1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. کتاب الصلاة
  10. /
  11. فصل في أحكام المساجد
(الأول): يحرم زخرفته أي تزيينه بالذهب (٥۳)، بل الأحوط ترك‏ نقشه بالصور (٥٤). (الثاني): لا يجوز بيعه و لا بيع آلاته و إن صار خرابا و لم يبق آثار مسجديته و لا إدخاله في الملك و لا في الطريق، فلا يخرج عن المسجدية أبدا (٥٥)، و تبقى الأحكام من حرمة تنجيسه و وجوب‏ احترامه (٥٦) و تصرف آلاته في تعميره و إن لم يكن معمّرا تصرف في مسجد آخر (٥۷) و إن لم يمكن الانتفاع بها أصلا يجوز بيعها و صرف القيمة في تعميره أو تعمير مسجد آخر (٥۸). (الثالث): يحرم تنجيسه (٥۹) و إذا تنجس يجب إزالتها (٦۰) فورا (٦۱)، و إن كان في وقت الصلاة مع سعته (٦۲). نعم، مع ضيقه تقدم الصلاة (٦۳). و لو صلّى مع السعة أثم لكن الأقوى صحة صلاته (٦٤). و لو علم بالنجاسة أو تنجس في أثناء الصلاة لا يجب القطع (٦٥) للإزالة و إن كان في سعة الوقت، بل يشكل جوازه (٦٦). و لا بأس بإدخال النجاسة غير المتعدية إلّا إذا كان موجبا للهتك كالكثيرة من‏ العذرة اليابسة (٦۷) مثلا. و إذا لم يتمكن من الإزالة بأن احتاجت إلى معين و لم يكن سقط وجوبها (٦۸). و الأحوط إعلام الغير إذا لم يتمكن و إذا كان جنبا و توقف الإزالة على المكث فيه فالظاهر عدم وجوب المبادرة إليها، بل يؤخرها إلى ما بعد الغسل (٦۹)، و يحتمل وجوب التيمم و المبادرة إلى الإزالة (۷۰).

على المشهور، و استدل له تارة: بأنّ التزيين بالذهب من أجلى مظاهر الدنيا و بيوت اللّه تعالى أجلّ من يتحلّى بحليّ الدنيا و أخرى: بأنّه إسراف. و ثالثة: بأنّه بدعة. و رابعة: بجملة من الأخبار العامية: مثل ما روى:

«إنّ من أشراط الساعة زخرفة المساجد»۱.

و «أنّ النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) لم يدخل الكعبة حتّى أمر بالزخرفة نحي»۲.

و الكل مخدوش إذ الأول استحسان محض. و الثاني لا موضوع له مع الغرض الصحيح كتعظيم الشعائر. و الثالث لا وجه له في مقابل الأصل، و ما دل على تعظيم الشعائر. و الأخير قاصر سندا و دلالة. نعم، حيث إنّ تزيين البيوت بالذهب من صنع الجبابرة و المترفين، و مما يوجب الترغيب إلى الدنيا الدنية لا يناسب ذلك بيوت اللّه التي وضعت للترغيب إلى الآخرة، و لا تناسب الدنيا بوجه، بل لا بد و أن يكون «عريشا كعريش موسى»۳، مع ما ورد من «أنّ اللّه جعل الذهب في الدنيا زينة النساء»4، فتجلّ المعابد أن تشبّه بهنّ و هذا المقدار يكفي في حصول الاطمئنان بالحكم.

نسب إلى المشهور الحرمة فيه أيضا، لجملة مما مرّ و مرت المناقشة فيها و استدل أيضا بأنّ التصوير مطلقا مرجوح، ففي المسجد يكون بالأولى، و بخبر عمرو بن جميع قال: «سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن الصلاة في المساجد المصوّرة فقال: أكره ذلك، و لكن لا يضرّكم ذلك اليوم، و لو قد قام العدل لرأيتم كيف يصنع في ذلك»٥.

و هما كما ترى لا يدلّان على الحرمة خصوصا مع ضعف سند الأخير، و لذا ذهب جمع إلى الكراهة.

لاستصحاب المسجدية، و إجماع الفقهاء، و سيرة المتشرّعة، و اقتضاء وقف مثل المسجد التأبيد ما دامت السماوات و الأرض، و الظاهر أنّ الحكم كذلك في جميع معابد أهل الملل و الأديان في مللهم و أديانهم كما إنّ الظاهر عدم الفرق في ذلك بين الأراضي المفتوحة عنوة و بين غيرها، و تبعية الأرض للآثار في الأولى و رجوعها بعد زوال الأثر إلى ملك المسلمين إنّما هو فيما إذا لم يكن الأثر مبنيا على التأييد و الخلود و إلّا فتكون الأرض تابعة لهذه الجهة التأبيدية، فيحدث فيها حق اللّه تعالى و هو غير قابل للزوال ما دامت الأرض موجودة، فلا موضوع لرجوع الأرض بعد زوال الآثار إلى المسلمين لفرض بقاء حق اللّه، بل حق المصلّين فيها و انتفاعهم و لو لم يكن إلّا أصالة بقاء هذا الحق لكفى.

و توهم: أنّه مردد في المفتوح عنوة بين ما هو باق قطعا، أو زائل كذلك، فلا وجه للأصل.

مردود: بما ثبت في محلّه من صحة الاستصحاب في مثل المورد، فراجع.

لأنّ هذه الأحكام تابعة لبقاء الموضوع و المفروض بقاؤه، فينطبق الحكم عليه قهرا.

أما صرفها في تعميره مع الاحتياج، فلأولويتها عرفا إن لم يوجد متبرع بما يحتاج إليه و إلّا فالظاهر جواز صرفها حينئذ في مسجد آخر. و أما صرفها في مسجد آخر مع عدم الاحتياج، فلأنّه أقرب إلى الوقف، و لدوران الأمر بين التعطيل و البيع و الصرف في مسجد آخر و الأخير هو المتعيّن و لا أقلّ من احتماله. نعم، لو احتاج المسجد إلى تبديل آلاته بشي‏ء آخر يحتاج إليه، فالظاهر تقدمه على الصرف في المسجد الآخر.

