1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. کتاب الصلاة
  10. /
  11. فصل في القبلة
و هي المكان الذي وقع فيه البيت- شرّفه اللّه تعالى- من تخوم الأرض إلى عنان السماء، للناس كافة، القريب و البعيد، لا خصوص البنية (۱)، و لا يدخل فيه شي‏ء من حجر إسماعيل (۲)، و إن وجب‏ إدخاله في الطواف (۳). و يجب استقبال عينها، لا المسجد أو الحرم و لو للبعيد (٤). و لا يعتبر اتصال الخط من موقف كلّ مصلّ بها (٥)، بل المحاذاة العرفية كافية (٦)، غاية الأمر أنّ المحاذاة تتسع مع البعد و كلّما ازداد بعدا ازدادت سعة المحاذاة (۷) كما يعلم ذلك بملاحظة الأجرام البعيدة كالأنجم و نحوها، فلا يقدح زيادة عرض الصف المستطيل عن الكعبة في صدق محاذاتها- كما نشاهد ذلك بالنسبة إلى الأجرام البعيدة- و القول: بأنّ القبلة للبعيد سمت الكعبة و جهتها راجع في الحقيقة إلى ما ذكرنا، و إن كان مرادهم الجهة العرفية المسامحية، فلا وجه له (۸).و يعتبر العلم بالمحاذاة مع الإمكان. و مع عدمه يرجع إلى العلامات و الأمارات المفيدة للظنّ (۹). و في كفاية شهادة العدلين مع إمكان تحصيل العلم إشكال (۱۰). و مع عدمه لا بأس بالتعويل عليها إن لم يكن اجتهاده على خلافها (۱۱)، و إلّا فالأحوط تكرار الصلاة (۱۲). و مع عدم إمكان تحصيل الظنّ يصلّي إلى أربع جهات (۱۳) إن‏ وسع الوقت و الا فيتخيّر بينها (۱٤).

بإجماع المسلمين، بل بالضرورة من الدّين، و قال الصادق (عليه السلام): «أساس البيت من الأرض السابعة السفلى إلى الأرض السابعة العليا»۱.

و قال (عليه السلام) في خبر عبد اللّه بن سنان حين سأله عن الصلاة على أبي قبيس و الكعبة تحته: «نعم، إنّها قبلة من موضعها إلى السماء»۲.

و لو فرض- و العياذ باللّه- زوال البينة لا تزول القبلة أبدا، كما أنّ محلّها كان قبلة قبل بنائها، فعن أبي عبد اللّه (عليه السلام) في خبر أبي كثير: «إنّ اللّه بعث جبرئيل إلى آدم (عليه السلام) فنزل غمام من السماء فأظلّ مكان البيت، فقال جبرئيل (عليه السلام): يا آدم خطّ برجلك حيث أظلّ الغمام فإنّه قبلة لك و لآخر عقبك من ولدك»۳.

لصحيح معاوية بن عمار قال: «سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن‏ الحجر أ من البيت هو أم فيه شي‏ء من البيت؟ قال (عليه السلام): لا و لا قلامة ظفر، و لكن إسماعيل دفن فيه أمه فكره أن يوطأ فجعل عليه حجرا، و فيه قبور أنبياء»4.

و تدل على أنّ فيه قبر إسماعيل أو عذارى بناته و قبور الأنبياء جملة من الأخبار٥، و في الآيات و الأخبار قرائن على أنها ليست من الكعبة حقيقة:

منها: إطلاق لفظ الكعبة من زمان إبراهيم، بل من زمان بناء الملائكة لها، و هي عبارة عن المربع المكعب و لا يطلق على المستطيل.

و منها: أنّه يبعد عن مثل إسماعيل (عليه السلام) أن يدفن بناته في جوف الكعبة.

و منها: أنّه لو كان من الكعبة لا وجه لجعل فتحتين فيه من أول حدوثه، كما تشهد به التواريخ.

و منها: أنّه لو كان منها لأشير إليه في خبر من أخبار المعصومين الذين هم أهل البيت، بل دلت أخبارهم (عليهم السلام) على أنّه ليس من البيت.

و منها: أنّه لم ينقل عن النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) و لا عن أوصيائه و لا عن أحد من أصحابه أنّهم صلّوا إليه بحيث لم يكن متوجها إلى البيت، فلو كان منها لم لم يصلّوا إليه و لم ينقل ذلك منهم؟! نعم، نسب إلى بعض العامة أنّه منها و أنّ النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) كان يهتم بإدخاله في البيت، و عن بعضهم: إنّ فيه ستة أذرع من البيت، لما عن عائشة: «إنّي نذرت أن أصلّي ركعتين في البيت، فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) «صلّ في الحجر، فإنّه فيه ستة أذرع من البيت»٦.

و نسب شيخنا الشهيد في الذكرى إلى أصحابنا أنّ الحجر من البيت، و عن‏ العلامة في المنتهى جواز الصلاة إليه.

و الكلّ باطل: لأنّه اجتهاد في مقابل قول صادق أهل البيت- الذي هو أدرى بما في البيت- فيما تقدم من صحيح ابن عمار أنّه ليس منه، و لا قلامة ظفر. نعم إنّه من البيت من حيث الدخول في الطواف بإجماعهم و نصوصهم، و لا ملازمة بين وجوب إدخاله في الطواف، و كونه قبلة، مع أنّه لو كان لدخوله في البيت مدرك صحيح حتّى عند العامة لاهتم خلفاء بني أميّة و بني العباس في إدخاله في البيت، فإنّه من أجلى آثارهم و أهم مفاخرهم خصوصا بعد ما قيل من أنّ الزبير أدخله في البيت و أخرجه الحجاج، و لم يعلم من التاريخ معارضة فقهاء العامة لما فعله الحجاج.

و بالجملة: لم يبق في البين ما يصح الاعتماد عليه لدخول شي‏ء منه في البيت و ما تقدّم من قول أبي عبد اللّه (عليه السلام) و قوله (عليه السلام) أيضا: من أنّ «الحجر مدفن إسماعيل و أمه و بناته حجر عليه كراهة أن لا يوطأ» ظاهر، بل نص في الخروج و قرّره الشارع، لأنّ لإسماعيل و أبيه خليل الرحمن (عليهما السلام) كان حق بناء البيت و خدمته و سدانته فيستحق أن يتفضل اللّه تعالى عليه بهذه الفضيلة العظمى التي تبقى أبد الدهر.

لما يأتي في كتاب الحج مفصلا إن شاء اللّه تعالى.

للإطلاقات و العمومات المشتملة على لفظ الكعبة و البيت الشاملة للقريب و البعيد، مع أنّ كون الكعبة المقدسة قبلة المسلمين من الضروريات بينهم يعرفها الصبيان و يلقّن به الموتى، و يقسم بها الناس، بل يعرف أهل سائر الأديان أنّ قبلة المسلمين الكعبة المقدسة. و قد ورد في النصوص الكثيرة لفظ البيت و الكعبة، كقول أبي عبد اللّه (عليه السلام) في حديث عيسى ابن موسى: «و هذا بيت- إلى أن قال- و جعله محلّ أنبيائه و قبلة للمصلّين إليه»۷.

و عنه (عليه السلام) في صحيح عبد اللّه بن سنان أنّه قال: «إنّ للّه عزّ و جل حرمات ثلاثا: ليس مثلهنّ شي‏ء: كتابه و هو حكمة و نور، و بيته الذي جعله قبلة للناس لا يقبل من أحد توجها إلى غيره، و عترة نبيكم (صلّى اللّه عليه و آله)»۸.

و في احتجاج النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) على المشركين قال (صلّى اللّه عليه و آله): «إنّا عباد اللّه مخلوقون مربوبون نأتمر له فيما أمرنا و ننزجر له عمار زجرنا- إلى أن قال:- «فلما أمرنا أن نعبده بالتوجه إلى الكعبة أطعنا ثمَّ أمرنا بعبادته بالتوجه نحوها في سائر البلدان التي تكون بها فأطعنا»۹.

فلا ريب في ذلك في الجملة، و إنّما البحث في جهتين:

الجهة الأولى: و فيها أمور:

الأول: أنّ الاستقبال من أهم الأمور الابتلائية بين المسلمين في صلواتهم و مذابحهم و مدافنهم و دعواتهم و غير ذلك، و من عادة الشارع الاهتمام ببيان خصوصيات الأمور الابتلائية و تحديد حدودها و بيان قيودها، و مع ذلك لم يرد منه إلّا جملة من الإطلاقات كتابا و سنة، قال تعالى‏ وَ مِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ‏۱۰، و قوله تعالى‏ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ حَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ*۱۱.

و قال أبو عبد اللّه (عليه السلام): «نعم، إنّها قبلة من موضعها إلى السماء»۱۲.

و قال (عليه السلام) أيضا: «إذا مات لأحدكم ميت فسجوه تجاه القبلة»۱۳.

و قال (عليه السلام) أيضا في حديث البراء: «أوصى إذا دفن يجعل وجهه تلقاء النبي (صلّى اللّه عليه و آله) إلى القبلة- إلى أن قال:- فجرت به السنة»۱4.

و قال (عليه السلام): «لا صلاة إلّا إلى القبلة»۱٥.

إلى غير ذلك مما هو ظاهر في ابتناء الاستقبال على الشائع المتعارف بين الناس في كيفية توجههم إلى الأمكنة البعيدة، لقاعدة أنّ كلّ ما لم يرد فيه تحديد من الشارع فالعرف هو المحكم، و قال في الجواهر: «و كيفية استقبالها أمر عرفي لا مدخل للشرع فيه».

