1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. کتاب الحج
  10. /
  11. فصل و فيه مسائل
(مسألة ۱): من أحدث ما يوجب حدا، أو تعزيرا، أو قصاصا و لجأ إلى الحرم ضيّق عليه في المطعم، و المشرب، و المعاشرة حتّى يخرج، و لو أحدث في الحرم قوبل بما تقتضيه جنايته (۱).

إجماعا، و نصوصا، ففي صحيح ابن عمار قال: «سألت أبا عبد اللَّه عليه السّلام عن رجل قتل رجلا في الحل ثمَّ دخل الحرم، فقال عليه السّلام لا يقتل، و لا يطعم، و لا يسقى، و لا يبايع، و لا يؤذى حتى يخرج من الحرم فيقام عليه الحد، قلت: فما تقول في رجل قتل في الحرم أو سرق؟ قال عليه السّلام: يقام عليه الحد في الحرم صاغرا لأنه لم ير للحرم حرمة»۱ و في صحيح الحلبي قال: «سألته عن قول اللَّه عز و جل‏ وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً قال: إذا أحدث العبد في غير الحرم جناية ثمَّ فرّ إلى الحرم لم يسع لأحد أن يأخذه في الحرم و لكن يمنع من السوق و لا يبايع و لا يطعم و لا يسقى و لا يكلم فإنه إذا فعل ذلك يوشك أن يخرج فيؤخذ و إذا جنى في الحرم جناية أقيم عليه الحد في الحرم لأنه لم يرع للحرم حرمة»۲ إلى غير ذلك من الأخبار و لا بد من تقييدها بما ذكرناه بقرينة الإجماع.

و عن بعض الفقهاء (رحمهم اللَّه تعالى) إلحاق مسجد النبي صلّى اللَّه عليه و آله و مشاهد المعصومين عليهم السّلام و يأتي التفصيل في كتاب الحدود إن شاء اللَّه تعالى.

(مسألة ۲): يكره أن يمنع أحد الحجاج و المعتمرين من سكنى دور مكة (۲).

نصا، و إجماعا، لقوله تعالى‏ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَ الْبادِ۳ ففي خبر ابن جعفر عن أخيه موسى عليه السّلام: «ليس ينبغي لأهل مكة أن يمنعوا الحاج شيئا من الدور ينزلونها»4، و في صحيح ابن البختري: «ليس ينبغي لأهل مكة أن يجعلوا على دورهم أبوابا»٥ إلى غير ذلك من الأخبار.

أقول: يمكن أن يكون ذلك إرشادا إلى حسن المعاشرة و المرافقة معهم حيث أنهم وفود اللَّه و ضيوفه فلا يضايقوا عليهم في شي‏ء و ينزلونهم منزلة أحب ضيوف أنفسهم، و لا يستفاد من مثل هذه الأخبار حكم تكليفي و لا سلب احترام المال و العمل فلا وجه لما نسب إلى الشيخ رحمه اللَّه من الحرمة.

(مسألة ۳): يكره أن يرفع أحد بناء فوق الكعبة (۳).

لقول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح ابن مسلم: «لا ينبغي لأحد أن يرفع بناء فوق الكعبة»٦ و إطلاقه يشمل حتى المسجد، و الظاهر منه أنه نحو ملاحظة أدب ظاهري بالنسبة إليها، فما نسب إلى الشيخ من الحرمة لا وجه له.

فرع‏: لو كان ذات الأرض مرتفعا كالجبل و نحوه كما هو الغالب في مكة المكرمة، فالظاهر عدم شمول الحديث له.

(مسألة ٤): يتخير في لقطة الحرم- إن كان قيمتها درهما أو أزيد بعد الفحص و اليأس عن صاحبها- بين أمرين: التصدق بها أو إبقائها عنده و حفظها لصاحبها بخلاف لقطة غير الحرم فيتخير بعدهما بين أمور ثلاثة: التصدق، و الحفظ و التملّك (٤).

لما يأتي في كتاب اللقطة- إن شاء اللَّه تعالى- من تفصيل هذه المسألة و الفروع المتعلقة بها.

(مسألة ٥): إذا ترك الناس الحج أو زيارة النبي صلّى اللَّه عليه و آله كان على الوالي إجبار من تحصل به الكفاية منهم على ذلك. فان لم يكن لهم مال أنفق عليهم من بيت المال (٥).

