1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. کتاب الصلاة
  10. /
  11. فصل في السجود
و حقيقته وضع الجبهة (۱) على الأرض بقصد التعظيم و هو أقسام: السجود للصلاة (۲)، و منه قضاء السجدة المنسية، و للسهو (۳)، و للتلاوة، و للشكر (٤)، و للتذلل و التعظيم (٥). أما سجود الصلاة، فيجب في كلّ ركعة من الفريضة و النافلة سجدتان (٦) و هما معا من الأركان (۷)، فتبطل بالإخلال بهما معا، و كذا بزيادتهما معا في الفريضة عمدا كان، أو سهوا أو جهلا (۸). كما أنّها تبطل بالإخلال بإحداهما عمدا، و كذا بزيادتها (۹). و لا تبطل على الأقوى بنقصان واحدة، و لا بزيادتها سهوا (۱۰). و واجباته أمور: أحدها: وضع المساجد السبعة على الأرض (۱۱) و هي: الجبهة، و الكفان، و الركبتان، و الإبهامان من الرجلين، و الركنية تدور مدار وضع الجبهة (۱۲)، فتحصل الزيادة و النقيصة به دون سائر المساجد، فلو وضع الجبهة دون سائرها تحصيل الزيادة، كما أنّه لو وضع سائرها و لم يضعها يصدق تركه. الثاني: الذكر و الأقوى كفاية مطلقه (۱۳). و إن كان الأحوط اختيار التسبيح على نحو ما مر في الركوع، إلا أنّ في التسبيحة الكبرى يبدل العظيم بالأعلى (۱٤). الثالث: الطمأنينة (۱٥) فيه بمقدار الذكر الواجب، بل المستحب أيضا (۱٦) إذا أتى بقصد الخصوصية، فلو شرع في الذكر قبل الوضع (۱۷) أو الاستقرار عمدا بطل أو أبطل. و إن كان سهوا وجب التدارك إن تذكر قبل رفع الرأس، و كذا لو أتى به حال الرفع أو بعده و لو كان بحرف واحد منه فإنّه مبطل إن كان عمدا و لا يمكن التدارك إن كان سهوا إلا إذا ترك الاستقرار و تذكر قبل رفع الرأس. الرابع: رفع الرأس منه (۱۸). الخامس: الجلوس بعده (۱۹) مطمئنا (۲۰) ثمَّ الانحناء للسجدة الثانية. السادس: كون المساجد السبعة في محالّها إلى تمام الذكر (۲۱)، فلو رفع بعضها بطل (۲۲) و أبطل إن كان عمدا و يجب تداركه إن كان سهوا (۲۳). نعم، لا مانع من رفع ما عدا الجبهة في غير حال الذكر ثمَّ وضعه عمدا كان أو سهوا من غير فرق بين كونه لغرض حك الجسد و نحوه أو بدونه (۲٤). السابع: مساواة موضع الجبهة للموقف (۲٥) بمعنى عدم علوّه أو انخفاضه أزيد من مقدار لبنة (۲٦) موضوعة على أكبر سطوحها (۲۷) أو أربع أصابع (۲۸) مضمومات و لا بأس بالمقدار المذكور (۲۹)، و لا فرق‏ في ذلك بين الانحدار و التسنيم (۳۰). نعم، الانحدار اليسير لا اعتبار به، فلا يضر معه الزيادة على المقدار المذكور (۳۱) و الأقوى عدم اعتبار ذلك (۳۲) في باقي المساجد لا بعضها مع بعض، و لا بالنسبة إلى‏ الجبهة، فلا يقدح ارتفاع مكانها أو انخفاضه ما لم يخرج به السجود عن مسماه. الثامن: وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه من الأرض و ما نبت منها غير المأكول و الملبوس على ما مر في بحث المكان (۳۳). التاسع: طهارة محلّ وضع الجبهة (۳٤). العاشر: المحافظة على العربية و الترتيب و الموالاة في الذكر (۳٥).

السجود: من المفاهيم المبينة العرفية عند كلّ مذهب و ملة و هو:

الانكباب على الأرض في الجملة بقصد التعظيم و الظاهر أنّ ترتب التعظيم و التخضع انطباقي قهري و ليس مقوّما بالقصد، فيكفي قصد نفس السجود و إن لم يقصد التعظيم، فيترتب عليه التعظيم قهرا. نعم، لا إشكال في أنّ قصد الخلاف مانع عن تحققه، و الظاهر عدم اعتبار الوضع على الأرض أو ما أنبتته في مفهومه العرفي، بل قد يشكل في اعتبار خصوص وضع الجبهة فيه أيضا، فيكفي وضع الخد أيضا، لصدق المعنى اللغوي بالنسبة إليه، لأنّ السجود في اللغة الميل و الخضوع، و التطامن، و التذلل و كلّ شي‏ء ذل فقد سجد، و منه سجد البعير إذا خفض رأسه عند الركوب عليه، فيكون وضع الجبهة إذا سجد من إحدى مصاديق ذلك.

و تظهر الثمرة فيما لم يرد فيه تحديد شرعي كسجدة التلاوة- مثلا- فمقتضى الأصل حينئذ عدم اعتبار كلّ قيد مشكوك في الشبهة الوجوبية المفهومية و اعتبار كلّ قيد مشكوك في الشبهة المفهومية التحريمية، و كذا في الشبهة المصداقية فيهما مع إجمال المفهوم، و أما مع كونه مبينا في الشبهة الوجوبية، فالمرجع هو الاحتياط هذا.

و لكن قد استشكل على الرجوع إلى البراءة في الشبهة المفهومية بأنّه موجب للمخالفة القطعية فيما إذا كانا مورد الابتلاء، كما إذا أراد أن يسجد للتلاوة، و لإحدى المشاهد المقدسة- بناء على حرمة الثانية- فوضع خده على الأرض‏

للتلاوة و على عتبة بعض المشاهد للتعظيم، فيعلم إجمالا بأنّه إن كان وضع الخد مجزيا في السجود فقد فعل حراما في الثاني و إن لم يجز فقد خالف التكليف في الأول و كذا في باقي القيود المشكوكة.

إلا أن يقال: إنّه ليس بناء المتعارف في العلم الإجمالي المنجز لديهم ملاحظة مثل هاتين الواقعتين معا، بل يلحظ كلّ منهما مستقلا مع قطع النظر عن الآخر، و لكن يمكن أن يقال: إنّ المنساق العرفي من سجود الإنسان خصوصا في الصلاة إنّما هو وضع الجبهة فقط، فلا يحتمل من هذا الاستعمال الخاص غيره إلا بقرينة.

بالضرورة الدينية.

يأتي التعرض لها في مباحث الخلل إن شاء اللّه تعالى.

يأتي في (فصل سائر أقسام السجود).

يدل على رجحان السجود للتذلل و العظمة للّه تعالى الأدلة الأربعة و لكنه حرام بالنسبة إلى غيره تعالى، كما يأتي في [مسألة ۱٤] من (فصل سائر أقسام السجود).

بضرورة الدّين، و المتواتر من نصوص المعصومين عليهم السلام كما سيجي‏ء.

للإجماع المتسالم عليه بينهم، و لكن أشكل عليه بأنّه إن كان الركن المجموع يلزم البطلان بنقيصة السجدة الواحدة، لأنّ المجموع ينتفي بانتفاء بعض أجزائه، و إن كان ذات طبيعة السجدة من حيث هي يلزم البطلان بزيادة سجدة واحدة كذلك و المشهور لا يقولون به في كلّ واحد منهما.

و أجيب عن الإشكال بوجوه ظاهرها الخدشة و لعلّ أحسنها أنّ الركن متقوّم بالاثنينية لا أن يكون ذات السجدة و لا أن يكون المجموع، بل هو ذات السجدتين بقيد الاثنينية، فزيادة السجدة الواحدة سهوا أو نقيصتها كذلك ليست من سنخ الركن، لأنّه كان مقيدا بالاثنينية.

و فيه: أنّه يصح بالنسبة إلى زيادة سجدة واحدة و لا يتم بالنسبة إلى نقيصتها كما لا يخفى.

و منها غير ذلك مما ذكر في المطوّلات و حيث لا ثمرة عملية لهذا البحث، بل و لا علمية، للاتفاق على البطلان بنقيصتهما معا أو زيادتهما كذلك، و الاتفاق على عدمه بزيادة واحدة أو نقيصتها سهوا، فيكون التطويل بلا طائل.

