1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. کتاب الصلاة
  10. /
  11. فصل في أحكام الخلل في القبلة
(مسألة ۱): لو أخلّ بالاستقبال عالما عامدا بطلت صلاته مطلقا (۱). و إن أخلّ بها جاهلا- أو ناسيا، أو غافلا، أو مخطئا في اعتقاده، أو في ضيق الوقت- فإن كان منحرفا عنها إلى ما بين اليمين و اليسار، صحت صلاته (۲). و لو كان في الأثناء مضى ما تقدم و استقام‏ في الباقي (۳) من غير فرق بين بقاء الوقت و عدمه (٤)، لكن الأحوط الإعادة في غير المخطئ في اجتهاده مطلقا (٥). و إن كان منحرفا إلى‏ اليمين و اليسار، أو إلى الاستدبار، فإن كان مجتهدا مخطئا أعاد في الوقت دون خارجه (٦)، و إن كان الأحوط الإعادة مطلقا (۷)، لا سيما في صورة الاستدبار، بل لا ينبغي أن يترك في هذه الصورة (۸). و كذا إن كان في الأثناء (۹). و إن كان جاهلا أو ناسيا أو غافلا فالظاهر وجوب الإعادة في الوقت و خارجه (۱۰).

لأنّه لا معنى لوجوب شي‏ء إلّا أنّ تركه العمدي يوجب البطلان- شرطا كان أو جزءا- ما لم يدل دليل على الخلاف، مضافا إلى الإجماع و حديث «لا تعاد»۱، و يأتي في قاطعية الالتفات ما ينفع المقام.

للنص، و الشهرة، بل ادعى عليه الإجماع، ففي صحيحة عمار أنّه سأل الصادق (عليه السلام): «عن الرجل يقوم في الصلاة ثمَّ ينظر بعد ما فرغ، فيرى أنّه قد انحرف عن القبلة يمينا أو شمالا، فقال له: قد مضت صلاته و ما بين المشرق و المغرب قبلة»۲.

و عن عليّ (عليه السلام) أنّه كان يقول: «من صلّى على غير القبلة و هو يرى أنّه على القبلة ثمَّ عرف بعد ذلك، فلا إعادة عليه إذا كان فيما بين المشرق و المغرب»۳.

و قريب منهما غيرهما، و إطلاقهما يشمل الجاهل، و الناسي، و الغافل، و المخطئ في الاعتقاد. و هذه الأخبار في مقام التسهيل، و التيسير، و الامتنان، و توسعة القبلة بالنسبة إليهم، و هي معتبرة سندا و ظاهرة- بل صريحة- دلالة، فلا يعارضها إلّا ما كان أقوى منها من كلّ جهة. و معنى مضيّ الصلاة- و عدم الإعادة- سقوط الأمر مطلقا أداء، و قضاء كما هو المنساق منهما عرفا في جميع موارد استعمال هذه الجملة.

و بإزاء هذه الأخبار قسمان آخران من الأخبار:

الأول: خبر معمر بن يحيى قال: «سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن رجل صلّى على غير القبلة ثمَّ تبينت القبلة و قد دخل وقت صلاة أخرى، قال: يعيدها قبل أن يصلّي هذه التي قد دخل وقتها- الحديث-»4.

و فيه: أنّ ضعف سنده، و هجر الأصحاب عنه أسقطه عن الاعتبار، فيحمل على الندب، أو على صورة التعمد، أو على سائر المحامل.

الثاني: صحيح عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن الصادق (عليه السلام) قال: «إذا صلّيت و أنت على غير القبلة و استبان لك أنّك صلّيت و أنت على غير القبلة و أنت في وقت فأعد، و إن فاتك الوقت فلا تعد»٥.

و صحيح يعقوب بن يقطين قال: «سألت عبدا صالحا عن رجل صلّى في يوم سحاب على غير القبلة ثمَّ طلعت الشمس و هو في وقت أ يعيد الصلاة إذا كان صلّى على غير القبلة؟ و إن كان قد تحرّى القبلة بجهده أ تجزيه صلاته؟ فقال: يعيد ما كان في وقت، فإذا ذهب الوقت فلا إعادة عليه»٦.

و عن جمع الفتوى بمضمونهما و عن ابن إدريس دعوى نفي الخلاف.

و فيه: أنّ دعوى نفي الخلاف- فيما استقرت الشهرة على الخلاف- لا وجه له، و أقرب وجوه الجمع بينهما و بين مثل صحيح عمار حمل غير القبلة فيهما على الاستدبار، أو اليمين و اليسار و أما حمل المضيّ و نفي الإعادة في الأخبار السابقة على عدم القضاء و إن أمكن ثبوتا، لكنّه خلاف ظاهرها الواردة في مقام توسعة القبلة، و تسهيل الأمر على الأمة، فتكون لها نحو حكومة على سائر أخبار الباب، كما هو شأن جميع الأدلة الامتنانية، فلا وجه لما عن صاحب الحدائق من ذهابه إلى وجوب الإعادة، و عدم القضاء.

