1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. کتاب الصلاة
  10. /
  11. فصل في الركوع
يداه إلى ركبتيه (٦) وصولا لو أراد وضع شي‏ء منهما عليهما لوضعه (۷)، و يكفي وصول مجموع أطراف الأصابع (۸) التي منها الإبهام على الوجه المذكور، و الأحوط الانحناء بمقدار إمكان وصول الراحة إليها (۹)، فلا يكفي مسمّى الانحناء و لا الانحناء على غير الوجه المتعارف (۱۰)، بأن ينحني على أحد جانبيه أو يخفض كفّيه و يرفع ركبتيه و نحو ذلك و غير المستوي الخلقة كطويل اليدين أو قصيرهما يرجع إلى المستوي (۱۱)، و لا بأس باختلاف أفراد المستوين خلقة، فلكلّ حكم نفسه بالنسبة إلى يديه و ركبتيه (۱۲). الثاني: الذكر (۱۳)، و الأحوط اختيار التسبيح (۱٤) من أفراده مخيرا (۱٥) بين الثلاث من الصغرى و هي: «سبحان اللّه»، و بين التسبيحة الكبرى و هي: «سبحان ربّي العظيم و بحمده»، و إن كان الأقوى كفاية مطلق الذكر (۱٦) من التسبيح، أو التحميد، أو التهليل، أو التكبير، بل و غيرها بشرط أن يكون بقدر الثلاث الصغريات (۱۷). فيجزئ أن يقول: «الحمد للّه» ثلاثا، أو «اللّه أكبر» كذلك، أو نحو ذلك. الثالث: الطمأنينة فيه (۱۸) بمقدار الذكر الواجب (۱۹)، بل الأحوط ذلك في الذكر المندوب أيضا إذا جاء به بقصد الخصوصية (۲۰)، فلو تركها عمدا بطلت صلاته (۲۱) بخلاف السهو على الأصح (۲۲)، و إن كان الأحوط الاستئناف (۲۳) إذا تركها فيه أصلا، و لو سهوا، بل و كذلك إذا تركها في الذكر الواجب. الرابع: رفع الرأس منه (۲٤) حتّى ينتصب قائما، فلو سجد قبل ذلك عامدا بطلت الصلاة (۲٥). الخامس: الطمأنينة حال القيام (۲٦) بعد الرفع فتركها عمدا مبطل للصلاة.

بالكتاب المبين قال تعالى‏ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ وَ ارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ‏۱، و بضرورة من الدّين، و إجماع المسلمين، و نصوص متواترة من المعصومين بيانية و قولية يأتي التعرض لبعضها.

في فصل صلاة الآيات عند قوله رحمه اللّه و أما كيفيتها.

راجع [مسألة ۲ و ۱۱ و ۱4] من (فصل الخلل).

لما يأتي في [مسألة ۹] من (فصل أحكام الجماعة) و أما النوافل فلا تبطل بزيادة الركن فيها سهوا كما يأتي في (فصل جميع الصلوات المندوبة).

نصوصا، و إجماعا، و عرفا لاعتباره في مفهومه في العرف و اللغة أيضا.

اعلم أنّ الهيئات المعتبرة في الصلاة- من القيام، و الجلوس، و الركوع، و السجود- من الأمور المتعارفة بين الناس قبل الإسلام و بعده عند جميع أرباب الملل، المناط في تحققها الصدق العرفي إلا إذا دل دليل معتبر على اعتبار قيد فيه، فيتبع لا محالة، لأنّ الشارع الأقدس تحديد الموضوعات العرفية بكلّ ما شاء و أراد.

و وجه اعتبار القيد إما قاعدة الاشتغال، أو الإجماع، أو النص. و الأول لا اعتبار بها، لما ثبت في محلّه من أنّ المرجع في الشك في القيدية البراءة مطلقا، و كذا الثاني لأوله إما إلى المتعارف، أو إلى النص، مع أنّ كثرة اختلافهم تكشف عن عدم تحققه، فبعضهم عبر باليد و آخر بالراحة. و ثالث بالكف و على كلّ منها فبعضهم عبر بالوصول و بعضهم بالبلوغ، فهذه تعبيرات ستة و إن أمكن إرجاعها إلى جامع قريب، و لكنه من التطويل بلا طائل إذ لا اعتبار بمثل هذا الإجماع حتّى يبحث عن معقده و مورده، فالعمدة هو الأخير، ففي النبويّ: «إذا ركعت فضع كفيك على ركبتيك»۲.

و في صحيح حماد الحاكي لصلاة الصادق عليه السلام: «ثمَّ ركع و ملأ كفيه من ركبتيه»۳.

و في صحيح زرارة: «و تمكن راحتيك من ركبتيك»4.

و لا ريب في ظهورها في وجوب الانحناء إلى حد خاص و هو الحد المعهود في الأذهان و المتعارف بين الناس و ليس فيهما تعبد من هذه الجهة. و أما وجوب وضع اليد على الركبة و كونه مقوّما للركوع، فلا يصح فيه الاعتماد على الجميع للإجماع على عدم وجوب الوضع الفعلي و اشتمالها على جملة من المندوبات، مضافا إلى قول أبي جعفر عليه السلام في صحيح زرارة: «فإن وصلت أطراف‏

‏ أصابعك في ركوعك إلى ركبتيك أجزأك ذلك، و أحب إليّ أنّ تمكن كفيك من ركبتيك، فتجعل أصابعك في عين الركبة و تفرج بينها»٥.

و قوله عليه السلام: «و بلّغ بأطراف أصابعك عين الركبة»٦.

و نحوها غيرها و ظهور سياقه في الندب مما لا يخفى، و المراد بالوصول إمكانه لا فعليته فالمستفاد من المجموع الانحناء إلى حد يمكن أن تصل يده إلى ركبتيه كما يقال: فلان تصل يده إلى محلّ كذا و هو كناية عن طول قامته إلى حد خاص و أول هذا الحد المخصوص إنّما هو وصول أطراف الأصابع عرفا إلى الركبة، و يشهد لما قلناه موثق عمار- الوارد في ناسي الركوع- قال عليه السلام: «و إن ذكره و قد أهوى إلى الركوع قبل أن يضع يديه على الركبتين فليرجع قائما- إلى أن قال:- و إن وضع يده على الركبتين فليمض في صلاته»۷.

فإنّ المقصود منه أنّه يرجع ما لم يدخل في الركوع و إن دخل فيه فلا يرجع.

و خلاصة الكلام: إنّه ليس الركوع الشرعي المعتبر في الصلاة شيئا مغايرا للمعهود العرفي، لأنّ العرف لا يسمّي كلّ انحناء ركوعا، بل يعتبر فيه انحناء مخصوصا.

لأنّ ذلك هو المنساق من الأخبار و العرف و اللغة و الاعتبار، فلا تعبد من هذه الجهة في البين.

لما تقدم من قوله عليه السلام: «فإن وصلت أطراف أصابعك في ركوعك إلى ركبتيك أجزأك ذلك»۸.

و المنساق منه وصول مجموعها، لاقتضاء لفظ الجمع المحلّى باللام ذلك، فيكون الإبهام داخلا فيها، و المراد بأطرافها صدقه في الجملة و حيث إنّها مختلفة في الطول و القصر يكفي وصول الأقصر منها في الجملة الملازم لوصول البقية، كما أنّ المراد بالركبة أول مرتبة وجوده.

خروجا عن خلاف من أوجب ذلك، و لكن تقدم في صحيح زرارة:

«و أحبّ إليّ أن تمكن كفيك من ركبتيك»۹.

الظاهر في الاستحباب ظهورا لا ينكر، و بناء على الوجوب لا دليل على اعتباره في ركنية الركوع، للأصل، و الإطلاق بعد صدقه عرفا بدونه، فلا يضر تركه السهوي كما يأتي في الطمأنينة.

أما عدم كفاية مطلق الانحناء، فللأصل بعد ظهور الأدلة في انحناء خاص، و أما اعتبار كونه على المتعارف، فلأنّه المتفاهم من الأدلة، بل الظاهر كونه معتبرا في الركوع العرفي أيضا و الأدلة منزلة عليه.

للإجماع، و الاعتبار، و لأنّ الأدلة منزلة على المتعارف من الناس فلا وجه للتمسك بالإطلاق بالنسبة إليه لخروجه عن أفراده من جهة عدم تعارفه، و قد مرّ نظير ذلك في غسل الوجه و الوضوء، فراجع.

لشمول إطلاق الأدلة له بعد فرض كونه من المتعارف أيضا، لأنّ المتعارف ليس في حد واحد دقيّ، بل هو مختلف في الجملة.

للنصوص و الإجماع، بل الضرورة الدينية.

لجملة من النصوص:

منها: صحيح زرارة قال: «سئل أبو جعفر عليه السلام عما يجزي من القول في الركوع و السجود؟ فقال عليه السلام: ثلاث تسبيحات في ترسل، و واحدة تامة تجزي»۱۰.

و منها: موثق سماعة: «أما ما يجزيك من الركوع فثلاث تسبيحات تقول:

سبحان اللّه سبحان اللّه سبحان اللّه ثلاثا»۱۱.

و منها: خبر الحضرمي عن أبي جعفر عليه السلام: «تدري أيّ شي‏ء حد الركوع و السجود؟ قلت: لا، قال عليه السلام: سبح في الركوع ثلاث مرات سبحان ربّي العظيم و بحمده»۱۲.

و غير ذلك من الأخبار، و هذا هو المشهور، بل ادعي عليه الإجماع أيضا، و يأتي في [مسألة ۱۱] بعض ما ينفع المقام.

لما تقدم من صحيح زرارة، و غيره.

لجملة من الأخبار:

منها: صحيح هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام: «قلت له:

يجزي أن أقول مكان التسبيح في الركوع و السجود لا إله إلّا اللّه و الحمد للّه و اللّه أكبر؟ قال عليه السلام: نعم، كلّ هذا ذكر اللّه تعالى»۱۳.

و نحوه صحيح هشام بن سالم‏۱4.

و منها: خبر مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السلام: «يجزيك من القول في الركوع و السجود ثلاث تسبيحات أو قدرهنّ مترسلا»۱٥.

و عن السرائر نفي الخلاف فيه، و قد اختاره جمع، و مقتضى الجمع العرفي بين الأخبار القول بكفاية مطلق الذكر و أفضلية التسبيح، و لكن يمنع عن ذلك استقرار السيرة القطعية على ملازمة التسبيح فيهما، فلا يترك الاحتياط.