الثاني: الاستقبال و التوجه إلى الشي‏ء من المبينات العرفية يكفي فيهما الصدق العرفي إلّا إذا ورد دليل شرعي على الخلاف، و حيث لم يرد دليل شرعي على تحديد خاص في جميع ما يعتبر فيه الاستقبال مع أنّ بيان قيود المكلّف به و حدوده على عهدة الشارع فيتعيّن أن يكون المرجع هو الصدق العرفي فقط، كما في سائر متعلقات التكاليف التي لم يرد في تحديدها حدّ شرعي، و يدل عليه خبر أبي بصير عن أحدهما (عليهما السلام) قال: «قلت له: إنّ اللّه أمره أن يصلّي إلى بيت المقدس؟ قال: نعم، أ لا ترى أنّ اللّه يقول: وَ ما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ‏- الآية-، ثمَّ قال: إنّ بني عبد الأشهل أتوهم و هم في الصلاة قد صلّوا ركعتين إلى بيت المقدس، فقيل لهم: إنّ نبيّكم صرف إلى الكعبة فتحوّل النساء مكان الرجال، و الرجال مكان النساء، و جعلوا الركعتين الباقيتين إلى الكعبة فصلّوا صلاة واحدة إلى قبلتين، فلذلك سمّي مسجدهم القبلتين»۱٦.

فإن توجه المصلّين في أثناء صلاتهم إلى القبلة بفطرتهم و تقرير النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) لهم يكشف عن أنّه من العرفيات، و يشهد له أيضا أنّه‏ لم يعهد من أحد من المعصومين (عليهم السلام) و لا من أصحابهم ما هو خارج عن المتعارف بالنسبة إلى الاستقبال، و يشهد له أيضا ذكر المسجد الحرام في الآيات الكريمة و ليس ذلك إلّا لأجل التوسعة لا الدقة.

الثالث: قد ورد في تحديد هذا الأمر العام البلوى الذي هو من أهم الأمور الإسلامية ما في خبر زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) أنّه قال: «قلت: و أين حدّ القبلة؟ قال: ما بين المشرق و المغرب قبلة كلّه»۱۷.

و ما في خبر محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) قال: «سألته عن القبلة، فقال: ضع الجدي في قفاك و صلّه»۱۸.

و ما في تفسير النعماني عن الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى‏ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ*، قال: «معنى شطره: نحوه إن كان مرئيّا، و بالدلائل و الأعلام إن كان محجوبا»۱۹.

و سياقها ليس إلّا الإرشاد إلى ما هو عند العرف لا أن يكون في البين تعبد خاص. و لو عمل بإطلاق الأولين لزم التوسعة في أمر القبلة بما لا يقبله عرف المتشرعة أيضا، بل فيها مخالفة للإجماع بقسميه، فإنّ الاستقبال إمّا دقّيّ عقليّ و هو مقطوع بخلافه، لعدم ابتناء الشريعة السمحة على الدقيات العقلية مطلقا، مع امتناع ذلك. و إمّا دقي عرفيّ على نحو ما هو المتعارف في العرفيات الدائرة لدى الناس في جميع أمورهم. و جميع الأدلة منزلة على هذا إلّا أن يدل دليل على الخلاف. و أما مسامحيّ عرفيّ و قد اختار المحقق الأردبيلي (قدّس سرّه) هذا القسم، و لكن قال في الجواهر: إنّه مخالف لإجماع الأصحاب بقسميه».

فيتعيّن القسم الثاني. فالاستقبال ليس من الأمور التعبدية و لا من الأمور الدقية، و لا من الموضوعات المستنبطة، و لا من الأمور المسامحية العرفية، بل هو عرفي دقيّ، لأنّه المنساق من الأدلة.

و من ذلك كلّه يظهر أنّ مقتضى الإطلاقات و القرائن الخاصة و العامة أنّ الكعبة قبلة و يجب استقبالها على المكلّفين من القريب و البعيد أجمعين، و المراد به ما يصدق به الاستقبال عرفا بحيث يحكم العرف المتعارف أنّه واقف نحو الكعبة، فيتحقق مفهوم الاستقبال حينئذ من دون تجوّز، سواء اتصل الخط الفرضي الخارج من جهة إلى عين الكعبة أو لا، بل لو أمكن ذلك بغير عذر لا يجب، لصدق الاستقبال العرفي بدونه أيضا و هو يكفي بحسب الأدلة الشاملة للقريب و البعيد و إرادة غير ذلك من الأدلة المنزلة على العرفيات تكلّف زائد بلا دليل عليه فيرجع فيه إلى أصالة البراءة العقلية و النقلية.

الجهة الثانية: عن جمع من المتقدمين- منهم الشيخ (رحمه اللّه)- أنّ الكعبة قبلة لمن في المسجد، و المسجد قبلة لمن في الحرم، و الحرم قبلة لمن هو خارج عنه مطلقا مستندا إلى جملة من الأخبار:

منها: قول أبي عبد اللّه (عليه السلام): «إنّ اللّه تبارك و تعالى جعل الكعبة قبلة لأهل المسجد، و جعل المسجد قبلة لأهل الحرم و جعل الحرم قبلة لأهل الدنيا»۲۰ و عن الخلاف دعوى الإجماع عليه.

و فيه أولا: أنّ جميع ما ورد من الأخبار المشتملة على هذا العنوان قاصرة سندا، و معارضة بالمستفيضة، بل المتواترة الدالة على أنّ الكعبة قبلة مطلقا۲۱ و إجماع الخلاف موهون بمصير الأكثر- و فيهم الأعيان و الأساطين- إلى الخلاف.

و ثانيا: أنّ القائلين بهذا القول هل يقولون: إنّ للمسجد و الحرم موضوعية خاصة في مقابل الكعبة بحيث لو صلّى أحد إليهما مع العلم بعدم محاذاته للكعبة مع تمكنه منها تصح صلاته، أو أنّ اعتبارهما طريقيّ، لكونهما محصلين للكعبة؟ لا أظنّ أحدا يلتزم بالأول، مع ما ورد من أنّ حرمة المسجد و حرمة الحرم لأجل الكعبة۲۲، فكيف يعتمد على هذه الأخبار الضعاف مع الأخبار المتواترة المشتملة على لفظ البيت و الكعبة، فيتعيّن الأخير، و إنّما عبّر في الأخبار بهذا التعبير إشارة إلى اتساع جهة المحاذاة للبعيد، و إيماء، إلى هذا الأمر المرتكز في الأذهان.

للأصل و عدم الإشارة إلى ذلك في خبر من الأخبار، مع أنّ المسألة كانت من الأمور الابتلائية لكلّ مسلم من أول تشريع القبلة و إنّما حدث هذا الاحتمال عن بعض الفقهاء، و إطلاق الكتاب و السنة، و سهولة الشريعة يدفعه.

لتنزل الأدلة الشرعية مطلقا على العرفيات ما لم يرد ردع من الشرع، و مع أنّه لم يرد الردع ورد التقرير بقوله تعالى‏ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ حَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ*، و المنساق منه- لغة و عرفا- و النحو و الناحية، و لعلّه تبارك و تعالى ذكر المسجد الحرام دون الكعبة و البيت، للإشارة إلى هذه التوسعة العرفية الوجدانية، فإنّ كلماته الكريمة إشارة و تفتح من كلّ إشارة منها أبواب.

لأنّه يصدق الاستقبال عرفا و لو كان المستقبل خارجا عن المحاذاة الحقيقية بكثير، فإذا كانت علامة على رأس فرسخ- مثلا- يصدق الاستقبال لها على جميع أهل صف طوله مائة ذراع، و لا يصدق على جميع أهل صف طوله ألف ذراع- مثلا- و إذا كانت هذه العلامة بعينها على رأس عشرة فراسخ يصدق على جميع أهل صف طوله ألف ذراع أيضا و هكذا و يرى المسلمون في شرق الأرض و غربها ذلك بوجدانهم و كذا في السلام على النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله)، فإنّ مسلمي مشارق الأرض و مغاربها يتوجهون إلى قبره الأقدس و يسلّمون عليه و يرون أنفسهم مقابلين لتلك القبة الخضراء و المقام العالي.

و التشكيك فيه كما عن بعض محشّي العروة (رحمهم اللّه) تشكيك في البديهيات، و من أراد زيادة الاطلاع و التفصيل، فليراجع إلى المستند.

الظاهر أنّ نظره (قدّس سرّه) إلى رد المحقق الأردبيلي الذي قال بالتوسعة المسامحية العرفية في القبلة. و قال في الجواهر: «إنّه مخالف للإجماع بقسميه».

خلاصة المقال‏ في كيفية الاستقبال: تارة بحسب الكتاب، و أخرى بحسب نصوص المعصومين، و ثالثة بحسب الأصول العملية، و رابعة: بحسب كلمات علماء الإمامية.

أمّا الأول: فلفظ «الشطر» الوارد في الكتاب بمعنى النحو و الجهة، و من إطلاقه و إطلاق المسجد الحرام في قوله تعالى‏ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ* يستفاد التوسعة لا الدقة.

و أما الثاني: فيدل ما ورد عنهم (عليهم السلام) على أوسعية الأمر يستفاد من ظاهر الكتاب كما تقدم عند تعرض الأخبار.

و أمّا الثالث: فالمسألة من موارد الشك في أصل التكليف، لأنّ الاستقبال بما يصدق عرفا واجب قطعا و الزائد عليه مشكوك فيرفع بالإطلاق و الأصل.

و أمّا الأخير، فكلماتهم بين الإفراط- كما نسب إلى الأردبيلي- و التفريط كما عن بعض، و الحدّ الوسط إنّما هو الصدق العرفي. هذا.

