن محرّما شرعا.

و يرد: بأنّ المنساق منه الستر و العفاف و الكفّ بالنسبة إلى محرّمات الشريعة لا أن يكون في مقام بيان معنى آخر و مجرّد الاحتمال لا يصلح للاستدلال ما لم يكن ظهور عرفيّ في البين.

و ثالثة: بمثل قوله (عليه السلام): «لا دين لمن لا مروّة له»۳۳.

و يرد: بأنّ للمروءة مراتب متفاوتة، فيكون لعدمها أيضا كذلك، لأنّها مساوقة للإنسانية و الشخصية و لا ريب في كونها ذات مراتب أيضا فبعض المراتب مساو لعدم الديانة و ليس الكلام فيه، بل فيما إذا كان الشخص آتيا بالواجبات و تاركا للمحرّمات، و لكن ارتكب ما ينافي شخصيته- مثلا- مع عدم انطباق عنوان آخر عليه يوجب الحرمة أصلا، و لا يمكن إثبات اعتباره في العدالة بما مرّ من الأدلّة.

ثمَّ إنّه قد قيل في ضابطة منافيات المروّة وجوه: لعل أحسنها أنّها صيانة النفس عن الأدناس و عما يشينها عند الناس، و الظاهر اختلافها باختلاف الأماكن و الأزمان و الأشخاص، فقد يكون شي‏ء في زمان، أو في مكان، أو بالنسبة إلى شخص منافيا لها، مع أنّه في غيره ليس كذاك. و يمكن جعل النزاع لفظيا، فمن اعتبر عدم منافيات المروّة أي فيما إذا كان ارتكابها كاشفا عن عدم الديانة، و من لم يتعرّض لها و تركها أي: فيما إذا لم تكن كاشفة عنه.

و بعبارة أخرى: لا موضوعية لاعتبار منافيات المروّة، بل هي طريقيّ محض.

ثمَّ إنّهم (قدست أسرارهم) مثّلوا لمنافيات المروّة بأمثلة كثيرة في بحث الجماعة، و كتاب القضاء، و كتاب الشهادة. و نحن نذكر جملة منها و هي:

۱-: لبس الفقيه لباس الجندي. ۲-: مد الرجلين في مجالس الناس.

۳-: الإكثار من الحكايات المضحكة. ٤-: الخروج من حسن العشرة في الأهل و الجيران و المعاملين. ٥-: المضايقة في الأشياء اليسيرة الذي لا يستقضي فيه.

٦-: ابتذال الشخص نفسه بلا رجحان ديني. ۷-: تقبيل الشخص حليلته بين الناس. ۸-: الأكل في الأسواق. ۹-: المشي في الشوارع مكشوف الرأس.

۱۰-: لبس الثياب المصبغة كالنساء- إلى غير ذلك مما لا تحصى المختلفة باختلاف الأزمنة و الأمكنة و الأشخاص و الأغراض.

ثمَّ إنّه إذا كان الغرض من ارتكاب بعض منافيات المروّة إلهيّا من دون قصد تدليس و لا التباس لا يعد ذلك من المنافي عند الناس، و قال في الجواهر- و نعم ما قال-: «إنّ أولياء اللّه يقع منهم كثير من الأشياء التي ينكرها الجهلة». و ورد عن النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) أنّه كان يركب الحمار العاري و يردف خلفه‏۳4، و يأكل ماشيا إلى الصّلاة بمجمع من الناس في المسجد۳٥، و كان (صلّى اللّه عليه و آله) يحلب الشاة بيده‏۳٦، و ورد عن علي (عليه السلام): في سياق ذلك ما ملأ كتب الفريقين، و ما ذلك إلّا لأجل غلبة الجهات الواقعية على الأغراض و الجهات الدنيوية الفاسدة الزائلة، فصار ترك اعتنائهم بالدنيا مثالا لكل من تعلّق قلبه بالملإ الأعلى.

ثمَّ إنّه قد ورد في أخبارنا لفظ المروءة، و لكنّها ليس بما تعرض له الفقهاء.

فعن عليّ (عليه السلام): «و أما المروّة فاصطلاح المعيشة»۳۷، و عن الرضا (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله): «ستة من المروّة، ثلاثة منها في الحضر، و ثلاثة منها في السفر، فأما التي في الحضر، فتلاوة القرآن، و عمارة المسجد، و اتخاذ الإخوان. و أما التي في السفر، فبذل الزاد، و حسن الخلق، و المزاح في غير معاصي اللّه»۳۸.

السابع: لا ريب في اختلاف المعاصي في الجملة كتابا و سنّة، و إجماعا و وجدانا قال تبارك و تعالى‏ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ‏۳۹ و نرى بالوجدان التفاوت بين النظر إلى الأجنبية و لمسها و تقبيلها،

و الزنا بها، و النصوص أيضا وافية بذلك- فراجع أبواب جهاد النفس من الوسائل- إنّما الكلام في أنّ الجميع كبيرة و التفاوت بأكبرية البعض عن بعض آخر كما عليه جمع و قد ورد: «أنّ كل ذنب عظيم» أو أنّ التفاوت بأنّ بعضها كبيرة و بعضها صغيرة- كما هو المعروف بين الفقهاء (رحمهم اللّه) و جمع من محققي علماء الأخلاق- فهل يكون هذا التفاوت من باب الوصف بحال المتعلق- كما عن بعض- فالنظر إلى الأجنبية إن صدر من العامي صغيرة، و إن صدر من الفقيه- أو ممن ربّي في بيت النبوّة و الإمامة أو الفقاهة- كبيرة، فيكون التوصيف بها باعتبار حال المرتكب لا نفس المعصية كما يشهد به ما ورد في نساء النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) ، و ورد في تشديد الأمر على العالم و أنّه «يغفر للجاهل سبعون ذنبا قبل أن يغفر للعالم ذنب واحد». أو أنّ التوصيف باعتبار الذات، فيكون ذات المعصية على قسمين كما عليه المشهور، و هو الحق المنساق من الأدلّة عرفا.

نعم، يتأكد ذلك بحسب الأشخاص، بل الأزمنة و الأمكنة كما يأتي في أحكام التعزير إن شاء اللّه تعالى، و يمكن جعل النزاع لفظيا فكل ذنب بل كل خاطرة يكرههما اللّه تعالى كبيرة بالنسبة إلى عظمة اللّه تعالى غير المتناهية و لكن من حيث إنّه تعالى منّ على عباده و سهّل عليهم بتفصيل نواهيه كبيرة و صغيرة و لمما، و جعل الأخيرين مكفرة مع اجتناب الأولى، فالقسمة إليهما تحصل من هذه الجهة كما سهل تعالى على العباد في امتثال التكاليف امتثالا ظاهريا و لو بحسب القواعد التسهيلية الامتنانية.

الثامن: كليات الكبائر لا تخلو عن أقسام:

الأول: ما ورد النص بكونها كبيرة و قد أنهاها بعض إلى خمسين تقريبا، و عن المحقق الأردبيلي الزيادة على ذلك فراجع كتاب الجهاد من الوسائل، و صلاة الجماعة و الشهادة من الجواهر.

الثاني: ما ورد التوعيد عليه بالنار في الكتاب و السنّة

لقولهم (عليهم السلام): «إنّ الكبيرة كلّ ما توعد اللّه عليها النار»، بلا فرق بين كون ذلك بالصراحة أو الظهور العرفي مطلقا.

الثالث: ثبوت كونه أعظم من الكبائر المنصوصة أو عما أو عد عليه بالنار كقوله تعالى‏ وَ الْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ‏44، و قوله (عليه السلام): «الغيبة أشدّ من الزنا»، و ما ورد في الرياء و غير ذلك مما لا يحصى، فيستفاد كونه كبيرة حينئذ بالملازمة العرفية.

الرابع: كونه عظيما عند أهل الشرع بحسب المرتكزات الشرعية المنتهية إلى أهل بيت العصمة (عليهم السلام)، و ذلك يختلف باختلاف الأشخاص و الأزمان كما لا يخفي.

الخامس: ورود النص بعدم الائتمام به، أو عدم قبول شهادته مع ارتكابه له، أو اعتقاده به كعدم الائتمام بمن يقول بالتجسم‏ و نحو ذلك. و هذه جملة من صغريات هذه الأقسام.

۱-: الإشراك باللّه العظيم ۲-: إنكار ما أنزله تعالى ۳-: اليأس من روح اللّه ٤-: الأمن من مكر اللّه ٥-: الكذب على اللّه تعالى و على الرسول و أوصيائه ٦-: محاربة أوليائه تعالى ۷-: قتل النفس ۸-: عقوق الوالدين ۹-: أكل مال اليتيم ظلما ۱۰-: قذف المحصنة ۱۱-: الفرار من الزحف ۱۲-: قطع الرّحم ۱۳-: الزنا ۱٤-: اللواط ۱٥-: شرب الخمر ۱٦-: السّرقة ۱۷-: اليمين الغموس ۱۸-: كتمان الشهادة ۱۹-: شهادة الزور ۲۰-: نقض العهد ۲۱-:

السحر ۲۲- الحيف في الوصيّة ۲۳- أكل الرّبا ۲٤-: أكل السحت ۲٥-: القمار ۲٦-: أكل الميتة ۲۷-: أكل الدم ۲۸-: أكل لحم الخنزير ۲۹-: أكل ما أهلّ لغير اللّه ۳۰-: البخس في المكيال و الميزان ۳۱-: التعرب بعد الهجرة ۳۲-:

معونة الظالمين ۳۳-: الركون إلى الظالمين ۳٤-: حبس الحقوق من غير عذر

۳٥-: التكبّر ۳٦-: الإسراف ۳۷-: التبذير ۳۸-: الخيانة ۳۹-: الغيبة 4۰-: النميمة 4۱-: الاشتغال بالملاهي 4۲-: الاستخفاف بالحج 4۳-: ترك الصلاة 4٤-: منع الزكوات 4٥-: الإصرار على الصغائر 4٦-:

الفتنة 4۷-: الغناء عملا و استماعا 4۸-: قطيعة الرّحم 4۹-: المكر و الغدر و الخديعة ٥۰-: الرياء ٥۱-: إيذاء المؤمنين و احتقارهم و الاستهزاء و السخرية بهم ٥۲-: كون الشخص ذا وجهين و ذا لسانين ٥۳-: الشماتة بالمؤمن ٥٤-: عدم إعانة من استعان به من إخوانه و منعه الحاجة التي أرادها مع التمكن ٥٥-:

مجالسة أهل المعاصي ٥٦-: الاستمناء إلى غير ذلك مما لم يستقصي في الفقه و إنّما تعرّضوا للأحاديث الدالّة عليها في كتب الحديث‏ و تعرّض لها الخاصة و العامة في كتب الأخلاق.

التاسع: تقدّم أنّ الإصرار على الصغيرة من الكبائر و هو عرفا المداومة و الإقامة على الشي‏ء خارجا، فلا يتحقق بمجرد العزم على الإتيان- كما نسب إلى القاموس- و لا بمجرّد ترك الاستغفار- كما يظهر من بعض الأخبار:

فعن أبي جعفر (عليه السلام): «الإصرار أن يذنب الذنب، فلا يستغفر اللّه و لا يحدّث نفسه بالتوبة».