لقول أبي عبد اللَّه عليه السّلام في الصحيح: «لو أن الناس تركوا زيارة النبي صلّى اللَّه عليه و آله لكان على الوالي أن يجبرهم على ذلك و على المقام عنده، فان لم يكن لهم مال أنفق عليهم من بيت مال المسلمين»۷ و حيث لا موضوع لمثل هذه الفروع في هذه الأزمان لازدحام المسلمين- رفع اللَّه تعالى شأنهم- بما لا يعد و لا يحصى فلا ينبغي التعرض لها بأكثر من ذلك و المهم بالبحث إنما هو التعرض لكيفية إدرانهم شرعا و عرفا.

(مسألة ٦): يستحب طواف وداع البيت لمن أراد الرجوع إلى أهله بنحو ما ورد في الأخبار (٦).

إجماعا، و نصوصا، منها قول الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «إذا أردت أن تخرج من مكة فتأتي أهلك فودع البيت و طف أسبوعا، و إن استطعت أن تستلم الحجر الأسود و الركن اليماني في كل شوط فافعل، و إلا فافتح به و اختم به، و إن لم تستطع ذلك فموسع عليك، ثمَّ تأتي المستجار، فتصنع عنده مثل ما صنعت يوم قدمت مكة، ثمَّ تخير لنفسك من الدعاء ثمَّ استلم الحجر الأسود، ثمَّ ألصق بطنك بالبيت و احمد اللَّه أثن عليه وصل على محمد و آله، ثمَّ قل: «اللّهم صل على محمد عبدك و رسولك و أمينك و حبيبك و نجيبك‏ و خيرتك من خلقك، اللّهم كما بلّغ رسالتك و جاهد في سبيلك و صدع بأمرك و أوذي فيك و في جنبك و عندك حتى أتاه اليقين، اللّهم اقلبني مفلحا منجحا مستجابا لي بأفضل ما يرجع به أحد من وفدك من المغفرة و البركة و الرضوان و العافية مما يسعني أن أطلب، أن تعطيني مثل الذي أعطيته أفضل من عبدك و تزيدني عليه، اللّهم إن أمتّني فاغفر لي، و إن أحييتني فارزقنيه من قابل، اللّهم لا تجعله آخر العهد من بيتك، اللّهم إني عبدك ابن عبدك و ابن أمتك، حملتني على دابتك و سيرتني في بلادك حتى أدخلتني حرمك و أمنك، و قد كان في حسن ظنّي بك أن تغفر لي ذنوبي، فإن كنت قد غفرت لي ذنوبي فازدد عني رضا، و قرّبني إليك زلفى، و تباعدني، و إن كنت لم تغفر لي فمن الآن اغفر لي قبل أن تنأى عن بيتك داري، و هذا أوان انصرافي إن كنت أذنت لي غير راغب عنك و لا عن بيتك، و لا مستبدل بك به، اللّهم احفظني من بين يدي و من خلفي و عن يميني و عن شمالي حتى تبلّغني أهلي و اكفني مئونة عبادك و عيالي، فإنك ولي ذلك من خلقك و مني» ثمَّ ائت زمزم فاشرب منها، ثمَّ اخرج فقل: آئبون تائبون عابدون، لربّنا حامدون إلى ربّنا راغبون إلى ربّنا راجعون» فإن أبا عبد اللّه عليه السّلام لما أن ودّعها و أراد أن يخرج من المسجد خرّ ساجدا عند باب المسجد طويلا ثمَّ قام فخرج»۸، و في خبر ابن مهزيار قال: «رأيت أبا جعفر الثاني عليه السّلام في سنة خمس عشرة و مائتين ودّع البيت بعد ارتفاع الشمس و طاف بالبيت يستلم الركن اليماني في كل شوط فلما كان الشوط السابع استلمه و استلم الحجر و مسح بيده ثمَّ مسح وجهه بيده، ثمَّ أتى المقام فصلى خلفه ركعتين، ثمَّ خرج إلى دبر الكعبة إلى الملتزم فالتزم البيت و كشف الثوب عن بطنه، ثمَّ وقف عليه طويلا يدعو، ثمَّ خرج من باب الحناطين و توجه قال: فرأيته في سنة تسع (سبع)۹. عشرة و مائتين ودّع البيت ليلا يستلم الركن اليماني و الحجر الأسود في‏ كل شوط، فلما كان في الشوط السابع التزم البيت في دبر الكعبة قريبا من الركن اليماني و فوق الحجر المستطيل و كشف الثوب عن بطنه ثمَّ أتى الحجر فقبله و مسحه و خرج إلى المقام فصلى خلفه ثمَّ مضى و لم يعد إلى البيت، و كان وقوفه على الملتزم بقدر ما طاف بعض أصحابنا سبعة أشواط و بعضهم ثمانية»۱۰، و في رواية ابن أبي محمود قال: «رأيت أبا الحسن عليه السّلام ودع البيت فلما أراد أن يخرج من باب المسجد خر ساجدا، ثمَّ قام فاستقبل الكعبة فقال عليه السّلام: اللّهم إني أنقلب على أن لا إله إلا اللّه»۱۱، و في خبر آخر: «فليكن آخر عهدك بالبيت أن تضع يدك على الباب و تقول: المسكين على بابك فتصدق عليه بالجنة»۱۲.

