1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. کتاب الصلاة
  10. /
  11. فصل في القيام
و هو أقسام: إما ركن (۱) و هو: «القيام حال تكبيرة الإحرام، و القيام المتصل‏ بالركوع (۲)، بمعنى أن يكون الركوع عن قيام (۳)، فلو كبّر للإحرام جالسا أو في حال النهوض بطل، و لو كان سهوا (٤)، و كذا لو ركع لا عن قيام، بأن قرأ جالسا ثمَّ ركع (٥)، أو جلس بعد القراءة أو في أثنائها و ركع، بأن نهض متقوّسا إلى هيئة الركوع القيامي و كذا لو جلس، ثمَّ قام متقوّسا من غير أن ينتصب، ثمَّ يركع (٦). و لو كان ذلك كلّه سهوا (۷). و واجب (۸) غير ركن (۹)، و هو: «القيام حال القراءة و بعد الركوع». و مستحب و هو: «القيام حال القنوت (۱۰)، و حال تكبير الركوع». و قد يكون مباحا و هو: «القيام بعد القراءة، أو التسبيح، أو في أثنائها مقدارا من غير أن يشتغل بشي‏ء». و ذلك في غير المتصل بالركوع، و غير الطويل الماحي للصورة (۱۱).

و لا بد أولا من الإشارة إلى أمور:

الأول: لا ريب بين المسلمين أنّ القيام في الجملة من أفعال الصلاة، و قال تعالى‏ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَ قُعُوداً۱، يعني أنّ الصحيح يصلّي قائما و المريض قاعدا، كما في الحديث‏۲، و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«من لم يقم صلبه فلا صلاة له»۳.

و ستأتي جملة أخرى من الأخبار أيضا.

الثاني: ينقسم القيام في الصلاة حسب الأحكام الخمسة، فالواجب ما كان في ضمن واجب، و المندوب ما كان في ضمن مندوب، كالقنوت مثلا و المباح ما لم يكن في ضمنهما. و الحرام ما كان منه ماحيا للصورة الصلاتية، أو قيام المريض المضر بحاله الذي يكون تكليفه الصلاة عن جلوس و نحو ذلك.

و المكروه كالصلاة في مواضع التهمة بحيث تترتب التهمة على نفس القيام، فهو من المكروه و بمعنى أقلية الثواب، كما هو الشأن في المكروهات المتعلقة بالصلاة.

الثالث: القيام من المبيّنات العرفية عند كلّ مذهب و ملة، و كلّ عابد يقوم لدى معبوده و يتخاضع له، فإن ورد من الشرع ما دل على اعتبار قيد زائد فيه نأخذ به و إلا فالمتبع إنّما هو العرف و العادة فيما يتحقق به القيام، مع أنّ أصالة البراءة تنفي كل ما شك في شرطيته في المقام، كما يأتي التفصيل في مستقبل الكلام.

الرابع: دخل المندوبات في الواجبات تارة بجامع أصل المحبوبية، و ذات الطلب و الرجحان، و أخرى: بوصف الندب المقابل للوجوب، و يكون الدخل على نحو يصير الواجب من أفضل أفراد الواجب، و ثالثة: بكونها جزء الفرد لا جزء ذات الطبيعة من حيث الوجوب، و رابعة: بكونها جزءا لطبيعة الواجب المهملة في غاية الإهمال القابلة الصدق على كلّ ما يقارنها، و خامسة: تكون جزء الطبيعة من حيث الوجوب بنحو المسامحة العرفية، كجزئية الألوان و التزيينات للبيت مع كون قوام البيت بشي‏ء آخر، و سادسة: تكون جزءا للطبيعة من حيث الوجوب بنحو الدقة العقلية. و الكلّ صحيح غير الأخير، و يصح تنزيل الأدلة الشرعية على الجميع خصوصا الوجه الخامس، و يصح دخل القيام المندوب في الصلاة بأحد من الوجوه المزبورة، و هكذا سائر مندوبات الصلاة.

و ما يقال تارة: بأنّ لازم بعض الوجوه- كالوجه الثاني- صحة إتيان الأجزاء المندوبة بقصد الوجوب. و هو خلاف الإجماع. و أخرى: بأنّه خلاف ظواهر الأدلة الدالة على استحباب تلك الأجزاء.

مردود: بأنّه لا ملازمة عقلا و لا شرعا و لا عرفا بين صيرورة شي‏ء موجبا لأفضلية واجب من بين سائر أفراد ذلك الواجب، و صحة قصد الوجوب بذلك الشي‏ء، لأنّ جهات الأفضلية خارجة عن قوام الشي‏ء و ذاته و لا مخالفة فيه لظواهر الأدلة الدالة على استحباب ذلك الشي‏ء، إذ لا ينقلب حكمه بصيرورته موجبا لأفضلية الفرد الواجب عن الفرد الفاقد لها.

المعروف بين الفقهاء (قدس سرهم) أنّ القيام ركن في الجملة، و هو يتصوّر على وجوه:

منها: أن يكون مجموع القيام من حيث المجموع ركنا. و يرده: ما تسالموا عليه من أنّ ناسي القراءة أو التسبيحات الأربع تصح صلاته، و لا وجه للصحة مع ركنية المجموع و إجماعهم على أنّ نسيان الركن يوجب البطلان.

و منها: أن يكون صرف وجوده ركنا بذاته، كالقيام حال تكبيرة الافتتاح و ما يتحقق منه الانحناء الركوعي و هما قد يتحدان، كما إذا كبّر للافتتاح و نسي القراءة و ركع بعد الافتتاح بلا فصل، و قد يختلفان كما إذا كبّر للافتتاح و أتى بالقراءة ثمَّ ركع عن قيام متصل بالركوع.

و منها: أن تكون ركنيته من باب الوصف بحال المتعلق، فيكون شرطا للركن و هو تكبيرة الافتتاح و الركوع لا أن يكون ركنا بذاته، فمن كبّر جالسا أو ركع عن جلوس تبطل صلاته لفقد شرط التكبيرة لا لفقد ركن مستقل آخر و هو القيام، و الذي يظهر من موثق عمار هو الأخير بمعنى شرطيته لما هو تكليف المكلّف فعلا للتكبيرة أو الركوع، أعم من القيام أو القعود. قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل وجبت عليه صلاة من قعود فنسي حتّى قام، و افتتح الصلاة و هو قائم ثمَّ ذكر. قال عليه السلام: يقعد و يفتتح الصلاة و هو قاعد، و لا يعتد بافتتاحه الصلاة و هو قائم، و كذلك إن وجبت عليه الصلاة من قيام فنسي حتّى افتتح الصلاة و هو قاعد، فعليه أن يقطع صلاته و يقوم، فيفتتح الصلاة و هو قائم»4.

و هو ظاهر في كونه شرطا لصحة تكبيرة الافتتاح، إذ لو كان واجبا مستقلا في عرضها لكانت التكبيرة التي وقعت أولا صحيحة و التكبيرة الثانية توجب بطلان الصلاة، لأنّها من زيادة الركن كما مرّ، فيدل هذا الموثق على حكم النقيصة السهوية من القيام سواء سمّي بالركن أم لا، فلا ثمرة للنزاع في كون القيام حال التكبيرة ركنا أو لا بالنسبة إلى النقيصة السهوية للنص الخاص الوارد فيها، و كذا الزيادة إذ لا يتصور زيادة القيام سهوا حال التكبيرة إلا بزيادتها كذلك. و أما زيادة القيام سهوا في غير حال التكبيرة، فلا توجب البطلان إلا مع انطباق مبطل آخر

عليها من محو الصورة و نحوه.

و أما القيام المتصل بالركوع فمقتضى الإجماع محصّله و منقوله بطلان صلاة من ركع جالسا و لو سهوا مع التمكن من القيام فيجب إحداث الركوع عن انحناء خاص مسبوق بالاستقامة و إقامة الصلب، فالركوع الذي هو جزء الصلاة إنّما هو هذا الركوع الخاص. و لا ريب في شرطية هذا القيام للركوع، كما لا ريب في أنّ ترك الركوع و لو سهوا يوجب بطلان الصلاة، و حينئذ فلو اقتصر على هذا الركوع تبطل الصلاة لنقصان الركوع، و لو أتى به ثانيا تبطل لزيادة الركوع.

و لكن يشكل ذلك‏ أولا: بأنّه لا يدل على كون القيام ركنا من حيث هو، بل هو شرط للركن الذي هو الركوع و هو خلاف ظاهر الكلمات الدالة على أنّه ركن بنفسه.

و ثانيا: بأنّه إذا كان القيام شرطا لصحة الركوع يكون الركوع الصادر عن جلوس كالعدم لأنّ المشروط ينعدم بعدم شرطه، فلا وجه لقولهم: إنّه إن ركع ثانيا عن قيام تبطل الصلاة لزيادة الركن الذي هو الركوع، لأنّ ما حصل منه أولا لم يكن ركوعا شرعيا حتّى يكون الثاني زيادة، فمقتضى الجمود على القواعد صحة الصلاة حينئذ، إلا أن يقال:

إنّ الركوع الصلاتي هو الجامع بين الركوع القيامي و القعودي، و هو خلاف ظاهر الكلمات، فطريق الاحتياط لمن ركع عن جلوس سهوا ثمَّ تذكر هو إتيان الركوع قائما، و إتمام الصلاة ثمَّ إعادتها، و لكن مقتضى الجمود على الإجماعات كون القيام حال التكبيرة و القيام المتصل بالركوع ركنا بنفسه و لا منافاة بين كونه شرطا لركن، و كونه ركنا بنفسه أيضا، كما لا منافاة بين كون شي‏ء واجبا بنفسه و شرطا لواجب آخر، كصلاة الظهر بالنسبة إلى صلاة العصر مثلا.

ثمَّ إنّه قال في الرياض: «لم يظهر لي ثمرة لهذا البحث من أصله بعد الاتفاق على عدم ضرر في نقصانه بنسيان القراءة و أبعاضها و بزيادته في غير المحلّ سهوا و بطلان الصلاة بالإخلال بما كان منه في تكبيرة الإحرام و قبل الركوع مطلقا».

أقول: و هو كلام حسن متين بعد الاعتماد على الإجماع في البطلان بالنسبة

إلى القيام المتصل بالركوع و قد تقدم طريق الاحتياط. و أما قيام التكبيرة فلا نحتاج إلى الإجماع بعد ما تقدم من موثق عمار.

لما تقدم من الإجماع المتسالم عندهم.

للنص و الإجماع، و يأتي التفصيل إن شاء اللّه تعالى.

لما مرّ من موثق عمار، مضافا إلى الإجماع.

لما يظهر منهم الإجماع على البطلان حينئذ، مضافا إلى فقد القيام المتصل بالركوع.

لفقد اتصال الهوي للركوع بالقيام، و هو معتبر إجماعا، كما ادعاه جمع من الفقهاء.

للإجماع محصّله و منقوله، على أنّ شرط صحة الركوع في حال الاختيار كونه عن هويّ قياميّ و مسبوقا بالانتصاب، و لا يجري حديث «لا تعاد»٥ في المقام، لأنّ الركوع إذا كان مشروطا بالانتصاب القياميّ يكون من المستثنى لا المستثنى منه.

لظهور الإطلاق و الاتفاق.

لحديث «لا تعاد»٦ و منه يظهر حال القيام بعد الركوع على ما يأتي‏

في محلّه.

يأتي تفصيله في المسألة الثالثة الآتية.

لما مرّ في الأمر الثاني، فراجع. ثمَّ إنّه لو أتى بالقيام المباح بقصد الأمر يكون تشريعا، إذ لا أمر به، بل يوجب البطلان إن صدقت عليه الزيادة العمدية و كان بقصد الجزئية.

(مسألة ۱): يجب القيام حال تكبيرة الإحرام من أولها إلى آخرها (۱۲)، بل يجب من باب المقدمة قبلها و بعدها (۱۳)، فلو كان جالسا و قام للدخول في الصلاة، و كان حرف واحد من تكبيرة الإحرام حال النهوض قبل تحقق القيام بطل، كما أنّه لو كبر المأموم و كان الراء من أكبر حال الهويّ للركوع كان باطلا (۱٤) بل يجب أن يستقر قائما، ثمَّ يكبّر، و يكون مستقرا بعد التكبير ثمَّ يركع (۱٥).

لأنّها بأجزائها و جزئياتها من الصلاة، فيعتبر فيها ما يعتبر في الصلاة، و لخصوص موثق عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام: «و كذلك إن وجبت عليه الصلاة من قيام فنسي حتّى افتتح الصلاة و هو قاعد، فعليه أن يقطع صلاته، و يقوم فيفتتح الصلاة و هو قائم، و لا يعتد بافتتاحه و هو قاعد»۷.