و في النبوي: ما أصرّ من استغفر و إن عاد في اليوم سبعين مرّة»٥۰، و ذلك لعدم اعتبار قول القاموس مع مخالفته للأصل و العرف و لسائر اللغويين، و قصور الخبر سندا و دلالة لأنّه بناء على توقف عدم الإصرار على الاستغفار لا يكون فرق حينئذ بين الصغيرة و الكبيرة لمحو الكبيرة بالاستغفار أيضا، لقولهم (عليهم السلام): «لا كبيرة مع الاستغفار و لا صغيرة مع الإصرار»٥۱، مع أنّ في احتياج الصغيرة إلى الاستغفار نظر، بل منع لمحوها باجتناب الكبائر كما يأتي.

و يمكن أن يقال: إنّ الإصرار مراتب متفاوتة يتحقق بعض مراتبها بالعزم و بعضها بالمداومة و الإقامة على المعصية، و ما هو من الكبائر خصوص الأخير فقط دون الأول، و مع الشك فمقتضى الأصل عدم تحقق الإصرار و عدم عروض عنوان الكبيرة إلّا بالنسبة إلى المتيقن و هو الأخير أيضا.

ثمَّ إنّ الفرق بين الاستغفار للصغيرة و الاستغفار للكبيرة أنّ الأوّل لدفع أن تصير الصغيرة كبيرة، و الثاني لرفع الكبيرة. و بعبارة أخرى: إنّ الأول لسقوط اقتضاء المقتضي، و الثاني لرفع الأثر الفعلي.

العاشر: الكبائر متفاوتة فيما بينها قال تعالى‏ وَ الْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ‏٥۲، و قال الصادق (عليه السلام): «أكبر الكبائر سبع: الشرك باللّه العظيم، و قتل النفس التي حرّم اللّه إلّا بالحق، و أكل أموال اليتامى، و عقوق الوالدين، و قذف المحصنات، و الفرار من الزحف، و إنكار ما أنزل اللّه عزّ و جل- الحديث-»٥۳.

كما أنّ ملكة العدالة متفاوتة شدة و ضعفا و هي ما تحصل بالتدريج كما تزول بالتدريج أيضا، فكلّ مرتبة تكون راسخة في النفس في الجملة تسمّى ملكة و إن أمكن اشتدادها إلى مرتبة أشدّ منها و يكفي في العدالة صرف وجودها، لعدم الدليل على اعتبار أزيد منه، إذ ليس لهذا اللفظ في الأخبار و كلمات القدماء عين و لا أثر.

الحادي عشر: محو الذنوب و تكفيرها يتحقق بأمور:

منها: الآلام و المحن، و المصائب، و فقد الأولاد، و حتّى الخدشة التي تصيب الإنسان، و الرؤيا التي توجب تأثير الشخص، فضلا عن سكرات الموت و غير ذلك مما لا يحصى و لا يستقصي، و قد دلّت عليها النصوص الكثيرة بل المتواترة٥4 و هي من أقوى موجبات التكفير كما لا يخفى على من راجع الأخبار.

و منها: الاستغفار من الملائكة، لقوله تعالى‏ وَ الْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ‏٥٥، و استغفار النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله)

و الإمام حين عرض الأعمال عليهما في كلّ صباح أو في كلّ يوم خميس، و يوم اثنين كما تدل عليه روايات كثيرة، بل مستفيضة٥٦، و استغفار المؤمنين الذي يكون أقرب إلى الاستجابة من استغفار العاصي لنفسه، ففي الخبر. «لا تحقّروا دعوة أحد فإنّه يستجاب لليهودي و النصراني فيكم و لا يستجاب لهم في أنفسهم»٥۷.

و منها: غفران اللّه جلّ جلاله تفضلا في الأيام و الليالي المتبركة- كشهر رمضان و أيام عرفة و نحوها كما في أخبار كثيرة٥۸.

و منها: الحسنات فإنّها يذهبن السيّئات كتابا و سنّة٥۹.

و منها: اجتناب الكبائر، فإنّه يوجب محو الصغائر، لقوله تعالى‏ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ‏٦۰.

و منها: الشفاعة بمراتبها الكثيرة الوسيعة من شفاعة النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) و أوصيائه و المؤمنين كتابا و سنّة متواترة٦۱، بل بالضرورة في الجملة و هناك أمور أخرى- غير ما ذكرناه- كما لا يخفى.

إن قلت: مع هذه الأمور التي توجب المحور لا يبقى موضوع لندم العاصي و توبته، مع أنّه لا ريب في وجوبها و قد ورد في الترغيب إليه ما لا يحصي‏٦۲.

قلت: للمغفرة مراتب كثيرة يمكن عدم حصول بعض مراتبها إلّا بتوبة نفس العاصي مع قدرته عليها، مع أنّ غفران الكبائر متعلّق على مشيته تبارك و تعالى و من الأمور البدائية لقوله تعالى‏ إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ*٦۳.

فيمكن أن يجب الاستغفار من المعاصي و كان استغفار غيره له موجبات لثبوت الغفران و عدم حدوث البداء بالنسبة إليه، و يشهد له قوله تعالى‏ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ، وَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا٦4.

و هذه المباحث غير منقحة في الكلمات و لعل الاجمال فيها لمصلحة أولى من مرض جملة من الجهات الكثيرة التي تتعلق بها.

الثاني عشر: لا ريب في وجوب التوبة عقلا، لقاعدة دفع الضرر المحتمل، و ما يظهر منه وجوبه شرعا أيضا كقوله تعالى‏ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً٦٥ و كقوله تعالى‏ وَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ*٦٦ حيث إنّه إرشاد إلى وجوب الإطاعة عقلا و هل هو فوري أو لا؟: المعروف هو الأول لقاعدة دفع الضرر المحتمل، خصوصا في حقوق الناس التي ادّعى صاحب الجواهر فيها أصالة الفورية إلّا ما خرج بالدليل، و لكن ظاهرهم في الكفارات التي هي كالتوبة عدم الفورية، بل في الأخبار ما هو ظاهر في عدمها، و إنّ باب التوبة مفتوحة إلى أن يبلغ النّفس إلى الحلقوم‏٦۷، إلّا أن يقال: إنّها لا تدل على التوسعة، بل على عدم السقوط، فتجب فورا ففورا.

ثمَّ إنّ وجوبها طريقيّ إلى تدارك أصل الذنب، فلو تركها لا يعاقب و يكفي فيها مجرد الندم كما في جملة من الأخبار منها:

قوله (صلّى اللّه عليه و آله): «كفى بالندم توبة»٦۸.

و الظاهر اعتبار آن يكون الندم من جهة الديانة و الخوف من الله تعالى، فلا يكفي إن كان من جهة أخرى- كالفضيحة عند الناس، أو ضرر المعصية بجسمه مثلا- أو غير ذلك مما يوجب الندامة، كما أنّ الظاهر جواز التبعيض فيها، فلا

تتوقف التوبة عن معصية على التوبة عن معصية أخرى، و الظاهر عدم اعتبار العلم تفصيلا بما عصى به، فلو ندم إجمالا عما عصى و لو لم يعلم به تفصيلا صح و كفى، هذا في حق اللّه تعالى غير المتوقف على القضاء، و أما فيما يتوقف عليه أو في حقوق الناس، ففيه تفصيل، و لا ريب في تحققها بالندم مع العزم على عدم العود، و هل تتحقق بمجرد الندم مع العزم على العود لو فرض ثبوت مثل هذا الندم حقيقة؟ وجهان: من الإطلاقات خصوصا مثل قوله (عليه السلام): «ما أصرّ من استغفر و إن عاد في اليوم سبعين مرّة»٦۹، و من احتمال الانصراف خصوصا ما ورد من أنّه كالمستهزئ‏۷۰. ثمَّ إنّ للندامة و الاستغفار مراتب متفاوتة جدّا، مقتضى الإطلاقات كفاية أدناها.

الثالث عشر: تقدم أنّ تكفير الذنوب من أوسع أبواب رحمة اللّه تعالى و له طرق كثيرة ذكرنا بعضها، و يظهر من بعض الآيات الكريمة۷۱ و بعض الأخبار۷۲ ثبوت الإحباط- في الجملة أيضا- و هو أن يوجب بعض الذنوب محو أثر الطاعة، و لكن الحق بعد التأمل في مجموع ما ورد- خصوصا مثل قوله تعالى‏ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ‏۷۳– أنّ الحسنات و الأفعال الخيرية و الملكات الفاضلة لا تضمحل آثارها بالكلية، بل تحصل آثارها إما في الدنيا، أو في البرزخ، أو في المحشر، أو في النار تخفيفا من شدّتها أو بنحو آخر.

و مثل قوله تعالى‏ وَ قَدِمْنا إِلى‏ ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً۷4 يختص إما بمن مات كافرا، فيصير العمل هباء منثورا بالنسبة إلى دخول الجنة لا بالنسبة إلى سائر الآثار، أو بما إذا كان العمل باطلا شرعا و قصر العامل فيه مع زعمه صحته. نعم، يشترط دخول الجنة بالموت على الإيمان، فمن مات كافرا لا

يدخلها و إن كان قد عمل من الخيرات ما عمل، و لكن لأعماله الحسنة آثار من تخفيف العذاب أو نحو ذلك.

و قوله تعالى‏ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ۷٥ إنّما هو بالنسبة إلى كمال النفس في الدنيا بالطّاعات و الحسنات، و دخول الجنة في الآخرة الذي هو الكمال المحض لا بالنسبة إلى بعض الآثار التي لا تعد شيئا أبدا في مقابل كمال النفس و دخول الجنة، فمن مات كافرا لا يدخل الجنة و من مات مؤمنا و لم يلبس إيمانه بظلم فهو من أهل الجنة بلا ريب و إن خلط عملا صالحا و آخر سيّئات و تاب فكذلك، و إن لم يتب، فإما أن يستحق ثواب إيمانه أم لا، و الثاني باطل كتابا و سنّة كقوله تعالى‏ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ‏۷٦.

و في صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «من كان مؤمنا فعمل خيرا في إيمانه ثمَّ أصابته فتنة فكفر ثمَّ تاب بعد كفره كتب له و حسب له كلّ شي‏ء كان عمله في إيمانه، و لا يبطله الكفر إذا تاب بعد كفره»۷۷ فإذا لم يتحقق الحبط بالنسبة إلى الكفر، فبالنسبة إلى غيره من المعاصي يكون الأولى و قد تواترت النصوص: أنّ ثواب الإيمان الجنة۷۸ لا شي‏ء آخر من تخفيف عذاب أو نحوه، و حينئذ إما أن يدخل الجنة لثواب إيمانه، ثمَّ يخرج منها، و يدخل النار بسيّئاته، و هو باطل إجماعا لأنّ من يدخل الجنة لا يخرج منها، أو يدخل النار لسيّئاته ثمَّ يخرج منها و يدخل الجنة بإيمانه، و هو صحيح لا إشكال فيه، و يدل عليه بعض الأخبار.

هذا مع قطع النظر عن الشفاعة و ما مرّ من موجبات التكفير و أما معها فلا يدخل النار أصلا هذا بالنسبة إلى الحبط الإيماني.

