1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. کتاب الصلاة
  10. /
  11. فصل في الشك
و هو إما في أصل الصّلاة و أنّه هل أتى بها أم لا، و إما في شرائطها، و إما في اجزائها، و إما في ركعاتها.
(مسألة ۱): إذا شكّ في أنّه هل صلّى أم لا؟ فإن كان بعد مضيّ الوقت لم يلتفت و بنى على أنّه صلّى (۱) سواء كان الشك في صلاة واحدة أو في صلاتين (۲)، و إن كان في الوقت وجب الإتيان بهما- كان شك في أنّه صلّى صلاة الصبح أم لا، أو هل صلّى الظهرين أم لا؟ أو هل صلّى العصر بعد العلم بأنّه صلّى الظهر أم لا (۳)، و لو علم أنّه صلّي العصر و لم يدر أنّه صلّى الظهر أم لا، فيحتمل جواز البناء على أنّه صلّاها (٤)، لكن الأحوط الإتيان بها (٥)، بل لا يخلو عن قوّة (٦)، بل و كذلك لو لم يبق إلّا مقدار الاختصاص بالعصر و علم أنّه أتى بها و شك في أنّه أتى بالظهر أيضا أم لا، فإنّ الأحوط الإتيان بها (۷) و إن كان احتمال البناء على الإتيان بها و إجزاء حكم الشك بعد مضيّ الوقت هنا أقوى من السابق (۸). نعم، لو بقي من الوقت مقدار الاختصاص بالعصر و علم بعدم الإتيان بها أو شكّ فيه و كان شاكا في الإتيان بالظهر (۹) وجب الإتيان بالعصر (۱۰)، و يجري حكم الشك بعد الوقت بالنسبة إلى الظهر (۱۱) لكن الأحوط قضاء الظهر أيضا.

عدم الاعتناء بالشك بعد الوقت- في الصلاة- ممّا أرسل إرسال المسلّمات الفقهية و تسمّى بقاعدة «عدم اعتبار الشك بعد الوقت، قال في الجواهر في قضاء الصلاة: «و ما شك فيه، فالأصل براءة الذمّة منه خصوصا في مثل الصلاة التي قد ثبت عدم الالتفات إلى الشك فيها خارج وقتها» و يشهد له العرف أيضا، فإذا كان عمل واجبا في وقت معيّن فمضى وقته ثمَّ شك في إتيان ذلك العمل الظاهر أنّ المتعارف لا يعتنون بهذا الشك إلّا مع القرينة على عدم الإتيان به.

و يدلّ عليه‏ قول أبي جعفر (عليه السلام) في صحيح زرارة: «متى استيقنت أو شككت في وقت فريضة أنّك لم تصلّها، أو في وقت فوتها أنّك لم تصلّها صلّيتها، و إن شككت بعد ما خرج وقت الفوت و قد دخل حائل فلا إعادة عليك من شك حتى تستيقن، فإن استيقنت فعليك أن تصليها في أيّ حالة كنت»۱. إنّما الكلام في أنّه موافق للقاعدة حتّى يجري في جميع الموقتات، أو مخالف لها حتّى يقتصر فيه على خصوص الصلاة لا يبعد أن يقال: إنّ الإتيان مقتضى ظاهر حال‏

العامل الملتزم بعمل في وقت خاص، فظاهر الحال يقتضي الإتيان إلّا مع القرينة على الخلاف.

و يمكن أن يقال أيضا: إنّ عدم الاعتبار في الصلاة- التي هي أهمّ الواجبات الإلهية- يستلزم عدم الاعتبار في غيرها من الواجبات الشرعية الموقتة بالأولى.

و لكن اعتبار ظاهر الحال مطلقا أول الكلام، و الأولوية غير معتبرة في المقام، لأنّ الصلاة أهمّ الواجبات ابتلاء لعامة الناس، فينبغي التسهيل فيها من كل جهة بخلاف سائر الواجبات، إلّا أن يتمسّك بما أشرنا إليه من أنّ العرف لا يعتنون بمثل هذا الشك في أعمالهم الموقتة، و الرواية وردت موافقة لهذا الأمر الارتكازي.

لظهور الإطلاق و هل يشمل ما إذا كان في أيّام أو شهور أو سنين- كما إذا شكّ في أواخر العمر أنّه هل صلّى أوائل بلوغه شهرا أو سنة أو أقلّ أو أكثر؟

وجهان: من الجمود على الإطلاق، و من صحة الانصراف، و لكن الانصراف بدويّ، فالإطلاق محكم.

لإطلاق أدلّة وجوبها، و لقاعدة الاشتغال، و ما تقدّم من صدر صحيح زرارة.

استدل على جواز البناء على إتيان الظهر تارة: بقول أبي جعفر (عليه السلام) في خبر حريز۲– في حديث- «فإنّ شكّ في الظهر فيما بينه و بين أن يصلّي العصر قضاها، و إن دخله الشك بعد أن يصلى العصر فقد مضت، إلّا أن يستيقن، لأنّ العصر حائل فيما بينه و بين الظهر، فلا يدع الحائل لما كان من‏

الشك إلّا بيقين» فيكون قوله (عليه السلام) فيه مفسّرا لما مرّ من قوله (عليه السلام) في صحيح زرارة و يفسر الحائل بأنّه أعمّ من أن يكون خروج الوقت أو الدخول في صلاة العصر.

و نوقش فيه: بقصور السند، و عدم العامل به، و يرد الأول بأنّه معتبر، و الثاني بأنّه ليس من الأعراض الموهن.

و أخرى: بقاعدة التجاوز.

و نوقش فيها أولا: بأنّه لا مجرى لها، لأنّ الترتيب شرط التفاتي، و مع النسيان لا ترتيب في البين، فلا موضوع للتجاوز حينئذ حتّى تجري القاعدة.

و يرد: بأنّه لا ريب في اعتبار الترتيب في الجملة و كونه مجعولا شرعيا أولا، كما في تمام الأجزاء الصلاتية التي تجري فيها قاعدة التجاوز، و موضوع جريانها ما هو المجعول أولا بلحاظ طبع الصلاة من الشرائط و الأجزاء، لا بحسب الطوارئ من النسيان و غيره، و إلّا فلا يبقى مجال لجريانها في مثل ما إذا شكّ في القراءة بعد الدخول في الركوع- مثلا- لأنّ جزئية القراءة ذكرية لا واقعية، و حيث إنّ الترتيب بين الظهرين مجعول شرعيّ أوليّ، فيثبت مجراها بحسب هذا الجعل و إن لم يكن مجرى لها بحسب ما جعل ثانيا في حال النسيان، بل جميع القواعد التي تعرض الصلاة إنّما تعرضها في عرض واحد بلحاظ مجعولاتها الأولية.

و ثانيا: بأنّ الترتيب بين تمام أجزاء صلاة العصر مع صلاة الظهر- سواء كانت قبل عروض الشك أم بعدها- تثبت الصحة للأجزاء السابقة على الشك و لا يكفي ذلك في إحراز صحة الأجزاء اللاحقة.

و يرد بأنّ مقتضى كون هذه القواعد تسهيلية امتنانية، و واردة لتصحيح الصلاة أنّها متكفلة لصحتها مطلقا إلّا مع قرينة معتبرة على الخلاف، و بهذا يجاب أيضا عمّا يتوهم من أنّها تقتضي صحة الأجزاء السابقة، أمّا وقوع الأجزاء اللاحقة فلا.

و ثالثا: بأنّها تجري في الأجزاء و نحوها ممّا تكون لها مطلوبية غيرية و أمّا في مثل صلاة الظهر في المقام التي لها وجوب نفسيّ مستقل فلا تجري. لا أقلّ من الشك فيه، فلا يصحّ التمسّك بعمومها، لأنّه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية. و الجواب: أنّ صلاة الظهر لها جهة مقدمية أيضا بالنسبة إلى العصر،

و كذا المغرب بالنسبة إلى العشاء، فالأقسام ثلاثة: واجب مستقلّ محض لا ربط له بغيره، و غيريّ محض، و ما هو برزخ بينهما. و تجري القاعدة في الأول و الأخيرة، و لكنّه مع ذلك كلّه مشكل.

قد ظهر وجهه الاحتياط ممّا تقدّم.

