1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. کتاب الصلاة
  10. /
  11. فصل في أحكام صلاة المسافر
مضافا إلى ما مرّ في طيّ المسائل السابقة قد عرفت أنّه يسقط بعد تحقق الشرائط المذكورة من الرباعيات ركعتان (۱)، كما أنّه تسقط النوافل النهارية، أي نافلة الظهرين (۲)، بل و نافلة العشاء و هي الوتيرة أيضا على الأقوى (۳)، و كذا يسقط الصوم الواجب (٤) عزيمة، بل المستحب أيضا إلا في بعض المواضع المستثنيات، فيجب عليه القصر في الرباعيات فيما عدا الأماكن الأربعة (٥)، و لا يجوز له الإتيان بالنوافل النهارية بل و لا الوتيرة إلا بعنوان الرجاء و احتمال المطلوبية، لمكان الخلاف في سقوطها و عدمه (٦)، و لا تسقط نافلة الصبح و المغرب، و لا صلاة الليل (۷)، كما لا إشكال في أنّه يجوز الإتيان بغير الرواتب من الصلوات المستحبة (۸).

لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن سنان: «الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما و لا بعدهما شي‏ء إلا المغرب ثلاث»۱، و قد تقدم في أول كتاب الصلاة، و أول صلاة المسافر أيضا، و يدل عليه مضافا إلى ذلك ضرورة المذهب.

للإجماع، و النصوص المستفيضة. منها: صحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام: «عن الصلاة تطوعا في السفر. قال عليه السّلام: لا تصلّ قبل الركعتين و لا بعدهما شيئا نهارا»۲، و في صحيح أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما و لا بعدهما شي‏ء إلا المغرب- الحديث-»۳. و نحوهما غيرهما.

على المشهور، بل عن الحلي دعوى الإجماع عليه، لما تقدم من صحيح ابن سنان و صحيح أبي بصير، إلا أنّه قال عليه السّلام: «إلا المغرب فإنّ بعدهما أربع ركعات لا تدعهن في سفر و لا حضر». و لكن في خبر الفضل عن‏ الرضا عليه السّلام: «إنّما صارت العتمة مقصورة، و ليس تترك ركعتاها، لأنّ الركعتين ليستا من الخمسين، و إنّما هي زيادة في الخمسين تطوعا، ليتم بهما بدل كل ركعة من الفريضة ركعتين من التطوع»4 إلا أنّ إعراض المشهور عنه أوهنه، فالسقوط مبنيّ على عدّها من الرواتب. و عدمه مبنيّ على عدمه، و طريق الاحتياط قصد الرجاء في الإتيان بها لا الورود.

لما يأتي في (فصل شرائط وجوب الصوم و صحته) إن شاء اللّه تعالى.

راجع المسألة الحادية عشرة من هذا الفصل.

راجع المسألة الثانية من أول كتاب الصلاة.

للنصوص، و الإجماع، منها خبر الحرث عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «كان أبي عليه السّلام لا يدع ثلاث عشرة ركعة في الليل في سفر و لا حضر»٥. و المراد به صلاة الليل و نافلة الفجر، و تقدم صحيح أبي بصير في نافلة المغرب.

للإطلاق و الاتفاق، و عدم دليل على السقوط.

(مسألة ۱): إذا دخل عليه الوقت و هو حاضر، ثمَّ سافر قبل الإتيان بالظهرين يجوز له الإتيان بنافلتهما (۹) سفرا، إن كان يصليهما قصرا و إن تركهما في الوقت يجوز له قضاؤها (۱0).

لأنّ الأمر بالنوافل ليس أمرا غيريّا مترشحا عن الفريضة، كالأمر بالأذان‏ و الإقامة مثلا. و لا ريب في أنّ حكمة تشريعها إنّما هي تتميم ما نقص من الفريضة من موجبات القبول، ففي صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «إنّما جعلت النافلة ليتم بها ما يفسد من الفريضة»٦ كما لا إشكال في سقوطها في السفر مع استغراقه لتمام الوقت. إنّما الكلام في أنّها نافلة الوقت، بمعنى أنّه مهما صح الإتيان بها في وقتها يتعلق الأمر بها و إن أتى بالفريضة مقصورة، أو أنّها تابعة لإتيان الفريضة تامة، سواء كان ذلك في أول الوقت أم آخره، و مقتضى الإطلاقات الكثيرة المرغبة إليها، و ما دل على أنّها بمنزلة الهدية صحة كل منهما فيجوز الإتيان بها مطلقا إلا مع استغراق السفر لتمام الوقت بحيث لم يتعلق الأمر بالنافلة أصلا، و يمكن استفادة ذلك من موثق عمار أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «عن الرجل إذا زالت الشمس و هو في منزله ثمَّ خرج في السفر.

فقال عليه السّلام: يبدأ بالزوال فيصلّيها ثمَّ يصلّي الأولى بتقصير ركعتين، لأنّه قد خرج من منزله قبل أن تحضر الأولى. و سئل عليه السّلام: «فإن خرج بعد ما حضرت الأولى قال عليه السّلام: يصلّي الأولى أربع ركعات، ثمَّ يصلّي بعد النافلة ثمان ركعات لأنّه خرج من منزله بعد ما حضرت الأولى، فإذا حضرت العصر صلّى العصر بتقصير- و هو ركعتان- لأنّه خرج في السفر قبل أن تحضر العصر»۷. و اشتماله على عدم دخول وقت الظهر بمجرد الزوال، و على أنّ العبرة في التقصير بحال الوجوب لا الأداء، و هو خلاف المشهور كما يأتي في المسألة التاسعة لا يضرّ بالاستدلال لصحة التفكيك في مفاد الخبر الواحد.

لعموم ما دل على استحباب قضاء النوافل الشامل لهذه الصورة أيضا. ثمَّ إنّ المراد بالجواز في الموردين من هذه المسألة في مقابل نفي المشروعية، فيكون بمعنى الاستحباب أداء و قضاء.

(مسألة ۲): لا يبعد جواز الإتيان بنافلة الظهر في حال السفر إذا دخل عليه الوقت و هو مسافر و ترك الإتيان بالظهر حتى يدخل المنزل من الوطن أو محل الإقامة (۱۱). و كذا إذا صلى الظهر في السفر ركعتين و ترك العصر إلى أن يدخل المنزل لا يبعد جواز الإتيان بنافلتها في حال السفر (۱۲). و كذا لا يبعد جواز الإتيان بالوتيرة في حال السفر إذا صلّى العشاء أربعا في الحضر ثمَّ سافر، فإنّه إذا تمت الفريضة صلحت نافلتها (۱۳).

لأنّ المناط في سقوط النافلة ليس صرف وجود السفر فقط، بل المناط استغراق السفر لتمام الوقت و إتيان الفريضة قصرا، و بانتفاء أيّ منهما ينتفي التقصير عن النافلة. و هذا الوجه قريب جدّا، لكثرة ما ورد من الاهتمام بالنوافل و الترغيب إليها أداء و قضاء.

لأنّه يجري فيها أيضا عين ما تقدم في نافلة الظهر.

لعل هذه الجملة مستفادة من مجموع ما ورد من الأخبار المرغبة إلى النوافل و أنّها لا تسقط بإتيان الفريضة قصرا، لا أن تكون بنفسها خبرا معتبرا، لأنّ ما في صحيح الحناط هكذا «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام، عن صلاة النافلة بالنهار في السفر، فقال عليه السّلام: يا بني لو صلحت النافلة في السفر تمت الفريضة»۸ فيدل على أنّه كلما تقصر الفريضة في السفر تسقط النافلة، و لا ربط له بالمقام- أصلا و عكسا- كما لا يخفى. و لكن الظاهر أنّ الصحيح ليس في مقام بيان الملازمة مطلقا، بل المنساق منه عرفا ليس إلا أنّ السفر يوجب التقصير في الفريضة و سقوط النافلة، كسائر الأدلة الواردة في التقصير في الجملة، فلا بد من استفادة سائر المسائل من الرجوع إلى دليل آخر من عموم أو إطلاق و نحوهما.