(مسألة ۷): يستحب الدخول في الكعبة- زادها اللّه تعالى شرفا- خصوصا للصّرورة، و لا يتأكّد ذلك للنساء (۷)، و يستحب الغسل قبل ذلك، و يدعو بالمأثور، و يصلي بين الأسطوانتين على الرخامة الحمراء ركعتين يقرأ في الأولى الحمد، و حم السجدة، و في الثانية الحمد و عدد آيها، و يصلي في زوايا البيت، و يستلم الأركان خصوصا اليماني (۸).

إجماعا، و نصوصا، ففي خبر القداح عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام قال:

«سألته عن دخول الكعبة، فقال: الدخول فيها دخول في رحمة اللّه، و الخروج منها خروج من الذنوب معصوم في ما بقي من عمره مغفور له ما سلف من ذنوبه»۱۳، و في خبر أبان بن عثمان: «يستحب للصرورة أن يطأ المشعر الحرام، و أن يدخل البيت»۱4، و في خبر ابن مهران عن الصادق عليه السّلام: قلت له: «و كيف صار الصرورة يستحب له دخول الكعبة دون من قد حج؟ قال عليه السّلام: لأن الصرورة قاضي فرض مدعو إلى حج بيت اللّه تعالى، فيجب أن يدخل البيت الذي دعي اليه ليكرم فيه»۱٥، و في صحيح ابن جعفر عن أخيه عليه السّلام قال: «سألته‏ عن دخول الكعبة أ واجب هو على كل من حج؟ قال عليه السّلام: هو واجب أول حجة ثمَّ إن شاء فعل و إن شاء ترك»۱٦ و مثل هذه الأخبار محمول على التأكد بالنسبة إليه دون غيره، و في خبر ابن سنان: «سئل الصادق عليه السّلام عن دخول النساء الكعبة فقال عليه السّلام ليس عليهن و إن فعلنه فهو أفضل»۱۷، و في خبر فضالة بن أيوب «أن اللّه وضع عن النساء أربع- و عدّ منهن- دخول الكعبة»۱۸.

ففي صحيح معاوية: «إذا أردت دخول الكعبة فاغتسل قبل أن تدخلها، و لا تدخلها بحذاء، و تقول إذا دخلت: اللهم إنك قلت: و من دخله كان آمنا فآمني من عذاب النار، ثمَّ تصلي ركعتين بين الأسطوانتين على الرخامة الحمراء، تقرأ في الركعة الأولى حم السجدة و في الثانية عدد آيتها من القران، و تصلّي في زواياه، و تقول: اللّهم من تهيأ أو تعبأ أو أعد و استعد لوفادة إلى مخلوق رجاء رفده و جائزته و نوافله و فواضله فإليك يا سيدي تهيئتي و تعبئتي و إعدادي و استعدادي رجاء رفدك و نوافلك و جائزتك، فلا تخيب اليوم رجائي يا من لا يخيب عليه سائل، و لا ينقصه نائل، فإني لم آتك اليوم بعمل صالح قدمته و لا شفاعة مخلوق رجوته و لكني أتيتك مقرا بالظلم و الإساءة على نفسي فإنه لا حجة لي و لا عذر فأسألك يا من هو كذلك أن تصلي على محمد و آل محمد، و أن تعطيني مسألتي و تقيلني عثرتي و تقلبني برغبتي، و لا تردني مجبوها ممنوعا و لا خائبا، يا عظيم يا عظيم يا عظيم أرجوك للعظيم، أسألك يا عظيم أن تغفر لي الذنب العظيم، لا إله إلا أنت، قال: و لا تدخلها بحذاء و لا تبزق فيها، و لا تمتخط فيها، و لم يدخلها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلا يوم فتح مكة»۱۹، و قال ابن عمار:

«رأيت العبد الصالح عليه السّلام دخل الكعبة فصلّى فيها ركعتين على الرخامة الحمراء، ثمَّ قام فاستقبل الحائط بين الركن اليماني و الغربي فرفع يده عليه و لصق به و دعا ثمَّ تحول إلى الركن اليماني فلصق به و دعا، ثمَّ أتى الركن الغربي ثمَّ خرج»۲۰ و في خبر إسماعيل بن همام: «قال أبو الحسن عليه السّلام: دخل النبي صلّى اللَّه عليه و آله الكعبة فصلى في زواياها الأربع، و صلى في كل زاوية ركعتين»۲۱ و في خبر أبي العلاء:

«سألت أبا عبد اللَّه عليه السّلام و ذكرت الصلاة في الكعبة قال عليه السّلام: بين العمودين تقوم على البلاطة الحمراء فان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله صلى عليها ثمَّ أقبل على أركان البيت، و كبر إلى كل ركن منه»۲۲، و في خبر ذريح: «سمعت أبا عبد اللَّه عليه السّلام في الكعبة و هو ساجد و هو يقول: لا يردّ غضبك إلا حلمك، و لا يجير من عذابك إلا رحمتك، و لا ينجي منك إلا التضرّع إليك، فهب لي يا إلهي فرجا بالقدرة التي بها تحيي أموات العباد، و بها تنشر ميت البلاد، و لا تهلكني يا إلهي حتى تستجيب لي دعائي و تعرفني الإجابة، اللّهم ارزقني العافية إلى منتهى أجلي، و لا تشمت بي عدوي و لا تمكنه من عنقي، من ذا الذي يرفعني إن وضعتني، و من ذا الذي يضعني إن رفعتني، و إن أهلكتني فمن ذا الذي يعرض لك في عبدك و يسألك عن أمره، فقد علمت يا إلهي أنه ليس في حكمك ظلم و لا في نقمتك عجلة، و إنما يعجل من يخاف الفوت و يحتاج إلى الظلم الضعيف و قد تعاليت يا إلهي عن ذلك، إلهي فلا تجعلني للبلاء غرضا، و لا لنقمتك نصبا، و مهلني و نفسي، و أقلني عثرتي، و لا ترد يدي في نحري، و لا تتبعني بلاء على إثر بلاء فقد ترى ضعفي و تضرّعي إليك، و وحشتي من الناس و أنسي بك، أعوذ بك اليوم فأعذني، و أستجير بك فأجرني، و أستعين بك على الضراء فأعنّي و أستنصرك فانصرني، و أتوكل عليك فاكفني و أومن بك فآمني، و أستهديك فاهدني و أسترحمك فارحمني و أستغفرك مما تعلم فاغفر لي، و أسترزقك من فضلك‏

الواسع فارزقني و لا حول و لا قوة إلّا باللَّه العلي العظيم»۲۳.

و يستحب البكاء فيها و حولها من خشية اللَّه تعالى، فعن الصادق عليه السّلام:

«إنما سميت الكعبة بكة لبكاء الناس فيها و حولها»۲4.

ثمَّ إنه يستحب للنساء الغسل أيضا لو أردن الدخول في الكعبة، لقاعدة الاشتراك، و خبر الحلبي قال: «سألت أبا عبد اللَّه عليه السّلام أ يغتسلن النساء إذا أتين البيت قال عليه السّلام: نعم إن اللَّه عز و جل يقول‏ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَ الْعاكِفِينَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ فينبغي للعبد أن لا يدخل إلا و هو طاهر قد غسل عنه العرق و الأذى و يتطهّر»۲٥.

و يستحب التكبير ثلاثا و هو خارج الكعبة قال عبد اللَّه بن سنان: «سمعت أبا عبد اللَّه عليه السّلام و هو خارج من الكعبة و هو يقول: اللَّه أكبر، اللَّه أكبر حتى قالها ثلاثا، ثمَّ قال: اللّهم لا تجهد بلاءنا ربّنا و لا تشمت بنا أعداءنا فإنك أنت الضّار النافع، ثمَّ هبط فصلى إلى جانب الدرجة جعل الدرجة عن يساره مستقبل القبلة ليس بينها و بينه أحد، ثمَّ خرج إلى منزله»۲٦.