لما مرّ من إمكان المناقشة فيما استدل به على الصحة. هذا إذا كان الشك بعد العلم بإتيان العصر، و أما إن كان في أثنائه فقد تقدّم حكمه في [مسألة ۲۰] من (فصل الأوقات).

وجه الاحتياط هنا عين ما تقدم في سابقة، فلا وجه للتكرار.

هذه المسألة مبنية على أنّ المراد بالاختصاص الذاتي من كل حيثية و جهة بحيث يكون مقدار أربع ركعات إلى المغرب بالنسبة إلى صلاة الظهر كما بعد المغرب بالنسبة إليها- سواء كانت الذمة مشغولة بصلاة العصر أم لا- أو أنّ المراد بالاختصاص هو الاختصاص الفعليّ يعني: أنّ من اشتغلت ذمّته بصلاة العصر و بقي من الوقت أربع ركعات إلى المغرب وجب عليه صرف هذا الوقت في العصر مع اشتراك ذات الوقت بين الظهرين، فعلى الأول يكون الشك في الظهر بعد الوقت و لا اعتبار به بخلاف الثاني.

و قد مرّ في مبحث الأوقات قصور الأدلّة عن إثبات الأول. فمقتضى قاعدة الاشتغال وجوب الإتيان بالظهر حينئذ إلّا إذا قلنا بما تقدم من قول أبي جعفر (عليه السلام) في خبر حريز «العصر حائل»۳، أو قلنا بجريان قاعدة

التجاوز بالنسبة إلى الظهر و تقدم ما يتعلق بهما.

لا فرق بين هذين الفرعين و ما سبق من حيث المبنى، لأنّه بناء على الاختصاص الذاتي يكون الشك بالنسبة إلى الظهر من الشك بعد الوقت في الفروع الثلاثة، و بناء على الفعلي و اشتراك ذات الوقت للصلاتين يكون من الشك في الوقت فيها. نعم، خبر حريز، و قاعدة التجاوز، يختص بالأول لعدم موضوع لهما في الأخيرين.

بناء على أنّ المراد بالاختصاص هو الاختصاص الذاتي يكون من الشك بعد الوقت، و أما إن كان المراد الاختصاص الفعليّ فالوقت مشترك فلا يكون من الشك بعد الوقت بالنسبة إليه، فمقتضى قاعدة الاشتغال وجوب الظهر في الفروع الثلاثة إلّا إذا تمَّ خبر حريز، و قاعدة التجاوز. و منه يظهر وجه الاحتياط.

لفعلية تكليفه بها على كل تقدير.

(مسألة ۲): إذا شكّ في فعل الصّلاة- و قد بقي من الوقت مقدار ركعة فهل ينزل منزلة تمام الوقت أم لا؟ وجهان: أقواهما الأول (۱۲) أما لو بقي أقلّ من ذلك، فالأقوى كونه بمنزلة الخروج (۱۳).

هذا الفرع مبنيّ على أنّ التنزيل في قوله (عليه السلام): «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة»4 بلحاظ تمام الآثار مطلقا إلّا ما خرج بالدليل، أو بلحاظ أظهر الآثار، أو بلحاظ ما دلّ عليه الدليل بالخصوص من إجماع أو غيره، فعلى الأولين يكون بمنزلة تمام الوقت بخلاف الأخير، و المنساق من التنزيلات الشرعية عرفا هو الأول، و المتيقن منها هو الثاني، و الأخير هو المتعارف منها كما لا

يخفى، لكنّه حينئذ يصير جزء الدليل لا تمامه و هو خلاف ظاهره.

إن أريد به الخروج تكوينا، فهو خلاف الوجدان، و إن أريد به الخروج من فعلية الأمر بالأداء فهو مسلّم، و لكن كون ذلك موجبا لسقوط الأمر بالقضاء أول الكلام، لإمكان دعوى وجود الملاك في الأداء و إن لم يكن الأمر به فعليا كما في النائم.

(مسألة ۳): لو ظنّ فعل الصّلاة فالظاهر أنّ حكمه حكم الشكّ (۱٤) في التفصيل بين كونه في الوقت أو في خارجه و كذا لو ظنّ عدم فعلها.

لأنّ المراد من الشك في الروايات و كلمات الفقهاء خلاف العلم و الحجة المعتبرة، فيشمل الظنّ غير المعتبر أيضا. نعم، في اصطلاح المنطق و الحكمة يكون مقابلا للظنّ مطلقا، كما أنّه في عدد الركعات يكون كذلك أيضا- أي: مطابقا لاصطلاحهما- لما يأتي من اعتبار الظنّ فيها.

(مسألة ٤): إذا شكّ في بقاء الوقت و عدمه يلحقه حكم البقاء (۱٥).

لأصالة بقاء الوقت، و قاعدة الاشتغال. و أما استصحاب بقاء وقت الفريضة، فإن أريد به إثبات وجوب إتيانها في زمان الشك، فلا إشكال فيه، و إن أريد به إثبات كون زمان الشك وقت الفريضة، فقد يقال: إنّه مثبت، و لكن يمكن أن يقال: إنّ المراد بوقت الفريضة أي وجوب إتيانها، فلا يكون مثبتا حينئذ.

(مسألة ٥): لو شكّ في أثناء صلاة العصر في أنّه صلّى الظهر أم لا، فإن كان في الوقت المختص بالعصر بنى على الإتيان بها (۱٦)، و إن‏ كان في الوقت المشترك عدل إلى الظهر بعد البناء على عدم الإتيان بها (۱۷).

لكونه من الشك بعد خروج الوقت بناء على الاختصاص الذاتي، و أما بناء على الاختصاص الفعليّ و الاشتراك الذاتي، فيشكّل جريان قاعدة الشك‏

بعد الوقت، و قد تقدم في المسألة الأولى من هذا الفصل ما يظهر منه حكم هذا الفرع، كما تقدّم في [مسألة ۲۰] من (فصل الأوقات) عين هذا الفرع فراجع.

لقاعدة الاشتغال بناء على عدم شمول ما تقدم من قول أبي جعفر (عليه السلام) في خبر حريز: «لأنّ العصر حائل»، و قاعدة التجاوز للمقام، و كذا قاعدة الفراغ بناء على صحة جريانها في الأثناء بلحاظ الأجزاء السابقة، لإطلاق دليلها، و كونها متحدة مع قاعدة التجاوز من حيث الدليل كما هو ظاهر قوله (عليه السلام): «كل ما شككت فيه مما قد مضى فامضه كما هو»٥ و إلّا فلا مجرى لقاعدة الاشتغال، لكونها محكومة بقاعدتي التجاوز و الفراغ، و خبر حريز المتقدم.

(مسألة ٦): إذا علم أنّه صلّى إحدى الصّلاتين من الظهر أو العصر و لم يدر المعيّن منها يجزيه الإتيان بأربع ركعات بقصد ما في الذمّة (۱۸)، سواء كان في الوقت أو في خارجه (۱۹). نعم، لو كان في وقت الاختصاص بالعصر يجوز له البناء على أنّ ما أتى به هو الظهر (۲۰) فينوي فيما يأتي به العصر، و لو علم أنّه صلّى‏ إحدى العشاءين و لم يدر المعيّن منهما وجب الإتيان بهما (۲۱)، سواء كان في الوقت أو في خارجه (۲۲)، و هنا أيضا لو كان في وقت الاختصاص بالعشاء، بنى على أنّ ما أتى به هو المغرب و أنّ الباقي هو العشاء (۲۳).

لأنّ المأتيّ به إن كان ظهرا يقع هذا عصرا، و إن كان بالعكس فبالعكس، و الترتيب شرط ذكريّ فيحصل العلم بالفراغ لا محالة. هذا مع ظهور الإجماع على الإجزاء حينئذ.

لما مرّ في سابقة، مضافا إلى النص الوارد في الفائتة المرددة٦.

بناء على جريان قاعدة الشك بعد الوقت فيها، لكن يشكل جريانها.