ثمَّ إنّه ينبغي التنبيه على أمور:

الأول: للجهة، و المحاذاة، و السمت، و الشطر، و النحو و أمثالها من التعبيرات مراتب متفاوتة: الدقية العقلية، و المسامحة العرفية، و الدقية العرفية، و نفس الفضاء الذي فيه المطلوب و المتعيّن في المقام المرتبة الثالثة، لما مرّ.

الثاني: لا يعتبر في صدق الاستقبال عرفا وصول الخط الفرضي من بين يدي المستقبل إلى المستقبل إليه، بل مع الصدق العرفي يجزي و إن علم بعدم وصل الخط، كما صرّح به في الجواهر و غيره، للأصل و الإطلاق.

الثالث: علم تعيين أوضاع خطّ العرض و الطول الذي جعل في البلاد لمعرفة الساعة الزمنية و لتعيين القبلة بحسب تعيين الدرجات قابل للخطإ و الاختلاف فيها أيضا كثير، مع أنّهم يستندون في ذلك على البراهين الهندسية، و الدلالات المجسطية و الأرصاد و غيرها من الآلات المختلفة بحسب الأعصار و القرون، و قد استظهر المجلسي (رحمه اللّه) أنّ محراب النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) مخالف للقواعد الهيأوية مع أنّه بناه النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) بإزاء ميزاب الكعبة، لما رواه الخاصة و العامة من أنّه زويت له الأرض و رأى الكعبة، فجعله بإزاء الميزاب‏۲۳ و لا دليل على قول المجلسي و غيره في مخالفة القواعد، لاحتمال الخلاف فيها أيضا، و قد أثبت في كتاب (إزاحة العلّة عن معرفة القبلة) للفاضل المحقق- سردار الكابلي (رحمه اللّه)- أنّ وضع محراب النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) موافق للقواعد قال: «يكون المحراب النبويّ في كمال الصحة و الاستواء بل هو من معجزاته‏ الكريمة و آياته العظيمة الباقية إلى يوم القيامة، فإنّه (صلّى اللّه عليه و آله) توجه إلى الكعبة، و معلوم أنّ توجهه (صلّى اللّه عليه و آله) في ذلك الحين على خط القبلة تماما غير منحرف كاشف عن كونه (صلّى اللّه عليه و آله) مؤيّدا بروح القدس».

و هو أضبط من المجلسي و غيره، كما لا يخفى «لا اجتهاد في محراب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) في جهة القبلة و لا في التيامن و التياسر، فإنّه منزل الكعبة»، و يظهر من التذكرة أنّ محراب المدينة إلى الميزاب عينا لا جهة.

فليس لأحد أن يحكم بخطإ قبلة محلّ يصلّي إليها المسلمون منذ قرون بمجرد المخالفة لتلك القواعد إلّا بعد طول الجهد و التثبت فيها و الإحاطة بها من كلّ جهة.

و احتمل (رحمه اللّه) التغيير في محاريب مسجد الكوفة أيضا، و لكنّه يحتاج إلى بذل الجهد أكثر مما بذله (قدّس سرّه). و أمّا خبر العرني قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): كأنّي أنظر إلى شيعتنا بمسجد الكوفة و قد ضربوا الفساطيط يعلّمون الناس القرآن كما أنزل، أما إنّ قائمنا إذا قام كسره و سوى قبلته»۲4.

و عنه (عليه السلام) أيضا في خبر ابن نباته: «ويل لبانيك بالمطبوخ المغيّر قبلة نوح طوبى لمن شهد هدمك مع قائم أهل بيتي أولئك خيار الأمة مع أبرار العترة»۲٥.

و فيه: أنّه مضافا إلى قصور سند هذه الأخبار أنّها ظاهرة، بل ناصة في تقرير القبلة في زمان الغيبة، فلا وجه للإشكال من هذه الجهة، و لو بني على العمل بمثل هذه الأخبار لاختل النظام و بطلت جملة من الأحكام المسلّمة بين الفقهاء ثمَّ إنّه قد نقل المجلسي عن شيخه الشولستاني ما يتعلق بقبلة النجف و الكوفة و من شاء فليراجع إليه.

الرابع: قد اصطلحوا على تسمية دائرة وهمية فرضية في العالم بخطّ الاستواء و هو على قسمين: أرضي، و سماوي:

و الأول: دائرة مفروضة ترسم حول الكرة الأرضية متوسطة بين القطبين الشمالي و الجنوبي و تنقسم بها الأرض إلى قسمين: الشمالي و الجنوبي، و هذه الدائرة مركز حساب العرض لمعرفة موقع مكان من الأرض شمالا أو جنوبا و تنقسم هذه الدائرة إلى ۳٦۰ درجة، تقطع فيها الشمس كل ساعة ۱٥ درجة بها تمر خطوط نصف النهار و دائر فلك الأرض- على ما فصلّ في محلّه- و تسمّى هذه بخطّ الاستواء، لأنّ الشمس متى وقعت عليه عموديا يتساوى الليل و النهار في جميع العالم.

الثاني: دائرة فرضية عظيمة في الكرة السماوية واقعة على سطح خطّ الاستواء الأرضي على بعد متساو من قطبي الكرة السماوية سمّيت بذلك، لاستواء الليل و النهار في العالم عند عبور الشمس في حركتها السنوية على سطحها في أوقات خاصة- مضبوطة في محلّه- و تسمّى تلك الأوقات بالاعتدال الربيعي و الخريفي، فالدائرتان متلازمتان و وجه التسمية فيهما واحد.

الخامس: قد قسّموا كلّ واحدة من الدائرتين إلى ثلاثمائة و ستين جزءا و سمّوا كلّ جزء درجة، و أثبتوا للقارات الأرضية طولا و عرضا.

و الأول: عبارة عن بعد المحلّ عن الخطّ الموصل بين نقطتي الشرق و الغرب.

و الثاني: عبارة عن بعده عن خطّ الاستواء شمالا أو جنوبا، فإن كان الطول أقلّ من طول مكة، فهي شرقية عنه مطلقا، و إن كان أكثر، فهي غربية عنه مطلقا، و إن كان عرضه أقلّ، فهي شمالية، و إن كان أكثر فهي جنوبية- إلى غير ذلك، مما أطالوا القول فيه و تبعهم جمع من فقهائنا- فإن كان ذلك من الاجتهاد في القبلة بعد فقد العلم- و كفى مطلق الظن حينئذ- فله وجه، و إلّا فلا وجه له، لما يأتي في الأمر اللاحق.

السادس: قد أثبتت العلوم الحديثة العصرية خطأ كثير مما أثبته القدماء في‏ تعيين طول البلاد و عرضها، فيشكل الاعتماد على أقوال القدماء فيها، للعلم الإجمالي بالخلاف.

إن قيل: لا تنجز لهذا العلم الإجمالي، لخروج جملة من الأطراف عن مورد الابتلاء، فيشمله حينئذ ما دل على اعتبار قول أهل الخبرة.

يقال: ليس لقول أهل الخبرة موضوعية خاصة بل المناط في المقام حصول الظنّ و حصوله لمن يلتفت إلى كثرة مخالفة قولهم للواقع مشكل، بل ممنوع.

السابع: نسب إلى المشهور استحباب التياسر لأهل العراق و استندوا بوجوه:

الأول: الأخبار الواردة فيه كخبر مفضل بن عمر: أنّه سأل أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن التحريف لأصحابنا ذات اليسار عن القبلة و عن السبب فيه، فقال: إنّ الحجر الأسود لما أنزل من الجنة و وضع في موضعه جعل أنصاب الحرم من حيث يلحقه النور نور الحجر الأسود، فهي عن يمين الكعبة أربعة أميال و عن يسارها ثمانية أميال، كلّه اثني عشر ميلا، فإذا انحرف الإنسان ذات اليمين خرج عن حدّ القبلة لقلّة أنصاب الحرم، و إذا انحرف الإنسان ذات اليسار لم يكن خارجا من حدّ القبلة»۲٦.

و خبر عليّ بن محمد قال: «قيل لأبي عبد اللّه (عليه السلام) لم صار الرجل ينحرف في الصلاة إلى اليسار؟ فقال: لأنّ للكعبة ستة حدود، أربعة منها على يسارك، و اثنان منها على يمينك، فمن أجل ذلك وقع التحريف على اليسار»۲۷.

و ما عن فقه الرضا: «إذا أردت توجه القبلة فتياسر مثلي ما تيامن، فإنّ الحرم عن يمين الكعبة أربعة أميال و عن يساره ثمانية أميال»۲۸.

الثاني: أنّ مساجد العراق بنيت غلطا، لأنّها بنيت في زمان خلفاء الجور.

الثالث: بالإجماع الذي حكي عن الشيخ (قدّس سرّه) في خلافه.

و الكلّ مردود:

أمّا الأخبار: فلقصور سندها و عدم اختصاصها بالعراق، و كون الراوي في بعضها عراقيا لا يوجب الاختصاص كما هو المتسالم عليه عندهم، مع أنّها في مقام بيان أنّ القبلة الحرم دون الكعبة.

و أمّا أنّ مساجد العراق بنيت غلطا فهو من مجرد الدّعوى و لا يختص ذلك بمساجد العراق، بل يشمل جميع المساجد التي كانت للمسلمين في شرق الأرض و غربها في تلك الأعصار، مع أنّ هذا الحكم منهم (عليهم السلام) في تلك الأعصار مخالف للتقية و أي تقية أشدّ من هذا، و موجب لجعل شيعتهم معرضا للإيذاء و الهتك.

و أمّا الإجماع‏ فموهون جدّا، بل دعوى الشهرة مع كثرة المخالفين مشكلة، مع أنّ الشهيد (رحمه اللّه) في الذكرى عبّر بالاستحباب لأهل المشرق و إثبات قوله (رحمه اللّه) أشكل عما نسب إلى المشهور.

