1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. کتاب الصلاة
  10. /
  11. فصل في أوقات اليومية و نوافلها
وقت الظهرين ما بين الزوال (۱) و المغرب (۲)، و يختص الظهر بأوله مقدار أدائها (۳) بحسب حاله، و يختص العصر بآخره كذلك (٤). و ما بين المغرب‏ و نصف الليل وقت للمغرب (٥) و العشاء (٦).و يختص المغرب بأوله بمقدار أدائه و العشاء بآخره كذلك (۷) هذا للمختار. و أمّا المضطر- لنوم أو نسيان أو حيض أو نحو ذلك من أحوال الاضطرار- فيمتد وقتهما إلى طلوع الفجر (۸). و يختص العشاء من آخره بمقدار أدائها دون المغرب من أوله أي: ما بعد نصف الليل (۹). و الأقوى أنّ العامد في التأخير إلى نصف الليل أيضا كذلك- أي: يمتد وقته إلى الفجر- و إن كان آثما بالتأخير، لكن الأحوط (۱۰) أن لا ينوي الأداء و القضاء، بل الأولى ذلك في المضطر أيضا (۱۱).و ما بين طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس وقت الصبح (۱۲).و وقت الجمعة من الزوال إلى أن يصير الظل مثل الشاخص (۱۳)، فإن‏ أخّرها عن ذلك مضى وقته و وجب عليه الإتيان بالظهر (۱٤) و وقت‏ فضيلة الظهر من الزوال إلى بلوغ الظلّ الحادث بعد الانعدام أو بعد الانتهاء مثل الشاخص (۱٥).و وقت فضيلة العصر من المثل إلى المثلين على المشهور (۱٦)، و لكن لا يبعد أن يكون من الزوال إليهما (۱۷).و وقت فضيلة المغرب من المغرب إلى ذهاب الشفق أي الحمرة المغربية (۱۸). و وقت فضيلة العشاء من ذهاب الشفق إلى ثلث الليل (۱۹)، فيكون لها وقتا إجزاء قبل ذهاب الشفق و بعد الثلث إلى النصف (۲۰).و وقت فضيلة الصبح من طلوع الفجر إلى حدوث الحمرة في المشرق (۲۱).

لا بد من تقديم أمور:

الأول: إنّ الأوقات و علاماتها، كالزوال و المغرب و الفجر و نحو ذلك من الأمور التكوينية المختلفة بحسب الأماكن غير المختصة بشريعة، و كانت معروفة و مشهورة عند من يهتم بأوقاته قديما و حديثا، فليس للشارع تعبد خاص لا بالنسبة إلى الأوقات و لا بالنسبة إلى العلامات، و إنّما تعبّد بأفعال خاصة في أوقات مخصوصة، فريضة كانت أو نافلة.

الثاني: لا ينعدم النور و الظلمة حول الأرض منذ خلقت الشمس و الأرض، سواء قيل بحركتهما معا أو الأولى فقط أو الأخيرة كذلك، لأنّ ذلك من لوازم الجسمين المستديرين إذا كان أحدهما منيرا و الآخر مستنيرا مع وجود حركة ما في الجملة في البين، كما أنّ الظاهر عدم انعدام الحمرة و الشفق عن حول الأرض في مشرقها و مغربها أبدا، لأنّهما عبارتان عن اختلاط ضوء الشمس بالظلمة، في الجملة، فكلّ ظلمة دائرة حول الأرض تكون مسبوقة و ملحوقة بهما، لحصول اختلاط الضوء في طرفي الظلمة.

ثمَّ إنّ الحمرة في أخبار المواقيت تطلق تارة: على الحمرة المشرقية، فيكون حدوثها قبل طلوع الشمس آخر وقت فضيلة صلاة الصبح، و زوالها بعد الغروب أول دخول وقت المغرب، و تطلق أخرى: على الحمرة المغربية الحادثة بعد زوال الحمرة المشرقية عند غروب الشمس، و يعبّر عنها بالشفق أيضا، فيكون زوالها آخر وقت فضيلة المغرب و أول وقت فضيلة العشاء، كما أنّ الغسق في تلك الأخبار يطلق تارة على انتصاف الليل، كقوله (عليه السلام): «غسق الليل انتصافه»۱.

و أخرى على ما بين غروب الشمس إلى سقوط الشفق» كقوله (عليه السلام): «و من غروب الشمس إلى غروب الشفق غسق»۲.

و أما الزوال في الأخبار فيلحظ بالنسبة إلى نصف النهار من طلوع الشمس إلى غروبها، لا من طلوع الفجر، لأنّه يعرف بالشاخص و ظلّه، و لا يحدث الظلّ إلّا بالشمس، و الأخبار ظاهرة، بل صريحة في ذلك.

الثالث: الوقت الاختصاصي على قسمين:

الأول: الاختصاصي الذاتي بحيث يكون أول الزوال بالنسبة إلى صلاة العصر- مثلا- كما قبل الزوال بالنسبة إليها، و يكون مقدار أربع ركعات إلى المغرب بالنسبة إلى صلاة الظهر كما بعد المغرب بالنسبة إليها، و كذا بالنسبة إلى العشاءين.

الثاني: الاختصاصي الفعلي، يعني أنّ ذات الوقت مشترك بينهما، و لكن فعلية التكليف بالسابقة تمنع عن إتيان اللاحقة، فلو فرض عدم فعلية السابقة لنسيان أو جهة أخرى تصح اللاحقة لو أتي بها في أول وقت السابقة، و المنساق من الأدلة، كما يأتي، هو الأخير، لظهور قوله (عليه السلام): «إذا زالت الشمس دخل الوقتان الظهر و العصر»۳، و لو شك في ذلك فالمتيقن هو الثاني أيضا، فيرجع في ثبوت الاختصاصية الذاتية إلى الأصل.

الرابع: وقت الفضيلة و الإجزاء يدور مدار الأفق الذي يكون المكلّف فيه.

و يختلف ذلك حسب اختلاف الآفاق، فلو كان في محلّ و كان الوقت فيه وقت الفضيلة و ذهب إلى محلّ يكون الوقت الإجزاء أو بالعكس، فالمدار على المحلّ الذي يصلّي فيه، و كذا الكلام فيما قبل الوقت و بعده.

الخامس: لا ريب في اختلاف زمان فعل الفريضة بحسب حال المصلّي من السرعة و البطء في صلاته و إتيان المندوبات فيها- قلة و كثرة- و إتيان النافلة و التسبيحة قبل صلاة الظهر و قبل العصر اختلافا كثيرا حسب اختلاف أنواع المصلّين بحيث يكون التحديد الحقيقي من هذه الجهة متعذرا جدا، فالتحديد إما بحسب ذات الصلاة أو بحسب إتيانها مع نافلتها و كلّ منهما إما مع السرعة أو مع عدمها و هذا اختلاف عرفي عادي لنوع المصلّين.

السادس: إذا لوحظ مجموع الأخبار الواردة في تحديد الأوقات فهي على قسمين الأول المحكمات من الأخبار. الثاني غيرها و القسم الثاني بمنزلة الشرح و البيان للقسم الأول.

السابع: يظهر من بعض الأخبار أنّ في نفس بيان الاختلاف موضوعية خاصة عند الإمام (عليه السلام) كخبر أبي خديجة عن الصادق (عليه السلام) قال: «سأله إنسان و أنا حاضر فقال: ربما دخلت المسجد و بعض أصحابنا يصلّون العصر و بعضهم يصلّي الظهر فقال: أنا أمرتهم بهذا لو صلّوا على وقت واحد عرفوا فأخذوا برقابهم»4.

للكتاب المبين، و نصوص متواترة، و بضرورة الدّين، قال تعالى‏ أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى‏ غَسَقِ اللَّيْلِ‏٥.

و الدلوك هو الزوال، و قال أبو جعفر (عليه السلام) في الصحيح: «إذا زالت الشمس دخل الوقتان الظهر و العصر»٦.

و في صحيح عبيد بن زرارة قال: «سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن وقت الظهر و العصر، فقال: إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر و العصر جميعا، إلّا أنّ هذه قبل هذه، ثمَّ أنت في وقت منهما جميعا حتّى تغيب الشمس»۷.

و في خبر ابن سيابة، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين»۸.

و مثله أخبار أخر.

و أما ما دلّ على أنّ وقت الظهر بعد الزوال بقدم، كصحيح ابن عبد الخالق قال: «سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن وقت الظهر، فقال: بعد الزوال بقدم أو نحو ذلك إلّا في يوم الجمعة أو في السفر، فإن وقتها حين تزول»۹.

و ما دل على أنّه بعد الزوال بقدمين و وقت العصر بعد ذلك قدمان، كصحيح الفضلاء عنهما (عليهما السلام) أنّهما قالا: «وقت الظهر بعد الزوال قدمان، و وقت العصر بعد ذلك قدمان»۱۰.

و ما دلّ على أنّ وقت الظهر ذراع من زوال الشمس و وقت العصر ذراعان من وقت الظهر، كصحيح زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «سألته عن وقت الظهر، فقال: ذراع من زوال الشمس، و وقت العصر ذراعان من وقت الظهر، فذاك أربعة أقدام من زوال الشمس‏۱۱.

فلا بد من حمل كلّ ذلك على مراتب الفضل من حيث ترتب الصلاتين على نافلتهما، و طول النافلة و قصرها، لعدم احتمال المعارضة بين مثل هذه الأخبار و ما ثبت بضرورة الدّين خلفا عن سلف.

يدل عليه- مضافا إلى الكتاب- كما تقدّم- و الضرورة الدينية في‏ الجملة،- نصوص مستفيضة:

منها: ما رواه عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه (عليه السلام): «لا تفوت صلاة النهار حتّى تغيب الشمس»۱۲.

و في خبره الآخر عنه (عليه السلام) أيضا: «صلاتان أول وقتهما من عند زوال الشمس إلى غروب الشمس»۱۳.

و في خبر زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): «فإنّك في وقت منهما حتّى تغيب الشمس»۱4.

إلى غير ذلك من الأخبار.

و أما المرسل: «أول الوقت رضوان اللّه، و آخره عفو اللّه، و العفو لا يكون إلّا عن ذنب»۱٥.

و ما ورد في أنّ من تعمد تأخير العصر حتّى تصفرّ الشمس و تغيب، فليس له في الجنة أهل و لا مال، كما في صحيح الحلبي‏۱٦، و قوله (عليه السلام) في خبر ربعي: «من أخطأ وقت الصلاة، فقد هلك، و إنّما الرخصة للناسي و المريض و المدنف و المسافر و النائم في تأخيرها»۱۷.

و قول الصادق (عليه السلام) في صحيح ابن سنان: «لكلّ صلاة وقتان و أول الوقتين أفضلهما، و لا ينبغي تأخير ذلك عمدا، و لكنّه وقت من شغل أو نسي أو سهى أو نام، و ليس لأحد أن يجعل آخر الوقتين إلّا من عذر أو علة»۱۸.

إلى غير ذلك مما سيق هذا المساق فالجميع في مقام الترغيب و التحريض على المبادرة إلى الإتيان في أول وقت الفضيلة و ليس في مقام التوقيت و التحديد الحقيقي بقرينة غيرها، مضافا إلى وهنها بالإعراض، و المعارضة بغيرها، مع قصور السند أو الدلالة في بعضها. فلا وجه للاستناد إليها في التوقيت الحقيقي كما عن بعض القدماء (قدّس سرّهم).

نصّا و إجماعا من المسلمين، بل الضرورة المذهبية في الجملة. ففي خبر داود بن فرقد عن أبي عبد اللّه (عليه السلام): «إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر و العصر حتّى يبقى من الشمس مقدار ما يصلّي أربع ركعات، فإذا بقي مقدار ذلك فقد خرج وقت الظهر و بقي وقت العصر حتّى تغيب الشمس»۱۹.

و إنّما الكلام في أنّ هذا الاختصاص ذاتي أو فعليّ لأجل الترتيب بين الصلاتين، فلو فرض سقوط الترتيب للنسيان و نحوه تصح اللاحقة في وقت السابقة بناء على الأخير دون الأول. ألحق هو الأخير، لجملة من الأخبار:

منها: صحيح عبيد قال (عليه السلام): «إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر و العصر جميعا إلّا أنّ هذه قبل هذه ثمَّ أنت في وقت منهما جميعا حتّى تغيب الشمس»۲۰.

و هو من محكمات الأخبار غير القابلة للتقييد، فيكون المراد بمثل خبر ابن فرقد صلاحية الوقت ذاتا لكلّ من الفريضتين لو لا وجوب تقديم السابقة على اللاحقة، و بملاحظة هذه الجهة يكون مقدار أداء فريضة الظهر مختصا بها، و هذا نظير ما ورد في النافلة: «إلّا أنّ بين يديها سبحة، و ذلك إليك إن شئت طوّلت و إن شئت قصّرت»۲۱.

فيكون وقت فضيلة الفريضة أول الوقت إلا أنّ ملاحظة النافلة أوجبت تأخير وقت فضيلة الفريضة بقدر أداء النافلة.

و ما يتوهّم من أنّه لا وجه حينئذ لقوله (عليه السلام): «فإذا مضى ذلك فقد دخل وقت الظهر و العصر، لفرض دخول وقتهما من أول الزوال و أنه مشترك بينهما ذاتا، فيكون هذا التعبير باطلا.

مدفوع: بأنّه لا ريب في اختصاص الوقت الفعلي بمقدار أربع ركعات من أول الزوال بالظهر، فوقت العصر بلحاظ فعلية خطاب الظهر لم يدخل بعد، فالتعبير إنّما هو بلحاظ هذه الجهة لا بلحاظ ذات الوقت من حيث هو كما يصح أن يعبّر بخروج وقت الظهر إذا بقي من الوقت قدر أربع ركعات إلى المغرب أي بلحاظ الفعلية لا الذات خصوصا بعد أن كان أول الوقت مسبوقا بعدم الوقت لهما و آخر الوقت ملحوقا به كذلك، إذ يصح حينئذ الاهتمام ببيان فعلية الظهر في الأول و وقت فعلية العصر في الأخير، و إذا ألقينا سنخ هذا التعبير على العرف فأيّ شي‏ء ينساق منه عندهم يكون المقام مثله أيضا، فإذا قيل: إذا طلعت الشمس دخل الوقتان، أي وقت درس الفقه و الأصول- مثلا- إلّا أنّ هذا- أي الفقه- قبل هذا- أي الأصول- ثمَّ وردت جملة أخرى إذا طلعت الشمس دخل وقت درس الفقه، فإذا تمَّ درسه دخل وقت درس الأصول، فمتعارف الناس لا يتبادر إلى أذهانهم من الجملة الثانية إلا الاختصاص الفعلي دون الذاتي، و لا بد من حمل مثل خبر ابن فرقد على ذلك و إلا لزم طرح جملة من الأخبار الكثيرة المعتبرة سندا و دلالة، غير القابلة للطرح و التقييد، بل يمكن أن يعدّ هذا الخبر من أدلة اعتبار الترتيب أيضا بنظر العرف.

و تظهر ثمرة الاختصاص الذاتي و الفعلي فيما إذا صلّى الأخيرة في الوقت المختص بالأولى سهوا أو نسيانا فتصح بناء على الثاني دون الأول، و كذا لو صلّى الأولى في الوقت المختص بالأخيرة و يأتي التفصيل في [مسألة ۳].

ثمَّ إنّه لا يختص أول الوقت بالسابقة و آخره باللاحقة بخصوص مقدار أربع ركعات فقط، بل يدور مدار التكليف سفرا و حضرا، و من حيث وجدان‏ الشرائط و فقدانها و سرعة القراءة و بطئها و غير ذلك من موجبات الاختلاف، فيختلف الوقت بهذه الأمور اختلافا كثيرا، و كذا قراءة السور الطوال و ما يتبع الصلاة من قضاء الأجزاء المنسية و صلاة الاحتياط بل و سجدتي السهو، و بالجملة المدار على فعل الصلاة بعرضها العريض و ما فيها من الأجزاء الواجبة و المندوبة حسب اختيار المكلّف و ما لها من التوابع المفروضة كلّ ذلك جمودا على الإطلاقات الشاملة لجميع ذلك و ملازمة ذلك كلّه لصلاة المصلّين غالبا.