في المقام أولا: بأنّه يحتمل أن يكون المأتيّ بها عصرا فيكون الوقت حينئذ للظهر، و يصير التمسك بالقاعدة تمسكا بالعام في الشبهة المصداقية. و ثانيا:

يحتمل أن يكون المراد بخروج الوقت الذي لا اعتبار به بالشك بعده هو الخروج تكوينا. و حينئذ فإن قلنا بالاختصاص الذاتي يكون من الخروج التكويني، و إن قلنا بالاختصاص الفعليّ، فلا يكون كذلك، و أصالة عدم الإتيان بالعصر لا تثبت الاختصاص الذاتي غايتها الاختصاص الفعليّ و هو لا ينافي قضاء الظهر لقاعدة الاشتغال. فالأحوط أن يأتي بأربع ركعات بقصد ما في الذمة كما في الوقت المشترك.

لأنّه لا يحصل العلم بالفراغ إلّا بذلك، فيجب الجمع بينهما، لقاعدة الاشتغال.

لجريان قاعدة الاشتغال في كل منهما.

(مسألة ۷): إذا شكّ في الصّلاة في أثناء الوقت و نسي الإتيان بها وجب عليه القضاء إذا تذكّر خارج الوقت (۲٤)، و كذا إذا شكّ و اعتقد أنّه خارج الوقت ثمَّ تبيّن أنّ شكّه كان في أثناء الوقت (۲٥)، و أما إذا شكّ و اعتقد أنّه في الوقت فترك الإتيان بها عمدا أو سهوا ثمَّ تبيّن أنّ شكّه كان‏ خارج الوقت فليس عليه القضاء (۲٦).

لقاعدة الاشتغال و لا تجري في المقام قاعدة الشك بعد الوقت لاختصاصها بالشك الحادث بعد الوقت فلا يشمل ما حدث في الوقت و بقي إلى ما بعده.

لأنّ المدار على الواقع دون الاعتقاد خصوصا مع تبيّن الخلاف.

لحدوث الشك في الواقع بعد الوقت و المدار على الواقع دون الاعتقاد كما مرّ.

(مسألة ۸): حكم كثير الشك في الإتيان بالصّلاة و عدمه حكم غيره فيجري فيه التفصيل بين كونه في الوقت و خارجه، و أما الوسواسي، فالظاهر أنّه يبني على الإتيان و إن كان في الوقت (۲۷).

لشمول ما دل على وجوب الاعتناء بالشك في الوقت، و ما دل على عدم الاعتناء بالشك في خارجه له أيضا، و احتمال الانصراف بدويّ ساقط، و ما ورد من «عدم الاعتناء لكثير الشك، و أنّه من إطاعة الشيطان»۷ ظاهر، بل نص في الشك الحاصل في أثناء الصلاة، لصحيح زرارة و أبي بصير۸ لا ما كان في أصل الإتيان، فما عن بعض من شموله للمقام خلاف المنساق من ظاهره، و يأتي في (فصل الشكوك التي لا اعتبار بها) بعض الكلام.

و أما لزوم البناء بالنسبة إلى الوسواسي، فلحرمة ترتيب الأثر نصّا۹ و إجماعا.

(مسألة ۹): إذا شكّ في بعض شرائط الصّلاة، فإما أن يكون قبل الشروع فيها، أو في أثنائها، أو بعد الفراغ منها فإن كان قبل الشروع فلا بدّ من إحراز ذلك الشرط (۲۸) و لو بالاستصحاب و نحوه من الأصول (۲۹)، و كذا إذا كان في الأثناء (۳۰)، و إن كان بعد الفراغ منها حكم بصحتها (۳۱) و إن كان يجب إحرازه للصلاة الأخرى (۳۲) و قد مرّ التفصيل في مطاوي الأبحاث السابقة.

لقاعدة الاشتغال الدالة على لزوم الإحراز.

كأصالة الصحة، و أصالة الإباحة في الشبهات الموضوعية، و أصالة البراءة في الشبهات الحكمية.

لوجوب كون المأتيّ به مطابقا للوظيفة الشرعية حدوثا و بقاء.

لقاعدة الفراغ المعتبرة نصّا و إجماعا كما سيأتي.

لقاعدة الاشتغال بعد عدم دليل حاكم عليها، و قاعدة الفراغ إنّما تصحّح ما مضى دون ما يأتي.

ثمَّ إنّه لا بأس بالإشارة إلى قاعدة التجاوز و الفراغ، و سائر القواعد التسهيلية حسب ما يقتضيه المقام، و لا بدّ أولا من بيان أمور كلية جارية في جميع تلك القواعد، ثمَّ التعرّض لكل واحدة منها بالخصوص:

الأول: يدور فقه الإمامية، بل المسلمين على الأمارات، و القواعد و الأصول المعتبرة، و الأولى حجة ظاهرية في ظرف استتار الواقع، و تقع في طريق الاستنباط، و الثانية أحكام فقهية كلية يشترك فيها الفقيه و العامي إلّا أنّ العاميّ لقصوره عن تطبيقها على الصغريات لا يليق بالتطبيق، و لكن أصل الحكم الكلّي مشترك بينهما، و كذا الأخيرة فإنّ مضامينها بأنفسها أحكام شرعية لا أن تكون واسطة في استنباط حكم شرعيّ.

و الجامع بين الأخيرين عدم وقوعهما في طريق الاستنباط و لذا لا تعدّان من مسائل علم الأصول بخلاف الأولى حيث إنّ المناط في كون المسألة أصولية صحة وقوعها في طريق الاستنباط و كبرى للصغريات الجزئية حتى يستنتج النتيجة الفقهية.

هذا هو المشهور بين الأصوليين و تبعهم مشايخنا الأعلام (قدس سرهم)، و لكن تعرّضنا للخدشة فيه في كتابنا في الأصول، و أثبتنا أنّ المدار في كون المسألة أصولية صحة وقوعها في طريق الاعتذار للحكم الكلّي عند الشارع.

فيقال: هذا مما قامت عليه البراءة النقلية أو العقلية، و كلما قامت عليه البراءة يصح الاعتذار به لدى الشارع، فهذا مما يصح الاعتذار به لدى الشارع، و كذا بالنسبة إلى القواعد الفقهية. فالأخيرين كالأولى من المسائل الأصولية أيضا، و التفصيل مذكور في الأصول، فراجع كتابنا (تهذيب الأصول) ان شئت.

الثاني: الأمارات معتبرة لحكمة غلبة الكشف عن الواقع و التسهيل و التيسير و لو في صورة إمكان الوصول إليه، و لا كشف في الأخيرين، بل هما نفس الأحكام الظاهرية قد تصادف الواقع و قد تخالفه، و يصح الاعتذار بهما في كلتا الحالتين، و كل منهما مقدمة على الأصول. و قد يقع التعارض بين الأمارة و القاعدة فيؤخذ بالأرجح منهما. و يأتي التفصيل في المقامات المناسبة إن شاء اللّه تعالى.

الثالث: يصح أن يسمّى الأصل قاعدة و بالعكس، لأنّ مفاد كل منهما إنّما هو الحكم الشرعيّ و لا مشاحة في الاصطلاح، فيصح أن يقال: أصالة الصحة، أو يقال: قاعدة الصحة، و القواعد مقدمة على الأصول العامة الأربعة سواء سمّيت أصلا أم قاعدة. و كانت الكليات تسمّى في عصر الأئمة (عليهم السلام) أصلا، و يشهد له قوله (عليه السلام): «إنّما علينا أن نلقي إليكم الأصول و عليكم أن تفرّعوا»۱۰، و في بعض الأخبار: «قلت له (عليه السلام): «هذا أصل؟

قال (عليه السلام): نعم»۱۱.

الرابع: عن جمع من الأصوليين أنّ لوازم الأمارات حجة بخلاف الأصول و القواعد. أما الأول: فلأنّ الحجة على الشي‏ء حجة على لوازمه عرفا. و أما الأخيران فلأنّه ليس مفادهما إلّا نفس الحكم الشرعيّ من حيث هو، و مقتضي الأصل عدم اعتبار لوازمه و ملزوماته، و هذه الكلية التي قالوها لا دليل عليها من عقل أو نقل، فالمناط كله على الاستفادة العرفية و الأفهام المحاورية، فكل أصل كان اعتباره في مفاده المطابقيّ اعتبارا له في لوازمه العرفية تعتبر لوازمه أيضا، و كذا الأمارة. و كل أصل أو أمارة لا يكون كذلك لا اعتبار بلوازمها مطلقا. هذا و التفصيل يطلب من الأصول.