لأنّه حينئذ من إحدى موارد جواز بيع الوقف و يأتي تفصيله في كتاب البيع و الوقف إن شاء اللّه تعالى.

بضرورة المذهب إن لم تكن من الدّين، و في النبويّ «جنّبوا مساجدكم النجاسة»٦.

و في الخبر۷: «تعاهدوا نعالكم عند أبواب المساجد».

إجماعا، و لقوله تعالى‏ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ‏۸.

بضميمة عدم الفصل بين المشرك و غيره من النجاسات و المسجد الحرام و غيره من سائر المساجد.

لظهور الإجماع على الفورية، و تقدم في [مسألة ۲] من كتاب الطهارة (فصل يشترط في صحة الصلاة) ما يتعلق بالمقام، فراجع.

لدوران الأمر حينئذ بين الإتيان بما هو فوريّ و ما هو موسع و لا ريب في لزوم تقديم الأول، لكونه أهمّ.

لأهمية الصلاة حينئذ من الإزالة إجماعا.

أما الإثم، فلترك الواجب عمدا. و أما صحة الصلاة، فلما ثبت في محلّه من أنّ الأمر بالشي‏ء لا يقتضي النّهي عن ضده.

لعدم منافاة إتمام الصلاة للفورية العرفية كما هو الغالب في نوع الصلوات.

بل لا يجوز مع عدم المنافاة للفورية العرفية و تقدم منه (رحمه اللّه) الفتوى بعدم الجواز في مسألة من (فصل يشترط في صحة الصلاة) و يأتي منه‏ (رحمه اللّه) استظهار عدم الجواز في فصل عدم جواز قطع الفريضة [مسألة ۲].

تقدم وجهه في [مسألة ۲] من فصل يشترط في صحة الصلاة من كتاب الطهارة فراجع.

لعدم القدرة التي تعتبر في التكليف مطلقا، و تقدم ما يتعلق بوجوب الاعلام في كتاب الطهارة فراجع.

لأنّ العذر الشرعي كالعقلي، و لكن تجب المبادرة مهما أمكن.

لعمومات بدلية التيمم عن الطهارة المائية الشاملة للمقام أيضا و لا مانع في البين إلّا دعوى أن دليل فورية الإزالة إنما هو الإجماع و المتيقن فيه غير المقام مع الشك في شمول دليل البدلية له. و الأول مردود لعموم معقده.

و الثاني لعموم دليلها. هذا إذا كان زمان التيمم أقصر من زمان الغسل. و أما إذا كان مساويا أو كان زمان الغسل أقصر يجب الغسل و الإزالة فورا. و تقدم في أحكام النجاسات ما له نفع في المقام فراجع.

(مسألة ۱): يجوز أن يتخذ الكنيف و نحوه من الأمكنة التي عليها البول و العذرة و نحوهما مسجدا (۷۱)، بأن يطمّ و يلقى عليها التراب النظيف.و لا تضرّ نجاسة الباطن في هذه الصورة (۷۲) لكن الأحوط إزالة النجاسة أولا، أو جعل المسجد خصوص المقدار الطاهر من الظاهر (۷٤).

إجماعا، و نصوصا:

منها: خبر الحلبي قال لأبي عبد اللّه (عليه السلام): «يصلح المكان الذي‏ كان حشا زمانا أن ينظف و يتخذ مسجدا؟ فقال: نعم، إذا ألقى عليه من التراب ما يواريه فإنّ ذلك ينظفه و يطهره»۹. و إطلاقه يشمل صورة بقاء عين النجاسة في الباطن، فيكون المراد بالتنظيف و التطهير بالنسبة إلى الظاهر فقط، و في مرسل الصدوق: «سئل أبو الحسن الأول (عليه السلام) عن بيت قد كان حشا زمانا هل يصلح أن يجعل مسجدا؟ فقال: إذا نظّف و أصلح فلا بأس»۱۰.

و يمكن أن يستفاد منه وجوب التطهير أولا ثمَّ بناء المسجد، و عن أبي الجارود قال: «سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن المكان يكون خبيثا ثمَّ ينظف و يجعل مسجدا؟ قال: يطرح عليه من التراب حتّى يواريه، فهو أطهر»۱۱.

و عن محمد بن مضارب عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «لا بأس بأن يجعل على العذرة مسجدا»۱۲.

و عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد (عليه السلام): «أنّه سئل أ يصلح مكان حش أن يتخذ مسجدا؟ فقال: إذا ألقي عليه من التراب ما يواري ذلك و يقطع ريحه فلا بأس، و ذلك لأنّ التراب يطهره و به مضت السنة»۱۳.

و عن ابن سنان عنه (عليه السلام) أيضا: «عن المكان يكون حشا زمانا فينظّف و يتخذ مسجدا، فقال (عليه السلام): ألق عليه من التراب حتّى يتوارى فإنّ ذلك يطهره إن شاء اللّه»۱4.

و ظهور إطلاق هذه الأخبار في المدعى مما لا ينكر.

و أشكل عليه تارة: بأنّ المراد بالتنظيف في كلام السائل إنّما هو التطهير الاصطلاحي، و كذا المراد بالإصلاح في خبر عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام): «سألته عن بيت كان حشا زمانا هل يصلح أن يجعل مسجدا؟ قال (عليه السلام): إذا نظّف و أصلح فلا بأس»۱٥.

و أخرى: بأنّه يمكن أن يكون ذلك بعد تحقق الاستحالة فتطهر حينئذ لا محالة.

و ثالثة: أنّه يمكن أن يكون المراد جعل المسجد خصوص السطح الظاهر من التراب دون الجميع.

و فيه: أنّ جميع ذلك خلاف ظهور الإطلاق، كما لا يخفى، و كلّ ذلك من التشكيك الموهوم، بل قد نسب إلى الأردبيلي (قدّس سرّه) عدم حرمة تنجيس باطن المسجد.