فرع‏: قد ورد في طلب الولد كيفية في صحيح معاوية قال الصادق عليه السّلام:

«أفض عليك دلوا من ماء زمزم، ثمَّ ادخل البيت، فإذا قمت على باب البيت فخذ بحلقة الباب ثمَّ قل: اللّهم إن البيت بيتك، و العبد عبدك و قد قلت و من دخله كان آمنا فآمني من عذبك و أجرني من سخطك، ثمَّ ادخل البيت فصل على الرخامة الحمراء ركعتين ثمَّ قم إلى الأسطوانة التي بحذاء الحجر و ألصق بها صدرك ثمَّ قل: يا واحد يا أحد يا ماجد يا قريب يا بعيد يا عزيز يا حليم لا تذرني فردا و أنت خير الوارثين، هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء، ثمَّ در بالأسطوانة فألصق بها ظهرك و بطنك و تدعو بهذا الدعاء فان يرد اللَّه شيئا كان»۲۷.

ففي رواية حفص بن البختري عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام أنه قال لبعض ولده: «هل سعيت في وادي محسّر؟ فقال: لا، فأمره أن يرجع حتى يسعى فقال له ابنه: لا أعرفه فقال له: سل الناس»۱٥، و في مرسل الحجّال قال: «مرّ رجل بوادي محسّر فأمره أبو عبد اللَّه عليه السّلام بعد الانصراف إلى مكة أن يرجع فيسعى»۱٦ و إطلاقه يشمل ترك السعي عمدا، أو جهلا، أو سهوا، أو عذرا.

(مسألة ۸): يستحب الشرب من ماء زمزم بل الارتواء منه (۹) و هو لما شرب له (۱۰) و يستحب حمله و إهداؤه و استهداؤه (۱۱).

لحديث الأربعمائة عن علي عليه السّلام قال: «الاطلاع في بئر زمزم يذهب الداء، فاشربوا من مائها مما يلي الركن الذي فيه الحجر الأسود فإن تحت الحجر أربعة أنهار من الجنة»۲۸، و في المرسل «من روي من ماء زمزم أحدث به شفاء و صرف عنه به داء»۲۹.

لقول أبي عبد اللَّه عليه السّلام: «ماء زمزم شفاء لما شرب له»۳۰، و قال النبي صلّى اللَّه عليه و آله: «ماء زمزم لما شرب له»۳۱، و قد نقل أن جمعا شربوا منه لمطالب مهمة فنالوها و ليس ذلك من فضل اللَّه تعالى ببعيد، و يستحب الدعاء عند الشرب قال الصادق عليه السّلام: «إذا شربت من ماء زمزم فقل: اللّهم اجعله علما نافعا و رزقا واسعا، و شفاء من كل داء و سقم و كان أبو الحسن عليه السّلام يقول إذا شرب من زمزم: «بسم اللَّه و الحمد للَّه الشكر للَّه»۳۲.

لقول الصادق عليه السّلام: «كان النبي صلّى اللَّه عليه و آله يستهدي من ماء زمزم و هو بالمدينة»۳۳، و عن أبي جعفر عليه السّلام: «جاء رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و هم يجرون دلاء من زمزم فقال: نعم العمل الذي أنتم عليه لو لا أنّي أخشى أن تغلبوا عليه لجررت معكم، انزعوا دلوا فتناوله فشرب منه»۳4، و عن الصادق عليه السّلام: «أسماء زمزم:

ركضة جبرئيل، و حفيرة إسماعيل، و حفيرة عبد المطلب، و زمزم، و برة، و المضمونة، و الرداء، و شعبة، و طعام، و مطعم، و شفاء سقم»۳٥.

(مسألة ۹): يستحب السجود عند إرادة الخروج من المسجد الحرام و الرجوع إلى أهله، و الدعاء في السجود (۱۲)، و يستحب أن يعزم على العود، بل يكره ترك ذلك (۱۳).