لقاعدة: ألّا أن الركن ما كانت زيادته مطلقا و نقيصته كذلك موجبة للبطلان» و عمدة مدرك هذه القاعدة ظهور التسالم عليها. هذا في الفريضة و أما النافلة، فلا تبطل بزيادة الركن سهوا كما يأتي في [مسألة ۷] من (فصل جميع الصلوات المندوبة).

أما الأول، فلقاعدة: إنّ الواجب ما كان تركه العمدي موجبا للبطلان إلا مع الدليل على الخلاف و هو مفقود في المقام. و أما الثاني، فللإجماع عليه و يأتي التفصيل في مباحث الخلل.

يأتي تفصيل ذلك كلّه في (فصل الخلل في الصلاة) راجع [مسألة

منها: قول أبي جعفر عليه السلام في صحيح زرارة: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله السجود على سبعة أعظم: الجبهة و اليدين و الركبتين و الإبهامين من الرجلين، و ترغم بأنفك إرغاما، أما الفرض فهذه السبعة و أما الإرغام بالأنف فسنة من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله»۱.

ثمَّ إنّ المشهور التعبير بالكف، و قد وقع هذا التعبير في صحيح حماد۲ أيضا، و عن جمع من الفقهاء تبعا لجملة من النصوص التعبير باليد، و مقتضى الصناعة حمل المطلق على المقيد، فيكون المراد من اليد في النص و الفتوى الكف و هو المعهود عرفا في السجود المتعارف بين الناس، فتحمل الأدلة على ما هو المعهود المتعارف و يأتي التفصيل في [مسألة ۳ و 4].

لتقوّم السجود به عرفا، و الأدلة الشرعية منزلة عليه أيضا إلا إذا كان دليل على الخلاف و لا دليل كذلك، و ما دل على أنّ السجود على سبعة أعظم- كما تقدم- لا يدل على أزيد من أصل الوجوب و هو أعم من الركنية كما هو معلوم، بل المنساق منه أنّ الستة الباقية واجبات خاصة اعتبرها الشارع في تحديد السجدة كما هو شأنه عند بيان الموضوعات.

الكلام فيه عين الكلام و في ذكر الركوع دليلا، و قائلا، و كمية و كيفية.

للإجماع، و النصوص:

منها: خبر هشام بن الحكم عن أبي الحسن موسى عليه السلام- في حديث-: «قلت له: لأيّ علة يقال في الركوع: سبحان ربّي العظيم و بحمده؟

و يقال في السجود: سبحان ربّي الأعلى و بحمده؟ فقال: يا هشام إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لما أسري به و صلّى و ذكر ما رأى من عظمة اللّه ارتعدت فرائصه فابترك على ركبتيه و أخذ يقول: سبحان ربّي العظيم و بحمده، فلما اعتدل من ركوعه قائما نظر إليه في موضع أعلى من ذلك الموضع خرّ على وجهه و هو يقول:

سبحان ربّي الأعلى و بحمده فلما قالها سبع مرات سكن ذلك الرعب، فلذلك جرت به السنة»۳.

إجماعا من الإمامية، بل من المسلمين، و لأصالة اعتبار الطمأنينة في أفعال الصلاة إلا ما خرج بالدليل، و مدرك هذا الأصل ظهور الاتفاق و إن كان مخالفا لأصالة البراءة، و لكنه مقدم عليها. و أما صحيح ابن يقطين: «عن الركوع و السجود كم يجزئ فيه من التسبيح؟ فقال عليه السلام: ثلاث و تجزؤك واحدة إذا أمكنت جبهتك من الأرض»4.

و صحيح ابن جعفر عن أخيه عليه السلام: «عن الرجل يسجد على الحصى، فلا يمكن جبهته من الأرض قال عليه السلام: يحرك جبهته حتّى يتمكن، فينحي الحصى عن جبهته و لا يرفع رأسه»٥.

و صحيح الهذلي عن عليّ بن الحسين عليه السلام قال: «فإذا سجدت‏

فمكن جبهتك من الأرض، و لا تنقره كنقرة الديك»٦ فلا يدل على الطمأنينة المفسرة بسكون جميع الأعضاء غايتها الدلالة على اعتماد الجبهة في السجود.

ثمَّ إنّ جميع ما تقدم في الطمأنينة المعتبرة في الركوع يجري هنا من غير فرق من حيث الدليل و الأقسام و النقض و الإبرام، فلا وجه للإعادة.

على الأحوط إذا أتى به بقصد الخصوصية كما تقدم منه رحمه اللّه في الركوع و يبقى عليه سؤال الفرق بين المسألتين مع اتحاد الدليل و عدم الفارق في البين.

تقدم ما يصلح أن يكون مدركا لجميع الفروع المذكورة هنا في [مسألة ۱٤] من (فصل الركوع) فراجع إذ الدليل واحد و انطباق الفروع عليه قهريّ سواء كانت في الركوع أو في السجود، فلا وجه للتكرار و الإعادة.

لا ريب في وجوبه مقدمة لإتيان السجدة الثانية. و أما وجوبه النفسي فلا دليل عليه من عقل و لا نقل، بل يشكل وجوبه الشرعي بناء على عدم الوجوب الشرعي لمقدمة الواجب، فهو من المقدمات التكوينية للسجدة الثانية.

للنص و الإجماع قال أبو عبد اللّه عليه السلام في خبر أبي بصير:

«و إذا رفعت رأسك من الركوع، فأقم صلبك حتّى ترجع مفاصلك، و إذا سجدت فاقعد مثل ذلك، و إذا كان في الركعة الأولى و الثانية فرفعت رأسك من السجود فاستتم جالسا حتّى ترجع مفاصلك»۷.

للإجماع الذي حكاه جمع، و لما مر من أصالة اعتبار الطمأنينة في جميع أفعال الصلاة إلا ما خرج بالدليل، و مدرك هذا الأصل الإجماعات و الأخبار الواردة في الأبواب المتفرقة۸، بل و بناء العقلاء في أفعالهم لدى العظماء- فكيف بعظيم العظماء و ملك الملوك- الذين نسبتهم إليه تعالى نسبة التراب إلى ربّ الأرباب.

لأنّ المنساق من قولهم عليهم السلام: «السجود على سبعة أعظم»۹ إتيان هذا العمل الخاص كذلك حدوثا و بقاء، مع ظهور الإجماع عليه.

أي الذكر، لأنّ المشروط ينتفي بانتفاء شرطه. و أما إبطاله للصلاة، فللزيادة العمدية، لأنّ المفروض أنّه أتى بالذكر بعنوان الجزئية.

لإطلاق دليل وجوبه، و إمكان تداركه لبقاء محلّه هذا إذا التفت قبل رفع الرأس و إلا فلا موضوع للتدارك، بل يوجب البطلان من حيث الزيادة.

كلّ ذلك لأصالة عدم المانعية، و سهولة الشريعة المقدسة في هذا الأمر العام البلوى، و في خبر ابن جعفر: «عن الرجل يكون راكعا أو ساجدا فيحكه بعض جسده هل يصلح له أن يرفع يده من ركوعه أو سجوده فيحك ما حكه؟ قال عليه السلام: لا بأس إذا شق عليه أن يحكه و الصبر إلى أن يفرغ أفضل»۱۰.

و الظاهر أنّ الحك من باب المثال لكلّ ما فيه غرض و لنعم ما قال السيد الطباطبائي.

و ترك هذا كلّه من الأدب‏ و ليس مفروضا و لكن يستحب‏

للنص و الإجماع، ففي خبر ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «سألته عن السجود على الأرض المرتفعة قال عليه السلام: إذا كان موضع جبهتك مرتفعا عن موضع بدنك قدر لبنة فلا بأس»۱۱.

و أشكل عليه تارة: بقصور السند، لأجل النهدي. و فيه: أنّه الهيثم بن مسروق بقرينة رواية ابن محبوب عنه، مضافا إلى اعتماد الأعاظم عليه.

و أخرى: بقصور الدلالة إذ الموجود في بعض النسخ «موضع يديك».

و فيه أولا: أنّ الفقهاء على اختلاف طبقاتهم اعتمدوا عليه مبنيا منهم على قراءة البدن بالموحدة، فيكون وضع اليدين غلطا من الناسخ.

و ثانيا: أنّ محلّ وضع اليدين قريب من محلّ وضع الجبهة، فيكون ذكر محلّ وضع الجبهة مغنيا عن ذكر محلهما.