المقدمة العلمية ما يوجب الإتيان بها العلم بفراغ الذمة عما اشتغلت به أو ما يحتمل اشتغالها به و هي من الفطريات لكلّ من يعتني بدينه و أموره و منشأها الاهتمام بالمكلّف به، سواء كانت في الفرد المشتبه بالواجب، كالصلاة إلى أربع جهات عند اشتباه القبلة مثلا، أم لحصول العلم بفراغ الذمة عن الواجب المعلوم، كما في المقام.

لاعتبار القيام و الاستقرار في التكبيرة بتمام أجزائها و جزئياتها، و اعتبار القيام و الاستقرار في القيام المتصل بالركوع إجماعا، إذ يشمل ذلك جميع ما ذكره في المتن، و يأتي التفصيل في المسائل اللاحقة إن شاء اللّه تعالى.

لما مرّ، و لصحيح سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام:

«في الرجل إذا أدرك الإمام و هو راكع، و كبّر الرجل و هو مقيم صلبه ثمَّ ركع قبل أن يرفع الإمام رأسه فقد أدرك الركعة»۸.

(مسألة ۲): هل القيام حال القراءة و حال التسبيحات الأربع شرطا فيهما أو واجب حالهما؟ وجهان (۱٦) الأحوط الأول، و الأظهر الثاني، فلو قرأ جالسا نسيانا، ثمَّ تذكر بعدها، أو في أثنائها صحت قراءته، و فات محلّ القيام، و لا يجب استئناف القراءة (۱۷)، لكن الأحوط الاستئناف قائما (۱۸).

لاختلاف الروايات، فظاهر قوله عليه السلام: «الصحيح يصلّي قائما، و المريض يصلّي جالسا»۹.

الشرطية، و يمكن استفادة الجزئية من قوله صلّى اللّه عليه و آله: «من لم يقم صلبه فلا صلاة له»۱۰.

كما في قوله عليه السلام: «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب»۱۱.

و لكن هذا التعبير أعم من الجزئية لاستعماله في الشرطية أيضا، كما في‏

قوله عليه السلام: «لا صلاة إلا بطهور»۱۲. «و لا صلاة إلا إلى القبلة»۱۳.

بل يستعمل في نفي الكمال أيضا، كما في قوله عليه السلام: «لا صلاة لجار المسجد إلا في مسجده»۱4.

إلا أن يقال: إنّ الأصل في استعماله نفي الحقيقة إلا مع القرينة على الخلاف، و الجزئية أقرب إلى الحقيقة من الشرطية، و لعلّ هذا هو وجه الأظهرية التي ذكرها الماتن (قدس سره)، هذا بحسب الاستظهار من الأدلة. و أما بحسب الأصل فالشرطية قيد زائد يرفع بالأصل، مع مناسبته مقام العبودية، لكون الوقوف بين يدي المعبود مطلوبا مستقلا، كالركوع و السجود له. و أما كلمات الأصحاب فظاهرها الجزئية في عرض سائر الأجزاء، فراجع كلماتهم في المطولات.

لحديث لا تعاد بناء على عدم شرطية القيام للقراءة، و لكن يجب القيام للركوع عن قيام. و أما بناء على الشرطية فحيث إنّه لم يأت بالقراءة و المحلّ باق وجب عليه الإتيان بها، لإطلاق أدلة وجوبها، و لو شك في أنّه جزء أو شرط فلا يصح التمسك بحديث «لا تعاد»۱٥ لأنّه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، و مقتضى قاعدة الاشتغال حينئذ وجوب الإتيان بها أيضا.

لاحتمال شرطية القيام، و لا يترك هذا الاحتياط بعنوان الرجاء.

(مسألة ۳): المراد من كون القيام مستحبا حال القنوت أنّه‏ يجوز تركه بتركه (۱۹)، لا أنّه يجوز الإتيان بالقنوت جالسا عمدا. لكن نقل عن بعض العلماء جواز إتيانه جالسا، و أنّ القيام مستحب فيه لا شرط. و على ما ذكرنا فلو أتى به جالسا عمدا لم يأت بوظيفة القنوت، بل تبطل صلاته للزيادة (۲۰).

المحتملات في القيام في القنوت ثلاثة: كونه شرطا لصحته، و كونه شرطا لكماله، و كونه مستحبا بنفسه. فيكون القنوت حينئذ من المندوب في المندوب. و مقتضى قوله تعالى‏ وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ‏۱٦.

و ظواهر الأخبار، و كلمات الأصحاب، و التزام المصلّين به خلفا عن سلف هو الأول، فلا وجه لما نقل عن البعض، على فرض وجود قائل محقق به، و يأتي في فصل القنوت إن شاء اللّه تعالى بعض ما ينفع المقام.

و لا يخفى أنّ في إطلاق المستحب على القيام حال القنوت بما ذكره في المتن مسامحة لأنّ جميع شرائط صحة المندوبات يجوز تركها بترك تلك المندوبات، كالطهارة و الستر بالنسبة إلى الصلوات المندوبة، و يأتي التصريح منه رحمه اللّه في [مسألة ۱٥] من (فصل القنوت) أنّ القيام شرط في القنوت. و ما عن المحقق الثاني رحمه اللّه من أنّه واجب لاتصاله بالقيام الواجب واضح الخدشة: لأنّ الاتصال بالواجب أعم من الوجوب خصوصا فيما ينحل إلى الأجزاء كما أنّ ما عن صاحب الجواهر من أنّه أفضل أفراد الواجب التخييري خلاف ظواهر الأدلة التي تأتي في القنوت فراجع.

ثمَّ إنّه (قدس سره) جعل الأظهر في القيام حال القراءة أنّه جزء و اختار في القيام حال القنوت الشرطية، كما يأتي مع أنّه لا فرق بينهما، فتأمل.

القنوت المأتي به جالسا تارة يكون بعنوان مطلق الذكر و الدعاء و لا بأس به مطلقا، لما ورد من الترخيص فيهما.

و أخرى: يكون بعنوان القنوت مع القول بأنّه مستحب مستقل ظرفه الصلاة فلا وجه لكونه مبطلا حينئذ، لأنّ الزيادة المبطلة ما كانت بقصد الجزئية، و المفروض عدمه، و عدم كون القنوت جزءا.

و ثالثة: يكون بقصده مع كون القنوت جزءا صلاتيا على ما تقدم تصويره سابقا، و كون القيام شرطا لصحته و حينئذ تتصوّر الزيادة العمدية و مع ذلك ففي البطلان إشكال لإطلاق قوله عليه السلام: «كلّما ذكرت اللّه عزّ و جلّ به و النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فهو من الصلاة»۱۷.

و قوله عليه السلام: «كلّما كلمت اللّه به في صلاة الفريضة فلا بأس»۱۸.

و إطلاقهما يشمل ما لو قصد الجزئية أيضا، و طريق الاحتياط حينئذ الإتمام ثمَّ الإعادة و يأتي منه رحمه اللّه في [المسألة ۲۹] الإشكال في الصحة لو ترك الاستقرار في الأذكار المندوبة مع اتحادها مع المقام فلا وجه للجزم بالبطلان هنا و الإشكال هناك.

(مسألة ٤): لو نسي القيام حال القراءة و تذكر بعد الوصول إلى حد الركوع صحت صلاته (۲۱)، و لو تذكر قبله فالأحوط الاستئناف على ما مر (۲۲).

لحديث «لا تعاد» لو ركع عن قيام.

راجع ما تقدم في المسألة الثانية.

(مسألة ٥): لو نسي القراءة أو بعضها و تذكر بعد الوصول إلى حدّ الركوع صحت صلاته (۲۳) إن ركع عن قيام، فليس المراد من كون‏ القيام المتصل بالركوع ركنا أن يكون بعد تمام القراءة (۲٤).

لحديث «لا تعاد»۱۹ و ظهور الإجماع.

لأنّ المناط هو الركوع عن قيام صلاتي، سواء كان بعد تمام القراءة أم في أثنائها بأن نسي بعضها و ركع، أو قبل القراءة، كما إذا نسي القراءة رأسا و ركع. و يدل عليه إطلاق الدليل و ظهور الاتفاق.

(مسألة ٦): إذا زاد القيام- كما لو قام في محلّ القعود- سهوا لا تبطل صلاته، و كذا إذا زاد القيام حال القراءة بأن زاد القراءة سهوا (۲٥). و أما زيادة القيام الركني فغير متصوّرة من دون زيادة ركن آخر. فإنّ القيام حال تكبيرة الإحرام لا يزاد إلا بزيادتها، و كذا القيام المتصل بالركوع لا يزاد إلا بزيادته (۲٦). و إلا فلو نسي القراءة أو بعضها، فهوى للركوع، و تذكر قبل أن يصل إلى حد الركوع، رجع و أتى بما نسي ثمَّ ركع و صحت صلاته، و لا يكون القيام السابق على الهوي الأول متصلا بالركوع حتّى يلزم زيادته إذا لم يتحقق الركوع بعده فلم يكن متصلا به. و كذا إذا انحنى للركوع فتذكر قبل أن يصل إلى حدّه: أنّه أتى به، فإنّه يجلس للسجدة، و لا يكون قيامه قبل الانحناء متصلا بالركوع ليلزم الزيادة.

لأنّه إن لم يقصد الجزئية بما زاد لا يتحقق موضوع الزيادة المبطلة لتقوّمه بقصد الجزئية و إن قصدها ارتكازا و بلا التفات إليها فمقتضى حديث «لا تعاد»۲۰ الصحة بناء على شموله للنقيصة و الزيادة السهوية، كما هو مقتضى ظاهر إطلاقه و سياقه الوارد مورد التسهيل و الامتنان.

لأنّه لا معنى للتبعية المحضة إلا ذلك مضافا إلى ظهور الإجماع، و بقية المسألة واضحة لا تحتاج إلى البيان، لما ذكره (قدس سره).

(مسألة ۷): إذا شك في القيام حال التكبير، بعد الدخول في ما بعده، أو في القيام المتصل بالركوع، بعد الوصول إلى حدّه أو في القيام بعد الركوع بعد الهويّ إلى السجود، و لو قبل الدخول فيه لم يعتن به و بنى على الإتيان (۲۷).

كلّ ذلك لقاعدة التجاوز. نعم، للهويّ إلى السجود مراتب متفاوتة بعض مراتبه لا تعد من الدخول في الغير، و بعض مراتبه يشك في أنّها منه أو لا فيرجع فيهما بالمشكوك ثمَّ يسجد، و بذلك يمكن الجمع بين الكلمات، فمن قال بالرجوع أي في بعض مراتبه، و من قال بالعدم أي في بعض مراتبه القريبة من السجود، و يأتي تفصيل المقام في مستقبل الكلام.

مسألة ۸): يعتبر في القيام الانتصاب (۲۸)، و الاستقرار (۲۹)، و الاستقلال (۳۰). حال الاختيار (۳۱)، فلو انحنى قليلا، أو مال إلى أحد الجانبين بطل، و كذا إذا لم يكن مستقرا أو كان مستندا على شي‏ء من إنسان أو جدار، أو خشبة، أو نحوها (۳۲). نعم، لا بأس بشي‏ء منها حال الاضطرار (۳۳). و كذا يعتبر فيه عدم التفريج بين الرجلين فاحشا بحيث يخرج عن صدق القيام (۳٤)، و أما إذا كان بغير الفاحش فلا بأس (۳٥). و الأحوط الوقوف على القدمين (۳٦) دون الأصابع و أصل القدمين‏ و إن كان الأقوى كفايتهما أيضا، بل لا يبعد إجزاء الوقوف على الواحدة (۳۷).

للنصوص و الإجماع، ففي صحيح أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام: «قال أمير المؤمنين عليه السلام: من لم يقم صلبه في الصلاة فلا صلاة له»۲۱.

و في صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السلام: «و قم منتصبا فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: من لم يقم صلبه في الصلاة فلا صلاة له»۲۲.

مع أنّه يمكن أن يقال بدخول الانتصاب في مفهوم القيام التعظيمي لدى العظماء و الأكابر، و إن لم يكن كذلك في مطلق القيام فهذا نحو قيام خاص يعتبر فيه الانتصاب عرفا.

للإجماع، و خبر السكوني: «عن الرجل يريد أن يتقدم و هو في الصلاة قال عليه السلام: يكف عن القراءة في مشيه حتّى يتقدم إلى الموضع الذي يريد ثمَّ يقرأ»۲۳.

و في خبر سليمان بن صالح عن أبي عبد اللّه عليه السلام: «و ليتمكن في الإقامة كما يتمكن في الصلاة»۲4.