كما لا يختص أول الوقت بالأولى بمجرد نية أربع ركعات، بل بفعلية التكليف بها، فلو كان مسافرا و قصد الإقامة و دخل في الصلاة أول الوقت بقصد أربع ركعات و عدل عن قصده قبل الدخول في الركعة الثالثة يصح له الإتمام قصرا ثمَّ الإتيان بالأخيرة و إن وقعت قبل انقضاء أربع ركعات من أول الوقت من حيث النيّة.

للنص و الإجماع، و قد تقدم قول الصادق (عليه السلام) في خبر ابن فرقد، و في صحيح الحلبي قال: «سألته عن رجل نسي الأولى و العصر جميعا ثمَّ ذكر ذلك عند غروب الشمس، فقال: إن كان في وقت لا يخاف فوت إحديهما فليصلّ الظهر ثمَّ يصلّ العصر، و إن هو خاف أن تفوته فليبدأ بالعصر و لا يؤخّرها فتفوته فيكون قد فاتتاه جميعا، و لكن يصلّي العصر فيما قد بقي من وقتها، ثمَّ ليصلّ الأولى بعد ذلك على أثرها»۲۲.

و يمكن أن يقال أيضا: إنّ التكليف بالصلاتين معا تكليف بغير المقدور، و التخيير متوقف على فقد الترجيح، و تعيّن الظهر خلاف الإجماع فيتعيّن العصر، و كذا الكلام بالنسبة إلى الظهر في أول الوقت و هذا أيضا في مرتبة فعلية الخطاب لا في أصل ذات الوقت، كما هو واضح.

أما دخول وقت المغرب بالغروب فهو من ضروريات الدّين في الجملة، و تدل عليه نصوص متواترة:

منها: صحيح زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): «إذا غابت الشمس دخل الوقتان المغرب و العشاء الآخرة»۲۳. و المراد بغيبوبة الشمس المغرب الشرعي، كما يظهر من نصوص أخرى تأتي الإشارة إليها.

و أما انتهاء الوقت بانتصاف الليل، فهو المشهور، و يدل عليه جملة من النصوص مثل رواية ابن فرقد. «إذا غابت الشمس فقد دخل وقت المغرب حتّى يمضي مقدار ما يصلّي المصلّي ثلاث ركعات، فإذا مضى ذلك فقد دخل وقت المغرب و العشاء الآخرة حتّى يبقى من انتصاف الليل مقدار ما يصلّي المصلّي أربع ركعات، و إذا بقي مقدار ذلك فقد خرج وقت المغرب و بقي وقت العشاء إلى انتصاف الليل»۲4.

و في رواية عبيد بن زرارة: «إذا غربت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين إلى نصف الليل إلّا أنّ هذه قبل هذه»۲٥.

و أما استفادة أنّ انتصاف الليل منتهى الوقت بحيث تكون الصلاة بعده من القضاء الاصطلاحي، أو أنّه آخر بعض مراتب الإجزاء لا أصله، فهذا الحديث و ما ورد في تفسير الآية الكريمة قاصر عن إثباته لكثرة استعمال مثل هذه التعبيرات في السنة في بيان مراتب الفضل خصوصا بملاحظة ما يأتي في صحيح ابن سنان و غيره.

و أما أنّ الوقت مشترك للصلاتين من أول المغرب إلى الانتصاف، فلقول‏ أبي عبد اللّه (عليه السلام) في قوله تعالى‏ أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ‏:

«و منها صلاتان أول وقتهما من غروب الشمس إلى انتصاف الليل إلّا أنّ هذه قبل هذه»۲٦.

فيحمل خبر فرقد على الاختصاص الفعلي، كما تقدم في الظهرين.

و ما دل على أنّ آخر وقت المغرب سقوط الشفق، كقول أبي جعفر (عليه السلام) في صحيح زرارة و الفضيل الآتي محمول على الوقت الفضلي.

ثمَّ إنّه نسب إلى جمع من القدماء أنّ آخرها غيبوبة الشفق المغربي بالنسبة إلى المختار، لجملة من الأخبار.

منها: قول أبي جعفر (عليه السلام) في الصحيح: «إنّ لكلّ صلاة وقتين غير المغرب فإنّ وقتها واحد و وقتها وجوبها، و وقت فوتها سقوط الشفق»۲۷، و في خبر آخر «إنّ لها وقتين آخر وقتها سقوط الشفق»۲۸.

و في خبر ابن مهران قال: «كتبت إلى الرضا (عليه السلام)- إلى أن قال:- فكتب كذلك الوقت غير أنّ وقت المغرب ضيّق، و آخر وقتها ذهاب الحمرة و مصيرها إلى البياض في أفق المغرب»۲۹.

و نحوها غيرها. و لا وجه له، للزوم حملها على الوقت الفضلي بقرينة غيرها الصحيحة سندا، الناصة دلالة على أنّه إلى النصف. كما لا وجه لقول من ذهب- من القدماء- إلى أنّه للمضطر إلى ربع الليل، لقول أبي عبد اللّه (عليه السلام) في صحيح عمر بن يزيد: «وقت المغرب في السفر إلى ربع الليل»۳۰.

و في خبر آخر عنه (عليه السلام)- أيضا-: «أكون مع هؤلاء و انصرف من عندهم عند المغرب فأمر بالمساجد فأقيمت الصلاة، فإن أنا نزلت أصلّي معهم‏ لم أستمكن من الأذان و الإقامة و افتتاح الصلاة، فقال (عليه السلام): ائت منزلك و انزع ثيابك و إن أردت أن تتوضأ فتوضأ و صلّ فإنّك في وقت إلى ربع الليل»۳۱.

و في خبر أبي بصير قال: «قال أبو عبد اللّه (عليه السلام): أنت في وقت من المغرب في السفر إلى خمسة أميال من بعد غروب الشمس»۳۲.

و في خبر إسماعيل بن جابر: «ستة أميال»۳۳.

و يحملان على ما يقرب من ربع الليل و لا بد من حملها على توسعة الوقت الفضلي بالنسبة إلى المسافر و نحوه تسهيلا و امتنانا بقرينة سائر الأخبار، أو على أنّه أرفق به، كما يدل عليه خبر عمر بن يزيد قال: «سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن وقت المغرب. فقال (عليه السلام): إذا كان أرفق بك و أمكن لك في صلاتك، و كنت في حوائجك، فلك أن تؤخّرها إلى ربع الليل، فقال لي هذا و هو شاهد في بلده»۳4.

و يشمل هذا الحديث السفر و غيره من الحوائج المتعارفة، و كذا خبره الآخر عنه (عليه السلام)- أيضا:- «قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام) أكون في جانب المصر فتحضر المغرب و أنا أريد المنزل فإن أخّرت الصلاة حتّى أصلّي في المنزل كان أمكن لي، و أدركني المساء أ فأصلّي في بعض المساجد؟ فقال (عليه السلام): صلّ في منزلك»۳٥.

و كذا في خبر داود الصرمي: «كنت عند أبي الحسن (عليه السلام) يوما فجلس يحدث حتّى غابت الشمس ثمَّ دعا بشمع و هو جالس يتحدث فلما خرجت من البيت نظرت و قد غاب الشفق قبل أن يصلّي المغرب ثمَّ دعا بالماء فتوضأ و صلّى»۳٦.

و يمكن أن يكون تأخيره (عليه السلام) لأجل اشتغاله بالأهم من بيان الأحكام و نحوه، و كذا خبر إسماعيل بن همام قال: «رأيت الرضا (عليه السلام)- و كنا عنده- لم يصلّ المغرب حتّى ظهرت النجوم ثمَّ قام فصلّى بنا على باب دار ابن أبي محمود»۳۷.

و ما ذكرنا من الاحتمال ظاهر فيه، لأنّه كان مورد ابتلاء الناس، و إذا كان التأخير لأجل أنّه ينتظره أحد للإفطار راجحا كما يأتي يكون لبيان الأحكام و نحوه أرجح. فظهر من جميع ذلك إنّه لا محيص إلّا عما نسب إلى المشهور.

على المشهور فيها أيضا، فيدخل الوقت الذاتي الاشتراكي بمجرد الغروب الشرعي و قبل ذهاب الشفق، لما تقدم من الأخبار و هي كثيرة:

منها: موثق زرارة عن أبي عبد اللّه (عليه السلام): «صلّى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) بالناس المغرب و العشاء الآخرة قبل الشفق من غير علة في جماعة، و إنّما فعل ذلك ليتسع الوقت على أمته»۳۸.

و في خبره الآخر قال: «سألت أبا جعفر و أبا عبد اللّه (عليهما السلام) عن الرجل يصلّي العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق. فقالا (عليهما السلام): لا بأس به»۳۹.

و في خبر إسحاق بن عمار قال: «سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) يجمع بين المغرب و العشاء في الحضر قبل أن يغيب الشفق من غير علة؟. قال (عليه السلام): لا بأس».

و في خبر عبيد اللّه الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «لا بأس أن‏ تؤخّر المغرب في السفر حتّى يغيب الشفق، و لا بأس بأن تعجل العتمة في السفر قبل أن يغيب الشفق».

إلى غير ذلك من الأخبار. نعم، الوقت الاختصاصي الفعلي الترتيبي يدخل بعد فعل المغرب. و نسب إلى جمع من القدماء منهم الشيخين (قدّس سرّهما) أنّ وقت العشاء غيبوبة الشفق، لجملة من الأخبار:

منها: صحيح عمران الحلبي قال: «سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) متى تجب العتمة؟ قال (عليه السلام): إذا غاب الشفق، و الشفق الحمرة».

و في خبر بكر بن محمد عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «ثمَّ سألته عن وقت العشاء، فقال (عليه السلام): إذا غاب الشفق».

و ظهورها في الوقت الفضلي بقرينة سائر الأخبار مما لا ينكر لا سيّما بملاحظة قوله (عليه السلام) في موثق زرارة المتقدم.

و أما آخر وقت صلاة العشاء فمن قائل بأنّه ثلث الليل مطلقا، لخبر ابن عمار: «وقت العشاء الآخرة إلى ثلث الليل»44.

و في خبر زرارة: «آخر وقت العشاء ثلث الليل». و من قائل بأنّه للمختار خاصة و للمضطر إلى النصف، لقول الصادق (عليه السلام) في خبر الحلبي: «العتمة إلى ثلث الليل أو إلى النصف و ذلك التضييع».

و من قائل بأنّه الثلث للمختار و عدم التحديد للمضطر، جمعا بين الأخبار. و من قائل أنّ الربع للمختار خاصة لما ورد أنّه «إلى ربع الليل».

و من قائل أنّ الربع للمختار و النصف للمضطر.

و الكل باطل لأنّ ذلك كلّه نظر إلى الأدلّة في خبر واحد منها من غير التفات إلى مجموع ما ورد عنهم (عليهم السلام)، و قد تقدّم ما يدل على امتداد العشاء إلى النصف، بل إلى طلوع الفجر مع الإثم في التأخير، كما يأتي.

لما تقدّم من قول الصادق (عليه السلام) في خبر ابن فرقد، مضافا إلى ما يأتي في صحيح ابن سنان.

لقول أبي عبد اللّه (عليه السلام) في صحيح ابن سنان، «إن نام رجل أو نسي أن يصلّي المغرب و العشاء الآخرة فإن استيقظ قبل الفجر قدر ما يصلّيهما كلتيهما فليصلّهما، و إن خاف أن تفوته إحداهما فليبدأ بالعشاء الآخرة و إن استيقظ بعد الفجر فليصلّ الصبح ثمَّ المغرب، ثمَّ العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس».

و نحوه صحيح أبي بصير، و عنه (عليه السلام) في خبر ابن حنظلة: «إذا طهرت المرأة قبل طلوع الفجر صلّت المغرب و العشاء»٥۰.

و احتمال أن يكون ذكر النوم و النسيان و الحيض من باب المثال فيشمل جميع الأعذار قريب جدّا خصوصا بملاحظة قوله (عليه السلام)- أيضا- في خبر عبيد: «لا تفوت الصلاة من أراد الصلاة، لا تفوت صلاة النهار حتّى تغيب الشمس، و لا صلاة الليل حتّى يطلع الفجر، و لا صلاة الفجر حتّى تطلع الشمس»٥۱.

فيمكن أن يقال: إنّ ذكر النوم و النسيان و الحيض من باب أنّ الغالب في المصلّين أنّهم لا يؤخرون صلاة العشاءين إلى الفجر إلّا مع العذر، و إلّا فوقتهما يمتد إلى الفجر و لو اختيارا، لكون هذا الخبر نصّا فيه حيث علق ذلك على الإرادة و الاختيار. نعم، يأثم مع الاختيار، لمرسل الفقيه: «من نام عن العشاء الآخرة إلى نصف الليل إنّه يقضي و يصبح صائما عقوبة، و إنّما وجب ذلك عليه لنومه عنها إلى نصف الليل»٥۲.

و قول أبي عبد اللّه (عليه السلام) في خبر ابن مسكان: «من نام قبل أن يصلّي العتمة فلم يستيقظ حتّى يمضي نصف الليل فليقض صلاته و ليستغفر اللّه»٥۳، فيحمل القضاء فيهما على مطلق الإتيان بقرينة خبر عبيد، و ما تقدّم من أنّ وقتهما من غروب الشمس إلى انتصاف الليل. فظاهره الوقت الذي لا إثم في التأخير إليه، فلا تنافي بينها و بين خبر ابن مسكان و مرسل الفقيه الدالين على الإثم مع التأخير.

و يمكن الخدشة في ذلك بإعراض المشهور عما دل على امتداد الوقت للنائم و الناسي و الحائض إلى الفجر، فكيف بمطلق العذر فضلا عن صورة الاختيار، مضافا إلى قصور سند خبر عبيد.

و فيه: أما الإعراض فهو اجتهادي حصل من اجتهاداتهم لا أنّه وصل إليهم ما لم يصل إلينا في هذا الأمر العام البلوى للأمة، مع أنّ في أصل تحقق الشهرة منع، إذ المسألة ذات أقوال كثيرة. و امتداد وقت الظهرين إلى المغرب شاهد لامتداد وقت العشاءين إلى طلوع الفجر كذلك مع بناء النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) على امتداد الوقت و اتساعه لأمته كما يظهر من الأخبار، مع أنّ الإثم إن أخرها عمدا إلى طلوع الفجر مسلّم بين الكلّ و عدمه مع العذر كذلك، و قصد الأدائية و القضائية لا دليل على اعتبارهما من عقل أو نقل، بل مقتضى الأصل‏ العدم، فأيّ ثمرة في هذا النزاع الذي أطيل فيه الكلام، مع أنّه ليس للفقيه فضلا عن الإمام (عليه السلام) إرسال القول بتأخير الصلاة إلى آخر وقت الإجزاء لأنّ ذلك داعية إلى التضييع خصوصا في صلاة العشائين اللتين يكون الوقت فيهما معرّضا للنوم و نحوه من موجبات التضييع، و لعل هذا أحد أسرار اختلاف الأخبار و الأقوال، مع أنّ في بعض الأخبار ما يستفاد منه أنّ التحديد إلى نصف الليل ليس توقيتا حقيقيا، كقوله (عليه السلام): «و أنت في رخصة إلى نصف الليل و هو غسق الليل، فإذا مضى الغسق نادى ملكان من رقد عن صلاة المكتوبة، فلا رقدت عيناه»٥4.

و ظهوره في الإثم في الجملة و عدم التوقيت الحقيقي مما لا ينكر:

و أما قصور خبر عبيد بن زرارة سندا فهو أول الدعوى، إذ ليس فيه ما يصح للغمز إلا عليّ بن يعقوب الهاشمي، و يظهر اعتباره من رواية جمع من الثقات عنه و روايته عن جمع من الثقات. و من التأمل في مجموع الأخبار يمكن أن يستفاد أنّ التحديد إلى نصف الليل حكم تكليفيّ لا أن يكون شرطيا غيريا، و يشهد لما قلناه إطلاق صلاة الليل عليهما، و من حيث إنّ الناس كانوا ينامون في أول الليل ورد التحديد به حتّى لا تفوتهم الصلاة.