و قد يقال: بأنّ ما يدل على حرمة تنجيس المسجد إنّما هو فيما إذا عرضت النجاسة على المسجد، فلا يشمل العكس، و حينئذ يكفينا في المقام نفس الإطلاقات الأولية المرغبة إلى اتخاذ المسجد من دون حاجة إلى دليل خاص فوردت الأدلة الخاصة مطابقة للقاعدة لا مخالفة لها و هو حسن لا بأس به.

لما تقدم من النصوص.

للإطلاق، و الاتفاق الدال على الحرمة.

ظهر مما تقدم وجه الاحتياط.

(الرابع): لا يجوز إخراج الحصى منه (۷٥) و إن فعل رده إلى‏ ذلك المسجد أو مسجد آخر (۷٦)، نعم، لا بأس بإخراج التراب الزائد المجتمع بالكنس أو نحوه (۷۷). (الخامس): لا يجوز دفن الميت في المسجد إذا لم يكن مأمونا من التلويث، بل مطلقا على الأحوط (۷۸). (السادس): يستحب سبق الناس في الدخول إلى المساجد، و التأخّر عنهم في الخروج منها (۷۹). (السابع): يستحب الإسراج فيه (۸۰)، و كنسه (۸۱)، و الابتداء في دخوله بالرجل اليمنى و في الخروج باليسرى (۸۲)، و أن يتعاهد نعله (۸۳) تحفظا عن تنجيسه، و أن يستقبل القبلة و يدعو، و يحمد اللّه، و يصلّي على النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله)، و أن يكون على طهارة (۸٤). (الثامن): يستحب صلاة التحية بعد الدخول، و هي ركعتان (۸٥)، و يجزي عنها الصلوات الواجبة أو المستحبة (۸٦). (التاسع): يستحب التطيب و لبس الثياب الفاخرة عند التوجه إلى المسجد (۸۷). (العاشر): يستحب جعل المطهرة على باب المسجد (۸۸). (الحادي عشر): يكره تعلية جدران المسجد (۸۹)، و رفع المنارة على السطح (۹۰)، و نقشها بالصور (۹۱) غير ذوات الأرواح، و أن يجعل لجدرانها شرفا (۹۲) و أن يجعل لها محاريب داخلة (۹۳). (الثاني عشر): يكره استطراق المساجد (۹٤) إلا أن يصلّي فيها ركعتين، و كذا إلقاء النخامة و النخاعة (۹٥) و النوم إلّا لضرورة (۹٦)، و رفع الصوت إلا في الأذان و نحوه (۹۷)، و إنشاد الضالة (۹۸) و خذف‏ الحصى (۹۹)، و قراءة الأشعار (۱۰۰) غير المواعظ و نحوها، و البيع‏ و الشراء (۱۰۱) و التكلّم في أمور الدنيا (۱۰۲)، و قتل القمّل (۱۰۳)، و إقامة الحدود و اتخاذها محلا للقضاء (۱۰٤)، و المرافعة، و سلّ السيف و تعليقه في القبلة (۱۰٥)، و دخول من أكل البصل و الثوم و نحوهما مما له رائحة تؤذي الناس (۱۰٦) و تمكين‏ الأطفال و المجانين من الدخول فيها (۱۰۷)، و عمل الصنائع (۱۰۸)، و كشف العورة و السرّة و الفخذ و الركبة (۱۰۹)، و إخراج الريح (۱۱۰).

الحصى إما جزء من الوقف، أو أتي بها في المسجد لغرض كالسجود عليه مثلا، أو من القمامة، أو مشكوك في أنّها من أي الأقسام.

و الأول‏ حكمها حكم سائر أجزاء الوقف، فلا يجوز أخذها و إخراجها من المسجد، لأدلّة حرمة التصرّف في الوقف و يجب ردّها إليه إلّا مع استغنائه‏ عنها، فيرد إلى مسجد آخر، كما تقدم.

و أما الثاني: فإن أحرز أنّها وقفت لمسجد خاص فحكمها حكم القسم الأول، و إن لم يحرز ذلك بل علم أنّها وقفت للسجود عليها في المسجد مطلقا و كان وضعها في مسجد خاص من باب إحدى المصاديق، فلا ريب في عدم جواز أخذها لفرض كونها وقفا و إن أخذت يجب ردها إلى محلها أو مسجد آخر، لفرض كونها وقفت للوضع في المسجد- أي مسجد كان- و الظاهر أنّ هذا القسم هو مراد الفقهاء من تعرضهم لهذا الفرع.

و أما الثالث: فلا ريب في استحباب إخراجها للنصوص الدالة على استحباب إخراج القمامة من المسجد، كما يأتي.

و أما الرابع: فمقتضى الأصل جواز إخراجها و عدم وجوب ردها إن لم تكن قرينة في البين على أنّها من أحد الأولين.

و هناك قسم خامس و هو ما إذا علم أنّها ليست من القسم الأول، بل وقفت للسجود عليها في المسجد، و لكن ترددت بين كونها وقفت لمسجد خاص أو لمطلق المساجد، و مقتضى الأصل عدم وجوب الرد إلى المسجد الأول لو لم تكن قرينة على الخلاف، و يجوز الوضع في مسجد آخر. فلا يجوز أخذه، للوقفية، و يجوز الوضع في أي مسجد شاء لأصالة البراءة هذا حكم المسألة بحسب الأصول العملية.

و أما الأخبار: فمنها: خبر الشحام قال: «قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): أخرج من المسجد حصاة؟ قال (عليه السلام): فردها أو اطرحها في مسجد»۱٦.

و يمكن تطبيقها على القسم الأخير.

و منها: خبر معاوية بن عمار: «قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): إنّي أخذت سكا من سك المقام و ترابا من تراب البيت و سبع حصيات، فقال‏ (عليه السلام): بئس ما صنعت، أما التراب و الحصى فرده»۱۷.

و يمكن كونه من القسم الأول فلا ربط له بالمقام.