و ورود الدليل من الخارج على أنّ التمكن في الإقامة من شرائط كمالها لا يسقط الرواية عن الاستدلال بها في الصلاة التي لم يرد الترخيص فيها. و أما صحة سلب مفهوم القيام عن المشي، فمشكل لأنّ المشي قائما من أقسام القيام لا أن يكون مباينا له من كلّ جهة. إلا أن يقال: المتبادر من القيام في مثل المقام الذي هو الوقوف لدى الأعاظم و الأكابر فضلا عن المعبود الحقيقي قيام خاص، كما عليه سيرة جميع أرباب الملل و الأديان، بل الناس عند القيام لعظمائهم، و لا ريب في أنّ هذا العرف الخاص مقدم على إطلاق اللغة و العرف العام، هذا إذا كان المراد الاستقرار في مقابل المشي و الجري، و إن كان المراد به في مقابل مطلق الحركة و الاضطراب، فيدل عليه الإجماع و السيرة القطعية من المصلّين الدالة على استنكار الحركة و الاضطراب في الصلاة مطلقا.

و استدل أيضا بما رواه المشايخ الثلاثة عن هارون بن حمزة الغنوي: «أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصلاة في السفينة، فقال عليه السلام: إن كانت محمّلة ثقيلة إذا قمت فيها لم تتحرّك؟ فصلّ قائما، و إن كانت خفيفة تكفأ فصلّ قاعدا»۲٥.

بدعوى: أنّ المراد من الاكتفاء الحركة و الميل و الانقلاب فيكون المعنى إن لم تكن متحرّكا فصلّ قائما، و إن كنت متحرّكا لأجل اضطراب السفينة فصلّ قاعدا.

و فيه: أنّ المراد بالأكفاء انقلاب السفينة لا مطلق الحركة، و مع احتمال الانقلاب في القيام يتعيّن القعود، لأنّ في القيام حينئذ خوف الوقوع في البحر، فيخرج الحديث عن صحة الاستدلال به للمقام. و لكن الأمر أوضح من ذلك، لما قلناه من أنّ المتبادر من القيام في المقام قيام خاص لا مطلقه، مع أنّ‏

دليل اعتبار الاستقرار في نفس التكبيرة و القراءة يدل على اعتبار في قيامهما بالملازمة العرفية بل العقلية.

للإجماع و النص، ففي صحيح ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام: «لا تمسك بخمرك و أنت تصلّي، و لا تستند إلى جدار و أنت تصلّي، إلا أن تكون مريضا»۲٦.

و خبر ابن بكير قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصلاة قاعدا أو متوكئا على عصا أو حائط، قال عليه السلام: لا، ما شأن أبيك و شأن هذا، ما بلغ أبوك هذا بعد»۲۷.

و نوقش فيه: بمعارضتهما بصحيح ابن جعفر عن أخيه عليه السلام: «عن الرجل هل يصلح له أن يستند إلى حائط المسجد و هو يصلّي، أو يضع يده على الحائط و هو قائم من غير مرض و لا علّة؟ فقال عليه السلام: لا بأس. و عن الرجل يكون في صلاة فريضة فيقوم في الركعتين الأولتين، هل يصلح له أن يتناول جانب المسجد فينهض يستعين به على القيام من غير ضعف و لا علة؟ فقال عليه السلام: لا بأس به»۲۸.

و بموثق ابن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السلام: «عن الرجل يصلّي متوكئا على عصا أو على حائط، فقال عليه السلام: لا بأس بالتوكؤ على عصا و الاتكاء على الحائط»۲۹.

و حينئذ فحمل الأولين على الكراهة من أقرب طرق الجمع العرفي الشائع في الفقه، و لكن إعراض المشهور عن الأخيرين و رميهم لهما بالشذوذ أسقطهما

عن الاعتبار مع إمكان حملهما على بعض مراتب التوكي الذي لا ينافي صدق الاستقلال العرفي.

و استدل لاعتبار الاستقلال بقاعدة الاشتغال أيضا. و فيه: ما ثبت في محلّه من أنّ المرجع في الشك في الشرطية مطلقا البراءة دون الاحتياط. نعم، يصح الاستدلال له بما مرّ من أنّ المتبادر عند العرف الخاص من القيام في مثل المقام قيام مخصوص لا مطلقه، فإذا قيل: قوموا بين يدي الملك- مثلا- لا يتبادر منه في العرف الخاص إلا الاستقلال و الاستقرار في حال الاختيار.

للإجماع و النصوص، كقوله عليه السلام في ذيل صحيح ابن سنان:

«و لا تستند إلى جدار و أنت تصلّي إلا أن تكون مريضا».

كما تقدمت رواية ابن بكير الدالة على ذلك أيضا.

لقاعدة فقد المشروط بفقد شرطه ما لم يدل دليل على الخلاف، و هو مفقود في المقام، فتشمل القاعدة جميع ما ذكره (قدس سره).

للنص و الإجماع، بل الضرورة، و قد تقدم في ذيل صحيح ابن سنان و خبر ابن بكير و قوله عليه السلام: «و ليس شي‏ء مما حرم اللّه إلا و قد أحلّه لمن اضطر إليه»۳۰.

بناء على أنّ الحلية و الحرمة أعم من النفسية و الغيرية كما هو الظاهر لورود الحديث مورد التسهيل و الامتنان المناسب للتعميم.

لأنّه مع فرض خروجه عن صدق القيام عرفا لا يصح الاكتفاء به في القيام المتعارف المأمور به.

لظهور الإطلاق و الاتفاق، و لعدم استنكار العرف الخاص أيضا، و لا تحديد في التفرقة بين الرجلين بنحو الوجوب. نعم، يستحب التفرقة بينهما بثلاث أصابع مفرجات إلى شبر، كما يأتي في الثامن من مندوبات القيام فراجع.

لأنّه المعهود المتعارف من القيام، و الأدلة منزلة عليه، و لخبر أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقوم على أطراف أصابع رجليه فأنزل اللّه سبحانه‏ طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى‏»۳۱.

و نحوه غيره. و أشكل عليه: بأنّه في مقام نفي اللزوم لا نفي أصل الجواز، كأدلة نفي العسر و الحرج، و لكن يرد على الاستدلال بفعله صلّى اللّه عليه و آله لأصل الجواز، أنّه لم يعهد منه صلّى اللّه عليه و آله ذلك في الفرائض و لا في سائر الصلوات، و إنّما ورد ذلك منه صلّى اللّه عليه و آله في خصوص صلاة الليل و كان ذلك منه صلّى اللّه عليه و آله نحو إتعاب لنفسه المقدسة في عبادة اللّه عزّ و جلّ في خلواته مع علمه بأنّه لا يزول به الاستقرار و سائر ما يعتبر في القيام، و لو كان ذلك جائزا لعامة الناس لفعله صلّى اللّه عليه و آله في الفريضة أيضا و حين إقامة الجماعة، مع أنّه من مجرد الفعل الذي لم يعلم أنّه هل كان ذلك لأجل العذر أو كان بالتعمد و الاختيار مع أنّ وضع تمام القدم على الأرض أقرب إلى الأدب المأنوس منه صلّى اللّه عليه و آله بين يدي الملك الجبار، مضافا إلى أنّ النافلة مبنية على التسهيل و التيسير، لعدم اعتبار جملة مما يعتبر في الفريضة فيها.

هذا مع أنّ المقام من موارد دوران الأمر بين التعيين و التخيير، و المشهور بين الفقهاء (قدس سرهم) هو الأول فلا يترك الاحتياط بالوقوف على جميع القدمين، و يشكل التمسك بإطلاق أدلة القيام لجواز الوقوف على بعض القدمين، لأنّ تعارف القيام على تمام القدمين خصوصا في مثل المقام و ندرة الوقوف على بعضها من القرينة المحفوفة بالإطلاق.

للجمود على إطلاق أدلة القيام. و لكن فيه ما تقدم في الوقوف على أصابع القدمين أو أصلهما، و في خبر ابن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السلام:

«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعد ما عظم أو بعد ما ثقل كان يصلّي و هو قائم و رفع إحدى رجليه حتّى أنزل اللّه تعالى‏ طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى‏ فوضعها»۳۲.

و يخدش فيه بما مرّ في خبر أبي بصير، و المسألة من دوران الأمر بين التعيين و التخيير، و متعارف المتشرعة في المقام يحكمون بالتعيين.

(مسألة ۹): الأحوط انتصاب العنق أيضا، و إن كان الأقوى جواز الإطراق (۳۸).

لأصالة البراءة عن وجوب الانتصاب، و صدق القيام مع الإطراق و هو المشهور أيضا. و لكن نسب إلى الصدوق (قدس سره) القول بوجوب الانتصاب و البطلان بالإطراق، لمرسل حريز عن أبي جعفر عليه السلام قلت له: «فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ قال عليه السلام: النحر: الاعتدال في القيام، أن يقيم صلبه و نحره»۳۳.

و لكن إرساله، و إعراض المشهور عنه أسقطه عن الاعتبار، و ما أبعد ما بين قول الصدوق (قدس سره)، و قول الحلبي (قدس سره) من القول باستحباب الإطراق، و لعلّه الأنسب لمقام ذل العبودية في الوقوف عند من استولى على الأشياء بكمال القهارية. و يظهر من ذلك وجه الاحتياط في الانتصاب.

(مسألة ۱۰): إذا ترك الانتصاب، أو الاستقرار أو الاستقلال ناسيا صحت صلاته (۳۹) و إن كان ذلك في القيام الركني لكن الأحوط فيه الإعادة (٤۰).

الشروط المذكورة يحتمل أن تكون شرطا لأصل الصلاة، و أن تكون شرطا للذكر، و أن تكون شرطا للقيام من حيث هو قيام، و على أي تقدير فمقتضى حديث «لا تعاد»۳4 صحة الصلاة مع الإخلال بها سهوا، مع أنّ عمدة دليل الاستقلال و الاستقرار الإجماع، و المتيقن منه حال الالتفات. نعم، لو كان ذلك كلّه أو خصوص الانتصاب مقوّما لحقيقة القيام بحيث ينتفي أصل القيام بانتفائه نحو انتفاء المشروط بانتفاء شرطه لبطلت الصلاة بتركه و لو سهوا في القيام الركني، لإجماعهم على أنّ ترك الركن و لو سهوا يوجب البطلان، و لكنه احتمال لا يبلغ مرتبة الظهور، لاحتمال أن يكون اعتبار هذه الأمور في أصل الصلاة في عرض اعتبار القيام لا أن يكون مقوّما له. و كذا بناء على ما استقر بناه من أنّ المنساق من القيام قيام خاص فإنّ حديث لا تعاد حاكم عليه أيضا.

لاحتمال دخل ما ذكر في ركنية القيام الركني، فلا يشمله حينئذ حديث لا تعاد.

(مسألة ۱۱): لا يجب تسوية الرجلين في الاعتماد (٤۱) فيجوز أن يكون الاعتماد على إحداهما، و لو على القول بوجوب الوقوف عليهما.

للأصل و صدق القيام بالوقوف عليهما و لو مع الاعتماد على أحدهما و في خبر محمد بن أبي حمزة عن أبيه قال: «رأيت عليّ بن الحسين عليه السلام‏

في فناء الكعبة في الليل و هو يصلّي فأطال القيام حتّى جعل مرة يتوكأ على رجله اليمنى، و مرة على رجله اليسرى»۳٥.

و لكن يحتمل أن يكون ذلك في النافلة دون الفريضة، لما ورد من أنّ:

«من العبادة تخفيف الفريضة و تطويل النافلة»۳٦.

و النافلة قابلة للمسامحة من جهات.

ثمَّ إنّه لا فرق فيما ذكر بين أصل الاعتماد عليهما، أو بين مرتبة من مراتبه.

نعم، لو كان أصل الاعتماد على أحد الرجلين بحيث يصدق القيام على رجل واحدة و عدم القيام على رجلين لكانت هذه المسألة متحدة مع ما تقدم في المسألة الثانية، و بذلك يمكن الجمع بين الكلمات، فمن أوجب الاعتماد عليهما أي الوقوف عليهما، و من لم يوجبه أي إلقاء الثقل عليهما بعد صدق الوقوف عليهما عرفا.

(مسألة ۱۲): لا فرق في حال الاضطرار بين الاعتماد على الحائط، أو الإنسان، أو الخشبة و لا يعتبر في سناد الأقطع أن يكون خشبته المعدة لمشيه، بل يجوز له الاعتماد على غيرها من المذكورات (٤۲).

للأصل، و ظهور الاتفاق، و عدم احتمال التعيين في إحدى المذكورات احتمالا يعتد به عند المتشرعة حتّى تكون المسألة من موارد دوران الأمر بين التعيين و التخيير. فمقتضى الأصل عدم الفرق بين جميع ما ذكر في المتن، و يقتضيه إطلاق أدلة التكاليف الاضطرارية أيضا.

(مسألة ۱۳): يجب شراء ما يعتمد عليه عند الاضطرار أو استئجاره مع التوقف عليهما (٤۳).

لحكم العقل بوجوب تحصيل غرض الشارع مهما أمكن ذلك للمكلّف ما لم يرد دليل على الخلاف و لا دليل عليه في المقام.