لفرض أنّه ليس أول وقت المغرب، بل من الوقت المشترك.

ظهر وجه الاحتياط مما تقدم.

جمودا على خصوص ما ورد في النص من النوم و الحيض و النسيان‏ و عدم جعله من باب المثال لكلّ عذر.

نصّا و إجماعا، بل ضرورة، ففي صحيح زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): «إذا طلع الفجر فقد دخل وقت الغداة»٥٥.

و في خبره الآخر عنه (عليه السلام) أيضا: «وقت صلاة الغداة ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس»٥٦.

و في صحيح محمد بن مسلم قال: «قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام) رجل صلّى الفجر حين طلع الفجر، فقال: لا بأس»٥۷.

و في صحيح عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «لا تفوت صلاة الفجر حتّى تطلع الشمس»٥۸.

إلى غير ذلك من الأخبار.

و نسب إلى الشيخ (قدّس سرّه) امتداده إلى أن يسفر الصبح للمختار، و أما المضطر فهو إلى طلوع الشمس لجملة من الأخبار كصحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «وقت الفجر حين ينشق الفجر إلى أن يتجلّل الصبح السماء، و لا ينبغي تأخير ذلك عمدا و لكنّه وقت لمن شغل أو نسي أو نام»٥۹.

و صحيح ابن سنان عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «لكل صلاة وقتان، و أول الوقتين أفضلهما، و وقت صلاة الفجر حين ينشق الفجر إلى أن يتجلّل الصبح السماء، و لا ينبغي تأخير ذلك عمدا، و لكنّه وقت من شغل أو نسي أو سهى أو نام- الحديث-»٦۰.

لكن الروايات محمولة على وقت الفضيلة لا الإجزاء جمعا بينها و بين غيرها.

ثمَّ إنّ المراد بطلوع الفجر الصادق منه دون الكاذب، و الأول هو البياض المنتشر في الأفق و الثاني هو المستطيل عمودا، كما يأتي في المسألة الثانية.

أما دخول وقت صلاة الجمعة بالزوال، فهو من الضروريات بين المسلمين، و تدل عليه نصوص كثيرة، ففي صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «وقت الجمعة زوال الشمس، و وقت صلاة الظهر في السفر زوال الشمس، و وقت العصر يوم الجمعة في الحضر نحو من وقت الظهر في غير يوم الجمعة»٦۱.

و في خبر إسماعيل بن عبد الخالق قال: «سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن وقت الصلاة، فجعل لكلّ صلاة وقتين إلا الجمعة في السفر و الحضر فإنّه قال: وقتها إذا زالت الشمس»٦۲.

و في صحيح ابن سنان: «إذا زالت الشمس يوم الجمعة فابدأ بالمكتوبة»٦۳.

و في خبر ابن عجلان قال أبو جعفر (عليه السلام): «فإذا استيقنت الزوال فصلّ الفريضة»٦4.

و في صحيح الفضيل عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إنّ من الأشياء أشياء موسعة و أشياء مضيقة، فالصلاة مما وسع فيه، تقدم مرة و تؤخر أخرى، و الجمعة مما ضيق فيها، فإنّ وقتها يوم الجمعة ساعة تزول، و وقت العصر فيها وقت الظهر في غيرها»٦٥.

و في خبر آخر قال أبو جعفر (عليه السلام): «أوّل وقت الجمعة ساعة تزول الشمس إلى أن تمضي ساعة فحافظ عليها»٦٦.

و أما خروج الوقت بصيرورة الظلّ مثل الشاخص فنسب إلى الشهرة و ادعى عليه الإجماع، و لكن مقتضى بدليتها عن صلاة الظهر امتداد وقتها بوقت صلاة الظهر فضيلة و إجزاء، كما حكي عن الشهيد في الدروس و البيان. و لو شك في البدلية من كلّ جهة فالمسألة مبنية على أنّ المرجع عند الشك في العام المخصص هو استصحاب حكم المخصص، أو التمسك بالعام- و هو وجوب الظهر مطلقا إلا ما خرج بالدليل- و التحقيق هو الأخير، كما أثبتناه في الأصول‏٦۷. فلا بد من الاقتصار في بدلية الجمعة عن الظهر على الوقت المتيقن، و هو من الزوال إلى أن يمضي مقدار إتيانها بحسب المتعارف و هو لا يستغرق إلا ساعة من الزوال أو ساعة و نصف، و صيرورة الظلّ مثل الشاخص ضعف ذلك، كما تقدم» هذا بحسب القاعدة.

و أما الأخبار الواردة في المقام: فعن أبي جعفر (عليه السلام) في صحيح زرارة: «صلاة الجمعة من الأمر المضيق، إنّما لها وقت واحد حين تزول»٦۸.

و عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) في خبر ابن أبي عمير في صلاة الجمعة: «نزل بها جبرئيل مضيقة إذا زالت الشمس فصلها»٦۹.

و في صحيح عبد الأعلى بن أعين- أيضا- «وقت الجمعة ليس لها إلا وقت واحد حين تزول الشمس»۷۰.

و عن أبي جعفر (عليه السلام) في صحيح الفضل: «و الجمعة مما ضيق فيها فإنّ وقتها يوم الجمعة ساعة تزول»۷۱.

و مثل هذه الأخبار تحتمل وجوها: إما التوقيت الحقيقي، فلا يكون دليلا للمشهور. أو التوقيت الفضلي في الجملة، فتصلح دليلا لهم. أو التحديد الفضلي الحقيقي، و تصلح للدليلية حينئذ أيضا، و يشهد للأخيرين عموم ما دل على بدلية الجمعة عن الظهر.

و المستفاد من المجموع أنّ وقت الصلاة في ظهر يوم الجمعة حيث إنّه ليس قبلها نافلة ضيق وقتها الذي ينبغي أن يؤتى بها سواء أتى بها ركعتين مع تحقق شرائط صلاة الجمعة أو أربع ركعات مع فقدها، بخلاف صلاة الظهر في سائر الأيام فإنّها وسّع في وقتها الفضلي لمكان النافلة، فلا يستفاد منها تحديد وقت الإجزاء بصيرورة الظلّ مثل الشاخص، و يشهد لذلك قول أبي جعفر (عليه السلام): «وقت صلاة الجمعة يوم الجمعة ساعة تزول الشمس، و وقتها في السفر و الحضر واحد»۷۲.

مع أنّه تسقط الجمعة عن المسافر، فالمناط تضييق خاص من حيث عدم التوسعة في التأخير بمقدار إتيان النافلة، إذ لا نافلة في يوم الجمعة. فلا فرق بين صلاة الجمعة و صلاة الظهر فيها. هذا.

و لكن يمكن أن يقال: إنّ اهتمام المسلمين خلفا عن سلف على عدم تأخير الجمعة إلى الغروب، بل استنكار ذلك لديهم قديما و حديثا، و الاهتمام بذلك نحو الاهتمام بالواجبات يكون قرينة معتبرة على عدم توسعة وقت إجزائها بمقدار وقت إجزاء الظهر فيكون المراد بالتضييق التضييق العرفي و هو ينطبق بحسب المتعارف على مقدار وقت فضيلة الظهر، و يمكن الجمع بين الأقوال بذلك أيضا، لأنّ للتضييق العرفي مراتب متفاوتة بحسب الحالات و الأشخاص، فقد يكون بقدر ساعة و قد يكون أقلّ أو أكثر.

نصّا و إجماعا، ففي خبر الفضل بن عبد الملك عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «إذا أدرك الرجل ركعة فقد أدرك الجمعة، و إن فاتته فليصلّ أربعا»۷۳.

و في خبر العزرمي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «إذا أدركت الإمام يوم الجمعة و قد سبقك بركعة فأضف إليها ركعة أخرى و اجهر فيها، فإن أدركته و هو يتشهد فصلّ أربعا»۷4.

إلى غير ذلك من الأخبار، و سيأتي التفصيل في محلّه إن شاء اللّه تعالى.

هذه إحدى المسائل التي اختلفت فيها الأخبار اختلافا كبير.

و البحث فيها من جهات:

الأولى: الأخبار الواردة في المقام على أقسام:

الأول: ما تدل على دخول وقت الظهرين بالزوال إلا أنّ هذه قبل هذه‏۷٥ و هي معتضدة بظاهر الكتاب‏۷٦ و فتوى المسلمين و عملهم قديما و حديثا، بل من الضروري بينهم في كلّ طبقة.

الثاني: أنّ وقت الظهر بعد الزوال قدمان، و وقت العصر بعد ذلك قدمان، كصحيح عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «سألته عن أفضل وقت الظهر. قال (عليه السلام): ذراع بعد الزوال قلت: في الشتاء و الصيف سواء؟ قال: نعم»۷۷.

و صحيح الفضلاء عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه (عليهما السلام) أنّهما قالا: «وقت الظهر بعد الزوال قدمان، و وقت العصر بعد ذلك قدمان»۷۸.

و في مكاتبة محمد بن الفرج قال: «كتبت أسأله عن أوقات الصلاة، فأجاب إذا زالت الشمس فصلّ سبحتك، و أحبّ أن يكون فراغك من الفريضة و الشمس على قدمين، ثمَّ صلّ سبحتك، و أحبّ أن يكون فراغك من العصر و الشمس على أربعة أقدام، فإن عجل بك أمر فابدأ بالفريضتين و اقض بعدهما النوافل»۷۹.

و في مكاتبة عبد اللّه بن محمد عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه (عليهما السلام) قالا): «إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين إلّا أن بين يديها سبحة إن شئت طوّلت و إن شئت قصّرت، و روى بعض مواليك عنهما أنّ وقت الظهر على قدمين من الزوال و وقت العصر على أربعة أقدام من الزوال، فإن صلّيت قبل ذلك لم يجزك، و بعضهم يقول: يجزي و لكن الفضل في انتظار القدمين و الأربعة أقدام، و قد أحببت جعلت فداك أن أعرف موضع الفضل في الوقت، فكتب (عليه السلام): «القدمان و الأربعة أقدام صواب جميعا»۸۰.

و إلى هذه الأخبار يرجع ما دل على أنّه الذراع و الذراعان، إذ المراد بهما القدمان و الأربعة أقدام، لقول أبي جعفر (عليه السلام) في صحيح زرارة في وقت الظهر: «ذراع من زوال الشمس، و وقت العصر ذراع من وقت الظهر، فذاك أربعة أقدام من زوال الشمس»۸۱.

و في رواية إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) إذا كان الفي‏ء في الجدار ذراعا صلّى الظهر، و إذا كان ذراعين صلّى العصر، قلت: الجدران تختلف، منها قصير و منها طويل، قال: «إنّ جدار مسجد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) كان يومئذ قامة، و إنّما جعل الذراع و الذراعان لئلا يكون تطوع في وقت فريضة»۸۲.

و في صحيح زرارة قال: «سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: كان حائط مسجد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) قامة، فإذا مضى من فيئه ذراع‏ صلّى الظهر، و إذا مضى من فيئه ذراعان صلّى العصر، ثمَّ قال: أ تدري لم جعل الذراع و الذراعان؟ قلت: لا، قال: من أجل الفريضة إذا دخل وقت الذراع و الذراعين بدأت بالفريضة و تركت النافلة»۸۳.

الثالث: ما يدل على الانتهاء بالقامة، كقول أبي عبد اللّه (عليه السلام) في صحيح البزنطي: «سألته عن وقت صلاة الظهر و العصر، فكتب: قامة للظهر و قامة للعصر»۸4.

و في رواية محمد بن حكيم: «سمعت العبد الصالح (عليه السلام) يقول: أول وقت الظهر زوال الشمس و آخر وقتها قامة من الزوال، و أول وقت العصر قامة و آخر وقتها قامتان، قلت: في الشتاء و الصيف سواء؟ قال (عليه السلام): نعم»۸٥.

و قول أبي الحسن (عليه السلام) في خبر أحمد بن عمر: «وقت الظهر إذا زاغت الشمس إلى أن يذهب الظلّ قامة، و وقت العصر قامة و نصف إلى قامتين»۸٦.

و يصح إرجاع هذا القسم إلى الثاني، لأنّ المراد قامة الشاخص لا قامة الشخص، و يمكن أن يكون قامة الشاخص قدمان، لا سيّما بملاحظة بعض الأخبار كخبر عليّ بن حنظلة قال: «قال لي أبو عبد اللّه (عليه السلام) في كتاب عليّ (عليه السلام) القامة ذراع و القامتان الذراعان»۸۷.

و مثله خبر عليّ بن أبي حمزة عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «قال له أبو بصير كم القامة؟ قال: فقال: ذراع، إنّ قامة رحل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) كانت ذراعا»۸۸.

الرابع: ما هو دال على دخوله بعد المثل، كصحيح زرارة قال: «سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن وقت صلاة الظهر في القيظ فلم يجبني، فلما أن كان بعد ذلك قال لعمر بن سعيد بن هلال: إنّ زرارة سألني عن وقت صلاة الظهر في القيظ فلم أخبره فحرجت من ذلك فاقرأه منّي السلام و قل له: إذا كان ظلّك مثلك فصلّ الظهر، و إذا كان ظلّك مثليك فصلّ العصر»۸۹.

الخامس: ما هو ظاهر في الدخول بعد القدم أو نحوه، كما في خبر سعيد الأعرج: «سألته عن وقت الظهر أ هو إذا زالت الشمس؟ فقال: بعد الزوال بقدم أو نحو ذلك إلا في السفر أو يوم الجمعة فإنّ وقتها إذا زالت»۹۰.

و مثله خبر إسماعيل بن عبد الخالق في وقت الظهر قال (عليه السلام): «بعد الزوال بقدم أو نحو ذلك إلّا في يوم الجمعة أو في السفر فإنّ وقتها حين تزول»۹۱.

السادس: ما يدل على خروج وقت الظهر بعد ما يمضي من الزوال أربعة أقدام، كخبر الكرخي قال: «سألت أبا الحسن موسى (عليه السلام) متى يدخل وقت الظهر؟ قال: إذا زالت الشمس، فقلت: متى يخرج وقتها؟ فقال: من بعد ما يمضي من زوالها أربعة أقدام، إنّ وقت الظهر ضيق ليس كغيره. قلت: فمتى يدخل وقت العصر؟ فقال (عليه السلام): إنّ آخر وقت الظهر هو أول وقت العصر. فقلت: فمتى يخرج وقت العصر؟ فقال (عليه السلام): وقت العصر إلى أن تغرب الشمس»۹۲.

إلى غير ذلك من الأخبار الواردة في المقام.

الجهة الثانية: لا ريب في أنّ هذه الأخبار ليست في مقام بيان التوقيت الحقيقي، و إلا لكانت مخالفة لضرورة المذهب، بل الدين من دخول وقتهما بمجرد الزوال، و إنّما وردت لبيان وقتهما من حيث إتيان نافلتهما، و ذلك يختلف بحسب اختلاف الأشخاص سرعة و بطئا و من سائر الجهات فالفضيلة في الظهرين من جهتين:

إما المبادرة إلى الإتيان في أول الوقت أتى بالنافلة أو لا، و هي كلّما كانت أقرب إلى أول الوقت كان أولى، ففي صحيح زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): «اعلم أنّ أول الوقت أبدا أفضل فعجّل الخير ما استطعت- الحديث-»۹۳.

و يمكن حمل اختلاف هذه الأخبار على اختلاف مراتب الفضل من هذه الجهة.

و إما من جهة ترتبهما على النافلة، فقد اهتم الشارع بالنافلة و جعل وقت الفريضة كأن لم يدخل بعد مع الاشتغال بها حرصا على إتيانها و هذه فضيلة للفريضة من جهة ترتبها على نافلتها و ما يكون سبب كمالها و إكمالها، فالمقادير المذكورة طريق إلى إتيان النافلة سرعة و بطئا، خفيفة و طويلة، و يشهد لذلك جملة من الأخبار، كصحيحة منصور بن حازم قال: «كنا نقيس الشمس بالمدينة بالذراع، فقال أبو عبد اللّه (عليه السلام): الا أن أنبئكم بأبين من هذا، إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر إلا أنّ بين يديها سبحة، و ذلك إليك إن شئت طوّلت و إن شئت قصّرت»۹4.