و المتحصل من مجموع الرّوايات الواردة في المقام أنّ القبلة إمّا الكعبة المشرّفة و هي للعامد الملتفت المختار و إمّا ما بين المشرق و المغرب و هي للجاهل و الناسي و المخطئ في الاجتهاد و التقليد و إمّا حيثما توجهت الدابة و هي للمسافر و هذا هو مقتضى الشريعة السهلة السمحاء التي افتخر بها نبينا الأعظم (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم).

للإجماع- كما عن المستند- و لدلالة الأخبار السابقة على الصحة في الأثناء بالفحوى، و لموثق عمار عن الصادق (عليه السلام) قال: «في رجل صلّى على غير القبلة، فيعلم و هو في الصلاة قبل أن يفرغ من صلاته، قال: إن كان متوجها فيما بين المشرق و المغرب، فليحوّل وجهه إلى القبلة ساعة يعلم، و إن كان متوجها إلى دبر القبلة، فليقطع الصلاة ثمَّ يحوّل وجهه إلى القبلة ثمَّ يفتتح الصلاة»۷.

و خبر ابن الوليد۸ قال: «سألته عن رجل تبيّن له و هو في الصلاة أنّه على غير القبلة، قال: يستقبلها إذا ثبت ذلك، و إن كان فرغ منها فلا يعيدها».

لإطلاق الأخبار الشامل للصورتين.

لأنّ المخطئ في الاجتهاد هو المتيقن من مجموع النصوص، و اقتصار جمع عليه بالخصوص، بل نسب ذلك إلى ظاهر الأصحاب، مع ظهور الإجماع على أنّ الجاهل المقصر مطلقا بمنزلة العامد إلّا ما خرج بالدليل، فشمول إطلاق أدلة المقام له مشكل. نعم، الظاهر ثبوت الإطلاق بالنسبة إلى الناسي، و الجاهل القاصر، و الغافل، لأنّ الحكم من التسهيليات الامتنانية، بل لا يبعد شموله للمقصر أيضا، جمودا على الإطلاق، فيخصص بها الإجماع الدال على أنّ المقصّر كالعامد لو تمَّ.

أما الإعادة في الوقت فلإطلاق أدلة الشرطية، و حديث «لا تعاد»۹ و قاعدة الاشتغال. و أمّا سقوط القضاء فلما تقدم من إطلاق صحيح يعقوب بن يقطين.

خروجا عن شبهة الخلاف و جمودا على إطلاق ما تقدم من خبر معمر بن يحيى غير الصالح للفتوى، لما مرّ من قصور السند، و إعراض الفقهاء و إن صلح للاحتياط.

نسب إلى المشهور وجوب القضاء في هذه الصورة، لما تقدم من خبر معمر بن يحيى، و لمرسل النهاية: «رويت رواية إنّه إذا كان صلّى إلى استدبار القبلة ثمَّ علم بعد خروج الوقت وجب عليه إعادة الصلاة»۱۰.

و لموثق عمار: «و إن كان متوجها إلى دبر القبلة فليقطع الصلاة، ثمَّ يحوّل وجهه إلى القبلة ثمَّ يفتح الصلاة»۱۱.

و فيه: أنّ قصور سند الأول مانع عن الاستناد إليه، مع أنّ الشيخ (قدّس سرّه) لم يعتمد على ما أرسله، و الأخير ظاهر في أثناء الصلاة لا بعدها، فلا ربط له بالمقام، و لكن فتوى الأجلاء بوجوب القضاء و نسبته إلى المشهور، و استنكار المتشرعة إجزاء الصلاة إلى دبر القبلة منشأ لتشديد الاحتياط.

لشمول جميع ما تقدم من الأدلة لهذه الصورة أيضا، بل يمكن دعوى الشمول بالأولوية، كما لا يخفى. و لو كان في ضيق الوقت و تبيّن الخطأ في أثناء الصلاة و كان بحيث لا يقدر على استيناف الصلاة إلى القبلة و لو بركعة فهل يستقيم في البقية و يتم الصلاة- لكونه بمنزلة خارج الوقت حيث لا يقدر على إتيان تمام الصلاة في الوقت فتصح و لا شي‏ء عليه، كما عن جمع منهم صاحب الجواهر، إمّا لأنّ مراعاة إدراك الوقت أولى من الاستقبال، فيكون من التبين في خارج الوقت، و إما لإمكان استفادة الصحة مما تقدم من النصوص في هذه الصورة- أو يقطع الصلاة و يستأنفها، لمنع كونه من التبين في خارج الوقت، و منع كون إدراك الوقت أولى من الاستقبال؟ قولان، و مقتضى عدم ثبوت الترجيح التخيير، لكن الاحتياط في الإتمام ثمَّ القضاء.

لإطلاق أدلة الاشتراط، و حديث «لا تعاد»۱۲ و قاعدة الاشتغال، و اختصاص جملة من الأخبار بالمخطئ في الاجتهاد مثل ما تقدم من خبر ابن يقطين. و صحيح ابن خالد قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): «الرجل يكون في قفر من الأرض في يوم غيم فيصلّي لغير القبلة ثمَّ يضحى فيعلم أنّه صلّى لغير القبلة، كيف يصنع؟ قال (عليه السلام): إن كان في وقت فليعد صلاته، و إن كان مضى الوقت فحسبه اجتهاده»۱۳.