(مسألة ۳): لو صلّى المسافر بعد تحقق شرائط القصر تماما، فإما أن يكون عالما بالحكم و الموضوع، أو جاهلا بهما أو بأحدهما، أو ناسيا (۱٤) فإن كان عالما بالحكم و الموضوع عامدا في غير الأماكن الأربعة بطلت صلاته و وجب عليه الإعادة في الوقت و القضاء في خارجه (۱٥). و إن كان جاهلا بأصل الحكم، و أنّ حكم المسافر التقصير لم يجب عليه الإعادة فضلا عن القضاء (۱٦). و أما إن كان عالما بأصل الحكم و جاهلا ببعض الخصوصيات، مثل أنّ السفر إلى أربعة فراسخ مع قصد الرجوع يوجب القصر، أو أنّ المسافة ثمانية، أو أنّ كثير السفر إذا أقام في بلده أو غيره عشرة أيّام يقصر في السفر الأول، أو أنّ العاصي بسفره إذا رجع إلى الطاعة يقصر و نحو ذلك و أتمّ وجب عليه الإعادة في الوقت و القضاء في خارجه (۱۷). و كذا إذا كان عالما بالحكم‏ جاهلا بالموضوع كما إذا تخيل عدم كون مقصده مسافة مع كونه مسافة، فإنّه لو أتمّ وجب عليه الإعادة أو القضاء. و أما إذا كان ناسيا لسفره (۱۸)، أو أنّ حكم السفر القصر (۱۹)، فأتمّ فإن تذكر في الوقت وجب عليه الإعادة و إن لم يعد وجب عليه القضاء في خارج الوقت (۲0)، و إن تذكر بعد خروج الوقت لا يجب عليه القضاء (۲۱). و أما إذا لم يكن‏ ناسيا للسفر و لا لحكمه و مع ذلك أتمّ صلاته ناسيا وجب عليه الإعادة و القضاء (۲۲).

أصول الأقسام‏ خمسة: فتارة يعلم بالحكم و الموضوع، و أخرى يجهل بهما، و ثالثة يعلم بأحدهما و يجهل بالآخر، و رابعة مع التردد فيهما. و خامسة: مع نسيانهما أو أحدهما و تضرب الخمسة في الخمسة تصير الأقسام خمسة و عشرين، و مقتضى عدم تحقق الامتثال، و قاعدة الاشتغال عدم الإجزاء في الجميع إلا إذا دل دليل عليه بالخصوص، مع أنّ الحكم متفق عليه بين الأصحاب.

لعدم الإتيان بالمأمور به، مضافا إلى النص و الإجماع المدعى عن جمع منهم العلامة في التذكرة و الشهيد في الدروس. و في صحيح زرارة و محمد ابن مسلم: «قلنا لأبي جعفر عليه السّلام: رجل صلّى في السفر أربعا، أ يعيد، أم لا؟ قال عليه السّلام: إن كان قرئت عليه آية التقصير و فسرت له، فصلّى أربعا أعاد. و إن لم يكن قرئت عليه و لم يعلمها، فلا إعادة عليه»۹، و في صحيح الحلبي: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: صلّيت الظهر أربعا و أنا في سفر.

قال عليه السّلام: أعد»۱0، و في خبر الأعمش: «و من لم يقصر في السفر لم تجز صلاته، لأنّه زاد في فرض اللّه عزّ و جل»۱۱.

و المراد بالإعادة في صحيح زرارة و الحلبي عدم الإجزاء و إتيان الصلاة ثانيا، بلا فرق بين الوقت و خارجه لا الإعادة في مقابل القضاء. و يجب تقييد الأخيرين بصحيح زرارة، لقاعدة حمل المطلق على المقيد.

و أما صحيح العيص بن القاسم قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام: عن رجل صلّى و هو مسافر فأتم الصلاة. قال عليه السّلام: إن كان في وقت فليعد، و إن كان الوقت قد مضى فلا»۱۲، فإما أن يكون بينه و بين صحيح زرارة التباين،

بدعوى: أنّ المنساق منه عرفا خصوص الناسي للسفر، فلا تعارض بينه و بين صحيح زرارة، لاختلاف موردهما بالجهل و النسيان. و إما أن تكون النسبة بينهما العموم المطلق، بدعوى: أنّ صحيح العيص شامل للناسي و الجاهل و غيره، و صحيح زرارة مختص بخصوص الجاهل بالحكم فقط، فلا ريب في لزوم تقييد إطلاق صحيح العيص بالجاهل بالحكم. و إما أن تكون النسبة بينهما العموم من وجه، بدعوى: اختصاص صحيح زرارة بخصوص الجاهل بالحكم و إطلاقه بالنسبة إلى الوقت و خارجه، و اختصاص صحيح العيص بخصوص الإعادة في الوقت و إطلاقه بالنسبة إلى الجاهل و غيره، فيجتمعان على سقوط القضاء عن الجاهل، و يتعارضان بالنسبة إلى الإعادة في الوقت و بعد تساقطهما يرجع إلى قاعدة الاشتغال.

(ففيه): أنّ تساقط العامين من وجه في مورد التعارض إنّما هو مع عدم الترجيح لأحدهما، و إلا فلا وجه للتساقط، و الترجيح في المقام مع صحيح زرارة، للشهرة العظيمة، و المستفيضة الدالة على صحة الصوم مع الجهل المؤيدة للمقام.

و الحاصل: إنّ المسافر الجاهل بالحكم إن أتم تصح صلاته و لا شي‏ء عليه. فما نسب إلى الإسكافي و الحلبي من الإعادة في الوقت، لصحيح العيص، مخدوش‏. و العجب من دعوى الغنية الإجماع عليه، مع الشهرة العظيمة على عدم الإعادة. كما أنّ ما نسب إلى العماني من البطلان مطلقا و لزوم الإعادة و القضاء، تمسكا بإطلاق صحيح الحلبي. مخدوش‏ أيضا.

إن قيل: تخصيص وجوب القصر بالعالمين به دور صريح، مع أنّ إطلاق الدليل يشمل الجاهل القاصر و المقصر، و ظاهرهم العصيان في الثاني، و كيف يجمع العصيان مع صحة الصلاة.

قلت: لم يقل أحد باختصاص الوجوب بالعالم، بل الصحيح يدل على إجزاء التمام عن القصر في صورة الجهل تسهيلا من الشارع و امتنانا، كما في جميع موارد إجزاء غير الواقع عنه في الشريعة و هي كثيرة. هذا مع أنّ تقييد الحكم بالعالم به بنتيجة التقييد صحيح من دون دور في البين، كما أثبتناه في‏ الأصول. و العقاب في المقصر إنّما هو على ترك الخصوصية القصرية المنتهي إلى اختياره مع عدم إمكان تداركها بعد إتيان الصلاة تماما فقد فوّت تلك الخصوصية على نفسه بسوء اختياره، مع كونها غير قابلة للتدارك بعد أن أتمّ الصلاة جهلا، مع أنّ في أصل ثبوت العقاب بحث، و على فرض ثبوته فهو مكفر بإتيان الصلاة تماما.

لما تقدم في صحيح زرارة و محمد بن مسلم. و ظاهرهم الإجماع عليه أيضا. ثمَّ إنّ الأقسام. مع الجهل بالحكم أربعة: الجهل بالموضوع، و العلم به، و التردد فيه، و نسيانه. و تصح الصلاة في جميع هذه الأقسام الأربعة، لإطلاق الدليل الشامل لها.

ثمَّ إنّه إما أن لا يعلم بالحكم أصلا، أو يعلم به بعد الفراغ من الصلاة، أو يعلم به في أثنائها. و لا ريب في الإجزاء في الأوّلين، و في الأخير إن أمكن العدول إلى القصر يعدل، و إلا تتم صلاته و لا شي‏ء عليه و إن كان الأحوط الإعادة.

لقاعدة الاشتغال في جميع ذلك بعد أن كان المتفاهم من صحيح زرارة و محمد بن مسلم خصوص الجهل بأصل الحكم فقط، و هو المتيقن من الإجماع أيضا. و الشك في إطلاق الدليل يكفي في عدم جواز التمسك بإطلاقه في الحكم المخالف للقاعدة. نعم، مع الجهل بالحكم يكون معذورا، سواء كان جاهلا بالموضوع أم عالما به، أو ناسيا له أو مترددا فيه، فتصح الصلاة في أربع صور مع الجهل بالحكم، للإطلاق الشامل للجميع، كما مرّ.

للإجماع، و لما تقدم من صحيح العيص الظاهر في النسيان عرفا، و لخبر أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «عن الرجل ينسى فيصلّي في السفر أربع ركعات. قال عليه السّلام: إن ذكر في ذلك اليوم فليعد، و إن لم يذكر حتى يمضي ذلك اليوم فلا إعادة عليه»۱۳. و المراد باليوم وقت الصلاة فيشمل العشاء أيضا، و المتيقن من الإجماع و المنساق من صحيح العيص و خبر أبي بصير نسيان الموضوع، و المرجع في غيره قاعدة الاشتغال كما تقدم الجاهل بالحكم.