و في خبر عمر بن حنظلة عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر إلا أنّ بين يديها سبحة، و ذلك إليك إن شئت طوّلت و إن شئت قصّرت»۹٥، و ما ورد في مكاتبة أحمد بن يحيى، قال (عليه السلام): «إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين، و بين يديها سبحة و هي ثمان ركعات، فإن شئت طوّلت و إن شئت قصّرت- الحديث‏۹٦.

فيكون فعل النافلة تحديدا فعليا لوقت فضيلة الظهرين، و القدم و القدمان و نحوهما طريقا للحد الفعلي، لا أن يكون لها موضوعية خاصة. فيكون قولهم (عليهم السلام): «إن شئت طوّلت و إن شئت قصّرت» مبينا لمقدار الاختلاف الواقع من حيث الزمان من القدم و الذراع و القامة و نحوها، فإذا لوحظت جميع الأخبار ورد بعضها إلى بعض تكون شارحة بعضها للآخر.

ثمَّ إنّ هذا الاختلاف الكثير في الأخبار في مثل هذا الأمر العام البلوى يمكن أن يكشف عن أمر و هو أنّه كان لأجل إخفاء الواقع لا لبيان الحكم الواقعي، و يشهد له خبر أبي خديجة عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «سأله إنسان و أنا حاضر فقال: ربما دخلت المسجد و بعض أصحابنا يصلّون العصر و بعضهم يصلّي الظهر، فقال: أنا أمرتهم بهذا لو صلّوا على وقت واحد عرفوا فأخذوا برقابهم»۹۷.

و عن المجلسي: «إنّ أخبار المثل و المثلين صدرت تقية» و عن الحدائق «إنّ التقية أظهر ظاهر في المقام».

أقول: قولهما (قدّس سرّهما) حسن جدّا و هو ظاهر لكلّ من تأمل في الجملة في أخبار المقام، و لو لا خروج هذه الأمور عن مورد الابتلاء لفصلت الكلام بما يوضح المقام، و يدل عليه ما ورد من المستفيضة الدالة على تحديد وقت فضل الظهرين بفعل النافلة فإنّها كالصريحة في أنّ المدار على فعل النافلة دون غيره. و على هذا فيشكل التمسك بمثل هذه الأخبار للتوقيت الشرعي مطلقا ما لم يكن دليل آخر في البين، لأنّ ما صدر لبيان خلاف الواقع كيف يثبت به حكم الواقع.

الجهة الرابعة: الظاهر من الأخبار أنّ مبدأ التحديد بالمثل و المثلين و الذّراع و الذراعين إنّما يلحظ من أول الزوال.

الجهة الخامسة: لو لم تشرع النافلة كالسفر و يوم الجمعة- أو كانت‏ مشروعة و بنى المكلّف على عدم الإتيان، أو أتى بها قبل الوقت بناء على جوازه كما يأتي، يمكن أن يقال: بسقوط هذا التفصيل بالنسبة إليه، لما تقدم من أنّ التحديد الزماني طريق إلى التحديد الفعلي و هو إتيان النافلة و مع عدم الإتيان بها لا يبقى موضوع للتحديد الزماني. و يحتمل ثبوت التفصيل بالنسبة إليه أيضا بجعل التحديد الفعلي من الحكمة لا العلة، مضافا إلى أن تصادف وقت الصلاة لصلاة من يصلّيها مع سبق النافلة لعله يورثها فضلا و شرفا و ليس ذلك من فضل اللّه تعالى ببعيد.

الجهة السادسة: إتيان نافلة الظهر بحسب المتعارف لا يستغرق أكثر من ربع ساعة تقريبا و كذا نافلة العصر، فالإتيان بالظهرين مع نافلتهما يستغرق ثلاثة أرباع الساعة من أول الزوال و يمكن أن يكون أقلّ بحسب سرعة المصلّي كما يمكن أن يكون أكثر إذا أتى بها مع الآداب المندوبة من قراءة السور الخاصة و الأدعية المخصوصة و نحوها.

يظهر حكمه مما تقدم من الأخبار المشتملة على المثل و المثلين التي اعتمد عليها المشهور. و تظهر الخدشة فيها أولا: بأنّه لا موضوعية للمثل و المثلين، بل هما طريقان للفراغ من النافلة و فريضة الظهر.

و ثانيا: بأنّها موافقة للعامة، فلا وجه للاستناد عليها.

لأنّ المنساق من الأدلة الواردة بالسنة مختلفة۹۸ دخول الوقت بالزوال بما للوقت من الفضل و الإجزاء مطلقا، مع أنّه من المسارعة إلى الخير و المبادرة إلى الصلاة في أول الوقت، و لا بأس به بعد التأمل في مجموع الأخبار، بل هو الظاهر من مجموعها. فما يوهم الخلاف- كالأخبار المشتملة على لفظ «بعد الزوال»۹۹– لا بد من حمله أو طرحه.

على المشهور، لجملة من الأخبار المحمولة على ذلك جمعا، قال: أبو جعفر (عليه السلام) في صحيح الفضلاء: «و وقت فوتها سقوط الشفق»۱۰۰.

و عن الصادق (عليه السلام) في حديث بكر بن محمد: «إنّ آخر وقت المغرب غيبوبة الشفق»۱۰۱.

و عن الرضا (عليه السلام): «آخر وقتها ذهاب الحمرة و مصيرها إلى البياض في أفق المغرب»۱۰۲.

و لا بد من حملها على آخر وقت الفضيلة، لما تقدم.

لمثل خبر زرارة: «و آخر وقت العشاء ثلث الليل»۱۰۳.

و غيره من الأخبار.

أما الأول، فلقول الصادق (عليه السلام): «صلّى رسول اللّه بالناس المغرب و العشاء الآخرة قبل الشفق من غير علة في جماعة، و إنّما فعل ذلك ليتسع الوقت على أمته»۱۰4.

و أما الأخير فقد تقدم، فراجع.

على المشهور، لجملة من الأخبار:

منها: قول الصادق (عليه السلام): «وقت الفجر حين ينشق الفجر إلى أن يتجلّل الصبح السماء. و لا ينبغي تأخير ذلك عمدا- الحديث-»۱۰٥.

و لم يذكر في الأخبار لفظ الحمرة و إنّما ذكر فيها التجلّل، و الإضاءة، و الإسفار،۱۰٦ و الظاهر ملازمة ذلك كلّه لحدوث الحمرة. نعم، للتجلّل و الإضاءة و الإسفار مراتب و مقتضى الإطلاق كفاية أول مرتبتها.

(مسألة ۱): يعرف الزوال بحدوث ظلّ الشاخص المنصوب معتدلا في أرض مسطّحةبعد انعدامه كما في البلدان التي تمر الشمس على سمت الرأس- كمكّة في بعض الأوقات- أو زيادته بعد انتهاء نقصانه كما في غالب البلدان و مكة في غالب الأوقات (۲۲) و يعرف‏ أيضا بميل الشمس إلى الحاجب الأيمن لمن واجه نقطة الجنوب و هذا التحديد تقريبي كما لا يخفى (۲۳)، و يعرف أيضا بالدائرة الهندية و هي أضبط و أمتن (۲٤).و يعرف المغرب بذهاب الحمرة المشرقيّة عن سمت الرأس (۲٥) و الأحوط زوالها من تمام ربع الفلك من طرف المشرق (۲٦).و يعرف نصف الليل بالنجوم الطالعة أول الغروب، إذا مالت عن دائرة نصف النهار إلى طرف المغرب (۲۷)، و على هذا، فيكون المناط نصف ما بين غروب الشمس و طلوعها، لكنّه لا يخلو عن إشكال، لاحتمال أن يكون نصف ما بين الغروب و طلوع الفجر- كما عليه جماعة (۲۸)- و الأحوط مراعاة الاحتياط هنا و في صلاة الليل التي أول‏ وقتها بعد نصف الليل. و يعرف طلوع الفجر باعتراض البياض الحادث في الأفق المتصاعد في السماء الذي يشابه ذنب السرحان و يسمّى بالفجر الكاذب و انتشاره على الأفق و صيرورته كالقبطية البيضاء، و كنهر سوراء (۲۹) بحيث كلّما زدته نظرا أصدقك بزيادة حسنه، و بعبارة أخرى: انتشار البياض على الأفق بعد كونه متصاعدا في السماء.

معرفة الأوقات بالظلّ كانت معروفة في الجاهلية و غيرها من الأمم القديمة، بل أصل حدوث الظلّ عند مقابلة جسم لشي‏ء مستنير من الأمور التكوينية لا دخل للجعل فيه، و إنّما الجعل في تعيين حدّ منه لغرض خاص، و كذا تحديد اليوم و الليلة بأربع و عشرين ساعة، و في مثل هذه العلامات يكفي عدم ثبوت الردع من الشارع، مع أنّه قد ورد التقرير في جملة من الأخبار:

منها: خبر سماعة عن الصادق (عليه السلام): «قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام) جعلت فداك متى وقت الصلاة؟، فأقبل يلتفت يمينا و شمالا كأنّه يطلب شيئا، فلما رأيت ذلك تناولت عودا، فقلت هذا تطلب؟ قال: نعم، فأخذ العود فنصبه بحيال الشمس، قال إنّ الشمس إذا طلعت كان الفي‏ء طويلا، ثمَّ لا يزال ينقص حتّى تزول، فإذا زالت زادت، فإذا استنبت فيه الزيادة فصل الظهر- الحديث-»۱۰۷.

و منه يعلم حكم الحدوث بعد الانعدام بالملازمة.

أما كونه علامة، فهو المعروف بين الأصحاب، و يشهد له الاعتبار، لأنّ بالمواجهة مع نقطة الجنوب تتسامت دائرة نصف النهار لما بين الحاجبين، فيكون ميل الشمس إلى المغرب ملازما عرفا للميل إلى الحاجب الأيمن أيضا و أما قول النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «أتاني جبرائيل فأراني وقت الظهر حين زالت الشمس فكانت على حاجبه الأيمن»۱۰۸.

فلا بد و أن يقيد بما ذكر و إلا فلا يصح الأخذ بإطلاقه كما هو واضح، و إما أنّه تقريبي، فلأنّ تحقق الزوال دفعي آنيّ واقعيّ و هذه العلامة متدرجة عرفية، فلا بد و أن يحصل الاطمئنان بالزوال من سائر القرائن.

أما أصل الدائرة، فلها طرق مذكورة في كتب الهيئة:

منها: أن يتساوى موضع من الأرض تسوية تامة، فتدار عليها دائرة و تنصب على مركزها مقياس مخروط محدد الرأس يكون طوله قدر ربع الدائرة و تكون نسبة ما بين رأس المقياس و محيط الدائرة من تمام الجوانب متساوية، ثمَّ ترصد ظل المقياس قبل الزوال حين يكون خارجا عن محيط الدائرة نحو المغرب، فإذا أشرف على الدخول في محيط الدائرة تعلم عليه بعلامة ثمَّ ترصد الظلّ بعد الزوال حين الإشراف على الخروج و تعلم عليه بعلامة و يتصل بين‏ العلامتين بخط مستقيم و تنصف ذلك الخط ثمَّ يتصل ما بين مركز الدائرة و منتصف الخطّ و هو خطّ نصف النهار، فإذا وقع ظل المقياس عليه كانت الشمس في وسط النهار و لم تزل بعد، فإذا أخذ رأس الظلّ في الميل إلى الجانب المشرق فقد زالت، و لكن الساعات الدقيقة المستحدثة فيما قارب هذه الأعصار أغنى الناس عن هذه العلامات، فلا وجه لتطويل البحث فيها و بيان أقسامها و إلا لفصّلنا القول ببيان الأقسام و رسم الخرائط و لكن لا فائدة لذلك، لأنّ الاعتماد في هذه الأعصار على الساعات، و اندرست جميع تلك العلامات، و لقد أحسن في المستند حيث لم يتعرض لشي‏ء من علامات الزوال مع كونه من أهل الفن و إن أطنب القول في القبلة بما لا ينبغي.

ثمَّ إنّ الدائرة الهندية كما تستعمل لمعرفة الزوال تستعمل لمعرفة القبلة أيضا على ما ثبت في محلّه و تعرّض لها في المستند، فراجع، و أما أنّها أضبط و أمتن، فلقربها إلى الحس و الدقة في الجملة، كما لا وجه لما عن صاحب الجواهر من عدم الاعتبار بهذه العلامة في مقابل الاستصحاب لعدم ورود النص فيها، لما تقدم من كفاية عدم الردع، مع أنّ ورود النص في الشاخص يكفي لما يلازمه عرفا، بل و دقة أيضا و استخراج الظهر من الدائرة الهندية ملازم لاستخراجه من الشاخص على ما نقل بعض أهل الفن.

على المشهور فتوى و عملا، و عن السرائر دعوى الإجماع عليه، و كون وقت صلاة المغرب و العشاء بعد غروب الشمس من الضروريات بين المسلمين بحيث يعرف منهم ذلك الأديان الأخر أيضا. و إنّما الخلاف في أنّه يتحقق بمجرد استتار الشمس عن الأبصار أو بزوال ما حدث في الأفق من الاحمرار.

و بعبارة أخرى: الغروب من الأمور التشكيكية، فأول مرتبته استتار ذات الشمس عن النظر، و الأخرى زوال ما يكون لها من الأثر- و قد أطالوا القول في‏ ذلك بما لا ينبغي إذ النزاع صغروي لا أن يكون كبرويا- و مقتضى الأصل عدم تحققه إلا بزوال الأثر إلا أن يدل على كفاية مجرد الاستتار دليل معتبر.

و عمدة الأخبار الواردة في المقام أقسام ثلاثة:

الأول: و هو كثير ما علق فيه الحكم على الغروب و الغيبوبة كرواية عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «إذا غربت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين- الحديث-»۱۰۹.

و في مرسل الفقيه قال أبو جعفر: «وقت المغرب إذا غاب القرص»۱۱۰.

و عنه (عليه السلام) أيضا في خبر جابر قال: «قال رسول اللّه: إذا غاب القرص أفطر الصائم و دخل وقت الصلاة»۱۱۱.

و في صحيح ابن سنان عن الصادق (عليه السلام): «وقت المغرب إذا غربت الشمس فغاب قرصها»۱۱۲.

و في خبر أبي بصير عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «وقت المغرب حين تغيب الشمس»۱۱۳.

و قوله (عليه السلام) أيضا في رواية عبيد اللّه بن زرارة: «أنا أصلّي المغرب إذا غربت الشمس»۱۱4.

و في صحيح زرارة: «وقت المغرب إذا غاب القرص»۱۱٥.

و في خبر ابن فضال: «إذا غابت الشمس فقد دخل وقت المغرب»۱۱٦.

إلى غير ذلك من الروايات، و يمكن الاستدلال بها على اعتبار زوال الحمرة بناء على أنّ المنساق من غيبوبة الأجسام النيّرة زوال أثرها مطلقا.

الثاني: ما علق فيه الحكم على زوال الحمرة و هو أيضا كثير، كقول أبي‏ جعفر (عليه السلام) في صحيح بريد: «إذا غابت الحمرة من هذا الجانب يعني من المشرق فقد غابت الشمس من شرق الأرض و غربها۱۱۷.

و مثله صحيحه الآخر، و في مرسلة ابن أشيم عن الصادق (عليه السلام): «وقت المغرب إذا ذهبت الحمرة من المشرق، و تدري كيف ذلك؟ قلت: لا، قال: لأن المشرق مطلّ على المغرب هكذا، و رفع يمينه فوق يساره فإذا غابت ها هنا ذهبت الحمرة من ها هنا»۱۱۸.

و عنه (عليه السلام) أيضا في مرسل ابن أبي عمير۱۱۹: «وقت سقوط القرص و وجوب الإفطار من الصيام أن تقوم بحذاء القبلة و تتفقد الحمرة التي ترتفع من المشرق فإذا جازت قمة الرأس إلى ناحية المغرب، فقد وجب الإفطار و سقط القرص».