(فرع): لو اعتمد على مغصوب حائطا كان أو غيره. فإن عدّ ذلك تصرّفا صلاتيا عرفا تبطل صلاته، و إلا تصح و إن أثم بالتصرف فيه، و يمكن اختلاف ذلك باختلاف الموارد، و الظاهر صدقه فيما إذا ألقى ثقل بدنه على حائط مغصوب مثلا حال القيام الصلاتي. و أما لو أخذ بيده على شي‏ء مغصوب، فالظاهر عدم الصدق.

(مسألة ۱٤): القيام الاضطراري بأقسامه من كونه مع الانحناء، أو الميل إلى أحد الجانبين، أو مع الاعتماد، أو مع عدم الاستقرار، أو مع التفريج الفاحش بين الرجلين مقدم على الجلوس (٤٤). و لو دار الأمر بين التفريج الفاحش و الاعتماد، أو بينه و بين ترك الاستقرار قدّما عليه (٤٥)، أو بينه و بين الانحناء، أو الميل إلى أحد الجانبين قدّم ما هو أقرب إلى القيام (٤٦). و لو دار الأمر بين ترك الانتصاب و ترك الاستقلال قدّم ترك الاستقلال (٤۷)، فيقوم منتصبا معتمدا، و كذا لو دار بين ترك الانتصاب و ترك الاستقلال قدّم ترك الاستقلال (٤۸)، و لو دار بين ترك الاستقلال و ترك الاستقلال قدّم الأول (٤۹)، فمراعاة الانتصاب أولى من مراعاة الاستقلال و الاستقرار. و مراعاة الاستقرار أولى من مراعاة الاستقلال (٥۰).

لأنّ الانتقال إلى الجلوس إنّما هو بعد العجز عن القيام، و لا يصدق العجز عن القيام عرفا إلا بعد عدم التمكن عن جميع مراتبه. نعم، لو ثبت أنّ الانتصاب و الاستقرار، و الاستقلال شرط حقيقة القيام مطلقا كشرطية الطهارة- مثلا- للصلاة، بحيث تنتفي حقيقته مطلقا بانتفاء هذه الشروط أو بعضها لكان عدم التمكن من جميعها أو بعضها موجبا للانتقال إلى الجلوس، كما هو واضح.

و لكن ليس كذلك قطعا حتّى بناء على ما استقربناه، لاحتمال أن تكون تلك الشروط شرطا للصلاة من حيث هي أو للذكر، أو لخصوص القيام من حيث هو، و على الجميع: فالشرطية إما مطلقة، أو في خصوص حال التمكن فقط، و مقتضى سهولة الشريعة و رأفته صلّى اللّه عليه و آله بأمته في هذا الأمر العام البلوى، و ما تقدم من خبري ابني سنان و بكير هو أن تكون الشرطية عند التمكن لا مطلقا، مع أنّ عمدة الدليل على اعتبار الاستقلال و الاستقرار الإجماع، و المتيقن منه حال‏

التمكن فقط، و في صحيح عليّ بن يقطين عن أبي الحسن عليه السلام: «سألته عن السفينة لم يقدر صاحبها على القيام، يصلّي فيها و هو جالس يومئ أو يسجد؟ قال عليه السلام: يقوم و إن انحنى ظهره»۳۷.

فمقتضى إطلاقات أدلة القيام عدم سقوطه مع عدم التمكن من الاستقرار و الاستقلال و الانتصاب و لو على فرض كونها شروطا للقيام، و تقتضي ذلك مرتكزات المصلّين أيضا، فإنّهم يرون الانتقال إلى الجلوس بعد تعذر جميع مراتب القيام، و يرون الانتصاب و الاستقلال و الاستقرار من الشرائط الاختيارية، فلا وجه لما نسب إلى الشهيد (قدس سره) و تبعه غيره من تقديم القعود مع الاستقرار على القيام الفاقد له. فإن كان نظره (قدس سره) إلى أنّ الاستقرار مأخوذ في حقيقة القيام فهو و إن كان حسنا على ما استقربناه، و لكن مع ذلك العرف الخاص لا يرون الانتقال إلى الجلوس بمجرد عدم القدرة على القيام التام. و إن كان نظره إلى خبر الغنوي الوارد في الصلاة في السفينة: «إن كانت محملة ثقيلة قمت فيها لم تتحرّك صلّ قائما، و إن كانت خفيفة تكفأ صلّ قاعدا»۳۸.

ففيه‏ ما تقدم من أنّ المراد بالأكفاء الانقلاب و خوف الوقوع في البحر، و في مثله يتعيّن الجلوس، و لا وجه لاحتمال صحة القيام، هذا في الاستقرار مقابل الاضطراب. و أما الاستقرار في مقابل المشي فيأتي حكمه في [المسألة ۱۸].

ثمَّ إنّ للتفريج الفاحش مراتب متفاوتة يشكل تقديم بعض مراتبه على الجلوس، فالأحوط الجمع حينئذ. و ما يظهر من الجواهر من الإجماع على تقديم القيام من التفريج الفاحش، على فرض ثبوته لا بد فيه من الاقتصار على المتيقن و هو بعض مراتب التفريج لا جميع مراتبه.

لأنّ مراعاة الاستقرار أهم أو محتمل الأهمية عند المتشرعة من التفريج الفاحش و بحسب الأنظار المتعارفة.

لاحتمال الأهمية فيه حينئذ، و المرجع في تشخيص الأقربية إنّما هو الأنظار المتعارفة، و لا ريب في أنّ للانحناء و الميل إلى أحد الجانبين مراتب متفاوتة كالتفريج، و يمكن أن يتقدم بعض مراتب الانحناء و الميل على بعض مراتب التفريج، و يمكن العكس بين بعض مراتبهما الأخر، و مع التساوي و عدم إحراز الأقربية في أحدهما، فالحكم هو التخيير، و مع احتمالها في كل واحد منهما فالأحوط التكرار.

و من ذلك كلّه يظهر أنّ النزاع في التقديم و التأخير يمكن أن يصير لفظيا، فراجع و تأمل.

لأهمية مراعاة الانتصاب بالنسبة إلى الاستقلال، و لكن للاعتماد أيضا مراتب متفاوتة يشكل تقديم مراتب الانتصاب على بعض المراتب الفاحشة من الاعتماد.

لأنّ عمدة دليله الإجماع أو العرف الخاص، و المتيقن منه غير هذه الصورة.

لاحتمال الأهمية في الاستقرار بالنسبة إلى الاستقلال، و لكنه على إطلاقه مشكل.

ثمَّ إنّ جميع هذه الفروع من صغريات دوران الأمر بين التعيين و التخيير،

فمع احتمال الأهمية في أحد الطرفين يتعيّن الأخذ به، و مع عدم احتمال الأهمية أصلا في كلّ منهما يتخيّر، و مع احتمالها في كلّ واحد منهما وجب الاحتياط بالتكرار، للعلم الإجمالي بوجوب أحدهما مع عدم إمكان جمعهما في صلاة واحدة.

إن قيل: ما الفرق بين الواجبات الغيرية و الواجبات النفسية حيث يحكم في الثانية بالتخيير مع احتمال الأهمية في كلّ منهما و العجز عن الجمع بينهما بخلاف الأولى؟

يقال: التخيير في الواجبين النفسيين المتزاحمين إنّما هو بحكم العقل حفظا لغرض الشارع مهما أمكن بعد عدم احتمال التعيين في أحد الطرفين. و أما في الواجبات الغيرية- جزءا كانت أو شرطا- فمقتضى قاعدة أنّ المقيد ينتفي بانتفاء قيده سقوط أصل التكليف مع العجز عن القيد إلا أن يرد دليل من الشرع على عدم السقوط، فيكون التكليف حينئذ شرعيا لا عقليا، لكون الخطاب حينئذ تاما من طرف الشارع فإذا تردد بين أمرين و لم يكن معينا في البين يجب الاحتياط لا محالة، و الدليل على عدم سقوط أصل التكليف في المقام الإجماع على عدم سقوط الصلاة بحال، بل الضرورة الفقهية.

قد عرفت أنّه لا كلية لما ذكره بنحو الإطلاق، بل لكلّ منهما مراتب متفاوتة، و المناط كلّه ملاحظة الأقربية المتعارفة إلى هيئة القائم، لتنزل الأدلة الشرعية عليه حينئذ.

(مسألة ۱٥): إذا لم يقدر على القيام كلا و لا بعضا مطلقا حتّى ما كان منه بصورة الركوع (٥۱) صلّى من جلوس (٥۲) و كان الانتصاب‏ جالسا بدلا عن القيام (٥۳)، فيجري فيه حينئذ جميع ما ذكر فيه حتّى الاعتماد و غيره (٥٤)، و مع تعذره صلّى مضطجعا (٥٥) على الجانب‏ الأيمن كهيئة المدفون (٥٦)، فإن تعذر فعلى الأيسر عكس‏ الأول (٥۷). فإن تعذر صلّى مستلقيا كالمحتضر (٥۸). و يجب الانحناء للركوع و السجود بما أمكن (٥۹)، و مع عدم إمكانه يومئ‏ برأسه (٦۰). و مع تعذره فبالعينين بتغميضهما (٦۱). و ليجعل إيماء سجوده أخفض منه لركوعه (٦۲)، و يزيد في غمض العين للسجود على غمضها للركوع (٦۳)، و الأحوط وضع ما يصح السجود عليه على الجبهة (٦٤)، و الإيماء بالمساجد الأخر أيضا (٦٥)، و ليس بعد المراتب المزبورة حدّ موظف (٦٦)، فيصلّي‏ كيفما قدر، و ليتحرّ الأقرب إلى صلاة المختار، و إلا فالأقرب إلى صلاة المضطر على الأحوط (٦۷).

نسب ذلك إلى المشهور أيضا، و الكلام فيه هو الكلام في الاضطجاع على الأيمن بلا فرق، فإنّه بعد عدم التمكن من الاضطجاع على الأيمن يصير الأيسر من موارد التعيين و التخيير، و قد تقدم في النبويّ الانتقال إليه بعد عدم التمكن من الأيمن، و به يقيد إطلاق ما ورد من الأخبار في الباب.

لما ادعي من الإجماع عليه، و المسألة بحسب الأصل العملي من موارد دوران الأمر بين التعيين و التخيير، و المشهور فيه هو الأول. و بحسب الصناعة من موارد حمل المطلق على المقيد، إذ الأخبار الواردة في المقام على قسمين:

الأول: المطلقات مثل موثق سماعة: «عن المريض لا يستطيع الجلوس؟ قال عليه السلام: فليصلّ و هو مضطجع و ليضع على جبهته شيئا إذا سجد»4٦.

الثاني: ما تقدم من النبويّ‏4۷، و موثق عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام:

«المريض إذا لم يقدر أن يصلّي قاعدا كيف قدر صلّى إما أن يوجه فيومئ إيماء، و قال عليه السلام: يوجه كما يوجه الرجل في لحده و ينام على جنبه الأيمن، ثمَّ يومئ بالصلاة إيماء، فإن لم يقدر أن ينام على جنبه الأيمن فكيفما قدر فإنّه له جائز، و ليستقبل بوجهه جانب القبلة ثمَّ يومئ بالصلاة إيماء»4۸.

و قريب منه خبر حماد4۹ بناء على أنّه خبران، و كيف كان يجعل قوله عليه السلام: «يوجه كما يوجه الرجل ..» بيانا لقوله عليه السلام: «كيف قدر صلّى».

و يظهر من الشرائع التخيير بين الجانبين و حكي ذلك عن جمع، و لعله لقصور سند النبويّ، و دلالة موثق عمار، و لكن قصور السند منجبر بالاعتماد عليه، و لا قصور في دلالة ذيل موثق عمار في الترتيب، فلا وجه للتخيير مع موافقة قول المشهور لمحبوبية التيامن على كلّ حال.

نصوصا و إجماعا، فعن أبي جعفر عليه السلام في صحيح أبي حمزة

في تفسير قوله تعالى‏ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ‏ .. قال عليه السلام: «و على جنوبهم: الذي يكون أضعف من المريض الذي يصلّي جالسا»4۳.

و في موثق سماعة: «سألته عن المريض لا يستطيع الجلوس، قال عليه السلام: فليصلّ و هو مضطجع، و ليضع على جبهته شيئا إذا سجد»44.

و ما في بعض الأخبار من أنّه يصلّي مستلقيا- كخبر الهروي عن الرضا عليه السلام عن آبائه عليهم السلام: «قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

إذا لم يستطع الرجل أن يصلّي قائما فليصلّ جالسا، فإن لم يستطع جالسا فليصلّ مستلقيا ناصبا رجليه بحيال القبلة يومئ إيماء»4٥ و نحوه غيره- إما محمول على عدم التمكن من الاضطجاع، أو على التقية.