مقتضى القاعدة عدم الإجزاء في ناسي الحكم، و لا إطلاق في الدليل يشمله أيضا، و يكفي الشك في عدم الشمول، لأنّه حينئذ من التمسك بالدليل في الشبهة الموضوعية، فتجب الإعادة في الوقت و القضاء في خارجه الا أن يقال: إنّه بعد أن كان جاهل الحكم معذورا نصّا و إجماعا، فالناسي له أيضا كذلك، للقطع بعدم الفرق بينهما في العذرية، لكن الشأن في ثبوت القطع، لعدم الفرق بينهما.

لقاعدة الاشتغال، و لعموم قضاء الفائت مثل ما فات من غير مخصص.

لما تقدم من صحيح العيص، و خبر أبي بصير، و لظهور الإجماع و لا فرق في عدم القضاء في مورد نسيان الموضوع بين العلم بالحكم، أو الجهل به، أو نسيانه أيضا، أو التردد فيه، فتصير الصور أربعا، كما في الجهل بالحكم، كل ذلك لإطلاق الدليل الشامل للجميع.

لإطلاق أدلة التقصير على المسافر، و قاعدة الاشتغال، و عدم دليل على الإجزاء، و هذا هو المشهور.

(فرع): لو أتم في محل بزعم أنّه من مواضع التخيير فبان الخلاف وجب عليه الإعادة أو القضاء قصرا، لقاعدة الاشتغال. و لو أتم في محل جهلا أو نسيانا فبان أنّه من مواضع التخيير تصح و لا شي‏ء عليه، لوجود المقتضي و فقد المانع.

(مسألة ٤): حكم الصوم فيما ذكر حكم الصلاة، فيبطل مع العلم و العمد (۲۳) و يصح مع الجهل بأصل الحكم (۲٤)، دون الجهل‏ بالخصوصيات و دون الجهل بالموضوع (۲٥).

للنص، و الإجماع، بل ضرورة المذهب، قال الصادق عليه السّلام: «الصائم في شهر رمضان في السفر كالمفطر فيه في الحضر»۱4، و قال عليه السّلام أيضا: «لو أنّ رجلا مات صائما في السفر ما صلّيت عليه»۱٥، و يأتي بقية الكلام في محله إن شاء اللّه.

لنصوص كثيرة، و ظهور الإجماع:

منها: صحيح البصري عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «سألته عن رجل صام شهر رمضان في السفر، فقال عليه السّلام: إن كان لم يبلغه أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله نهى عن ذلك فليس عليه القضاء، و قد أجزأ عنه الصوم»۱٦، و عنه عليه السّلام في صحيح العيص: «من صام في السفر بجهالة لم يقضه»۱۷، و مثله صحيح ليث‏۱۸، و في صحيح الحلبي: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل صام في السفر، فقال عليه السّلام: إن كان بلغه أنّ‏ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله نهى عن ذلك فعليه القضاء، و إن لم يكن بلغه فلا شي‏ء عليه»۱۹.

كل ذلك لإطلاق ما دل على بطلان الصوم في السفر من دون ما يصلح للتقييد، و تقتضيه قاعدة الاشتغال أيضا، و كذا الناسي للموضوع فلا يجزيه صومه في السفر و إن صحت صلاته تماما فيه، و ذلك للدليل في الصلاة دون الصوم، و تلازم القصر و الإفطار و الإتمام، و الصيام لم يثبت على نحو الكلية.

نعم، يصح في الجملة في الموارد التي عمل بها الفقهاء.

(مسألة ٥): إذا قصر من وظيفته التمام بطلت صلاته في جميع الموارد (۲٦)، إلا في المقيم المقصر للجهل بأنّ حكمه التمام (۲۷).

لإطلاق دليل التكليف الواقعي، و قاعدة الاشتغال، و يظهر منهم الإجماع عليه أيضا.

مقتضى الإطلاقات، و قاعدة الاشتغال البطلان فيه أيضا. نعم، في صحيح ابن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «إذا أتيت بلدة، فأزمعت المقام عشرة أيام فأتم الصلاة، فإن تركه رجل جاهلا فليس عليه إعادة»۲0 و لكن إعراض المشهور عنه- إذ لم يحك الفتوى بمضمونه الا عن ابن سعيد و بعض متأخري المتأخرين- يوجب الوهن فيه.

و أما خبر محمد بن إسحاق بن عمار: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن امرأة كانت معنا في السفر، و كانت تصلّي المغرب ركعتين ذاهبة و جائية. قال عليه السّلام: ليس عليها قضاء»۲۱. فهو من الشواذ التي لا بد من رده إلى أهله، إذا لم يحك القول بمضمونه لا من متقدم و لا متأخر، كما في المستند.

(مسألة ٦): إذا كان جاهلا بأصل الحكم، و لكن لم يصلّ في الوقت وجب عليه القصر في القضاء بعد العلم به (۲۸)، و إن كان لو أتمّ في الوقت كان صحيحا، فصحة التمام منه ليس لأجل أنّه تكليفه، بل من باب الاغتفار (۲۹)، فلا ينافي ما ذكرنا قوله: «اقض ما فات كما فات»، ففي الحقيقة الفائت منه هو القصر، لا التمام. و كذا الكلام في الناسي للسفر أو لحكمه، فإنّه لو لم يصلّ أصلا- عصيانا أو لعذر- وجب عليه القضاء قصرا.

لأنّ المنساق من الأدلة أنّ حكم التمام ما داميّ لا دائميّ، يعني إنّه يجزي لو أتى بها ما دام الجهل، و لذا لو أتم القضاء قبل العلم بالخلاف، فالظاهر الإجزاء.

كما في جميع التكاليف العذرية، فإنّها لا تقلب الواقع عما هو عليه، بل هي تسهيلات شرعية ما دامية، أي في وقت العذر فقط، فمع الإتيان بها في ظرف العذر تكفي عن الواقع، و مع العدم يبقى الواقع على ما هو عليه، و الظاهر أنّ المرتكزات العرفية في التكاليف الدائرة بهم تقتضي ذلك أيضا.

(مسألة ۷): إذا تذكر الناسي للسفر أو لحكمه في أثناء الصلاة، فإن كان قبل الدخول في ركوع الركعة الثالثة أتمّ الصلاة قصرا (۳0) و اجتزأ بها، و لا يضرّ كونه ناويا من الأول للتمام، لأنّه من‏ باب الداعي و الاشتباه في المصداق، لا التقييد فيكفي قصد الصلاة و القربة بها. و إن تذكر بعد ذلك بطلت و وجب عليه الإعادة مع سعة الوقت، و لو بإدراك ركعة من الوقت (۳۱)، بل و كذا لو تذكر بعد الصلاة تماما و قد بقي من الوقت مقدار ركعة، فإنّه يجب عليه إعادتها قصرا (۳۲). و كذا الحال في الجاهل بأنّ مقصده مسافة إذا شرع في‏ الصلاة بنية التمام ثمَّ علم بذلك، أو الجاهل بخصوصيات الحكم إذا نوى التمام ثمَّ علم في الأثناء أنّ حكمه القصر (۳۳)، بل الظاهر أنّ حكم من كان وظيفته التمام إذا شرع في الصلاة بنية القصر جهلا ثمَّ تذكر في الأثناء العدول إلى التمام (۳٤)، و لا يضرّه أنّه نوى من الأول ركعتين مع أنّ الواجب عليه أربع ركعات لما ذكر من كفاية قصد الصلاة متقربا و إن تخيل أنّ الواجب هو القصر، لأنّه من باب الاشتباه في التطبيق و المصداق، لا التقييد. فالمقيم الجاهل بأنّ وظيفته التمام إذا قصد القصر ثمَّ علم في الأثناء يعدل إلى التمام و يجتزئ به، لكن الأحوط الإتمام و الإعادة (۳٥)، بل الأحوط في الفرض الأول أيضا الإعادة قصرا بعد الإتمام قصرا.