و أما الحبط بالنسبة إلى بعض مراتب القبول في الأعمال، فهو حق في الجملة، لأنّ لإعمال أهل الورع و التقوى مرتبة من القبول ليست تلك المرتبة

لغيرهم، و للقبول مراتب كثيرة جدّا و لتفصيل هذه المباحث محلّ آخر، و لكنّهم أهملوها أو فصّلوها بنقل الأقوال النادرة و الاحتمالات الباردة، فراجع.

ثمَّ إنّ قوله تعالى‏ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ‏۷۹ يحتمل وجوها:

منها- أن يكون ترك الكبيرة في تمام العمر شرطا لكفران السيّئة، فينحصر كفرانها حينئذ بأشخاص نادرين و هو بعيد عن فضله تعالى و سعة رحمته.

و منها: أن يكون بحسب الغالب، فمن كان مهتمّا بترك الكبائر يكفّر سيّئاته و إن صدرت منه كبيرة أحيانا لغلبة الهوى.

و منها: أن تكون الكبائر المكفرة بالاستغفار أو غيره موجبة لتكفير سائر السيّئات.

و منها: أن يكون ترك كل كبيرة موجبة لتكفير سيّئة، فمن كشف عورة امرأة و مسّها للزنا بها و ترك الزنا يسقط عصيان المسّ و النظر إلى العورة بالنسبة إليه، و الثاني خلاف ظاهر الآية و الأخير أنسب بفضل اللّه و سعة رحمته.

الرابع عشر: لو شك في معصية أنّها كبيرة أم لا؟ فمع وجود الأصل الموضوعي يرجع إليه، و مع عدمه فمقتضى الأصل عدم ترتب آثار الكبيرة عليها، لأنّها خصوصية زائدة على أصل الذنب، فيكون كما إذا علم بالجنس و شك في نوع خاص.

و عن جمع منهم صاحب الجواهر (رحمه اللّه) أنّ الأصل في كل معصية أن تكون كبيرة إلّا ما خرج بالدليل «لأنّ الأصل عدم تكفيرها، و لعموم الأمر بالتوبة من كل معصية إلّا ما علم أنّها صغيرة، و لا يعارض ذلك باستصحاب العدالة، لأنّا نقول إنّها عندنا اجتناب الكبائر في نفس الأمر و لا يتم ذلك إلّا باجتناب المشكوك فيه أنّه منها».

و الكلّ: مخدوش أما الأصل، فلا أصل له في مقابل العمومات و الإطلاقات الامتنانية الكثيرة الدالة على التكفير مثل إطلاق قوله تعالى‏ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ‏

۸۰، و ما ورد في الفرائض اليوميّة أنّها مثل، «الحكمة تكون على باب الرجل، فهو يغتسل منها في اليوم و الليلة خمس مرات، فما عسى أن يبقى عليه من الدرن»۸۱.

إلى غير ذلك مما لا يحصى و لا يستقصي‏۸۲، فيستفاد منها و من سعة فضل اللّه و رحمته أنّ الأصل في كل ذنب التكفير إلّا ما خرج بالدليل، و يشهد له سياق قوله تعالى‏ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ‏۸۳ إذ يستفاد منه أنّ كل ما لم يثبت كونه كبيرة يكون مكفرا، فالكبيرة عنوان خاص وجوديّ لا بد من إحرازه في ترتيب أثره، و الصغيرة تكون كل سيّئة لم تعنون بعنوان الكبيرة، و يصح إحراز عدم التعنون بهذا العنوان و لو بالأصل نعتيا كان أو أزليا.

و أما أنّ العدالة اجتناب الكبائر في نفس الأمر و لا يتم ذلك إلّا باجتناب المشكوك، فمخالف لظواهر الأدلّة- المتقدمة الواصلة إلينا في هذا الموضوع العام البلوى، لأنّ سياق جميعها أنّه يجب الاجتناب عما ثبت في الشرع كونه كبيرة، و في غيره يرجع إلى القواعد و الأصول المعتبرة الشرعية كما في سائر الموارد.

و يأتي بعض الكلام في القضاء و الشهادات إن شاء اللّه تعالى.

ثمَّ إنّه لو صدر من عادل كبيرة و شك في توبته، فمقتضى ظهور إيمانه تحقق الندم منها خصوصا بناء على جريان أصالة الصحة في أفعال الجوانح كجريانها في أفعال الجوارح، و سيأتي في [مسألة ٤] من الفصل اللاحق ما يرتبط بالمقام.

الخامس عشر: لا ريب في أنّ للثواب، و العقاب، و الغفران، مراتب متفاوتة جدّا و يمكن أن يؤثّر موجباتها في بعض المراتب دون بعض، لسعة فضل اللّه تعالى، و لقوله جلّ شأنه‏ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا۸4 هذا و لا ريب في‏

إنّ للعدالة أيضا مراتب متفاوتة جدّا كسائر الصّفات النفسانية، و مقتضى الإطلاقات و العمومات كفاية مسمّاها و إلّا لاختلّ النظام.

فما ورد في تفسيرها في الاحتجاج، و تفسير العسكري (عليه السلام): قال:

و هديه، و تماوت في منطقه، و تخاضع في حركاته فرويدا لا يغرّنكم، فما أكثر من يعجزه تناول الدنيا و ركوب المحارم منها لضعف قيمته (بنيته) و مهانته و جبن قلبه، فنصب الدّين فخا لها فهو لا يزال يخيل (يحيل) الناس بظاهره، فإن تمكّن من حرام اقتحمه، و إذا وجدتموه يعف عن المال الحرام فرويدا لا يغرنّكم، فإنّ شهوات الخلق مختلفة، فما أكثر من ينبو عن الحرام و إن كثر، و يحمل نفسه على شوهاء قبيحة فيأتي منها محرّما، فإذا وجدتموه يعف عن ذلك فرويدا لا يغرّنكم حتّى تنظروا ما عقد عقله، فما أكثر من ترك ذلك أجمع، ثمَّ لا يرجع إلى عقل متين، فيكون ما يفسده بجهله أكثر مما يصلحه بعقله، و إذا وجدتم عقله متينا فرويدا لا يغرنّكم حتّى تنظروا مع هواه يكون على عقله، أو يكون مع عقله على هواه، و كيف محبته للرئاسات الباطلة و زهده فيها، فإنّ في الناس من خسر الدنيا و الآخرة بترك الدنيا للدنيا، و يرى أنّ لذة الرئاسة الباطلة أفضل من لذة الأموال و النعم المباحة المحللة، فيترك ذلك أجمع طلبا للرئاسة- إلى أن قال- و لكن الرجل كل الرجل نعم الرجل هو الذي جعل هواه تبعا لأمر اللّه، و قواه مبذولة في رضاء اللّه، يرى الذل مع الحق أقرب إلى عزّ الأبد من العز في الباطل- إلى أن قال- فذلكم الرجل نعم الرجل فبه فتمسكوا، و بسنّته فاقتدوا، إلى ربّكم به فتوسّلوا، فإنّه لا ترد له دعوة، و لا تخيب له طلبة»۸٥ يحمل على أنّه لبيان المرتبة الأخيرة على فرض اعتبار سند الرواية.

السادس عشر: لا فرق في الإصرار بين أن يكون على نوع واحد من الصغيرة أو على الأنواع المختلفة لتعليق الحكم على الصغيرة، و هي شاملة للجميع.

السابع عشر: الفرق بين العصمة و العدالة بعد اعتبار الاختيار في كل منهما

بالأدلة القطعية- كما ثبت في محلّه- أنّ الأولى منصب إلهيّ يعطيه اللّه تبارك و تعالى لمن يعلم أنّه يحفظ ذلك المنصب باختياره، بخلاف الثانية فإنّها اكتسابية كما هو معلوم و إن كان لتوفيقاته تعالى و عناياته دخل فيها أيضا.

الثامن عشر: أرسل في الجواهر- في كتاب الشهادات- إرسال المسلّمات أنّ التوبة من العبادات و يعتبر فيها قصد القربة، و على هذا لو تاب رياء أو بلا قصد القربة فلا توبة له، و مقتضى الأصل بقاء فسقه. و هو مخدوش، لأنّ التوبة و الاستغفار بذاته قربي كقراءة القرآن و الدعاء و الأذكار، فيكون الرياء مانعا لا أن تكون القربة شرطا.

ثمَّ إنّه (رحمه اللّه) قال في كتاب الشهادات أيضا: «التوبة لقبول الشهادة ليست توبة حقيقة، بل يمكن أن تكون فسقا آخر».

أقول: و كذلك التوبة لإقامة الجماعة أو غيرها مما تعتبر فيه التوبة لما تقدم من قصد القربة في التوبة بناء على اعتبار قصد القربة فيها، و كذا على ما قلناه، لأنّ هذا القسم من التوبة رياء و شرك و تدليس كما لا يخفى على أهله.

التاسع عشر: لا ريب في كون ما يستتبع الذنوب من قضاء الفوائت و أداء الحقوق واجبا، و هل هو شرط في صحة أصل التوبة بحيث لا تتحقق بدون الندم أم لا؟ وجهان مقتضى الأصل و الإطلاق هو الأخير، فتكون التوبة صحيحة بدونها و بها تصير أكمل و أتم، و عليه يحمل ما ورد في بعض الأخبار۸٦ في تفسير قوله تعالى‏ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً۸۷.

و عن عليّ (عليه السلام) «إنّ التوبة تجمعها ستة أشياء على الماضي من الذنوب الندامة، و للفرائض الإعادة، ورد المظالم، و استحلال الخصوم، و أن تعزم على أن لا تعود، و أن تذيب نفسك في طاعة اللّه كما ربيتها في المعصية، و أن تذيقها مرارة الطاعات كما أذقتها حلاوة المعاصي»۸۸ و قد صرّح بما قلناه الشيخ البهائي في أربعينيته، و صاحب الجواهر في كتاب الشهادات.

العشرون: استحقاق الثواب بالطاعات و العقاب بالسيئات إنّما يتحقق بمجرّد صدور الفعل- كما هو واضح- و لكنّه قابل للتغيير بعد الموت، و من المعاصي ما يحبط بعض الحسنات و من الطاعات ما يكفّر بعض السيئات و من المعاصي ما ينقل حسنات صاحبها إلى غيره، بل من المعاصي ما ينقل مثل سيئات الغير إلى الإنسان، و من الطاعات ما ينقل مثل حسنات الغير إلى الإنسان.  ثمَّ إنّ من المعاصي ما يوجب تضاعف العقاب كمعاصي العلماء- و العياذ باللّه- و من الطاعات ما يوجب تضاعف الثواب كطاعتهم مع قطع النظر عن أنّ كل حسنة مضاعفة، لقوله تعالى‏ مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها۸۹، و من الحسنات ما يدفع سيئات صاحبها إلى غيره و يجذب حسنات الغير إليه، و من السيئات ما يدفع حسنات صاحبها إلى الغير و يجذب سيئاته إليه، و يمكن الاستدلال لكل ذلك بالكتاب و السنة كما فصّلنا كل ذلك في تفسيرنا و من اللّه نستمد العون و التوفيق.