أما بناء على أنّ هذه الشروط شرط للصلاة أو للذكر فواضح، و أما بناء على أنّها شرط للقيام فلأنّ المنساق من أدلة اعتبارها أنّها شرط في هذا الكون، سواء كان في ضمن القيام مع التمكن منه، أم في ضمن القعود مع العجز عنه. و بعبارة أخرى: شرط للأعم من المبدل و المبدل عنه و عرف المتشرعة يحكم بذلك أيضا.

لما هو المنساق من الأدلة في جميع الأبدال الاضطرارية من أنّها كالمبدل في جميع ما يتعلق به إلا ما خرج بالدليل، و تقتضيه مرتكزات المصلّين أيضا خلفا عن سلف من أنّهم يرون الانتصاب في الجلوس مثل الانتصاب القيامي في جميع الجهات.

نصوصا و إجماعا، بل ضرورة، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«المريض يصلّي قائما، فإن لم يستطع صلّى جالسا، فإن لم يستطع صلّى على جنبه الأيمن، فإن لم يستطع صلّى على جنبه الأيسر، فإن لم يستطع استلقى و أومأ إيماء و جعل وجهه نحو القبلة، و جعل سجوده أخفض من ركوعه»۳۹.

و عن الصادق عليه السلام: «يصلّي المريض قائما، فإن لم يقدر على ذلك صلّى جالسا»4۰.

و في موثق زرارة عنه عليه السلام أيضا في حدّ المرض الذي يفطر فيه الصائم، و يدع الصلاة من قيام، قال عليه السلام: «الإنسان على نفسه بصيرة، و هو أعلم بما يطيقه»4۱.

و نحوه صحيح جميل‏4۲ إلى غير ذلك من النصوص، و الكلّ موافق لقاعدة الميسور الجارية في المقام بالإجماع و ظواهر النصوص بعد عدم سقوط الصلاة بحال بالضرورة.

لما يظهر من فقهائنا الإجماع على تقديمه على الجلوس، و تدل عليه سيرة المتدينين من الشيوخ الركع فإنّهم يصلّون على ما هم عليه من الانحناء لا أن يجلسوا للصلاة.

نصّا و إجماعا، و قد تقدم في النبويّ، و عليه يحمل ما تقدم من نحو خبر الهروي.

لقاعدة الميسور، و ظهور الإجماع، و المراد به حالة الجلوس لا الاضطجاع و الاستلقاء، لعدم دليل على لزوم الانحناء فيه، بل مقتضى الأصل عدمه، مع عدم جريان قاعدة الميسور لأنّ الانحناء فيهما مباين للانحناء الركوعيّ. ثمَّ إنّه إن أمكنه الركوع و السجود الحقيقي فلا ريب في الوجوب عليه، لإطلاق دليل وجوبهما، و إن لم يمكنه ذلك وجب الإتيان بما أمكن من الانحناء، لقاعدة الميسور.

نصوصا و إجماعا، ففي مرسل الفقيه: «قال أمير المؤمنين عليه السلام: دخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على رجل من الأنصار و قد شبكته الريح، فقال: يا رسول اللّه كيف أصلّي؟ فقال صلّى اللّه عليه و آله: إن استطعتم أن تجلسوه فأجلسوه و إلا فوجوه إلى القبلة و مروه فليوم برأسه إيماء، و يجعل السجود أخفض من الركوع»٥۰.

و مثله غيره، و قد تقدم النبويّ الدال عليه أيضا.

لقاعدة الميسور التي عمل بها المشهور في المقام، و ما يأتي من النص، و تقتضيه مرتكزات المصلّين من المسلمين أيضا فإنّهم بارتكازهم إذا لم يتمكنوا من المرتبة العليا في مثل هذه الأمور يبادرون إلى ما يمكنهم من الأبدال الممكنة. و الأخبار الواردة في المقام وردت على طبق القاعدة لا أن يكون فيها تعبد خاص حتّى يلزم الاقتصار على مورده، فعن الصادق عليه السلام في المرسل: «يصلّي المريض قائما، فإن لم يقدر على ذلك صلّى جالسا، فإن لم يقدر أن يصلّي جالسا صلّى مستلقيا: يكبّر ثمَّ يقرأ، فإذا أراد الركوع غمض عينيه ثمَّ سبح، فإذا سبح فتح عينيه فيكون فتح عينيه رفع رأسه من الرّكوع فإذا أراد أن يسجد غمّض عينيه ثمَّ سبّح فإذا سبّح فتح عينيه فيكون فتح عينيه رفع رأسه من السجود ثمَّ يتشهد و ينصرف»٥۱.

و مثله خبر محمد بن إبراهيم عنه عليه السلام أيضا، و كذا ما ورد فيمن تدركه الصلاة و هو فوق الكعبة، كما في خبر عبد السلام بن صالح عن الرّضا عليه السلام‏٥۲، و في موثق سماعة: «عن الرجل يكون في عينيه الماء، فينتزع الماء منها، فيستلقي على ظهره الأيام الكثيرة أربعين يوما أو أقل أو أكثر فيمتنع من‏

الصلاة الأيام إلا إيماء و هو على حاله، فقال عليه السلام: لا بأس»٥۳.

و موردها و إن كان المستلقي لكن الظاهر أنّه من باب المثال لا الخصوصية و لذا تعدى المشهور إلى غيره، فهذا الترتيب عرفيّ، فلا وجه لاحتمال اختصاص الإيماء بالعين بخصوص المستلقي دون المضطجع بعد عدم تمكنه من الإيماء بالرأس، كما نسب إلى جمع من الفقهاء، مع أنّ إطلاق ما ورد في الإيماء يشمل المضطجع أيضا، كما تقدم في خبر أمير المؤمنين عليه السلام.

ثمَّ إنّ مقتضى القرينة المرتكزة العرفية من أنّ الإيماء بالرأس مقدم على الإيماء بالعين، عدم صحة حمل الأخبار على التخيير، لأنّه فيما إذا لم تكن هناك قرينة على التعيين، مع أنّ إحراز الإطلاق منها من كلّ جهة ممنوع خصوصا مع هذه القرينة العرفية المحفوفة.

على المشهور بين الأصحاب، و يشهد له النبوي و العلوي المتقدمان‏٥4.

نسب ذلك إلى جمع من الفقهاء (قدس سرهم) منهم المحقق الثاني و الشهيد الثاني للتفرقة بين الغمضين، و لقاعدة الميسور في البدل مهما أمكن، و لأنّ ما ورد في التفرقة بين الإيماءين إنّما هو لأجل الفرق بين كلّ ما كان مصداقا لما هو بدل عن الركوع و السجود بلا خصوصية للإيماء. و دعوى عدم قابلية الغمض للزيادة و النقيصة. خلاف الوجدان، لكونه قابلا للاشتداد و الضعف حسا. و لنا أن نتمسك بإطلاق ما ورد في الإيماء عند عدم التمكن من الإيماء بالرأس.

في المسألة أقوال:

الأول: وجوب ذلك، كما عن جمع منهم الشهيدان، و استدل لهم أولا:

بقاعدة الميسور، لأنّ أصل المماسة بين الجبهة و ما يصح السجود عليه واجب، و مع عدم إمكان وضع الجبهة يكون العكس ميسورا فيجب. (و فيه): أنّ الواجب الأصلي إنّما هو وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه، و العكس مباين له عرفا لا أن يكون من مراتبه الميسورة. نعم، لو أمكن وضع الجبهة بأي مرتبة من مراتبه لاحتمل وجوبه، لقاعدة الميسور لو لم يمنع جريانها بالإطلاقات الواردة في الاكتفاء بمجرد الإيماء في الأبواب المتفرقة، كصلاة الراكب‏٥٥، و الماشي‏٥٦، و العاري‏٥۷، و من يخاف الرعاف‏٥۸، و من يخاف على عينيه‏٥۹ و غير ذلك.

و ثانيا: بموثق سماعة: «عن المريض لا يستطيع الجلوس، قال عليه السلام: فليصلّ و هو مضطجع، و ليضع على جبهته شيئا إذا سجد، فإنّه يجزئ عنه، و لن يكلّف اللّه ما لا طاقة له به»٦۰.

و بالمرسل: «سئل عن المريض لا يستطيع الجلوس أ يصلّي و هو مضطجع و يضع على جبهته شيئا؟ قال عليه السلام: نعم، لم يكلّفه اللّه إلا طاقته»٦۱.

و بخبر عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام: «سألته عن المريض الذي لا يستطيع القعود و لا الإيماء كيف يصلّي و هو مضطجع؟ قال عليه السلام: يرفع مروحة إلى وجهه و يضع على جبينه و يكبّر هو»٦۲.

و فيه: أنّ الأخير مجمل لا وجه للاستناد إليه، و المرسل- مضافا إلى قصور سنده- غاية مفاده الدلالة على الجواز، و هو لا يثبت الاستحباب، فضلا عن الوجوب. و أما الموثق فلا بد من حمله على الندب لكثرة ما ورد من الأخبار بالاكتفاء بمجرد الإيماء في الأبواب المتفرقة من النافلة و الفريضة، قائما و قاعدا، مشيا و ركوبا، مضطجعا و مستلقيا، عاريا و غيره، مع أنّ جميعها في مقام التفصيل و البيان، و لم يشر في واحدة منها إلى وضع شي‏ء على الجبهة و سياق هذه المطلقات آب عن التقييد.

القول الثاني: التخيير بين وضع شي‏ء على الجبهة و الإيماء، جمعا بين موثق سماعة و مطلقات الإيماء، فإنّ كلّ واحد منهما ظاهر في الوجوب التعييني فيرفع اليد عن ظاهر كلّ منهما بقرينة الآخر،، و يحمل على التخييري.

(و فيه): أنّ المطلقات الكثيرة في الأبواب المتفرقة من المحكمات الآبية عن التقييد، كما أنّها آبية عن صرف ظاهرها عن الوجوب التعييني.

القول الثالث: وجوب الوضع عينا بدلا عن الإيماء جمودا على ظاهر موثق سماعة. (و فيه): أنّه مستلزم لطرح المستفيضة الآمرة بالإيماء بدلا عن السجود و هو غريب، أو حملها على ما إذا لم يمكن وضع شي‏ء على الجبهة و هو أغرب.

و أما خبر الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام: «عن المريض إذا لم يستطع القيام و السجود. قال عليه السلام: يومئ برأسه إيماء، و أن يضع جبهته على الأرض أحبّ إليّ»٦۳.

فلا يدل على وضع شي‏ء على الجبهة بل ظاهره العكس و هو واجب حينئذ، كما يأتي في [مسألة ۱۲] من (فصل السجود) فلا بد و أن يحمل لفظ (أحبّ) على اللزوم، كما في آية أولي الأرحام‏٦4. أو يحمل على المريض الذي كان السجود عليه حرجا، و لكن يمكنه الإتيان به مع المشقة فيكون الأحب و الأفضل حينئذ تحمّل المشقة.

و أما صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: «سألته عن المريض كيف يسجد قال عليه السلام: يسجد على الأرض، أو على مروحة، أو على سواك يرفعه إليه هو أفضل من الإيماء، إنّما كره السجود على المروحة من أجل الأوثان التي كانت تعبد من دون اللّه، و إنّا لم نعبد غير اللّه قط، فاسجدوا على المروحة، و على السواك و على عود»٦٥.

فلا بد و أن تحمل الأفضلية أيضا على الوجوب، فيكون المعنى هو أفضل من الإيماء فقط عند التمكن أي يجب الجمع بينهما، و يمكن أن يحمل على ما حمل عليه خبر الحلبي من أفضلية تحمل المشقة في مورد يكون السجود حرجا، و على أيّ تقدير فهو أجنبيّ عن وضع شي‏ء على الجبهة، لأنّ ظاهره رفع المسجد و وضع الجبهة عليه، و كذا خبر الكرخي عن أبي عبد اللّه عليه السلام: «رجل شيخ لا يستطيع القيام إلى الخلاء، و لا يمكنه الركوع و السجود، فقال عليه السلام: ليؤم برأسه إيماء، و إن كان له من يرفع الخمرة فليسجد، فإن لم يمكنه ذلك فليوم برأسه نحو القبلة إيماء»٦٦.

و مثل هذه الأخبار يدل على عدم سقوط السجود بأي مرتبة أمكن، و لا ربط لها بوضع شي‏ء على الجبهة و من ذلك كلّه يظهر وجه للاحتياط.

لا دليل عليه من نص أو إجماع، أو شهرة، أو اعتبار عرفيّ و لذا لم ينسب إلى أحد إلا بعض متأخري المتأخرين في حاشية نجاة العباد و لعلّه تمسك بإطلاق لفظ الإيماء الوارد في النصوص، و هو خلاف الظاهر لظهوره في الإيماء بالرأس و لا يبعد شموله بالإيماء بالعينين أيضا بعد عدم إمكان الإيماء بالرأس. أما الإيماء باليدين للسجود فغير معهود مع عدم إمكان الإيماء بالركبتين و الإبهامين.