الظاهر، بل المقطوع به بحسب الأدلة و عند المتشرعة أنّ حقيقة الصلاة واحدة و إن اختلفت حالات المصلّين من حيث القصر و التمام، و الجماعة و الفرادى، و الصحة و المرض، و غير ذلك من العوارض التي لا تحصى، فلو دخلنا أول الظهر في مسجد و بعض الناس يصلي الظهر فرادى، و آخر يصليها جماعة، و ثالث يصليها قصرا، و رابع يصليها تماما، و خامس يصليها قاعدا و سادس يصليها مضطجعا، و بعض بالإيماء و الإشارة إلى غير ذلك نحكم بالوجدان أنّ الكل يصلون صلاة الظهر مع هذا الاختلاف الفاحش بلا فرق بين‏

القول بالصحيح أو الأعم، لأنّ الصحيح له عرض عريض جدّا، فالحقيقة واحدة في جميع الصلوات، و الاختلاف إنّما هو في الخصوصيات، و هل تكون تلك الخصوصيات متقوّمة بالقصد كتقوّم الصلاة به، فالحاضر إذا لم يقصد التمام تبطل صلاته، و المنفرد إن لم يقصد الانفراد لا صلاة له، و المسافر إن لم يقصد القصر تفسد صلاته، و كذا بالنسبة إلى الاضطجاع و القعود و القيام و نحوها. أو أنّها خصوصيات انطباقية قهرية، فكل من صح شرعا انطباق القصر على صلاته و سلم على الركعتين تصح صلاته- قصد القصرية أم لا- و هكذا التمام و الفرادى و صلاة المرضى بشتى أنواعها؟ مقتضى الأصل و

الإطلاق، بل السيرة عدم اعتبار قصد هذه الخصوصيات مطلقا بعد تحقق قصد أصل الصلاة المأمور بها، سواء كانت هذه الجهات من خصوصيات الأمر أم من خصوصيات المأمور به، إذ لا فرق في جريان الأصل و الإطلاق بينهما، بل مقتضاهما الصحة و الإجزاء حتى أنّه لو قصد إحدى تلك الخصوصيات في محل الأخرى، و لكنه أتى بما هو تكليفه الفعلي جامعا للشرائط.

نعم، لو كان ذلك عمدا، فالصحة و الإجزاء مبنيّ على أنّه تشريع أم لا، و على الأول فهل يكون هذا القسم من التشريع موجبا للبطلان؟ و لا دليل على أنه من التشريع مطلقا، لاحتمال أن يكون قصده من اللغو الباطل الذي لا أثر له أصلا، كما لا دليل على كون هذا القسم من التشريع- على فرض كونه تشريعا- يوجب البطلان، لأنّ المتيقن من الإجماع- الذي ادعوه على أنّ التشريع يوجب بطلان العبادة- إنّما هو فيما إذا كان في قيود المأمور به، لا في مثل هذه الجهات. هذا إذا لم يوجب فقد قصد القربة، و إلا فلا وجه للصحة مطلقا.

ثمَّ إنّ كلما لا يكون قصده مقوّما لا يضرّ قصد خلافه إلا إذا أضرّ بالقربة، فلو قصد الإتمام في محل القصر عمدا أو بالعكس و سلم على الركعتين في الأول، و على الأربع في الأخير تصح صلاته مع تحقق جميع الأجزاء و الشرائط من القربة و غيرها، للأصل و الإطلاق، هذا في صورة العمد فكيف بغيرها.

فتلخص: أنّه يكفي تحقق قصد النوع الخاص من الصلاة- كالظهر و العصر مثلا- في الصحة بعد تحقق القربة. فإن كان مكلفا بالقصر و أمكن إتمامها قصرا تصح كذلك، و إن كان مكلفا بالتمام و أمكن إتمامها تماما تصح تماما. و تسمية بعض ذلك من العدول فيه مسامحة واضحة.

أما البطلان فلزيادة الركوع. و أما وجوب الإعادة و لو بإدراك ركعة، فلقاعدة الاشتغال، و لقاعدة من أدرك.

فروع- (الأول): إذا ضاق الوقت حتى عن إدراك الركعة، فإنّه يمكن القول بالصحة، و عدم وجوب القضاء، لأنّ ظاهر قوله عليه السّلام: «إن كان في وقت فليعد، و إن كان الوقت قد مضى فلا». أنّ وجوب الإعادة متوقف على التذكر في زمان يمكن فيه الإعادة بحسب الوظيفة الشرعية و لو بإدراك ركعة، و أما مع عدم التمكن منها كذلك، فلا موضوع لها، و المفروض أنّه لا يجب القضاء أيضا. و بعبارة أخرى: فإما أن تجب الإعادة في الوقت، و المفروض عدم التمكن منها، أو القضاء، و المفروض عدم وجوبه فتتعيّن الصحة لا محالة.

(الثاني): لو بقي من الوقت ركعة و شرع في الصلاة بقصد التمام و لما خرج الوقت تذكر، يمكن القول بالصحة و الإجزاء، لعين ما مرّ في الفرع الأول.

(الثالث): إذا صلّى تماما في الوقت و بعد خروج الوقت علم ببطلان صلاته يجب عليه القضاء قصرا، لعدم الإتيان بالمأمور به.

لصدق قوله عليه السّلام: «إن كان في وقت فليعد»۲۲. فإنّه أعم من الوقت الحقيقي الخارجي و التنزيلي الشرعي، لأنّ قاعدة (من أدرك) شارحة و مفسرة لمثل هذا الحديث و حاكمة عليه.

فإنّه يتم الصلاة قصرا مع الإمكان، و إلا فيستأنفها كذلك.

لكون ذلك مطابقا للقاعدة، و لا فرق فيها بين الموارد، و تسمية نحو ذلك من العدول مسامحة، لأنّ مورد العدول ما كان متقوّما بالقصد، كالظهرية و العصرية، و تقدم أنّ القصرية و التمامية ليستا مما يتقوّمان بالقصد، فراجع.

خروجا عن شبهة اعتبار الجزم بالنية حتى بالنسبة إلى هذه الجهات من أول الصلاة.

(مسألة ۸): لو قصر المسافر اتفاقا لا عن قصد، فالظاهر صحة صلاته (۳٦)، و إن كان الأحوط الإعادة (۳۷)، بل و كذا لو كان جاهلا بأنّ وظيفته القصر فنوى التمام، لكنّه قصر سهوا (۳۸) و الاحتياط بالإعادة في هذه الصورة آكد و أشدّ (۳۹).

لشبهة احتمال اعتبار الجزم حتى في هذه الخصوصيات.

لإتيانه بالمأمور به، فتشمله إطلاقات الأدلة. و منشأ البطلان أمور كلها مخدوشة:

الأول: دعوى صاحب الجواهر عدم وجدان الخلاف في البطلان و فيه: على فرض كونه من الإجماع، فالمتيقن منه ما إذا أوجب ذلك الإخلال بشي‏ء من المأمور به جزءا أو شرطا، و المفروض عدمه.

الثاني: أنّه تشريع. و فيه: أنّه لا تشريع إلا في مورد الالتفات،

 

و المفروض أنّه غير ملتفت، فكيف يكون تشريعا، و على فرضه فكون مثل هذا القسم من التشريع موجبا للبطلان أول الدعوى.

الثالث: أنّ التسليم وقع بلا قصد إليه، فيبطل من هذه الجهة. و فيه: أنّه يكفي القصد الإجمالي و الارتكازي المصادف للواقع، و هو متحقق قهرا.

الرابع: فقد قصد التقرب. و فيه: أنّ المفروض تحققه، مع أنّه لا اختصاص لهذا الإشكال بالمقام. فالمقتضي للصحة موجود، و المانع عنها مفقود، فيتعيّن الحكم بالصحة لا محالة.

يجري ما تقدم في الصورة السابقة هنا أيضا إشكالا و جوابا.

لاحتمال أن يكون تكليفه التمام لأجل جهله، كما تقدم في المسألة الثالثة، فما أتى به ليس بمأمور به، و ما كان مأمورا به لم يؤت به. و فيه: أنّ الجهل لا يغيّر الواقع عما هو عليه. نعم، لو أتى بالتمام جهلا يكون معذورا في ترك الواقع. و أما لو أتى بالقصر فقد أتى بما ثبت عليه في الواقع، و مقتضى القاعدة الإجزاء حينئذ. نعم، لو قيل بانقلاب الواقع لأجل الجهل لا وجه للإجزاء حينئذ، و من ذلك تظهر الخدشة في أشدّية الاحتياط و آكديته، هذا كله إن كان الجهل بأصل الحكم، و إلا فلا وجه لهذه الشبهة أصلا.

(مسألة ۹): إذا دخل عليه الوقت و هو حاضر متمكن من الصلاة و لم يصلّ، ثمَّ سافر، وجب عليه القصر. و لو دخل عليه الوقت و هو مسافر، فلم يصلّ حتى دخل المنزل من الوطن، أو محل الإقامة، أو حدّ الترخص منهما أتم فالمدار على حال الأداء، لا حال الوجوب‏ و التعلق (٤۰). لكن الأحوط في المقامين الجمع.