الخامس: لا ريب في تقدم الأمارات و القواعد على الأصول- حكمية كانت أو موضوعية- و السّر فيه أنّ اعتبار الأمارات و القواعد لحكمة الكشف عن الواقع، بخلاف اعتبار الأصول فإنّ اعتبارها إنّما هو في ظرف الجهل المحض، نعم بعض‏

الأصول برزخ بين الأمارة المحضة و الأصل المحض كالاستصحاب مثلا.

ثمَّ إنّ هذه القواعد لم تكن تذكر مستقلة في تأليف، بل لم تكن معنونة بصورة مستقلة، و إنّما كانت تذكر في المجامع الحديثية و الفقهية الأخبار التي يمكن أن يستفاد منها تلك القواعد، و إنّما حدث التأليف المستقل فيها لدى المتأخرين، و قد فصل القول فيها مع أنها لا تحتاج إلى التفصيل. و نحن نتعرض لجملة منها بما يقتضيه المجال مع تلخيص المقال و من اللّه العصمة و عليه الاتكال.

(قاعدة التجاوز و الفراغ) و البحث فيهما من‏ جهات: الأولى: قد ورد في اعتبارهما جملة من النصوص، منها: صحيحة محمد بن مسلم: «قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): رجل شك في الوضوء بعد ما فرغ من الصلاة. قال (عليه السلام): يمضي على صلاته و لا يعيد»۱۲، و صحيحة الآخر عنه (عليه السلام): «في الرجل يشك بعد ما ينصرف من صلاته قال (عليه السلام): «لا يعيد و لا شي‏ء عليه»۱۳، و صحيحته عن أبي جعفر (عليه السلام): «كل ما شككت فيه- بعد ما تفرغ من صلاتك- فامض و لا تعد»۱4 و موثقته: «سمعت أبا عبد اللّه (عليه السلام): يقول: كل ما مضى من صلاتك و طهورك فذكرته تذكرا فامضه و لا إعادة عليك فيه»۱٥، و موثقته الأخرى عن أبي جعفر (عليه السلام): «كل ما شككت فيه- مما قد مضى- فامضه كما هو»۱٦، و في صحيحه الآخر عن أبي عبد اللّه (عليه السلام): «إذا شك الرجل بعد ما صلّى فلم يدر أ ثلاثا صلى أم أربعا؟ و كان يقينه حين انصرف أنّه كان قد أتم لم يعد الصلاة، و كان حين انصرف أقرب إلى الحق منه بعد ذلك»۱۷، و موثق ابن أبي يعفور: «إنّما الشك إذا كنت في شي‏ء لم تجزه»۱۸.

و لا ريب في اعتبار هذه الأخبار، و اعتماد الأصحاب عليها قديما و حديثا، و يدل على اعتبارها في الجملة إجماع الإمامية.

و إنّما الكلام في أنّهما من القواعد التعبّديّة المؤسسة من قبل الشارع، أو من الأمور العقلائية التي قرّرها تسهيلا على العباد!! و الظاهر هو الأخير، لكونهما من صغريات أصالة عدم السهو و الغفلة في العامل المختار المجبولة عليها الفطرة في جميع الأعصار اعتنى بها الشارع في الصلاة امتنانا على الأمة و تيسيرا عليهم.

إن قيل: فعلى هذا لا بدّ و أن تجري في جميع الموارد من العبادات و المعاملات من دون اختصاص بالصلاة.

يقال: لم يجر بناء من العقلاء على إجراء أصالة عدم السهو و الغفلة مطلقا في جميع الأمور فلا بدّ من الاقتصار على المتيقن من مورد بنائهم، كما لو كان شخص مديونا لآخر إلى مدة معينة و بعد انقضاء المدة شك في أنّه سها عن الإعطاء أم لا؟، ليس بناء العقلاء على الحكم بفراغ الذمة، لأصالة عدم السهو و الغفلة، و كذا لو شك عامل مشغول بعمل متدرج الوجود و بعد الدخول في الجزء اللاحق شك في أنّه هل أتى بما سبقه أم لا؟ لم يستقر البناء على عدم التفحص لأصالة عدم السهو و الغفلة، إلى غير ذلك من الموارد، فهي معتبرة فيما اتفق عليه بناؤهم و آراؤهم، و في مورد الشك لا بد من الرجوع إلى قواعد أخرى، و لا ثمرة عملية في هذا النزاع بعد الشك في تعميم بناء العقلاء، و عدم استفادة التعميم من الأدلة الشرعية.

الثانية: أنّهما قاعدتان مستقلّتان أو قاعدة واحدة يعمل بأحدهما في أثناء العمل، و بالأخرى بعد الفراغ منه، و يصح إعمال التجاوز بعد الفراغ و الفراغ في الأثناء أيضا. الحق هو الأخير، لأنّه إما بناء على أنّهما من صغريات أصالة عدم السهو و النسيان فالأمر أوضح من أن يحتاج إلى البيان، و أما بناء على التعبدية المحضة فالجامع القريب العرفي ثبوتا و إثباتا إنّما هو الشك في انطباق المأتيّ به على المأمور به، و الشك في فراغ الذمة عما اشتغلت به، سواء كان ذلك في الأثناء أم بعد الفراغ، و مع وجود هذا الجامع القريب لا وجه لجعلهما قاعدتين مستقلّتين.

و توهّم: أنّ مورد قاعدة التجاوز إنّما هو الشك في أصل الوجود، و مورد

قاعدة الفراغ إنّما هو الشك في صحة الموجود و لا جامع بين مفاد كان التامة و الناقصة فلا وجه لجعلهما قاعدة واحدة.

فاسد: لأنّه تبعيد للمسافة و اعوجاج للسبيل من غير دليل. أما أولا: فلوجود الجامع بين مفاد كان التامة و كان الناقصة، و هو الشيئية المطلقة التي تعم جميع الموجودات من الممكن و الواجب. و أما ثانيا: فلأنه قياس بين التكوينيات الحقيقة الخارجية و الاعتباريات العرفية الشرعية التي تدور مدار صحة الاعتبار بأيّ نحو أمكن عرفا، فالجامع القريب مما ذكرناه موجود، و العرف عليه شاهد فهما قاعدة واحدة.

و كذا ما عن بعض مشايخنا من أنّ مورد الشك في قاعدة التجاوز جزء المركب، و في قاعدة الفراغ تمامه و أنّه يلزم التناقض في الدليل فإنّ قوله (عليه السلام): «إنّما الشك إذا كنت في شي‏ء لم تجزه»۱۹ لو عمّ الجزء و الكل فلو شك المصلّي في الحمد و هو في الركوع قد تجاوز محله مع أنّه باعتبار الشك في أصل الصلاة لم يتجاوز مخدوش: أما الأول: فلأنّ متعلق الشك في كل منهما نفس تفريغ الذمة و هو واحد بلا إشكال. و أما الثاني: فهو غريب جدا لتقوم التناقض بوحدة الموضوع، و هنا متعدد اعتبارا و حيثية، بل و حقيقة أيضا، فلا وجه لتوهم التناقض في مثل هذه الأمور الاعتبارية التي يصح اعتبارها بطرق شتّى. مع أنّه لا يترتب على الوحدة و التعدد ثمرة مهمة لا علمية و لا عملية، إلّا ما قيل في موارد و كلها مخدوشة:

منها: اعتبار الدخول في الغير في مورد قاعدة التجاوز، و يأتي ما يتعلق به، و على فرض اعتبار ذلك في مورد قاعدة التجاوز، فلا بأس بأن يعتبر في بعض مصاديق قاعدة واحدة خصوصية زائدة لقرينة خارجية من باب تعدد الدال و المدلول.

و منها: أنّ قاعدة الفراغ تجري في الوضوء بخلاف التجاوز: و فيه: أنّه لا ربط لذلك بالوحدة و التعدد و إنّما هو تخصيص لأصل هذه القاعدة في أثناء الوضوء

لدليل خارجي، و كم من قواعد كلية خصصت بدليل خاص.

و منها: أنّ قاعدة الفراغ تجري في الشك في الشرطية أيضا بخلاف قاعدة التجاوز، فاختلفوا في جريانها فيه.

و فيه- أولا: أنّه لا كلية لعدم جريان قاعدة التجاوز بالنسبة إلى الشك في الشرطية في الأثناء على ما يأتي تفصيله.