ثمَّ إنّه قد صرح بعض بأنّ استقبال عين الكعبة مع كروية الأرض من المستحيل و تبعهم بعض مشايخنا في بحثه و حاشيته، و هو مخدوش بأنّه صحيح لو كان المراد من استقبال العين الدقي العقلي منه، و أمّا لو كان المراد الاعتباري العرفي فأي استحالة فيه.

كما إنّ ما تعرض له شيخنا المتقدم ذكره في درسه: «إنّ قوس الاستقبال من دائرة الأفق نسبته إليها نسبة قوس الجبهة إلى مجموع دائرة الرأس، و قوس الجبهة خمس دائرة الرأس، فقوس الاستقبال خمس دائرة الأفق، فلا يضر الانحراف بقدر ثلاثين درجة تقريبا» مردود: بأنّه من مجرد الدعوى بلا دليل، كما لا دليل على ما قيل: «من أنّ معياره أن ينظر المصلّي إلى قوس من دائرة الأفق بحسب حسه و نظره بعد التأمل» لأنّه، لا شاهد عليه من عقل أو نقل.

هذا و قال صاحب الجواهر و ما أحسن قوله: و ظنّي أنّ الذي أوقع هؤلاء الفضلاء في مثل هذا الوهم، التعبير بلفظ الجهة و لو أنّهم عبّروا بما في النصوص من أنّه يجب على كلّ أحد استقبال الكعبة و أنّه لا يقبل اللّه من أحد توجها إلى غيرها و إنّما هي قبلة المسلمين لم يقع أحد منهم في الوهم».

أمّا اعتبار العلم مع إمكانه، فهو من الفطريات الغنية عن البرهان، و يدل عليه الإجماع و النصوص الآتية. و أمّا الرجوع إلى الظن مع عدم إمكانه، فلإجماع المسلمين، و سيرة المتشرعة، بل يظهر من صاحب الجواهر الرجوع إليه مع إمكان تحصيل العلم أيضا، لإطلاق الأخبار الدالة على أنّ ما بين المغرب و المشرق قبلة۲۹ الشامل لمن قدر على تحصيل العلم بها أيضا.

و فيه أولا: منع إطلاقها من هذه الجهة و ثانيا: أنّها معارضة بما دل على لزوم تحويل الوجه إلى القبلة فيما إذا التفت المصلّي إلى كونه منحرفا عنها۳۰، مع أنّه غير خارج عما بينهما على ما يأتي التفصيل إن شاء اللّه تعالى، و يمكن أن يريد ما إذا أفادت الأمارات الاطمئنان العقلائي الذي هو العلم الشرعي، و الظاهر صحة التعويل عليها حينئذ و لو مع إمكان تحصيل اطمينان أقوى منه.

مقتضى إطلاق ما دل على اعتبار البيّنة في الموارد المختلفة بعد حملها على المثال، و إطلاق خبر مسعدة بن صدقه- المتقدم- عموم حجية البينة في جميع الموضوعات إن كانت مستندة إلى المبادي الحسية مع حصول‏ الاطمئنان منها. و إما إن كانت مستندة إلى الحدس و لم يحصل الاطمئنان منها، فمقتضى الأصل عدم اعتبارها. و يمكن أن يصير النزاع بذلك في مثل المقام لفظيا.

لأنّها حينئذ من العمل بالظنّ مع التمكن من العلم بلا إشكال فيه من أحد.

للعلم الإجمالي باعتبار أحدهما حينئذ، و عدم دليل على التخيير هذا إذا لم يكن أحدهما أوثق و إلّا فلا يبعد الأخذ به بناء على أنّ الأوثقية من المرجحات العقلائية في الطريقين المتعارضين مطلقا لا أن تكون تعبدا محضا مختصا بالخبرين المتعارضين.

للإجماع، و قاعدة الاحتياط، و جملة من الأخبار:

منها: مرسل الفقيه: «روي فيمن لا يهتدي إلى القبلة في مفازة أنّه يصلّي إلى أربعة جوانب»۳۱.

و الإرسال ينجبر بالاشتهار.

و قريب منه مرسل خراش، و مرسل الكافي: «أنّه يصلّي إلى أربع جوانب»۳۲.

و أمّا قول أبي جعفر في الصحيح: «يجزي المتحيّر أبدا أينما توجه إذا لم يعلم أين وجه القبلة»۳۳ و قريب منه قوله (عليه السلام) في مرسل ابن أبي عمير: «يصلّي حيث يشاء»۳4 فمحمول على من لم يتمكن من الاحتياط جمعا، مع إعراض المشهور عن إطلاقها، فلا وجه لما عن جمع- منهم المحقق الأردبيلي (رحمه اللّه) من الاكتفاء بصلاة واحدة مطلقا.

لما تقدم من قول أبي جعفر (عليه السلام) في الصحيح الشامل لصورة ضيق الوقت قطعا، مضافا إلى الإجماع المتسالم بينهم، و مقتضى الإطلاق عدم الفرق بين كون ضيق الوقت حاصلا بالاختيار أو لا، كما مرّ مرارا و إن كان الأحوط في الأول القضاء بعد الوقت و تبيّن القبلة.

(مسألة ۱): الأمارات المحصلة للظن التي يجب الرجوع إليها عند عدم إمكان العلم كما هو الغالب بالنسبة إلى البعيد- كثيرة (۱٥):منها: الجدي الذي هو المنصوص في الجملة بجعله في أواسط العراق (۱٦)- كالكوفة و النجف و بغداد و نحوها- خلف المنكب‏ الأيمن (۱۷)، و الأحوط أن يكون ذلك في غاية ارتفاعه أو انخفاضه (۱۸)- و المنكب ما بين الكتف و العنق (۱۹)، و الأولى وضعه‏ خلف الاذن (۲۰)- و في البصرة و غيرها من البلاد الشرقية في الاذن اليمنى. و في الموصل و نحوها من البلاد الغربية بين الكتفين. و في الشام خلف الكتف الأيسر. و في عدن بين العينين. و في صنعاء على الاذن اليمنى. و في الحبشة و النوبة صفحة الخد الأيسر (۲۱). و منها: سهيل و هو عكس الجدي (۲۲). و منها: الشمس لأهل العراق إذا زالت عن الأنف إلى الحاجب الأيمن عند مواجهتهم نقطة الجنوب (۲۳). و منها: جعل المغرب على اليمين و المشرق على الشمال لأهل العراق أيضا في مواضع يوضع الجدي بين الكتفين كالموصل.و منها: الثريا و العيوق لأهل المغرب يضعون الأول عند طلوعه على الأيمن و الثاني على الأيسر. و منها: محراب صلّى فيه معصوم، فإن علم أنّه صلّى فيه من غير تيامن و لا تياسر كان مفيدا للعلم و إلّا فيفيد الظنّ (۲٤). و منها: قبر المعصوم، فإذا علم عدم تغيره و أنّ ظاهره مطابق لوضع الجسد أفاد العلم و إلّا فيفيد الظن (۲٥).و منها: قبلة بلد المسلمين في صلاتهم و قبورهم و محاريبهم إذا لم يعلم بناؤها على الغلط (۲٦) .. إلى غير ذلك، كقواعد الهيئة، و قول أهل خبرتها (۲۷).

لا تعد و لا تحصى، لاختلافها باختلاف الآفاق و الأماكن و الدرجات و لكن جميعها مستخرجة من القواعد الهيأوية و ليس المنصوص منها إلّا مجملات لا يصح التعويل على إطلاقها، كقول أحدهما (عليهما السلام) حيث سئل عن القبلة: «ضع الجدي في قفاك و صلّ»۳٥.

و في مرسل الفقيه‏۳٦ قال: «قال رجل للصادق (عليه السلام): إنّي أكون في السفر و لا أهتدي إلى القبلة بالليل، فقال: أ تعرف الكوكب الذي يقال له جدي؟ قلت: نعم، قال: اجعله على يمينك، و إذا كنت في طريق الحج فاجعله بين كتفيك».

و قد ورد في تفسير قوله تعالى‏ وَ عَلاماتٍ وَ بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ‏ قال (عليه السلام): «ظاهر و باطن الجدي عليه تبنى القبلة و به يهتدي أهل البر و البحر لأنّه نجم لا يزول»۳۷.

و القرينة القطعية المحفوفة بالكلام دالة على عدم صحة العمل بإطلاق مثل هذه الأخبار، مضافا إلى ظاهر المرسل حيث قيده بطريق الحج. و فيه أيضا: لا يصح التعويل على إطلاقه في طريقه برا و بحرا نعم، لا ريب في أنّه يستفاد منها التسهيل في أمر القبلة في الجملة، فإنّ عدم تعرض الأئمة «عليهم السلام» لتفصيل علامات القبلة، و عدم تعرض الرواة للسؤال عنهم (عليهم السلام) عن ذلك، مع أنّ الموضوع من أجلّ المهمات الإسلامية يكشف كشفا قطعيا عن عدم ابتناء الأمر على التدقيق، و قد ورد عنهم (عليهم السلام) فيما لا أهمية فيه مثل المقام روايات كثيرة، فراجع أبواب النورة، و الحمام، و نحوهما من الآداب و السنن.

و ما يتوهم‏ من أنّ بيان الموضوع ليس من شأن الإمام. مدفوع:

أولا: بأنّ الموضوع الابتلائي إذا كان مجهولا يجب على الإمام البيان.

و ثانيا: هب أنّه لا يجب على الإمام البيان لم لم يهتم المسلمون بالسؤال عن العلامات في الصدر الأول، فيكشف ذلك عن أنّ الموضوع كان مبينا لديهم.

و ثالثا: أنّها من قيود المكلّف به و ليس من الموضوع الصرف.