و منها: خبر محمد بن مسلم قال: «سمعت أبا عبد اللّه (عليه السلام):

يقول لا ينبغي لأحد أن يأخذ من تربة ما حول الكعبة، و إن أخذ من ذلك شيئا ردّه»۱۸.

و لا يمكن التمسك به للوجوب، لأنّ لفظ لا ينبغي أعمّ منه.

و منها: خبر وهب عن جعفر عن أبيه (عليه السلام) قال: «إذا أخرج أحدكم الحصاة من المسجد فليردها مكانها أو في مسجد آخر فإنّها تسبّح»۱۹.

و هو قاصر سندا و دلالة بقرينة التعليل عن إفادة الوجوب، و لذا ذهب جمع من الفقهاء إلى استحباب الرد إلّا في مورد اقتضت القاعدة ردها.

ظهر مما تقدم أنّ إطلاقه ممنوع كإطلاق ما مرّ من الأخبار.

إجماعا و نصّا، ففي خبر سلام بن غانم عن الصادق عن آبائه (عليهم السلام) أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) قال: «من قمّ مسجدا كتب اللّه له عتق رقبة، و من أخرج منه ما يقذي عينا كتب اللّه عزّ و جل له كفلين من رحمته»۲۰.

و في خبر عبد الحميد عن أبي إبراهيم قال: «قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله): من كنس المسجد يوم الخميس ليلة الجمعة فأخرج منه من التراب ما يذرّ في العين غفر اللّه له»۲۱.

و مراده (قدّس سرّه) بعدم البأس نفي الحرمة لا الجواز بالمعنى الأخص.

استدل عليه تارة: بأنّ تنجيس باطن المسجد كظاهره حرام، و الدفن مستلزم لانفساخ الميت و هو ملازم للتنجيس.

و فيه: أنّه أعم من المدّعى إذ ربّ ميت لا ينفسخ، و مع الشك فمقتضى الأصل عدمه.

و أخرى: بالإجماع. و فيه: أنّ بلوغ الفتاوى حدّ الإجماع مشكل، بل ممنوع، كما في الجواهر.

و ثالثة: بأنّه إشغال للمسجد بما لم يوضع له. و فيه: أنّه عين المدّعى، مع أنّ الدفن لا يلازم إشغال الناس عن العبادة، و على فرضه يقيد بعدم ذلك.

و رابعة: بالسيرة بين الإمامية، بل المسلمين على عدم الدفن، مع أنّ فتوى جمع من أعيان الفقهاء و إرسالهم (قدّس سرّهم) له إرسال المسلّمات الفقهية، و فيهم من لا يعمل إلّا بالقطعيات و حكي عن النهاية- الذي هو متون الأخبار- مما يوجب الاطمئنان بالحكم و الظاهر أنّ السيرة في سائر الملل أيضا كذلك فلا يدفنون موتاهم في معابدهم.

و أما ما ورد في دفن الصديقة الطاهرة (عليها السلام) في المسجد و الأنبياء (عليهم السلام) بين الركن و المقام، و بنات إسماعيل (عليه السلام) في الحجر، فذلك كلّه قضية في واقعة لا وجه للتمسك بها لإجمالها، مع أنّ دفن الصديقة الطاهرة لم يثبت كونه في المسجد، و ما ورد في بعض الأخبار من دفن جمع من الأنبياء بين الركن و المقام و دفن بنات إسماعيل لم يثبت كونه بعد المسجدية، إذ من الممكن عروض المسجدية بعد الدفن، مع أنّه لا وجه لقياس الناس بالمعصوم (عليه السلام) و إسماعيل و آله الذين كانوا سدنة البيت الحرام، و كم فرق بين من هو منزّه عن الآثام و الأدناس، و بين سواد الناس، فلا وجه للقياس.

ثمَّ إنّ مقتضى إطلاق جملة من الكلمات عدم الجواز و لو مع الأمن من التلويث، و منه يظهر وجه الاحتياط.

فروع- (الأول): لو جعل محلا خارجا عن المسجد حين وقف المسجد لا بأس بالدفن فيه، في أيّ مكان من المسجد كان ذلك المحلّ، كما إنّه لو جعل السطح الظاهر من الأرض مسجدا دون باطنها، فالظاهر جواز الدفن في باطنها.

(الثاني): لا فرق فيما ذكر بين أن يجعل للمدفون أثر ظاهر من علامة قبر أو لا، كما تشمل السراديب المصنوعة تحت الأرض لوضع الأموات فيها. نعم، لا بأس بعروض المسجدية على القبر حتّى مع العلامة البارزة و كون الميت قد دفن جديدا، لصحة دعوى الانصراف عنه، و لا فرق في ما مرّ بين المساجد المعمورة و المخروبة.

(الثالث): لو دفن في المسجد عمدا أثم و وجب النبش، و كذا يجب النبش في صورة الجهل و النسيان ما دام البدن باقيا، لحرمة الإحداث و الإبقاء، ما لم يلزم الهتك فلا يجب حينئذ، لأنّ المتيقن من الأدلة غير هذه الصورة، و الأحوط أنّ حكم أعضاء البدن كتمامه.

(الرابع): لو اشترط واقف المسجد أن يدفن في المسجد يشكل صحة الشرط من جهة المخالفة للسنة، إلّا أن يقال بأنّ المتيقن من الحرمة غير هذه الصورة.

(الخامس): لو شك في موضع أنّه مسجد أو لا، مقتضى الأصل جواز الدفن فيه إن لم يكن أصل موضوعي في البين يدل على كونه مسجدا.

لما في الخبر المروي في الفقيه قال أمير المؤمنين (عليه السلام):

«جاء أعرابي إلى النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) فسأله عن شر بقاع الأرض و خير بقاع الأرض فقال له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله): شرّ بقاع الأرض الأسواق- إلى أن قال:- و خير البقاع المساجد، و أحبّهم إلى اللّه أولهم دخولا، و آخرهم خروجا منها»۲۲.

و قريب منه خبر جابر عن أبي جعفر (عليه السلام)۲۳.