لما تقدم في صحيح معاوية: «عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام لما أن ودّع البيت و أراد أن يخرج من المسجد خرّ ساجد عند باب المسجد طويلا ثمَّ قام فخرج»۳٦، و في صحيح إبراهيم قال: «رأيت أبا الحسن عليه السّلام ودّع البيت فلما أراد أن يخرج من باب المسجد خرّ ساجدا ثمَّ قام فاستقبل الكعبة فقال عليه السّلام: اللّهم إني أنقلب على أن لا إله إلا اللَّه»۳۷.

لقول أبي عبد اللَّه عليه السّلام: «من رجع من مكة و هو ينوي الحج من قابل زيد في عمره»۳۸، و قوله عليه السّلام أيضا: «من خرج من مكة و هو لا يريد العود إليها فقد اقترب أجله و دنى عذابه»۳۹.

(مسألة ۱۰): ينبغي للحاج إذا قضى مناسكه و أراد أن يخرج أن يبتاع بدرهم تمرا و يتصدق به، فيكون كفارة لما لعله دخل في حجة من حك، أو قملة سقطت، أو نحو ذلك (۱٤).

لقول الصادق عليه السّلام في صحيح حفص‏، و ما ذكرناه عين متنه، و الاكتفاء بالدرهم من باب الترخيص، فيجوز الأكثر أيضا، بل يكون أفضل و لو تبين بعد ذلك تحقق موجب الكفارة ففي الاكتفاء بما فعل وجه جزم به‏ الشهيدان و غيرهما، لظهور الإطلاق الوارد في مقام الامتنان و لا فرق فيما تقدم بين الرجل المرأة بل هما مذكوران في صحيح معاوية: «يستحب للرجل و المرأة أن لا يخرجا من مكة حتى يشتريا بدرهم تمرا فيتصدقا به لما كان منهما في إحرامهما، و لما كان منهما في حرم اللَّه عز و جل».

(مسألة ۱۱): يستحب التطوّع بالطواف بعد الفراغ عن الأعمال للأرحام، و أهل البلد و المؤمنين (۱٥).

لأنه تبرع للخير إلى الغير و هو حسن و مطلوب على كل حال قال الحضرمي: «رجعت من مكة فأتيت أبا الحسن موسى عليه السّلام في المسجد و هو قاعد فيما بين المنبر و القبر فقلت يا ابن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله: إني إذا خرجت إلى مكة ربما قال لي الرجل: طف عنّي أسبوعا و صلّ عني ركعتين فربما شغلت عن ذلك فاذا رجعت لم أدر ما أقول له قال فإذا أتيت مكة فقضيت نسكك فطف أسبوعا و صلّ ركعتين، و قل: اللّهم إن هذا الطواف و هاتين الركعتين عن أبي و أمي و زوجتي، و عن ولدي، و عن خاصّتي، و عن جميع أهل بلدي حرهم و عبدهم و أبيضهم و أسودهم فلا بأس أن تقول للرجل إني قد طفت عنك و صليت عنك ركعتين إلا كنت صادقا».

(مسألة ۱۲): الطواف أفضل من الصلاة للمجاور، و للمقيم بالعكس (۱٦).

لقول أبي عبد اللَّه عليه السّلام في الصحيح: «إذا أقام الرجل بمكة سنة فالطواف أفضل، و من أقام سنتين خلط من ذا و من ذا و إذا أقام ثلاث سنين‏ فالصلاة أفضل» و لا بد من حمل ما ذكرناه في المتن على هذا التفصيل. هذا في غير الرواتب التي ورد فيها من الترغيب إليها بما لا يحصى.

و أما فيها فالظاهر كونها أفضل من الطواف مطلقا، كما لا يخفى على من راجع ما ورد في فضلها.

(مسألة ۱۳): يستحب إتيان المواضع التي تشرفت بنبينا الأعظم‏ كمحلّ مولده صلّى اللَّه عليه و آله و مسكنه، و الغار الذي كان صلّى اللَّه عليه و آله يسكن فيه بحبل حراء، و الغار الذي كان يستتر صلّى اللَّه عليه و آله فيه بجبل ثور، و غير ذلك مما تشرف به صلّى اللَّه عليه و آله (۱۷)، و يستحب زيارة قبر خديجة عليهما السّلام المعروفة بالمعلّى (۱۸).

كل ذلك لأن التبرك بما يضاف إلى الحبيب محبوب بفطرة القلوب خصوصا مثل حبيب اللَّه و سيد المرسلين.