و ثالثا: البدن كلّ بالنسبة إلى اليدين. فلا وجه لترك الكلّ و التعرض للبعض.

و رابعا: أنّه مما لم يقل به أحد من الأصحاب، فإنّهم بين من اعتبر ذلك بين مسجد الجبهة و الموقف و بين من اعتبره بالنسبة إلى بقية المساجد.

و خامسا: أنّ هذا الراوي روى عنه عليه السلام أيضا عن موضع جبهة الساجد أ يكون أرفع من مقامه؟ فقال: «لا و ليكن مستويا»۱۲، و في الكافي: «و في حديث آخر في السجود على الأرض المرتفعة قال: إذا كان موضع جبهتك مرتفعا عن رجليك قدر لبنة فلا بأس»۱۳.

فلا وجه لهذا الإشكال أصلا. و أما الإشكال بأنّ مفهوم الحديث ثبوت البأس و هم أعم من المانعية، فممنوع بظهور الإجماع، و قوله عليه السلام في خبره الآخر: «لا» الظاهر في المانعية، و حمل قوله عليه السلام: «و لكن مستويا» على الندب لا يضر بظهور كلمة «لا» في المانعية، لكونهما كجملتين مستقلتين.

قد ذكر لفظة «لبنة» في خبرين كما تقدم.

لأنّه المنساق من التقدير باللبنة- في أمثال المقام- من تقدير الارتفاع و الانخفاض.

ليس هذا التقدير موجودا في الأخبار و إنّما هو تقدير من أصحابنا الأخيار، و يشهد له اللبن المتعارف الموجودة في الأبنية القديمة و قد شاع في هذه الأعصار أيضا صنع نصف آجر بهذه الغلظة.

إجماعا و نصّا كما تقدم في خبر ابن سنان.

للإطلاق الشامل لهما.

لصدق عدم علو موضع الجبهة عن الموقف أزيد من اللبنة عرفا بعد التسامح العرفي كما في سائر التحديدات غير المبنية على الدقة العقلية.

للأصل بعد عدم دليل عليه، و عدم استفادة ذلك مما تقدم من خبر ابن سنان، لأنّه في مقام بيان تحديد مقدار الانحناء السجودي بحسب أول مرتبته و هو يختص بموضع الجبهة دون سائر المساجد، مع أنّه عليه السلام لا حظ موضع الجبهة مع موضع البدن، و لم يلاحظ موضع سائر المساجد بعضها مع بعض، و لذا ذهب المشهور إلى عدم الاعتبار في غير مسجد الجبهة و الموقف.

ثمَّ إنّ المذكور في خبر ابن سنان «موضع البدن»۱4، و في خبره الآخر لفظ «المقام»۱٥، و في المرسل لفظ «الرجلين»۱٦ و الظاهر رجوع الأخيرين إلى الأول كما أنّ تعبير الفقهاء بالموقف يرجع إليه أيضا و إلا فلا دليل لهم عليه.

و في موضع البدن احتمالات:

الأول: موضعه حال القيام في الصلاة.

الثاني: موضعه حال الجلوس الصلاتي.

الثالث: موضعه حال السجدة. و مقتضى مناسبة الحكم و الموضوع تعين الأخير، لأنّ موقف القيام الصلاتي و جلوسها لا ربط له بالسجود، بل أجنبي عنه و إلا لأشير إلى اعتبار مساواتها مع موضع الجبهة في واجبات القيام و الجلوس أيضا و لم يتعرض له أحد و لم يشر إليه في حديث، فموضع البدن حال السجود هو الركبتان، لكون ثقله عليهما و على الجبهة كما هو واضح، و مع عدم الاستظهار

من الحديث و احتمال كون تمام المساجد موضع البدن، فالمسألة من صغريات الأقلّ و الأكثر و اعتبار مساواة موضع الجبهة مع الركبتين معلوم و الباقي مشكوك و المرجع حينئذ البراءة كما ثبت في محلّه.

راجع فصل مسجد الجبهة من بحث المكان.

للإجماع عليه، و تقتضيه مرتكزات المتشرعة، و يظهر من صحيح ابن محبوب عن الرضا عليه السلام أنّ عدم جواز السجود على النجس كان مفروغا عنه قال: «سألت أبا الحسن عليه السلام عن الجص يوقد عليه بالعذرة و عظام الموتى يجصص به المسجد أ يسجد عليه؟ فكتب عليه السلام: إنّ الماء و النار قد طهراه»۱۷.

فإنّ ظهور السؤال و الجواب في عدم جواز السجود على النجس مما لا ينكر، و كذا صحيح زرارة: «سألت أبا جعفر عليه السلام عن البول يكون على السطح، أو في المكان الذي يصلّى فيه، فقال عليه السلام: إذا جففته الشمس فصلّ عليه فهو طاهر»۱۸.

و ما يظهر منه جواز الصلاة على النجس- كصحيح ابن جعفر عن أخيه عليه السلام: «عن البيت و الدار لا يصيبهما الشمس، و يصيبهما البول و يغتسل فيهما من الجنابة، أ يصلّى فيهما إذا جفا؟ قال عليه السلام: نعم»۱۹.

أعم من نجاسة موضع السجود كما هو واضح، مع أنّه معارض بغيره- كما تقدم- فلا وجه للاستدلال به على الجواز و قد تقدم في (الثامن من شروط المكان) ما ينفع المقام فراجع.

لعين ما تقدم في [مسألة ۱۹] من الفصل السابق إذ الدليل واحد و إن اختلف الموضوع، فراجع.

(مسألة ۱): الجبهة: ما بين قصاص شعر الرأس و طرف الأنف الأعلى و الحاجبين طولا، و ما بين الجبينين عرضا (۳٦) و لا يجب فيها الاستيعاب، بل يكفي صدق السجود على مسماها (۳۷) و يتحقق‏ المسمّى بمقدار الدرهم قطعا و الأحوط عدم الأنقص (۳۸) و لا يعتبر كون المقدار المذكور مجتمعا (۳۹)، بل يكفي و إن كان متفرّقا مع الصدق‏ فيجوز السجود على السبحة غير المطبوخة إذا كان مجموع ما وقعت عليه الجبهة بقدر الدرهم (٤۰).

الجبهة: العضو المسطح الواقع بين الجبينين عرضا و طرف الأنف الأعلى و قصاص الشعر طولا و الظاهر تطابق العرف و اللغة و كلمات الفقهاء عليه، بل و كذا النصوص قال أبو جعفر عليه السلام في صحيح زرارة: «الجبهة كلّها من قصاص شعر الرأس إلى الحاجبين موضع السجود، فأيّما سقط ذلك إلى الأرض أجزأك مقدار الدرهم أو مقدار طرف الأنملة»۲۰.

و نحوه خبر بريد عن أبي جعفر عليه السلام: «الجبهة إلى الأنف أيّ ذلك أصبت به الأرض في السجود أجزأك»۲۱.

و ذكر أحد الحدين و الاستغناء عنه بذكر الحدّ الآخر شائع في المحاورات، فلا وجه للإشكال عليه بأنّه غير متعرض للعرض.

للأصل و الإطلاق، و ما دل على صحة السجود على الحصى‏۲۷،

احتمال الانصراف إلى السطح المتصل بعيد، مع أنّ الصلاة على حصيات المسجدين كانت معهودة منذ عصر المعصومين عليهم السلام.

خروجا عن خلاف الشهيد في الذكرى، و نسب إلى كثير من الأصحاب التحديد بالدرهم، لذكره فيما مر من صحيح زرارة، و خبر الدعائم:

«أقلّ ما يجزي أن يصيب الأرض من جبهتك قدر الدرهم»۲٦.

و لكن في صحيح زرارة: «قدر الأنملة» أيضا و الظاهر كونه أقلّ من قدر الدرهم، و خبر الدعائم قاصر سندا و معارض لصحيح زرارة فتحمل على أقلّ المجزي في الفضل دون أصل الوجوب، مع أنّه لو كان تحديد صحيح في البين لشاع و ذاع في هذا الأمر العام البلوى كيف و قد شاع الخلاف.

لإطلاق الأدلة، و أصالة البراءة، و ظهور الاتفاق، و موثق عمار: «ما

بين قصاص الشعر إلى طرف الأنف مسجد، أيّ ذلك أصبت به الأرض أجزأك»۲۲.

و في صحيح زرارة عن أحدهما عليهما السلام: «إذا مس جبهته الأرض فيما بين حاجبه و قصاص شعره فقد أجزأ عنه»۲۳.