لما تقدم في خبر مسمع، و في خبره الآخر: «لا يجزي الرجل في صلاته أقل من ثلاث تسبيحات أو قدرهنّ»۱٦.

ثمَّ إنّ لفظ «و بحمده» قد ورد فيما تقدم من خبر الحضرمي، و عن حاشية البهبهاني للمدارك: إنّه مذكور في تسعة أخبار۱۷، عن مفتاح الكرامة إضافة ثلاث روايات أخرى‏۱۸ إليها أيضا، فيحمل ما لم يذكر فيه ذلك من الأخبار على ذكر البعض و إرادة الكلّ، كما هو شائع في المحاورات، فلا وجه لما حكي عن جمع من أنّه مندوب لخلوّ بعض الأخبار عنه قال في الجواهر:

«اعتمادا على معروفيتها- أي بكلمة و بحمده- الحاصلة بسبب القطع استعمال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لها في ركوعه و سجوده و تابعه المسلمون حتّى شاع و ذاع إلى أن ادعي الإجماع عليه و كذلك الأئمّة عليهم السلام يأمرون به‏

و يداومون عليه، و لذا جرت سيرة أتباعهم و سواد شيعتهم فضلا عن العلماء منهم بل شدة الأمر بقول: «سمع اللّه لمن حمده» عند رفع الرأس يشهد على ذكره في الركوع على سبيل التعاقب، بل روته العامة في أخبارهم فضلا عن الخاصة، فعن ابن مسعود: «إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: إذا ركع أحدكم فليقل ثلاث مرات: سبحان ربّي العظيم و بحمده»۱۹، و مثله عن حذيفة».

أقول: الحق إنّه لا ينبغي إطالة الكلام في هذا الأمر الذي استقر عليه عمل المسلمين بجميع مذاهبهم، و تشهد له العمومات و الإطلاقات الظاهرة في حسن الحمد و الثناء للّه تعالى مطلقا خصوصا في حال الصلاة بأيّ نحو كان سيّما مع ملازمة ذكر التسبيح للتحميد في الدعوات غالبا.

لإجماع المسلمين و نصوص المعصومين عليهم السلام، ففي خبر قرب الإسناد عن أبي عبد اللّه عليه السلام: «إذا ركع أحدكم فليتمكن»۲۰.

و قوله صلّى اللّه عليه و آله لمن علمه الصلاة: «ثمَّ اركع حتّى تطمئنّ»۲۱.

و في صحيح زرارة عن أبي جعفر: «بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جالس في المسجد إذ دخل رجل، فقام يصلّي فلم يتم ركوعه و لا سجوده، فقال صلّى اللّه عليه و آله: نقر كنقر الغراب، لئن مات هذا و هكذا صلاته ليموتنّ على غير ديني»۲۲.

و نحوه خبر عبد اللّه بن ميمون عن أبي عبد اللّه عليه السلام: «أبصر

عليّ بن أبي طالب عليه السلام رجلا ينقر صلاته، فقال عليه السلام: منذ كم صلّيت بهذه الصلاة؟ قال له الرجل: منذ كذا و كذا، فقال عليه السلام: مثلك عند اللّه كمثل الغراب إذا ما نقر، لو متّ متّ على غير ملة أبي القاسم محمد صلى اللّه عليه و آله ثمَّ قال: أسرق الناس من سرق من صلاته»۲۳.

و لكن يمكن المناقشة في الأخبار إما بقصور السند أو ظهور السياق في الآداب، فالعمدة الاتفاق عليه، و كونه من مرتكزات المصلّين بحيث يقبحون من تركه، و سيأتي التفصيل.

لتسالم الفقهاء عليه من دون خلاف منهم فيه.

لدعوى الإجماع على أنّه شرط في صحة الأذكار المندوبة، و تقدمت المناقشة فيه، و ما ينفع المقام في [مسألة ۲۹] من (فصل القيام)، و مرّ من الماتن (قدس سره) الفتوى بالوجوب هناك.

للإجماع عليه بالنسبة إلى طمأنينة الذكر الواجب، و أما في الذكر المندوب فمبنيّ على وجوبها فيه أيضا كالذكر الواجب، فإن تمَّ الدليل فهو مثله، و إلا فمقتضى الأصل الصحة، و الدليل منحصر بدعوى الإجماع و نوقش فيه بعدم التمامية فالأحوط الإتمام ثمَّ الإعادة.

لا ريب في وجوب أصل الطمأنينة في الركوع بإجماع المسلمين.

إنّما الكلام في أنّها هل تكون واجبا صلاتيا من دون أن تكون شرطا مقوّما للركوع، أو تكون مقوّما له؟ و على الأخير، هل تكون مقوّمة له بمقدار الذكر الواجب أو بقدر المسمّى؟ و البحث فيه تارة بحسب الأخبار، و أخرى بحسب‏

الإجماع المدعى، و ثالثة بحسب الأصل العملي، و رابعة بحسب العرف و الاعتبار.

أما الأول: فلا يستفاد منها- على فرض تماميتها- أزيد من أصل الوجوب في الجملة، و لا دلالة فيها على اعتبار كونها الذكر الواجب، أو كونها شرطا في الركوع، مع أنّ خلو الأخبار الكثيرة الواردة في الركوع و بيان واجباتها و مندوباتها، و كونها في مقام البيان يكشف عن عدم كونها شرطا فيه.

إن قيل: ما مرّ من خبر قرب الإسناد و النبويّ ظاهر في الشرطية.

يقال: الظهور ممنوع، و الاستئناس له وجه لو لا قصور السند، و خلو سائر الأخبار الواردة في مقام البيان عنه، فيكون إطلاق أدلة الركوع محكما.

و أما الثاني: فعن الشيخ في الخلاف دعوى الإجماع على ركنيتها في الركوع، و لكنه موهون بمصير الأكثر إلى صحة الركوع بفوات الطمأنينة سهوا فكيف يصح الاعتماد عليه.

و أما الثالث: فالمرجع في الشك في ركنية الطمأنينة- سواء كانت بقدر الذكر الواجب، أم مأخوذة في مفهوم الركوع- هو البراءة بعد عدم جواز التمسك بحديث «لا تعاد»۲4 لكونه تمسكا بالعام في الشبهة المصداقية، لاحتمال دخولها في مفهوم الركوع. و أما إن قلنا بأنّ هذا الاحتمال لا يضر بإطلاقات أدلة الركوع الواردة في مقام البيان فيصح التمسك به، إذ المناط حينئذ صدق الركوع عرفا بأيّ وجه كان.

إن قلت: إنّ الأصل فيما ثبتت شرطيته هو الركنية بالنسبة إلى النقيصة السهوية ما لم يدل دليل على الخلاف، و لا دليل عليه في المقام إلا حديث «لا تعاد» و المفروض عدم جريانه، لكونه من التمسك بالدليل في الموضوع المشتبه.

قلت: نعم، أصالة الركنية في ما ثبتت شرطيته ما لم يدل دليل على الخلاف مسلّم، و لكن في المقام لم تثبت الشرطية، لاحتمال كون الطمأنينة في‏ المقام واجبا تكليفيا محضا و احتمال كونها شرطا، فالمقام من موارد إجمال الخطاب المتعيّن فيه الرجوع إلى البراءة.

و أما العرف فلا يجزم بكونها مقوّما لركوعية الركوع، بل يرى مسمّى الانحناء ركوعا، و كونها شرطا للذكر مشكوك لديه أيضا. نعم، أصل الوجوب مقطوع به بعد التوجه إلى الأدلة.

ظهر وجه الاحتياط مما مرّ، و يأتي في [مسألة ۱٤] ما ينفع المقام.

نصّا و إجماعا، ففي خبر أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام:

«إذا رفعت رأسك من الركوع فأقم صلبك، فإنّه لا صلاة لمن لا يقيم صلبه»۲٥.

و في صحيح حماد: «ثمَّ استوى قائما فلما استمكن من القيام قال: سمع اللّه لمن حمده»۲٦.

لما مرّ من قوله عليه السلام: «لا صلاة لمن لا يقيم صلبه» و ظاهره و إن اقتضى البطلان مع السهو أيضا، لكن مقتضى حديث «لا تعاد» فيه الصحة، كما في قوله عليه السلام: «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب»۲۷. فإنّ تركها السهوي لا يوجب البطلان، لحديث «لا تعاد».

لشمول إطلاق الأدلة له بعد فرض كونه من المتعارف أيضا، لأنّ المتعارف ليس في حد واحد دقيّ، بل هو مختلف في الجملة.

لشمول إطلاق الأدلة له بعد فرض كونه من المتعارف أيضا، لأنّ المتعارف ليس في حد واحد دقيّ، بل هو مختلف في الجملة.

(مسألة ۱): لا يجب وضع اليدين على الركبتين حال الركوع (۲۷) بل يكفي الانحناء بمقدار إمكان الوضع، كما مر.

للأصل و الإجماع، و إمكان استفادته من الأخبار أيضا، فإنّ الوصول في قوله عليه السلام في الصحيح: «فإن وصلت أطراف أصابعك في ركوعك إلى ركبتيك أجزأك ذلك»۲۸.

أعم من الوضع الفعلي، كما هو واضح لا يخفى.

(مسألة ۲): إذا لم يتمكن من الانحناء على الوجه المذكور و لو بالاعتماد على شي‏ء أتى بالقدر الممكن (۲۸) و لا ينتقل إلى‏ الجلوس (۲۹) و إن تمكن من الركوع منه (۳۰) و إن لم يتمكن من الانحناء أصلا، و تمكن منه جالسا أتى به جالسا (۳۱). و الأحوط صلاة أخرى بالإيماء قائما. و إن لم يتمكن منه جالسا أيضا أومأ له- و هو قائم- (۳۲) برأسه إن أمكن، و إلا فبالعينين تغميضا له و فتحا للرفع منه. و إن لم يتمكن من ذلك أيضا نواه بقلبه، و أتى بالذكر الواجب (۳۳).

للإجماع، و قاعدة الميسور المؤيدة بمرتكزات المتشرعة، و احتمال أن تكون مراتب الهويّ من المتباينات فلا موضوع حينئذ للقاعدة، ممنوع، لأنّ العرف يراها من الأقلّ و الأكثر المتفقان في جانب الانحناء المختلفان بالأقلية و الأكثرية، فإذا تعذر بعض المراتب وجب الميسور منها. ثمَّ إنّه مع القدرة على الركوع الحقيقي و لو بالاعتماد لا يجوز له الاكتفاء بسائر المراتب الميسورة، لفرض أنّه يتمكن من الركوع الحقيقي.