لقول النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله): «من أسرج في مسجد من مساجد اللّه سراجا لم تزل الملائكة و حملة العرش يستغفرون له ما دام في ذلك المسجد ضوء من ذلك السراج»۲4.

و مقتضى الإطلاق عدم الفرق بين ما إذا كان المسجد معمورا أو لا، لأنّه توقير للمسجد و تعظيم له، كما لا فرق بين ما إذا كان الإسراج لدفع الظلمة أو لتعظيم الشعائر.

لخبر سلام بن غانم عن آبائه (عليهم السلام) أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) قال: «من قمّ مسجدا كتب اللّه له عتق رقبة و من أخرج منه ما يقذي عينا كتب اللّه عزّ و جل له كفلين من رحمته»۲٥.

لقوله (عليه السلام): «الفضل في دخول المسجد أن تبدأ برجلك‏ اليمنى إذا دخلت و باليسرى إذا خرجت»۲٦.

لخبر ابن القداح عن جعفر بن محمد (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام) قال: «قال النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله): تعاهدوا نعالكم عند أبواب مساجدكم»۲۷.

و قد فسّر قوله تعالى‏ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ بذلك أيضا۲۸.

لقول أبي جعفر (عليه السلام): في خبر العلاء بن الفضيل: «إذا دخلت المسجد و أنت تريد أن تجلس فلا تدخله إلّا طاهرا، و إذا دخلته فاستقبل القبلة ثمَّ أدع اللّه و سله و سمّ حين تدخله، و احمد اللّه و صلّ على النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله)۲۹.

مع أنّ كلّ ذلك مما قام إجماع الإمامية، بل المسلمين على استحبابه.

إجماعا و نصّا، ففي حديث أبي ذر قال: «دخلت على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و هو في المسجد جالس، فقال لي: يا أبا ذر إنّ للمسجد تحية، قلت: و ما تحيته؟ قال (صلّى اللّه عليه و آله): ركعتان تركعهما- الحديث-»۳۰.

لإطلاق ما مرّ من الخبر و ظهور تسالم الأصحاب عليه، و الظاهر أنّ ذكر الركعتين في الحديث من باب المثال فيجزي ركعة الوتر أداء و قضاء، كما يجزي أكثر منها كصلاة الظهر مثلا كذلك.

فروع- (الأول): لو دخل في المسجد و صلاة الجماعة قائمة يدخل في الجماعة و يجتزي بها عن التحية.

(الثاني): لو كان غافلا عن صلاة التحية و صلّى صلاة فريضة أو نافلة، فالظاهر تحقق التحية فليست متقوّمة بالقصد دائما.

(الثالث): الظاهر اعتبار الفورية العرفية فيها، فلو دخل المسجد و قرب إقامة صلاة الجماعة و صبر حتّى قامت فدخل فيها يجزي عن التحية ما لم يناف الفورية العرفية، و لكن لو تخلّل بين دخوله و الصلاة زمان معتد به، فالأولى قصد الرجاء إن أراد التحية.

(الرابع): يجوز إتيانها حال المشي، و يجوز إتيانها جالسا أو مركبا من الجلوس و القيام، أو مركبا من المشي و القيام و الجلوس، كما في سائر النوافل.

للنص و الإجماع، قال تعالى‏ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ۳۱.

و في خبر الحسين بن يزيد عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «إنّ عليّ بن الحسين (عليهما السلام) استقبله مولى له في ليلة باردة و عليه جبة خزّ و مطرف خزّ و عمامة خزّ و هو متغلف بالغالية، فقال له: جعلت فداك في مثل‏ هذه الساعة على هذه الهيئة إلى أين؟ قال: فقال: إلى مسجد جدّي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) أخطب الحور العين إلى اللّه عزّ و جل»۳۲.

و مثله غيره.

لقول النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) في خبر أبي إبراهيم: «قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)- في حديث- و اجعلوا مطاهركم على أبواب مساجدكم»۳۳.

و لأنّه أقرب إلى النظافة، و أن لا يدخله غير المتطهّر. هذا إذا كان المراد بالمطهرة محلّ الوضوء فقط. و أما إن كان المراد به محلّ البول فقط، أو بيت الخلاء، فيحرم أن يكون في داخل المسجد، لما مرّ من حرمة تنجيسه ظاهرا و باطنا، مع أنّه هتك لا يجوز من هذه الجهة أيضا، و كذا إن كان المراد خصوص محلّ الوضوء و كان جعله في داخل المسجد مستلزما لتنجس المسجد أو كان فيه ضرر بالنسبة إلى المسجد أو المصلّين فيه.

لما عن جمع من الأصحاب التصريح بها، و مخالفته للسنة الفعلية لأنّ حائط مسجد النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) قامة، و لمواظبة السلف على ذلك، و لما ورد من النهي عن رفع البناء أزيد من سبعة أذرع أو ثمانية، و أنّ الزائد مسكن الجنّ و الشياطين‏۳4، و يكفي ذلك في الكراهة القابلة للمسامحة.

لخبر السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام): «إنّ‏ عليّا (عليه السلام) مرّ على منارة طويلة فأمر بهدمها، ثمَّ قال: لا ترفع المنارة إلّا مع سطح المسجد»۳٥.

و لأنّه معرض للتطلع في الدور، و إطلاق الحديث يشمل هذه الأعصار التي لا يذهب أحد إلى فوق المنارة للأذان و غيره.

للخروج عن خلاف من حرّم النقش بالصور مطلقا، كالمحقق في الشرائع، و لإطلاق خبر ابن جميع قال: «سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن الصلاة في المساجد المصوّرة فقال: أكره ذلك، و لكن لا يضرّكم ذلك اليوم، و لو قد قام العدل لرأيتم كيف يصنع في ذلك»۳٦.

لما عن النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله): «ابنوا المساجد و اجعلوها جما»۳۷.

و عن عليّ (عليه السلام): «إنّ المساجد تبنى جما لا تشرف»۳۸.