اقبّل ذا الجدار و ذا الجدارا

و ما حبّ الديار شغفن قلبي‏ و لكن حب من سكن الديارا

لأنها أم المسلمين، و من برّ الأولاد بأمهم زيارة قبرها بعد ارتحالها، مع أنها بذلت نهاية جهدها في خدمة سيد المرسلين و مالها في نشر دعوة خاتم النبيين صلّى اللَّه عليه و آله إلى غير ذاك من مفاخرها التي ملأت كتب الفريقين، فمن شك بعد ذلك في رجحان زيارتها فهو عاق لأمه.

(مسألة ۱٤): يكره المجاورة بمكة (۱۹).

لقول أبي عبد اللَّه عليه السّلام: «إذا فرغت من نسكك فارجع فإنه أشوق لك إلى الرجوع»44، و عن أبي جعفر عليه السّلام: «لا ينبغي للرجل أن يقيم بمكة سنة، قلت: كيف يضع؟ قال عليه السّلام: يتحول عنها و عن الصادق عليه السّلام: «إذا قضى أحدكم نسكه فليركب راحلته و ليلحق بأهله، فإن المقام بمكة يقسي القلب»، و عنه عليه السّلام أيضا: «لا أحب للرجل أن يقيم بمكة سنة و كره المجاورة بها و قال‏ ذلك يقسي القلب».

و أما صحيح ابن مهزيار قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام المقام بمكة أ فصل أو الخروج إلى بعض الأمصار فكتب عليه السّلام المقام عند بيت اللَّه أفضل» فهو محمول على من يعلم من نفسه بأنه لا يقسو قلبه و لا يرتكب ذنبا و نحوه غيره مما دل على فضل المقام بمكة و هو يختلف بحسب الحالات و الأشخاص و عليه يحمل اختلاف الأخبار.

(مسألة ۱٥): من مات في أحد الحرمين- حرم مكة أو المدينة كان من الامنين في يوم القيامة (۲۰)، و من دفن في حرم مكة يأمن الفزع الأكبر من برّ الناس و فاجرهم (۲۱)، و من ختم القرآن بمكة لم يمت حتى يرى‏ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و يرى منزله في الجنة (۲۲).

لإطلاق قوله تعالى‏ وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً، و قوله صلّى اللَّه عليه و آله: «من مات في أحد هذين الحرمين حرم اللَّه، و حرم رسوله صلّى اللَّه عليه و آله بعثه اللَّه تعالى من الآمنين»٥۰، و في خبر الزيات عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام: «من مات في المدينة بعثه اللَّه في الآمنين- الحديث-»٥۱، و في بعض الروايات- على ما سيأتي في أول فضل زيارة خاتم النبيين صلّى اللَّه عليه و آله- لم يحاسب يوم القيامة.

كما في رواية هارون بن خارجة قال: «سمعت أبا عبد اللَّه عليه السّلام يقول:

من دفن في الحرم أمن من الفزع الأكبر فقلت: من برّ الناس و فاجرهم؟ قال عليه السّلام:

من برّ الناس و فاجرهم»٥۲.

كما في خبر القلانسي عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال: «قال علي بن الحسين عليه السّلام: تسبيحة بمكة أفضل من خراج العراقين ينفق في سبيل اللَّه، و قال:

من ختم القرآن بمكة لم يمت حتى يرى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و يرى منزله من الجنة»٥۳، و في رواية أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «من ختم القرآن بمكة من جمعة إلى جمعة أو أقل من ذلك أو أكثر و ختم في يوم جمعة كتب له من الأجر و الحسنات من أول جمعة كانت في الدنيا إلى آخر جمعة تكون فيها و إن قرأه في سائر الأيام فكذلك»٥4.