لأنّ الانتقال إلى الجلوس مشروط بعدم التمكن من القيام رأسا و عدم التمكن من الركوع عن قيام و لو ببعض مراتبه، و المفروض أنّه متمكن من كلّ منهما.

أي من الانحناء التام الجلوسي، و مع ذلك لا ينتقل إلى الجلوس لاستلزامه فوت القيام الركنيّ المتصل بالركوع، و به يرجح الانحناء الميسور عن قيام على الانحناء التام الجلوسي، إذ الأول موجب لدرك القيام الركني بخلاف الأخير.

تقدم ما يتعلق به في [مسألة ۱٥] من (فصل القيام)، فراجع.

مقتضى العلم الإجمالي إما بوجوب الركوع جالسا عليه أو قائما مع الإيماء هو الجمع بينهما إلا إذا ثبت وجوب أحدهما بالخصوص. و قد استدل على وجوب الثاني بالخصوص بدعوى الاتفاق عليه، و بإطلاق ما دل على الصلاة قائما موميا عند العجز عن الركوع. و فيه: أنّ دعوى الاتفاق موهونة، و قد تعجب منها العلامة الطباطبائي رحمه اللّه، و شمول الإطلاق لما إذا تمكن من الركوع جالسا أول الدعوى، بل قد يقال بتعيين الركوع جالسا، لكونه أقرب إلى الركوع الحقيقي، فاحتمال التعيين يكون في كلّ واحد منهما فيجب الاحتياط حينئذ.

نعم، لو لم يكن إلا في أحدهما فقط يتعيّن الإتيان به، كما أنّه لو لم يكن احتماله في البين يتخيّر، إذ المقام من موارد دوران الأمر بين التعيين و التخيير لا التزاحم إذ لا ملاك في أحدهما فقط كما هو معلوم.

بناء على أنّ ذلك هو الميسور، فتشمله القاعدة. و فيه: أنّ النية

مخالفة للركوع الخارجي و لا يكون من ميسوره، و الذكر ميسور له بناء على كون وجوبه في الركوع من تعدد المطلوب و هو أول الكلام و إن كان طريق الاحتياط ما ذكره قدّس سرّه.

(مسألة ۳): إذا دار الأمر بين الركوع جالسا مع الانحناء في الجملة، و قائما موميا، لا يبعد تقديم الثاني (۳٤) و الأحوط تكرار الصلاة (۳٥).

لإطلاق ما دل على بدلية الإيماء عن الركوع عند تعذره و لا مقيد لهذا الإطلاق في المقام من إجماع أو غيره، لأنّ الإجماع الدال على العمل بقاعدة الميسور في لزوم الإتيان بالانحناء الميسور عند تعذر التام منه إنّما هو فيما إذا لم يكن مستلزما لفقد القيام الواجب كما هو المفروض في المقام، مع أنّ الصلاة قائما موميا أقرب إلى الصلاة الاختيارية من الصلاة جالسا.

لاحتمال شمول إجماعهم على العمل بقاعدة الميسور لهذه الصورة أيضا.

(مسألة ٤): لو أتى بالركوع جالسا و رفع رأسه منه ثمَّ حصل له التمكن من القيام لا يجب، بل لا يجوز له إعادته قائما (۳٦)، بل لا يجب عليه القيام للسجود خصوصا إذا كان بعد السمعلة (۳۷) و إن كان‏ أحوط (۳۸)، و كذا لا يجب إعادته بعد إتمامه بالانحناء غير التام (۳۹). و أما لو حصل له التمكن في أثناء الركوع جالسا، فإن كان بعد تمام الذكر الواجب يجتزي به، لكن يجب عليه الانتصاب للقيام بعد الرفع (٤۰). و إن حصل قبل الشروع فيه أو قبل تمام الذكر يجب عليه أن يقوم منحنيا (٤۱)، إلى حدّ الركوع القيامي ثمَّ إتمام الذكر و القيام بعده. و الأحوط مع ذلك إعادة الصلاة (٤۲) و إن حصل في أثناء الركوع بالانحناء غير التام، أو في أثناء الركوع الإيمائي، فالأحوط الانحناء إلى حد الركوع و إعادة الصلاة (٤۳).

لإتيانه ببدل الركوع الاختياري، و إطلاق دليله يقتضي الإجزاء فتكون الإعادة حينئذ من زيادة الركن الموجب للبطلان و لا يجوز ذلك عمدا.

لأنّه لو قام ثمَّ ركع يلزم زيادة الركوع فتبطل الصلاة من هذه الجهة.

أما الاجتزاء به، فلإطلاق دليل بدليته، و أما وجوب الانتصاب بعده، فلإطلاق دليل وجوبه بعد حصول القدرة عليه و التمكن منه.

يعني لو أتى بالركوع غير التام للعجز عن القيام ثمَّ حصلت له القدرة على التام لا تجب عليه إعادة التام، لإطلاق دليل البدلية. هذا في ضيق الوقت.

و أما في السعة و جواز البدار، فالأحوط إعادة الصلاة مع الركوع التام.

لاحتمال أن تكون البدلية ما دامية لا دائمية و طريق الاحتياط الإتيان بالقيام رجاء لئلا ينطبق عليه الزيادة العمدية على فرض عدم الوجوب.

لإطلاق دليل البدل الدال على الإجزاء عن المبدل.

ثمَّ إنّه لا فرق بين قبل السمعلة و بعدها بعد حصول مسمّى الجلوس الذي يكون بدلا عن مسمّى القيام. نعم، لو كان قبلها يجوز له القيام للسمعلة، لأنّ تشريعها في القيام بعد الركوع. هذا كله بناء على جواز البدار لذوي الأعذار و إلا وجب الاستئناف كما ثبت في محلّه.

لاحتمال أن يكون القيام منحنيا إلى حد الركوع القيامي من زيادة الركوع أيضا، و لكنه ضعيف. و خلاف مرتكزات المتشرعة، و إن كان الاحتياط حسن على كلّ حال. نعم، لو كان في سعة الوقت وجوب الاحتياط بالإعادة من جهة الإشكال في البدار لذوي الأعذار.

لاحتمال زيادة الركوع، لأنّ الإيماء بدل عن الركوع الحقيقي فيكون الركوع زيادة، و كذا الانحناء غير التام إذا لوحظ بحده و بدلا عن الركوع الحقيقي يكون ركوعا فيكون غيره من الزيادة. نعم، لو لم يلحظ كذلك يكون بالنسبة إلى الركوع الحقيقي من الأقلّ و الأكثر، و لكن المقام ليس كذلك.

(مسألة ٥): زيادة الركوع الجلوسي و الإيمائي مبطلة و لو سهوا كنقيصته (٤٤).

لإطلاق أدلة البدلية، و ظهور تسالم الأصحاب، مع كونه بالنسبة إلى النقيصة موافق لقاعدة انتفاء المركب بانتفاء أحد أجزائه.

(مسألة ٦): إذا كان كالراكع خلقة أو لعارض، فإن تمكن من الانتصاب و لو بالاعتماد على شي‏ء، وجب عليه ذلك، لتحصيل القيام الواجب حال القراءة، و للركوع، و إلا فللركوع فقط (٤٥)، فيقوم و ينحني، و إن لم يتمكن من ذلك لكن تمكن من الانتصاب في الجملة، فكذلك (٤٦). و إن لم يتمكن أصلا، فإن تمكن من الانحناء أزيد من المقدار الحاصل بحيث لا يخرج عن حد الركوع وجب (٤۷). و إن لم يتمكن من الزيادة، أو كان على أقصى مراتب الركوع بحيث لو انحنى أزيد خرج عن حدّه، فالأحوط له الإيماء (٤۸) بالرأس، و إن لم‏ يتمكن فبالعينين تغميضا و للرفع منه فتحا، و إلا فينوي به قلبا، و يأتي بالذكر.

أما الأول، فلإطلاق دليل وجوبه مع التمكن منه. و أما الثاني فلقاعدة الميسور، و ظهور الإجماع.

لإمكان إدراك الميسور من القيام المتصل بالركوع و من الركوع عن قيام بالنسبة إليه، فتشمله قاعدة الميسور.

في المسألة وجوه:

منها: الانحناء يسيرا بحيث يحصل الفرق بين قيامه و ركوعه، لأنّ الركوع بالنسبة إلى مثله هو ذلك حيث إنّ قيام هذا الشخص ركوع بالنسبة إلى غيره، فلا بد في ركوعه من انحناء يسير فرقا بينهما و إن خرج عن حد الركوع بالنسبة إلى غيره.

و منها: وجوب الإيماء عليه، لكونه عاجزا عن الركوع.

و منها: إبقاء تلك الهيئة عليه بقصد الركوع و المسألة بحسب الأصول من الدوران بين المتباينين، فالأحوط الجمع بين الانحناء اليسير و الذكر فيه ثمَّ الرجوع إلى حالته الأولى و الإيماء و الذكر كلّ ذلك رجاء، لئلا يلزم زيادة الركن.

لأنّه يجب عليه إحداث الركوع و هو متمكن منه في الجملة و تلك الهيئة أعم من الإحداث و الإبقاء.

(مسألة ۷): يعتبر في الانحناء أن يكون بقصد الركوع و لو إجمالا (٤۹) بالبقاء على نيته في أول الصلاة، بأن لا ينوي الخلاف فلو انحنى بقصد وضع شي‏ء على الأرض، أو رفعه، أو قتل عقرب، أو حية، أو نحو ذلك لا يكفي في جعله ركوعا، بل لا بد من القيام ثمَّ الانحناء للركوع (٥۰) و لا يلزم منه زيادة الركن (٥۱).

لأنّ الواجب في الركوع إحداثه و أنّه لا بد في القيام المتصل بالركوع من اتصاله به و عدم تخلل شي‏ء بينهما. و هذا هو المنساق من الأدلة عند المتشرعة و لم يستبعد في الجواهر الاكتفاء بإبقاء تلك الحالة للركوع الصلاتي، جمودا على الإطلاق، و لكنه مع كونه خلاف الاحتياط، خلاف المنساق من الأدلة أيضا.

أما اعتبار القصد، فلتقوّم أجزاء الصلاة بقصد الجزئية. و أما كفاية القصد الإجمالي، فلأصالة البراءة عن اعتبار الزائد عليه، فيكفي بقاء قصد أصل الصلاة بما فيها من الأجزاء في نفسه و لو لم يكن ملتفتا إليه فعلا.

لأنّ ما أتى به أولا ليس بركوع صلاتي حتّى يكون من زيادة الركوع الركني.