لا دليل لهم على هذا القيد إلّا كون راوي الحديث عراقيا، مع أنّه يبعد كلّ البعد أن لا يعرف محمد بن مسلم قبلة أواسط العراق- كالكوفة و نحوها- كغيره من أهل الكوفة.

لأنّ كونه علامة مع اعتبار هذين القيدين مجمع عليهما بخلاف ما إذا فقد أحدهما، و الشك في كونه علامة حينئذ يكفي في العدم، مع أنّه لم يعمل أحد بإطلاق الخبر كما مرّ. و حيث إنّ العمل بإطلاق قوله (عليه السلام): «ضع الجدي على قفاك و صلّ»۳۸ يوجب المخالفة القطعية في الجملة قيد ذلك بقيود ثلاثة: أحدها في محلّ الاستقبال و هو أواسط العراق، و الثاني في نفس الجدي و هو حالة الارتفاع و الانخفاض، و الثالث في المستقبل و هو جعل خلف المنكب الأيمن ثمَّ بعد ذلك عدلوا إلى سائر بلاد العالم بعد ملاحظة الطول و العرض مع أواسط العراق، و الأصل في ذلك كلّه كفاية الظنّ في أي منشإ حصل و لعلّهم (عليهم السلام) أجملوا في بيان العلامة لعدم وقوع الناس في الوسوسة و الترديد و الاكتفاء بمطلق الظنّ لأنّ كلّ ما ذكروا من الأمور التشكيكية لها مراتب متفاوتة كما هو معلوم.

بدعوى أنّهما المتيقن من كونه علامة، لأنّ له في هاتين الحالتين نحو ثبات بالنسبة إلى سائر حالاته السائرة غير المستقرة، و تقدم أنّ الشك في كونه علامة- في أيّ حالة من حالاته- يجزي في العدم.

كما عن جمع منهم المحقق الثاني، و عن جمع أنّه مجمع العضد و الكتف، و على أيّ تقدير لا بد بنحو يحصل الظن بالقبلة مع عدم التمكن من القبلة و إلّا فلا اعتبار به إذ ليست هذه الأمور من التعبديات الشرعية، بل هي طريق لحصول الظنّ بها.

و لا دليل على هذه الأولوية إلّا إذا أوجبت قوة الظن و الاطمئنان و أنّى لأحد من إثبات ذلك.

كلّ ذلك لما عن أهل الهيئة من تعيين مقدار الدرجات بين هذه البلاد، و تعيين مقدار انحراف بعضها عن بعض و لازم هذين الأمرين ما ذكره في المتن، و لكن الشأن في اعتبار قول أهل الهيئة ما لم يوجب الظن عند عدم التمكن من العلم، مع اختلافهم فيما بينهم، و ثبوت بطلان جملة مما أثبتوه في الهيئة الحديثة، و لا اعتبار لجميع ذلك ما لم يحصل الظنّ العادي فإذا كان المدار عليه، فإن حصل من الآلة المغناطيسية المعروفة- الظنّ القبلة- يجزي و يغني عن جميع تلك التكلفات التي لا تتضح للعامي، لقصوره عن فهمها، و لا للمجتهد، لكثرة الخلاف فيها عن أهلها، و لذا أعرضنا عن التعرض لها، مع أنّ الآلات الدقيقة الحديثة لتعيين الجهات برا، و بحرا أسقط الكلّ عن الاعتبار.

لتقابل مطلعهما على ما يقولون.

لا كلية في ذلك و إن صح في بعض بلاد العراق، كما عن بعض أهل الخبرة.

لأنّ الظاهر حينئذ يقتضي أنّه (عليه السلام) صلّى معتدلا إلّا مع القرينة على الخلاف و مثل هذا الظاهر من موجبات الظنّ عرفا.

لما مرّ في سابقة من ظهور الحال و المقام الموجب للظنّ عرفا.

ثمَّ إنّ حصول العلم بالقبلة في المحراب- إن علم أنّه (عليه السلام) صلّى من غير تيامن و لا تياسر، و في القبر إن علم بعدم تغييره- مبني على أنّ المعصوم (عليه السلام) يعمل في الموضوعات بعلمه الواقعي. و أما بناء على أنّهم (عليهم السلام) في الأحكام و موضوعاتها كسائر المكلّفين فيما هو معتبر شرعا من العمل بالأمارات و الظنون و الأصول، فلا يحصل العلم في الصورتين أيضا، إذ يحتمل أنّه (عليه السلام) أيضا عمل بالظنّ الحاصل له (عليه السلام) من أمارة أو نحوها، و المتعيّن هو الأخير، لقول نبينا الأعظم (صلّى اللّه عليه و آله): إنّما أقضي بينكم بالبينات و الإيمان»۳۹.

و ما ورد عن الباقر (عليه السلام): «و اللّه إنّي لأعترض السوق، فأشتري بها اللحم و السمن و الجبن، و اللّه ما أظن كلّهم يسمون هذه البربر و هذه السودان».

و عن الكاظم (عليه السلام): «أنّه اشتري له بيضا فأكله ثمَّ أخبر بأنّه من القمار، فتقيأه».

و أيضا عن الكاظم (عليه السلام): «أنّه وكل أحدا لتعيين المغرب‏ فيفطر و يصلّي بأخباره، و قد جرت سيرتهم (عليهم السلام) على الاعتماد بأذان العدل‏.

إلى غير ذلك مما لا يحصى، فإنّهم (عليهم السلام) كانوا بأقوالهم و أعمالهم يبينون سهولة شريعة جدهم (صلّى اللّه عليه و آله)، و يظهرون البراءة عن الصعوبة و الضيق قولا و عملا، و جميع ما هو معتبر لدينا من الأمارات و الأصول الموضوعية و الحكمية معتبر لديهم (عليهم السلام) أيضا.

لحصول الظنّ بالقبلة من تلك المحاريب. و ظاهرهم اعتبار قبلة المسلمين حتّى مع التمكن من تحصيل العلم أو الظنّ الأقوى، و هو مقتضى السيرة و قد ادعى الإجماع عليه أيضا، فيكون المقام مثل جميع موارد الأمارات المعتبرة من اليد و السوق و نحوهما التي ألغى الشارع تحصيل العلم فيها تسهيلا و امتنانا، بل لو حصل له الظنّ الأقوى أو العلم على الخلاف يمكن أن يقال بعدم اعتباره، إذ الشارع جعل سبب الظنّ بالقبلة في بلاد المسلمين شيئا خاصا حفظا لوحدتهم و اجتماعهم و هو قبلة البلد فقط التي مضت عليها سيرتهم العملية في قرون و أعصار، فيكون ظنه على الخلاف أو علمه به كالظنّ أو العلم الحاصل من الرمل و نحوه بالأحكام. نعم، لو علم بالطرق المتعارفة بناءها على الغلط له العمل بعلمه أو ظنه، لعدم حصول الاحتمال بالقبلة من المحراب‏ حينئذ فضلا عن الظنّ بها.

كلّ ذلك مقيد بحصول الظنّ، و إلّا فلا اعتبار بها، لأصالة عدم الاعتبار فيما شك في اعتباره، و هكذا في الآلات المغناطيسية.

(مسألة ۲): عند عدم إمكان تحصيل العلم بالقبلة يجب الاجتهاد في تحصيل الظنّ (۲۸)، و لا يجوز الاكتفاء بالظنّ الضعيف مع إمكان القوى، كما لا يجوز الاكتفاء به مع إمكان الأقوى (۲۹). و لا فرق بين أسباب حصول الظنّ، فالمدار على الأقوى فالأقوى، سواء حصل من الأمارات المذكورة أم من غيرها، و لو من قول فاسق، بل و لو كافر (۳۰)، فلو أخبر عدل و لم يحصل الظنّ بقوله، و أخبر فاسق أو كافر بخلافه و حصل منه الظن من جهة كونه من أهل الخبرة يعمل به.

للنص و الإجماع، و قاعدة الاحتياط، قال (عليه السلام) في موثق سماعة: «اجتهد رأيك و تعمّد القبلة جهدك»44.

و قال أبو جعفر (عليه السلام) في صحيح زرارة: «يجزي التحري أبدا إذا لم يعلم أين وجه القبلة».

لقاعدة الاحتياط، و إطلاق الأمر بالتحري و الاجتهاد فإنّه مع إمكان تحصيل الأقوى يشمله الإطلاق و ظهور الاتفاق الدال على التحري.

و احتمال: كفاية صرف الوجود الصادق على أول مرتبة منه. مردود: بأنّه خلاف مادة الاجتهاد و التحري فإنّ الظاهر عدم صدقهما على الضعيف مع القدرة الفعلية على القوى و هكذا.

كلّ ذلك لإطلاق مثل قوله (عليه السلام): «يجزي التحري أبدا إذا لم يعلم أين وجه القبلة».

مضافا إلى ظهور الاتفاق عليه، و يقتضيه الامتنان و التسهيل في هذا الأمر العام البلوى.

فرعان- (الأول): لا ريب في اعتبار الظنّ بالنسبة إلى أصل جهة القبلة، فهل يعتبر بالنسبة إلى خصوصياتها- لو فرض وجوب مراعاتها- أم لا؟ وجهان: لا يبعد الأول جمودا على الإطلاق.

(الثاني): المناط في عدم التمكن من العلم المترتب عليه اعتبار الظن هو عدم التمكن العرفي، لا الدقي العقلي، فكلّ من لم يتمكن بحسب المتعارف من تحصيل العلم بها يجوز له العمل بالظنّ.

(مسألة ۳): لا فرق في وجوب الاجتهاد بين الأعمى و البصير (۳۱) غاية الأمر إنّ اجتهاد الأعمى هو الرجوع إلى الغير (۳۲) في بيان الأمارات، أو في تعيين القبلة.