  1. الوسائل باب: ۱4 من أبواب مقدمات الطواف حديث: ۱.
  2. الوسائل باب: ۱4 من أبواب مقدمات الطواف حديث: ۲.
  3. سورة الحج: ۲٥.
  4. الوسائل باب: ۳۲ من أبواب مقدمات الطواف حديث: ۸.
  5. الوسائل باب: ۳۲ من أبواب مقدمات الطواف حديث: ٥.
  6. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب مقدمات الطواف حديث: ۱.
  7. الوسائل باب: ٥ من أبواب وجوب الحج حديث: ۲.
  8. الوسائل باب: ۱۸ من أبواب العود إلى منى حديث: ۱.
  9. كما في الوافي ج: صفحة: ۱۹۱ باب( ۱٦٦) وداع البيت و التصدق.
  10. الوسائل باب: ۱۸ من أبواب العود إلى منى حديث: ۳.
  11. الوسائل باب: ۱۸ من أبواب العود إلى منى حديث: ۲.
  12. الوسائل باب: ۱۸ من أبواب العود إلى منى حديث: 4.
  13. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب العود إلى منى حديث: ۱.
  14. الوسائل باب: ۳٥ من أبواب مقدمات الطواف حديث: ۲.
  15. الوسائل باب: ۳٥ من أبواب مقدمات الطواف حديث: 4.
  16. الوسائل باب: ۳٥ من أبواب مقدمات الطواف حديث: ٥.
  17. الوسائل باب: 4۱ من أبواب مقدمات الطواف حديث: ۱.
  18. الوسائل باب: 4۱ من أبواب مقدمات الطواف حديث: ۲.
  19. الوسائل باب: ۳٦ من أبواب مقدمات الطواف حديث: ۱.
  20. الوسائل باب: ۳٦ من أبواب مقدمات الطواف حديث: 4.
  21. الوسائل باب: ۳٦ من أبواب مقدمات الطواف حديث: ۲.
  22. الوسائل باب: ۳٦ من أبواب مقدمات الطواف حديث: ۳.
  23. الوسائل باب: ۳۷ من أبواب مقدمات الطواف حديث: ۲.
  24. الوسائل باب: ۳۸ من أبواب مقدمات الطواف حديث: ۲.
  25. الوسائل باب: ۳۹ من أبواب مقدمات الطواف حديث: ۱.
  26. الوسائل باب: 4۰ من أبواب مقدمات الطواف حديث: ۱.
  27. الوسائل باب: ۳٦ من أبواب مقدمات الطواف حديث: ٥.
  28. الوسائل باب: ۲۰ من أبواب مقدمات الطواف حديث: ۷.
  29. الوسائل باب: ۲۰ من أبواب مقدمات الطواف حديث: ۳.
  30. الوسائل باب: ۲۰ من أبواب مقدمات الطواف حديث: ۲.
  31. المغني لابن قدامة مع الشرح الكبير ج: ۳ صفحة: 4۷۰ طبعة بيروت ۱۳۹۲.
  32. الوسائل باب: ۲۱ من أبواب مقدمات الطواف حديث: ۱.
  33. الوسائل باب: ۲۰ من أبواب مقدمات الطواف حديث: ۱.
  34. الوسائل باب: ۲۰ من أبواب مقدمات الطواف حديث: ٥.
  35. الوسائل باب: ۲۰ من أبواب مقدمات الطواف حديث: ٦.
  36. الوسائل باب: ۱۸ من أبواب العود إلى منى حديث: ۱.
  37. الوسائل باب: ۱۸ من أبواب العود إلى منى حديث: ۲.
  38. الوسائل باب: ٥۷ من أبواب وجوب الحج حديث: ۱.
  39. الوسائل باب: ٥۷ من أبواب وجوب الحج حديث: ۲.
  40. الوسائل باب: ۲۰ من أبواب العود إلى منى حديث: ۲.
  41. الوسائل باب: ۲۰ من أبواب العود إلى منى حديث: ۱.
  42. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب العود إلى منى حديث: ۱.
  43. الوسائل باب: ۹ من أبواب الطواف حديث: ٦.
  44. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب مقدمات الطواف حديث: ۷.
  45. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب مقدمات الطواف حديث: ٥.
  46. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب مقدمات الطواف حديث: ۹.
  47. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب مقدمات الطواف حديث: ۱۱.
  48. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب مقدمات الطواف حديث: ۲.
  49. سورة آل عمران: ۹۷.
  50. مستدرك الوسائل باب: ۱۳ من أبواب الدفن حديث: ۱.
  51. الوسائل باب: ۹ من أبواب المزار حديث: ۳.
  52. الوسائل باب: 44 من أبواب مقدمات الطواف حديث: ۱۱.
  53. الوسائل باب: 4٥ من أبواب مقدمات الطواف حديث: ۱.
  54. الوسائل باب: 4٥ من أبواب مقدمات الطواف حديث: ۳.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"