للأصل بعد عدم دليل عليه من نصّ أو إجماع، بل ظاهرهم الإجماع على عدم التوظيف.

لأنّ المورد حينئذ من دوران الأمر بين التعيين و التخيير، و المشهور فيه هو الأول، و تشهد له قاعدة الميسور أيضا في الجملة.

(مسألة ۱٦): إذا تمكّن من القيام لكن لم يتمكن من الركوع قائما جلس و ركع جالسا (٦۸)، و إن لم يتمكن من الركوع و السجود صلّى قائما و أومأ للركوع و السجود (٦۹)، و انحنى لهما بقدر الإمكان (۷۰)، و إن تمكن من الجلوس جلس لإيماء السجود، و الأحوط وضع ما يصح السجود عليه على جبهته إن أمكن (۷۱).

لقاعدة الميسور، و يأتي في [مسألة ۲] من (فصل الركوع) ما يرتبط بالمقام.

لبدلية الإيماء حينئذ عنهما نصّا و إجماعا، و هو متمكن من البدل فيجب.

أما الانحناء للركوع فلقاعدة الميسور. و أما الانحناء للسجود في حال القيام فلا وجه له، لكونه مباينا مع السجود عرفا لا أن يكون ميسورا له. نعم، لو أمكنه الجلوس للسجود و الانحناء له وجب حينئذ، للقاعدة. و لكنه مشكل أيضا.

تقدم أنّه لا دليل على وجوبه و إن كان الأولى الإتيان به رجاء. نعم، لو أمكن العكس وجب.

(مسألة ۱۷): لو دار أمره بين الصلاة قائما موميا أو جالسا مع الركوع و السجود فالأحوط تكرار الصلاة (۷۲)، و في الضيق يتخيّر بين الأمرين (۷۳).

للعلم الإجمالي بوجوب أحدهما و لا طريق للتعيين، فيجب الاحتياط و ما قيل في تعيين الصلاة قائما موميا وجوه:

الأول: دعوى الاتفاق عن جميع على تعيينه. و فيه: أنّه على فرض‏

اعتباره، المتيقن منه ضيق الوقت و عدم القدرة على الجمع بينهما.

الثاني: اشتراط الجلوس بتعذر القيام نصّا٦۷ و إجماعا، و مع التمكن منه لا موضوع للجلوس. و فيه: أنّ القيام الذي يكون مقدّما على الجلوس و يشترط الجلوس بالتعذر عنه، إنّما هو القيام المشتمل على الركوع، و السجود الاختياريين، و أما تقدمه على الجلوس المشتمل على الركوع و السجود و الاختياريين مع عدم اشتمال القيام عليهما، بل على الإيماء الذي هو بدل عنهما، فهو أول الدعوى و عين المدعى.

الثالث: أنّ الخطاب بأجزاء الصلاة مترتب، ففي كلّ جزء تلاحظ القدرة بالنسبة إليه، فإن كان قادرا وجب، و إن كان عاجزا سقط، و حيث إنّه قادر على القيام حاله فيجب عليه القيام. و فيه: أنّ خطاب الصلاة- من بدئها إلى ختامها- خطاب واحد، و إن كانت لها أجزاء مترتبة، فالترتيب في المكلّف به لا في أصل التكليف، و حينئذ فإن ثبت أهمية القيام من الركوع و السجود الاختياريين وجب إعمال القدرة فيه، و إلا فلا، و مجرد التقدم الوجودي لا يصير منشأ الأهمية، و ثبوت الأهمية للقيام دونهما أول الدعوى بل قد يدعى العكس، كما يأتي.

و لا فرق فيه بين كون القدرة شرعية أو عقلية، لأنّ إعمال القدرة عند الدوران لا بد و أن يكون في الأهم مطلقا شرعا و عقلا و عرفا. و ما عن بعض من التفصيل بينهما في المقام لا وجه له. نعم، لو ثبت أنّ السبق الوجودي موجب للأهمية يكون مراعاة القيام أهم و لا فرق فيه أيضا بين كون القدرة شرطا عقليا أو شرعيا.

و عن بعض تقديم الجلوس و الإتيان بالركوع و السجود لأهميتهما بالنسبة إلى القيام، لما ورد من: «أنّ الصلاة ثلث طهور، و ثلث ركوع، و ثلث سجود»٦۸.

و لما يستفاد من حديث «لا تعاد»٦۹.

و فيه: أنّه بإطلاقه شامل للأبدال الاضطرارية أيضا، فيكون الإيماء للركوع و السجود بمنزلة إتيانهما، مع أنّه قد ورد في القيام: «من لم يقم صلبه في الصلاة فلا صلاة له»۷۰.

و عن بعض التخيير مع التساوي و فقد المرجح. و فيه: أنّه لا وجه له مع العلم الإجمالي بوجوب أحدهما، و إمكان الاحتياط و عدم المرجح كما هو المفروض، فيتعيّن الاحتياط بالتكرار.

لعدم الترجيح، و عدم إمكان الجمع، و ظهور إجماعهم على عدم وجوب قضاء الفرد الآخر، و لكن يمكن أن يكون المتيقن من إجماعهم على تعيين القيام مرجحا لاختياره حينئذ.

(مسألة ۱۸): لو دار أمره بين الصلاة قائما ماشيا أو جالسا فالأحوط التكرار أيضا (۷٤).

للعلم الإجمالي بوجوب أحدهما، و عدم ما يدل على التعيين. و عن جمع منهم المفيد و العلامة و الشهيد رحمه اللّه تعيين الصلاة ماشيا على الجلوس و استدلوا تارة: بأنّ الماشي فاقد للاستقرار و هو مقدم على القعود كما مر. و فيه:

أنّ ترك الاستقرار مقدّم على الجلوس إن كان بمعنى الاضطراب لا بمعنى المشي المقابل للوقوف و أخرى: بخبر المروزي قال الفقيه عليه السلام: «المريض إنّما يصلّي قاعدا إذا صار أن يمشي بالحال التي لا يقدر فيها على أن يمشي مقدار صلاته إلى أن يفرغ قائما»۷۱.

(و فيه): أنّه على فرض اعتبار سنده إجمال متنه يمنع عن الاعتماد عليه، إذ يحتمل أن يكون في مقام تحديد العجز الموجب للانتقال إلى الجلوس تحديدا تعبديا، أو أن يكون كناية عرفية عن سقوط القيام، أو في مقام تقديم الصلاة ماشيا عليها جالسا و مع هذا الإجمال و عدم الظهور في

واحد منها كيف يصح الاعتماد عليه، مع أنّهم عليهم السلام أو كلوا حد العجز الموجب للانتقال من القيام إلى الجلوس إلى نفس المكلّف و استشهدوا بقوله تعالى‏ بَلِ الْإِنْسانُ عَلى‏ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ۷۲.

هذا في السعة، و أما في الضيق فيختار الجلوس، لعدم إمكان الجمع و احتمال أهميته حينئذ، و ظهور الإجماع على عدم القضاء.

(مسألة ۱۹): لو كان وظيفته جالسا و أمكنه القيام حال الركوع وجب ذلك (۷٥).

لقاعدة الميسور، و إطلاق ما دل على القيام مع التمكن منه خصوصا في القيام المتصل بالركوع. هذا إذا كان التمكن بمقدار هذا القدر من القيام فقط. و أما إذا تجددت القدرة له بقدر الصلاة، فإن كان في سعة الوقت يستأنف الصلاة، لقاعدة: «عدم جواز البدار في التكاليف العذرية» إلا ما خرج بالدليل و إن كان في الضيق يأتي ببقية الصلاة قائما و تصح و لا شي‏ء عليه.

(مسألة ۲۰): إذا قدر على القيام في بعض الركعات دون الجميع وجب أن يقوم إلى أن يتجدد العجز (۷٦)، و كذا إذا تمكن منه في بعض الركعة لا في تمامها. نعم، لو علم من حاله أنّه لو قام أول الصلاة لم يدرك من الصلاة قائما إلا ركعة، أو بعضها، و إذا جلس أو لا يقدر على الركعتين قائما أو أزيد مثلا، لا يبعد وجوب تقديم الجلوس (۷۷)، لكن لا يترك الاحتياط حينئذ بتكرار الصلاة، كما أنّ الأحوط في صورة دوران الأمر بين إدراك أول الركعة قائما و العجز حال الركوع أو العكس أيضا تكرار الصلاة.

أما أصل وجوب القيام حينئذ، فلإطلاق دليله، و لقاعدة الميسور و أما وجوبه إلى أن يتجدد العجز، فلأنّ المتعارف في إعمال القدرة في التكاليف الاختيارية التي يكون العجز عنها موجبا للتبدل إلى البدل الاضطراري هو ذلك و الأدلة الشرعية منزلة على العرفيات و لو كانت المسألة من موارد دوران الأمر بين التعيين و التخيير لكان احتمال التعيين في هذا الطريق أيضا للقرينة العرفية و لو لم تكن هذه القرينة لوجب الاحتياط بتكرار الصلاة، و لكن يمكن أن يقال: المتيقن من بناء العرف إنّما هو فيما إذا كانت الأعمال مستقلة متعددة، و أما لو كانت أجزاء لعمل واحد، فلم يحرز بناؤهم على ذلك، فيتعيّن الاحتياط.

بدعوى: أنّ درك ركعتين مع القيام أهمّ من درك ركعة واحدة معه، فيقدم ما هو الأهمّ و إن تأخر وجودا. و فيه: أنّه فعلا متمكن من القيام، فتشمله الإطلاقات و العمومات الدالة على وجوبه و ليس له إهمال القدرة فعلا، لاحتمال الأهمية في إعمالها فيما قدر فعلا كما مر و منه يظهر وجه الاحتياط في الصورتين هذا في السعة و أما في الضيق، فيختار الأول فيهما.

و عن جمع تقديم القيام حال الركوع على القيام حال القراءة، و عن المبسوط نسبته إلى رواية أصحابنا و لم نعرف الرواية غير ما ورد من: «أنّ الجالس إذا قام في آخر السورة فركع عن قيام يحسب له صلاة القائم» و لكنّه لا ربط له بالمقام و يأتي في [مسألة ۳] من (فصل جميع الصلاة المندوبة) ذكر الخبر، فراجع.

(مسألة ۲۱): إذا عجز عن القيام و دار أمره بين الصلاة ماشيا أو راكبا، قدم المشي على الركوب (۷۸).

لكون المشي أقرب إلى القيام من الركوب. نعم، لو كان المشي مباينا مع القيام من كلّ جهة وجب الاحتياط في المقام بالجمع بين الصلاة ماشيا و راكبا و في الضيق يتخير حينئذ.

(مسألة ۲۲): إذا ظنّ التمكن من القيام في آخر الوقت وجب التأخير، بل و كذا مع الاحتمال (۷۹).

لعدم تبدل التكاليف الاختيارية إلى الأبدال الاضطرارية إلا مع إحراز العجز المستوعب ما لم يدل دليل البدار و لا دليل عليه في المقام و لا إطلاق في‏

أدلة الأبدال الاضطرارية حتّى يشمل صرف وجود الاضطرار و لو في أول الوقت و مع رجاء الزوال، فيكون إطلاق أدلة التكاليف الاختيارية هو المرجع.

(مسألة ۲۳): إذا تمكن من القيام، لكن خاف حدوث مرض أو بطء برئه جاز له الجلوس، و كذا إذا خاف من الجلوس جاز له الاضطجاع، و كذا إذا خاف من لص أو عدو أو سبع أو نحو ذلك (۸۰).

لتحقق الخوف في جميع ذلك و هو بنفسه عذر موجب لانتقال التكاليف الاختيارية كما تقدم في الوضوء و التيمم و قد يوجب سقوط التكليف كما يأتي في الصوم و الحج و نحوهما، بل يستفاد من خبر ابن جعفر عن أخيه عليه السلام: «رجل نزع الماء من عينيه أو يشتكي عينيه و يشق عليه السجود هل يجزئه أن يومئ و هو قاعد أو يصلّي و هو مضطجع؟ قال عليه السلام: يومي و هو قاعد»۷۳.

أنّ مطلق الحرج و المشقة و لو لم يكن خوف في البين يوجب انقلاب التكليف و هو الذي تقتضيه سهولة الشريعة المقدسة و كثرة امتنانه على الأمة إلا أن يدعى ملازمتهما غالبا. هذا مضافا إلى ظهور الإجماع في جميع ذلك.

(مسألة ۲٤): إذا دار الأمر بين مراعاة الاستقبال أو القيام فالظاهر وجوب مراعاة الأول (۸۱).