و مكاتبة ابن وضاح قال: «كتبت إلى العبد الصالح (عليه السلام): يتوارى القرص و يقبل الليل ثمَّ يزيد الليل ارتفاعا و تستر عنا الشمس و ترتفع فوق الجبل حمرة و يؤذن عندنا المؤذنون أ فأصلّي حينئذ و أفطر إن كنت صائما؟ أو أنتظر حتّى تذهب الحمرة فوق الجبل؟ فكتب إليّ: أرى لك أن تنتظر حتّى تذهب الحمرة، و تأخذ بالحائطة لدينك»۱۲۰.

و التعليل محمول على التقية. و في خبر ابن شريح عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «سألته عن وقت المغرب فقال: إذا تغيّرت الحمرة في الأفق، و ذهبت الصفرة، و قبل: أن تشتبك النجوم»۱۲۱.

و مثل هذه الأخبار المعتبرة سندا الصريحة دلالة من محكمات أخبار الباب و مفسّرة لجميعها، و لا وجه لحملها على الاستحباب، لأنّ سياقها سياق الشرح و البيان، فلا وجه لتوهم المعارضة بينها كما لا معارضة بين المفسّر (بالكسر) و المفسّر (بالفتح) و الشارح و المشروح.

الثالث: ما علّق فيه الحكم على عدم الرؤية كخبر عليّ بن الحكم عن أحدهما (عليهما السلام): «سئل عن وقت المغرب فقال: إذا غاب كرسيها، قلت: و ما كرسيها؟ قال: قرصها، فقلت: متى يغيب قرصها؟ قال: إذا نظرت إليه فلم تره»۱۲۲.

و قول الصادق (عليه السلام) في خبر أسامة: «إنّما تصليها إذا لم ترها خلف جبل، غابت أو غارت ما لم يتجلّلها سحاب أو ظلمة تظلّها»۱۲۳.

و فيه: أنّه إن كان المراد بعدم الرؤية عدم رؤيته الأثر، فهذه الأخبار من القسم الثاني، و إن كان المراد عدم رؤية ذات الشمس، فهي من القسم الأول و قد تقدم أنّ القسم الثاني مفسّر و شارح للقسم الأول، مع أنّه لا يمكن الأخذ بإطلاق خبر أبي أسامة بل هو مجمل كما هو واضح هذا مع وهن القسم الأول و الأخير بإعراض المشهور و استقرار السيرة فتوى و عملا- قديما و حديثا- على خلافهما و يكون العمل بالقسم الثاني من شعار الإمامية في جميع الأزمان و البلدان، مضافا إلى مكان حملهما على التقية، فلا محيص إلا من العمل بالقسم الثاني. هذه عمدة الأخبار الواردة في المقام.

و هناك أخبار أخرى و هي على قسمين:

الأول: خبر أبان بن أرقم و غيره قالوا: «أقبلنا من مكة حتّى إذا كنا بوادي الأخضر إذا نحن برجل يصلّي و نحن ننظر إلى شعاع الشمس فوجدنا في أنفسنا، فجعل يصلّي و نحن ندعو عليه صلّى ركعة و نحن ندعو عليه و نقول: هذا شباب من شباب أهل المدينة فلما أتيناه إذا هو أبو عبد اللّه جعفر بن محمد (عليه السلام) فنزلنا فصلّينا معه و قد فاتنا ركعة فلما قضينا الصلاة قمنا إليه‏ فقلنا: جعلنا فداك هذه الساعة تصلّي؟! فقال: إذا غابت الشمس فقد دخل الوقت»۱۲4.

و هو مشتمل على فعله (عليه السلام) و قوله و لكن فعله محمول على التقية و قوله (عليه السلام): «إذا غابت الشمس فقد دخل الوقت».

يكون من القسم الأول. و أما خبر ابن سيف: «صحبت الرضا (عليه السلام) في السفر فرأيته يصلّي المغرب إذا أقبلت الفحمة من المشرق يعني السواد»۱۲٥.

فهو مجمل لا يستفاد منه شي‏ء، و كذا خبر الخثعمي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) أنّه قال: «كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) يصلّي المغرب و يصلّي معه حيّ من الأنصار يقال لهم: بنو سلمة، منازلهم على نصف ميل، فيصلون معه، ثمَّ ينصرفون إلى منازلهم و هم يرون مواضع سهامهم»۱۲٦ و هو أيضا مجمل من حيث فعله (صلّى اللّه عليه و آله)، و من حيث رؤية الأنصار، لأنّ للرؤية مراتب كثيرة كما أنّ لضوء أول الليل أيضا كذلك. و أما موثق سماعة قال: «قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام) في المغرب إنّا ربما صلّينا و نحن نخاف أن تكون الشمس خلف الجبل أو قد سترنا منها الجبل؟ قال: فقال ليس عليك صعود الجبل»۱۲۷.

مضافا إلى إجمال قوله (عليه السلام) لأنّه ليس للإمام (عليه السلام) أن يقول مثل هذا القول المخالف لمذهب الخاصة و العامة، و مثله خبر زيد الشحام قال: «صعدت مرة جبل أبي قبيس و الناس يصلّون المغرب، فرأيت الشمس لم تغب إنّما توارت خلف الجبل عن الناس، فلقيت أبا عبد اللّه (عليه السلام) فأخبرته بذلك فقال لي: و لم فعلت ذلك؟! بئس ما صنعت إنّما تصلّيها إذا لم ترها خلف جبل، غابت أو غارت ما لم يتجلّلها سحاب أو ظلمة تظلّها و إنّما عليك مشرقك و مغربك و ليس على الناس أن يبحثوا»۱۲۸.

فإنّه خلاف المذهبين و قد تقدم أنّه مجمل.

الثاني: جملة من الأخبار الواردة في ذم التأخير إلى اشتباك النجوم الذي أبدعه أبو الخطاب- محمد بن مقلاص الكوفي- على ما نقله الإمام (عليه السلام) كخبر جارود قال: «قال لي أبو عبد اللّه (عليه السلام): يا جارود ينصحون فلا يقبلون و إذا سمعوا بشي‏ء نادوا به أو حدّثوا بشي‏ء أذاعوه، قلت لهم؟؟؟ بالمغرب قليلا فتركوها حتّى اشتبكت النجوم، فأنا الآن أصلّيها إذا سقط القرص»۱۲۹.

و عنه (عليه السلام) أيضا: «ذكر أبو الخطاب فلعنه ثمَّ قال: إنّه لم يكن يحفظ شيئا حدثته إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) غابت له الشمس في مكان كذا و كذا، و صلّى المغرب بالشجرة و بينهما ستة أميال فأخبرته بذلك في السفر فوضعه في الحضر»۱۳۰.

إلى غير ذلك مما سيق هذا المساق و أغنانا عن التعرض لمثل هذه الأخبار متونها المصرّحة بأنّه من سوء فهم أبي الخطاب و من مجعولاته، فالناظر في مجموع الأخبار يطمئن بما هو المشهور و يأتي في كتاب الصوم و الحج- في حكم الإفطار، و الإفاضة من عرفات- ما ينفع المقام.

تنبيهات- الأول: قول أبي جعفر (عليه السلام) في صحيح بريد بن معاوية المتقدم: «فقد غابت الشمس من شرق الأرض و غربها»۱۳۱، يراد بها شرق الأرض عن القطر الذي يكون فيه المصلّي و غربها لا شرق الكرة الأرضية و غربها و إلا فهو خلف الوجدان.

و أما قول أبي عبد اللّه (عليه السلام) في خبر ابن أشيم: «لأنّ المشرق مطلّ‏ على المغرب»۱۳۲، فالإطلال بمعنى الإشراف و المراد به المقابلة للمغرب و الاستشراف عليه في أخذه أثر النور و هو الحمرة، فالمراد بالإطلال الفرضي الاعتباري لا الحقيقي إذ الكرات الدائرة لا يعقل فيها الإطلال الحقيقي كما ثبت في محلّه.

الثاني: قال السيد الداماد (رحمه اللّه)- فبما حكاه عنه في البحار-: النهار الشرعي في باب الصلاة و الصوم و سائر الأبواب من طلوع الفجر إلى ذهاب الحمرة المشرقية، و هذا هو المعتبر و المعول عليه عند أساطين الإلهيين و الرياضيين من حكماء اليونان.

الثالث: قد أشكل- على كون زوال الحمرة المشرقية علامة للغروب- بأنّه يستلزم أن يكون حدوث الحمرة المغربية علامة لطلوع الشمس فيكون آخر وقت صلاة الصبح ظهور الحمرة لا طلوع الشمس، و يشهد لذلك ما في الفقه الرضوي: «و آخر وقت الفجر أن تبدو الحمرة في أفق المغرب»۱۳۳.

و فيه: أنّ مقتضى الملازمة و إن كان ذلك، لكن الشارع وسع الوقت لصلاة الفجر تسهيلا على الأمة.

أما كفاية الذهاب من سمت الرأس، فلقول الصادق (عليه السلام) في الموثق: «وقت سقوط القرص و وجوب الإفطار من الصيام أن تقوم بحذاء القبلة و تتفقد الحمرة التي ترتفع من المشرق فإذا جازت قمة الرأس إلى ناحية المغرب فقد وجب الإفطار و سقط القرص»۱۳4.

و قمة الرأس أعلاه، و عن أبي جعفر (عليه السلام) في الصحيح: «إذا غابت الحمرة من هذا الجانب يعني من المشرق فقد غابت الشمس من شرق الأرض و غربها۱۳٥.

و ظهورهما في كفاية الغيبوبة عن سمت الرأس مما لا ينكر، و لكن قال في الجواهر: «ضرورة إرادة ربع الفلك منه».

و فيه: أنّه لا وجه لدعوى الضرورة، بل هو احتمال أيضا في الخبر، فيصح لأجله الاحتياط، و لذا احتاط (رحمه اللّه) في زوالها من تمام ربع الفلك من طرف المشرق.

ثمَّ إنّه قد اختبر مقدار زوال الحمرة عن قمة الرأس، فقدّر بمضيّ عشر دقائق عن غروب الشمس.

فروع- (الأول): الظاهر أنّ للحمرة مراتب متفاوتة باختلاف مراتب صفاء الجو و كدره و غير ذلك، و المناط هو زوال معظمها و إلا فقد يبقى بعض مراتبها إلى مضيّ أكثر من ربع ساعة من غروب الشمس أيضا و قد يقال إنّه يبقى بعض مراتبها إلى مضيّ نصف ساعة من غروبها.

(الثاني): مع عدم رؤية الحمرة لسحاب و نحوه، فالمدار بحسب الساعة على مضيّ زمان يقطع معه بزوالها.

(الثالث): يصح الجمع بين الصلاتين و يصح التفريق أيضا، للأصل، و الإطلاق في كلّ منهما، مضافا إلى نصوص خاصة منها قول الصادق (عليه السلام): «إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) جمع بين الظهر و العصر بأذان و إقامتين، و جمع بين المغرب و العشاء في الحضر من غير علة بأذان واحد و إقامتين‏۱۳٦.

و مثله صحيح الفضلاء۱۳۷ و عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «إنّ رسول‏ اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) صلّى الظهر و العصر في مكان واحد من غير علّة و لا سبب فقال له عمر- و كان أجرأ القوم عليه-: أحدث في الصلاة شي‏ء؟ قال: «لا، و لكن أردت أن أوسع على أمتي»۱۳۸.

و مثله رواية ابن عباس‏۱۳۹، و لكن الثاني أفضل لو لم تكن جهة أخرى موجبة لأفضلية الجمع، لصحيح ابن سنان عن الصادق (عليه السلام): «إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) كان في السفر يجمع بين المغرب و العشاء و الظهر و العصر، إنّما يفعل ذلك إذا كان مستعجلا قال: قال (عليه السلام): و تفريقهما أفضل»۱4۰.

و يتحقق الجمع بعدم إتيان النافلة.

على المشهور، لقول الصادق (عليه السلام) في خبر ابن حنظلة حيث سأل منه (عليه السلام): «زوال الشمس نعرفه بالنهار، فكيف لنا بالليل؟ فقال (عليه السلام) للليل زوال كزوال الشمس قال: فبأيّ شي‏ء نعرفه؟ قال: بالنجوم إذا انحدرت»۱4۱.

و المنساق منه هو الانحدار إلى طرف المغرب في الجملة لا بنحو الكلية، لاختلاف مشارق النجوم و مغاربها اختلافا كثيرا كما هو معلوم، و في صحيح أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «دلوك الشمس زوالها، و غسق الليل بمنزلة الزوال من النهار»۱4۲.

نسب إلى الأعمش- و ظاهر الكفاية، و الذكرى، و المفاتيح- أنّ الليل ما بين غروب الشمس و طلوعها، فيكون نصف الليل نصف ما بين غروب الشمس و طلوعها، و استدلوا عليه أولا: بقول بعض أهل اللغة. و فيه: أنّه لا اعتبار به مع المعارضة بغيره مما هو أقوى منه.

و ثانيا: بما تقدم من خبري ابن حنظلة، و أبي بصير. و فيه: أنّ الثاني منهما مجمل جدّا و الأول يمكن أن يكون كاشفا عن الانتصاف لا أن يكون دليلا على حدوثه و عن الأكثر: أنّ الليل ما بين غروب الشمس و طلوع الفجر. و عن صاحب الجواهر: إنّه الحق الموافق لأكثر اللغويين و الفقهاء و المحدثين و الحكماء و الرياضيين- إلى أن قال- لا ينبغي أن يستريب عارف بلسان الشرع و العرف و اللغة أنّ المنساق من إطلاق اليوم و النهار و الليل في الصوم و الصلاة و مواقف الحج و القسم بين الزوجات و أيام الاعتكاف و جميع الأبواب أنّ المراد باليوم من طلوع الفجر إلى الغروب.

و قد تقدم نقل عبارة السيد الداماد في اليوم الشرعي. و يمكن جعل النزاع لفظيا، لأنّ اليوم في العرف و الشرع له إطلاقان:

الأول: ما يعبّر عنه باليوم الصومي و الكلّ يتفقون على أنّه من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، و عليه جرى اصطلاح الشرع و الفقهاء- عند إطلاق اليوم- ما لم يدل دليل على الخلاف.

الثاني: اليوم الأجيري و الكلّ متفقون على أنّه من طلوع الشمس إلى غروبها ما لم يدل دليل على الخلاف فمن قال: إنّه عبارة عما بين طلوع الفجر و غروب الشمس أراد اليوم الصومي. و من قال: إنّه عبارة عما بين طلوع الشمس و غروبها أراد اليوم الأجيري، فلا نزاع في البين و فيما علق فيه الحكم في الأدلة الشرعية على اليوم يراد به اليوم الصومي إلا مع القرينة على الخلاف.

نصوصا، و إجماعا، ففي صحيح أبي بصير قال: «سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) فقلت: متى يحرم الطعام و الشراب على الصائم و تحل الصلاة صلاة الفجر؟ فقال: إذا اعترض الفجر، فكان كالقبطية البيضاء فثم يحرم الطعام على الصائم و تحلّ الصلاة صلاة الفجر- الحديث-»۱4۳.

و في خبر ابن عطية عن أبي عبد اللّه (عليه السلام): «الفجر هو الذي إذا رأيته كان معترضا كأنه بياض نهر سوراء»۱44.

و في رواية ابن مهزيار قال: كتب أبو الحسن بن الحصين إلى أبي جعفر الثاني (عليه السلام) معي: جعلت فداك قد اختلف مواليك في صلاة الفجر، فمنهم من يصلّي إذا طلع الفجر الأول المستطيل في السماء، و منهم من يصلّي إذا اعترض في أسفل الأفق و استبان و لست أعرف أفضل الوقتين، فأصلّي فيه، فإن رأيت أن تعلّمني أفضل الوقتين و تحدّه لي، و كيف أصنع مع القمر و الفجر لا تبين معه حتّى يحمر و يصبح؟ و كيف أصنع مع الغيم و ما حدّ ذلك في السفر و الحضر و فعلت إن شاء اللّه، فكتب (عليه السلام) بخطه و قرأته: الفجر يرحمك اللّه هو الخيط الأبيض المعترض، و ليس هو الأبيض صعدا، فلا تصلّ في سفر و لا حضر حتّى تبينه، فإنّ اللّه تبارك و تعالى لم يجعل خلقه في شبهة من‏ هذا، فقال‏ وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ فالخيط الأبيض هو المعترض الذي يحرم به الأكل و الشرب في الصوم و كذلك هو الذي يوجب به الصلاة»۱4٥.