فهو نص في كفاية المسمّى، و عنه عن أبي جعفر عليه السلام أيضا:

«فاسجدوا على المروحة، و على السواك و على عود»۲4.

و أما صحيح ابن جعفر عن أخيه عليه السلام قال: «سألته عن المرأة تطول قصتها فإذا سجدت وقع بعض جبهتها على الأرض و بعض يغطيها الشعر هل يجوز ذلك؟ قال: لا حتّى تضع جبهتها على الأرض»۲٥.

فمحمول على الفضل بقرينة غيره- كما تقدم.

لظهور الإطلاق و الاتفاق.

(مسألة ۲): يشترط مباشرة الجبهة لما يصح السجود عليه (٤۱)، فلو كان هناك مانع أو حائل عليه أو عليها وجب رفعه حتّى مثل الوسخ (٤۲) الذي على التربة إذا كان مستوعبا لها بحيث لم يبق‏ و مقدار الدرهم منها و لو متفرقا خاليا عنه، و كذا بالنسبة إلى شعر المرأة الواقع على جبهتها (٤۳) فيجب رفعه بالمقدار الواجب، بل الأحوط إزالة الطين اللاصق بالجبهة (٤٤) في السجدة الأولى. و كذا إذا لصقت التربة بالجبهة فإنّ الأحوط رفعها بل الأقوى وجوب رفعها إذا توقف صدق السجود على الأرض أو نحوها عليه (٤٥)، و أما إذا لصق بها تراب يسير لا ينافي الصدق فلا بأس به (٤٦)، و أما سائر المساجد فلا يشترط فيها المباشرة للأرض (٤۷).

لظواهر الأدلة، و إجماع فقهاء الملة، و في خبر البصري: «سألت أبا عبد اللّه عن الرجل يسجد و عليه العمامة لا يصيب وجهه الأرض، قال عليه السلام: لا يجزيه ذلك حتّى تصل جبهته إلى الأرض»۲۸.

و في صحيح زرارة عن أحدهما عليهما السلام: «الرجل يسجد و عليه قلنسوة أو عمامة، فقال عليه السلام: إذا مس شي‏ء من جبهته الأرض فيما بين حاجبيه و قصاص شعره فقد أجزأ عنه»۲۹.

و كذا غيرهما من الأخبار.

الوسخ على أقسام:

الأول: ما يكون من مجرد اللون.

الثاني: ما شك في أنّه من مجرد اللون أو أنّ له جسمية مع عدم سبق الجسمية.

الثالث: ما كان له جسمية و لكن كان مقدار السجود مجتمعا أو متفرقا فارغا عنه.

الرابع: ما كان له جسمية و كان مستوعبا لجميع موضع السجود و لم يكن‏

شي‏ء منه فارغا.

الخامس: ما يشك في أنّه لو أو جسم مع سبق الجسمية. و في الكلّ يصح السجود، للأصل و الإطلاق و الاتفاق إلا الأخيرين، كما هو واضح.

للإجماع، و ظواهر الأدلة، و لما تقدم من صحيح ابن جعفر عليه السلام.

ما يكون على الجبهة بعد السجود أقسام: فإما أن يكون لونا محضا، و إما يشك في أنّه لون محض أو أنّ له جسمية مع سبق عدم الجسمية، و إما أن يكون له جسمية لكن مع فراغ مقدار مسمّى السجود مجتمعا أو متفرقا، و الحكم في هذه الصور صحة السجود و عدم وجوب الإزالة. و إما أن يكون له جسمية.

و إما أن يشك في جسميته مع سبقها، و هل تجب الإزالة في هذين القسمين؟

وجهان: صرح في كشف الغطاء بعدم صحة السجود حينئذ مع الاختيار.

و استدل له تارة: بقاعدة الاشتغال. و فيه: أنّها محكومة بالإطلاقات.

و أخرى: بأنّه مع لصوق الطين بالجبهة و وضعها ثانيا للسجدة الثانية لا يصدق تعدد السجود. و فيه: أنّه خلاف الوجدان و العرف الحاكمين بالتعدد حتّى مع اللصوق. و ثالثة: بأنّه ليس من وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه، بل يكون من وضع الطين عليه. و فيه: أنّ الطين الملصق غير ملحوظ مستقلا بنظر العرف و المناط كلّه إحداث هيئة السجود، و قد حصل عرفا، و الأدلة منزلة على العرفيات.

نعم، لو شك في شمول الإطلاقات لمثل هذا السجود، فالمرجع قاعدة الاشتغال، لأنّ التمسك بها حينئذ من التمسك بالدليل في الموضوع المشتبه.

و لا وجه لصدق السجود بالانحناء الخاص، و إحداث هيئة السجود مع ما يصح السجود عليه فلا وجه للتشكيك في ذلك.

بضرورة من المذهب، بل الدّين، و نصوص كثيرة:

منها: خبر أبي حمزة عن أبي جعفر: «قال عليه السلام: لا بأس أن تسجد و بين كفيك و بين الأرض ثوبك»۳۰.

و منها: صحيح زرارة عنه عليه السلام أيضا: «و إن كان تحتهما- أي اليدين- ثوب فلا يضرك، و إن أفضيت بهما إلى الأرض فهو أفضل»۳۱.

للإطلاق و الاتفاق، و السيرة في الجملة.

تبيّن مما سبق عدم التوقف، و أنّ المناط إحداث الهيئة، و هو حاصل، و لو مع لصوق التربة على الجبهة.

(مسألة ۳): يشترط في الكفّين وضع باطنهما مع الاختيار (٤۸) و مع الضرورة يجزئ الظاهر (٤۹)، كما أنّه مع عدم إمكانه لكونه مقطوع الكف أو لغير ذلك ينتقل إلى الأقرب من الكف فالأقرب من الذراع و العضد (٥۰).

على المشهور المدعى عليه الإجماع، و لسيرة المسلمين عليه خلفا عن سلف، و التأسي بصاحب الشريعة، و لأنّه المنساق من الإطلاقات عرفا.

لقاعدة الميسور، و الإجماع مع احتمال التعيين عند الدوران بينه و بين التخيير.

كلّ ذلك لقاعدة الميسور المعمول بها بين الفقهاء في المقام.

(مسألة ٤): لا يجب استيعاب باطن الكفّين أو ظاهرهما بل يكفي المسمّى (٥۱) و لو بالأصابع فقط أو بعضها. نعم، لا يجزئ وضع رؤوس الأصابع مع الاختيار (٥۲)، كما لا يجزئ لو ضم أصابعه و سجد عليها (٥۳) مع الاختيار.

للأصل و الإطلاق، و ظهور الاتفاق، و أولوية كفاية المسمّى في باقي المساجد عن كفاية مسجد الجبهة. و أما قول أبي عبد اللّه عليه السلام في خبر أبي بصير: «إذا سجدت فابسط كفيك على الأرض»۳۲.

فمحمول على الندب، للإجماع، كما أنّ قول الجواد عليه السلام فيما رواه العياشي: «إنّ القطع يجب أن يكون من مفصل أصول الأصابع فيترك الكف»۳۳.

مع ضعفه سندا لا يدل على تعين تمام الكف للسجود في حال الاختيار.

لكونها حدّ اليد، و الحد خارج عن المحدود و لا تشمله الإطلاقات ما لم تكن قرينة في البين على التعميم.

لأنّه حينئذ من السجود على ظاهر اليد، و تقدم عدم جوازه مع التمكن من السجود على الباطن.

(مسألة ٥): في الركبتين أيضا يجزئ وضع المسمّى منهما و لا يجب الاستيعاب (٥٤). و يعتبر ظاهرهما دون الباطن (٥٥). و الركبة: مجمع عظمي الساق‏ و الفخذ، فهي بمنزلة المرفق من اليد (٥٦).

للأصل و الإطلاق، و الإجماع، مضافا إلى تعذره غالبا.

الركبة من المبينات العرفية يعبّر عنها في الفارسية ب (زانو)، و الأخبار الواردة في المقام تشتمل على الركبتين، كما تقدم، و على عيني الركبة، كما في صحيح حماد۳4، و الظاهر ملازمتهما عند وضع الركبة على الأرض في حال السجود، و يجزي وضع كلّ ما يسمّى ركبة عرفا، و الظاهر اختلاف ذلك باختلاف امتداد الساجد و عدمه.

لكونه خلاف المعهود، بل هو متعذر نوعا.