و ثانيا: أنّ عدم جريانها من التخصص لا التخصيص، كما أنّ قاعدة الفراغ تجري في الشك في الطهارة بالنسبة إلى صلاة الظهر، و لكن يجب استئناف الطهارة لصلاة العصر مع ذلك.

الثالثة: هل يعتبر الدخول في الغير في مورد قاعدة التجاوز أم لا، فلا أثر للشك بعد عروضه و لو لم يدخل في الغير؟ و البحث فيه تارة بحسب الأصل، و أخرى بحسب الاعتبار، و ثالثة بحسب الأخبار، و رابعة بحسب كلمات الأصحاب.

أما الأولى: فمقتضى أصالة عدم السهو و الغفلة و بقاء الإرادة الارتكازية النفسانية للمركب عدم اعتبار الدخول في الغير. و منه يظهر البحث عن الجهة الثانية أيضا، لأنّه بعد انطواء الأجزاء في إرادة الكل إرادة لها و داعية إلى إتيانها، فمع كونها مرادة بهذا النحو و توجّه النفس إلى إتيان الكل لا وجه لاعتبار الشك بعد ذلك سواء دخل في الغير أم لا.

و أما الجهة الثالثة: فمقتضى أصالة الإطلاق في جملة من الأخبار عدم الاعتبار أيضا، كصحيح ابن الحجاج عن الكاظم (عليه السلام): «تبني على اليقين و تأخذ بالجزم و تحتاط بالصلوات كلها»۲۰، فإنّ إطلاق قوله (عليه السلام) «و تأخذ بالجزم» ينفي ترتيب الأثر على كل شك مطلقا إلّا إذا دل دليل معتبر على التقييد بشي‏ء بالخصوص، و كصحيح ابن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام): «سألته عن رجل ركع و سجد و لم يدر هل كبّر أو قال شيئا في ركوعه و سجوده هل يعتد بتلك الركعة و السجدة؟ قال (عليه السلام): إذا شك فليمض في صلاته»۲۱ فإنّ‏

إطلاقه يشمل الدخول في الغير و عدمه، و كصحيح ابن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام): «كلما شككت فيه مما قد مضى فامضه كما هو»۲۲.

هذه جملة من الأخبار التي يمكن أن يستفاد منها عدم اعتبار الدخول في الغير، و يشهد له ما ورد من أنّ هذا الشك من الشيطان كما يأتي في موثق الفضل بن شاذان فلا بدّ و أن يدافع معه بأيّ وجه أمكن‏۲۳.

و هناك جملة أخرى من الأخبار يمكن أن يستفاد منها اعتبار الدخول في الغير، كصحيح حريز عن زرارة قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): «رجل شك في الأذان و قد دخل في الإقامة، قال (عليه السلام): يمضي. قلت: رجل شك في الأذان و الإقامة و قد كبّر، قال (عليه السلام): يمضي. قلت: رجل شك في التكبير و قد قرأ، قال (عليه السلام): يمضي. قلت: شك في القراءة و قد ركع قال (عليه السلام):

يمضي، قلت: شك في الركوع و قد سجد، قال (عليه السلام): يمضي على صلاته، ثمَّ قال: يا زرارة إذا خرجت من شي‏ء ثمَّ دخلت في غيره فشكك ليس بشي‏ء»۲4، و موثقة حماد بن عثمان: «قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): أشك و أنا ساجد فلا أدري ركعت أم لا؟. قال (عليه السلام): امض»۲٥، و موثق فضيل بن يسار: «قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): أستتم قائما فلا أدري ركعت أم لا؟

قال (عليه السلام): بلى قد ركعت فامض في صلاتك، فإنّما ذلك من الشيطان»۲٦ و موثق إسماعيل بن جابر: «قال أبو جعفر (عليه السلام): إن شك في الركوع بعد ما سجد فليمض، و إن شك في السجود بعد ما قام فليمض كل شي‏ء شك فيه مما قد جاوزه و دخل في غيره فليمض عليه»۲۷، و صحيح محمد بن مسلم: «عن أبي جعفر (عليه السلام): في رجل شك بعد ما سجد أنّه لم يركع، فقال (عليه السلام): يمضي في صلاته حتّى يستيقن»۲۸، و صحيح عبد الرحمن ابن أبي عبد اللّه: «قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): رجل أهوى إلى السجود فلم يدر أركع أم لم يركع، قال (عليه السلام): قد ركع»۲۹.

و أمثال هذه الأخبار مما ورد في أبواب الوضوء۳۰. و لكن يمكن المناقشة في ذلك بأنّ ما ورد في الركوع غير خبر ابن جابر إنّما ورد ذلك في مورد فرض سؤال السائل، و قد ثبت أنّ المورد لا يكون مخصصا للحكم، خصوصا مع إطلاق التعليل بقوله (عليه السلام): «إنّما ذلك من الشيطان»، و ما نراه بالوجدان من أنّ مثل هذه الشكوك إنّما هو من وساوس النفس التي هي من أقوى جنود الشيطان.

و أما الأخبار التي لها ظهور في اعتبار الدخول في الغير فيحتمل أن يكون للدخول في الغير موضوعية خاصة في الحكم بالمضيّ، و يحتمل أن يكون اعتباره لأجل كشفه عن مضيّ المحل الشرعيّ فلا اعتبار بالشك حينئذ، و يحتمل أن يكون كاشفا عن بقاء الإرادة الإجمالية الارتكازية بالنسبة إلى المركب و أجزائه و شرائطه فوجد المشكوك مستندا إلى تلك الإرادة فلا ينبغي أن يعتني بالشك، و مع وجود هذه الاحتمالات لا ترجيح لخصوص الاحتمال الأول.

مضافا إلى أنّ هذا الشك بطبعه إنّما يحصل بعد الدخول في الجزء اللاحق، إذ لو حصل في المحل لكان داعيا إلى الاستئناف بالفطرة مع أنّ كون الحكم تسهيليا امتنانيا يقتضي التيسير فيه مطلقا، فالجزم باعتبار الدخول في الغير بنحو الموضوعية مشكل جدّا، فيكفي مضيّ المحل فقط و هو حاصل بإرادة إتيان الغير دخل فيه أم لم يدخل.

و أما الجهة الرابعة: فيظهر من كلماتهم التسالم على اعتبار الدخول في الغير، و لكن الظاهر بل المعلوم استناده إلى ما بين أيدينا من الأخبار فيشكل الاعتماد عليه.

الرابعة: اختلف الفقهاء (قدس سرّهم) في أنّ الغير- على فرض اعتبار الدخول فيه- هل يعتبر أن يكون من الأجزاء المستقلّة، أو يكفي كونه من جزء الجزء أيضا، أو يكفي كونه مقدمة الغير أيضا، كالهويّ للركوع أو السجود- مثلا-؟

فمن قائل بالأول جمودا على صدر صحيح زرارة، و من قائل بالثاني جمودا على قوله (عليه السلام) في مقام بيان القاعدة الكلية: «إذا شككت في شي‏ء من الوضوء

و دخلت في غيره فشكك ليس بشي‏ء»۳۱ فإنّ لفظ غير متوغّل في الإبهام و الإجمال، فيشمل الجميع و لا وجه لحمله على صدره، لفرض أنّه في مقام الضابطة الكلية، و مورد السؤال لا يكون مخصصا لما سيق مساق القاعدة الكليّة.

و استدل‏ للأخير بما مرّ من صحيح عبد الرحمن حيث ذكر فيه الهويّ إلى السجود، فيكون مؤيّدا لاستفادة التعميم من لفظ الغير، مع إطلاق قوله (عليه السلام): «كلما شككت فيه ممّا قد مضى فامضه كما هو» فإنّه أيضا مطلق، و قد ورد لبيان القاعدة الكليّة و لا موجب لتقييده، و قد مرّ سقوط هذا البحث من أصله و كفاية مجرّد مضيّ المحل و بقاء الإرادة الإجمالية الارتكازية، و بقاء هذه الإرادة يكفي فيه الاستصحاب، و لا نحتاج إلى ما تكلفه الأصحاب، و هذه الأخبار وردت على طبق هذا الاستصحاب، و هو مقدّم على أصالة عدم الإتيان، كما هو شأن كل استصحاب موضوعيّ بالنسبة إلى كل أصل حكميّ.