على المشهور فيهما شهرة عظيمة، و عن السرائر: في الأول دعوى الإجماع عليه، و في الثاني أنّه لم يذهب إلى ذلك- أي إلى أنّ المدار على وقت الوجوب- أحد، و لم يقل به فقيه، و لا مصنف ذكره في كتابه لا منا و لا من مخالفينا. و تقتضيه مرتكزات المتشرعة، و إطلاقات الأدلة.

و أما الأخبار الخاصة الواردة، فعلى‏ أقسام: الأول: ما هو ظاهر، بل نصّ في أنّ المدار على وقت الأداء، كصحيح إسماعيل بن جابر: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: يدخل عليّ وقت الصلاة و أنا في السفر، فلا أصلّي حتى أدخل أهلي، فقال عليه السّلام: صلّ، و أتم الصلاة. قلت: فدخل عليّ وقت الصلاة و أنا في أهلي أريد السفر، فلا أصلّي حتى أخرج فقال عليه السّلام: فصلّ، و قصر، فإن لم تفعل فقد خالفت و اللّه رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله»۲۳.

و هذا الحديث من المحكمات التي لا وجه لعروض شبهة فيه، فإن أمكن رد غيره إليه، و إلا لا بد من رده إلى أهله.

و صحيح العيص عنه عليه السّلام أيضا: «عن الرجل يدخل عليه وقت الصلاة في السفر، ثمَّ يدخل بيته قبل أن يصلّيها. قال عليه السّلام: يصلّيها أربعا، و قال عليه السّلام: لا يزال يقصر حتى يدخل بيته»۲4.

و صحيح محمد بن مسلم: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: الرجل يريد السفر، فيخرج حتى تزول الشمس، فقال عليه السّلام: إذا خرجت فصلّ ركعتين»۲٥.

و خبر الوشاء: «سمعت الرضا عليه السّلام يقول: إذا زالت الشمس و أنت‏ في المصر، و أنت تريد السفر فأتم. فإذا خرجت و أنت بعد الزوال قصر العصر»۲٦.

و في الفقه الرضوي: «فإن خرجت من منزلك، و قد دخل عليك وقت الصلاة في الحضر فلم تصلّ حتى خرجت، فعليك التقصير، و إن دخل عليك وقت الصلاة في السفر و لم تصلّ حتى تدخل أهلك فعليك التمام»۲۷. هذه هي أدلة المشهور من الأخبار الخاصة.

القسم الثاني: ما دل على أنّ المدار على وقت الوجوب لا الأداء، كصحيح محمد بن مسلم: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يدخل من سفره، و قد دخل وقت الصلاة و هو في الطريق، فقال عليه السّلام: يصلّي ركعتين. و إن خرج إلى سفره و قد دخل وقت الصلاة فليصلّ أربعا»۲۸.

و صحيحه الآخر عنه عليه السّلام: «عن رجل يدخل مكة من سفره، و قد دخل وقت الصلاة. قال عليه السّلام: يصلّي ركعتين. فإن خرج إلى سفر، و قد دخل وقت الصلاة فليصلّ أربعا»۲۹.

و فيه: أنّه يمكن أن يكون إرشادا إلى إتيان الصلاة في أول الوقت و ليس في مقام بيان جهة أخرى.

و خبر موسى بن بكر عن أبي جعفر عليه السّلام: «عن رجل دخل وقت الصلاة و هو في السفر، فأخّر الصلاة حتى قدم و هو يريد يصليها إذا قدم إلى أهله، فنسي حين قدم إلى أهله أن يصليها حتى ذهب وقتها. قال عليه السّلام:

يصليها ركعتين صلاة المسافر، لأنّ الوقت دخل و هو مسافر كان ينبغي له أن يصلّي عند ذلك»۳0.

و صحيح زرارة عن أحدهما عليهما السّلام المنقول عن السرائر: «في رجل مسافر نسي الظهر و العصر حتى دخل أهله، قال عليه السّلام: يصلّي أربع ركعات. و قال لمن نسي الظهر و العصر و هو مقيم حتى يخرج، قال عليه السّلام:

يصلّي أربع ركعات في سفره. و قال عليه السّلام: إذا دخل على الرجل وقت و هو مقيم، ثمَّ سافر، صلّى تلك الصلاة التي دخل وقتها عليه و هو مقيم أربع ركعات في سفره»۳۱.

و خبر بشير النبال: «خرجت مع أبي عبد اللّه عليه السّلام حتى أتينا الشجرة، فقال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا نبال، قلت: لبيك. قال عليه السّلام: إنّه لم يجب على أحد من أهل هذا العسكر أن يصلي أربعا غيري و غيرك. و ذلك: أنّه دخل وقت الصلاة قبل أن نخرج»۳۲.

و فيه: أنّه يحتمل أن يكون المراد إتيان الصلاة في أول الوقت في المدينة، إذ من المستبعد أن لا يصلّي أبو عبد اللّه عليه السّلام صلاته في أول الوقت في مسجد النبيّ صلى اللّه عليه و آله و قد جرت عادة العوام فضلا عن الإمام عليه السّلام. إلى غير ذلك من الأخبار.

و يرد عليها: أنّ ما كان منها قابلا للتوجيه للحمل على القسم الأول يوجه.

و ما لم يكن كذلك يرد علمه إلى أهله، لعدم مقاومته لصحيح ابن جابر المشتمل على التأكيد بالحلف و مخالفة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

القسم الثالث: ما يظهر منه التخيير، كصحيح ابن حازم قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إذا كان في سفر فدخل عليه وقت الصلاة قبل أن يدخل أهله، فسار حتى يدخل أهله، فإن شاء قصر، و إن شاء أتم. و الإتمام أحب إليّ»۳۳. و فيه: أنّه يمكن أن يكون المراد به التخيير في الموضوع، يعني إن شاء صلّى في السفر فيقصر لا محالة، و إن شاء صلّى في أهله فيتم لا محالة.

و نسب الشيخ رحمه اللّه الجمع بين القسمين الأولين بالحمل على التخيير، و جعل‏

هذا الصحيح شاهدا للجمع. و فيه: أنّ الجمع الدلالي بين القسمين غير ممكن، و كيف يصح ذلك مع حلف أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن جابر بأنّ في تركه مخالفة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. و إن كان المراد التخيير الأصولي فهو متوقف على فقد المرجح، و لا ريب في أنّ الترجيح مع المشهور، لأنّ ما خالف صحيح ابن جابر خلاف السنة بصريح الحلف، فكيف يحتمل صدوره لحكم اللّه الواقعي حتى يتحقق التعارض.

القسم الرابع: ما عن إسحاق بن عمار: «سمعت أبا الحسن عليه السّلام يقول: «في الرجل يقدم من سفره في وقت الصلاة، فقال عليه السّلام: إن كان لا يخاف فوت الوقت فليتم، و إن كان يخاف خروج الوقت فليقصر»۳4، و مثله صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام: «في الرجل يقدم من الغيبة فيدخل عليه وقت الصلاة، فقال عليه السّلام: إن كان لا يخاف أن يخرج الوقت فليدخل و ليتم، و إن كان يخاف أن يخرج الوقت قبل أن يدخل فليصلّ و ليقصر»۳٥. و يمكن أن يكون معناه إن كان لا يخاف فوت الوقت و هو في السفر فليدخل إلى أهله و ليتم الصلاة، و إن كان يخاف الفوت و هو في السفر فليقصر حال كونه في السفر، فلا ينافي القسم الأول، و مع الجمود على كونه ظاهرا في دوران الحكم مدار خوف الفوت و عدمه، فليرد علمه إلى أهله لمخالفته لصحيح ابن جابر، و ظاهر مما تقدم وجه الاحتياط، و أنّه في الأول أشد.

(مسألة ۱۰): إذا فاتت منه الصلاة، و كان في أول الوقت حاضرا و في آخره مسافرا أو بالعكس، فالأقوى أنّه مخيّر بين القضاء قصرا أو تماما (٤۱)، لأنّه فاتت منه الصلاة في مجموع الوقت، و المفروض أنّه كان مكلّفا في بعضه بالقصر و في بعضه بالتمام. و لكن الأحوط مراعاة حال الفوت، و هو آخر الوقت (٤۲)، و أحوط منه الجمع بين القصر و التمام (٤۳).