فرع: تقدم أنّه لا بد في الركوع الصلاتي من قصد الجزئية، و كذا سائر أجزاء الصلاة من أفعالها و أقوالها، فمع عدم قصدها لا تكون جزءا فلا يستشكل أنّه على هذا لا بد و أن لا تكون زيادة الركن نسيانا موجبا للبطلان ركوعا كان أم غيره،

لعدم قصد الجزئية مع النسيان و ذلك لما مر من كفاية القصد الإجمالي الارتكازي و لا ريب في تحققه مع النسيان أيضا، مع أنّ الزيادة السهوية لا تنافي قصد الجزئية فعلا و التفاتا في ظرف السهو لأنّ الساهي لا يلتفت إلى سهوه كما هو معلوم.

(مسألة ۸): إذا نسي الركوع فهوى إلى السجود و تذكر قبل وضع جبهته على الأرض رجع إلى القيام ثمَّ ركع و لا يكفي أن يقوم منحنيا إلى حدّ الركوع من دون أن ينتصب (٥۲)، و كذا لو تذكر بعد الدخول في السجود أو بعد رفع الرأس من السجدة الأولى قبل الدخول في الثانية على الأقوى (٥۳) و إن كان الأحوط في هذه الصورة إعادة الصلاة أيضا (٥٤) بعد إتمامها، و إتيان سجدتي السهو لزيادة السجدة (٥٥).

أما وجوب الإتيان بالركوع، فلبقاء محلّه، فيجب الإتيان به. و أما عدم كفاية القيام منحنيا، فلتحصيل القيام المتصل بالركوع و هو واجب يجب تحصيله أيضا مع تمكنه منه، فيجب أن يستوي قائما لذلك و ظاهرهم الاتفاق على صحة صلاته حينئذ و يقتضيه الأصل أيضا. هذا لو قلنا بأنّ تخلل مطلق فعل شي‏ء بين القيام و الركوع يضر بالقيام المتصل بالركوع كما هو الظاهر من الكلمات، و أما لو قلنا بأنّه لا يضر مثل الهويّ في المقام، فيصح أن يركع منحنيا و لا يجب عليه القيام لتحققه سابقا و مقتضى الأصل عدم المانعية، و لكنه خلاف ظواهر كلمات الإمامية.

البحث في المقام تارة: بحسب الأصل و أخرى بحسب القاعدة.

و ثالثة: بحسب الأخبار الخاصة.

أما الأول: فالمسألة من صغريات الشك في مانعية السجدة المأتيّ بها، و مقتضى أصالتي الصحة و عدم المانعية عدمها كما ثبت في محلّه.

و أما الثاني: فالمنساق من أدلة الترتيب بين الأجزاء أنّ ترتب الجزء اللاحق على السابق مقوّم لجزئية الجزء، فمع عدم الإتيان بالسابق لا يكون اللاحق جزءا و يكون وجوده كالعدم لا أثر له في البطلان إلا أن يدل دليل خاص عليه، فالمقتضي لإتيان الركوع المنسيّ موجود و المانع عنه مفقود، فيجب الإتيان به.

و أما الأخير: ففي صحيح رفاعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «سألته عن رجل ينسى أن يركع حتّى يسجد و يقوم قال عليه السلام: يستقبل»۲۹.

و في موثق ابن عمار قال: «سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل ينسى أن يركع قال عليه السلام: يستقبل حتّى يضع كلّ شي‏ء من ذلك موضعه»۳۰.

و في خبر أبي بصير: «إذا أيقن الرجل أنّه ترك ركعة من الصلاة و قد سجد سجدتين و ترك الركوع استأنف الصلاة»۳۱.

و في خبره الآخر: «سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل نسي أن يركع؟

قال عليه السلام: عليه الإعادة»۳۲.

و ليس شي‏ء من هذه الأخبار دالا على بطلان الصلاة بمجرد الدخول في السجدة الأولى، بل خبر أبي بصير ظاهر في إناطة البطلان بالفراغ من السجدتين و لو فرض إطلاق في بعض الأخبار لا بد من تقييده به، و لكن المشهور بطلان الصلاة، بل قال في الجواهر: «لم أقف على من فصّل بين السجدة الواحدة و السجدتين سوى ما يظهر من صاحب المدارك و تبعه صاحب الحدائق من المناقشة في البطلان، بل قال الثاني: إنّ الحكم بالبطلان لا يوافق ما ذكروه في المقام من غير خلاف بينهم إن سها عن واجب يمكن تداركه ثمَّ تداركه صحت صلاته».

أقول: و هو إشكال في محلّه. هذا، و لكن يعارضها خبر ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام: «في رجل شك بعد ما سجد أنّه لم يركع قال عليه السلام: فإن استيقن فليلق السجدتين اللتين لا ركعة لهما، فيبني على صلاته على التمام، و إن كان لم يستيقن إلا بعد ما فرغ و انصرف فليقم فليصلّ ركعة و سجدتين و لا شي‏ء عليه»۳۳.

و مثله رواية الصدوق بطريق صحيح عن أحدهما عليهما السلام باختلاف يسير و مقتضاه صحة الصلاة في نسيان الركوع و لو تذكر بعد السجدتين ثمَّ أتى به، و لكن إعراض المشهور أوهنه.

لذهاب المشهور إلى البطلان كما مر، و يأتي في [مسألة ۱٤] من (فصل الخلل) ما ينفع المقام.

لما يأتي في (فصل موجبات سجود السهو) عند قوله رحمه اللّه:

«بل لكل زيادة و نقيصة» فراجع التفصيل هناك.

(مسألة ۹): لو انحنى بقصد الركوع فنسي في الأثناء (٥٦) و هوى إلى السجود، فإن كان النسيان قبل الوصول إلى حد الركوع انتصب قائما ثمَّ ركع (٥۷)، و لا يكفي الانتصاب إلى الحد الذي عرض له النسيان (٥۸) ثمَّ الركوع، و إن كان بعد الوصول إلى حده فإن لم يخرج عن حده وجب عليه البقاء مطمئنا و الإتيان بالذكر (٥۹). و إن خرج عن حده (٦۰) فالأحوط إعادة الصلاة بعد إتمامها بأحد الوجهين: من العود إلى القيام ثمَّ الهويّ للركوع، أو القيام بقصد الرفع منه ثمَّ الهويّ للسجود، و ذلك لاحتمال كون الفرض من باب نسيان الركوع فيتعيّن الأول، و يحتمل كونه من باب نسيان الذكر و الطمأنينة في الركوع بعد تحققه و عليه فيتعيّن الثاني، فالأحوط أن يتمها بأحد الوجهين ثمَّ يعيدها (٦۱).

الأقسام خمسة:

الأول: عروض النسيان قبل الوصول إلى حد الركوع و حصول التذكر بعد التجاوز عن أقصى الحد.

الثاني: عروض النسيان قبل الوصول إلى حد الركوع و حصول التذكر قبل التجاوز عن أقصى الحد و الحكم فيهما إنّما هو الانتصاب قائما ثمَّ الركوع عن قيام لعدم اتصال إحداث الهيئة الركوعية بالقيام إلا بذلك، فلو ارتفع متقوّسا بتخلل الهويّ بقصد السجود بين القيام و بين إحداث الركوع، فيوجب البطلان على ما يظهر التسالم عليه.

الثالث: عروض النسيان بعد الوصول إلى حد الركوع و التذكر بعد التجاوز إلى أقصى الحد، و لا ريب في أنّ الاحتياط الذي ذكره (قدّس سرّه) حسن و إنّما الكلام في وجوبه، لأنّ المفروض أنّه وصل إلى حد الركوع فتحقق مسماه و المنسيّ إنّما هو الطمأنينة و الذكر، فتكون مما يأتي في [مسألة ۱٦] التي قوي فيها الصحة و إن كان بينهما فرق من جهة و هي إمكان تحصيل رفع الرأس من الركوع في المقام بخلاف المسألة الآتية لأنّ الظاهر منها التذكر بعد رفع الرأس.

الرابع: عروض النسيان بعد الوصول و التذكر قبل التجاوز عن أقصى الحد و حكمه حكم ما يأتي في القسم الخامس من غير فرق.

الخامس: عروض النسيان حين الوصول إلى الحد و حصول التذكر فيه‏

أيضا، و يجب فيه البقاء مطمئنا و الإتيان

بالذكر حينئذ لوجود المقتضي و فقد المانع و لا شي‏ء عليه.

لتحصيل الركوع عن قيام مع تمكنه منه، فيجب ذلك، لوجود المقتضي و فقد المانع.

لعدم تحقق الركوع عن قيام حينئذ و تقدم في القسمين الأولين مما تعرضنا له من الأقسام الخمسة.

هذا هو القسم الخامس الذي تعرضنا له و يصح ركوعه، لوجود المقتضي و فقد المانع عنه.

هذا هو القسم الثالث الذي تعرضنا له.

و يحتمل وجه ثالث و هو الرجوع منحنيا إلى حد الركوع و إتمامه بالذكر و الطمأنينة بقصد إتمام الركوع الأول و ليس ذلك من زيادة الركوع لأنّها إن كانت قصدية، فالمفروض عدم قصدها و إن كانت انطباقية قهرية فالظاهر عدمها، لأنّ العرف يرونه متمما للركوع الأول لا شيئا مستقلا.

(مسألة ۱۰): ذكر بعض العلماء: أنّه يكفي في ركوع المرأة الانحناء بمقدار يمكن معه إيصال يديها إلى فخذيها فوق ركبتيها (٦۲) بل قيل باستحباب ذلك، و الأحوط كونها كالرجل في المقدار الواجب من الانحناء. نعم، الأولى لها عدم الزيادة في الانحناء لئلا ترتفع عجيزتها.

الأصل في هذا الحكم قول أبي جعفر عليه السلام في خبر زرارة:

«المرأة إذا قامت في الصلاة جمعت بين قدميها- إلى أن قال- فإذا ركعت وضعت يديها فوق ركبتيها على فخذيها لئلا تطأطئ كثيرا فترتفع عجيزتها»۳4.

و لكن مقتضى العمومات و الإطلاقات و قاعدة الاشتراك عدم الفرق في مقدار الانحناء بين ركوعها و ركوع الرجل. و هذه الرواية لا تدل على الخلاف لأنّ وضع اليد فوق الركبة أعم من التقليل في الانحناء، و يشهد له التعليل أيضا حيث نهى عليه السلام عن التطأطؤ الكثير حتّى ترتفع عجيزتها و انحناء الركوع للرجل ليس من التطأطؤ الكثير كما لا يخفى، فلا وجه لما نسب إلى جمع من المتقدمين و المتأخرين من مخالفة ركوعها مع ركوع الرجل. نعم، الأولى لها عدم الزيادة في الانحناء، لئلا ترتفع عجيزتها عملا بالخبر.