لظهور الإطلاق و الاتفاق، كما هو واضح على الخبير. و ليس المراد بالاجتهاد هنا ما هو المصطلح عليه بين الفقهاء، بل المراد به بذل الجهد و التحري في العلامات الموجبة للظنّ بالقبلة مباشرة أو تسبيبا.

لا يختص الرجوع إلى الغير بخصوص الأعمى، بل يشمل كلّ من لا يتمكن بنفسه من تحصيل الظنّ و لو كان بصيرا، و لا يعتبر فيمن يرجع إليه العدالة، للأصل، بل يكفي حصول الظنّ من قوله بأيّ نحو كان. و الظاهر عدم وجوب المباشرة في تحصيله الظنّ، فيصح الاستنابة فيه إن كان النائب ثقة، للإطلاق.

(مسألة ٤): لا يعتبر اخبار صاحب المنزل إذا لم يفد الظن و لا يكتفي بالظن الحاصل من قوله إذا أمكن تحصيل الأقوى (۳۳).

تقدم وجهه في [مسألة ۲]، فراجع. و مقتضى الأصل عدم اعتبار قول صاحب المنزل إن لم يحصل منه الظنّ، و لا دليل على خلاف الأصل إلّا احتمال شمول قول الفقهاء (قدّس سرّهم): «إنّ كلّ من استولى على شي‏ء فقوله معتبر فيما استولى عليه» و شموله لمثل المقام الذي يكون مقيدا بحصول الظنّ ممنوع، و لكن الظاهر حصول الظنّ منه إن كان مسلما مباليا بدينه.

(مسألة ٥): إذا كان اجتهاده مخالفا لقبلة بلد المسلمين في محاريبهم و مذابحهم و قبورهم، فالأحوط تكرار الصلاة (۳٤) إلا إذا علم بكونها مبنية على الغلط.

لانحصار القبلة في جهتين حينئذ. نعم، إن ثبت إجماع على أنّه لا أثر للاجتهاد في مقابل قبلة بلد المسلمين، كما عن جمع، لا أثر لما اجتهاد فيه حينئذ، و تتعيّن القبلة في قبلة بلد المسلمين، و لكن ثبوتها مشكل، و الإغماض عنها أشكل، لكون مدعيه جمع من الأساطين، فيجب الاحتياط.

ثمَّ إنّه لو علم ببناء قبلة بلد المسلمين على الغلط لا يصح التعويل عليها بلا إشكال، و لو لم يعلم ذلك لا يجوز الفحص و الاجتهاد في أصل الجهة، كما في الذكرى و المدارك و الجواهر، و يظهر من الأخيرين الإجماع عليه، و لو خالف و اجتهد و كان اجتهاده مخالفا لها فتكليفه الاحتياط كما تقدم هذا في الاجتهاد في أصل الجهة.

و كذا الاجتهاد في التيامن و التياسر، لشمول إطلاق الكلمات له، فلا يجوز خصوصا فيما هو المغتفر منه و لو اجتهد و خالف اجتهاده قبلة بلد المسلمين، فالأحوط تكرار الصلاة في غير المغتفر منه. و لو اجتهد و حصل منه ظنّ أقوى إمّا بأصل الجهة أو بالتيامن أو بالتياسر، فلا يترك الاحتياط بالتكرار.

و لو شك في صحة قبلة بلد المسلمين لا بد من الحمل على الصحة، و لو علم بالبطلان هل يجب عليه الإعلام أو لا؟ مقتضى الأصل عدم الوجوب و المسألة سيالة في جميع الموضوعات الفقهية، إلّا أن يدل دليل على الخلاف.

(مسألة ٦): إذا حصر القبلة في جهتين بأن علم أنها لا تخرج عن إحديهما وجب عليه تكرار الصلاة إلا إذا كانت إحديهما مظنونة (۳٥) و الأخرى موهومة فيكتفي بالأولى. و إذا حصر فيهما ظنا فكذلك يكرر فيهما (۳٦). لكن الأحوط إجراء حكم المتحير فيه بتكرارها إلى أربع جهات.

أما الأول فللعلم الإجمالي بترددها بين جهتين. فيجب الاحتياط و أما الأخير فلما تقدم من اعتبار الظنّ بالقبلة فيكون الطرف الموهوم ساقطا حينئذ.

لأنّ حجية الظن مع عدم التمكن من العلم تجعله مثله في تمام الأحكام، إلّا أن يقال: بعدم شمول دليل الحجية للمتعارضين في خصوص المقام فيجب الاحتياط بالصلاة إلى أربع جهات، و لكنه من مجرد الدعوى كما لا يخفى، و منه يظهر وجه الاحتياط.

(مسألة ۷): إذا اجتهد لصلاة و حصل له الظن لا يجب تجديد الاجتهاد لصلاة أخرى ما دام الظن باقيا (۳۷).

لإطلاق دليل اعتباره، و دوران حجيته مدار بقائه، و المسألة سيالة في كلّ ما يعتبر فيه الفحص و العلم أو الظنّ، و تقدم في [مسألة ٦] من فصل التيمم نظير المقام، و يأتي نظائر أخرى لها في مستقبل الكلام، و إذا حصل له الظنّ بها فصلّى و في أثناء الصلاة تبدل ظنه إلى الشك المستقر تبطل صلاته في سعة الوقت، لفقد الشرط إذ المفروض أنّ الظنّ بالقبلة يعتبر حدوثا و بقاء.

(مسألة ۸): إذا ظن بعد الاجتهاد انها في جهة فصلّى الظهر- مثلا- إليها ثمَّ تبدل ظنه إلى جهة أخرى وجب عليه إتيان العصر إلى‏ الجهة الثانية (۳۸). و هل يجب إعادة الظهر أو لا؟ الأقوى وجوبها (۳۹). إذا كان مقتضى ظنه الثاني وقوع الأولى مستدبرا، أو إلى اليمين، أو اليسار، و إذا كان مقتضاه وقوعها ما بين اليمين و اليسار لا تجب الإعادة.

لأنّه لا أثر للظنّ الأول مع تبدله و زواله.

لأصالة عدم الأجزاء مع تبين الخلاف مع قصور الأدلة عن شمولها لهذه الصورة، و يأتي في [مسألة ۱] من فصل الخلل في القبلة ما يتعلق بالمقام لاتحاد هذه المسألة معها فلا وجه للتكرار.

(مسألة ۹): إذا انقلب ظنه في أثناء الصلاة إلى جهة أخرى انقلب إلى ما ظنه (٤۰)، إلا إذا كان الأول إلى الاستدبار أو اليمين و اليسار بمقتضى ظنه الثاني، فيعيد.

لوجوب اتباع ظنه الفعلي، و زوال حكم الظنّ السابق بزوال موضوعه.

و أما صحة ما أتى به من الصلاة على طبق ظنه السابق، فيأتي وجهه في (فصل أحكام الخلل) في القبلة، كما يأتي حكم بقية المسألة فيه أيضا فراجع.

(مسألة ۱۰): يجوز لأحد المجتهدين المختلفين في الاجتهاد الاقتداء بالآخر إذا كان اختلافهما يسيرا (٤۱) بحيث لا يضر بهيئة الجماعة و لا يكون بحد الاستدبار أو اليمين و اليسار.

لوجود المقتضي و فقد المانع بعد أن كان التفاوت يسيرا لا يضر بهيئة الجماعة، و منه يظهر بطلان الجماعة إن كان التفاوت مخلا بالهيئة، و كذا لو كان بحد الاستدبار، أو اليمين، أو اليسار، لعلم المأموم ببطلان صلاة الإمام حينئذ و يعلم كلّ منهما إجمالا ببطلان إحدى الصلاتين، فلا موضوع لترتيب آثار الجماعة في البين، و يأتي في [مسألة ۳۱] من (فصل أحكام الجماعة) ما يناسب المقام.

(مسألة ۱۱): إذا لم يقدر على الاجتهاد، أو لم يحصل له الظن بكونها في جهة و كانت الجهات متساوية صلّى إلى أربع جهات (٤۲) إن وسع الوقت، و إلا فبقدر ما وسع (٤۳). و يشترط أن‏ يكون التكرار على وجه يحصل معه اليقين بالاستقبال في إحداها (٤٤) أو على وجه لا يبلغ الانحراف إلى حد اليمين و اليسار (٤٥)، و الاولى‏ أن يكون على خطوط متقابلات (٤٦).

لقاعدة الاحتياط، و مرسل خراش عن الصادق (عليه السلام) قال: «قلت: جعلت فداك إنّ هؤلاء المخالفين علينا يقولون، إذا أطبقت علينا أو أظلمت فلم نعرف السماء كنا و أنتم سواء في الاجتهاد، فقال: ليس كما يقولون، إذا كان ذلك، فليصلّ لأربع وجوه».

و قريب منه مرسل الكافي‏، و مرسل الصدوق‏، و لا يقدح الإرسال، للانجبار بعمل المشهور. نعم، في صحيح زرارة قال: «سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قبلة المتحير، فقال: يصلّي حيث يشاء»٥۰.

و عنه (عليه السلام) أيضا: «يجزي المتحيّر أبدا أينما توجّه إذا لم يعلم أين وجه القبلة»٥۱.

و لو لا الإعراض عنهما تعين العمل بهما، لموافقتهما لسهولة الشريعة، فتحمل المراسيل على مطلق الرجحان جمعا و تقدمت هذه المسألة، فراجع.

لقاعدة الميسور، و أنّ الضرورات تتقدر بقدرها. و ما نسب إلى جمع من المتقدمين- منهم الشيخ (رحمه اللّه)- من أنّه مع عدم التمكن من الصلاة إلى أربع جهات يصلّي إلى أيّ جهة شاء، يمكن أن يكون مرادهم عدم التمكن إلّا من صلاة واحدة، فلا نزاع حينئذ في البين.