و الشرف- بضمّ الشين و فتح الراء جمع شرفة بسكون الراء- مثلثات، أو مربعات تبنى في أعلى السور أو القصر، و يظهر مما روي عن عليّ (عليه السلام): «رأى مسجدا بالكوفة قد شرف، فقال: كأنّه بيعة»۳۹.

أنّ وجه الكراهة التشبّه و يمكن أن يكون ذلك من الحكمة لا العلة المنحصرة.

فروع- (الأول): الظاهر أنّ الشباك من الحديد أو الخشب أو غيرهما الذي يعمل على السطح، لعدم سقوط أحد ليس من الشرف المكروهة.

(الثاني): لو احتيج إليها لغرض صحيح، فمقتضى الإطلاق بقاء الكراهة إلّا أن يدّعى الانصراف عنه حينئذ.

(الثالث): مقتضى الأصل عدم الكراهة في غير المساجد من سائر الأماكن، و لو شك في كون شي‏ء من الشرف المكروه، فمقتضى الأصل عدم الكراهة.

نسب إلى المشهور، و مستندهم ما عن عليّ (عليه السلام) في خبر طلحة بن زيد: «أنّه كان يكسر المحاريب إذا رآها في المساجد و يقول: كأنّها مذابح اليهود».

و ما عن الجعفري: «إذا خرج القائم أمر بهدم المنار و المقاصير التي في المسجد».

و لا بد من حمل الخبر الأول على الأخير، لأنّ فعلهم و قولهم (عليهم السلام) واحد و هي حجرة خاصة تعمل لصلاة الإمام فيها تحفظا له عن اغتياله، فلا تشمل مثل المحاريب المكشوفة التي تكون في مسجد الكوفة، و كذا المحاريب البارزة التي تكون مثلها و لو كانت تحت السقف، أو في داخل الجدار. و المسألة بحسب القاعدة من موارد الأخذ بالقدر المتيقن و البراءة في غيره بعد إجمال الدليل و وجود القدر المتيقن فيه.

لقول النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) في خبر المناهي: «لا تجعلوا المساجد طرقا حتّى تصلّوا فيها ركعتين».

لحديث المناهي: «نهى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) عن التنخع في المساجد».

و عنه (صلّى اللّه عليه و آله): «إنّ المسجد لينزوي من النخامة كما تنزوي الجلدة من النار إذا انقبضت و اجتمعت»44.

و في مرسل الفقيه: «رأى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) نخامة في المسجد، فمشى إليها بعرجون من عراجين أرطاب فحكها، ثمَّ رجع القهقهرى، فبنى على صلاته».

على المشهور، و استدلوا بأنّه خلاف تعظيم المسجد و توقيره و معرض للحدث، و لما عن زيد الشحام: «قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام) قول اللّه عزّ و جل‏ لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَ أَنْتُمْ سُكارى‏ فقال: سكر النوم».

بناء على أنّ المراد المساجد التي هي مواضع الصلاة، و لأنّ المساجد وضعت للعبادة و هذا المقدار يكفي للكراهة بناء على المسامحة. و أما صحيح ابن وهب قال: «سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن النوم في المسجد الحرام، و مسجد الرسول (صلّى اللّه عليه و آله) قال: نعم، فأين ينام الناس».

و صحيح زرارة قال: «قلت لأبي جعفر (عليه السلام): ما تقول في النوم في المساجد؟ فقال: لا بأس إلّا في المسجدين مسجد النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) و المسجد الحرام قال: و كان يأخذ بيدي في بعض الليالي فيتنحّى ناحية ثمَ‏ يجلس فيتحدث في المسجد الحرام، فربما نام هو و نمت، فقلت له في ذلك، فقال: إنّما يكره أن ينام في المسجد الحرام الذي كان على عهد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، فأما في هذا الموضع فليس به بأس».

فترخيص لا ينافي الكراهة، مع إمكان الحمل على الضرورة و يمكن حمل الثاني على تأكد الكراهة في المسجد الحرام الذي كان على عهده (صلّى اللّه عليه و آله).

لوصية النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) لأبي ذر: «يا أبا ذر الكلمة الطيبة صدقة، و كلّ خطوة تخطوها إلى الصلاة صدقة، يا أبا ذر من أجاب داعي اللّه و أحسن عمارة مساجد اللّه كان ثوابه من اللّه الجنة، فقلت كيف يعمر مساجد اللّه؟ قال (صلّى اللّه عليه و آله): لا ترفع الأصوات فيها و لا يخاض فيها بالباطل و لا يشترى فيها و لا يباع، و اترك اللغو ما دمت فيها، فإن لم تفعل، فلا تلومنّ يوم القيامة إلّا نفسك».

و أما استثناء الأذان و نحوه، فللسيرة. و أما رفع الصوت بالصلوات، فللسيرة أيضا، و لإطلاق دليل رفع الصوت به الغير القابل للتقييد٥۰.

لحديث المناهي قال: «نهى رسول اللّه أن ينشد الشعر، أو تنشد الضّالة في المسجدة»٥۱.

و في مرسل الفقيه: «سمع النبي (صلّى اللّه عليه و آله) رجلا ينشد ضالة في المسجد فقال: قولوا له: لا راد اللّه عليك، فإنّها لغير هذا بنيت‏٥۲.

و يستفاد من التعليل أمور كثيرة كما لا يخفى، و عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) في مرسل الفقيه: «جنبوا مساجدكم صبيانكم و مجانينكم، و رفع أصواتكم، و شراءكم، و بيعكم، و الضالة و الحدود و الأحكام»٥۳.

و مثله غيره.

لما رواه السكوني عن جعفر، عن آبائه (عليهم السلام): «أنّ النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) بصر رجلا يخذف بحصاة في المسجد، فقال: ما زالت تلعن حتّى وقعت ثمَّ قال: الخذف في النادي من أخلاق قوم لوط ثمَّ تلا:

وَ تَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ. قال: هو الخذف» [۱]٥4.

لقول النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله): «من سمعتموه ينشد الشعر في المسجد فقولوا: فضّ اللّه فاك إنّما نصبت المساجد للقرآن»٥٥.