(مسألة ۱۱): يكفي في ذكر الركوع التسبيحة الكبرى مرة واحدة كما مر- و أما الصغرى إذا اختارها فالأقوى وجوب تكرارها ثلاثا (٦۳)، بل الأحوط و الأفضل في الكبرى أيضا التكرار ثلاثا، كما أنّ‏ الأحوط في مطلق الذكر غير التسبيحة أيضا الثلاث (٦٤) و إن كان كلّ واحد منه بقدر الثلاث من الصغرى (٦٥) و يجوز الزيادة على الثلاث و لو بقصد الخصوصية و الجزئية (٦٦)، و الأولى أن يختم على وتر (٦۷)- كالثلاث، و الخمس و السبع و هكذا- و قد سمع من الصادق صلوات اللّه عليه ستون تسبيحة في ركوعه و سجوده.

لخبر الحضرمي قال: «قلت لأبي جعفر عليه السلام أيّ شي‏ء حد الركوع و السجود؟ قال: تقول سبحان ربّي العظيم و بحمده ثلاثا في الركوع و سبحان ربّي الأعلى و بحمده ثلاثا في السجود، فمن نقص واحدة نقص ثلث‏

صلاته و من نقص اثنين نقص ثلثي صلاته، و من لم يسبح فلا صلاة له»۳٥.

لإطلاق قوله عليه السلام في ذيل خبر ابن سالم: «و السنة ثلاث و الفضل في سبع»۳٦.

الشامل للتسبيح و ما هو بدل منه.

تقدم ما يتعلق به في الواجب الثاني من واجبات الركوع، فراجع.

أما أصل جواز الزيادة على الثلاث، فللنصوص القولية و الفعلية الدالة على رجحان إطالة الركوع و السجود و إكثار الذكر فيهما، و لأنّه من الخير المحض المطلوب على كلّ حال، و في موثق سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام: «و من كان يقوى على أن يطوّل الركوع و السجود فليطوّل ما استطاع يكون ذلك في تسبيح اللّه و تحميده و الدعاء و التضرع، فإنّ أقرب ما يكون العبد إلى ربه و هو ساجد»۳۷.

و أما صحة قصد الجزئية، فلما تقدم في المباحث السابقة من صحة قصد الجزئية بالمندوبات جزئية عرفية مسامحية.

لما في الخبر من: «أنّ اللّه تعالى وتر و يحب الوتر»۳۸.

و في خبر ابن سالم: «الفريضة من ذلك تسبيحة و السنة ثلاث و الفضل في سبع»۳۹.

و أما صحيح ابن تغلب قال: «دخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام و هو يصلّي فعددت له في الركوع و السجود ستين تسبيحة»4۰.

فهو قضية في واقعة لا تنافي رجحان الوتر، مع أنّه ليس بظاهر في أنّ جميع الستين في الركوع أو السجود من الممكن أن يكون تسعة و عشرين في الركوع و واحد و ثلاثين في السجود. ثمَّ إنّ إطلاقه يشمل التسبيحة الصغرى أيضا.

(مسألة ۱۲): إذا أتى بالذكر أزيد من مرّة لا يجب تعيين الواجب منه، بل الأحوط عدمه (٦۸)، خصوصا إذا عينه في غير الأول، لاحتمال كون الواجب هو الأول مطلقا، بل احتمال كون الواجب هو المجموع، فيكون من باب التخيير بين المرة و الثلاث و الخمس مثلا (٦۹).

أما عدم الوجوب، فلأصالة البراءة عنه، مع عدم اعتبار قصد الوجه كما ثبت في محلّه، و أما كون الأحوط العدم، فللاحتمالات الآتية المانعة عن الجزم بالتعيين.

الاحتمالات أربعة:

الأول: انطباق الواجب هو الأول و كون البقية مندوبة.

الثاني: كونه من الواجب التخييري بين الأقل و الأكثر.

الثالث: كونه هو المجموع من حيث المجموع عند اختياره.

الرابع: التخيير في جعله أيا منها شاء و أراد. و يصح الجميع ثبوتا و لكن المتفاهم من الأدلة بحسب المرتكزات هو الأول.

(مسألة ۱۳): يجوز في حال الضرورة و ضيق الوقت الاقتصار على الصغرى مرة واحدة (۷۰) فيجزئ «سبحان اللّه» مرة.

لأهمية درك الوقت عن الزائد على المرة، مع ظهور الإجماع عليه.

و أما صحيح ابن عمار: «قلت له: أدنى ما يجزي المريض من التسبيح في الركوع و السجود قال عليه السلام: تسبيحة واحدة»4۱.

و مرسل الهداية: «فإن قلت سبحان اللّه سبحان اللّه سبحان اللّه أجزأك و تسبيحة واحدة تجزي للمعتل و المريض و المستعجل»4۲.

فعدم القائل بهما و قصور سند الثاني- و إمكان حملهما على التسبيحة الواحدة الكبرى- أسقطهما عن صلاحية الاستدلال بهما للمقام. نعم، لو كانت الضرورة و الاستعجال أهم بالنسبة إلى ذكر الركوع، فيصلح دليلا للمقام، و الظاهر أنّه كذلك و لا وجه للأخذ بإطلاقهما و لو من كلّ جهة و لكلّ أمر.

(مسألة ۱٤): لا يجوز الشروع في الذكر قبل الوصول إلى حد الركوع، و كذا بعد الوصول و قبل الاطمئنان و الاستقرار (۷۱)، و لا النهوض قبل تمامه و الإتمام حال الحركة للنهوض، فلو أتى به كذلك بطل و إن كان بحرف واحد منه (۷۲)، و يجب إعادته إن كان سهوا و لم‏ يخرج عن حد الركوع (۷۳)، و بطلت الصلاة مع العمد (۷٤) و إن أتى به ثانيا مع الاستقرار (۷٥)، إلا إذا لم يكن ما أتى به حال عدم الاستقرار بقصد الجزئية، بل بقصد الذكر المطلق (۷٦).

تقدم من اعتبار الطمأنينة و الاستقرار في حال الركوع و يشمل الدليل ذلك كلّه.

لأنّه حينئذ من الزيادة العمدية في الأول و الأخير، و من فقد شرط الذكر في الوسط هذا مع العلم بالحكم و الموضوع. و أما مع الجهل بهما أو بأحدهما فإن شمله حديث «لا تعاد الصلاة»4۳ يصح و لا شي‏ء عليه و إلا يكون كالعمد و يأتي في الخلل ما ينفع المقام.

أما صحة الصلاة، فلحديث «لا تعاد الصلاة». و أما وجوب الإعادة، فلإطلاق دليل وجوبه قاعدة الاشتغال. و أما اعتبار عدم الخروج عن حد الركوع، فلأنّ محلّ الذكر إنّما هو الركوع كما تقدم و بعد الخروج عن حده لا محلّ له، فلا وجه لوجوبه.

لأنّه حينئذ من الزيادة العمدية الموجبة للبطلان كما يأتي في [مسألة ٤] من (فصل الخلل في الصلاة) فراجع.

لأنّه بعد بطلان الصلاة بالزيادة العمدية لا أثر للمأتي به ثانيا و إن أتى به صحيحا جامعا للشرائط.

لأنّ الزيادة العمدية المبطلة متقوّمة بقصد الجزئية و مع عدم قصدها لا وجه للبطلان، و لا يعتبر الاستقرار و الطمأنينة في مطلق الذكر.

(مسألة ۱٥): لو لم يتمكن من الطمأنينة لمرض أو غيره سقطت (۷۷) لكن يجب عليه إكمال الذكر الواجب قبل الخروج عن مسمّى الركوع (۷۸)، و إذا لم يتمكن من البقاء في حد الركوع إلى تمام الذكر يجوز له الشروع قبل الوصول أو الإتمام حال النهوض (۷۹).

للإجماع، و يقتضيه أنّ المنساق من دليل اعتبارها إنّما هو حال التمكن، و مقتضى قاعدة الميسور، و ظهور الإجماع عدم سقوط أصل الذكر حينئذ.

لإطلاق دليل وجوبه في الركوع الشامل لصورة عدم التمكن من الطمأنينة أيضا مع التمكن من حفظ صورة الركوع.

أما عدم سقوط أصل الذكر، فلما مر من قاعدة الميسور. و أما عدم‏

الفرق بين الحالتين، فلعدم الترجيح بينهما إلا أن يقال: إنّ في الثاني يقع الشروع في الذكر في حال الركوع و مراعاته أحوط من وقوع ختامه فيه، لتمكنه فعلا من الشروع في الذكر في حال الركوع، فتشمله إطلاقات الأدلة و عموماتها، فإذا تحقق الاضطرار يتبدل تكليفه إلى ما اضطر إليه.

(مسألة ۱٦): لو ترك الطمأنينة في الركوع أصلا بأن لم يبق في حده، بل رفع رأسه بمجرد الوصول سهوا، فالأحوط إعادة الصلاة، لاحتمال توقف صدق الركوع على الطمأنينة في الجملة، لكن الأقوى الصحة (۸۰).

لأصالة البراءة عن الوجوب في حال السهو، و عن الشرطية للركوع، و لعدم تقوم الركوع به لغة و عرفا. و على هذا يصح التمسك بإطلاق حديث: «لا تعاد الصلاة»44 أيضا، لأنّ احتمال دخل الطمأنينة فيه ضعيف لا يضر بالإطلاق.

نعم، لو كان من الاحتمال المعتنى به لا يصح التمسك به حينئذ، لأنّه تمسك بالعام في الشبهة المصداقية و الوجه في الاحتياط ظاهر، لحسنه مطلقا.

(مسألة ۱۷): يجوز الجمع بين التسبيحة الكبرى و الصغرى و كذا بينهما و بين غيرهما من الأذكار (۸۱).

لإطلاق ما دل على أنّ «ذكر اللّه حسن على كلّ حال»4٥ خصوصا في مثل الركوع و السجود المطلوب فيهما التطويل.

(مسألة ۱۸): إذا شرع في التسبيح بقصد الصغرى يجوز له أن يعدل في الأثناء إلى الكبرى (۸۲) مثلا إذا قال: «سبحان» بقصد أن‏ يقول: «سبحان اللّه» فعدل و ذكر بعده «ربّي العظيم» جاز، و كذا العكس، و كذا إذا قال: «سبحان اللّه» بقصد الصغرى ثمَّ ضم إليه «و الحمد للّه و لا إله إلّا اللّه و اللّه أكبر»، و بالعكس.