و في المرسل: «و أما الفجر الذي يشبه ذنب السرحان، فذاك الفجر الكاذب و الفجر الصادق هو المعترض كالقباطي‏۱4٦.

و نهر سورا نهر الفرات، و القباطي ثياب بيض رقيقة تجلب من مصر واحدها قبطي (بضم القاف).

(مسألة ۲): المراد باختصاص أول الوقت- بالظهر و آخره بالعصر و هكذا في المغرب و العشاء- عدم صحة الشريكة في ذلك الوقت مع عدم أداء صاحبته (۳۰)، فلا مانع من إتيان غير الشريكة فيه (۳۱)، كما إذا أتى بقضاء صلاة الصبح أو غيره من الفوائت في أول الزوال أو في آخر الوقت، و كذا لا مانع من إتيان الشريكة إذا أدّى صاحبة الوقت، فلو صلّى الظهر قبل الزوال بظنّ دخول الوقت، فدخل الوقت في أثنائها و لو قبل السلام حيث أنّ صلاته صحيحة (۳۲) لا مانع من إتيان العصر أول الزوال، و كذا إذا قدّم العصر على الظهر سهوا و بقي من الوقت مقدار أربع ركعات لا مانع من إتيان الظهر في ذلك الوقت و لا تكون قضاء (۳۳) و إن كان الأحوط عدم التعرض للأداء و القضاء (۳٤)، بل عدم التعرض لكون ما يأتي به ظهرا أو عصرا، لاحتمال احتساب العصر المقدّم ظهرا و كون هذه الصلاة عصرا (۳٥).

لما يأتي من التفضيل.

للأصل، و إطلاقات دليله، و لأنّ الاختصاص الذاتي لو قيل به إنّما هو بالنسبة إلى الشريكة فقط.

لما يأتي في [مسألة ۳] من (فصل أحكام الأوقات) من النص الدال عليه، بل قد يصح مع عدم أدائها أيضا كما لو زعم أنّه صلّى الظهر فأتى

بالعصر، فبان أنّه لم يأت بالظهر و أنّ العصر وقع في الوقت المختص أو اعتقد أنّه صلّى العصر قبل الظهر نسيانا، فصلّى الظهر في الوقت المختص بالعصر، فيصح كلّ منهما حينئذ. فيأتي بالشريكة بعدها أو قضاء.

لفرض عدم الاختصاص الذاتي و أنّ الوقت مشترك من بدية إلى انتهائه ها هنا.

للخروج عن خلاف من ذهب إلى الاختصاص الذاتي.

للجمود على ما يأتي في صحيحة زرارة: «إنّما هي أربع مكان أربع»۱4۷.

و السند تام و الدلالة ظاهرة، و أسقطه عن الاعتبار إعراض المشهور عنه.

إلا أن يقال: إنّه من باب الخطأ في التطبيق فتصح ظهرا بحسب القاعدة. و أنّ الصحيحة وردت مطابقة للقاعدة فلا وجه لإعراض المشهور حينئذ مع ذهابهم إلى الصحة في موارد الخطإ في التطبيق.

(مسألة ۳): يجب تأخير العصر عن الظهر، و العشاء عن المغرب، فلو قدم إحديهما على سابقتها عمدا بطلت (۳٦)، سواء كان‏ في الوقت المختص أو المشترك (۳۷). و لو قدّم سهوا، فالمشهور على أنّه إن كان في الوقت المختص بطلت (۳۸)، و إن كانت في الوقت المشترك، فإن كان التذكر بعد الفراغ صحت (۳۹)، و إن كان في الأثناء عدل بنيته إلى السابقة إذا بقي محلّ العدول (٤۰) و إلا- كما إذا دخل في‏ ركوع الركعة الرابعة من العشاء- بطلت (٤۱) و إن كان الأحوط الإتمام‏و الإعادة بعد الإتيان بالمغرب و عندي فيما ذكروه إشكال، بل الأظهر في العصر المقدّم على الظهر سهوا صحتها و احتسابها ظهرا إن كان التذكر بعد الفراغ، لقوله (عليه السلام): «إنّما هي أربع مكان أربع» في النص الصحيح (٤۲)، لكن الأحوط الإتيان بأربع ركعات بقصد ما في الذمة (٤۳) من دون تعيين أنّها ظهر أو عصر. و إن كان في الأثناء عدل (٤٤) من غير فرق في الصورتين بين كونه في الوقت المشترك أو المختص (٤٥). و كذا في العشاء إن كان بعد الفراغ صحت، و إن كان في الأثناء عدل مع بقاء محلّ العدول على ما ذكروه لكن من غير فرق بين الوقت المختص و المشترك أيضا (٤٦). و على ما ذكرناه تظهر فائدة الاختصاص (٤۷) فيما إذا مضى من‏ أول الوقت مقدار أربع ركعات، فحاضت المرأة، فإنّ اللازم حينئذ قضاء خصوص الظهر، و كذا إذا طهرت من الحيض و لم يبق من الوقت إلا مقدار أربع ركعات فإنّ اللازم حينئذ إتيان العصر فقط، و كذا إذا بلغ الصبيّ و لم يبق إلا مقدار أربع ركعات، فإنّ الواجب عليه خصوص العصر فقط. و أما إذا فرضنا عدم زيادة الوقت المشترك عن أربع ركعات، فلا يختص بإحداهما (٤۸)، بل يمكن أن يقال بالتخيير بينهما كما إذا أفاق المجنون الأدواري في الوقت المشترك مقدار أربع ركعات أو بلغ الصبيّ في الوقت المشترك ثمَّ جنّ أو مات بعد مضيّ مقدار أربع ركعات و نحو ذلك.

بضرورة المذهب، بل الدّين، و تقتضيه قاعدة «انتفاء المشروط بانتفاء شرطه».

لإطلاق الدليل الشامل لهما. هذا إذا كان بانيا على الإتيان بهما و قدم اللاحقة على السابقة عمدا، و لكن لو كان بانيا على عصيان أمر السابق رأسا و أتى باللاحقة ثمَّ تاب بعد الوقت، فهل يجب عليه قضاء اللاحقة أيضا؟

الظاهر ذلك.

لأنّ مقتضى إطلاقات الأدلة الأولية كون الوقت شرطا مطلقا، و يقتضيه أيضا قوله (عليه السلام) في الصحيح: «لا تعاد الصلاة إلّا من خمسة: الطهور، و الوقت، و القبلة، و الركوع، و السجود»۱4۸.

و خبر أبي بصير عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «من صلّى في غير وقت، فلا صلاة له»۱4۹.

و هو مبنيّ على ما ذهبوا إليه من الاختصاص الذاتي و هو حق بناء على ذلك، و لكن قد تقدم بطلانه، فتكون هذه الصورة مثل الصورة اللاحقة في أنّ الفائت إنّما هو مجرد، الترتيب فقط لا ذات الوقت من حيث هو، فيصح الاستدلال بحديث لا تعاد للصحة في هذه الصورة أيضا كما يصح في الصورة اللاحقة.

لأنّ الفائت حينئذ إنّما هو الترتيب و هو شرط ذكري إجماعا، مضافا إلى حديث لا تعاد المتقدم.

للإجماع و النص، كقول أبي جعفر (عليه السلام) في صحيح زرارة – في حديث: «و إن ذكرت أنّك لم تصلّ الأولى و أنت في صلاة العصر و قد صلّيت منها ركعتين فانوها الأولى ثمَّ صلّ الركعتين الباقيتين و قم فصلّ العصر- إلى أن قال:- و إن كنت ذكرتها (يعني المغرب) و قد صلّيت من العشاء الآخرة ركعتين أو قمت في الثالثة، فانوها المغرب ثمَّ سلّم ثمَّ قم فصلّ العشاء الآخرة»۱٥۰.

و ما دل على أنّه يعدل من العصر إلى الظهر و لا يعدل من العشاء إلى المغرب- كخبر ابن صيقل قال: «سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن رجل نسي الأولى حتّى صلّى ركعتين من العصر قال: فليجعلها الأولى و ليستأنف العصر. قلت: فإنّه نسي المغرب حتّى صلّى ركعتين من العشاء ثمَّ ذكر قال: فليتم صلاته ثمَّ ليقض بعد المغرب»۱٥۱.

أسقطه عن الاعتبار قصور السند، و هجر الأصحاب عنه.

ثمَّ إنّ ظاهر الروايات هو وجوب العدول في كلّ مورد يصح فيه و هو الذي يقتضيه اعتبار الترتيب مهما أمكن تحصيله حدوثا و بقاء، و قد تكفّل قولهم (عليهم السلام): «إلا أنّ هذه قبل هذه»۱٥۲ جهة الحدوث، و أدلة العدول جهة البقاء.

لأنّ العدول خلاف الأصل، فيقتصر فيه على مورد الدليل و لا دليل عليه فيما إذا دخل في الركوع و حينئذ، فمقتضى ما دل على وجوب الترتيب لزوم إحرازه و حيث لا يمكن ذلك، فيتعيّن البطلان.

إلّا أن يقال: إنّه كما يسقط الترتيب إن كان التذكر بعد الفراغ نصّا و إجماعا كذلك يسقط فيما إذا لم يمكن العدول إلى المغرب، لأنّ المناط كلّه عدم إمكان إحراز الترتيب و هو كما لا يمكن بعد الفراغ لا يمكن فيما إذا تجاوز عن محلّ العدول، مضافا إلى حديث «لا تعاد»۱٥۳ الدال على صحتها عشاء، فالجزم بالبطلان مشكل، بل يمكن تقوية الصحة، و يأتي منه (رحمه اللّه) الاحتياط الوجوبي في إتمامها عشاء في [مسألة ۹] من (فصل أحكام الأوقات).

هذا مع احتمال أن يقال: بسقوط مثل هذا الركوع عن الركنية، فيصح معه العدول إلى المغرب، لكشف التذكر عن عدم الأمر بالعشاء واقعا، فمع عدم الأمر بها لا أمر بركوعها الرابعة أيضا، فيكون من مجرد الزيادة اللغوية و لا دليل على منعها عن العدول و مع الشك، فمقتضى الأصل بقاء محلّ العدول.

و هو قول أبي جعفر (عليه السلام) في صحيح زرارة: «إذا نسيت الظهر حتّى صلّيت العصر فذكرتها و أنت في الصلاة أو بعد فراغك، فانوها الأولى ثمَّ صلّ العصر، فإنّما هي أربع مكان أربع»۱٥4.

و يعضده مضمر الحلبي‏۱٥٥، و لكن لا ينفع صحة السند و ظهور الدلالة بعد الإعراض و عدم القائل به من معتبري الأصحاب. مع عدم تصور معنى للنية بعد الفراغ عن العمل.

لأنّه جمع بين العمل بما تقدم في الصحيح من قول أبي جعفر (عليه السلام): «فإنّما هي أربع مكان أربع» و فتوى المشهور.

نصّا كما تقدم، و إجماعا.

لإطلاق الأدلة الشامل للصورتين. و أشكل عليه: بأنّ الشروع في اللاحقة في الوقت المختص بالأولى في غاية الندرة خصوصا بالنسبة إلى الأزمنة القديمة التي كانوا معتادين على التفريق بين الصلاتين، و مقتضى الأصل عدم صحة العدول في الوقت المختص، للشك في شمول الإطلاق له.

و فيه: أنّ الإطلاق ثابت و ندرة الوجود لا توجب الخروج عن الصدق العرفي.

إن قيل: مع وقوعها في الوقت المختص يكون باطلا، فلا موضوع للعدول، لأنّه في الصلاة الصحيحة.

يقال: بناء على الاختصاص الفعلي لا وجه لهذا الإشكال. نعم، هو صحيح بناء على الاختصاص الذاتي.

لشمول ما تقدم لهما كشموله للظهرين مع ذكرهما في ما مر من الأخبار.

إذ لا تكليف في أول الوقت حينئذ إلا بالأولى و في آخره إلا بالأخيرة سواء قلنا بالاختصاص الذاتي أم الفعلي و ليس هذا ثمرة بين القولين.

نعم، لو قلنا بسقوط الترتيب حينئذ، لقصور شمول أدلته عن مثل الفرض تكون‏ مخيرة بين إتيان السابقة أو اللاحقة في أول الوقت أو آخره، و لكنّه من مجرد الفرض، مع أنّه على تقدير صحته لا ثمرة له أيضا، لأنّ احتمال أهمية الأولى في أول الوقت و الأخيرة في آخره يوجب تعيينها، فلا تكليف بالأخيرة في أول الوقت و لا بالأولى في آخر الوقت إلا بناء على الترتب و هو بعيد عن مساق الأدلة.

ثمَّ إنّه لا فرق فيما ذكر بين علم المرأة بعروض الحيض قبل دخول الوقت الاختصاصي و بين مفاجاته من غير علم به كما لا فرق بين كون العروض طبيعيا أو اختياريا بالأدوية الموضوعة له.

مقتضى احتمال الأهمية في السابقة تعيّن الإتيان بها و هو ظاهر أدلّة اعتبار الترتيب و مجرد صلاحية ذات الوقت للّاحقة لا توجب فعلية التكليف بها بعد اعتبار الترتيب شرعا. و احتمال الأهمية في السابقة عقلا، فلا موضوع للتخيير في إفاقة المجنون و بلوغ الصبيّ في الوقت المشترك ثمَّ عروض الجنون أو الموت، فيسقط اعتبار هذه الثمرات رأسا.

(مسألة ٤): إذا بقي مقدار خمس ركعات إلى الغروب قدم الظهر (٤۹)، و إذا بقي أربع ركعات أو أقلّ قدم العصر، و في السفر إذا بقي ثلاث ركعات قدم الظهر، و إذا بقي ركعتان قدم العصر، و إذا بقي إلى نصف الليل خمس ركعات قدم المغرب، و إذا بقي أربع أو أقلّ قدم العشاء، و في السفر إذا بقي أربع ركعات قدم المغرب، و إذا بقي أقلّ قدم العشاء. و يجب المبادرة إلى المغرب بعد تقديم العشاء إذا بقي بعدها ركعة أو أزيد (٥۰)، و الظاهر أنّها حينئذ أداء (٥۱) و إن كان الأحوط عدم نية الأداء و القضاء.

لقاعدة من أدرك ركعة من الوقت فقد أدرك الوقت، مضافا إلى الإجماع، فهذا الوقت للسابقة حقيقة و للّاحقة تنزيلا. و منه يظهر الحكم في بقية المسألة، إذ المدرك في الجميع واحد و هو قاعدة «من أدرك ركعة من الوقت فقد أدرك الوقت».

فلا وجه للإعادة و التكرار. و هذه القاعدة معروفة بين الفقهاء بحيث يستدلون بها لا عليها و هناك روايات تصلح للاستدلال لها۱٥٦ و يشهد لهذه القاعدة استصحاب الحكم و الموضوع و ما يأتي في [مسألة ۳] من (فصل في أحكام الأوقات) من أنّه إذا تيقن دخول الوقت و صلّى ثمَّ دخل الوقت في الأثناء تصح صلاته فيستفاد من مجموع ما مرّ أنّ الشارع نزّل إدراك جزء من الوقت منزلة إدراك تمام الوقت تسهيلا و امتنانا و لكنّه في آخر الوقت مقيد بإدراك ركعة من الصلاة في الوقت فهذه القاعدة كسائر القواعد التسهيلية الامتنانية الجارية في الصلاة و غيرها.

لفرض بقاء الوقت بمقدار ركعة، فتشمله قاعدة: «من أدرك» هذا بناء على انتهاء الليل بنصف الليل. و أما بناء على الامتداد للفجر فيقدم المغرب.