الظاهر وضوح كونه بلحاظ آخر الوقت بحسب مرتكزات المتشرعة لأنّ القضاء إن كان عبارة عن تدارك ما فات، فالفوت بأنظار العرف و المتشرعة يتحقق في آخر الوقت. و إن كان عبارة عن إتيان ما ترك في الوقت، فليس كل ترك في‏ الوقت موجبا للقضاء، بل خصوص الترك الذي لا يقدر المكلف شرعا بإتيانه في الوقت، و هو منحصر بالترك في آخر الوقت فقط. و إسناد الفوت إلى مجموع الوقت و إن صح أيضا، و لكنه إسناد مسامحيّ باعتبار اشتماله على ما يتحقق به الفوت، و هو الجزء الأخير.

و ما ذكره (قدّس سرّه) من التخيير إنّما يصح فيما لم يكن ترجيح في البين من مرتكزات المتشرعة، و الأنظار العرفية في الاستظهارات من الأدلة و إلا فلا وجه للتخيير.

و أما ما تقدم من خبر موسى بن بكر۳٦ الظاهر في دوران القضاء مدار وقت الوجوب. (ففيه) أولا: عدم توثيقه بما يصح الاعتماد عليه. و ثانيا: تعليله عليه السّلام بقوله: «لأنّ الوقت دخل و هو مسافر كان ينبغي أن يصلّي عند ذلك».

مخالف لما تقدم من صحيح ابن جابر، فيشكل إطلاق الحكم المعلل به بعد سقوط التعليل بتقديم صحيح ابن جابر عليه.

لحسن الاحتياط في كل حال، و يكفي في حسنه مجرّد الاحتمال.

ظهر مما مر أنّه المتعيّن.

(مسألة ۱۱): الأقوى كون المسافر مخيّرا بين القصر و التمام في الأماكن الأربعة (٤٤) و هي مسجد الحرام و مسجد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و مسجد الكوفة، و الحائر الحسينيّ عليه السّلام (٤٥) بل التمام هو الأفضل، و إن كان الأحوط هو القصر (٤٦) و ما ذكرنا هو القدر المتيقن، و إلا فلا يبعد كون المدار على البلدان الأربعة، و هي مكة، و المدينة، و الكوفة، و كربلاء، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط، خصوصا في الأخيرتين (٤۷) و لا يلحق بها سائر المشاهد (٤۸). و الأحوط في المساجد الثلاثة الاقتصار على الأصليّ منها دون الزيادات في بعضها (٤۹). نعم، لا فرق فيها بين السطوح، و الصحن، و المواضع المنخفضة منها (٥0). كما أنّ الأحوط في الحائر الاقتصار على ما حول الضريح المبارك (٥۱).

على المشهور، و عن السرائر و الخلاف الإجماع عليه، و في الوسائل أنّه مذهب جميع الإمامية أو أكثرهم. و نسب إلى الصدوق رحمه اللّه وجوب التقصير إلا مع قصد الإقامة، و الأفضل أن يقصدها. و نسب إلى المرتضى‏ رحمه اللّه أنّه لا يقصر في مكة، و مسجد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و مشاهد القائمين مقامه. و منشأ الخلاف اختلاف الأخبار، فإنّها على أقسام ثلاثة:

القسم الأول: ما يكون ظاهره وجوب التمام، كصحيح حماد بن عيسى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «من مخزون علم اللّه الإتمام في أربعة مواطن:

حرم اللّه، و حرم رسوله صلّى اللّه عليه و آله، و حرم أمير المؤمنين عليه السّلام، و حرم الحسين بن عليّ عليه السّلام»۳۷.

و في خبر أبي بصير عنه عليه السّلام أيضا: «تتم الصلاة في أربعة مواطن:

في المسجد الحرام، و مسجد الرسول صلّى اللّه عليه و آله، و مسجد الكوفة، و حرم الحسين عليه السّلام»۳۸.

و في خبر عبد الحميد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «تتم الصلاة في أربعة مواطن: في المسجد الحرام، و مسجد الرسول صلّى اللّه عليه و آله، و مسجد الكوفة، و حرم الحسين عليه السّلام»۳۹.

و في صحيح مسمع عن أبي إبراهيم عليه السّلام: «كان أبي يرى لهذين الحرمين ما لا يراه لغيرهما، و يقول: إنّ الإتمام فيهما من الأمر المذخور»40 إلى غير ذلك من الأخبار.

القسم الثاني: ما هو ظاهر في وجوب القصر، كصحيح وهب «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن التقصير في الحرمين و التمام، فقال عليه السّلام: لا تتم حتى تجمع على مقام عشرة أيام. فقلت: إنّ أصحابنا رووا عنك أنّك أمرتهم بالتمام، فقال عليه السّلام: إنّ أصحابك كانوا يدخلون المسجد فيصلون و يأخذون نعالهم و يخرجون، و الناس يستقبلونهم يدخلون المسجد للصلاة، فأمرتهم بالتمام».

و قريب منه صحيحه الآخر و صحيح ابن بزيع: «سألت الرضا عليه السّلام عن الصلاة بمكة و المدينة تقصير أو إتمام؟ فقال عليه السّلام: قصر ما لم تعزم على مقام عشرة أيام».

و صحيح علي بن حديد: «سألت الرضا عليه السّلام فقلت: إنّ أصحابنا اختلفوا في الحرمين، فبعضهم يقصر، و بعضهم يتم، و أنا ممن يتم على رواية أصحابنا في التمام، و ذكرت عبد اللّه بن جندب أنّه كان يتم، فقال عليه السّلام:

رحم اللّه ابن جندب، ثمَّ قال لي: لا يكون الإتمام إلا أن تجمع على إقامة عشرة أيام، و صلّ النوافل ما شئت. قال ابن حديد: و كان محبتي أن يأمرني بالإتمام»44.

و صحيح ابن عمار: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام: عن رجل قدم مكة فأقام على إحرامه، قال عليه السّلام: فليقصر الصلاة ما دام محرما» إلى غير ذلك من الأخبار الظاهرة في وجوب القصر.

القسم الثالث: ما هو نص في التخيير، كصحيح عليّ بن يقطين عن أبي الحسن عليه السّلام: «في الصلاة بمكة قال عليه السّلام: من شاء أتم، و من شاء قصر».

و في صحيحه الآخر: «سألت أبا إبراهيم عليه السّلام: عن التقصير بمكة، فقال عليه السّلام: أتم، و ليس بواجب إنّي أحب لك ما أحب لنفسي».

و خبر ابن حمران: «قلت لأبي الحسن عليه السّلام: أقصر في مسجد الحرام- أو أتم؟ قال عليه السّلام: إن قصرت فلك، و إن أتممت فهو خير، و زيادة الخير خير».

و عن ابن المختار عن أبي إبراهيم: «إذا دخلنا مكة و المدينة نتم أو نقصر؟

قال عليه السّلام: إن قصرت فذلك، و إن أتممت فهو خير تزداد».

و في خبر الخثعمي: «كتبت إلى أبي الحسن موسى عليه السّلام أسأله عن الصلاة في المسجدين أقصر أم أتم؟ فكتب عليه السّلام إليّ: أي ذلك فعلت فلا بأس، قال: فسألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عنها مشافهة فأجابني بمثل ما أجابني أبوه إلا أنّه قال عليه السّلام في الصلاة قصر»٥0.

فلا ريب في ظهور مجموع الأدلة بعد رد بعضها إلى بعض في التخيير مع أفضلية التمام. هذا إذا كان قد صدر القسمان الأولان لبيان الحكم الواقعي. و أما إذا صدرا للتقية، فيتعيّن الأخذ بالأخير، و يشهد لصدور القسم الأول لها ما مر من صحيح ابن وهب، و قريب منه صحيحه الآخر٥۱، كما يشهد لصدور القسم الثاني للتقية صحيح ابن الحجاج: «قلت لأبي الحسن عليه السّلام: إنّ هشاما روى عنك أنّك أمرته بالتمام في الحرمين، و ذلك من أجل الناس. قال عليه السّلام: لا، كنت أنا و من مضى من آبائي إذا وردنا مكة أتممنا الصلاة، و استترنا من الناس»٥۲.

و يستفاد منه أنّ ما صدر من أخبار التقصير صدر موافقا للعامة، لأنّ الإتمام في الأماكن الأربعة كان من العلم المخصوص بالأئمة، و من العلم المخزون، كما في بعض الروايات، فيكون المقصود من التقية عدم إظهار هذا العلم المخزون عند غير أهله، و عدم إفشائه إلا إلى أهله، كما أنّه يحتمل صدور أخبار التخيير للتقية أيضا، لأنّه مذهب جمع من العامة.