و أما استثناء المواعظ و نحوها، فللسيرة، و يدل عليه صحيح ابن يقطين أنّه «سأل أبا الحسن (عليه السلام) عن إنشاد الشعر في الطواف، فقال (عليه السلام): ما كان من الشعر لا بأس به منه فلا بأس»٥٦.

و عن ابن جعفر عن أخيه (عليه السلام): «سألته عن الشعر يصلح أن ينشد في المسجد؟ فقال (عليه السلام): لا بأس»٥۷.

المحمول على ما فيه غرض شرعي أو عرفي، و في صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام): «بينا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) ذات يوم بفناء الكعبة إذا أقبل عليه وفد فسلّموا عليه. فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله): من القوم؟ قالوا: وفد بكر بن وائل، فقال (صلّى اللّه عليه و آله): و هل عندكم علم من خبر قس بن ساعدة الأيادي؟- إلى أن قال (صلّى اللّه عليه و آله):- هل فيكم من يحسن شعره؟ فقال بعضهم: سمعته يقول:

في الأولين الذاهبين‏ من القرون لنا بصائر
لما رأيت مواردا للموت‏ ليس لها مصادر
و رأيت قومي نحوها تمضي الأصاغر و الأكابر
لا يرجع الماضي إليّ و لا من الباقين غابر
أيقنت أنّي لا محالة حيث‏ صار القوم صائر

– الحديث‏٥۸.

و عن الصادق (عليه السلام) «جاءت فاطمة (عليها السلام) إلى سارية في المسجد و هي تقول و تخاطب النبي (صلّى اللّه عليه و آله):

قد كان بعدك إنباء و هنبثة لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب‏
إنّا فقدناك فقد الأرض وابلها و اختل قومك فاشهدهم و لم تغب‏

– الحديث-»٥۹.

و لو أردنا أن نذكر الأشعار التي أنشدها الأئمة (عليهم السلام) في المسجد أو أنشد لديهم فيها لطال المقال و لم يسع المجال.

لما تقدم في قول الصادق: «و شرائكم».

للمرسل: «يأتي في آخر الزمان قوم يأتون المساجد، فيقعدون‏ حلقا ذكرهم الدنيا و حب الدنيا لا تجالسوهم، فليس للّه فيهم حاجة»٦۰.

لأنّه خلاف التوقير و موجب للتنفير، و في صحيح ابن مسلم:

«كان أبو جعفر (عليه السلام) إذا وجد قملة في المسجد دفنها في الحصى»٦۱.

لما تقدم من قول أبي عبد اللّه (عليه السلام): «و الضالة و الحدود و الأحكام».

و المراد بالأحكام القضاء و المرافعة.

لما في الصحيح عن أحدهما (عليهما السلام): «نهى رسول اللّه عن سلّ السيف في المسجد و عن بري النبل في المسجد قال: إنّما بني لغير ذلك»٦۲.

و عن ابن جعفر عن أخيه (عليه السلام) قال: «سألته عن السيف هل يصلح أن يعلق في المسجد؟ فقال: أما في القبلة فلا، و أما في جانب فلا بأس»٦۳.

لحديث الأربعمائة عن عليّ (عليه السلام) قال: «من أكل شيئا من المؤذيات ريحها فلا يقربنّ المسجد»٦4.

و قد ورد في الثوم روايات أخر٦٥.

لما تقدم في قول أبي عبد اللّه (عليه السلام): «جنبوا صبيانكم و مجانينكم مساجدكم».

لصحيح ابن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) قال: «نهى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) عن سلّ السيف في المسجد و عن بري النبل في المسجد قال: إنّما بني لغير ذلك».

و من التعليل يستفاد التعميم لكلّ صنعة و عدم الاختصاص ببري النبل.

لما ورد عن أبي عبد اللّه (عليه السلام): «كشف السرة و الفخذ و الركبة في المسجد من العورة»٦٦.

و الظاهر عدم الفرق بين وجود الناظر و عدمه. و أما كشف العورة، فمع وجود الناظر المحترم تحرم و مع العدم تكره.

لأنّه خلاف التوقير، مع أنّه لا يقصر عن أرياح الفم المؤذية كالثوم و البصل و نحوهما، و بقيت مكروهات أخر من أرادها فليراجع المطوّلات وفقنا اللّه تعالى للعمل بذلك إذ العلم لا أثر له إلّا مع الاقتران بالعمل. ثمَّ إنّ ما تقدم من النواهي محمولة على الكراهة جمعا و إجماعا.

فروع- (الأول): الظاهر كراهة غير البيع و الشراء من سائر المعاوضات، لقوله (صلّى اللّه عليه و آله) فيما تقدم: «إنّما بني لغير ذلك»، و قوله (صلّى اللّه عليه و آله) فيما سبق أيضا: «إنّما صنع المساجد للقرآن».

(الثاني): كراهة تمكين الصبيان إنّما هو فيما إذا لم يكونوا مؤدبين بآداب‏ الشرع. كما هو الغالب- و إلّا فالظاهر عدم الكراهة، بل الظاهر رجحان تمرينهم على المساجد.

(الثالث): الظاهر أنّ كراهة القضاوة إنّما هو فيما إذا استلزمت الخصومة و رفع الصوت كما هو الغالب في المتخاصمين. و أما مجرد الحكم فقط مع عدم الخصومة في البين و عدم رفع الصوت، فلا كراهة فيه، لأنّه نحو عبادة، و يشهد له المقام المعروف لأمير المؤمنين (عليه السلام) المشهور بدكة القضاء في مسجد الكوفة.

(الرابع): لا فرق في كراهة دخول من أكل البصل و الثوم في المسجد بين أن يكون فيه أحد أو لا، لإطلاق بعض الأخبار٦۷.

(الخامس): يظهر من بعض الأخبار أنّ نفس الجلوس في المسجد مستحب و لو من دون الاشتغال بشي‏ء من الصلاة و القرآن و الذكر و الدعاء، كقول النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «من كان القرآن حديثه و المسجد بيته بنى اللّه له بيتا في الجنة»٦۸.