لأهمية الاستقبال بالنسبة إلى القيام، و يشهد له قوله عليه السلام:

«لا تعاد الصلاة إلا من خمسة: الطهور، و الوقت و القبلة و الركوع و السجود»۷4.

لكنه إذا لم يتمكن من القبلة الاضطرارية و هي ما بين المشرق و المغرب و أما إذا تمكن منه، فيأتي بالصلاة فيما بينهما قائما إذ لا يبعد شمول الدليل لهذه الصورة أيضا.

و أما ما قيل من أنّ القيام ركن و الاستقبال ليس كذلك، أو أنّ القيام جزء و له وجود خارجيّ بخلاف الاستقبال فإنّه شرط و ليس إلا من مجرد الإضافة، فلا بد من تقديم القيام عند الدوران بينه و بين الاستقبال. ففيه: أنّ الركنية التبعية لا تصلح للترجيح في مقابل ما ورد في الاستقبال من حديث «لا تعاد»۷٥ مستقلا، و مجرد الوجود الخارجي في القيام لا يكون مرجحا أما أولا: فلأنّ للاستقبال أيضا وجود خارجي عند المتشرعة من بدء الصلاة إلى ختامها بجميع أجزائها و جزئياتها، و يمكن ترجيح الاستقبال من هذه الجهة أيضا.

و ثانيا: فلأنّ المناط كلّه هو التقيد و هو حاصل في كلّ من الجزء و الشرط في عرض سواء ما لم يقم وجه معتبر للترجيح.

(مسألة ۲٥): لو تجدد العجز في أثناء الصلاة عن القيام انتقل إلى الجلوس (۸۲) و لو عجز عنه انتقل إلى الاضطجاع و لو عجز عنه انتقل إلى الاستلقاء و يترك القراءة أو الذكر في حال الانتقال إلى أن يستقر (۸۳).

لإطلاق أدلة البدلية الشامل للحدوث و الاستدامة، مضافا إلى ظهور الإجماع و لا يجب عليه استئناف ما مضى، لوقوعه بحسب تكليفه جامعا للشرائط، فيشمله إطلاق الدليل لا محالة، مضافا إلى الأصل، و منه يعلم حكم الانتقال إلى الاضطجاع و الاستلقاء و يمكن أن يصلّي صلاة واحدة بحالات أربع قائما، و جالسا و مضطجعا، و مستلقيا، هذا إذا علم بعدم تجدد القدرة بعد ذلك و إلا يتعيّن القطع و التأخير إلى حصول القدرة و الاحتياط في الإتمام ثمَّ الإعادة مع القدرة.

لأنّ الاستقرار شرط في القراءة و لا استقرار في حال الهويّ، فلا بد من ترك القراءة حتّى يستقر و نسب إلى الأصحاب الإتيان بالقراءة حال الهويّ لأنّه أقرب إلى القيام، فتشمله قاعدة الميسور، و لأنّ الاستقرار شرط في حال الاختيار

لا مطلقا. و فيه: أنّ الهويّ إلى الجلوس مباين للقيام عرفا، فلا وجه للأقربية و لا موضوع لقاعدة الميسور، مضافا إلى إطلاق أدلة الجلوس بعد العجز عن القيام و مقتضاه عدم الاعتداد بالهويّ و كون الاستقرار شرطا في حال الاختيار لا يوجب سقوطه مع التمكن من تحصيله في الجلوس الذي هو بدل القيام، فيكون مقدورا في البدل و لا وجه لسقوطه حينئذ، و لكن طريق الاحتياط أن يأتي بالقراءة في حال الهويّ بقصد القربة المطلقة ثمَّ يعيدها في حال الجلوس كذلك.

(مسألة ۲٦): لو تجددت القدرة على القيام في الأثناء انتقل إليه (۸٤)، و كذا لو تجدد للمضطجع القدرة على الجلوس أو للمستلقي القدرة على الاضطجاع و يترك القراءة أو الذكر في حال الانتقال (۸٥).

لتمكنه من إتيان تمام ما هو الواجب عليه بحسب تكليفه بعد الانتقال و لا إشكال فيه من أحد، بل تلقاه الأصحاب بالقبول.

لإطلاق دليل وجوب القيام الشامل للمقام أيضا مضافا إلى إجماع الأعلام و كذا في المضطجع و المستلقي. هذا إذا كان في آخر الوقت، و أما لو كان الوقت واسعا، فيمكن القول ببطلان ما أتى به، لكشف تجدد القدرة عن عدم الأمر بالمأتي به. نعم، يصح ذلك بناء على جواز البدار و لا وجه له إلا مع دليل معتبر عليه و هو مفقود. ثمَّ إنّ إطلاق قول الماتن رحمه اللّه هنا يحمل على ما تقدم منه في [مسألة ۲۲]، فراجع.

(مسألة ۲۷): إذا تجددت القدرة بعد القراءة قبل الركوع قام للركوع، و ليس عليه إعادة القراءة (۸٦)، و كذا لو تجددت في أثناء القراءة لا يجب استئنافها و لو تجددت بعد الركوع، فإن كان بعد تمام‏ الذكر انتصب للارتفاع منه (۸۷)، و إن كان قبل تمامه ارتفع منحنيا (۸۸) إلى حدّ الركوع القيامي و لا يجوز له الانتصاب ثمَّ الركوع (۸۹)، و لو تجدّدت بعد رفع الرأس من الركوع لا يجب عليه القيام للسجود لكون انتصابه الجلوسي بدلا عن الانتصاب القيامي، و يجزئ عنه، لكن الأحوط القيام للسجود عنه (۹۰).

أما القيام للركوع، فلتمكنه منه، فيشمله إطلاق دليل وجوبه، و أما عدم وجوب إعادة القراءة، فلأنّه أتى بها بحسب تكليفه الفعليّ، فيجزي إن كان في ضيق الوقت و إن كان في السعة، فيستأنف الصلاة و طريق الاحتياط الإتمام و الإعادة.

لأنّه متمكن من القيام بعد الركوع فيجب ذلك عليه، لإطلاق دليل وجوبه.

لتمكنه حينئذ من الذكر حال الركوع الاختياري، فيجب عليه نصّا، و إجماعا.

لأنّه مستلزم لزيادة الركوع، أحدهما ما وقع عن جلوس و الآخر ما حدث عن قيام، فتبطل الصلاة من هذه الجهة.

لاحتمال اعتبار أن يكون الهويّ للسجود عن قيام عند التمكن منه و المفروض أنّه متمكن منه مع احتمال أن تكون بدلية الانتصاب الجلوسي عن الانتصاب القيامي ما دامية لا دائمية.

(مسألة ۲۸): لو ركع قائما ثمَّ عجز عن القيام فإن كان بعد تمام الذكر جلس منتصبا (۹۱) ثمَّ سجد، و إن كان قبل الذكر هوى متقوّسا إلى حد الركوع (۹۲) الجلوسي ثمَّ أتى بالذكر (۹۳).

لاستصحاب وجوبه، بل لإطلاق دليله الشامل لهذه الصورة أيضا،

و لكن يمكن أن يقال: إنّه قد أتى بذات الركوع الاختياري و تعذر عليه الذكر لتعذر استدامة الركوع الاختياري، فلا يبقى موضوع للانتقال إلى البدل مع الإتيان بذات الركوع الاختياري. كما لا يبقى موضوع للإتيان بالذكر أيضا، لأنّ موضوعه كان الركوع الاختياري الذي أتى به و تعذر استدامته، و على هذا يشكل الجزم بوجوب الهوي إلى حدّ الركوع الجلوسي أيضا، لفرض الإتيان بذات الركوع الاختياري، و العجز إنّما حصل في خصوص الذكر فقط و فات محلّه لفوات موضوعه، و لكن يرد عليه: أنّه متمكن عرفا من تحصيل الذكر الواجب، فيجب عليه تحصيله.

لئلا يلزم تعدد الركوع، لأنّ الهويّ متقوسا إلى حد الركوع الجلوسي من مراتب ركوع واحد شرع فيه فحدث له العجز عن إتمامه، فلا يلزم تعدد الركوع، بل هو ركوع واحد ذو مراتب متفاوتة، و لو جلس ثمَّ ركع يكون ما وقع منه أولا ركوعا و ما أتى به بعد الجلوس ركوعا آخر، فتبطل الصلاة من حيث زيادة الركوع.

لأنّه مع عدم تمكنه من القيام بعد الركوع ينتقل إلى بدله، و هو الجلوس منتصبا إجماعا.

(مسألة ۲۹): يجب الاستقرار حال القراءة و التسبيحات و حال ذكر الركوع و السجود، بل في جميع. أفعال الصلاة و أذكارها (۹٤)، بل في حال القنوت و الأذكار المستحبة، كتكبيرة الركوع و السجود (۹٥). نعم، لو كبّر بقصد الذكر المطلق في حال عدم الاستقرار لا بأس به، و كذا لو سبّح، أو هلّل (۹٦)، فلو كبّر بقصد تكبير الركوع في حال الهويّ له أو للسجود كذلك أو في حال النهوض يشكل صحته (۹۷)، فالأولى لمن يكبّر كذلك أن يقصد الذكر المطلق. نعم، محلّ قوله: «بحول اللّه و قوته» حال النهوض للقيام.

للإجماع في ذلك كلّه، و سيرة المصلّين من المتشرعة قديما و حديثا و قوله عليه السلام: «و ليتمكن في الإقامة، كما يتمكن في الصلاة»۷٦.

الذي يستفاد منه مفروغية الاستقرار في حال الصلاة، و تقتضيه مناسبة الحكم و الموضوع، إذ الحضور لدى العظيم المطلع على خائنة الأعين و ما تخفي الصدور لا بد و أن يكون مع الهدوء و السكون و الاستقرار مطلقا، و قد تقدم بعض الكلام فيه أيضا، فراجع.

لتسالمهم عليه، و لكن في الاعتماد عليه إشكال، لاختلافهم في أنّ المندوبات جزء حقيقي للصلاة، أو صوري فقط، أو أنّ الصلاة ظرف تلك المندوبات من دون دخل لها فيها أصلا، لكن يمكن أن يقال: إنّ الاختلاف في هذه الجهة لا ينافي الوفاق في أصل اعتبار الاستقرار في الجملة.

ثمَّ إنّ الاستقرار في المندوبات يحتمل أن يكون شرطا لصحة أصل الصلاة و هو بعيد، أو لخصوص المندوبات و هو الظاهر، فيبطل المندوبات، من جهة الإضافة إلى الصلاة و يبقى عنوان مطلق الذكرية، و يصح أصل الصلاة مع تحقق‏

الاستقرار في واجباتها، و يحتمل أن يكون وجوب الاستقرار في مندوبات الصلاة، كوجوب المتابعة في الجماعة واجبا نفسيا لا غيريا، فلا يبطل المندوب و لا الصلاة بتركه إلا إذا انطبق عليه مبطل آخر، و لكن مقتضى المرتكزات عند المتشرعة كون الاستقرار فيها شرطا صلاتيا في مندوبات الصلاة، كواجباتها على فرض تمامية دليل اعتباره، فتبطل الصلاة بتركه كما تبطل بتركه في واجبات الصلاة.

إذ لا فرق في مطلق الذكر بين حال الصلاة، و بين غيرها في عدم اعتبار الاستقرار فيه، للأصل و إطلاق دليل مطلوبيته.

إن كان منشأ الإشكال فقد الاستقرار فلا وجه له، لأنّه فيما إذا أتى بالذكر المندوب في محلّه مع عدم الاستقرار، كما إذا أتى بتكبير الركوع و السجود في حال الانتصاب مضطربا، و قد جزم (قدس سره) باعتبار الاستقرار في الأذكار المندوبة قبل ذلك، و مقتضاه البطلان لا الإشكال في الصحة، و سيأتي منه رحمه اللّه الاحتياط الوجوبي في اعتبار الطمأنينة في الأذكار المندوبة في الركوع.

و لكن يمكن أن يقال: إنّ جميع الأذكار المندوبة التي يؤتى بها في الصلاة متضمنة لقصد مطلق الذكر، بلا إشكال، و يمكن ترجيح هذه الجهة عند فقد الاستقرار فلا موجب للإشكال.

و إن كان منشأ الإشكال صدق الزيادة من جهة أنّ محلّهما حال الانتصاب، فالإتيان بهما في غيره زيادة فلا بد له رحمه اللّه من الحكم بالبطلان، لما تقدم منه رحمه اللّه في [مسألة ۳] من هذا الفصل من أنّ إتيان القنوت جالسا يوجب بطلان الصلاة للزيادة، و لا فرق بينه و بين المقام، إلا أن يقال: إنّ المتشرعة يرون التكبير في حال الهويّ من إتيان الشي‏ء في محلّه بلا استقرار، لا أن يكون من الزيادة مع أنّه يمكن أن يقال إنّ هذه التكبيرة حيث إنّها في نهاية القيام و بدء الهوي‏

إلى الركوع، و نوع الناس خصوصا سوادهم لا يلتفتون إلى الاستقرار فيها اغتفر فيها الحركة تسهيلا، كما اغتفر في «بحول اللّه و قوته» هذا كلّه مع التعمد. و أما مع الجهل، فيمكن التمسك بحديث «لا تعاد»۷۷ بناء على شموله لصورة الجهل، مضافا إلى ما قلناه.