و في صحيح الحلبي عنه (عليه السلام)- أيضا- في الأعمى يؤم القوم و هو على غير القبلة، قال (عليه السلام): «يعيد و لا يعيدون فإنّهم قد تحرّوا»۱4. و التحرّي: هو الاجتهاد. فتحمل المطلقات على هذه الأخبار، كصحيح زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): «إذا صلّيت على غير القبلة فاستبان لك قبل أن تصبح أنّك صلّيت على غير القبلة فأعد صلاتك»۱٥.

ثمَّ إنّ المراد بالمشرق و المغرب في قوله (عليه السلام): «ما بين المشرق و المغرب قبلة»۱٦ اليمين و اليسار، كما عبّر بهما الفقهاء (قدّس سرّهم)، و إلّا اختصت النصوص بمن تكون قبلته نقطة الجنوب أو الشمال.

(مسألة ۲): إذا ذبح أو نحر إلى غير القبلة عالما عامدا حرم المذبوح و المنحور. و إن كان ناسيا أو جاهلا أو لم يعرف جهة القبلة لا يكون حراما (۱۱). و كذا لو تعذر استقباله كأن يكون عاصيا أو واقعا في بئر أو نحو ذلك مما لا يمكن استقباله، فإنّه يذبحه و إن كان إلى غير القبلة (۱۲).

أمّا الحرمة في الأول فللنص و الإجماع، و إطلاق دليل الشرطية ففي صحيح محمد بن مسلم قال: «سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن ذبيحة ذبحت لغير القبلة، فقال: كل، لا بأس بذلك ما لم يتعمده»۱۷.

و نحوه صحيحا عليّ بن جعفر و الحلبي‏۱۸. و أما الحلية في صورة النسيان و الجهل و عدم معرفة جهة القبلة، فللإجماع و النص، ففي صحيح ابن مسلم «عن رجل ذبح ذبيحة فجهل أن يوجهها، قال كل منها، فقلت فإنّه لم يوجهها، قال: فلا تأكل منها- الحديث-»۱۹.

و المراد بالأخير عدم التوجيه عمدا. و لا فرق في الجهل بين القصور و التقصير في الحكم أو الموضوع، لظهور الإطلاق، مضافا إلى صحيح ابن مسلم المتقدم. و الظاهر أنّ ذكر الجهل من باب المثال، فيشمل النسيان و عدم معرفة جهة القبلة، و يشهد له خبر دعائم الإسلام الوارد في الذبح لغير القبلة: «أن كان خطأ أو نسي أو جهل فلا شي‏ء عليه و تؤكل ذبيحته»۲۰.

نصّا و إجماعا، ففي صحيح الحلبي: «في ثور تعاصى فابتدره قوم بأسيافهم و سموا فأتوا عليا (عليه السلام)، فقال: هذه ذكاة وحية، و لحمه حلال»۲۱.

و عن زرارة: «عن بعير تردى في بئر ذبح من قبل ذنبه فقال (عليه السلام): لا بأس إذا ذكر اسم اللّه تعالى عليه»۲۲.

و نحوهما غيرهما.

(مسألة ۳): لو ترك استقبال الميت وجب نبشه ما لم يتلاش و لم يوجب هتك حرمته، سواء كان عن عمد أو جهل أو نسيان، كما مرّ سابقا (۱۳).

لما تقدم في [مسألة ۷] من مكروهات الدفن، و أما في صور الاستثناء فلأهمية حرمة المؤمن و عدم إيذاء الناس من استقباله في القبر، أو لعدم الموضوع.

  1. الوسائل باب: ۹ من أبواب القبلة حديث: ۱.
  2. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب القبلة حديث: ۱.
  3. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب القبلة حديث: ٥.
  4. الوسائل باب: ۹ من أبواب القبلة حديث: ٥.
  5. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب المواقيت حديث: ۱.
  6. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب المواقيت حديث: ۲.
  7. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب القبلة حديث: 4.
  8. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب القبلة حديث: ۳.
  9. الوسائل باب: ۹ من أبواب القبلة حديث: ۱.
  10. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب القبلة حديث: ۱۰.
  11. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب القبلة حديث: 4.
  12. الوسائل باب: ۹ من أبواب القبلة حديث: ۱
  13. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب القبلة حديث: ٦.
  14. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب القبلة حديث: ۷.
  15. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب القبلة حديث: ۳.
  16. تقدم في صفحة: ۲۲۱.
  17. الوسائل باب: ۱4 من أبواب الذبائح حديث: 4.
  18. الوسائل باب: ۱4 من أبواب الذبائح حديث: ٥ و ۳.
  19. الوسائل باب: ۱4 من أبواب الذبائح حديث: ۲.
  20. مستدرك الوسائل باب: ۱۲ من أبواب الذبائح حديث: ۲.
  21. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الذبائح حديث: ۱.
  22. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الذبائح حديث: ٦.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"