و لنشر إلى بعض ما قلناه في العدالة:

أعلى صفات نفسك العدالة لقربها من ساحة الجلالة
خصّيصة اللّه العليّ الأعلى‏ و نوره الّذي به تجلّى‏
فكلّ مخلوق رأيت فعله‏ فيه علامات تحاكي عدله‏
فليكتسب هذا المقام العالي‏ تقرّبا من مصدر الجلال‏
جهادك النّفس جهاد أكبر و القتال بالسّيف جهاد الأصغر
فهو الكمال المحض للإنسان‏ دلّ عليه واضح البرهان‏
فوازنوا أعمالكم بالعدل‏ من قبل أن يأتي يوم الفصل‏
و راقبوا حالاتكم في الدّنيا لكي تنالوا الدّرجات العليا
و نبذ ما عدّ من الكبائر و هجر الإصرار على الصّغائر
تزيّن الإنسان بالفضائل‏ تحفظه عن دنس الرّذائل‏
فليجتهد فيها جميع النّاس‏ فإنّها المنجي بلا التباس‏
عن حادثات نشأة الغرور و مهلكات عالم النّشور
و الجدّ في مخالفات النّفس‏ يرفعها إلى محلّ القدس‏

نصّا، و إجماعا، فعن مولانا الباقر (عليه السلام): في الصحيح قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «لا يصلّين أحدكم خلف المجنون و ولد الزنا»۹۰.

و الظاهر أنّ مراد الفقهاء من تعبيرهم عن هذا الشرط بطهارة المولد ما في النصوص أيضا، فيصح إمامة ولد الشبهة، لأنّه بحكم النكاح الصحيح، و كذا من ولد عن نكاح صحيح في غير الإسلام ثمَّ أسلم، لأنّ: «لكل أمّة نكاح»۹۱ و قد قرّر شرعنا ذلك و كذا المجهول، لأصالة صحة نسبته التي هي من الأصول المعتبرة الشرعية بل العقلائية. و أمّا بناء على الجمود على تعبير الفقهاء، فيشكل الاقتداء به لأنّ ظاهر التعبير بطهارة المولد إحرازها مع أنّ ظاهرهم الجواز، قال في الجواهر:

«ظاهر الأصحاب الاتفاق على جواز الائتمام بمن لم يثبت أنّه ابن زنا» فيكون إحراز الولادة من الزنا مانعا لا أن يكون إحراز طهارة المولد شرطا فيصح الائتمام بكل من لم يثبت أنّه ابن زنا، مضافا إلى تنفّر الطباع عنه، فكيف يجعل إماما في الصّلاة أو مرجعا للفتوى أو في الحكم.

للإجماع، و السيرة خلفا عن سلف، و لصحة دعوى القطع من مذاق الشرع بعدم جوازه أيضا، و في النبويّ المنجبر: «لا تؤم امرأة رجلا»۹۲، و يمكن أن يستأنس لذلك بما ورد من محاذاتها مع الرجل أو تقدّمها عليه في الصّلاة۹۳ و يأتي في [مسألة ۸] ما ينفع المقام.

صلاة إمام و المأموم إمّا متساويتان في النقص و الكمال، أو تكون‏

صلاة الإمام كاملة و صلاة المأموم ناقصة أو بالعكس، و يصحّ الائتمام في الأوليين، و المشهور عدم صحته في الأخير مطلقا.

و استندوا عليه تارة: بالإجماع. و يرد: بأنّ قيام الإجماع على الكلية ممنوع جدّا، لعدم تعرّض بعض القدماء اشتراط عدم نقص صلاة الإمام عن صلاة المأموم في شرائط الإمام أصلا، فكيف يتحقّق الإجماع المعتبر.

و أخرى: بأصالة عدم ترتّب آثار الجماعة إلّا في المتيقن من مورد الأدلّة.

و يرد: بأنّ مقتضى الإطلاقات المتقدمة مثل إطلاق قولهم (عليهم السلام):

«لا تصلّ إلّا خلف من تثق بدينه و أمانته»۹4 صحة الجماعة مهما تحقق موضوعها عند المتشرعة إلّا إذا دلّ دليل على الخلاف و هو مفقود. نعم، لو كان اختلاف صلاة الإمام و المأموم بحيث يشك في صدقها عرفا لا وجه للتمسك بالإطلاقات حينئذ كما هو واضح.

و ثالثة: بالنبويّ الذي رواه الفريقان: أنّه (صلّى اللّه عليه و آله) صلّى بأصحابه فلما فرغ قال: «لا يؤمنّ أحدكم بعدي جالسا»۹٥، و بقول عليّ (عليه السلام): «لا يؤم المقيّد المطلقين، و لا صاحب الفلج الأصحاء، و لا صاحب التيمم المتوضئين»۹٦.

و يرد: مضافا إلى قصور السند، و عدم صحة الأخذ بإطلاق الأخير من كل جهة و تعارضه في التيمم بما يأتي إمكان الحمل على الكراهة جمعا بينها و بين الإطلاقات كما عن جمع القول بها.

و رابعة: بالسيرة. و ترد: بعدم اعتبارها مع الإطلاقات مع عدم اعتبارها في نفسها ما لم تكن مستندة إلى عدم ردع المعصوم، مع أنّها أعمّ من عدم الصحة، و في صحيح جميل قال: «قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): إمام قوم أصابته جنابة في السفر و ليس معه من الماء ما يكفيه للغسل أ يتوضّأ بعضهم و يصلّي بهم؟

قال (عليه السلام): لا، و لكن يتيمّم الجنب و يصلّي بهم، فإنّ اللّه جعل التراب‏

طهورا»۹۷ و مثله غيره الدال بظهور العلّة على أنّه لا بأس بنقصان صلاة الإمام عن المأموم في التكاليف الظاهرية و الاضطرارية. فمهما صحّت صلاة الإمام شرعا يصح الاقتداء به إلّا مع الدليل على الخلاف، و لكن استفادة التعميم من التعليل بالنسبة إلى الأفعال مشكل. هذا، و لكن عدم جواز إمامة القاعد للقائمين و المضطجع للقاعدين من المسلّمات الفقهية التي لا تقبل المناقشة، بل عدم الجواز من مرتكزات المتشرعة في جميع الأزمنة و الأمكنة.

بلا ريب فيه إن كان لتقصير منه لبطلان صلاة الإمام حينئذ و أما إن كان لقصوره، فللوجوه التي مرّت آنفا مع إمكان الخدشة فيها في المقام أزيد مما مرّ بأنّ المتيقن من الإجماع و السيرة على فرض تماميتهما إنّما هو ما إذا كانت صلاة الإمام ناقصة بالنسبة إلى صلاة المأموم من حيث الأفعال لا من حيث الأقوال و الأذكار، و صريح النبويّ هو النقص الفعليّ‏۹۸ و هو المنساق من العلويّ‏۹۹ أيضا.

إن قلت: نعم، و لكن لم يخرج الإمام عن ضمان القراءة حينئذ.

قلت: المراد بخروجه عنه هو الخروج بحسب حكم الشارع، فمع حكمه بصحة قراءته صحّ الضمان و المفروض تحققه في المقام.

إن قلت: لو لم يمكن الائتمام بغيره؟

قلت: هذا التقييد مناف للإطلاقات خصوصا في هذا الأمر الابتلائي مع كثرة اختلاف اللهجات تكوينا في غير إعراب الفصحاء الذين لا أثر لهم في هذه الأعصار و ما قاربها و خصوصا مع تطرّق التشكيك في القراءة من أهل الوسوسة، بل و من غيرهم أيضا، فنرى من العامي الجاهل التشكيك في قراءة العالم الخبير و لو فتح باب هذه المناقشات لعمّت البلوى و البلية غالب جماعات الأمة.

(مسألة ۱): لا بأس بإمامة القاعد للقاعدين، و المضطجع لمثله و الجالس للمضطجع (۹).

للإجماع، و ما تقدم من التعليل في صحيح جميل.

(مسألة ۲): لا بأس بإمامة المتيمم للمتوضئ (۱۰)، و ذي الجبيرة لغيره، و مستصحب النجاسة من جهة العذر لغيره، بل الظاهر جواز إمامة المسلوس و المبطون لغيرهما فضلا عن مثلهما، و كذا إمامة المستحاضة للطاهرة (۱۱).

نصّا، و إجماعا، و قد مرّ صحيح جميل، و في موثق ابن بكير قال:

«سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن رجل أجنب ثمَّ تيمّم، فأمّنا و نحن طهور، فقال: لا بأس به»۱۰۰، و مثله غيره.

و في بعض الأخبار عدم جوازه.

منها: ما تقدم من قول عليّ (عليه السلام): «لا يؤم .. صاحب التيمّم المتوضئين»۱۰۱.

و منها: قول الصادق (عليه السلام): «لا يصلّي المتيمم بقوم متوضئين»۱۰۲ و يحمل على الكراهة جمعا و إجماعا.

لصحة الصلاة في هذه الموارد الخمسة شرعا و يصح الائتمام بكل صلاة صحيحة شرعية إلّا ما خرج بالدليل، و لا دليل على الخلاف في المقام مع أنّ عموم التعليل في صحيح جميل‏۱۰۳ يدل على الصحة في الموارد الخمسة كما هو واضح بلا شبهة.

(مسألة ۳): لا بأس بالاقتداء بمن لا يحسن القراءة في غير المحلّ الذي يتحمّلها الإمام عن المأموم كالركعتين الأخيرتين- على‏ الأقوى (۱۲)، و كذا لا بأس بالائتمام بمن لا يحسن ما عدا القراءة من الأذكار الواجبة و المستحبّة التي لا يتحمّلها الإمام عن المأموم إذا كان ذلك لعدم استطاعته غير ذلك (۱۳).

لعين ما تقدّم في سابقة من غير فرق.

لفحوى ما تقدم في أول هذا الفصل، فيصح التمسك بإطلاقات أحكام الجماعة بعد كونه من الموضوعات العرفية، و بإطلاق مثل قوله (عليه السلام): «لا تصلّ إلّا خلف من تثق بدينه و أمانته»۱۰4 و غيره مما هو كثير جدّا.

(مسألة ٤): لا يجوز إمامة من لا يحسن القراءة لمثله إذا اختلفا في المحل الذي لم يحسناه (۱٤). و أما إذا اتحدا في المحلّ، فلا يبعد الجواز (۱٥) و إن كان الأحوط العدم، بل لا يترك الاحتياط مع وجود الإمام المحسن (۱٦) و كذا لا يبعد جواز إمامة غير المحسن لمثله مع اختلاف المحل أيضا إذا نوى الانفراد عند محلّ الاختلاف، فيقرأ لنفسه بقية القراءة (۱۷) لكن الأحوط العدم، بل لا يترك مع وجود المحسن في هذه الصورة أيضا (۱۸).

تقدم آنفا أنّه لا دليل على وجوب هذا الاحتياط و إن كان حسنا.

لأصالة عدم صحة الائتمام إلّا فيما دل عليه الدليل بالخصوص.

و يمكن الخدشة فيها بما مرّ مكرّرا من أنّ الاقتداء و الائتمام و الجماعة من الموضوعات العرفية، فمع تحققها عرفا تترتّب عليها الأحكام قهرا و يرجع إليها الاستدلال على البطلان بعمومات وجوب القراءة.

و يرد: بأنّه مع تحقق الائتمام عرفا تسقط القراءة، لحكومة أدلّة سقوطها في الجماعة على ما دلّ على وجوبها. نعم، لو شك في تحقق الائتمام و الجماعة حينئذ عرفا، فلا وجه للتمسك بها، فتجري أصالة عدم ترتب آثار الجماعة بلا مزاحم.