لأنّ إدراك ركعة من الوقت يجعله أداء تنزيلا، ثمَّ إنّ الاحتياط المذكور يخالف الجزم بوجوب المبادرة و إن كان حسنا.

(مسألة ٥): لا يجوز العدول من السابقة إلى اللاحقة و يجوز العكس (٥۲)، فلو دخل في الصلاة بنية الظهر ثمَّ تبيّن له في الأثناء أنّه صلاها لا يجوز له العدول إلى العصر، بل يقطع و يشرع في العصر، بخلاف ما إذا تخيّل أنّه صلّى الظهر فدخل في العصر ثمَّ تذكر أنّه ما صلّى الظهر، فإنّه يعدل إليها.

أما الأول، فللأصل، و الإجماع، و عدم تغيّر الشي‏ء عما تخصص به من النية، و لزوم مقارنة النية لأول العمل.

و أما الثاني، فلنصوص خاصة منها ما تقدم من قول أبي جعفر (عليه السلام)، في صحيح زرارة۱٥۷.

و يأتي في [مسألة ۲۰] من (فصل النيّة) ما ينفع المقام.

(مسألة ٦): إذا كان مسافرا و قد بقي من الوقت أربع ركعات، فدخل في الظهر بنية القصر ثمَّ بدا له الإقامة، فنوى الإقامة بطلت صلاته (٥۳)، و لا يجوز له العدول إلى العصر، فيقطعها و يصلّي العصر و إذا كان في الفرض ناويا للإقامة، فشرع بنية العصر، لوجوب‏ تقديمها حينئذ ثمَّ بدا له فعزم على عدم الإقامة، فالظاهر أنّه يعدل بها إلى الظهر قصرا (٥٤).

لعدم إمكان العدول إلى العصر، لأنّه عدول من السابقة إلى اللاحقة و عدم إمكان إتمامه ظهرا، لعدم الأمر بها، لاختصاص التكليف الفعليّ بالعصر فتبطل لا محالة.

لأنّ العصر لاحقة بالنسبة إلى الظهر، فيشملها ما دلّ على صحة العدول من اللاحقة إلى السابقة، و لكنّه مشكل، لأنّ المنساق من أدلة صحة العدول أنّه لو لا الترتيب لوجب إتمام المعدول عنه و ذلك لا يمكن في المقام، مع أنّ الظاهر من موارد العدول إنّما هو من جهة الحكم فقط و في المقام قد تبدل الموضوع إلا أن يدعى القطع بعدم الفرق من هذه الجهة.

(مسألة ۷): يستحب التفريق بين الصلاتين المشتركتين في الوقت كالظهرين و العشاءين (٥٥)، و يكفي مسماه (٥٦) و في الاكتفاء به‏ بمجرد فعل النافلة وجه الا أنّه لا يخلو عن إشكال (٥۷).

لسيرة النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله)، و لأنّه نحو اهتمام بكلّ صلاة مستقلة، و لقول الصادق (عليه السلام): «و تفريقهما أفضل»۱٥۸.

و في خبر ابن سنان: «إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) كان في السفر يجمع بين المغرب و العشاء و الظهر و العصر إذا كان مستعجلا»۱٥۹.

مع أنّ التفريق يوجب وقوع اللاحقة في وقت فضيلتها بناء على عدم دخوله بمجرد دخول الوقت. هذا كلّه مضافا إلى ظهور الإجماع بين المسلمين.

للإطلاق الشامل لكلّ ما يسمّى تفريقا عرفا و على ما ذكرناه يكون لاستحباب التفريق موضوعية خاصة، لكونه نحو توقير لكلّ صلاة مستقلة لا أن يكون طريقا لوقوع الصلاة في وقت الفضيلة و إن كان ذلك موجبا للرجحان من هذه الجهة.

ثمَّ إنّ مقتضى الأصل عدم الكراهة في الجمع، و يشهد له قول الصادق (عليه السلام): «و تفريقهما أفضل» إذ لا يستفاد منه مرجوحية الجمع، بل له‏ الفضل أيضا، لكن الأفضل التفريق إلّا أن يكون من قبيل قوله تعالى‏ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى‏ بِبَعْضٍ*۱٦۰ بنحو أصل الرجحان و مرجوحية خلافه، و لكنّه ممنوع و يظهر من جملة من الأخبار أيضا عدم مرجوحيته. ففي صحيح ابن سنان عن الصادق (عليه السلام): «إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) جمع بين الظهر و العصر بأذان و إقامتين، و جمع بين المغرب و العشاء في الحضر من غير علّة بأذان واحد و إقامتين»۱٦۱.

و خبر ابن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «إنّ رسول اللّه صلّى الظهر و العصر في مكان واحد من غير علّة و لا سبب، فقال له عمر- و كان أجرأ القوم عليه-: أحدث في الصلاة شي‏ء؟ قال: لا، و لكن أردت أن أوسع على أمتي»۱٦۲.

و صحيح زرارة عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «صلّى رسول اللّه بالناس الظهر و العصر حين زالت الشمس في جماعة من غير علّة و صلّى بهم المغرب و العشاء الآخرة- إلى أن قال:- و إنّما فعل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) ليتسع الوقت على أمته»۱٦۳.

و ربما يستدل لمرجوحيته تارة: بما يأتي من صحيح زرارة. و أخرى بخبر ابن ميسرة قال: «قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): إذا زالت الشمس في طول النهار، للرجل أن يصلّي الظهر و العصر؟ قال: نعم، و ما أحب أن يفعل ذلك كلّ يوم»۱٦4.

و ثالثة: بما يظهر منه أنّ الجمع كان لعذر من سفر، أو مطر، أو حاجة، كصحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «كان رسول اللّه إذا كان في‏ سفر أو عجلت به حاجة يجمع بين الظهر و العصر و بين المغرب و العشاء الآخرة- الحديث-»۱٦٥.

و في خبر ابن علوان عن عليّ (عليه السلام) قال: «كان رسول اللّه يجمع بين المغرب و العشاء في الليلة المطيرة فعل ذلك مرارا»۱٦٦.

و كذا عن صفوان الجمال قال: «صلّى بنا أبو عبد اللّه (عليه السلام) الظهر و العصر عند ما زالت الشمس بأذان و إقامتين، و قال: إني على حاجة فتنفّلوا»۱٦۷.

إلى غير ذلك من الروايات.

و الكلّ مردود: إذ الأولان صدرا لأجل إخفاء أمر الراويين على العامة و عدم تظاهرهما بما كان من عادة الشيعة، كما يشهد به خبر أبي خديجة عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «سأله إنسان و أنا حاضر، فقال: ربما دخلت المسجد و بعض أصحابنا يصلّون العصر و بعضهم يصلّي الظهر؟ فقال: أنا أمرتهم بهذا لو صلّوا على وقت واحد عرفوا فأخذوا برقابهم»۱٦۸.

و التمسك بالأخيرة لإثبات الكراهة في غير العذر من التمسك بمفهوم اللقب الذي لا اعتبار به خصوصا مع وجود الإطلاقات الدالة على جواز الجمع مطلقا.

من صدق التفريق بها في الجملة أيضا عرفا، و خبر ابن حكيم قال: «سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: الجمع بين الصلاتين إذا لم يكن بينهما تطوع، فإذا كان بينهما تطوّع فلا جمع»۱٦۹.

و من صحيح زرارة قال: «قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): أصوم فلا أقيل حتّى تزول الشمس فإذا زالت الشمس صلّيت نوافلي ثمَّ صلّيت الظهر، ثمَّ صلّيت نوافلي، ثمَّ صلّيت العصر، ثمَّ نمت و ذلك قبل أن يصلّي الناس، فقال: يا زرارة إذا زالت الشمس فقد دخل الوقت، و لكنّي أكره لك أن تتخذه وقتا دائما»۱۷۰.

بناء على أنّ كراهته (عليه السلام) لأجل عدم حصول التفريق.

و فيه: أنّه من مجرد الاحتمال لا يقاوم ما تقدم من ظهور خبر ابن حكيم و الصدق العرفي، مع أنّه يبعد أن يتحقق التفريق بالمسمّى العرفي و لا يتحقق بالنافلة لتحقق المسمّى فيها أيضا. إلّا أن يقال: حيث إنّها من توابع الصلاة فلا يجتزى بها في التفريق من هذه الجهة لو لا النص و على هذا يشكل تحققه بمسمّى التعقيب أيضا، و يمكن أن تكون كراهته (عليه السلام)، لأنّ هذا النحو من التفريق كان من شعار الشيعة، فكره (عليه السلام) أن يعرف زرارة بهذا الشعار حتّى يصير مورد شماتة الأعداء. و مقتضى القاعدة أنّ العام و المطلق متبعان ما لم يدل دليل خاص ظاهر أو مقيد كذلك على الخلاف و هما منفيان في المقام.

فروع: (الأول): استحباب التفريق مطلقا إنّما هو فيما إذا لم تزاحمه جهة أخرى للجمع تكون أهمّ و إلّا، فيقدم الأهم بلا إشكال.

(الثاني): تقدم أنّ التفريق مندوب نفسيّ، لكونه نحو اهتمام خاص باللاحقة و اعتناء بشأنها، و في مقابل السابقة. لا أن يكون مقدميّا محضا لوقوع اللاحقة في وقت فضيلتها، مع أنّه لا وجه للأخير بناء على أنّ دخول وقت الفضيلة للصلاتين بمجرد الزوال «إلّا أنّ هذا قبل هذا».

(الثالث): الظاهر عدم الفرق بين التفريق هنا و فيما يأتي في (فصل الأذان‏ و الإقامة) [مسألة ۱] و قد جزم (رحمه اللّه) هناك بعدم حصول التفريق بالنافلة، فراجع.

(الرابع): في كفاية سجدة السهو، و قضاء الأجزاء المنسية للتفريق إشكال، كالإشكال في حصول التفريق بالنافلة، بل هنا بالأولى.

(الخامس): الظاهر عدم كفاية الأذان و الإقامة للتفريق، لأنّه مع الجمع يسقط الأذان، كما يأتي في [مسألة ۸] من (فصل الأذان و الإقامة) فإذا كان الأذان و الإقامة تفريقا، فلا يتصوّر معنى للجمع حتّى يسقط الأذان.

(السادس): لا فرق في تحقق مسمّى التفريق بين أن يكون في مكان واحد أو انتقل إلى مكان آخر، و لا بين الاشتغال بذكر أو دعاء، أو كونه فارغا، للإطلاق الشامل للجميع.

(مسألة ۸): قد عرفت أنّ للعشاء وقت فضيلة و هو من ذهاب الشفق إلى ثلث الليل (٥۸)، و وقتا إجزاء من الطرفين. و ذكروا. أنّ العصر أيضا كذلك، فله وقت فضيلة و هو من المثل إلى المثلين و وقتا إجزاء من الطرفين، لكن عرفت نفي البعد في كون ابتداء وقت فضيلته هو الزوال. نعم، الأحوط في إدراك الفضيلة الصبر إلى المثل (٥۹).

تقدم الكلام في أول الفصل، فلا وجه للإعادة، و يمكن أن يكون لوقت الفضيلة مراتب، فيدخل أول المراتب بمجرد دخول الوقت و بعض مراتبها بعده و بذلك يجمع بين الأقوال.

كونه أحوط مشكل، بل ممنوع، لما تقدم مما دل على الذراع و الذراعين و وجود القائل بهما، مع كون أخبار المثل و المثلين وردت تقية فكيف يكون ذلك أحوط، مضافا إلى أنّ ذلك كلّه ساقط بناء على دخول وقت الفضيلة بمجرد الزوال.

(مسألة ۹): يستحب التعجيل في الصلاة في وقت الفضيلة و في وقت الإجزاء (٦۰)، بل كلّ ما هو أقرب إلى الأول يكون أفضل (٦۱) إلّا إذا كان هناك معارض كانتظار الجماعة أو نحوه (٦۲).

للأدلة الأربعة فمن الكتاب قوله تعالى‏ وَ سارِعُوا إِلى‏ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ‏۱۷۱.

و قوله تعالى‏ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ*۱۷۲.

و من السنة بالمستفيضة، بل المتواترة:

منها: صحيح زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): «اعلم أنّ أول الوقت أبدا أفضل فعجل الخير ما استطعت، و أحبّ الأعمال إلى اللّه ما داوم عليه العبد و إن قلّ»۱۷۳.

و مثله غيره، و إطلاقه يشمل أول وقت الفضيلة و أول وقت الإجزاء، مع أنّ أصل الحكم إجماعيّ بين المسلمين. و من الإجماع بتحققه بين المسلمين و من العقل حكمه البتّي بحسن المسار عنه إلى الخير.

لأنّ للتعجيل مراتب متفاوتة، فيشمله إطلاق قول رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) «إنّ اللّه عزّ و جل يحب من الخير ما يعجل»۱۷4.

و هو الموافق للاعتبار العرفي أيضا.

لقاعدة تقديم الأهمّ على المهمّ و يأتي التفصيل في [مسألة ۱۳] من الفصل التالي.

(مسألة ۱۰): يستحب الغلس بصلاة الصبح أي الإتيان بها قبل الإسفار في حال الظلمة (٦۳).

للتأسي بهم (عليهم السلام) فإنّهم كانوا يصلّون الغداة بغلس و في صحيح عمار قال: «قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام) أخبرني عن أفضل المواقيت في صلاة الفجر؟» قال: مع طلوع الفجر إنّ اللّه تعالى يقول‏ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً يعني صلاة الفجر تشهده ملائكة الليل و ملائكة النهار، فإذا صلّى العبد صلاة الصبح مع طلوع الفجر أثبت له مرّتين تثبته ملائكة الليل و ملائكة النهار»۱۷٥.

(مسألة ۱۱): كلّ صلاة أدرك من وقتها في آخره مقدار ركعة، فهو أداء و يجب الإتيان به، فإنّ من أدرك ركعة من الوقت فقد أدرك الوقت (٦٤) لكن لا يجوز التعمد في التأخير إلى ذلك (٦٥).

للإجماع، و لقاعدة: «من أدرك ركعة من الوقت فقد أدرك الوقت» و هي من القواعد المعتبرة، يدل عليها مضافا إلى الإجماع، قول عليّ (عليه السلام): «من أدرك من الغداة ركعة قبل طلوع الشمس فقد أدرك الغداة تامة»۱۷٦.

و عن النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) في المرسل أنّه قال: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة»۱۷۷.

و عنه (صلّى اللّه عليه و آله) أيضا: «من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر»۱۷۸.

و في موثق عمار «فإن صلّى ركعة من الغداة ثمَّ طلعت الشمس فليتم و قد جازت صلاته»۱۷۹.

و قد أشكل على الجميع: أما الإجماع فبعدم تحققه، لمخالفة الحليّ (قدّس سرّه)، و أما النصوص فبقصور السند أولا. و الاختصاص بموردها من العصر و الغداة ثانيا. و احتمال النبويّ لصلاة الجماعة ثالثا.

و الكل مردود: إذ لا وقع لمخالفة الحليّ (قدّس سرّه) في الإجماع الذي أرسل ثبوته في كلّ طبقة إرسال المسلّمات. و أما النصوص فهي مذكورة في مجامع الحديث و جوامعها و ذكرها المشايخ و اعتنى بها أجلاء الفقهاء (قدّس سرّهم)، فإذا لم يكن مثل هذا موجبا للاطمئنان بالصدور فأيّ شي‏ء يوجبه بعد ذلك؟!! و أما الاختصاص بالغداة و العصر- فمقتضى بناء الشارع على التسهيل و التوسعة لأمته و أن لا يضيع أعمالهم مهما أمكنه- لا وجه له، مع أنّه لا يتصوّر وجه لذلك بحسب الأذهان العرفية، فالتعميم ثابت من سياق الحال و المقال، و الاحتمال من مجرد التشكيك ممن دأبه ذلك في الواضحات.

و أما احتمال اختصاص النبويّ بالجماعة فلا وجه له إلا بقرينة بعض الأخبار و لا معنى لجعل تلك الأخبار قرينة على الاختصاص مع ظهور اللفظ في التعميم.