إذا ورد عام و خاص و كان الخاص منفصلا، و مرددا بين الأقل و الأكثر من جهة الشبهة الموضوعية الخارجية، يرجع إلى العام في غير المتيقن ففي المقام يرجع إلى عمومات التقصير للمسافر في غير ما علم التخصيص به، هذا بحسب القاعدة. و أما الأخبار الخاصة، فهي في الحرمين على أقسام أربعة:

الأول: ما يشتمل على لفظ الحرم، كما تقدم في صحيح حماد بن عيسى‏٥۳، و صحيح عليّ بن حديد٥4، و صحيح معاوية بن وهب‏٥٥ و صحيح عبد الرحمن بن الحجاج المتقدّم.

الثاني: ما يشتمل على لفظ مكة و المدينة، كصحيح ابن الحجاج:

«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن التمام بمكة و المدينة، فقال عليه السّلام:

أتم و إن لم تصلّ فيهما إلا صلاة واحدة»٥٦.

و قد تقدم في صحيح ابن بزيع‏٥۷، و صحيح معاوية بن وهب الذي تقدم، و صحيحي عليّ بن يقطين‏٥۸.

الثالث: صحيح عليّ بن مهزيار: «كتبت إلى أبي جعفر الثاني عليه السّلام إنّ الرواية قد اختلفت عن آبائك في الإتمام و التقصير للصلاة في الحرمين، فمنها: يأمر بتتميم الصلاة، و منها: أن يأمر بقصر الصلاة، بأن يتم الصلاة و لو صلاة واحدة، و منها: يأمر أن يقصر ما لم ينو مقام عشرة أيام. و لم أزل على الإتمام فيهما إلى أن صدرنا من حجنا في عامنا هذا، فإن فقهاء أصحابنا أشاروا إلىّ بالتقصير إذا كنت لا أنوي مقام عشرة، فصرت إلى التقصير و قد ضقت بذلك حتى أعرف رأيك. فكتب عليه السّلام بخطّه: قد علمت- يرحمك اللّه- فضل الصلاة في الحرمين على غيرهما، فأنا أحب لك إذا دخلتهما أن لا تقصر و تكثر فيهما من الصلاة. فقلت له بعد ذلك بسنتين مشافهة:

إنّي كتبت إليك بكذا، و أجبت بكذا، فقال عليه السّلام: نعم. فقلت: أيّ شي‏ء تعني بالحرمين؟ فقال عليه السّلام: مكة و المدينة»٥۹ و هذا الصحيح شارح للفظ الحرمين الوارد في غيره من الأخبار فلا وجه للتمسك بإطلاق لفظ الحرم، مع أنّه لم ينقل عن أحد التخيير فيه بالخصوص.

القسم الرابع: ما ورد فيه لفظ مسجد الحرام و مسجد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كخبر أبي بصير٦0، و خبر عبد الحميد٦۱، و خبر الخثعمي‏٦۲، و مرسل إبراهيم بن أبي البلاد٦۳. و مقتضى ما ارتكز في أذهان‏ المسلمين أنّ فضل مكة و المدينة إنّما هو لأجل المسجدين فيقيد القسم الثاني بالرابع خصوصا مع عادة المسافرين إليها على الصلاة في المسجدين مهما أمكنهم ذلك سيّما ما مر في صحيح معاوية بن وهب‏٦4 و مع هذه القرينة يشكل الحكم بالترخيص في البلدين.

و أما حرم أمير المؤمنين عليه السّلام، فتارة: عبّر عنه بالحرم، كصحيح حماد بن عيسى‏٦٥، و مرسل المصباح‏٦٦. و أخرى: بالكوفة، كما في خبر زياد القندي: «قال أبو الحسن عليه السّلام: يا زياد أحبّ لك ما أحب لنفسي، و أكره لك ما أكره لنفسي، فأتم الصلاة في الحرمين، و بالكوفة و عند قبر الحسين عليه السّلام»٦۷. و ثالثة: بمسجد الكوفة، كما في خبر أبي بصير المتقدم‏٦۸، و مرسل حماد٦۹، و خبر عبد الحميد۷0، و مرسل الفقيه‏۷۱، و مرسل حذيفة بن منصور۷۲. و القرينة على خصوص مسجد الكوفة ظاهرة، و قد فسر حرم أمير المؤمنين عليه السّلام، بالكوفة كخبر حسان بن مهران: «قال أمير المؤمنين عليه السّلام: مكة حرم اللّه تعالى، و المدينة حرم رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله، و الكوفة حرمي، لا يريدها جبار بحادثة إلا قصمه»۷۳.

و في خبر القلانسي: «إنّ الكوفة حرم اللّه، و رسوله صلّى اللّه عليه و آله، و حرم أمير المؤمنين عليه السّلام»۷4. و الجمود على المتفاهم منها يقضي بكونها عبارة عما تحت القبة المباركة، و أما مسجد الكوفة فالمشهور عدم الترخيص‏ فيها، بل ظاهرهم الإجماع عليه.

و أما حرم الحسين عليه السّلام، فعبّر عنه بالحرم تارة، كما في صحيح حماد۷٥، و خبر عبد الحميد۷٦، و خبر أبي بصير۷۷، و مرسل حذيفة بن منصور۷۸، و مرسل المصباح‏۷۹، و بالحائر أخرى، كمرسل حماد۸0، و مرسل الفقيه‏۸۱. و عند قبر الحسين عليه السّلام ثالثة، كما في مرسل ابن أبي البلاد۸۲، و خبر عمرو بن مرزوق‏۸۳، و خبر أبي شبل‏۸4. و المتيقن منها ما حول الضريح المبارك، و الحائر أطلق في أبواب زيارته على ما تحت قبته المباركة۸٥.

و أما التحديدات الواردة في حدّ حرم الحسين عليه السّلام- كما في خبر منصور بن العباس: أنّه خمسة فراسخ من أربع جوانبه‏۸٦ و في مرسل البصري:

أنّه فرسخ في فرسخ من أربع جوانب القبر۸۷– فهي من جهة التبرك- و أخذ التربة الشريفة، و لا ربط لها بالمقام، فراجع.

و لا يبعد الاستئناس للمقام بما ورد من التحديد بخمسة و عشرين ذراعا من جميع نواحي القبر المقدس، كما في صحيح إسحاق بن عمار: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ لموضع قبر الحسين عليه السّلام حرمة معروفة من عرفها و استجار بها أجير. قلت: صف لي موضعها. قال عليه السّلام: امسح من موضع قبره خمسة و عشرين ذراعا من ناحية رأسه، و خمسة و عشرين ذراعا من ناحية رجليه، و خمسة و عشرين ذراعا من خلفه، و خمسة و عشرين ذراعا مما يلي وجهه»۸۸. و لكن فيه تأمل.

أما كون الأفضل هو التمام، فلأنّ زيادة الخير خير، كما تقدم في القسم الثالث من الأخبار. و أما كون الأحوط هو القصر، فلموافقته لعمومات التقصير الواردة في الكتاب و السنة.

لعدم ورود لفظ (الكوفة) إلا في خبر القندي‏۸۹. و هو مقيد بما ورد في الأخبار من لفظ مسجد الكوفة، فلا وجه للأخذ بإطلاق لفظ الكوفة في الحكم المخالف للأصل و الإطلاق، مضافا إلى ضعف سنده. و أما لفظ كربلاء، فلم يرد في خبر من الأخبار الواردة في المقام، و إنّما الوارد فيها الحائر أو الحرم، و هما أخص من كربلاء، كما لا يخفى.

للأصل بعد عدم الدليل. و ما نسب إلى السيد و ابن الجنيد من الإلحاق بلا دليل.

بدعوى عدم الدليل على إلحاقها، بل مقتضى الأصل عدمه، و لكن يمكن أن يقال: إنّ الحكم يدور مدار صدق المسجد مطلقا، سواء كانت بقدر ما في زمان صدور الأخبار أم أزيد منه، و كذا حكم البلاد، للإطلاق. و في بعض أخبار مسجد الحرام: أنّ تخطيط إبراهيم عليه السّلام كان أوسع مما في زمان صدور الأخبار، فراجع‏۹0.

لأنّه المتيقن من مجموع الأخبار الواردة في المقام بعد رد بعضها إلى بعض.

للإطلاق الشامل للجميع.

(مسألة ۱۲): إذا كان بعض بدن المصلّي داخلا في أماكن التخيير و بعضه خارجا، لا يجوز له التمام. نعم، لا بأس بالوقوف منتهى أحدها إذا كان يتأخر حال الركوع و السجود، بحيث يكون تمام بدنه داخلا حالهما (٥۲).

لعدم الصدق العرفي في الأول، بخلاف الأخير، فيصدق فيه أنّه صلّى في المسجد، كما هو معلوم.