الخامسة: الفراغ عن الشي‏ء تارة: واقعي حقيقي، و أخري: ظاهريّ شرعيّ، و ثالثة: اعتقاديّ بحسب مرتكزات المتشرعة، و رابعة: بنائيّ بحسب نظر العامل. و الظاهر شمول الأدلّة للجميع، لأنّه أقرب إلى الامتنان و أبعد عن إطاعة الشيطان، و البحث عن اعتبار الدخول في الغير و عدمه تقدم في الأمر الرابع فلا وجه للإعادة، بل هنا أسهل، لإطلاق قوله (عليه السلام): «الرجل يشك بعد ما يتوضأ؟ قال (عليه السلام): هو حين ما يتوضأ أذكر منه حين يشك» فإنّ إطلاق صدره و ذيله ممّا لا ريب في شموله لجميع الصور.

و أمّا قول أبي جعفر (عليه السلام) في صحيح زرارة: «فإذا قمت من الوضوء و فرغت منه و قد صرت في حال أخرى في الصلاة أو في غيرهما فشككت في بعض ما سمّي اللّه ممّا أوجب اللّه عليك فيه وضوءه لا شي‏ء عليك فيه»۳۲.

فإنّه يحتمل في قوله (عليه السلام): «و قد صرت في حالة أخرى» الوجوه‏

الثلاثة التي تقدّم ذكرها، و لا قرينة فيه لاعتبار الدخول في الغير بنحو الموضوعيّة الصّرفة.

السادسة: هل القاعدة تشمل التجاوز عن المحل العادي أيضا؟ قولان يظهر عن جميع الأخير.

و خلاصة ما قالوا في وجه ذلك: أنّ القاعدة شرعية، و الأمثلة المذكورة في الأخبار أيضا شرعية، فيرجع في غيره إلى أصالة عدم الإتيان.

و فيه- أولا: ما تقدّم من عدم كونها تعبديّة، بل هي من صغريات أصالة عدم السهو و الغفلة، و أصالة البقاء على الإرادة الارتكازية الأولية.

و ثانيا: إنّه لا وجه للرجوع إلى أصالة عدم الإتيان، بل المرجع أصالة بقاء الإرادة الإجمالية الارتكازية الثابتة حين الشروع في العمل المنبسطة على جميع الأجزاء و أجزائها و مقدماتها بنحو الجملة و الإجمال و حين الشك في زوالها يرجع إلى أصالة بقائها.

و ثالثا: أنّ ما ذكر في الأدلّة إنّما هو من باب الغالب و المثال، فلا وجه للجمود و الاختصاص به. نعم، مع الشك في صدق الأدلة الشرعية لا يصح التمسك بها، لأنّه حينئذ من التمسك بالدليل في الموضوع المشكوك، فيرجع إلى أصالة عدم الغفلة و السهو عمّا أراد، فإذا كان من عادته قراءة بعض الآيات بعد تمام الفاتحة قبل الشروع في السورة فدخل في السورة، و شك في أنّه هل قرأ الآية الخاصة أم لا؟ تجري القاعدة بالنسبة إليها أيضا إن كان مريدا لقراءتها حين الشروع في الصلاة بالإرادة الإجمالية الارتكازية كسائر ما يقرأ في الصلاة من واجباتها و مندوباتها.

و أمّا ما يتوهم من أنّه لو كان المحل العادي معتبرا و جرت فيه القاعدة للزوم الحكم بالطهارة فيما إذا كانت عادته الوضوء بعد الحدث الأصغر و الغسل بعد الأكبر مع أنّهم لا يقولون به. فلا وجه له لأنّ مورد قاعدة التجاوز و الفراغ هو الشك في انطباق المأتيّ به على المأمور به فقط و يتمحض الشك في ذلك، و في المثال يكون الشك في أصل الوجود لا في انطباق المأتيّ به على المأمور به.

إن قيل: إنّ في قاعدة التجاوز يكون الشك في أصل الوجود فتجري فيه القاعدة، فليكن المقام أيضا كذلك.

يقال: إنّ في مورد التجاوز أيضا يكون الشك في انطباق مجموع المأتيّ به على المأمور به، و لا يلاحظ خصوص المشكوك من حيث هو لأنّه تبع للكل فالمناط ملاكا و خطابا و انطباقا على المأمور به إنّما هو على الكل.

السابعة: لا ريب في جريان قاعدة التجاوز بالنسبة إلى شرائط الأجزاء كالجهر و الإخفات و الموالاة و أداء الكلمات على الطريقة المعتبرة، للعموم و الإطلاق، و ظهور الاتفاق. و لكن في جريانها بالنسبة إلى الطهارة و الاستقبال و الستر و نحوها ممّا هو شرط للصلاة كلام.

فعن جمع من الفقهاء (قدّس سرّهم) منهم صاحب المدارك صحة الجريان، للعموم و الإطلاق، و التسهيل و الامتنان، و هو الذي تقتضيه أصالة عدم السهو و النسيان. و عن بعض آخر عدم الجريان.

و خلاصة دليلهم‏ على طوله: أنّه لا محل لها حتّى يصدق التجاوز عن المحل، و أنّ قاعدة التجاوز إنّما تتكفل تصحيح ما مضى فقط لا ما يأتي، فيرجع في ما يأتي إلى الأصل.

و الخدشة فيهما ظاهرة. أمّا قضيّة اعتبار مضيّ المحل فلا ريب في الصدق، لأنّ المحل الشرعيّ بحسب ظواهر الأدلة القولية و البيانية إنّما هو قبل الصلاة، فراجع صحيح حماد و صحيح حريز و غيرهما۳۳ من الأدلة. و كذا عند المتشرعة خلفا عن سلف حيث إنّهم يرون المحل الشرعيّ لمثل هذه الشرائط قبل التلبس بالصلاة.

و أمّا أنّ القاعدة لتصحيح ما مضي و لا تتكفل لما يأتي، فلا أصل له من عقل أو نقل، بل هي لتصحيح المأتيّ مطلقا. نعم، لو كان المراد بما يأتي به عملا مستقلا، كالعصر بالنسبة إلى الظهر فهذه القواعد ساكتة عنه مطلقا، فلا بدّ من الرجوع إلى الأصل حينئذ.

الثامنة: مورد جريان القاعدتين ينحصر بخصوص صورة الشك. و أمّا من احتمل الترك عمدا أو عن جهل بالحكم أو الموضوع أو لأجل الاضطرار أو نحوه،

فلا تشملها القاعدة جمودا على لفظ الشك الوارد في أدلّتها، فلا بد من العمل بالقواعد الأخرى من أصالة الصحة و نحوها، و طريق الاحتياط هو العود و التدارك رجاء ما لم يكن محذور في البين، و يأتي التفصيل في الفروع الآتية إن شاء اللّه تعالى و منه نستمد العون و التوفيق.

التاسعة: لا يعتبر في مجرى قاعدة الفراغ الدخول في الغير، لإطلاق جملة من الأخبار، و ما في بعضها، كقوله (عليه السلام): «و قد صرت في حالة أخرى» يأتي فيه جميع الوجوه المزبورة في قاعدة التجاوز فيكفي فيها مجرّد الفراغ إمّا واقعا أو شرعا أو بناء أو وجدانا بأن يجد نفسه فارغا عن العمل، و مع الشك في ذلك كله فلا مجرى لها حينئذ، لأنّ التمسّك بدليلها يكون من التمسك بالدليل في الموضوع المشتبه، فالمرجع قاعدة الاحتياط. هذه خلاصة ما يتعلّق بالمقام و من اللّه الاعتصام.