(مسألة ٦): الأحوط في الإبهامين وضع الطرف من كلّ منهما (٥۷) دون الظاهر أو الباطن منهما، و من قطع إبهامه يضع ما بقي منه، و إن لم‏ يبق منه شي‏ء أو كان قصيرا يضع سائر أصابعه، و لو قطعت جميعها يسجد على ما بقي من قدميه، و الأولى و الأحوط ملاحظة محلّ الإبهام (٥۸).

الأخبار الواردة في المقام مشتملة على الرجل، كخبر القداح عن الصادق عليه السلام: «يسجد ابن آدم على سبعة أعظم: يديه و رجليه و ركبتيه، و جبهته»۳٥.

و على الإبهامين أيضا، كما تقدم في صحيح زرارة۳٦، و على أنامل الإبهامين، كما في صحيح حماد عن الصادق عليه السلام: «و سجد على ثمانية أعظم: الجبهة، و الكفين، و عيني الركبتين، و أنامل إبهامي الرجلين، و الأنف، فهذه السبعة فرض، و وضع الأنف على الأرض سنة»۳۷.

و مقتضى الصناعة تقييد الأولين بالأخير، و مقتضى إطلاقه كفاية وضع الأنملة من الإبهام كيفما تحقق، سواء كان برأسه أم ظهره أم بطنه. و دعوى الانصراف الى خصوص الأول غير ظاهرة، بل ممنوعة بحسب الاستعمالات، إذ الأنملة بحسبها هو العقد الأعلى من الإصبع، لا خصوص رأسه و طرفه.

فما ذهب إليه جمع من الفقهاء من تعيين طرف الإبهامين، إن كان دليلهم الانصراف إليه فلا وجه له، و إن كان دليلهم أصالة التعين عند الدوران بينه و بين‏

التخيير، فهو على فرض تسليمه إنّما يكون فيما إذا لم يكن إطلاق في البين لا في مثل المقام الذي ورد فيه الإطلاق.

و لذا ذهب جمع من الفقهاء (قدس سرهم) إلى كفاية وضع كلّ من الطرف و الظهر و البطن، و هو المناسب للسهولة في هذا الأمر العام البلوى خصوصا بالنسبة إلى سواد الناس غير المتوجهين إلى هذه الجهات.

كلّ ذلك لقاعدة الميسور، و إطلاق الرجل بعد تعذر القيد.

(مسألة ۷): الأحوط الاعتماد على الأعضاء السبعة بمعنى إلقاء ثقل البدن عليها (٥۹). و إن كان الأقوى عدم وجوب أزيد من المقدار الذي يتحقق معه صدق السجود و لا يجب مساواتها في إلقاء الثقل و لا عدم مشاركة غيرها معها من سائر الأعضاء كالذراع و باقي أصابع الرجلين.

إلقاء الثقل على الأعضاء حين السجود تارة قهريّ طبيعيّ، و أخرى عمديّ اختياريّ، و الأول حاصل بالطبع قصد أم لا، و الثاني و إن أمكن توجه التكليف به، لكنه لا دليل عليه إلا دعوى انصراف الأدلة إليه، و هو ممنوع لصدق السجود، سواء ألقى الثقل على الجميع بالتساوي أم بالتفاضل. و بالجملة مقتضى الأصل و الإطلاق و الصدق العرفي عدم وجوب إلقاء الثقل على جميع الأعضاء، و عدم وجوب التساوي فيه على فرض الإلقاء.

(مسألة ۸): الأحوط كون السجود على الهيئة المعهودة (٦۰) و إن كان الأقوى كفاية وضع المساجد السبعة بأيّ هيئة كان ما دام يصدق السجود كما إذا ألصق صدره و بطنه بالأرض، بل و مد رجله أيضا، بل و لو انكب على وجهه لاصقا بالأرض مع وضع المساجد بشرط الصدق المذكور. لكن قد يقال بعدم الصدق و أنّه من النوم على وجهه.

لأنّ دعوى انصراف الأدلة إليها قريبة جدا، و التمسك بالإطلاق مع الشك في الصدق تمسك بالدليل في الشبهة المصداقية. نعم، لو صدق السجود عند العرف على مطلق وضع المساجد السبعة بأيّ نحو اتفق، فمقتضى الأصل

و الإطلاق عدم اعتبار هيئة خاصة ما دام يصدق عليها السجود عرفا و الظاهر الصدق و الانصراف إلى المعهود إنّما هو من أنس الذهن.

(مسألة ۹): لو وضع جبهته على موضع مرتفع أزيد من المقدار المغتفر كأربع أصابع مضمومات- فإن كان الارتفاع بمقدار لا يصدق معه السجود عرفا جاز رفعها و وضعها ثانيا كما يجوز جرها (٦۱). و إن كان بمقدار تصدق معه السجدة عرفا فالأحوط الجر (٦۲)، لصدق زيادة السجدة مع الرفع (٦۳) و لو لم يكن الجر فالأحوط الإتمام و الإعادة (٦٤).

منشأ الاحتياط احتمال صحة الصلاة بناء على كون المساواة واجبا صلاتيا و فات محلّه، فتصح الصلاة لا محالة، لحديث: «لا تعاد الصلاة»4۲ و احتمال بطلانها من جهة زيادة السجدة. و فيه: أنّ زيادة السجدة المبطلة مبنية على كفاية السجود العرفي و عدم كون المساواة شرطها لها و إلا فلم تتحقق زيادة سجدة مبطلة، فيجب عليه الإتيان بالسجدة لبقاء محلّها و يتم صلاته و لا شي‏ء عليه، و قد مر أنّه لا وجه للجزم بقوله رحمة اللّه عليه «لصدق زيادة السجدة مع الرفع» إلا بناء على كفاية السجود العرفي في ثبوت الزيادة و هو مشكل، و على‏

فرض صحة الجزم به لا وجه للاحتياط في قوله (فالأحوط الجر)، و قوله:

«فالأحوط الإتمام»، بل لا بد من الفتوى بوجوب الجر في الأول، و وجوب الإعادة في الثاني، فكلامه مختل النظام كما لا يخفى.

الجزم بذلك متوقف على أن تكون واجبات السجود مقوّمة له لا أن تكون واجبا صلاتيا.

ما يعتبر في السجود يمكن أن يكون مقوّما له بحيث ينتفي بانتفائه

و يمكن أن يكون واجبا صلاتيا في حال السجود، فعلى الأول لا إشكال في جواز الرفع لو تحقق فاقد الشرط بخلاف الثاني فلا يجوز رفع الرأس للزوم الزيادة، بل يجب الجر إن أمكن، و مع عدم الإمكان يأتي حكمه، و الظاهر من إطلاق أدلة السجود هو الثاني، و لا يعارض بإطلاق أدلة الصلاة، إذ لا إطلاق لها يصح التمسك به سواء قلنا بالصحيح أم بالأعم كما ثبت في محلّه، و لكن استظهر في الجواهر أنّ تحديد مقدار الانحناء من قيود أصل السجود الشرعي لا الصلاة، إذ لا ريب في تقوّمه بانحناء خاص و مع اختلاف تحديده عرفا و شرعا، فالمرجع فيه هو الشرع.

و فيه: أنّ صدق السجود عرفا على الموضع المرتفع بأزيد من مقدار لبنة في الجملة مما لا ينكر، فيكون التحديد الشرعي واجبا صلاتيا لا مقوّما سجوديا، و على أيّ تقدير يكون الجر في المقام مبرئا قطعيا بعد ما تقدم من عدم اعتبار اتصال السجود المأمور به مع الهوي الأول الصادر عن المصلّي.

البحث فيه تارة: بحسب الأصل و الإطلاق، و أخرى: بحسب الأخبار الخاصة:

أما الأول: فمقتضى الأصل جواز كلّ من الرفع و الجر و أشكل عليه بوجهين: أحدهما يعم كلا من الرفع و الجر، و ثانيهما: يختص بالأخير.

أما ما يعم كلا منهما، فهو أنّ الوضع على المرتفع إن كان مع العمد فهو من الزيادة العمدية الموجبة للبطلان سواء جر بعد ذلك رأسه أم رفع و وضع، و يأتي في [مسألة ٤] من (فصل الخلل الواقع في الصلاة) عدم الفرق فيها بين ما إذا كانت من الأجزاء أو من غيرها.

و دعوى: أنّه مع الجر يكون الوضع الأول من مراتب الهوي إلى السجود، فلا اثنينيّة في البين حتّى يكون أحدهما زائدا.