و قول عليّ (عليه السلام): «الجلسة في الجامع خير لي من الجلسة في الجنة، لأنّ الجنة فيها رضى نفسي و الجامع فيها رضى ربّي»٦۹.

(مسألة ۲): صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد (۱۱۱).

تقدم ما يدل عليه في [مسألة ٤] من الفصل السابق فراجع.

(مسألة ۳): الأفضل للرجال إتيان النوافل في المنازل و الفرائض في المساجد (۱۱۲).

لقول أبي عبد اللّه (عليه السلام): «كلّ ما فرض اللّه (عزّ و جل) عليك فإعلانه أفضل من أسراره و كلّ ما كان تطوعا فإسراره أفضل من إعلانه»۷۰.

و عنه (عليه السلام) أيضا: «و اللّه العبادة في السر أفضل منها في العلانية»۷۱.

و عن النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله): «أعظم العبادة أجرا أخفاها»۷۲.

و تقيد مثل هذه الأخبار بالخبر الأول و يدل على ذلك روايات أخرى‏۷۳، و يشهد له الاعتبار أيضا، لأنّ الشيطان مكّار و قلّ من يأتي بالمندوبات في الجلاء أن لا يخالج نفسه الرياء إلّا مع عصمة اللّه تعالى و اللّه العالم.

و الحمد للّه ربّ العالمين.

  1. سنن البيهقي ج ۲ صفحة: 4۳۹.
  2. سنن البيهقي ج ۲ صفحة: 4۳۹.
  3. الوسائل باب: ۹ من أبواب أحكام المساجد حديث: 4.
  4. الوسائل باب: ۳۰ من أبواب لباس المصلّي حديث: ٥.
  5. الوسائل باب: ۱٥ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۱.
  6. الوسائل باب: ۲4 من أبواب أحكام المساجد حديث: ۲.
  7. الوسائل باب: ۲4 من أبواب أحكام المساجد حديث: ۳.
  8. سورة التوبة: ۲۸.
  9. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۱.
  10. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۲.
  11. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۳.
  12. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب أحكام المساجد حديث: ٦.
  13. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب أحكام المساجد حديث: ٥.
  14. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب أحكام المساجد حديث: 4.
  15. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۷
  16. الوسائل باب: ۲٦ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۳.
  17. الوسائل باب: ۲٦ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۲.
  18. الوسائل باب: ۲٦ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۱.
  19. الوسائل باب: ۲٦ من أبواب أحكام المساجد حديث: 4.
  20. الوسائل باب: ۳۲ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۲.
  21. الوسائل باب: ۳۲ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۱.
  22. الوسائل باب: ٦۸ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۱.
  23. الوسائل باب: ٦۸ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۲.
  24. الوسائل باب: ۳4 من أبواب أحكام المساجد حديث: ۱.
  25. الوسائل باب: ۳۲ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۲.
  26. الوسائل باب: 4۰ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۲.
  27. الوسائل باب: ۲4 من أبواب أحكام المساجد حديث: ۱.
  28. الوسائل باب: ۲4 من أبواب أحكام المساجد حديث: ۳.
  29. الوسائل باب: ۳۹ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۲
  30. الوسائل باب: 4۲ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۱.
  31. سورة الأعراف: ۳۱.
  32. الوسائل باب: ۲۳ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۱.
  33. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۳.
  34. الوسائل باب: ٥ من أبواب المساكن.
  35. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۲.
  36. الوسائل باب: ۱٥ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۱.
  37. الوسائل باب: ۱٥ من أبواب أحكام المساجد حديث: ٥
  38. الوسائل باب: ۱٥ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۲.
  39. الوسائل باب: ۱٥ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۲.
  40. الوسائل باب: ۳۱ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۲.
  41. مستدرك الوسائل باب: ۳۳ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۱.
  42. الوسائل باب: ٦۷ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۱.
  43. الوسائل باب: ۲۰ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۳.
  44. الوسائل باب: ۲۰ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۳.
  45. الوسائل باب: ۳٦ من أبواب قواطع الصلاة حديث: ۱.
  46. الوسائل باب: ۳٥ من أبواب قواطع الصلاة حديث: ۱.
  47. الوسائل باب: ۱۸ من أبواب المساجد حديث: ۱.
  48. الوسائل باب: ۱۸ من أبواب المساجد حديث: ۱.
  49. الوسائل باب: ۲۷ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۳.
  50. راجع الوسائل باب: ۳۹ من أبواب الذكر.
  51. الوسائل باب: ۲۸ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۳.
  52. الوسائل باب: ۲۸ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۲.
  53. الوسائل باب: ۲۷ من أبواب أحكام المساجد حديث: 4.
  54. الوسائل باب: ۳٦ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۱.
  55. الوسائل باب: ۱4 من أبواب أحكام المساجد حديث: ۱.
  56. الوسائل باب: ٥4 من أبواب الطواف حديث: ۱.
  57. الوسائل باب: ۱4 من أبواب أحكام المساجد حديث: ۲.
  58. البحار ج ۱۰ ص ٥٥ من الطبعة الحجرية.
  59. البحار ج ۱۰ ص ٥٥ من الطبعة الحجرية.
  60. الوسائل باب: ۱4 من أبواب أحكام المساجد حديث: 4.
  61. الوسائل باب: ۲۰ من أبواب قواطع الصلاة حديث: 4.
  62. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۱.
  63. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۲.
  64. الوسائل باب: ۲۲ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۹.
  65. الوسائل باب: ۲۲ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۳.
  66. الوسائل باب: ۳۷ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۱.
  67. راجع الوسائل باب: ۲۲ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۲.
  68. الوسائل باب: ۳ من أبواب أحكام المساجد حديث: ۲.
  69. الوسائل باب: ۳ من أبواب أحكام المساجد حديث: ٦.
  70. الوسائل باب: ٥4 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۱
  71. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب مقدمة العبادات حديث: ۲.
  72. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب مقدمة العبادات حديث: ۸.
  73. الوسائل باب: ٦۹ من أبواب أحكام المساجد.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"