و استدل‏ أيضا بإطلاق قوله (عليه السلام): «لا يؤمن المقيّد المطلقين»۱۰٥.

و يرد: بظهوره في النقص الفعلي دون القولي، و مع الشك فيه يكون التمسك به من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، مضافا إلى عدم صدق المطلق على المأموم من كل جهة، لفرض كونه ممن لا يحسن القراءة أيضا فالجزم بالفتوى مشكل و طريق الاحتياط واضح.

لفحوى ما مرّ في سابقة، مع أنّ ظاهر هم عدم الخلاف في الجواز في هذه الصورة.

لم يظهر وجه لهذين الاحتياطين لا استحباب الأول، لظهور الإجماع على الجواز. نعم، لا ريب في حسنة العقلي، و لا وجوب للأخير، فإنّه إن كان المراد وجوب الاحتياط في ترك الاقتداء بمن لا يحسن، فقد مرّ عدم الدليل على استحبابه- فضلا عن وجوبه- و إن كان المراد وجوب الاحتياط في الاقتداء بالمحسن، فقد مرّ في [مسألة ۱] من أول (فصل الجماعة) و سيأتي في المسألة السادسة عدم الوجوب. نعم، هو حسن عقلا.

ظهر من جميع ما مرّ صحة الجماعة، فلا تجب عليه القراءة، مع أنّها لو وجبت عليه لا دليل على لزوم نيّة الانفراد، لأصالة عدم الملازمة بين وجوب القراءة و الانفراد فيقرأ حينئذ رجاء و تصح جماعته و صلاته قطعا.

(مسألة ٥): يجوز الاقتداء بمن لا يتمكن من كمال الإفصاح بالحروف أو كمال التأدية إذا كان متمكنا من القدر الواجب فيها و إن كان المأموم أفصح منه (۱۹).

لما مرّ من التعليل في صحيح جميل‏۱۰٦، و للإطلاقات الواردة في الاقتداء بأهل الولاية مع الوثوق بدينه- كما تقدم- مع أنّه لا إشكال في الجواز عندهم، و يظهر منهم الإجماع عليه.

(مسألة ٦): لا يجب على غير المحسن الائتمام بمن هو محسن و إن كان هو الأحوط. نعم، يجب ذلك على القادر على التعلّم إذا ضاق الوقت عنه كما مرّ سابقا (۲۰).

راجع [مسألة ۱] من أول (فصل الجماعة).

(مسألة ۷): لا يجوز إمامة الأخرس لغيره و إن كان ممن لا يحسن (۲۱). نعم، يجوز إمامته لمثله (۲۲) و إن كان الأحوط الترك خصوصا مع وجود غيره، بل لا يترك الاحتياط في هذه الصورة (۲۳).

لما في مفتاح الكرامة من عدم وجدان الخلاف في عدم صحة إمامته و إن كان مقتضى صحة صلاة الأخرس شرعا، و التعليل فيما مرّ من صحيح جميل صحة إمامته أيضا، مع أنّهم لم يذكروا النطق في شرائط الإمامة.

لصحة صلاتهما شرعا، فيشملهما إطلاق قوله (عليه السلام): «لا تصلّ إلّا خلف من تثق بدينه و أمانته»۱۰۷، مضافا إلى ظهور إجماعهم عليه.

تقدم عدم الدليل على وجوب هذا الاحتياط و إن كان حسنا.

(مسألة ۸): يجوز إمامة المرأة لمثلها (۲٤)، و لا يجوز للرجل و لا للخنثى (۲٥)

للنصوص الواردة في المقام و هي على أقسام:

الأول: المطلقات الدالة على الجواز كموثق سماعة قال: «سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن المرأة تؤم النساء، فقال لا بأس به»۱۰۸، و صحيح ابن جعفر عن أخيه (عليه السلام) قال: «سألته عن المرأة تؤم النساء ما حد رفع صوتها بالقراءة و التكبير فقال: قدر ما تسمع»۱۰۹ و نحوهما غيرهما.

و المنساق من الأول هو الفرائض، و كذا المنساق من الثاني مفروغية الجواز فيها عرفا إذ السؤال عن الحكم بعد المفروغية عن أصل الجواز، لأنّ الجماعة في‏

غير الفرائض غير معهودة بين الشيعة من زمان أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى آخر أولاده المعصومين، و كانوا (عليهم السلام) ينكرون ذلك أشدّ الإنكار.

الثاني: ما دل على الجواز في خصوص الفريضة كخبر الصيقل قال: «سئل أبو عبد اللّه (عليه السلام): كيف تصلّي النساء على الجنائز- إلى أن قال- ففي صلاة مكتوبة أ يؤم بعضهنّ بعضها؟ قال: نعم»۱۱۰.

الثالث: ما يدل على الجواز في النافلة دون الفريضة مثل صحيح هشام بن سالم أنّه سأل أبا عبد اللّه (عليه السلام): «عن المرأة هل تؤم النساء؟ قال: تؤمهنّ في النافلة، فأما المكتوبة فلا و لا تتقدّمهن، و لكن تقوم و وسطهنّ»۱۱۱، و الجمع العرفي الشائع في الفقه يقضي حمل ما دل على المنع على الكراهة و لعل الوجه فيها غلبة عدم تحفظهنّ على حدود الفرائض، بل على أصل الصلاة- فضلا عن حدودها- مع أن الغالب أنّ مفسدة اجتماعهنّ أكثر من مصلحة الجماعة غالبا.

إن قلت: فما وجه تصريحهم (عليهم السلام) بجواز جماعتهنّ في النافلة التي وردت الأخبار بأنّ الجماعة فيها بدعة۱۱۲؟

قلت: يمكن أن يحمل ذلك على التقية، أو على مجرد المتابعة الصورية لأن يتعلمن كيفية أصل الصلاة أو غير ذلك من المحامل، فلا وجه لما عن جمع من منع إمامة المرأة لمثلها تمسكا بالأخبار المانعة۱۱۳، لأنّه طرح لما دل على الجواز بلا وجه، فما هو المشهور هو المتعيّن.

أما الأول: فلما تقدم في أول الفصل. و أما الثاني فلاحتمال ذكورية الخنثى بعد قصور إطلاقات الأدلّة عن الشمول، فالمرجع أصالة عدم ترتب الأثر خصوصا على القول بعدم وجود إطلاق في أدلّة الجماعة.

(مسألة ۹): يجوز إمامة الخنثى للأنثى دون الرجل، بل و دون الخنثى (۲٦).

أما الأول: فلأنّه إما رجل أو أنثى و يجوز إمامة كل منهما للأنثى. و أما الثاني: فلاحتمال أنوثية الخنثى، فيكون من إئتمام الرجل بالأنثى، و أما الثالث:

فلاحتمال ذكورية المأموم و أنوثية الإمام، فالمرجع أصالة عدم ترتب الأثر.

(مسألة ۱۰): يجوز إمامة غير البالغ لغير البالغ (۲۷).

لانصراف أدلّة المنع- التي تقدّمت في أول الفصل- عن مثله أو لحمل ما مرّ من دليل الجواز عليه، و نسب هذا القول إلى جمع منهم الشهيد (رحمه اللّه)، و لكن دليلهم الأول بدويّ لا اعتبار به، و الثاني من الجمع الذي لا شاهد عليه.

و عن جمع آخر عدم الجواز، لإطلاق أدلّة اعتبار البلوغ في الإمامة الظاهر في عدم الفرق بين كون المأموم بالغا أو غيره، لإطلاق أدلّة سائر الشرائط الإمامة و الجماعة الظاهر في عدم الفرق بينهما إلّا أن يتمسك بما هو المغروس في أذهان المتشرّعة خلفا عن سلف من أنّهم يرون اعتبار البلوغ في الإمام فيما إذا كان المأموم بالغا دون غيره، فيرون إمامة غير البالغ لمثله صحيحة، و هذه قرينة على أنّ حمل ما ورد من الجواز على هذه الصورة لا يكون بدويّا على هذا.

ثمَّ إنّه يعتبر عدم ارتكاب الكبيرة عن غير البالغ، و عدم الإصرار على الصغيرة أيضا، لأنّ اعتبار هذا المعنى في الإمام وضعيّ لا دخل له بالتكليف.

(مسألة ۱۱): الأحوط عدم إمامة الأجذم و الأبرص و المحدود بالحدّ الشرعي بعد التوبة، و الأعرابي (۲۸) إلّا لأمثالهم (۲۹)، بل مطلقا و إن كان الأقوى الجواز في الجميع مطلقا (۳).

لاشمئزاز النفوس منهم، و لقول أبي جعفر (عليه السلام): «خمسة لا يؤمّون الناس و لا يصلّون بهم صلاة فريضة في جماعة: الأبرص، و المجذوم، و ولد الزنا، و الأعرابي حتّى يهاجر، و المحدود»۱۱4.

و مقتضى الإطلاق عدم الفرق في الأخيرين ما قبل التوبة و ما بعدها، مع أنّه‏

لا وجه لهذا القيد بناء على أنّ الحدّ موجب لتكفير الذنب- كما سيأتي في محله- هذا و لكن الأول لا يصلح أن يكون دليلا على الحكم الشرعي، و الثاني معارض برواية عبد اللّه بن يزيد قال: «سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن المجذوم و الأبرص يؤمّان المسلمين؟ قال: نعم، قلت: هل يبتلي اللّه بهما المؤمن؟ قال:

نعم، و هل كتب اللّه البلاء إلّا على المؤمن»۱۱٥ و نحوه غيره، مع إعراض المشهور عن ظاهر ما دلّ على المنع، مضافا إلى أنّ المنساق منه عرفا جهة الاشمئزاز النفسانية لا أمرا تعبّديا محضا.

لانصراف الأخبار عنهم، و عدم الاشمئزاز فيهم، مضافا إلى جريان السيرة على إمامة الأعرابي لمثله.

لما مرّ من قصور الأدلة عن إفادة المانعية التعبّدية، فالمرجع حينئذ الإطلاقات بعد عدم ما يصلح للتقييد.

(مسألة ۱۲): العدالة ملكة الاجتناب (۳۱) عن الكبائر، و عن الإصرار على الصغائر، و عن منافيات المروّة الدالّة على عدم مبالاة مرتكبها بالدّين، و يكفي حسن الظاهر الكاشف عن تلك الملكة (۳۲).

لما تقدم تفصيله في أول الفصل، فراجع و تأمّل و تقدّم أنّ لفظ الملكة لم يرد في الأخبار، و إنّما ذكر في كلمات بعض فقهائنا الأخبار، و لكن لازم الملكة ورد في صحيح ابن أبي يعفور۱۱٦، فيصح أن يراد به الملكة من باب ذكر اللازم و إرادة الملزوم.

لما تقدم من أنّ الواقعيات لا تعرف إلّا بآثارها، و حسن الظاهر من الآثار العرفية لتلك الملكة، مضافا إلى ما تقدم من الدليل عليه.

(مسألة ۱۳): المعصية الكبيرة هي الكبيرة كلّ معصية ورد النص بكونها كبيرة- كجملة من المعاصي المذكورة في محلّها- أو ورد التوعيد بالنار عليه في الكتاب أو السّنّة صريحا أو ضمنا أو ورد في الكتاب أو السّنّة كونه أعظم من إحدى الكبائر المنصوصة أو الموعود عليها بالنار أو كان عظيما في أنفس أهل الشرع (۳۳).