(مسألة ۱۰): إذا شكّ في شي‏ء من أفعال الصّلاة، فإما أن يكون قبل الدخول في الغير المرتب عليه. و إما أن يكون بعده، فإن كان قبله وجب الإتيان (۳۳)، كما إذا شكّ في الركوع و هو قائم، أو شكّ في السجدتين- أو السجدة الواحدة- و لم يدخل في القيام، أو التشهّد، و هكذا لو شكّ في تكبيرة الإحرام و لم يدخل فيما بعدها، أو شكّ في الحمد و لم يدخل في السورة، أو فيها و لم يدخل في الركوع، أو القنوت و إن كان بعده لم يلتفت و بنى على أنّه أتى به من غير فرق بين الأولتين و الأخيرتين على الأصح (۳٤). و المراد بالغير مطلق الغير (۳٥) المترتب على الأول- كالسورة بالنسبة للفاتحة- فلا يلتفت إلى الشّك فيها و هو آخذ في السورة، بل و لا إلى أول الفاتحة أو السورة و هو في آخرهما بل و لا إلى الآية و هو في الآية المتأخّرة، بل و لا إلى أول الآية و هو في آخرها، و لا فرق بين أن يكون ذلك الغير جزءا واجبا، أو مستحبا كالقنوت بالنسبة إلى الشكّ في السورة، و الاستعاذة بالنسبة إلى تكبيرة الإحرام، و الاستغفار بالنسبة إلى التسبيحات الأربعة، فلو شكّ في شي‏ء من المذكورات بعد الدخول في أحد المذكورات لم يلتفت، كما أنّه لا فرق في المشكوك فيه أيضا بين الواجب و المستحب (۳٦). و الظاهر عدم الفرق بين أن يكون ذلك الغير من الأجزاء أو مقدماتها (۳۷)، فلو شكّ في الركوع أو الانتصاب منه بعد الهوي للسجود لم يلتفت. نعم، لو شكّ في السجود و هو آخذ في القيام وجب عليه‏ العود (۳۸)، و في إلحاق التشهّد به في ذلك وجه (۳۹) إلّا أنّ الأقوى خلافه (٤۰). فلو شكّ فيه بعد الأخذ في القيام لم يلتفت و الفارق النص (٤۱) الدال على العود في السجود، فيقتصر على مورده و يعمل بالقاعدة في غيره (٤۲).

لقاعدة الاشتغال بلا دليل حاكم عليها، و جميع ما ذكره من الأمثلة داخل تحت هذه القاعدة، فلا وجه للتطويل في بيان الدليل لكل واحد منها.

لظهور الغير في الإطلاق و التعميم ما لم يكن قرينة على الخلاف و ذكر الأجزاء المستقلّة ليس من القرينة على الخلاف، لأنّه من باب الغالب لا التخصيص في هذا الأمر التسهيليّ، و إلّا لأشير إليه في نص مخصوص، فالخبر الآخر لعبد الرحمن ورد على طبق إطلاق الغير- كما تقدّم- (٤۱) و هو صحيح عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: «قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): رجل رفع رأسه عن السجود فشكّ قبل أن يستوي جالسا فلم يدر أسجد أم لم يسجد؟ قال: يسجد، قلت: فرجل نهض من سجوده فشكّ قبل أن يستوي قائما فلم يدر أسجد أم لم يسجد؟ قال (عليه السلام): يسجد»۳۸، و لكن يمكن حمل الصحيح في مورده على الندب.

لما مرّ من قاعدة التجاوز التي هي من القواعد التسهيلية في هذا التكليف العام البلوى لعامة الناس و هذا هو المشهور، بل لم يعرف الخلاف إلّا من الشيخين، و ابن حمزة، و العلامة في التذكرة على إشكال في استظهار الخلاف منهم، و مستند التعميم إطلاق أدلة القاعدة، مع أنّ صحيح زرارة ظاهر في‏

الأولتين‏۳4 و مستند التخصيص بالأخيرتين إطلاق جملة من الأخبار الدالة على أن الأولتين لا يدخلهما الشك، فراجع روايات الباب‏۳٥.

و يرد بأنّ المنساق من الشك- الذي لا يدخل في الأولتين- الشك في خصوص الركعات فقط دون غيرها، مع أنّ عدّ العلامة من المخالف مشكل، لكثرة اختلاف فتواه كما لا يخفى على من راجع كتبه.

مرّ ما يتعلّق به سابقا فراجع، بل قد مرّ إمكان استظهار عدم اعتبار الدخول في الغير.

لظهور الإطلاق، مع التمثيل لكل منهما فيما مرّ من صحيح زرارة.

جمودا على إطلاق الغير، و قد مرّ ما يتعلّق به سابقا.

لصحيح عبد الرحمن- في حديث-: «رجل نهض من سجوده فشكّ قبل أن يستوي قائما فلم يدر أسجد أم لم يسجد؟ قال: يسجد»۳٦ و هو ظاهر في خروج المقدمات، و يمكن حمله على الندب بقرينة خبره الآخر قال:

«قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): رجل أهوى إلى السجود فلم يدر أركع أم لم يركع؟ قال: قد ركع»۳۷، أو حمله على أول مرتبة من النهوض بحيث يكون المحل باقيا عند المصلين و يصدق عدم التجاوز عندهم، فإنّ إطلاق الغير في هذا الأمر الامتناني التسهيلي غير قابل للتقييد، مع توغل هذه الكلمة في الإهمال و الإجمال من كل جهة.

لاحتمال أن يكون ذكر السجود من باب المثال فيشمل التشهد أيضا، فلو كان آخذا في القيام و شكّ في التشهد يرجع.

(مسألة ۱۱): الأقوى جريان الحكم المذكور في غير صلاة المختار (٤۳)، فمن كان فرضه الجلوس مثلا و قد شكّ في أنّه هل سجد أم لا و هو في حال الجلوس الذي هو بدل عن القيام لم يلتفت (٤٤)، و كذا إذا شكّ في التشهّد. نعم، لو لم يعلم أنّه الجلوس الذي هو بدل عن القيام، أو جلوس للسجدة، أو للتشهّد وجب التدارك، لعدم إحراز الدخول في الغير حينئذ (٤٥).

لأنّ المنساق من الأدلّة و المرتكز في أذهان المتشرّعة أنّ صلاة غير المختار عين صلاة المختار في جميع الأجزاء، و الشرائط، و الأحكام و الخصوصيات، إلّا ما سقط بالاضطرار، أو دلّ دليل على السقوط بالخصوص، و مقتضى العموم و الإطلاق في أدلّة القاعدة- التسهيلية الامتنانية- الجارية في الصلاة ذلك أيضا، و لا فرق بين كون صلاة المضطر بدلا عن صلاة المختار، أو أنّه أسقط الشارع جملة من الواجبات عن صلاة المضطر، لأنّ المنساق من أدلّة الأحكام التسهيلية الامتنانية في الصلاة أنّها أحكام الطبيعة ما يسمّى بالصلاة مطلقا سواء قلنا بالصحيح أم الأعم، لأنّ للصحيح أيضا مراتب كثيرة جدّا، فلا وجه لما في الجواهر من التفصيل فراجع.

إذا توجه و لو في الجملة إلى أنّه لو كان مختارا لكان قائما و أنّ هذا الجلوس بمنزلته، و أمّا لو كان شاكا فيأتي حكمه بعد ذلك، و إلى ذلك يرجع ما عن بعض مشايخنا (رحمهم اللّه) في الحاشية من أنّه لا يكون القيام بدلا إلّا مع الشروع في القراءة أو التسبيحات.

فيكون التمسك بدليل القاعدة حينئذ من التمسّك بالعام في الشبهة المصداقية، و يمكن استصحاب بقاء المحل و عدم الدخول في الغير، فيجب الإتيان حينئذ لإحراز عدم الدخول في الغير بواسطة الأصل‏

إن قلت: كيف يجري الأصل مع تقدم القاعدة عليه.

قلت: نعم، و لكن في مورد ثبوت جريانها لا فيما إذا لم تجر كما في المقام، فيجري الأصل حينئذ بلا كلام.

(مسألة ۱۲): لو شكّ في صحة ما أتى به و فساده لا في أصل الإتيان، فإن كان بعد الدخول في الغير، فلا إشكال في عدم الالتفات (٤٦). و إن كان قبله، فالأقوى عدم الالتفات أيضا (٤۷) و إن كان الأحوط الإتمام و الاستئناف إن كان من الأفعال (٤۸) و التدارك إن كان من القراءة أو الأذكار ما عدا تكبيرة الإحرام (٤۹).

لعدم تفرقة العرف بين الشك في صحة الموجود و الشك في أصل الوجود، فيشمله إطلاق الدليل خصوصا قاعدة الفراغ التي موردها الشك في صحة الموجود كما مرّ. نعم، الغالب في مورد قاعدة التجاوز هو الشك في أصل الوجود و هو المذكور في أخبارها أيضا- كما تقدّم- و ذلك لا يصلح لتقييد المطلقات، مضافا إلى ما تقدّم من أنّها من صغريات أصالة عدم الغفلة و النسيان، و لا فرق حينئذ بينهما كما هو معلوم.