لأنّ المطلوب إنّما هو قصد طبيعي اللفظ الدال على المعنى و هو متحقق في الإتيان بلفظ- سبحان مثلا- قصد به الكبرى أو الصغرى عدل عن‏

(مسألة ۱۹): يشترط في ذكر الركوع العربية، و الموالاة و أداء الحروف من مخارجها الطبيعية، و عدم المخالفة في الحركات الإعرابية و البنائية (۸۳).

لأنّ كلّ ذلك هو المنساق من الأدلة و استقرت عليه السيرة الفتوائية و العملية، بل سيرة المهتمين بصلاتهم من أول البعثة.

(مسألة ۲۰): يجوز في لفظة «ربّي العظيم» أن يقرأ بإشباع كسر الباء من «ربّي» و عدم إشباعه (۸٤).

المراد بالإشباع إظهار (ياء المتكلم) و المراد بعدم إشباعه حذفه و كلّ منهما يصح في العلوم الأدبية المتكفلة لنظم اللغة العربية، و الأصل و الإطلاق ينفي تعيين كلّ منهما بالخصوص.

(مسألة ۲۱): إذا تحرك في حال الذكر الواجب بسبب قهريّ بحيث خرج عن الاستقرار وجب إعادته بخلاف الذكر المندوب (۸٥).

أما وجوب إعادة الذكر الواجب، فلبقاء المحلّ و إمكان تدارك ما فات هذا إذا كان صدور الذكر في حال الحركة من مجرد سبق اللسان، و أما إذا كان ذلك بالعمد و الاختيار و بقصد الجزئية تبطل من جهة الزيادة العمدية. و أما إن كان الإتيان بالذكر سهوا فيجزي فيه ما تقدم في [مسألة ۱٤]، فيأتي بالذكر في حال الاستقرار أيضا و تصح صلاته. و أما عدم الإعادة في الذكر المندوب، فلعدم‏

اعتبار الاستقرار فيه إن لم يأت به بقصد الجزئية، بل بقصد مطلق الذكر. نعم، لو أتى به بقصد الجزئية فالأحوط اعتباره كما تقدم.

ثمَّ إنّه يصح الإتيان بمطلق الذكر في حال الحركة- اختيارية كانت أو قهرية- للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق، و كذا الذكر المندوب لا بعنوان الجزئية و لا يصح في الذكر الواجب، و كذا المندوب بقصد الجزئية على الأحوط و تقدم تفصيل ذلك كلّه فراجع.

(مسألة ۲۲): لا بأس بالحركة اليسيرة التي لا تنافي صدق الاستقرار، و كذا بحركة أصابع اليد أو الرجل بعد كون البدن مستقرّا (۸٦).

لأنّ الاستقرار و الطمأنينة من الموضوعات العرفية، و يحكم العرف بصدقها مع استقرار البدن و إن تحركت أصابع اليد أو الرجل و الأدلة منزلة على المتعارف، مضافا إلى أصالة عدم المانعية و يأتي في (فصل مكروهات الصلاة) كراهة بعض الأمور و جواز بعضها الآخر الظاهرة في عدم قادحية مطلق الحركة كالعبث باليد و التمطي و نحو ذلك، فراجع.

(مسألة ۲۳): إذا وصل في الانحناء إلى أول حد الركوع فاستقر و أتى بالذكر أو لم يأت به ثمَّ انحنى أزيد بحيث وصل إلى آخر الحد لا بأس به، و كذا العكس و لا يعد من زيادة الركوع (۸۷) بخلاف ما إذا وصل إلى أقصى الحد، ثمَّ نزل أزيد، ثمَّ رجع، فإنّه يوجب زيادته، فما دام في حده يعد ركوعا واحدا و إن تبدلت الدرجات منه.

لأنّ زيادة الركوع عبارة عن إحداث ركوع آخر بعد ما أتى به أولا و المقام من التنزل في درجات ركوع واحد و لم يحصل خروج عن الركوع الأول حتّى يكون المأتيّ به ركوعا ثانيا و تقدم في المسائل السابقة ما ينفع المقام.

(مسألة ۲٤): إذا شك في لفظ «العظيم» مثلا أنّه بالضاد أو بالظاء يجب عليه ترك الكبرى و الإتيان بالصغرى ثلاثا أو غيرها من‏ الأذكار، و لا يجوز له أن يقرأ بالوجهين (۸۸)، و إذا شك في أنّ «العظيم» بالكسر أو بالفتح يتعيّن عليه أن يقف عليه، و لا يبعد عليه جواز قراءته وصلا بالوجهين، لإمكان أن يجعل «العظيم» مفعولا لأعني مقدرا (۸۹).

لا إشكال في صحة الفتح بتقدير (أعني) كما لا إشكال في صحة الرفع بتقدير (هو) إنّما الكلام في أنّه هل يجب أن يعلم به المكلّف الذي يأتي بالذكر كذلك أو لا؟ مقتضى الأصل هو الثاني، فالمناط في الصحة على الصحة الواقعية علم بها المكلّف أم لا، لعدم اعتبار قصد الوجه.

لأنّ الغلط منهما يكون من الزيادة العمدية إن أتى به بقصد الجزئية، فيكون مبطلا من هذه الجهة و تقدم منه رحمة اللّه عليه أنّ الغلط ملحق بكلام الآدميّ راجع [مسألة ٥۹] من (فصل القراءة) و أشكلنا عليه هناك و قلنا: إنّ المناط في البطلان و عدمه انطباق عنوان الزيادة العمدية عليه و عدمه و لا يصح الاقتصار على الواحد، لأنّه مخالف لقاعدة الاشتغال.

نعم، لو أتى به رجاء، فبان إصابته للواقع تصح صلاته و لا شي‏ء عليه، و كذا لو أتى بهما بعنوان الرجاء فلا تبطل للزيادة العمدية، لعدم قصد الجزئية و الشك في كونه من الكلام الآدمي يكفي في عدم شمول دليله له، لأنّه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، فالمرجع أصالة البراءة و عدم المانعية.

(مسألة ۲٥): يشترط في تحقق الركوع الجلوسي أن ينحني بحيث يساوي وجهه ركبتيه (۹۰) و الأفضل الزيادة على ذلك بحيث يساوي‏ مسجده (۹۱) و لا يجب فيه على الأصح الانتصاب على الركبتين (۹۲) شبه القائم، ثمَّ الانحناء، و إن كان هو الأحوط (۹۳).

مقتضى إطلاقات أدلة الركوع الجلوسي أنّه يعتبر فيه جميع ما يعتبر في الركوع عن قيام، فيجب أن ينحني فيه بقدر انحنائه في الركوع القيامي، فكما أنّ مقدار الانحناء يختلف في الركوع عن قيام قلة و كثرة، فقد يكون بحيث يصل الوجه إلى موضع السجود إن انحنى كثيرا و مدّ عنقه و قد يكون أقلّ منه و كلّ منهما مجز، فكذا في الركوع الجلوسي أيضا، فاللازم أن يكون بحيث لو ارتفع منحنيا

لكان ركوعه مثل الركوع عن قيام و الظاهر أنّ هذا هو مراد جميع الفقهاء، فلا نزاع عندهم في ذلك.

كما أنّ الأفضل في الركوع عن قيام ذلك أيضا، لأنّه أعلى مرتبة الانحناء، و الظاهر أنّ المراد بالمسجد، العرفي منه فيصدق التساوي على ما يقارب المسجد عرفا و لا تعتبر الدقة فيه حتّى يقال بتعذره، فلا وجه لما عن بعض الشراح من تضعيف هذا الوجه.

للأصل، و إطلاق أدلة ركوع الجالس الشامل لصورة عدم انتصاب الركبتين أيضا، و عن جمع منهم الشهيدان وجوبه، لأنّه بعد أن كان واجبا في الركوع القيامي فيجب في الجلوسي أيضا. و فيه: أنّه مجرد استحسان مخالف للأصل و اعتباره في الركوع القيامي من اللوازم التكوينية له، فلا يصلح وجها للوجوب و إن صلح للرجحان.

خروجا عن خلاف مثل الشهيدين.

(مسألة ۲٦): مستحبات الركوع أمور: أحدها: التكبير له و هو قائم منتصب (۹٤)، و الأحوط عدم تركه (۹٥)، كما أنّ الأحوط عدم قصد الخصوصية إذا كبّر في حال‏ الهويّ، أو مع عدم الاستقرار (۹٦). الثاني: رفع اليدين حال التكبير، على نحو ما مر في تكبيرة الإحرام (۹۷). الثالث: وضع الكفين على الركبتين، مفرجات الأصابع ممكّنا لهما من عينيهما، واضعا اليمنى على اليمنى و اليسرى على اليسرى (۹۸). الرابع: رد الركبتين إلى الخلف. الخامس: تسوية الظهر بحيث لو صب عليه قطرة من الماء استقر في مكانه لم يزل. السادس: مدّ العنق موازيا للظهر. السابع: أن يكون نظره بين قدميه (۹۹). الثامن: التجنيح بالمرفقين (۱۰۰). التاسع: وضع اليد اليمنى على الركبة قبل اليسرى (۱۰۱). العاشر: أن تضع المرأة يديها على فخذيها فوق الركبتين (۱۰۲). الحادي عشر: تكرار التسبيح ثلاثا، أو خمسا، أو سبعا، بل أزيد (۱۰۳). الثاني عشر: أن يختم الذكر على وتر. الثالث عشر: أن يقول قبل قوله (۱۰٤): «سبحان ربّي العظيم‏ و بحمده»: «اللّهمّ لك ركعت، و لك أسلمت، و بك آمنت، و عليك توكّلت، و أنت ربّي، خشع لك سمعي، و بصري، و شعري، و بشري، و لحمي، و دمي، و مخّي، و عصبي، و عظامي، و ما أقلّت قدماي، غير مستنكف، و لا مستكبر، و لا مستحسر». الرابع عشر: أن يقول بعد الانتصاب (۱۰٥): «سمع اللّه لمن حمده»، بل يستحب أن يضم إليه قوله: «الحمد للّه ربّ العالمين، أهل الجبروت و الكبرياء و العظمة، الحمد للّه ربّ العالمين». إماما كان أو مأموما أو منفردا (۱۰٦). الخامس عشر: رفع اليدين للانتصاب منه (۱۰۷)، و هذا غير رفع‏ اليدين حال التكبير للسجود (۱۰۸). السادس عشر: أن يصلّي على النبيّ و آله (۱۰۹) بعد الذكر أو قبله.