لما تقدم في الأمر الثامن- من الأمور المتعلقة بالعدالة- فراجع.

(مسألة ۱٤): إذا شهد عدلان بعدالة شخص كفى في ثبوتها (۳٤) إذا لم يكن معارضا بشهادة عدلين آخرين (۳٥)، بل و شهادة عدل واحد بعدمها (۳٦).

لعموم دليل حجيتها الشامل للمقام و غيره، مضافا إلى الإجماع عليه في المقام.

بناء على حجية العدل الواحد. و أما بناء على عدمها- كما نسب إلى المشهور- فلا وجه لسقوط البيّنة حينئذ و قد مرّ مكرّرا ما يتعلّق بذلك.

لسقوطها لأجل المعارضة حينئذ فلا اعتبار لكل واحد منهما، فيكون موردهما من مجهول الحال و تقدّم عدم صحة الائتمام به. نعم، لو حصل الوثوق بعدالته لصح الائتمام به كما سيأتي.

(مسألة ۱٥): إذا أخبر جماعة غير معلومين بعدالته و حصل الاطمئنان كفى، بل يكفي الاطمئنان إذا حصل من شهادة عدل واحد، و كذا إذا حصل من اقتداء عدلين به، أو من اقتداء جماعة مجهولين به، و الحاصل إنّه يكفي الوثوق و الاطمئنان للشخص من أيّ وجه حصل (۳۷) بشرط كونه من أهل الفهم، و الخبرة، و البصيرة، و المعرفة بالمسائل، لا من الجهال (۳۸)، و لا ممن يحصل له الاطمئنان‏ و الوثوق بأدنى شي‏ء كغالب الناس (۳۹).

لأنّ الاطمئنان العرفي حجة عقلائية و لم يردع عنها الشارع، و يدل عليه في المقام قوله (عليه السلام): «لا تصلّ إلّا خلف من تثق بدينه»۱۱۷ إذ الوثوق‏

عبارة أخرى عن الاطمئنان.

و أما خبر الاحتجاج عن الرضا (عليه السلام) قال: «قال عليّ بن الحسين (عليه السلام): إذا رأيتم الرجل قد حسن سمته و هدية و تماوت في منطقة و تخاضع في حركاته، فرويدا لا يغرّنكم، فما أكثر من يعجزه تناول الدنيا و ركوب المحارم منها لضعف قيمته (بنيته) و مهانته و جبن قلبه، فنصب الدّين فخا لها. فهو لا يزال يخيل الناس بظاهره، فإن تمكن من حرام اقتحمه، و إذا وجدتموه يعف عن المال الحرام فرويدا لا يغرّنّكم، فإنّ شهوات الخلق مختلفة، فما أكثر من ينبو عن المال الحرام و إن كثر و يحمل نفسه على شوهاء قبيحة فيأتي منها محرّما، فإذا وجدتموه يعف عن ذلك فرويدا لا يغرنّكم حتّى تنظروا ما عقده عقله، فما أكثر من ترك ذلك أجمع ثمَّ لا يرجع إلى عقل متين، فيكون ما يفسده بجهله أكثر مما يصلحه بعقله، و إذا وجدتم عقله متينا فرويدا لا يغرّنّكم حتّى تنظروا مع هواه يكون على عقله، أو يكون مع عقله على هواه، و كيف محبته للرئاسات الباطلة و زهده فيها، فإنّ في الناس من خسر الدنيا و الآخرة بترك الدنيا للدنيا، و يرى أنّ لذة الرئاسة الباطلة أفضل من لذة الأموال و النعم المباحة المحللة، فيترك ذلك أجمع طلبا للرئاسة- إلى أن قال- و لكن الرجل نعم الرجل هو الذي جعل هواه تبعا لأمر اللّه، و قواه مبذولة في رضاء اللّه، يرى الذل مع الحق أقرب إلى عزّ الأبد من العزّ في الباطل- إلى أن قال- فذلكم الرجل نعم الرجل فيه فتمسكوا، و بسنته فاقتدوا، و إلى ربّكم به فتوسلوا، فإنّه لا ترد له دعوة، و لا تخيّب له طلبة»۱۱۸، فهو قاصر سندا، مع أنّ المنساق منه عدم حصول الاطمئنان لا حصوله و عدم الاعتبار به، مضافا إلى أنّه ليس في إمام الجماعة فراجع و تأمّل فيه.

لأنّهم كالأنعام، بل هم أضلّ كما في الكتاب الكريم‏۱۱۹، و أتباع كل‏

ناعق كما في الحديث‏۱۲۰، و لو أحرز أنّ أهل البصيرة اجتمعوا حوله لأغراض مادية لا اعتبار بهم أيضا.

لأنّه لا اعتبار بمثل هذا الاطمئنان لدى العقلاء، بل مقتضى الأصل عدم اعتباره.

(مسألة ۱٦): الأحوط أن لا يتصدّى للإمامة من يعرف نفسه بعدم العدالة (٤۰)، و إن كان الأقوى جوازه (٤۱).

لخبر السياري قال: «قلت لأبي جعفر الثاني (عليه السلام): قوم من مواليك يجتمعون فتحضر الصلاة، فيقدم بعضهم فيصلّي بهم جماعة فقال: إن كان الذي يؤم بهم ليس بينه و بين اللّه طلبة فليفعل»۱۲۱.

لأنّ ظواهر الأدلّة- مثل قوله (عليه السلام): «لا تصلّ إلّا خلف من تثق بدينه»۱۲۲، و ما مرّ من ظاهر صحيح ابن أبي يعفور۱۲۳ و غيره- أنّ اقتداء المأموم بمن أحرز عدالته موجب لتحقّق موضوع الجماعة شرعا، فيصح حينئذ للمأموم ترتيب آثار الجماعة كما يصح للإمام ذلك أيضا سواء كان الإمام عند نفسه عادلا أم لا، و هذا هو الذي تقتضيه سهولة الشريعة في هذا الأمر العام البلوى، و يمكن أن يكون اعتبار العدالة في سائر الأمور أيضا هكذا فيكون إحراز العدالة عند الناس شرطا في المفتي و القاضي و الشاهد و لو لم يكونوا عند أنفسهم عدولا. و خبر السياري- المتقدّم- مضافا إلى قصور سنده- يحتمل أن يكون الإمام (عليه السلام) إما في مقام استكمال نفوس مواليه و ترغيبهم إلى الكمالات الواقعية، أو في مقام انصرافهم عن الجماعة و الاجتماع خوفا عليهم من الأعذار،

و يؤيد ذلك ما يأتي من خبره الآخر، فمع عدم حجيته لا ربط له بالمقام.

ثمَّ إنّه لا فرق في ذلك بين الجماعة الواجبة و المندوبة، كما لا فرق في ترتب الأحكام بين التكليفية منها و الوضعية، لظهور الإطلاق، و الاتفاق.

(مسألة ۱۷): الإمام الراتب في المسجد أولى بالإمامة من غيره (٤۲)، و إن كان غيره أفضل منه (٤۳)، لكن الأولى له تقديم الأفضل (٤٤)، و كذا صاحب المنزل أولى من غيره المأذون في الصلاة (٤٥) و إلّا فلا يجوز بدون إذنه (٤٦)، و الأولى أيضا تقديم الأفضل (٤۷) و كذا الهاشمي أولى من غيره المساوي له في الصفات (٤۸).

لارتكازات المتشرعة، بل العقلاء، و ظهور الإجماع، و الرضوي:

«صاحب الفراش أحق بفراشه، و صاحب المسجد أحق بمسجده»۱۲4.

لعموم ما تقدّم من الأدلة و إطلاقها الشامل لهذه الصورة أيضا.

لإطلاق النبويّ: «قدموا قريشا و لا تقدموها»۱۲٦، و لأنّ فيه إكرام للرسول (صلّى اللّه عليه و آله) و هذا المقدار يكفي في الاستحباب بناء على المسامحة و لذا نسب ذلك إلى المشهور بين المتأخرين.

لكونه من أهمّ محاسن الأخلاق، و لو صلّى الأفضل أو غيره مع عدم رضا صاحب المسجد، يكون من موارد المزاحمة في حق السبق و تقدّم في مكان المصلّي بعض الكلام فيه، و يأتي في المشتركات بعضه الآخر.

لحكم العرف و العقلاء بذلك، و كذا قوله (عليه السلام): «و لا يتقدمنّ أحدكم الرجل في منزله»۱۲٥.

لأنّه من الصلاة في المغصوب حينئذ، و تقدم في مكان المصلّي عدم الجواز.

لما تقدم من أنّه من أهمّ محاسن الأخلاق المطلوبة على الإطلاق.

(مسألة ۱۸): إذا تشاحّ الأئمة رغبة في ثواب الإمامة لا لغرض دنيويّ (٤۹) رجح من قدّمه المأمومون جميعهم (٥۰) تقديما ناشئا عن ترجيح شرعيّ (٥۱) لا لأغراض دنيوية (٥۲). و إن اختلفوا فأراد كلّ منهم تقديم شخص، فالأولى ترجيح الفقيه الجامع للشرائط (٥۳) خصوصا إذا انضمّ إليه شدّة التقوى و الورع (٥٤). فإن لم يكن، أو تعدّد فالأولى تقديم الأجود قراءة (٥٥) ثمَّ الأفقه في أحكام الصلاة (٥٦)، و مع التساوي فيها فالأفقه في سائر الأحكام غير ما للصلاة (٥۷) ثمَّ الأسنّ في الإسلام (٥۸)، ثمَّ من كان أرجح في سائر الجهات الشرعية (٥۹). و الظاهر أنّ الحال كذلك إذا كان هناك أئمّة متعدّدون، فالأولى للمأموم اختيار الأرجح بالترتيب المذكور (٦۰) لكن إذا تعدّد المرجح في بعض كان أولى ممن له ترجيح من جهة واحدة (٦۱). و المرجحات الشرعية مضافا إلى ما ذكر كثيرة (٦۲) لا بد من ملاحظتها في تحصيل الأولى و ربما يوجب ذلك خلاف الترتيب المذكور. (٦۳)، مع أنّه يحتمل اختصاص الترتيب المذكور بصورة التشاح بين الأئمة أو بين المأمومين لا مطلقا (٦٤) فالأولى للمأموم مع تعدد الجماعة ملاحظة جميع الجهات في تلك الجماعة من حيث الإمام و من حيث أهل الجماعة من حيث تقواهم و فضلهم و كثرتهم و غير ذلك ثمَّ اختيار الأرجح فالأرجح (٦٥).

قادح في العدالة. و أما مع عدم القدح فيها، فلا يضرّ التشاح سواء كان لمجرد الأغراض الأخروية أو للدنيوية غير القادحة فيها أو مشتركا بينهما.

لجملة من الأخبار، و يشهد له الاعتبار أيضا.