فروع- (الأول): لا قضاء لما ضاق الوقت عن إتيانها من الصلوات من باب المقدمة العلمية، إجماعا، و لأنّه إن كان بأمر جديد، فهو مشكوك و إن كان‏ تابعا للأداء فلا تكليف إلّا بالنسبة إلى المقدور و غير المقدور ساقط خطابا، لعدم القدرة، و ملاكا أيضا، إذ لا ملاك إلّا للتكليف النفسي دون المقدمي.

إلّا أن يقال: بأنّ الشك في سقوط الملاك يكفي في عدم سقوطه، و كذا بالنسبة إلى الخطاب، فيستصحب بناء على أنّ الأدائية و القضائية من الحالات لا من المقوّمات. و فيه: أنّه كيف يجري هذا الأصل مع ظهور الإجماع على خلافه، مع أنّ المستصحب مردد بين ما هو زائل قطعا و مشكوك الحدوث رأسا، و قد ثبت في محله عدم جريان الاستصحاب في مثله.

(الثاني): لا فرق بين حصول التضييق بالاختيار أو بدونه، لإطلاق الكلمات الشامل لهما و إن أثم في الأول.

(الثالث): لو عجز عن إتيان بعض الأطراف، لمانع آخر غير ضيق الوقت، وجب الإتيان بالمقدور، و حكمه حكم ما تقدم في ضيق الوقت.

بلا إشكال فيه حينئذ نصّا و فتوى، لفرض تحقق اليقين بالاستقبال في الصلاة.

لما مرّ في سابقة أنّ تحقق العلم بالاستقبال بهذه الكيفية أيضا، و كذا إن قلنا بشمول إطلاق ما تقدم من مثل مرسل خراش المتقدم لهذه الكيفية أيضا و عدم اختصاصه بالصلاة على خطوط متقابلة بحيث تحدث فيها زوايا قائمة كما نسب إلى المشهور، و كذا إن قلنا بشمول ما يأتي من الأخبار- الدالة على التوسعة في القبلة للجاهل و الناسي- للمقام، فيجزي حينئذ بلا كلام.

و نوقش في مثل المرسل أولا: بأنّ المنساق منه الخطوط المتقابلة، و لذا فهم المشهور منه ذلك. و ثانيا: بأنّه بناء على عدم الخصوصية بالخطوط المتقابلة تجزي ثلاث صلوات أيضا، فلا وجه لوجوب الأربع، كما نوقش فيما يأتي من أخبار الخلل لعدم شمولها للمقام، لورودها في الجاهل و الناسي.

و الكل مخدوش:

أما الأول: لأنّ الانسباق إلى الخطوط المتقابلة من جملة: فليصلّ إلى أربع وجوه» كما في مرسل خراش‏٥۲ و «يصلّي إلى أربع جوانب» كما في مرسل الكافي و الفقيه ممنوع خصوصا بالنسبة إلى عامة الناس الذين لا يلتفتون إلى الخطوط المتقابلة، و إنّما المنساق إلى أذهانهم أربع جهات عرفية كانت على الخطوط المتقابلة أو لا، و فهم المشهور ليس حجة لغيرهم على فرض صحة النسبة.

و أما الثاني: فهو مخالف لظاهر قوله (عليه السلام): «فليصلّ إلى أربع جوانب». فإنّه ظاهر في عدم كفاية الأقل، مع اقتضاء قاعدة الاشتغال ذلك.

و أما الأخير: فلا نستدل بمورد تلك الأخبار، بل بالمحصول منها و هو التوسعة في القبلة، و عدم ابتنائها على الدقة، فما ذكره (قدّس سرّه) هو الحق المبين الموافق لسهولة الشريعة المقدسة، لذا قرّره أعاظم الفقهاء من المحشين (رحمهم اللّه).

قد ظهر وجه الأولوية فيما تقدم، و منشأها دعوى أنّ ذلك هو المنصرف إليه من الأخبار، و المتيقن من قاعدة الاحتياط، و لكن الشأن في صحة دعوى الانصراف، و لزوم الأخذ بالمتيقن حتّى تجري القاعدة، بل احتمال وجوب التدقيق، شك في أصل التكليف منفيّ بالأصل، و يظهر منه بطلان دعوى الانصراف أيضا.

(مسألة ۱۲): لو كان عليه صلاتان، فالأحوط أن تكون الثانية إلى جهات الأولى (٤۷).

لأنّه لو خالف يعلم إجمالا ببطلان أحد الصلاتين، بل لو كانت‏ الثانية مرتبة على الأولى يعلم تفصيلا ببطلانها إما لمخالفة الترتيب إن لم تقع الأولى على القبلة، أو لبطلانها إن وقعت الأولى عليها.

و فيه: أنّه كذلك لو لم يكن إطلاق في البين و معه لا أثر لهذا العلم، و تقدم أنّ إطلاق مثل المرسل يشمل الانحراف في الجملة ما لم يبلغ إلى حد اليمين و اليسار، فيكون كما إذا صلّى صلاة ظهره في مسجد بلد تكون قبلته منحرفة إلى اليمين ثمَّ صلّى عصره في مسجد بلد آخر تكون قبلته منحرفة إلى اليسار، فتصح الصلاتان، للإطلاق الشامل لهما.

(مسألة ۱۳): من كانت وظيفته تكرار الصلاة- إلى أربع جهات أو أقلّ و كان عليه صلاتان يجوز له أن يتمم جهات الأولى ثمَّ يشرع في الثانية، و يجوز أن يأتي بالثانية في كلّ جهة صلّى إليها الأولى إلى أن تتم (٤۸)، و الأحوط اختيار الأول (٤۹). و لا يجوز أن يصلّي الثانية إلى غير الجهة التي صلّى إليها الأولى (٥۰). نعم، إذا اختار الوجه الأول لا يجب أن يأتي بالثانية على ترتيب الأولى (٥۱).

كلّ ذلك للأصل، و الإطلاق و عدم دليل على تعيين إحدى الكيفيتين إلّا دعوى اعتبار الجزم بالنيّة في العبادة، فتعتبر حينئذ الكيفية الأولى، لتوقف الجزم بالنية في الثانية عليها.

و فيه: أنّه لا دليل على اعتبار الجزم بالنيّة في العبادة مطلقا، و مقتضى الأصل عدم اعتباره خصوصا في مثل المقام الذي يكون أصل العمل مرددا بين الجهات.

للخروج عن خلاف من اعتبر الجزم بالنية.

لبطلان الثانية حينئذ من جهة فقد الترتيب. هذا مع التذكر، و أما مع الغفلة و النسيان، فلو أتى بالثانية إلى بعض الجهات الأربع ثمَّ تذكر و أتى بالأولى هل يجوز الاكتفاء بما أتى به من الثانية و إتيان البقية بعد إتيان الأولى؟ وجهان يمكن القول بالصحة بدعوى: أنّ المتيقن من اعتبار الترتيب غير هذه الصورة بعد كون مطلقات اعتباره في مقام بيان أصل تشريع الترتيب فلا تشمل الحالات العارضة، فيرجع فيها إلى أصالة الصحة، و البراءة.

لحصول العلم بفراغ الذمة بعد تمام دور الثانية عن تكليف الترتيب بين الصلاتين سواء أتى بها مرتّبة أو لا.

(مسألة ۱٤): من عليه صلاتان- كالظهرين مثلا- مع كون وظيفته التكرار إلى أربع إذا لم يكن له من الوقت مقدار ثمان صلوات، بل كان مقدار خمسة أو ستة، أو سبعة، فهل يجب إتمام جهات الأولى و صرف بقية الوقت في الثانية، أو يجب إتمام جهات الثانية و إيراد النقص على الأولى؟، الأظهر الوجه الأول (٥۲) و يحتمل وجه ثالث و هو التخيير (٥۳). و إن لم يكن له إلا مقدار أربعة، أو ثلاثة، فقد يقال: يتعيّن الإتيان بجهات الثانية و تكون الأولى قضاء، لكن الأظهر وجوب الإتيان بالصلاتين و إيراد النقص على الثانية- كما في الفرض الأول (٥٤)- و كذا الحال في العشاءين، و لكن في الظهرين يمكن الاحتياط بأن يأتي بما يتمكن من الصلوات بقصد ما في الذمة فعلا (٥٥)، بخلاف العشاءين، لاختلافهما في عدد الركعات.

مقتضى القاعدة في المتزاحمين تقديم الأهم- أو محتمل الأهمية- على غيره، و مع عدم الأهم- و لا احتماله في البين- فالحكم هو التخيير، و النزاع في المقام في أنّ احتمال الأهمية في تتميم جهات الظهر و إيراد النقص على العصر، أو في العكس، فيرد النقص على الظهر، أو لا أهمية في البين أصلا، فيتعيّن التخيير و فعلية التكليف بصلاة الظهر و ترتب التكليف بصلاة العصر على تفريغ الذمة منها توجب أهمية الأولى بالنسبة إلى الثانية فتقدم إتيان محتملاتها على صلاة العصر. و لا منشأ لاحتمال أهمية تقديم صلاة العصر إلّا اختصاص الوقت بها حتّى بمقدماتها العلمية، و لكنه من مجرد الاحتمال الذي لا يعتد به في مقابل فعلية التكليف بصلاة الظهر، و فعلية ترتب العصر على تفريغ الذمة منها كما هو المغروس في أذهان المتشرعة في الجملة.

الوجه فيه تساوي احتمال الأهمية في تقديم كلّ من الصلاتين، و مع عدم الترجيح، فالحكم هو التخيير لا محالة، و لكن تقدم ترجيح احتمال تقديم صلاة الظهر، فهذا النزاع لفظي لا أن يكون معنويا.