(مسألة ۳۰): من لا يقدر على السجود يرفع موضع سجوده إن أمكنه و إلا وضع ما يصح السجود عليه على جبهته، كما مر (۹۸).

و مر التفصيل في [مسألة ۱٥] فراجع، و ظاهره هنا الفتوى و صرّح هناك بالاحتياط، و لا دليل على لزوم الاحتياط في الثاني فضلا عن الفتوى.

(مسألة ۳۱): من يصلّي جالسا يتخيّر بين أنحاء الجلوس (۹۹). نعم، يستحب له أن يجلس جلوس القرفصاء (۱۰۰)، و هو أن يرفع فخذيه و ساقيه، و إذا أراد أن يركع ثنى رجليه (۱۰۱)، و أما بين السجدتين و حال التشهد فيستحب أن يتورك (۱۰۲).

يأتي الأول في الخامس عشر من (فصل مستحبات السجود) و الثاني في [مسألة ٤] من (فصل التشهد)، فراجع.

لظهور الإجماع، و ما تقدم من الخبر.

قد ادعي الإجماع على استحباب تربع المصلّي جالسا، و استدل له مضافا إلى ذلك، بما عن أحدهما عليهما السلام: «كان أبي إذا صلّى جالسا تربع فإذا ركع ثنى رجليه»۸۰.

و قال في الجواهر:

«لا أعرف خلافا في أنّ المراد بالتربع هنا نصب الفخذين و الساقين، و إن كان لم يساعده شي‏ء مما وقفنا عليه من كلام أهل اللغة بالخصوص و أنّه عبارة عن الكيفية المتعارفة، إلا أنّ الأصحاب لعلّهم أخذوه من أنّه هو جلوس القرفصاء المنقول عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و هو الأقرب إلى القيام، و هو جلوس العبد المتهيئ للامتثال الذي قد أمر به في بعض الأخبار».

أقول: في الحديث: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يجلس ثلاثا:

القرفصاء، و على ركبتيه، و كان يثني رجلا واحدة و يبسط عليها الأخرى، و لم ير متربعا قط»۸۱.

مع أنّ في هذا النحو من الجلوس نحو تذليل يناسب العبودية و العبادة.

للإطلاق الشامل للجميع، و أصالة عدم اعتبار خصوصية خاصة، و في الصحيح عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الصلاة في المحمل: «صلّ متربعا و ممدود الرجلين و كيفما أمكنك»۷۸.

و إن كان في استفادة الإطلاق منه في كلّ حال إشكال، و لكن في الإطلاقات كفاية، مضافا إلى خبر معاوية بن ميسرة عن أبي عبد اللّه عليه السلام:

«أ يصلّي الرجل و هو جالس متربع و مبسوط الرجلين؟ فقال عليه السلام: لا بأس بذلك»۷۹.

(مسألة ۳۲): يستحب في حال القيام أمور: أحدها: إسدال المنكبين (۱۰۳). «الثاني»: إرسال اليدين (۱۰٤). «الثالث»: وضع الكفين على الفخذين قبال الركبتين، اليمنى على الأيمن و اليسرى على الأيسر (۱۰٥). «الرابع»: ضم جميع أصابع الكفين (۱۰٦). «الخامس»: أن يكون نظره إلى موضع سجوده (۱۰۷). «السادس»: أن ينصب فقار ظهره و نحره (۱۰۸). «السابع»: أن يصف قدميه مستقبلا بهما متحاذيتين بحيث لا تزيد إحداهما على الأخرى و لا تنقص عنها (۱۰۹). «الثامن»: التفرقة بينهما بثلاث أصابع مفرجات، أو أزيد إلى الشبر (۱۱۰). «التاسع»: التسوية بينهما في الاعتماد (۱۱۱). «العاشر»: أن يكون مع الخضوع و الخشوع كقيام العبد الذليل بين يدي المولى الجليل (۱۱۲).

لما مرّ من قول الصادق عليه السلام: «بخشوع و استكانة»، و يشهد له الإجماع و الاعتبار. و قد قلنا:

«و قم قيام البائس الذّليل‏ بين يدي مهيمن جليل»
«فالسّرّ في حضوره علانية و ليس مستورا عليه خافية»
«و لازم الوقار في حضور من‏ أسرارنا لدى جنابه علن»
«يحبّ كلّ من دنا إليه‏ يفيض من ألطافه عليه»

لما في الرضوي: «و لا تتكي مرة على رجلك، و مرة على الأخرى»۸٦.

لما مرّ في قول أبي جعفر في صحيح زرارة.

لظهور قوله عليه السلام فيما مرّ: «و قرب بين قدميه، و استقبل بأصابع رجليه جميعا القبلة في ذلك».

و في الرضوي: «و صفّ بين قدميك»۸٥.

لما ورد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في تفسير قوله تعالى:

فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ، قال عليه السلام: «النحر الاعتدال في القيام أن يقيم صلبه و نحره»۸4.

لما مرّ من قول أبي جعفر عليه السلام: «و ليكن نظرك إلى موضع سجودك» المحمول على الندب إجماعا، و عن جمع تقييده بأن يكون على نحو الاستكانة و التخشع لا التحديق.

لما تقدم من قول الصادق عليه السلام، مضافا إلى ظهور الاتفاق على الندب.

إجماعا و نصّا، تقدم في قول أبي جعفر عليه السلام.

لما تقدم من قول أبي جعفر عليه السلام، مضافا إلى الإجماع.

لقول أبي جعفر عليه السلام في صحيح زرارة: «إذا قمت في الصلاة فلا تلصق قدمك بالأخرى دع بينهما فصلا إصبعا أقل ذلك إلى شبر أكثره، و اسدل منكبيك و أرسل يديك، و لا تشبك أصابعك و ليكونا على فخذيك قبالة ركبتيك، و ليكن نظرك إلى موضع سجودك»۸۲.

و في صحيح حماد الوارد في بيان كيفية صلاة الصادق عليه السلام و تعليمها لحماد بن عيسى: «فقام أبو عبد اللّه عليه السلام مستقبل القبلة منتصبا فأرسل يديه جميعا على فخذيه و قد ضم أصابعه و قرب بين قدميه حتّى كان بينهما ثلاث أصابع مفرجات، و استقبل بأصابع رجليه جميعا لم يحرفهما عن القبلة بخشوع و استكانة- الحديث-»۸۳.

  1. سورة آل عمران: ۱۹۱.
  2. الوسائل باب: ۱ من أبواب القيام حديث: ۱.
  3. الوسائل باب: ۲ من أبواب القيام حديث: ۱.
  4. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب القيام حديث: ۱.
  5. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الركوع حديث: ٥.
  6. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الركوع حديث: ٥.
  7. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب القيام حديث: ۱.
  8. الوسائل باب: 4٥ من أبواب صلاة الجماعة حديث: ۱.
  9. الوسائل باب: ۱ من أبواب القيام حديث: ۱.
  10. الوسائل باب: ۲ من أبواب القيام حديث: ۱.
  11. مستدرك الوسائل باب: ۱ من أبواب القراءة في الصلاة حديث: ٥.
  12. الوسائل باب: ۱ من أبواب الوضوء حديث: ۱.
  13. لم نعثر عليه لكن ورد مضمونه في الوسائل باب: ۱ من أبواب القبلة حديث: ۲.
  14. الوسائل باب: ۱ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۱.
  15. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الركوع حديث: ٥.
  16. سورة البقرة: ۲۳۸.
  17. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب القواطع الصلاة حديث: ۲.
  18. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب القواطع حديث: ۳.
  19. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الركوع حديث: ٥.
  20. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الركوع حديث: ٥.
  21. الوسائل باب: ۲ من أبواب القيام حديث: ۲.
  22. الوسائل باب: ۲ من أبواب القيام حديث: ۱.
  23. الوسائل باب: ۳4 من أبواب القراءة في الصلاة حديث: ۱.
  24. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب الأذان و الإقامة حديث: ۱۲.
  25. الوسائل باب: ۱4 من أبواب القيام حديث: ۲.
  26. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب القيام حديث: ۲.
  27. الوسائل باب: ۱ من أبواب القيام حديث: ۲۰.
  28. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب القيام حديث: ۱.
  29. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب القيام حديث: 4.
  30. الوسائل باب: ۱ من أبواب القيام حديث: ۷.
  31. الوسائل باب: ۳ من أبواب القيام حديث: ۲.
  32. الوسائل باب: ۳ من أبواب القيام حديث: 4.
  33. الوسائل باب: ۲ من أبواب القيام حديث: ۳.
  34. الوسائل باب: ۱ من أبواب قواطع الصلاة حديث: 4.
  35. الوسائل باب: ۳ من أبواب القيام حديث: ۱.
  36. الوسائل باب: ۲۹ من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها حديث: ۲.
  37. الوسائل باب: ۱4 من أبواب القيام حديث: ٥.
  38. تقدم ذكره في صفحة: ۲۱٦.
  39. الوسائل باب: ۱ من أبواب القيام حديث: ۱٥.
  40. الوسائل باب: ۱ من أبواب القيام حديث: ۱۳.
  41. الوسائل باب: ٦ من أبواب القيام حديث: ۳.
  42. الوسائل باب: ٦ من أبواب القيام حديث: ۲.
  43. الوسائل باب: ۱ من أبواب القيام حديث: ۱.
  44. الوسائل باب: ۱ من أبواب القيام حديث: ٥.
  45. الوسائل باب: ۱ من أبواب القيام حديث: ۱۸.
  46. تقدم آنفا.
  47. تقدم في صفحة: ۲۲۷.
  48. الوسائل باب: ۱ من أبواب القيام حديث: ۱۰.
  49. راجع المعتبر صفحة: ۱۷۰.
  50. الوسائل باب: ۱ من أبواب القيام حديث: ۱٦.
  51. الوسائل باب: ۱ من أبواب القيام حديث: ۱۳ و ملحقة.
  52. الوسائل باب: ۱۹ من أبواب القبلة حديث: ۲.
  53. الوسائل باب: ۱ من أبواب القيام حديث: ٦.
  54. تقدما في صفحة: ۲۲۷، و صفحة: ۲۳۰.
  55. راجع الوسائل باب: ۱٥ من أبواب القبلة.
  56. راجع الوسائل باب: ۱٦ من أبواب القبلة.
  57. راجع الوسائل باب: ٥۰ من أبواب لباس المصلي.
  58. راجع الوسائل باب: ۸ من أبواب القيام حديث: ۱.
  59. الوسائل باب: ۷ من أبواب القيام حديث: ۲.
  60. الوسائل باب: ۱ من أبواب القيام حديث: ٥.
  61. الوسائل باب: ۱ من أبواب القيام حديث: ۱4.
  62. الوسائل باب: ۱ من أبواب القيام حديث: ۲۱.
  63. الوسائل باب: ۱ من أبواب القيام حديث: ۲.
  64. سورة الأنفال: ۷٥.
  65. الوسائل باب: ۱٥ من أبواب ما يسجد عليه حديث: ۱.
  66. الوسائل باب: ۱ من أبواب القيام حديث: ۱۱.
  67. راجع الوسائل باب: ۱ باب: ۱4 من أبواب القيام.
  68. الوسائل باب: ۹ من أبواب الركوع حديث: ۱.
  69. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الركوع حديث: ٥.
  70. الوسائل باب: ۳ من أبواب القيام حديث: ۱.
  71. الوسائل باب: ٦ من أبواب القيام حديث: 4.
  72. سورة القيامة: ۱4.
  73. الوسائل باب: ۷ من أبواب القيام حديث: ۲.
  74. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الركوع حديث: ٥.
  75. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الركوع.
  76. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب الأذان و الإقامة حديث: ۱۲.
  77. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الركوع حديث: ٥.
  78. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب القيام حديث: ٥.
  79. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب القيام حديث: ۳.
  80. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب القيام حديث: 4.
  81. الوسائل باب: 4 من أبواب أحكام العشرة حديث: ۱.
  82. الوسائل باب: ۱ من أبواب أفعال الصلاة حديث: ۳.
  83. الوسائل باب: ۱ من أبواب أفعال الصلاة و حديث: ۱.
  84. الوسائل باب: ۲ من أبواب القيام حديث: ۳.
  85. مستدرك الوسائل باب: ۱ من أبواب أفعال الصلاة حديث: ۷.
  86. مستدرك الوسائل باب: ۱ من أبواب أفعال الصلاة حديث: ۷.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"