منها: حديث المناهي قال: «و نهي أن يؤمّ الرجل قوما إلّا بإذنهم، و قال: من أمّ قوما بإذنهم و هم به راضون فاقتصد بهم في حضورهم، و أحسن صلاته بقيامه و قراءته و ركوعه و سجوده و قعوده، فله مثل أجر القوم، و لا ينقص عن أجورهم شي‏ء»۱۲۷، و عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «ثلاثة في الجنّة على المسك الأذفر: مؤذن أذّن احتسابا، و إمام أمّ قوما و هم به راضون، و مملوك يطيع اللّه و يطيع مواليه»۱۲۸، و عن السياري قال: «قلت لأبي جعفر الثاني (عليه السلام) إنّ القوم من مواليك يجتمعون فتحضر الصلاة فيؤذن بعضهم و يتقدّم أحدهم، فيصلّي بهم، فقال: إن كانت قلوبهم كلها واحدة فلا بأس قال: و من لهم بمعرفة ذلك؟ قال (عليه السلام): فدعوا الإمامة لأهلها»۱۲۹، و يدل عليه أيضا ما تقدم من تضاعف ثواب الجماعة بتضاعف المأمومين، و ما ورد من أنّ يد اللّه مع الجماعة.

كأجمعية أحدهما للكمالات النفسانية الشرعية و منه إظهار شوكة الإسلام من جهة كثرة المأمومين لأحدهما.

لأنّها ربما توجب الإخلال بقصد القربة في أصل الصلاة، فتوجب بطلانها، فلا يبقى موضوع للجماعة حينئذ.

لقبح ترجيح المرجوح على الراجح، و لما ورد من الأخبار بمضامين‏

مختلفة في فضل الفقهاء مثل ما دلّ على أنّهم «أمناء اللّه»۱۳۰، و «أنّهم ورثة الأنبياء»۱۳۱، «كأنبياء بني إسرائيل»۱۳۲، و أنّ من «صلّى خلف عالم فكأنّما صلّى خلف رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)۱۳۳ و عن الرضا (عليه السلام) أنّه قال للهاشمي: «إنّكم سادات الناس و العلماء ساداتكم»۱۳4، و ما دل على أنّ: «أئمتكم وافدكم إلى اللّه فانظروا من توفدون في دينكم و صلاتكم»۱۳٥ إلى غير ذلك مما لا تحصى.

لأنّه لا ريب في زيادة الدرجة و الفضيلة عند اللّه تعالى بذلك، بل عند الناس أيضا.

ثمَّ إنّه نسب إلى المشهور تقديم الأقرأ، ثمَّ الأقدم هجرة، ثمَّ الأسنّ ثمَّ الأصبح، للرضوي: «إنّ أولى الناس بالتقدم في الجماعة أقرأهم للقرآن فإن كانوا في القراءة سواء فأفقههم، و إن كانوا في الفقه سواء فأقدمهم هجرة، و إن كانوا في الهجرة سواء فأسنّهم، فإن كانوا في السنّ سواء فأصبحهم وجها»۱۳٦ و تقدّم أنّ «صاحب المسجد أولى بمسجده»، و عن الصادق (عليه السلام) في خبر أبي عبيدة: «أنّ النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) قال: يتقدم القوم أقرأهم للقرآن، فإن كانوا في القراءة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء، فأكبرهم سنّا، فإن كانوا في السنّ سواء فليؤمهم أعلمهم بالسنة و أفقهم في الدّين و لا يتقدمنّ أحدكم الرجل في منزله، و لا صاحب سلطان في سلطانه»۱۳۷، و عن الصدوق في‏

حديث آخر: «فإن كانوا في السنّ سواء فأصبحهم وجها»۱۳۸، و لكن الظاهر بل المعلوم أنّه ليس المراد بالأقرإ مجرّد العلم بالتجويد مع الجهل بأحكام الصّلاة بل المراد به العلم بأحكام القرآن الذي لا ينفّك غالبا عن كونه فقيها خصوصا في أوائل الإسلام التي كان مدار الفقاهة على علم القرآن، فيكون المراد بالأفقه حينئذ الأفقه بالسنّة، فلا تنافي هذه الأخبار قول الماتن (رحمه اللّه) و على فرض الجمود على أنّ المراد به خصوص العلم بالتجويد فلا بد من حمله على المرتبة المتأخرة عن الفقيه الجامع للشرائط، لعدم مقاومة مثل هذه الأخبار- مع قصور سندها- لمعارضة ما ارتكز في العقول و ثبت بالمستفيضة من آل الرسول (صلّى اللّه عليه و آله) من تقديم الفقيه على غيره- كما تقدم‏۱۳۹– فيكون المرتكز و الأخبار من القرينة المتصلة المقيّدة لإطلاق مثل هذه الأخبار كما أنّ الظاهر أنّه لا موضوعية للأقرب هجرة و لا الأسنّ، بل هما طريقان إلى أكثرية الأسنّ بالمعارف الإسلامية إذ ربّ كبير سنّ و أقرب هجرة ليس لهما من أحكام الإسلام نصيب و ربّ شاب أفقه من شائب.

لما مرّ في الرضوي، فإنّ الأفقهية في أحكام الصّلاة هو المتيقن منه و أما خبر أبي عبيدة- المتقدّم- فإن كان المراد بأقدم هجرة الأفقهية في أحكام الصّلاة أيضا فيوافق الرضوي و إلا فهو مخدوش من هذه الجهة فقط بإعراض المشهور.

لما تقدم في الصادقي و الرضوي (عليهما السلام).

بدعوى أنّ للأفقهية مراتب متفاوتة، منها: ما كانت في أحكام الصلاة، و منها: ما كانت في غيرها، و مقتضى مرتكزات المتشرعة تقديم الأولى‏

على الثانية، فينزل الرضوي على ذلك أيضا تنزيلا عرفيا.

لما مر من أنّه لا موضوعية للهجرة من حيث هي، بل تكون طريقا لتعلم معارف الإسلام و التفقه في الدّين و على هذا، فالأسنّ يكون أعلم بأحكام الدّين و أقرب إلى الكمالات الإنسانية من غيره غالبا، و لو فرض العكس ففي شمول الدليل له منع، و يشهد لما قلنا مكاتبة ابن ماهويه و أخيه إلى أبي الحسن الثالث (عليه السلام): «اصمدا في دينكما على كل مسنّ في حبنا و كل كثير القدم في أمرنا، فإنهما كافوكما إن شاء اللّه تعالى»۱4۰ فإنّ ظهورها في عدم الموضوعية لمطلق الهجرة مما لا ينكر.

لإطلاق مثل قولهم (عليه السلام): «قدموا أفضلكم» المراد به الاقتداء بالأفضل بأيّ وجه تحققت الأفضلية الشرعية، و لكن لا بدّ و أن يقيد هذا بما إذا لم يستلزم الترجيح تضييع حق أو توهين لشخص، فإنّ مثل هذه الموارد من مصائد الشيطان.

لإطلاق قولهم (عليهم السلام): «قدّموا أفضلكم و قدموا خياركم»۱4۱ و لا ريب في أنّ الأفضلية و الخيرية من الأمور الإضافة القابلة للشدة و الضعف.

لإطلاقات أدلة الترجيح الشاملة لصورة التشاح و غيرها و كذا لو كان هناك جمع صالحون للإمامة و أراد المأموم تقديم واحد منهم بلا تشاح بينهم و لا بين الأئمة.

لأنّه حينئذ يصير أفضل من غيره، فيشمله إطلاق الدليل، مضافا إلى أنّ تقديم ذي المزية الفاضلة من المرتكزات العقلائية في الجملة بلا فرق فيه بين صورة التشاح و غيرها.

كالتجلّي بمكارم الأخلاق، و الرياضات الشرعية، و شرف النسب و غير ذلك، و قد يكون المرجح عرفيا إن لم يرجع إلى الأمر الدنيوي المحض.

لأنّه بحسب الغالب لا الحصر الحقيقي من كل جهة، مع أنّه لا بدّ من ملاحظة الأهم و المهم، و هي تختلف اختلافا كثيرا بحسب الخصوصيات و الجهات، فيوجب ذلك خلاف الترتيب لا محالة.

هذا الاحتمال خلاف الإطلاقات، فهو ساقط، و لو كان له وجه لأشير إليه في خبر من الأخبار في هذا الأمر العام البلوى.

(مسألة ۱۹): الترجيحات المذكورة إنّما هي من باب الأفضلية و الاستحباب لا على وجه اللزوم و الإيجاب (٦٦) حتّى في أولوية الإمام الراتب الذي هو صاحب المسجد، فلا يحرم مزاحمة الغير له و إن كان‏ مفضولا من سائر الجهات أيضا إذا كان المسجد وقفا (٦۷) لا ملكا له و لا لمن لم يأذن لغيره في الإمامة.

للأصل، و السيرة، و ظهور الإجماع، بل الضرورة، فما نسب إلى ابن أبي عقيل- من منع إقامة الجاهل للعالم، و إلى المبسوط من وجوب تقديم الأقرأ على الأفقه- محمول على ما لا يخالف السيرة و الإجماع.

لكن يجري فيه حينئذ حكم ما تقدم في بحث المكان من المزاحمة في حق السبق، فراجع.

(مسألة ۲۰): يكره إمامة الأجذم، و الأبرص (٦۸)، و الأغلف- المعذور في ترك الختان (٦۹) و المحدود بحدّ شرعيّ بعد توبته (۷۰)، و من يكره المأمومون إمامته (۷۱)، و المتيمّم للمتطهّر (۷۲)، و الحائك، و الحجام، و الدباغ. (۷۳) إلّا لأمثالهم (۷٤)، بل الأولى عدم إمامة كلّ ناقص للكامل (۷٥) و كل كامل للأكمل (۷٦).

مرّ ما يتعلّق بهما في [مسألة ۱۱]: فلا وجه للإعادة.

لخبر الأصبغ عن عليّ (عليه السلام): «ستة لا ينبغي أن يؤموا الناس ولد الزّنا، و المرتد، و الأعرابي بعد الهجرة، و شارب الخمر، و المحدود، و الأغلف،۱4۲ المحمول على الكراهة بالنسبة إلى غير الثاني و الخامس بقرينة قوله (عليه السلام): «لا ينبغي» مع أنّه لا وجه للحرمة بل و لا الكراهة بالنسبة إلى الأعرابي بعد الهجرة و تعلّمه الأحكام الشرعية، و قد مرّ أنّ السبق إلى الهجرة من المرجّحات.

و أما قوله (عليه السلام): «الأغلف لا يؤمن القوم و إن كان أقرأهم، لأنّه ضيع من السّنة أعظمها، و لا تقبل له شهادة، و لا يصلّي عليه إلّا أن يكون ترك ذلك خوفا على نفسه»۱4۳، فقاصر سندا عن إفادة الحرمة، مع أنّه لم يذكر أحد من شرائط وجوب الصلاة على الميت المسلم كونه مختونا، بل لا يجوز أن يختن بعد موته كما مرّ في أحكام الأموات، فهذه الرواية موهونة من هذه الجهة. نعم، لو تمكّن من الختان و تركه عمدا يمكن أن يكون ذلك كبيرة بناء على أنّ ترك كل واجب كبيرة، أو يكون من الإصرار على الصغيرة، فيوجب الفسق على أيّ حال.

مرّ ما يتعلّق به في [مسألة ۱۱] فراجع.

للنبوي: «ثمانية لا يقبل اللّه لهم صلاة:- إلى أن قال- و إمام قوم يصلّي بهم و هم له كارهون»۱44، و عن الصادق (عليه السلام)- فيمن لا يقبل لهم صلاة: «و الرجل يؤم القوم و هم له كارهون»۱4٥ و قد عمل بهما المشهور و حملوهما على الكراهة، و يحتمل أن يراد بهذه الأخبار كراهة المأمومين له من جهة عدم ديانته أصلا، فتبطل الجماعة حينئذ إلا أن تكون تقية في البين، فلا وجه للاستدلال بهما حينئذ للمقام.