(مردودة): بأنّ العرف يراهما شيئين متباينين، و إن كان مع عدم العمد سواء كان عن غفلة أم خطإ، فلا إشكال من هذه الجهة و تصح الصلاة، لحديث «لا تعاد الصلاة»۳۸، و الظاهر أنّ مفروض المتن هذه الصورة.

و أما المختص بالأخير، فهو أنّ السجود المأمور به إنّما هو خصوص الوضع المتصل بالهويّ و عدم تخلل شي‏ء في أثناء الهويّ و مع الجر تخلل الوضع الأول بين الهويّ و السجود و المأمور به فلا يجزي الجر.

(و فيه): أنّ مقتضى الأصل و الإطلاق عدم اعتبار ذلك، و على فرض اعتباره يختص بحال العمد دون غيره، فصح قوله: «جاز رفعها و وضعها ثانيا كما يجوز جرها» هذا ما يقتضيه الأصل و الإطلاق.

أما الأخبار الخاصة ففي خبر حسين بن حماد: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام أسجد فتقع جبهتي على الموضع المرتفع، فقال عليه السلام: ارفع رأسك ثمَّ ضعه»۳۹.

و ظهوره في غير العمد مما لا ينكر كما أنّ ظهوره في الرخصة أيضا كذلك، لعدم إفادة الأمر في مقام توهم الحذر أزيد من ذلك، و عنه عليه السلام في صحيح ابن عمار: «إذا وضعت جبهتك على نبكة فلا ترفعها، و لكن جرها على الأرض»4۰.

و النبكة هي الأكمة المحدودة الرأس، و في خبر حسين بن حماد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «قلت له: أضع وجهي للسجود فيقع وجهي على حجر أو على موضع مرتفع أحوّل وجهي إلى مكان مستو؟ فقال عليه السلام:

نعم، جرّ وجهك على الأرض من غير أن ترفعه»4۱.

و طريق الجمع حمل الأخيرين على مجرد الرجحان مع قوة احتمال عدم كونهما مرتبطين بالمقام، بل ورد فيها إذا لم يكن اعتماد الجبهة على المحل، فيجب الجر حينئذ إلى محلّ يمكن الاعتماد عليه.

(مسألة ۱۰): لو وضع جبهته على ما لا يصح السجود عليه يجب عليه الجر و لا يجوز رفعها لاستلزامه زيادة السجدة (٦٥) و لا يلزم من الجر ذلك و من هنا يجوز له ذلك مع الوضع على ما يصح أيضا لطلب الأفضل أو الأسهل و نحو ذلك (٦٦). و إذا لم يكن إلا الرفع فإن كان الالتفات إليه قبل تمام الذكر فالأحوط الإتمام ثمَّ الإعادة (٦۷)، و إن كان‏ بعد تمامه فالاكتفاء به قويّ (٦۸) كما لو التفت بعد رفع الرأس و إن كان الأحوط الإعادة أيضا.

علّل الحكم به في لسان جمع منهم: صاحب الجواهر، و هو مبنيّ على أن تكون الواجبات السجودية واجبات صلاتية لا مقوّمة سجودية حتّى يكون الثاني بعد الرفع من زيادة السجدة و قد اختار صاحب الجواهر كون المساواة من المقوّمات السجودية و أشكلنا عليه فيما تقدم و لا فرق بين المساواة و ما يصح السجود عليه، بل الثاني أولى بأن يكون مقوّما سجوديا و مقتضى ذلك جواز الرفع أيضا و حيث استظهرنا من إطلاقات أدلة السجود أنّ واجباته صلاتية لا يجوز الرفع هنا، لاستلزامه الزيادة، و لكنه مع ذلك مشكل. نعم، يكون الجر مبرئا على أيّ تقدير إن لم نقل باعتبار إحداث الهوي إلى ما يصح السجود عليه في أصل السجدة و لكنه من مجرد الاحتمال.

و لكن لا ربط له بالمقام، لأنّه يمكن في المقام التشكيك في السجود بالنسبة إلى الوضع الأول باحتمال كون ما يصح السجود عليه من المقوّمات السجودية، فلا يتحقق سجود بالنسبة إليه بخلاف المثال، لأنّ الوضع الأول سجود قطعا و الفرق بينهما واضح و القياس باطل.

يجري جميع ما تقدم في سابقة هنا أيضا و لا وجه للقوة إلا إذا ثبت بدليل معتبر تنزيل الفراغ من الذكر منزلة رفع الرأس من السجود و لا دليل عليه من إجماع أو نص.

و أما ما عن الحميري عن الناحية المقدسة: «أنّه كتب إليه يسأله عن المصلّي يكون في صلاة الليل في ظلمة فإذا سجد يغلط بالسجادة و يضع جبهته على مسح أو نطع فإذا رفع رأسه وجد السجادة هل يعتد بهذه السجدة أم لا يعتد بها؟ فكتب إليه في الجواب: ما لم يستو جالسا فلا شي‏ء عليه في رفع رأسه لطلب الخمرة»44.

فمع أنّه في النافلة المبنية على المسامحة إجماله و عدم عامل بإطلاقه أسقطه عن الاعتبار.

لقاعدة الاشتغال بناء على عدم الاستظهار من الأدلة أنّ الواجبات في حال السجود مقوّمات سجودية أو واجبات صلاتية. و أما بناء على استظهار الأول فيرفع رأسه و يسجد و لا شي‏ء عليه، و كذا بناء على الثاني لأنّه بناء عليه و إن تحققت زيادة السجدة، لكن مقتضى حديث (لا تعاد الصلاة من سجدة و تعاد من‏

ركعة) 4۳ الصحة، لفرض أنّ الأولى وقعت سهوا، فيشمله الحديث، و لكن يمكن أن يقال: إنّه بإتيان الثانية ينطبق عنوان الزيادة العمدية على المأتي بها أولا قهرا بدعوى: أنّ ظاهر الكلمات أنّ الزيادة العمدية المبطلة أعم عما إذا كانت قصدية أو انطباقية و الإنصاف أنّ هذه الفروع غير منقحة، لعدم إجماع صحيح و لا مستند صريح، فلا بد من الاحتياط فإنّه سبيل النجاة.

(مسألة ۱۱): من كان بجبهته دمل أو غيره فإن لم يستوعبها و أمكن سجوده على الموضع السليم سجد عليه و إلا حفر حفيرة ليقع السليم منها على الأرض (٦۹)، و إن استوعبها أو لم يمكن بحفر الحفيرة أيضا سجد على أحد الجبينين (۷۰) من غير ترتيب (۷۱) و إن كان الأولى و الأحوط تقديم الأيمن على الأيسر (۷۲)، و إن تعذر سجد على ذقنه (۷۳)، فإن تعذر اقتصر على الانحناء الممكن (۷٤).

للإطلاق، و الإجماع، و خبر مصادف قال: «خرج بي دمل فكنت أسجد على جانب فرأى أبو عبد اللّه عليه السلام أثره فقال: ما هذا؟ فقلت: لا

أستطيع أن أسجد من أجل الدمل، فإنّما أسجد منحرفا فقال لي: لا تفعل ذلك و لكن احفر حفيرة و اجعل الدمل في الحفيرة حتّى تقع جبهتك على الأرض»4٥.

الإجماع، و لم نجد في الأخبار ذكرا عن الجبينين، ففي مرسل عليّ بن محمد قال: «سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عمن بجبهته علة لا يقدر على السجود عليها، قال: يضع ذقنه على الأرض إنّ اللّه تعالى يقول: يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً»4٦.

و عن إسحاق بن عمار- في حديث- قال: «قلت له بين عينيه قرحة لا يستطيع أن يسجد قال: يسجد ما بين طرف شعره، فإن لم يقدر سجد على حاجبه الأيمن، قال فإن لم يقدر فعلى حاجبه الأيسر، فإن لم يقدر فعلى ذقنه قلت: على ذقنه؟! قال: نعم، أما تقرأ كتاب اللّه عزّ و جلّ يخرون للأذقان سجدا»4۷.

فهذه الأخبار ساكتة عن ذكر الجبينين، و لكن بضميمة الإجماع المسلّم يتم الحكم و يقيد إطلاق الأخبار.

للأصل بعد عدم دليل على الترتيب يصح الاعتماد عليه.

نسب وجوب تقديم الأيمن على الأيسر إلى الصدوقين رحمهما اللّه و استدل لهما تارة: بالفقه الرضوي: «و إن كان على جبهتك علة لا تقدر على السجود من أجلها فاسجد على قرنك الأيمن، فإن تعذر عليه فعلى قرنك الأيسر»4۸.