ففي صحيح زرارة: «إذا أردت أن تركع فقل و أنت منتصب اللّه أكبر ثمَّ تركع»4٦، و مثله غيره.

نسب إلى المعاني و الديلمي، و ظاهر المرتضى الوجوب، لما مر من ظاهر صحيح زرارة، و لكن لا بد من حمله على الندب، لمثل خبر أبي بصير:

«سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن أدنى ما يجزي في الصلاة من التكبير قال‏

عليه السلام: تكبيرة واحدة»4۷.

و خبر الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام قال: «إنّما ترفع اليدان بالتكبير، لأنّ رفع اليدين ضرب من الابتهال و التبتل و التضرّع، فأحبّ اللّه عزّ و جلّ أن يكون العبد في وقت ذكره له متبتلا متضرعا مبتهلا، و لأنّ في رفع اليدين إحضار النية و إقبال القلب على ما قال- إلى أن قال: و كلّ سنة فإنّما تؤدّى على جهة الفرض- الحديث-»4۸.

لأنّ مراعاة الاحتياط في إتيانها حال القيام و الانتصاب فلو أتى بها في حال الهويّ و عدم الاستقرار لا يقصد الخصوصية، و لكن ظاهر الإطلاقات الدالة على استحباب التكبير صحة الإتيان به مطلقا. و عن الشيخ رحمه اللّه يجوز أن يهوي إلى التكبير و تبعه غيره، و لكنه لا بد و أن يقيد بما مر من صحيح زرارة. إلا أن يقال: إنّ القيود في المندوبات من باب تعدد المطلوب كما شاع ذلك بينهم فيستحب الإتيان به و أنّ الأفضل الانتصاب و الاستقرار.

راجع [مسألة ۱٤] من (فصل تكبيرة الإحرام) فإنّ الإطلاقات تشمل جميع التكبيرات.

لقول أبي جعفر عليه السلام في صحيح زرارة: «ثمَّ اركع و قل اللهم لك ركعت و لك أسلمت و عليك توكلت و أنت ربّي، خشع لك قلبي و سمعي‏

و بصري و شعري و بشري و لحمي و دمي و مخي و عصبي و عظامي و ما أقلّته قدماي غير مستنكف و لا مستكبر و لا مستحسر، سبحان ربّي العظيم و بحمده ثلاث مرات في ترسل، و تصفّ في ركوعك بين قدميك و تجعل بينهما قدر شبر، و تمكن راحتيك من ركبتيك، و تضع يدك اليمنى على ركبتك اليمنى قبل اليسرى، و بلّغ بأطراف أصابعك عين الركبة، و فرّج أصابعك إذا وضعتها على ركبتيك، و أقم صلبك، و مدّ عنقك، و ليكن نظرك بين قدميك، ثمَّ قل: سمع اللّه لمن حمده و أنت منتصب قائم الحمد للّه ربّ العالمين أهل الجبروت، و الكبرياء و العظمة للّه ربّ العالمين، تجهر بها صوتك ثمَّ ترفع يديك بالتكبير و تخر ساجدا»4۹.

و في صحيح حماد الحاكي لصلاة الصادق عليه السلام: «ثمَّ قال: اللّه أكبر و هو قائم ثمَّ ركع و ملأ كفيه من ركبتيه مفرجات و رد ركبتيه إلى خلفه حتى استوى ظهره حتّى لو صبت عليه قطرة ماء أو دهن لم تزل لاستواء ظهره و تردد ركبتيه إلى خلفه و نصب عنقه و غمض عينيه ثمَّ سبح ثلاثا بترتيل- الحديث-»٥۰.

و يظهر منها حكم الرابع و الخامس و السادس.

لما تقدم في صحيح زرارة، و مر في صحيح حماد أنّه «غمض عينيه»، و يمكن الحمل على التخيير، أو استحباب التغميض، و لكن لو فتحهما استحب له النظر إلى ما بين قدميه، و عن النهاية: «استحباب التغميض فإن لم‏

يفعل نظر إلى ما بين رجليه». و أما قول الصادق عليه السلام: «إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى أن يغمّض الرجل عينيه في الصلاة»٥۱.

فيمكن حمله على غير حال الركوع، لقاعدة الإطلاق و التقييد.

للإجماع، و النص، فعن ابن بزيع قال: «رأيت أبا الحسن عليه السلام يركع ركوعا أخفض من ركوع كلّ من رأيته يركع، و كان إذا ركع جنح بيديه»٥۲.

و في صحيح حماد الحاكي لصلاة الصادق عليه السلام: «أنّه عليه السلام لم يضع من يديه على شي‏ء منه في ركوع و لا سجود و كان متجنحا»٥۳.

لما تقدم في صحيح زرارة.

لما مر في المسألة العاشرة، فراجع.

لما سبق في [مسألة ۱۱]، و كذا وجه استحباب الختم على وتر، فراجع.

لما تقدم في صحيح زرارة فانظر إليه.

لما مر في صحيح زرارة، و يستحب الجهر كما ذكر في الصحيح.

للإطلاق الشامل للجميع.

للإجماع، و لما مرّ من أنّ زينة الصلاة رفع اليدين عند كلّ تكبيرة.

لصحيح ابن عمار قال: «رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام يرفع يديه إذا ركع، و إذا رفع رأسه من الركوع، و إذا سجد، و إذا رفع رأسه من السجود، و إذا أراد أن يسجد الثانية»٥4.

و في صحيح ابن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «في الرجل يرفع يده كلّما أهوى للركوع و السجود و كلّما رفع رأسه من ركوع أو سجود قال:

هي العبودية»٥٥.

و عن جميع من الفقهاء الفتوى باستحباب ذلك، و لكن نسب إلى المشهور عدم الاستحباب، و لعلّه لخلوّ ما تقدم من صحيحي زرارة و حماد عن ذلك و فيه:

أنّ الصحيحين ظاهران، بل نص في الرجحان و احتمال سقوطهما بالإعراض لا

وجه له خصوصا في المندوبات المبتنية على المسامحة و خصوصا بعد قوله عليه السلام: «هي العبودية»، و هل يستحب التكبير في حال هذا الرفع كما عن بعض؟ من عموم ما دل على أنّه: «إذا انتقل من حالة إلى أخرى فعليه التكبير»٥٦.

و ظهور خبر الأصبغ عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال: «لما نزلت على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله‏ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ قال: يا جبرئيل ما هذه النحيرة التي أمر بها ربّي؟ قال: يا محمد إنّها ليست نحيرة و لكنّها رفع الأيدي في الصلاة»٥۷.

فيستحب من حصر التكبيرة في الثنائية بإحدى و عشرين، و في المغرب بستة عشر، و في الفجر بأحد عشر و قصور سندهما فلا يستحب. و لكن القصور لا يصلح للمنع لتسامحهم في المندوبات بما لا يتسامحون في غيرها و الحصر يمكن أن يحمل على المؤكد لا أصل المشروعية، مع أنّ في استفادة أصل الحصر من العدد بحث، لما ثبت في محلّه عدم المفهوم له.

لصحيح ابن سنان قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يذكر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و هو في الصلاة المكتوبة إما راكعا و إما ساجدا، فيصلّي عليه و هو على تلك الحال؟ فقال عليه السلام: نعم، إنّ الصلاة على نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه و آله كهيئة التكبير و التسبيح و هي عشر حسنات يبتدرها ثمانية

عشر ملكا أيّهم يبلغها إياه»٥۸.

و عن أبي جعفر عليه السلام: «من قال في ركوعه و سجوده و قيامه صلّى اللّه عليه محمد و آل محمد كتب اللّه له بمثل الركوع و السجود و القيام»٥۹.

و نحوهما غيرهما.

(مسألة ۲۷): يكره في الركوع أمور: أحدها: أن يطأطئ رأسه (۱۱۰) بحيث لا يساوي ظهره أو يرفعه إلى فوق كذلك (۱۱۱). الثاني: أن يضم يديه إلى جنبيه (۱۱۲). الثالث: أن يضع إحدى الكفين على الأخرى، و يدخلهما بين ركبتيه (۱۱۳)، بل الأحوط اجتنابه (۱۱٤). الرابع: قراءة القرآن فيه (۱۱٥). الخامس: أن يجعل يديه تحت ثيابه ملاصقا لجسده (۱۱٦).

خبر معاني الأخبار: «إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى أن يذبح الرجل في الصلاة كما يذبح الحمار»٦۰.

قال الصدوق رحمه اللّه: و معناه أن يطأطئ الرجل رأسه في الركوع حتّى يكون أخفض من ظهره، و عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام: «إنّ عليا كان يعتدل في الركوع- إلى أن قال-: و كان يكره أن يحدر رأسه و منكبيه في الركوع و لكن يعتدل»٦۱.

و عن عليّ بن عقبة قال: «رآني أبو الحسن بالمدينة و أنا أصلّي و أنكس برأسي و أتمدد في ركوعي فأرسل إليّ لا تفعل»٦۲.

لخبر المعاني قال: «و كان إذا ركع لم يضرب رأسه و لم يقنعه»٦۳.

قال رحمه اللّه: و معناه أنّه لم يكن يرفعه حتّى يكون أعلى من جسده و لكن بين ذلك، و الإقناع رفع الرأس و إشخاصه، قال اللّه تعالى‏ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ‏٦4، و يشهد له ما تقدم من استحباب مدّ العنق و التسوية.

على المشهور، و يشهد له ما تقدم من استحباب التجنح و لم أظفر على خبر يدل عليه بالخصوص. نعم، لو كان ترك كلّ مندوب مكروها يكون ما تقدم دليلا عليها.

نسب إلى أبي الصلاح و الشهيد و غيرهما القول بالكراهة و لم نظفر على دليلها. نعم، لو كان ترك المندوب مكروها يكون دليل وضع اليدين على الركبتين دليلا على كراهة ذلك، و لكنه مشكل، بل ممنوع.

خروجا عن خلاف ابن الجنيد و الفاضلين حيث نسب إليهم الحرمة و لم نجد دليلا على الكراهة فضلا عن الحرمة.

لقول عليّ عليه السلام: «لا قراءة في ركوع و لا سجود إنّما فيهما المدحة للّه عزّ و جلّ ثمَّ المسألة، فابتدءوا قبل المسألة بالمدحة للّه عزّ و جلّ ثمَّ اسألوه بعده»٦٥.

و عنه عليه السلام: «سبعة لا يقرأون القرآن: الراكع و الساجد و في الكنيف و في الحمام و الجنب و النفساء و الحائض»٦٦.