لأصالة الصحة عند الشك فيها، مضافا إلى أصالة عدم السهو و الغفلة عنها، مع أنّه قد تقدّم إمكان استظهار عدم اعتبار الدخول في الغير، و لكن الأحوط الرجوع و الإتيان رجاء مثل القراءة و الأذكار.

إن كانت الأفعال غير الركوع و السجود و دخل في الغير ثمَّ شك في الصحة له أن يرجع و يأتي بها رجاء و لا يجب عليه ذلك، و لا شي‏ء عليه مع عدم الرجوع لجريان القاعدة حينئذ بلا إشكال. و إن لم يدخل في الغير، فمقتضى أصالة الصحة، و ما مرّ من إمكان استفادة عدم اعتبار الدخول في الغير عدم وجوب الاستئناف، و لكن الأحوط أن يأتي به رجاء. و إن كانت الركوع و السجود و شك في الصحة بعد الدخول في الغير مضى على شكه و لا شي‏ء عليه و إن كان الأحوط الإتمام ثمَّ الإعادة. هذا إذا كان الشك في أصل صحتهما، و أمّا إن كان الشك في واجباتهما من الذكر و الطمأنينة و غيرهما، فالظاهر خروج ذلك عن فرض المقام،

لأنّها واجبات فيهما لا أن تكون شرطا لصحتهما، فيكون من خروج المحل حينئذ قطعا.

مرّ ما يتعلّق به في [مسألة ۱٦] من (فصل تكبيرة الإحرام) و الأحوط فيه الإتمام و الإعادة.

(مسألة ۱۳): إذا شكّ في فعل قبل دخوله في الغير، فأتى به ثمَّ تبيّن بعد ذلك أنّه كان آتيا به، فإن كان ركنا بطلت الصّلاة (٥۰) و إلّا فلا (٥۱). نعم، يجب عليه سجدتا السهو للزيادة (٥۲)، و إذا شكّ بعد الدخول في الغير، فلم يلتفت ثمَّ تبيّن عدم الإتيان به، فإن كان محلّ تدارك المنسيّ باقيا بأن لم يدخل في ركن بعده تداركه (٥۳)، و إلّا فإن كان ركنا بطلت الصّلاة (٥٤) و إلّا فلا (٥٥)، و يجب عليه سجدتا السهو للنقيصة (٥٦).

لزيادة الركن واقعا، و الأمر الاعتقادي لا أثر له بعد ظهور الخلاف لو لم نقل باختصاص ما دلّ على أنّ زيادة الركن توجب البطلان بغير الفرض.

لأصالة الصحة، و عدم المانعية، و عدم وجوب الإعادة و القضاء.

سيأتي ما يتعلّق بوجوبها لكل زيادة و نقيصة في محله إن شاء اللّه تعالى.

لإطلاق دليل وجوبه، و قاعد الاشتغال، مع وجود المقتضي للتدارك و فقد المانع عنه.

لزيادة الركن، و قد مرّ أنّ زيادته مطلقا توجب البطلان لو لم نقل باختصاص دليل البطلان بغير الفرض.

لما مرّ من أنّ زيادة غير الركن لا توجب البطلان للأصول التي مرّت الإشارة إليها.

يأتي ما يتعلّق بها إن شاء اللّه تعالى في محله.

(مسألة ۱٤): إذا شكّ في التسليم، فإن كان بعد الدخول في صلاة أخرى، أو في التعقيب، أو بعد الإتيان بالمنافيات لم يلتفت (٥۷) و إن كان قبل ذلك أتى به (٥۸).

بلا إشكال فيه حينئذ و قد تقدّم ما يتعلّق به فراجع.

لقاعدة الاشتغال إن لم يجد نفسه فارغا عن الصلاة و إلّا فلا يجب و إن كان أحوط.

(مسألة ۱٥): إذا شكّ المأموم في أنّه كبّر للإحرام أم لا؟ فإن كان بهيئة المصلّي جماعة- من الإنصات و وضع اليدين على الفخذين و نحو ذلك- لم يلتفت (٥۹) على الأقوى، و إن كان الأحوط الإتمام و الإعادة (٦۰).

لظهور حاله حينئذ في التلبس بالجماعة، فيتحقق الدخول في الغير، فتجري قاعدة التجاوز.

لاحتمال أن يكون التلبس بالهيئة أعمّ من الدخول في الجماعة.

(مسألة ۱٦): إذا شكّ و هو في فعل في أنّه هل شكّ في بعض الأفعال المتقدمة أم لا؟ لم يلتفت (٦۱)، و كذا لو شكّ في أنّه هل سها أم لا؟ و قد جاز محلّ ذلك الشي‏ء الذي شكّ في أنّه سها عنه أو لا. نعم، لو شكّ في السهو و عدمه و هو في محلّ يتلافي فيه المشكوك فيه أتى به على الأصح (٦۲).

لأنّه إن كان بلحاظ الشك السابق، فمقتضى الأصل عدم حدوثه و إن كان بلحاظ الشك الفعليّ، فلا اعتبار به للتجاوز، و كذا الكلام فيما لو شكّ في أنّه سها في السابق أم لا.

لكونه من الشك في المحل حينئذ لو لم نقل بانصراف الشك الذي يتدارك في المحل عن مثله، أو شمول قولهم (عليهم السلام): «لا سهو في سهو»۳۹ لمثله و الأول غير بعيد و يأتي ما يتعلق بالثاني إن شاء اللّه تعالى في محله.

  1. الوسائل باب: ٦۰ من أبواب المواقيت حديث: ۱.
  2. الوسائل باب: ٦۰ من أبواب المواقيت حديث: ۲
  3. تقدّم في صفحة ۲۱٦.
  4. راجع ج: ٥ من هذا الكتاب صفحة: ۹۰ و في الوسائل باب: ۱ من أبواب المواقيت.
  5. الوسائل باب: ۲۳ من أبواب الخلل في الصلاة حديث: ۳.
  6. راجع الوسائل باب: ۱۱ من أبواب قضاء الصلوات.
  7. راجع الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۲ و غيره.
  8. راجع الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۲ و غيره.
  9. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب مقدّمات العبادات.
  10. الوسائل باب: ٦ من أبواب صفات القاضي حديث: ٥۱.
  11. الوسائل باب: ۸ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۲.
  12. الوسائل باب: 4۲ من أبواب الوضوء حديث ٥.
  13. الوسائل باب: ۲۷ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۱.
  14. الوسائل باب: ۲۷ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۲.
  15. الوسائل باب: 4۲ من أبواب الوضوء حديث: ٦.
  16. الوسائل باب: ۲۳ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۳.
  17. الوسائل باب: ۲۷ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۳.
  18. الوسائل باب: 4۲ من أبواب الوضوء حديث: ۲.
  19. الوسائل باب: 4۲ من أبواب الوضوء حديث: ۱.
  20. الوسائل باب: ۲۳ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۲.
  21. الوسائل باب: ۲۳ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۹.
  22. الوسائل باب: ۲۳ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۳
  23. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۲.
  24. الوسائل باب: ۲۳ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۱.
  25. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب الركوع حديث: ۱.
  26. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب الركوع حديث: ۳.
  27. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب الركوع حديث: 4.
  28. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب الركوع حديث: ٥.
  29. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب الركوع حديث: ٦.
  30. الوسائل باب: 4۲ من أبواب الوضوء.
  31. الوسائل باب: 4۲ من أبواب الوضوء حديث: ۲.
  32. الوسائل باب: 4۲ من أبواب الوضوء حديث: ۷.
  33. تقدّم في صفحة: ۲۳۰.
  34. الوسائل باب: ۲۳ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۱. و غيره من روايات الباب.
  35. الوسائل باب: ۲۳ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۱. و غيره من روايات الباب.
  36. الوسائل باب: ۱٥ من أبواب السجود حديث: ٦
  37. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب الركوع حديث: ٦.
  38. الوسائل باب: ۱٥ من أبواب السجود حديث: ٦.
  39. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: ۲.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"