و أخرى: بما في خبر ابن عمار من تقديم الأيمن على الأيسر. و ثالثة:

بأصالة التعيين عند الدوران بينه و بين التخيير في ذلك. و الكلّ مردود:

أما الأول: فبقصور السند. و أما الثاني: فبعدم العمل به في مورده. و أما الأخير فلأنّه لا يصلح إلا للاحتياط و الأولوية و منه يظهر وجه الاحتياط عند جمع من الأعلام.

نصّا، و إجماعا، و تقدم في خبر عليّ بن محمد، و إسحاق بن عمار4۹ المعوّل عليهما في المقام.

لقاعدة الميسور، مضافا إلى الإجماع، و لكن الأحوط تقديم السجود على الأنف، مع إمكانه، لأنّه أيضا ميسور المعسور على الوجه، و مع إمكانه لا تصل النوبة إلى غيره، و قد تقدم في مسائل القيام بعض ما ينفع المقام، فراجع.

(مسألة ۱۲): إذا عجز عن الانحناء للسجود انحنى بالقدر الممكن مع رفع المسجد إلى جبهته (۷٥) و وضع سائر المساجد في محالّها (۷٦). و إن لم يتمكن من الانحناء أصلا أومأ برأسه (۷۷) و إن لم‏ يتمكن فبالعينين (۷۸) و الأحوط له رفع المسجد مع ذلك إذا تمكن من وضع الجبهة عليه (۷۹)، و كذا الأحوط وضع ما يتمكن من سائر المساجد في محالّها (۸۰) و إن لم يتمكن من الجلوس أومأ برأسه و إلّا فبالعينين (۸۱) و إن لم يتمكن من جميع ذلك ينوي بقلبه (۸۲) جالسا أو قائما إن لم يتمكن من الجلوس و الأحوط الإشارة باليد (۸۳) و نحوها مع ذلك.

للإجماع، و النص، ففي خبر الكرخي قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل شيخ لا يستطيع القيام إلى الخلاء و لا يمكنه الركوع و السجود، فقال: ليؤم برأسه إيماء و إن كان له من يرفع الخمرة فليسجد، فإن لم يمكنه ذلك فليوم برأسه نحو القبلة إيماء- الحديث-»٥۰.

و يقتضي ذلك كلّه قاعدة الميسور أيضا.

لإطلاق أدلة وجوبه مع إمكان الامتثال، و تقتضيه قاعدة الميسور إلا أن يستشكل في الأول بأنّ وجوب وضع سائر الأعضاء مقدمي محض لوضع الجبهة، و في الأخير بأنّه مباين مع السجدة لا أن يكون من ميسورة فيصلح الوجهان للاحتياط و إن لم يصلحا للفتوى.

لما تقدم من خبر الكرخي، مضافا إلى الإجماع.

للنص، و الإجماع و قد تقدم في [مسألة ۱٥] من (فصل القيام) فراجع.

لما مر من خبر الكرخي: «و إن كان له من يرفع الخمرة فليسجد».

و تدل عليه قاعدة الميسور.

إن كان الإيماء بدلا عن خصوص وضع الجبهة كان لهذا الاحتياط وجه، بل يمكن القول بالوجوب، لقاعدة الميسور. و أما إن كان بدلا عن أصل السجود بما له من الخصوصيات، فلا وجه لهذا الاحتياط و المنساق من الأدلة هو الأخير كما لا يخفى على الخبير.

ى أنّها ميسور الإيماء بالرأس و العين، فلا تسقط بما تعسر و قد مر في بحث القيام ما ينفع المقام.

لوجوب النية مقدمة لتعيين الذكر للسجود و إلا يكون تعيينه له من الترجيح بلا مرجح.

لإطلاق بدلية الإيماء لجميع حالات التعذر و أما كونها من ميسور السجود، ففيه إشكال لكونهما متباينين عرفا.

(مسألة ۱۳): إذا حرك إبهامه في حال الذكر عمدا أعاد الصلاة احتياطا (۸٤) و إن كان سهوا أعاد الذكر إن لم يرفع‏ رأسه (۸٥) و كذا لو حرك سائر المساجد (۸٦). و أما لو حرك أصابع يده مع وضع الكف بتمامها فالظاهر عدم البأس به لكفاية اطمئنان بقية الكف (۸۷). نعم، لو سجد على خصوص الأصابع كان تحريكها كتحريك إبهام الرجل (۸۸).

لوقوع الذكر بقصد الجزئية و فاقدا للشرط، فيكون من الزيادة العمدية الموجبة للبطلان، و لكن الحركة تارة: تكون بحيث توجب فقد أصل الطمأنينة

عرفا، فتجب الإعادة حينئذ. و أخرى: تكون بحيث لا ينافي ثبوت أصلها في الجملة، و الاحتياط بالإعادة في هذه الصورة كما لا يخفى.

لقاعدة الاشتغال مع بقاء المحل.

لاتحاد الدليل في الجميع، فينطبق الحكم على الكلّ قهرا.

لكن تقدم في [مسألة ٤] عدم كفاية السجود عليها مع الاختيار و لو كان في حال الاضطرار، فيجزي إصبع واحدة، لتحقق المسمّى بها و لا بأس بحركة البقية كما لو وضع الكف.

لما تقدم في [مسألة ٤] من كفاية المسمّى و المفروض ثبوت الطمأنينة فيه فيجزي قهرا.

(مسألة ۱٤): إذا ارتفعت الجبهة قهرا من الأرض قبل الإتيان بالذكر فإن أمكن حفظها عن الوقوع ثانيا حسبت سجدة (۸۹) فيجلس‏ و يأتي بالأخرى إن كانت الأولى، و يكتفي بها إن كانت الثانية، و إن عادت إلى الأرض قهرا، فالمجموع سجدة واحدة فيأتي بالذكر، و إن كان بعد الإتيان به اكتفى به (۹۰).

لتحقق المسمّى بها، فيشملها الإطلاق. و أما فوات الذكر، فإن كان واجبا صلاتيا يسقط وجوبه، لفوات محلّه، و مقتضى حديث «لا تعاد»٥۱ صحة الصلاة إن قلنا بشموله للخلل الاضطرارية أيضا. و لو قلنا باختصاصه بخصوص السهو، فمقتضى حديث رفع الاضطرار الوارد مورد التسهيل و الامتنان ذلك أيضا. نعم، لو كان الذكر مقوّما سجوديا لا يحسب المأتيّ به سجدة واحدة، لفوات مقوّمها و ما له دخل في تحققها، و لكنه مشكل إن لم يكن ممنوعا.

لأنّ تحلل العدم بين وضعي الجبهة إن كان لأمير غير اختياري لا يعتني به و لا يضر بالوحدة العرفية و ان أضرّ بها بحسب الدقة العقلية، و لكن الأدلة الشرعية منزلة على الإنظار العرفية لا الدقيات العقلية، و لو ابتنت على الدقة العقلية تكون ما بعد العود سجدة أخرى لتخلل العدم بينهما، و لكنه خلاف بناء الفقه مطلقا لأنّه مبني على العرفيات، دون الدقيات، و يمكن أن يستأنس من التوقيع الرفيع ان رفع الرأس لمطلق الحاجة في أثناء السجدة ثمَّ وضعه لا يضرّ بالوحدة، فقد كتب الحميري إلى الناحية المقدسة يسأل: «عن المصلّي يكون في صلاة الليل في ظلمة فإذا سجد يغلط بهذه السجدة أم لا يعتد بها؟ فكتب إليه في الجواب ما لم يستو جالسا فلا شي‏ء عليه في رفع رأسه لطلب الخمرة»٥۲.

فإنّ المنساق منه أنّ رفع الرأس للحاجة كطلب الخمرة ثمَّ الوضع لا ينافي الوحدة، فيكون التعدد قصديا لا أن يكون قهريا.

و لباب المقال: أنّ الأقسام ثلاثة: الأول: قصد كون الثانية سجدة أخرى. الثاني: قصد كونهما من متممات الأولى و لو كان الرفع من الأولى اختياريا لضرورة و حاجة. الثالث: كون الرفع و العود كلاهما غير اختياري و مقتضى إطلاق التوقيع صحة الوسط أيضا، فكيف بالأخيرة و هو الذي تقتضيه السهولة الدينية مهما مكن للشارع في الأمور الابتلائية.