(مسألة ۱۳): لا يلحق الصوم بالصلاة (٥۳) في التخيير المزبور، فلا يصح له الصوم فيها، إلا إذا نوى الإقامة أو بقي مترددا ثلاثين يوما (٥٤).

للأصل بعد عدم دليل على الإلحاق، و اختصاص ظواهر الأدلة بخصوص الصلاة فقط. و لا وجه للتمسك بقاعدة التلازم بعد وهنها بعدم العمل بها من أحد في المقام في هذا الحكم المخالف للأصل و الإطلاق.

(فرع): مقتضى الأصل و الإطلاق اختصاص التخيير في الأماكن الأربعة بخصوص الفريضة، فيشكل إتيان نافلة الفريضة التي أتمها بقصد الورود. نعم، لا بأس به رجاء، و تقدم في المسألة الثانية بعض الكلام.

لأنّه حينئذ بحكم الحاضر، فيجري عليه جميع ما يجري على الحاضر في الصلاة و الصوم.

(مسألة ۱٤): التخيير في هذه الأماكن استمراري (٥٥)، فيجوز له التمام مع شروعه في الصلاة بقصد القصر و بالعكس ما لم يتجاوز محل العدول، بل لا بأس بأن ينوي الصلاة من غير تعيين أحد الأمرين من الأول، بل لو نوى القصر فأتمّ غفلة أو بالعكس، فالظاهر الصحة (٥٦).

للأصل، و ظهور الإطلاق و الاتفاق.

لما تقدم من عدم كونهما مما تقيّد بالقصد، بل كلما صح انطباق التكليف الفعلي عليه يصح، قصد أم لا، فراجع.

(مسألة ۱٥): يستحب أن يقول عقيب كل صلاة مقصورة (٥۷) ثلاثين مرّة: «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلا اللّه و اللّه أكبر». و هذا و إن كان يستحب من حيث التعقيب عقيب كل فريضة حتى غير المقصورة (٥۸)، إلا أنّه يتأكد عقيب المقصورات (٥۹)، بل الأولى تكرارها مرّتين مرّة من باب التعقيب و مرة من حيث بدليتها عن الركعتين الساقطتين (٦0).

لخبر سليمان بن حفص المروزي: «قال الفقيه العسكري عليه السّلام: يجب على المسافر أن يقول في دبر كل صلاة يقصر فيها:

سبحان اللّه، و الحمد للّه، و لا إله إلا اللّه، و اللّه أكبر، ثلاثين مرّة لتمام الصلاة»۹۱ المحمول على الندب إجماعا، و في خبر رجاء: «إنّ الرضا عليه السّلام كان يقول في دبر كل صلاة يقصرها: سبحان اللّه، و الحمد للّه، و لا إله إلا اللّه، و اللّه أكبر، ثلاثين مرّة، و يقول عليه السّلام: هذا تمام الصلاة»۹۲.

كما في جملة من الأخبار، ففي صحيح ابن بكير: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: قول اللّه عزّ و جل‏ (اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً) ما ذا الذكر الكثير؟ قال عليه السّلام: أن تسبح في دبر المكتوبة ثلاثين مرّة»۹۳، و نحوه غيره.

لاستفادة التأكد من لفظ الوجوب الوارد في خبر المروزي و ملازمة الرضا عليه السّلام له، من تعليله عليه السّلام.

لأصالة عدم التداخل، و إن كان مقتضى الإطلاق، و بناء المندوبات على التسامح صحة التداخل أيضا.

  1. الوسائل باب: ۲۱ من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها حديث: ۳.
  2. الوسائل باب: ۲۱ من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها حديث: ۱.
  3. الوسائل باب: ۲۱ من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها حديث: ۷.
  4. الوسائل باب: ۲۹ من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها حديث: ۳.
  5. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها حديث: ۱.
  6. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها حديث: ۱0.
  7. الوسائل باب: ۲۳ من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها حديث: ۱.
  8. الوسائل باب: ۲۱ من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها حديث: 4.
  9. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب صلاة المسافر حديث: 4.
  10. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب صلاة المسافر حديث: ٦.
  11. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۸.
  12. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۱.
  13. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۲
  14. الوسائل باب: ۱ من أبواب من يصح الصوم منه حديث: ۱٥.
  15. الوسائل باب: ۱ من أبواب من يصح الصوم منه حديث: ۹.
  16. الوسائل باب: ۲ من أبواب من يصح الصوم عنه حديث: ۲.
  17. الوسائل باب: ۲ من أبواب من يصح الصوم عنه حديث: ٥.
  18. الوسائل باب: ۲ من أبواب من يصح الصوم عنه حديث: ٦.
  19. الوسائل باب: ۲ من أبواب من يصح الصوم عنه حديث: ۳.
  20. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۳
  21. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۷.
  22. تقدم في صفحة: ۲۸۳.
  23. الوسائل باب: ۲۱ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۲.
  24. الوسائل باب: ۲۱ من أبواب صلاة المسافر حديث: 4.
  25. الوسائل باب: ۲۱ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۱.
  26. الوسائل باب: ۲۱ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۱۲
  27. مستدرك الوسائل باب: ۱٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۲.
  28. الوسائل باب: ۲۱ من أبواب صلاة المسافر حديث: ٥.
  29. الوسائل باب: ۲۱ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۱۱.
  30. الوسائل باب: ۲۱ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۳.
  31. الوسائل باب: ۲۱ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۱0.
  32. الوسائل باب: ۲۱ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۱۳
  33. الوسائل باب: ۲۱ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۹.
  34. الوسائل باب: ۲۱ من أبواب صلاة المسافر حديث: ٦.
  35. الوسائل باب: ۲۱ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۸.
  36. تقدم في صفحة: ۲۹٥.
  37. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۱
  38. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۲٥.
  39. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۱4.
  40. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۲.
  41. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۳4.
  42. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۲۷.
  43. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۳۲
  44. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۳۳.
  45. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۳.
  46. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۱0.
  47. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۱۹
  48. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۱۱.
  49. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۱٦.
  50. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۲۸.
  51. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۲۷
  52. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ٦.
  53. تقدم في القسم الأول من الأخبار المتقدمة.
  54. تقدم في القسم الثاني من الأخبار المتقدمة.
  55. تقدم في القسم الثاني من الأخبار المتقدمة.
  56. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ٥.
  57. تقدم في القسم الثاني من الأخبار.
  58. تقدم ذلك في القسم الثالث من الأخبار.
  59. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: 4.
  60. تقدم ذلك في القسم الأول من الأخبار المذكورة في أول المسألة.
  61. تقدم ذلك في القسم الأول من الأخبار المذكورة في أول المسألة.
  62. تقدم في القسم الثالث من الأخبار التي ذكرت في أول المسألة.
  63. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۲۲.
  64. تقدم في القسم الثاني من الأخبار المذكورة في أول المسألة.
  65. تقدم في القسم الأول من الأخبار التي ذكرت في أول المسألة.
  66. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۲4
  67. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۱۳.
  68. تقدم في القسم الأول من الأخبار المذكورة في أول المسألة.
  69. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۲4.
  70. تقدم في القسم الأول من الأخبار.
  71. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۲٦.
  72. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۲۳.
  73. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب المزار حديث: ۱.
  74. الوسائل باب: 44 من أبواب أحكام المساجد حديث: ۳۳.
  75. تقدم في القسم الأول من الأخبار المذكورة في صدر المسألة.
  76. تقدم في القسم الأول من الأخبار المذكورة في صدر المسألة.
  77. تقدم في القسم الأول من الأخبار المذكورة في صدر المسألة
  78. الوسائل باب: ۱٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۲۳.
  79. الوسائل باب: ۱٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۲4.
  80. الوسائل باب: ۱٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۲۹.
  81. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۲٦
  82. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۲۲.
  83. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۳0.
  84. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۱۲.
  85. راجع الوسائل باب: ٦۲ من أبواب المزار كتاب الحج.
  86. الوسائل باب: ٦۷ من أبواب المزار حديث: ۱.
  87. الوسائل باب: ٦۷ من أبواب المزار حديث: ۲.
  88. الوسائل باب: ٦۷ من أبواب المزار حديث: 4.
  89. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب صلاة المسافر حديث: ۱۳. و قد تقدم أيضا في صدر المسألة
  90. الوسائل باب: ٥٥ من أبواب أحكام المساجد.
  91. الوسائل باب: ۲4 من أبواب صلاة المسافر حديث: ۱.
  92. الوسائل باب: ۲4 من أبواب صلاة المسافر حديث: ۲.
  93. الوسائل باب: ۱٥ من أبواب التعقيب حديث: ۳.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"