لقوله (عليه السلام): «لا يؤم صاحب التيمم المتوضئين»۱4٦ المحمول على الكراهة جمعا كما مر.

للنبوي (صلّى اللّه عليه و آله): «لا تصلّ خلف الحائك و إن كان عالما، و لا الحجام و إن كان زاهدا، و لا الدبّاغ و إن كان عابدا»۱4۷.

لانصراف الخبر عنهم عرفا.

خروجا عن خلاف الإيضاح قال في الجواهر: «و من العجيب ما عن الإيضاح من أنّه كل ما اشتملت صلاة الإمام على الرخصة في ترك واجب، أو فعل محرّم لسبب اقتضاها و خلا المأموم عن ذلك السبب لم يجز الائتمام من رأس».

لما في البيان من كراهة إمامة الكامل للأكمل، و أرسل ذلك إرسال المسلمات.

___________________هوامش____________________

  1. الوسائل باب: ۱4 من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۷
  2. الوسائل باب: ۱4 من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۸.
  3. الوسائل باب: ۱4 من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۳.
  4. الوسائل باب: ۱4 من أبواب صلاة الجماعة حديث: ٥.
  5. الوسائل باب: ۱4 من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۲.
  6. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۱۱.
  7. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۱.
  8. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ٥.
  9. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۲.
  10. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۱.
  11. الوسائل باب: ٥٦ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۱.
  12. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ٥.
  13. الوسائل باب: ۱۲ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۱.
  14. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ٥.
  15. الوسائل باب: 4۱ من أبواب الشهادات حديث: ۱.
  16. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ٦.
  17. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب صلاة الجماعة حديث: 4.
  18. الوسائل باب: ۱۲ من أبواب صلاة الجماعة حديث: 4.
  19. الوسائل باب: ٦ من أبواب كيفية الحكم و أحكام الدعوى حديث: ۱.
  20. البقرة: ۲۸۲.
  21. الوسائل باب: 4۱ من أبواب الشهادات حديث: ۱۳.
  22. الوسائل باب: 4۱ من أبواب الشهادات حديث: ۲۳.
  23. الوسائل باب: 4۱ من أبواب الشهادات حديث: ۲۱.
  24. راجع صفحة ۱۰۸.
  25. الوسائل باب: ۳4 من أبواب صلاة الجماعة حديث: ٥.
  26. تقدم في صفحة: ۱۰۸.
  27. الوسائل باب: 4۱ من أبواب الشهادات حديث: ۱۲.
  28. الوسائل باب: 4۱ من أبواب الشهادات حديث: ۳.
  29. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۲.
  30. تقدم في صفحة: ۱۰۸.
  31. الوسائل باب: 4٦ من أبواب جهاد النفس حديث: ۳۳.
  32. الوسائل باب: 4٦ من أبواب جهاد النفس حديث: ۳٦.
  33. أصول الكافي ج: ۱ صفحة ۱۹ حديث: ۱۲ من كتاب العقل و الجهل.
  34. البحار باب: مكارم أخلاق النبي( صلّى اللّه عليه و آله) ج: ۱٦ صفحة: ۲۸٥.
  35. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب آداب المائدة حديث: ۲.
  36. البحار ج: ۱٦ صفحة: ۲۳۸ باب مكارم أخلاق النبي( صلّى اللّه عليه و آله).
  37. راجع روضة الكافي: صفحة ۲4۱ رقم ۲۳۱.
  38. الوسائل باب: 4۹ من أبواب آداب السفر حديث: ۱۲ كتاب الحج.
  39. سورة النساء: ۳۰.
  40. الوسائل باب: 4٦ من أبواب جهاد النفس حديث: ٥.
  41. راجع تفسير البرهان ج: ۳ صفحة: ۳۰۸ في تفسير آية ۳۰ من سورة الأحزاب.
  42. الوافي ج: ۱ صفحة: ٥۲.
  43. الوسائل باب: 4٦ من أبواب جهاد النفس حديث: ۲4.
  44. سورة البقرة: ۱۹۱.
  45. الوسائل باب: ۱٥۲ من أبواب أحكام العشرة حديث ۱۸.
  46. الوسائل باب: ۱ من أبواب الربا من كتاب التجارة.
  47. راجع الوسائل باب: ۱۰ من أبواب صلاة الجماعة.
  48. راجع الوسائل أبواب جهاد النفس، و أبواب الشهادات، و أبواب العشرة، و أبواب ما يكتسب به. به و أبواب و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.
  49. الوسائل باب: 4۸ من أبواب جهاد النفس حديث: 4.
  50. راجع تفسير الصافي في تفسير آية ۱۳٥ من سورة آل عمران. ج: ۱ صفحة: ۲۹۸.
  51. الوسائل باب: 4۸ من أبواب جهاد النفس الحديث: ۳، و كذا باب: 4۷ منه حديث: ۱۱.
  52. سورة البقرة: ۲۱٦.
  53. الوسائل باب: 4٦- من أبواب جهاد النفس حديث: ۲۰.
  54. راجع الوسائل باب ۹٦ من أبواب أحكام الأولاد، و باب: ۱ و ۲ و ۳ من أبواب الاحتضار.
  55. سورة الشورى: ٥.
  56. راجع الوسائل باب: ۱۰۱ من أبواب جهاد النفس حديث: ۱۰ و غيره.
  57. الوسائل باب: ٥۲ من أبواب الدعاء حديث: 4.
  58. الوسائل باب: ۱۸ من أبواب أحكام شهر رمضان.
  59. أمّا الكتاب: فقوله تعالى في سورة هود: ۱۱4 و الفرقان: ۷، و أمّا السنة فراجع باب: ۹٦ من أبواب جهاد النفس.
  60. سورة النساء: ۳۱.
  61. راجع ج: ۳ صفحة ۳۸۱ من المهذب، و المجلد و الثالث من بحار الأنوار الطبعة القديمة باب الشفاعة.
  62. راجع الوسائل باب: ۹۰ و ۹۱ و ۹۲ من أبواب جهاد النفس.
  63. سورة النساء: 4۸.
  64. غافر: ۷.
  65. التحريم: ۸.
  66. التغابن: ۱۳.
  67. الوسائل باب: ۹۳ من أبواب جهاد النفس.
  68. الوسائل باب: ۸۳ من أبواب جهاد النفس حديث: ٦.
  69. تقدّم في صفحة: ۱۱۹.
  70. الوسائل باب: ٦۸ من أبواب جهاد النفس حديث: ۸.
  71. راجع المائدة: ٥ و الأنعام: ۸۸ و هود: ۱٦ و غيرها من الآيات الشريفة.
  72. راجع البحار ج: ۳ صفحة: ۹۲ من طبعة الكمباني و تفسير البرهان ج: ۱ صفحة 4٥۰.
  73. الزلزلة: ۷ و ۸.
  74. الفرقان: ۲۳.
  75. البقرة: ۲۱۷
  76. الزلزلة: ۷.
  77. الوسائل باب: ۹۹ من أبواب جهاد النفس حديث ۱.
  78. راجع الوافي ج: ۳ أبواب الأيمان.
  79. النساء: ۳۱.
  80. سورة هود: ۱۱4.
  81. الوسائل باب: ۷ من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها حديث: ۸.
  82. راجع الوسائل أحاديث باب: ۱ من أبواب وجوب الصوم، و الحج باب: ۱ من أبواب أحكام. شهر رمضان و أبواب وجوب الجهاد و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.
  83. سورة النساء: ۳۱.
  84. سورة الكهف: ۳۰.
  85. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۱4.
  86. راجع تفسير البرهان ج: 4 صفحة: ۳٥٥
  87. سورة التحريم: ۸.
  88. ورد مضمونه في الوسائل باب: ۸۷ من أبواب جهاد النفس حديث: 4.
  89. سورة الأنعام: ۱٦۰.
  90. الوسائل باب: ۱4 من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۲.
  91. الوسائل باب: ۸۳ من أبواب نكاح العبيد و الإماء حديث ۲.
  92. سنن البيهقي ج: ۳ صفحة: ۹۰ و راجع مستدرك الوسائل باب: ۱۸ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۱.
  93. راجع الوسائل باب: ٥ و ٦ من أبواب مكان المصلّي.
  94. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۳.
  95. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۲.
  96. الوسائل باب: ۲۲ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۱.
  97. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۱.
  98. تقدمتا في صفحة: ۱۳۱.
  99. تقدمتا في صفحة: ۱۳۱.
  100. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۲.
  101. الوسائل باب: ۲۲ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۱
  102. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ٦.
  103. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۱.
  104. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۲.
  105. الوسائل باب: ۲۲ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۱.
  106. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۱.
  107. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۲.
  108. الوسائل باب: ۲۰ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۱۱.
  109. الوسائل باب: ۲۰ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۷.
  110. الوسائل باب: ۲۰ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۱
  111. الوسائل باب: ۲۰ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۲.
  112. الوسائل باب: ۲۰ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ٥ و ٦.
  113. راجع الوسائل باب: ۲۰ من أبواب صلاة الجماعة حديث: 4 و ۳.
  114. الوسائل باب: ۱٥ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۲
  115. الوسائل باب: ۱٥ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۲.
  116. تقدم في صفحة: ۱۰۸.
  117. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۲.
  118. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۱4.
  119. سورة الأعراف: ۱۷٦.
  120. راجع نهج البلاغة: الباب: رقم ۱4۷
  121. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۱۲.
  122. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب صلاة الجماعة الدعوى حديث: ۲.
  123. راجع صفحة ۱۰۸.
  124. مستدرك الوسائل باب: ۲٥ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ٥.
  125. الوسائل باب: ۲۸ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۱.
  126. كنز العمال ج: ٦ صفحة: ۱۹۸
  127. الوسائل باب: ۲۷ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۲.
  128. الوسائل باب: ۲۷ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ٥.
  129. الوسائل باب: ۲۷ من أبواب صلاة الجماعة حديث: 4.
  130. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب صفات القاضي حديث: ۱۰.
  131. الوسائل باب: ۸ من أبواب صفات القاضي حديث: ۲.
  132. البحار ج: ۲ باب: ۸ من كتاب العلم حديث: ٦۷.
  133. الوسائل باب: ۲٦ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ٥.
  134. لم أعثر على مصدره و إنما ورد في الكتب الفقهية.
  135. الوسائل باب: ۲٦ من أبواب صلاة الجماعة حديث: 4.
  136. مستدرك الوسائل باب: ۲٥ من أبواب صلاة الجماعة حديث: 4.
  137. الوسائل باب: ۲۸ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۱.
  138. الوسائل باب: ۲۸ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۲.
  139. راجع صفحة: ۱44.
  140. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب صفات القاضي حديث 4٥.
  141. الوسائل باب: ۲٦ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۲ و ۳.
  142. الوسائل باب: ۱4 من أبواب صلاة الجماعة حديث: ٦.
  143. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۱.
  144. الوسائل باب: ۲۷ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۱.
  145. الوسائل باب: ۲۷ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۳.
  146. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۷.
  147. مستدرك الوسائل باب: ۱۳ من أبواب صلاة الجماعة حديث: 4.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"