(مسألة ۱٥): لا بأس بالسجود على غير الأرض و نحوها مثل الفراش في حالة التقية (۹۱) و لا يجب التفصّى عنها بالذهاب إلى مكان‏ آخر (۹۲). نعم، لو كان في ذلك المكان مندوحة بأن يصلّي على البارية أو نحوها مما يصح السجود عليه وجب اختيارها (۹۳).

لعمومات التقية و هي كثيرة جدا يرغب إليها بالسنة شتّى و قد أشرنا إلى‏

جملة منها في مباحث الوضوء٥۳، و لأنّ الأمر يدور بين ترك الصلاة رأسا و بين ترك مباشرة الجبهة لما يصح السجود عليه، و الأخير متعين عقلا و شرعا و عرفا، و المنساق من مجموعها بعد رد بعضها إلى بعض الصحة و الإجزاء، لورودها مورد التسهيل و التيسير على الشيعة، و إيجاد الألفة بينهم و بين العامة، و القضاء أو الإعادة تشديد على الشيعة و إلقاء للبغضاء بينهم و بين العامة لو اطلعوا عليه.

لإطلاق جملة من أخبار التقية٥4 الواردة مورد البيان الذي لا وجه للتقييد فيها، فيستفاد من مجموعها أنّها من أهم جهات المجاملة بين فرق المسلمين، و حفظ الوحدة بينهم حتّى يظهر شمس الحقيقة و يزول الاختلاف من بين الأمة.

لانصراف أدلة التقية عن مثله، و تقدم في [مسألة ۳۲] من (فصل أفعال الوضوء) ما ينفع المقام فراجع.

(مسألة ۱٦): إذا نسي السجدتين (۹٤) أو إحداهما، تذكر قبل الدخول في الركوع وجب العود إليها، و إن كان بعد الركوع مضى إن كان المنسي واحدة و قضاها بعد السلام و تبطل الصلاة إن كان اثنتين، و إن كان في الركعة الأخيرة يرجع ما لم يسلّم. و إن تذكر بعد السلام بطلت الصلاة إن كان المنسي اثنتين و إن كان واحدة قضاها.

هذه المسألة مكررة و يأتي تفصيلها في [مسألة ۱٥] من (فصل الخلل) فراجع و لا وجه للتكرار.

(مسألة ۱۷): لا تجوز الصلاة على ما لا تستقر المساجد عليه كالقطن المندوف و المخدة من الريش و الكومة من التراب الناعم أو كدائس الحنطة و نحوها (۹٥).

لما دل على اعتبار الاستقرار و الطمأنينة في السجود و الصلاة، و قد تقدم في الثالث من شرائط السجود، و في [مسألة ۲٥] من (فصل مكان المصلّي) هذا إذا عدم الاستقرار حدوثا و بقاء. و أما لو كان ذلك حدوثا فقط و بعد الاستقرار شرع في الذكر صح و لا شي‏ء عليه، لوجود المقتضي للصحة و فقد المانع عنها حينئذ.

(مسألة ۱۸): إذا دار أمر العاجز عن الانحناء التام للسجدة بين وضع اليدين على الأرض و بين رفع ما يصح السجود عليه و وضعه على الجبهة فالظاهر تقديم الثاني (۹٦) فيرفع يديه أو إحداهما عن الأرض ليضع ما يصح السجود عليه على جبهته و يحتمل التخيير (۹۷).

ظهر مما مرّ من التفصيل أنّه لا وجه له.

«و الحمد للّه ربّ العالمين»

محمد الموسوي السبزواري- النجف الأشرف‏

لقاعدة الميسور، و لكنه فيما إذا أمكن الانحناء في الجملة و وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه، و أما إذا لم يمكن ذلك و كان التكليف مجرد الإيماء، فلا وجه، لأنّ الإيماء بدل عن السجود الواجب بتمام حدوده و قيوده، و مع تحقق البدل بتمامه لا وجه لمراعاة بعض شرائط المبدل و طريق الاحتياط هو التكرار رجاء.

  1. الوسائل باب: 4 من أبواب السجود حديث: ۲.
  2. الوسائل باب: ۱ من أبواب أفعال الصلاة حديث: ۲.
  3. الوسائل باب: ۲۱ من أبواب الركوع حديث: ۲.
  4. الوسائل باب: 4 من أبواب الركوع حديث: ۳.
  5. الوسائل باب: ۸ من أبواب السجود حديث: ۳.
  6. الوسائل باب: ۱ من أبواب أفعال الصلاة حديث ۱۸.
  7. الوسائل باب: ۱ من أبواب أفعال الصلاة حديث: ۹.
  8. الوسائل باب: 4 من أبواب الركوع حديث: ۸.
  9. الوسائل باب: ۱ من أبواب أفعال الصلاة حديث: ۱.
  10. الوسائل باب: ۲۳ من أبواب الركوع حديث: ۱.
  11. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب السجود حديث: ۱.
  12. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب السجود حديث: ۱.
  13. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب السجود حديث: ۳.
  14. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب السجود حديث: ۱.
  15. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب السجود حديث: ۱.
  16. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب السجود حديث: ۳.
  17. الوسائل باب: ۸۱ من أبواب النجاسات حديث: ۱.
  18. الوسائل باب: ۲۹ من أبواب النجاسات حديث: ۱.
  19. الوسائل باب: ۳۰ من أبواب النجاسات حديث: ۱.
  20. الوسائل باب: ۹ من أبواب السجود حديث: ٥.
  21. الوسائل باب: ۹ من أبواب السجود حديث: ۳.
  22. الوسائل باب: ۹ من أبواب السجود حديث: 4.
  23. الوسائل باب: ۹ من أبواب السجود حديث: ۱.
  24. الوسائل باب: ۱٥ من أبواب ما يسجد عليه حديث: ۱.
  25. الوسائل باب: ۱4 من أبواب ما يسجد عليه حديث: ٥.
  26. مستدرك الوسائل باب: ۸ من أبواب ما يسجد عليه حديث: ۲.
  27. راجع الوسائل باب: ۲، و باب: ۱۳، و باب: ۱4 من أبواب ما يسجد عليه.
  28. الوسائل باب: ۱4 من أبواب ما يسجد عليه حديث: ۱.
  29. الوسائل باب: ۱4 من أبواب ما يسجد عليه حديث: ۲.
  30. الوسائل باب: ٥ من أبواب ما يسجد عليه حديث: ۲.
  31. الوسائل باب: ٥ من أبواب ما يسجد عليه حديث: ۱.
  32. الوسائل باب: ۱۹ من أبواب السجود حديث: ۲.
  33. الوسائل باب: 4 من أبواب حد السرقة حديث: ٥.
  34. الوسائل باب: ۱ من أبواب أفعال الصلاة حديث: ۱.
  35. الوسائل باب: 4 من أبواب السجود حديث: ۸.
  36. الوسائل باب: 4 من أبواب السجود حديث: ۲.
  37. الوسائل باب: ۱ من أبواب أفعال الصلاة حديث: ۱.
  38. الوسائل باب: ۱ من أبواب قواطع الصلاة حديث: 4.
  39. الوسائل باب: ۸ من أبواب السجود حديث: 4.
  40. الوسائل باب: ۸ من أبواب السجود حديث: ۱.
  41. الوسائل باب: ۸ من أبواب السجود حديث: ۲.
  42. الوسائل باب: ۱ من أبواب قواطع الصلاة حديث: 4.
  43. الوسائل باب: ۱4 من أبواب الركوع حديث: ۲.
  44. الوسائل باب: ۸ من أبواب السجود حديث: ٦.
  45. الوسائل باب: ۱۲ من أبواب السجود حديث: ۱.
  46. الوسائل باب: ۱۲ من أبواب السجود حديث: ۱ و ۲.
  47. الوسائل باب: ۱۲ من أبواب السجود حديث: ۱ و ۲.
  48. مستدرك الوسائل باب: ۱۰ من أبواب السجود حديث: ۱.
  49. الوسائل باب: ۱۲ من أبواب السجود حديث: ۲.
  50. الوسائل باب: ۲۰ من أبواب السجود حديث: ۱.
  51. الوسائل باب: ۸ من أبواب السجود حديث: ٦.
  52. الوسائل باب: ۸ من أبواب السجود حديث: ٦.
  53. راجع ج: ۲ صفحة: ۳۸۱.
  54. راجع ج: ۲ صفحة: ۳۸۱.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"