و نحوهما غيرهما المحمول على الكراهة إجماعا و المراد بها في المقام الكراهة في العبادة كما في غير المقام.

للإجماع، و لخبر عمار عن الصادق عليه السلام: «سألته عن‏

الرجل يصلّي، فيدخل يده في ثوبه قال عليه السلام: إن كان عليه ثوب آخر إزار أو سراويل، فلا بأس و إن لم يكن فلا يجوز له ذلك، فإن أدخل يدا واحدة و لم يدخل الأخرى فلا بأس»٦۷.

المحمول على الكراهة جمعا و إجماعا، فعن ابن فضال عن رجل قال:

«قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: إنّ الناس يقولون: إنّ الرجل إذا صلّى و أزراره محلولة و يده داخلة في القميص إنّما يصلّي عريانا، قال عليه السلام: لا بأس»٦۸.

و عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: «سألته عن الرجل يصلّي و لا يخرج يديه من ثوبه قال: إن أخرج يديه فحسن، و إن لم يخرج فلا بأس»٦۹.

(مسألة ۲۸): لا فرق بين الفريضة و النافلة في واجبات الركوع و مستحباته و مكروهاته و كون نقصانه موجبا للبطلان (۱۱۷). نعم، الأقوى عدم بطلان النافلة بزيادته سهوا (۱۱۸).

كلّ ذلك لإطلاق الأدلة، و إجماع فقهاء الملة، و قاعدة الإلحاق.

هذه المسألة مكررة في الكتاب في مواضع ثلاثة: أحدها هنا و الثاني في السابع من (فصل الشكوك التي لا اعتبار بها) و الثالث في (فصل جميع الصلوات المندوبة).

و عمدة الدليل كثرة مسامحة الشارع في التسهيل و التيسير في الصلوات المندوبة بحيث يطمأنّ منها عدم قادحية الزيادة السهوية مطلقا فيها و هو مقتضى الأصل أيضا، و ليس في البين إلا قاعدة الإلحاق، و عمدة دليلها الإجماع و ثبوته في المقام مشكل، بل ممنوع، و يدل عليه أيضا خبر الصيقل عن الصادق عليه السلام قال: «قلت له: الرجل يصلّي الركعتين من الوتر ثمَّ يقوم فينسى‏

التشهد حتّى يركع و يذكر و هو راكع. قال عليه السلام: يجلس من ركوعه يتشهد ثمَّ يقوم فيتم، قال: قلت: أ ليس قلت في الفريضة إذا ذكره بعد ما ركع مضى في صلاته ثمَّ سجد سجدتي السهو بعد ما ينصرف يتشهد فيهما؟ قال:

ليست النافلة مثل الفريضة»۷۰.

و توهم لزوم حمله على كون الثالثة مقصودا بها صلاة أخرى خلاف ظاهر إطلاق صدره و خلاف إطلاق ذيله أيضا «ليست النافلة مثل الفريضة»، مع أنّه على هذا فحق السؤال أن يقال: فنسي التشهد حتّى يدخل في صلاة أخرى و يركع، و كذا خبر الحلبي قال: «سألته عن الرجل سها في ركعتين من النافلة فلم يجلس بينهما حتّى قام فركع في الثالثة، فقال عليه السلام: يدع ركعة و يجلس و يتشهد و يسلّم ثمَّ يستأنف الصلاة بعد»۷۱.

و أشكل عليه أيضا: بظهوره في أنّ الثالثة كانت مقصودة. و فيه: أنّه من مجرد الاحتمال الذي لا ينافي ظهور الإطلاق خصوصا بملاحظة ما سبق من أنّ النافلة ليست كالفريضة و صحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال:

«سألته عن السهو في النافلة فقال عليه السلام: ليس عليك شي‏ء»۷۲.

فإنّ إطلاقه يشمل الزيادة و النقيصة مطلقا إلا ما دل الدليل على الخلاف.

و توهم ظهوره في الشك مما لا دليل عليه و إن استعمل في الشك أيضا و يأتي ما ينفع المقام في (فصل الشكوك التي لا اعتبار بها) عند قوله: «و نقصان الركن مبطل كالفريضة بخلاف زيادته فإنّها لا توجب البطلان على الأقوى» و لنشر إلى بعض ما قلناه في الركوع:

و اركع ركوع خائف مسكين‏ لدى مليك راحم معين‏
و طوّل الرّكوع في الصّلاة فإنّها من سبيل النّجاة
و أخلص لمن قد فرض العبادة قد رفع اللّه بها عباده‏
استكانة العبّاد في ركوعهم‏ تنزّل الرّحمة في ربوعهم‏
إنّ الرّكوع و السّجود و الثّنا أعظم طاعة لخالق السّما
و اخضع بها للقاهر العظيم‏ مكوّن الأكوان بالتّنظيم‏
إنّ الرّكوع و السّجود حقّه‏ بذاته لذاك يستحقّه‏
  1. سورة البقرة: 4۳.
  2. المعتبر صفحة: ۱۷۹.
  3. الوسائل باب: ۱ من أبواب أفعال الصلاة حديث: ۱.
  4. الوسائل باب: ۱ من أبواب أفعال الصلاة حديث: ۳.
  5. الوسائل باب: ۱ من أبواب أفعال الصلاة حديث: ۱.
  6. الوسائل باب: ۲۸ من أبواب الركوع حديث: ۲.
  7. الوسائل باب: ۱٥ من أبواب القنوت حديث: ۲.
  8. الوسائل باب: ۱ من أبواب أفعال الصلاة حديث: ۱.
  9. الوسائل باب: 4 من أبواب الركوع حديث: ۲.
  10. الوسائل باب: ٥ من أبواب الركوع حديث: ۳.
  11. الوسائل باب: 4 من أبواب الركوع حديث: ۷.
  12. الوسائل باب: ۷ من أبواب الركوع حديث: ۱.
  13. الوسائل باب: ۷ من أبواب الركوع حديث: ۲.
  14. الوسائل باب: ٥ من أبواب الركوع حديث: ۱.
  15. الوسائل باب: ٥ من أبواب الركوع حديث: 4.
  16. الوسائل باب: ۱ من أبواب أفعال الصلاة، و باب: ۱ و 4 و ٦ و ۲۱ من أبواب الركوع.
  17. راجع مستدرك الوسائل باب: ۱٦ حديث. ۱، و باب ۲۰ حديث ٦ و ۲ من أبواب الركوع.
  18. صحيح البخاري صفحة: ۱۸4 ج: ۱.
  19. الوسائل باب: ۸ من أبواب أعداد الفرائض حديث: ۱4.
  20. كنز العمال ج: 4 صفحة: ۹۳.
  21. الوسائل باب: ۳ من أبواب الركوع حديث: ۱.
  22. الوسائل باب: ۹ من أبواب أعداد الفرائض حديث: ۲.
  23. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الركوع حديث: ٥.
  24. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الركوع حديث: ۲.
  25. الوسائل باب: ۱ من أبواب أفعال الصلاة حديث: ۱.
  26. مستدرك الوسائل باب: ۱ من أبواب القراءة في الصلاة حديث: ٥.
  27. الوسائل باب: ۱ من أبواب أفعال الصلاة حديث: ۳.
  28. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الركوع حديث: ۱.
  29. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الركوع حديث: ۲.
  30. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الركوع حديث: ۳.
  31. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الركوع حديث: 4.
  32. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب الركوع حديث: ۲.
  33. الوسائل باب: ۱۸ من أبواب الركوع حديث: ۲.
  34. الوسائل باب: 4 من أبواب الركوع حديث: ٥.
  35. الوسائل باب: 4 من أبواب الركوع حديث: ۱.
  36. الوسائل باب: ٦ من أبواب الركوع حديث: 4.
  37. الوسائل باب: ۳۱ من أبواب الوضوء حديث: ۲.
  38. الوسائل باب: 4 من أبواب الركوع حديث: ۱.
  39. الوسائل باب: ٦ من أبواب الركوع حديث: ۱.
  40. الوسائل باب: 4 من أبواب الركوع حديث: ۸.
  41. مستدرك الوسائل باب: ۱ من أبواب الركوع حديث: 4.
  42. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الركوع حديث: ٥.
  43. الوسائل باب: ۱ من أبواب قواطع الصلاة حديث: ۳.
  44. الوسائل باب: ۸ من أبواب أحكام الخلوة في الصلاة حديث: ۲.
  45. الوسائل باب: ۱ من أبواب الركوع حديث: ۱.
  46. الوسائل باب: ۱ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث: ٥.
  47. الوسائل باب: ۹ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث: ۱۱.
  48. الوسائل باب: ۱ من أبواب الركوع حديث: ۱.
  49. الوسائل باب: ۱ من أبواب أفعال الصلاة حديث: ۱.
  50. الوسائل باب: ٦ من أبواب قواطع الصلاة حديث: ۱.
  51. الوسائل باب: ۱۸ من أبواب الركوع حديث: ۱.
  52. الوسائل باب: ۱ من أبواب أفعال الصلاة حديث: ۱.
  53. الوسائل باب: ۲ من أبواب الركوع حديث: ۲.
  54. الوسائل باب: ۲ من أبواب الركوع حديث: ۳.
  55. الوسائل باب: ۲ من أبواب الركوع حديث: ۷.
  56. الوسائل باب: ۹ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث: ۱۳.
  57. الوسائل باب: ۲۰ من أبواب الركوع حديث: ۱.
  58. الوسائل باب: ۲۰ من أبواب الركوع حديث: ۳.
  59. الوسائل باب: ۱۸ من أبواب الركوع حديث: ۳.
  60. الوسائل باب: ۱۹ من أبواب الركوع حديث: ۳.
  61. الوسائل باب: ۱۹ من أبواب الركوع حديث: ۱.
  62. الوسائل باب: ۱۸ من أبواب الركوع حديث: 4.
  63. سورة إبراهيم: ٥.
  64. الوسائل باب: ۸ من أبواب الركوع حديث: 4.
  65. الوسائل باب: 4۷ من أبواب قراءة القرآن حديث: ۱.
  66. الوسائل باب: 4۰ من أبواب لباس المصلّي حديث: 4.
  67. الوسائل باب: 4۰ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۲.
  68. الوسائل باب: 4۰ من أبواب لباس المصلّي حديث: ۱.
  69. الوسائل باب: ۸ من أبواب التشهد حديث: ۱.
  70. الوسائل باب: ۱۸ من أبواب الخلل حديث: ۱.
  71. الوسائل باب: ۱۸ من أبواب الخلل حديث: ۱.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"