و أما توهم ظهورها فيمن تلبس بالصلاة بقصد الإتمام فخرج الوقت في الأثناء، فلا يشمل من لم يصلّ بعد، فساقط: إذ ليس في هذه الأخبار و كلمات فقهائنا الأخيار ما يوجب هذا الظهور فهو من مجرد الدعوى بلا شاهد، فالدلالة تامة و السند معتبر و الحكم مسلّم، فنزّل الشارع امتنانا على أمته إدراك ركعة من الوقت منزلة إدراك تمامه، كما نزّل وقوع جزء من الصلاة في الوقت عند أوّله منزلة وقوع تمامها فيه، لما يأتي في [مسألة ۳] من (فصل في أحكام الأوقات) فقد وسع الشارع في التوسعة التنزيلية في أول الوقت و آخره. و مقتضى إطلاق الروايات و الكلمات الشمول لما إذا حصل فوت الوقت إلّا بقدر ركعة بسوء الاختيار، فهو و إن أثم لكن صلاته أدائية، لقاعدة من أدرك، و المسألة من صغريات ما حرّرناه مكرّرا من أنّ التكاليف الاضطرارية. هل تشمل صورة حصول الاضطرار بالاختيار، أو تختص بما إذا حصل بلا اختيار؟ و ظاهر كلماتهم في موارد شتّى هو الأول و طريق الاحتياط القضاء أيضا، و في المقام فروع كثيرة يأتي التعرض لها في المقامات المناسبة لها. و اللّه تعالى هو العالم بحقائق الأحكام.

لأنّه تفويت للتكليف الاختياري فيأثم من هذه الجهة، و لكن الظاهر شمول الأدلة له، فيكون أداء أيضا، كما في صورة الفوات، و كما في جميع موضوعات التكاليف الاضطرارية التي تحصل بالاختيار، فإنّ مقتضى إطلاقات أدلّتها الشمول لصورة إيجاد موضوعاتها بالاختيار أيضا.

  1. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب المواقيت حديث: ۱۰.
  2. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها حديث، ۱۰.
  3. الوسائل باب: 4 من أبواب المواقيت حديث: ۱.
  4. الوسائل باب: ۷ من أبواب المواقيت حديث: ۳.
  5. سورة الإسراء: ۷۸.
  6. الوسائل باب: 4 من أبواب المواقيت حديث: ۱.
  7. الوسائل باب: 4 من أبواب المواقيت حديث: ٥.
  8. الوسائل باب: 4 من أبواب المواقيت حديث: ۸.
  9. الوسائل باب: ۸ من أبواب المواقيت حديث: ۱۱.
  10. الوسائل باب: ۸ من أبواب المواقيت حديث: ۱.
  11. الوسائل باب: ۸ من أبواب المواقيت حديث: ۱۲.
  12. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب المواقيت حديث: ۹.
  13. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب المواقيت حديث: 4.
  14. الوسائل باب: ۹ من أبواب المواقيت حديث: ۱۲.
  15. الوسائل باب: ۳ من أبواب المواقيت حديث: ۱٦
  16. الوسائل باب: ۹ من أبواب المواقيت حديث: ۱۰.
  17. الوسائل باب: ۷ من أبواب المواقيت حديث: ۷.
  18. الوسائل باب: ۳ من أبواب المواقيت حديث: ۱۱.
  19. الوسائل باب: 4 من أبواب المواقيت حديث: ۷.
  20. الوسائل باب: 4 من أبواب المواقيت حديث: ٥.
  21. الوسائل باب: ٥ من أبواب المواقيت حديث: ۱
  22. الوسائل باب: 4 من أبواب المواقيت حديث: ۱۸.
  23. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب المواقيت حديث: ۱.
  24. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب المواقيت حديث: 4.
  25. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب المواقيت حديث: ۲4.
  26. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب المواقيت حديث: 4.
  27. الوسائل باب: ۱۸ من أبواب المواقيت حديث: ۲.
  28. الوسائل باب: ۱۸ من أبواب المواقيت حديث: ۳.
  29. الوسائل باب: ۱۸ من أبواب المواقيت حديث: 4.
  30. الوسائل باب: ۱۹ من أبواب المواقيت حديث: ٥.
  31. الوسائل باب: ۱۹ من أبواب المواقيت حديث: ۱۱.
  32. الوسائل باب: ۱۹ من أبواب المواقيت حديث: ٦.
  33. الوسائل باب: ۱۹ من أبواب المواقيت حديث: ۷.
  34. الوسائل باب: ۱۹ من أبواب المواقيت حديث: ۱۸.
  35. الوسائل باب: ۱۹ من أبواب المواقيت حديث: ۱4.
  36. الوسائل باب: ۱۹ من أبواب المواقيت حديث: ۱۰.
  37. الوسائل باب: ۱۹ من أبواب المواقيت حديث: ۹.
  38. الوسائل باب: ۲۲ من أبواب المواقيت حديث: ۲.
  39. الوسائل باب: ۲۲ من أبواب المواقيت حديث: ٥.
  40. الوسائل باب: ۲۲ من أبواب المواقيت حديث: ۸.
  41. الوسائل باب: ۲۲ من أبواب المواقيت حديث: ۱.
  42. الوسائل باب: ۲۳ من أبواب المواقيت حديث: ۱.
  43. الوسائل باب: ۲۳ من أبواب المواقيت حديث: ۳.
  44. الوسائل باب: ۲۱ من أبواب المواقيت حديث: 4.
  45. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب المواقيت حديث: ۳.
  46. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب المواقيت حديث: ۹.
  47. الوسائل باب: ۲۱ من أبواب المواقيت حديث: ۳.
  48. الوسائل باب: ٦۲ من أبواب المواقيت حديث: 4
  49. الوسائل باب: ٦۲ من أبواب المواقيت حديث: ۳.
  50. الوسائل باب: 4۹ من أبواب الحيض حديث: ۱۲.
  51. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب المواقيت حديث: ۹.
  52. الوسائل باب: ۲۹ من أبواب آداب الحمام الحديث: ۳.
  53. الوسائل باب: ۲۹ من أبواب آداب الحمام الحديث: ٦.
  54. الوسائل باب: ۲۱ من أبواب المواقيت حديث: ۲.
  55. الوسائل باب: ۲٦ من أبواب المواقيت و آدابها حديث: ۲.
  56. الوسائل باب: ۲٦ من أبواب المواقيت و آدابها حديث: ٦.
  57. الوسائل باب: ۲٦ من أبواب المواقيت و آدابها حديث: 4.
  58. الوسائل باب: ۲٦ من أبواب المواقيت حديث: ۸.
  59. الوسائل باب: ۲٦ من أبواب المواقيت حديث: ۱.
  60. الوسائل باب: ۲٦ من أبواب المواقيت حديث: ٥.
  61. الوسائل باب: ۸ من أبواب صلاة الجمعة حديث: ۱۱.
  62. الوسائل باب: ۸ من أبواب صلاة الجمعة حديث: ۱۸.
  63. الوسائل باب: ۸ من أبواب صلاة الجمعة حديث: ۱٥.
  64. الوسائل باب: ۸ من أبواب صلاة الجمعة حديث: ۱۰.
  65. الوسائل باب: ۸ من أبواب صلاة الجمعة حديث: ۱.
  66. الوسائل باب: ۸ من أبواب صلاة الجمعة حديث: ۱۹.
  67. راجع تهذيب الأصول ج: ۱.
  68. لوسائل باب: ۸ من أبواب صلاة الجمعة حديث: ۳.
  69. الوسائل باب: ۸ من أبواب صلاة الجمعة حديث: ۱٦.
  70. الوسائل باب: ۸ من أبواب صلاة الجمعة حديث: ۲۱.
  71. الوسائل باب: ۸ من أبواب صلاة الجمعة حديث: ۱.
  72. الوسائل باب: ۸ من أبواب صلاة الجمعة حديث: ۱۲.
  73. الوسائل باب: ۲٦ من أبواب صلاة الجمعة حديث: ۲.
  74. الوسائل باب: ۲٦ من أبواب صلاة الجمعة حديث: ٥.
  75. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب المواقيت حديث: ۲4.
  76. راجع صفحة: ۳٦.
  77. الوسائل باب: ۸ من أبواب المواقيت حديث: ۲٥.
  78. الوسائل باب: ۸ من أبواب المواقيت حديث: ۱.
  79. الوسائل باب: ۸ من أبواب المواقيت حديث: ۳۱.
  80. الوسائل باب: ۸ من أبواب المواقيت حديث: ۳۰.
  81. الوسائل باب: ۸ من أبواب المواقيت حديث: ۳.
  82. الوسائل باب: ۸ من أبواب المواقيت حديث: ۲۸.
  83. الوسائل باب: ۸ من أبواب المواقيت حديث: ۲۷
  84. الوسائل باب: ۸ من أبواب المواقيت حديث: ۱۲.
  85. الوسائل باب: ۸ من أبواب المواقيت حديث: ۲۹.
  86. الوسائل باب: ۸ من أبواب المواقيت حديث: ۹.
  87. الوسائل باب: ۸ من أبواب المواقيت حديث: ۲٦.
  88. الوسائل باب: ۸ من أبواب المواقيت حديث: ۱٦.
  89. الوسائل باب: ۸ من أبواب المواقيت حديث: ۱۳.
  90. الوسائل باب: ۸ من أبواب المواقيت حديث: ۱۷.
  91. الوسائل باب: ۸ من أبواب المواقيت حديث: ۲۱.
  92. الوسائل باب: ۸ من أبواب المواقيت حديث: ۳۲.
  93. الوسائل باب: ۳ من أبواب المواقيت حديث: ۱۰.
  94. الوسائل باب: ٥ من أبواب المواقيت حديث: ۱.
  95. الوسائل باب: ٥ من أبواب المواقيت حديث: ٥.
  96. الوسائل باب: ٥ من أبواب المواقيت حديث: ۱۳.
  97. الوسائل باب: ۷ من أبواب المواقيت حديث: ۳
  98. راجع الوسائل باب: ۸ و ۹ من أبواب المواقيت.
  99. الوسائل باب: ۸ من أبواب المواقيت حديث: ۱۱ و ۱۸ و غيرهما.
  100. الوسائل باب: ۱۸ من أبواب المواقيت حديث: ۲.
  101. الوسائل باب: ۱۸ من أبواب المواقيت حديث: ۲۱.
  102. الوسائل باب: ۱۸ من أبواب المواقيت حديث: 4.
  103. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب المواقيت حديث: ۳.
  104. الوسائل باب: ۲۲ من أبواب المواقيت حديث: ۲.
  105. الوسائل باب: ۲٦ من أبواب المواقيت حديث: ۱.
  106. راجع الوسائل باب: ۲٦ و ۲۷ من أبواب المواقيت.
  107. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب المواقيت حديث: ۱
  108. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب المواقيت حديث: ٥.
  109. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب المواقيت حديث: ۲4.
  110. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب المواقيت حديث: ۱۸.
  111. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب المواقيت حديث: ۲۰.
  112. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب المواقيت حديث: ۱٦.
  113. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب المواقيت حديث: ۲۸.
  114. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب المواقيت حديث:.
  115. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب المواقيت حديث: ۱۷.
  116. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب المواقيت حديث: ۲۱.
  117. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب المواقيت حديث: ۱.
  118. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب المواقيت حديث: ۳.
  119. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب المواقيت حديث: 4.
  120. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب المواقيت حديث: ۱4.
  121. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب المواقيت حديث: ۱۲.
  122. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب المواقيت حديث: ۲٥.
  123. الوسائل باب: ۲۰ من أبواب المواقيت حديث: ۲.
  124. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب المواقيت حديث: ۲۳.
  125. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب المواقيت حديث: ۸.
  126. الوسائل باب: ۱۸ من أبواب المواقيت حديث: ٥.
  127. الوسائل باب: ۲۰ من أبواب المواقيت حديث: ۱.
  128. الوسائل باب: ۲۰ من أبواب المواقيت حديث: ۲.
  129. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب المواقيت حديث: ۱٥.
  130. الوسائل باب: ۱۸ من أبواب المواقيت حديث: ۱۷.
  131. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب المواقيت حديث: ۱.
  132. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب المواقيت حديث: ۳
  133. مستدرك الوسائل باب: ۲۰ من أبواب المواقيت حديث: ۱.
  134. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب المواقيت حديث: 4.
  135. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب المواقيت حديث: ۱.
  136. الوسائل باب: ۳۲ من أبواب المواقيت حديث: ۱.
  137. الوسائل باب: ۳۲ من أبواب المواقيت حديث: ۱۱.
  138. الوسائل باب: ۳۲ من أبواب المواقيت حديث: ۲.
  139. الوسائل باب: ۳۲ من أبواب المواقيت حديث: ٥.
  140. الوسائل باب: ۳۱ من أبواب المواقيت حديث: ۷.
  141. الوسائل باب: ٥٥ من أبواب المواقيت حديث: ۱.
  142. الوسائل باب: ٥٥ من أبواب المواقيت حديث: ۲.
  143. الوسائل باب: ۲۷ من أبواب المواقيت حديث: ۱.
  144. الوسائل باب: ۲۷ من أبواب المواقيت حديث: ۲.
  145. الوسائل باب: ۲۷ من أبواب المواقيت حديث: 4
  146. الوسائل باب: ۲۷ من أبواب المواقيت حديث: ۳
  147. الوسائل باب: ٦۳ من أبواب المواقيت حديث: 4.
  148. الوسائل باب: ۹ من أبواب القبلة حديث: ۱.
  149. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب المواقيت حديث: ۷.
  150. الوسائل باب: ٦۳ من أبواب المواقيت حديث: ۱.
  151. الوسائل باب: ٦۳ من أبواب المواقيت حديث: ٥.
  152. الوسائل باب: 4 من أبواب المواقيت حديث: ٥ و باب: ۱٦ حديث: ۲4
  153. الوسائل باب: ۹ من أبواب القبلة حديث: ۱.
  154. الوسائل باب: ٦۳ من أبواب المواقيت حديث: ۱
  155. الوسائل باب: ٦۳ من أبواب المواقيت حديث: 4.
  156. الوسائل باب: ۳۰ من أبواب المواقيت.
  157. تقدم في صفحة: ۷۸.
  158. الوسائل باب: ۳۱ من أبواب المواقيت حديث: ۷.
  159. الوسائل باب: ۳۱ من أبواب المواقيت حديث: ۷.
  160. سورة الأحزاب الآية: ٦.
  161. الوسائل باب: ۳۲ من أبواب المواقيت حديث: ۱.
  162. الوسائل باب: ۳۲ من أبواب المواقيت حديث: ۲.
  163. الوسائل باب: ۳۲ من أبواب المواقيت حديث: ۸.
  164. الوسائل باب: 4 من أبواب المواقيت حديث: ۱٥
  165. الوسائل باب: ۳۱ من أبواب المواقيت حديث: ۳.
  166. الوسائل باب: ۳۱ من أبواب المواقيت حديث: ٦.
  167. الوسائل باب: ۳۱ من أبواب المواقيت حديث: ۲.
  168. الوسائل باب: ۷ من أبواب المواقيت حديث: ۳.
  169. ) الوسائل باب: ۳۳ من أبواب المواقيت حديث: ۳
  170. الوسائل باب: ٥ من أبواب المواقيت حديث: ۱۰.
  171. سورة آل عمران الآية: ۱۳۳.
  172. البقرة الآية: ۱4۸.
  173. الوسائل باب: ۳ سورة من أبواب المواقيت حديث: ۱۰.
  174. الوسائل باب: ۳ من أبواب المواقيت حديث: ۱۲.
  175. الوسائل باب: ۲۸ من أبواب المواقيت حديث: ۱.
  176. الوسائل باب: ۳۰ من أبواب المواقيت حديث: ۲
  177. الوسائل باب: ۳۰ من أبواب المواقيت حديث: 4.
  178. الوسائل باب: ۳۰ من أبواب المواقيت حديث: ٥.
  179. الوسائل باب: ۳۰ من أبواب المواقيت حديث: ۱.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"