لما تقدم من فعلية التكليف بالنسبة إليها، و ترتب الثانية على تفريغ الذمة منها.

لأنّ اتفاقهما في العدد يوجب صحة انطباق التكليف الفعلي عليه.

(مسألة ۱٥): من وظيفته التكرار إلى الجهات إذا علم أو ظنّ- بعد الصلاة إلى جهة أنّها القبلة، لا يجب عليه الإعادة و لا إتيان البقية (٥٦). و لو علم أو ظنّ بعد الصلاة إلى جهتين أو ثلاث أنّ كلّها إلى غير القبلة، فإن كان فيها ما هو ما بين اليمين و اليسار كفى (٥۷)، و إلا وجبت الإعادة (٥۸).

كما هو الحال في كلّ احتياط موجب للتكرار إذا أحرز الامتثال بوجه معتبر قبل الإتمام، و ذلك لأنّ وجوب الاحتياط طريقيّ محض لا أن يكون له موضوعية خاصة، و لا وجه لوجوب الطريق مع تبين وقوع ذي الطريق بوجه صحيح شرعيّ علما أو ظنا معتبرا، كما تقدم من اعتبار الظنّ بالقبلة.

في إتيان ما يجب الإتيان به إلى تلك الجهة من باب الاحتياط، لما تقدم في [مسألة ۱۲] و يجب الإتيان بالبقية.

أي يجب إتيان بقية المحتملات على من صلّى إلى بعض الجهات و الصلاة إلى الجهات الأربع على من لم يصلّ إليها، بل صلّى إلى اليمين و اليسار.

(مسألة ۱٦): الظاهر جريان حكم العمل بالظنّ مع عدم إمكان العلم، و التكرار إلى الجهات مع عدم إمكان الظنّ في سائر الصلوات غير اليومية، بل غيرها مما يمكن فيه التكرار- كصلاة الآيات، و صلاة الأموات، و قضاء الأجزاء المنسية و سجدتي السهو (٥۹)- و إن قيل في صلاة الأموات (٦۰) بكفاية الواحدة عند عدم الظنّ مخيّرا بين الجهات، أو التعيين بالقرعة. و أما فيما لا يمكن فيه التكرار- كحال الاحتضار- و الدفن، و الذبح، و النحر- فمع عدم الظن يتخير، و الأحوط القرعة (٦۱).

لإطلاق الأدلة الشامل لجميع ما يعتبر فيه القبلة خصوصا مثل قوله (عليه السلام): «يجزي المتحيّر أبدا أينما توجّه إذا لم يعلم أين وجه القبلة»٥۳.

فيستفاد من مثله أصالة المساواة في جميع ما يعتبر فيه الاستقبال إلّا ما خرج بالدليل، و ذكر الصلاة في بعضها إنّما هو من باب المثال، أو الغالب، مع إمكان دعوى الأولوية بالنسبة إلى العمل بالظنّ في غير الفريضة بأن يقال: إنّه إذا جاز العمل به في الفريضة مع تشديد الأمر فيها، ففي غيرها بالأولى، مع أنّ الحكم بكلا شقيه موافق للاحتياط، و ليس مخالفا له حتّى نحتاج في إجرائه في غير الفرائض إلى دليل خاص.

هذا القول ضعيف لا دليل عليه بعد الإطلاقات الشاملة لصلاة الأموات أيضا، و كون الحكم موافقا للاحتياط، و لعلّ الوجه في هذا القول انصراف الأدلة إلى صلاة فيها ركوع و سجود و لكنّه مشكل.

أما العمل بالظنّ فيها مع إمكانه، فلإطلاق قوله (عليه السلام): كما مرّ «يجزي المتحير أبدا أينما توجه إذا لم يعلم أين وجه القبلة».

و أما التخيير مع فقده فلأنه الأصل عند العقل و العقلاء بعد فقد ما يدل على الترجيح، و عدم إمكان الاحتياط.

و أما كون القرعة أحوط، فلاحتمال كونها مرجحا و معينا بعد فقد الظنّ و عدم إمكان الاحتياط، و لكن الشأن في إثبات عموم اعتبارها في مورد لم يعمل الأصحاب بها. نعم، إن حصل منها الظنّ، فلا كلام في صحة العمل بها حينئذ.

(مسألة ۱۷): إذا صلّى من دون الفحص عن القبلة إلى جهة- غفلة أو مسامحة يجب إعادتها، إلا إذا تبين كونها القبلة (٦۲) مع حصول قصد القربة منه.

أما الإعادة في الأول، فلقاعدة الاشتغال. و أما الصحة في الأخير، فلحصول الامتثال.

فرع: من وظيفته التكرار، فأتى بوظيفته ثمَّ علم إجمالا ببطلان إحدى الصلوات التي أتى بها من غير تعيين، هل يجب عليه الإتيان بجميع الأطراف ثانيا، لقاعدة الاشتغال أو لا يجب، لسقوط هذا العلم الإجمالي عن التنجيز، لخروج بعض أطرافه عن الابتلاء، أو يجب الإتيان بواحدة مخيرة بين الجهات؟ وجوه الظاهر هو الأول، لما ثبت في محلّه من أنّ العلم الإجمالي إذا خرج بعض أطرافه عن الابتلاء بعد التنجيز لا يسقط عن الاعتبار و يجب امتثاله. و اللّه تعالى هو العالم بحقائق الأحكام.

  1. الوسائل باب: ۱۸ من أبواب القبلة حديث: ۳.
  2. الوسائل باب: ۱۸ من أبواب القبلة حديث: ۱.
  3. الوسائل باب: ۲ من أبواب القبلة حديث: ۷.
  4. راجع الوسائل باب: ۳۰ من أبواب الطواف حديث: ۱ و غيره.
  5. راجع الوسائل باب: ۳۰ من أبواب الطواف حديث: ۱ و غيره.
  6. المغني ج: ۳ ص: ۳۸۲
  7. الوسائل باب: ۲ من أبواب القبلة حديث: ٥.
  8. الوسائل باب: ۲ من أبواب القبلة حديث: ۱۰.
  9. الوسائل باب: ۲ من أبواب القبلة حديث: ۱4.
  10. سورة البقرة: ۱44.
  11. سورة البقرة: ۱44.
  12. الوسائل باب: ۱۸ من أبواب القبلة حديث: ۱.
  13. الوسائل باب: ۳٥ من أبواب الاحتضار حديث: ۲.
  14. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الوصايا حديث: ۱.
  15. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب القبلة حديث: ۲.
  16. الوسائل باب: ۲ من أبواب القبلة حديث: ۲.
  17. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب القبلة حديث: ۱.
  18. الوسائل باب: ٥ من أبواب القبلة حديث: ۱.
  19. الوسائل باب: ٦ من أبواب القبلة حديث: 4.
  20. الوسائل باب: ۳ من أبواب القبلة حديث: ۱.
  21. راجع الوسائل باب: ۲ من أبواب القبلة.
  22. راجع الوسائل باب: ۱۳ من أبواب مقدمات الطواف حديث: ٥. و باب: ۱۸ منها حديث: ۱۳ و باب: ۱ من أبواب الإحرام حديث: ٥.
  23. راجع تاريخ المدينة السمهودي ج ۱: صفحة ۲٦۱ و الدرة الثمينة صفحة: ۳٥۷
  24. البحار ج: ۱۳ صفحة: ۱۹4.
  25. البحار ج: ۱۳ صفحة: ۱۸٦.
  26. الوسائل باب: 4 من أبواب القبلة حديث: ۲
  27. الوسائل باب: 4 من أبواب القبلة حديث: ۱.
  28. مستدرك الوسائل باب: ۳ من أبواب القبلة حديث: ۱.
  29. راجع الوسائل باب: ۱۰ من أبواب القبلة.
  30. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب القبلة حديث: ۳ و 4.
  31. الوسائل باب: ۸ من أبواب القبلة حديث: ۱.
  32. الوسائل باب: ۸ من أبواب القبلة حديث: ٥ و 4.
  33. الوسائل باب: ۸ من أبواب القبلة حديث: ۲.
  34. الوسائل باب: ۸ من أبواب القبلة حديث: ۳.
  35. الوسائل باب: ٥ من أبواب القبلة حديث: ۱.
  36. الوسائل باب: ٥ من أبواب القبلة حديث: ۲.
  37. الوسائل باب: ٥ من أبواب القبلة حديث: 4.
  38. الوسائل باب: ٥ من أبواب القبلة حديث: ۱.
  39. الوسائل باب: ۲ من أبواب كيفية الحكم و أحكام الدعوى حديث: ۱.
  40. الوسائل باب: ٦۱ من أبواب الأطعمة المباحة حديث: ٥.
  41. الوسائل باب: ۳٥ من أبواب ما يكتسب به حديث: ۲.
  42. راجع الوسائل باب: ٥۹ من أبواب المواقيت حديث: ۲.
  43. راجع الوسائل باب: ۳ من أبواب الأذان و الإقامة.
  44. الوسائل باب: ٦ من أبواب القبلة حديث: ۱.
  45. الوسائل باب: ٦ من أبواب القبلة حديث: ۲.
  46. الوسائل باب: ٦ من أبواب القبلة حديث: ۱٦.
  47. الوسائل باب: ۸ من أبواب القبلة حديث: ٥.
  48. الوسائل باب: ۸ من أبواب القبلة حديث: 4.
  49. الوسائل باب: ۸ من أبواب القبلة حديث: ۱.
  50. الوسائل باب: ۸ من أبواب القبلة حديث: ۳.
  51. الوسائل باب: ۸ من أبواب القبلة حديث: ۲.
  52. الوسائل باب: ۸ من أبواب القبلة حديث: ٥.
  53. الوسائل باب: ۸ من أبواب القبلة حديث: ۲.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"