1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. کتاب الحج
  10. /
  11. فصل في الوقوف بالمشعر الحرام‏
الثالث من أفعال الحج: الوقوف بالمشعر الحرام، و يسمّى بمزدلفة، و جمع أيضا (۱).و هو من الحرم (۲).

سمي: مشعرا، لأنه من معالم العبادة و سمي بالحرم، لحرمته، أو لكونه من الحرم، و يسمى مزدلفة: لتقرب الناس فيها إلى اللَّه تعالى، أو لازدلاف الناس فيها إلى منى بعد الإقامة، أو لمجي‏ء الناس إليها في زلف من الليل. و يسمى جمعا: لجمع الناس فيها، أو للجمع بين المغرب و العشاء، و قال أبو عبد اللَّه عليه السّلام:- «على ما في الجواهر، و غيره- «ما للَّه تعالى منسك أحبّ إلى اللَّه تعالى من موضع المشعر الحرام، و ذلك أنه يذلّ فيه كل جبار عنيد».

أقول: لعل وجه ظهور الذلة و المسكنة فيها بالنسبة إلى سائر المشاعر حيث أن فيها تضرب الخباء بخلاف المشعر، لعدم تعارف ضرب الخباء فيها فيكون الوقوف تحت السماء و على الأرض بلا تكلّف شي‏ء، مع أنه حجاب آخر بعد حجاب عرفة، وقوف آخر بعد الوقوف الأول فإن للملوك غرف انتظارية عند الدخول عليهم الأولى، و الثانية، بل ربما تكون الثالثة أيضا، و يشقّ الانتظار في غير الأولى على العظماء، مضافا إلى أنه يستحب فيه السعي في وادي محسر بنفسه أو بمركوبه و هو أيضا شاق بالنسبة إلى الجبابرة و العظماء فيكون أشد لتذلل الجبارين.

فائدة: حدود المشعر المعروفة هناك، و قال الصادق عليه السّلام في صحيح ابن‏ عمار: «حد المشعر الحرام من المأزمين إلى الحياض إلى وادي محسر»۱، و عنه عليه السّلام أيضا في خبر أبي بصير: «حد المزدلفة من وادي محسر إلى المأزمين»۲، و عنه عليه السّلام أيضا في الصحيح: «و لا تتجاوز الحياض ليلة المزدلفة»۳.

و المأزمان: الجبلان بين عرفات و المشعر- و يسمى كل طريق ضيق بين جبلين مأزما- راجع الخريطة.

إجماعا من المسلمين. و نصوصا كالنصوص الدالة على استحباب أخذ حصى الجمار من المشعر4 مع أنه لا يجوز أن يؤخذ من غير الحرم، و في خبر الرفاعي: أن أمير المؤمنين عليه السّلام سئل عن الوقوف بالحل لم يكن في الحرم، فقال: لأن الكعبة بيته و الحرم بابه فلما قصدوه وافدين وقفهم بالباب يتضرعون، قيل له فالمشعر الحرام لم صار في الحرم؟ قال لأنه لما أذن لهم بالدخول وقفهم بالحجاب الثاني فلما طال تضرعهم بها أذن لهم بتقريب قربانهم- الحديث-»٥.

و أما مرسل الفقيه: «و إنما صيّر الموقف بالمشعر و لم يصير بالحرم لأن الكعبة بيت اللَّه و الحرم حجابه و المشعر بابه فلما قصده الزائرون و وقفهم بالباب يتضرعون حتى أذن لهم بالدخول ثمَّ وقفهم بالحجاب الثاني و هو مزدلفة فلما نظر إلى طول تضرعهم أمرهم بتقريب قربانهم»٦ فلا بد من حمل الحرم فيه على مكة مثلا و إلّا فلا بد من رد علمه إلى أهله، و قد أوضحنا أنه من الحرم في الخريطة فراجع.

(مسألة ۱): يستحب لمن يفيض من عرفات ان يكون مع الوقار و السكينة، و الاستغفار، و الاقتصاد في السير، و ترك وجيف المركوب، و الدعاء عند الكثيب الأحمر عن يمين الطريق (۳).

لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «إذا غربت الشمس فأفض مع الناس و عليك السكينة و الوقار، و أفض من حيث أفاض الناس و استغفر اللّه إن اللّه غفور رحيم، فاذا انتهيت إلى الكثيب الأحمر عن يمين الطريق فقل: «اللّهم ارحم موقفي و زد في عملي، و سلم لي ديني، و تقبل مناسكي» و إياك و الوجيف ۷ الذي يصنعه كثير من الناس، فإنه بلغنا أن الحج ليس بوصف الخيل و لا إيضاع الإبل، و لكن اتقوا اللّه و سيروا سيرا جميلا، و لا توطئوا ضعيفا و لا توطئوا مسلما و اقتصدوا في السير، فان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يقف بناقته حتى كان يصيب رأسها مقدم الرحل، و يقول: أيها الناس عليكم بالدعة، فسنّة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله تتبع و قال ابن عمار سمعته عليه السّلام: يقول: «اللّهم أعتقني من النار» يكررها حتى أفاض الناس، قلت: ألا تفيض قد أفاض الناس؟ قال: إني أخاف الزحام و أخاف أن أشرك في عنت إنسان»۸.

(مسألة ۲): يستحب تأخير المغرب و العشاء إلى المزدلفة (٤)، بل هو الأحوط (٥) ما لم يفت الوقت (٦).

لصحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام: «لا تصل المغرب حتى تأتي جمعا و إن ذهب ثلث الليل»۹، و مضمر سماعة قال: «سألته عن الجمع بين المغرب و العشاء الآخرة بجمع فقال عليه السّلام: «لا تصلهما حتى تنتهي إلى جمع و إن مضى من الليل ما مضى، فإن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله جمعهما بأذان واحد و إقامتين، كما جمع بين الظهر و العصر بعرفات»۱۰ المحمول على الندب، لقول أبي عبد اللَّه عليه السّلام في صحيح هشام: «لا بأس بأن يصلي الرجل المغرب إذا أمسى بعرفة»۱۱، و عن التذكرة دعوى إجماع العلماء على الندب فلا وجه لما نسب إلى الشيخ و ابن حمزة من الوجوب.

خروجا عن خلاف مثل الشيخ.

لأن درك الوقت أهم من هذا الأمر المندوب، و لا بد من حمل ما تقدم من صحيح ابن مسلم، و مضمر سماعة على ذلك أيضا.

(مسألة ۳): يستحب الجمع بين المغرب و العشاء بأذان و إقامتين (۷)، فيصلي نوافل المغرب بعد العشاء (۸)، و يستحب أن يكون عند الوقوف على طهارة، و أن يدعو بالمأثور، (۹) و أن يطأ الصّرورة المشعر برجله (۱۰).

نصا، و إجماعا قال أبو عبد اللَّه عليه السّلام في صحيح ابن حازم: «صلاة المغرب و العشاء بجمع بأذان واحد و إقامتين و لا تصل بينهما شيئا، و قال: هكذا صلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله»۱۲.

نصا، و إجماعا، فعن ابن مصعب، قال: «قلت لأبي عبد اللَّه عليه السّلام: إذا صليت المغرب بجمع أصلي الركعات بعد المغرب؟ قال عليه السّلام: لا، صل المغرب و العشاء ثمَّ صل الركعات بعد»۱۳ بقرينة صحيح أبان قال: «صلّيت خلف أبي عبد اللَّه عليه السّلام، المغرب بالمزدلفة فقام فصلى المغرب ثمَّ صلى العشاء الآخرة و لم يركع فيما بينهما، ثمَّ صليت خلفه بعد ذلك سنّة، فلما صلى المغرب قام فتنفل بأربع ركعات»۱4.

لقول أبي عبد اللَّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «أصبح على طهر بعد ماتصلي الفجر فقف إن شئت قريبا من الجبل، و إن شئت حيث شئت، فإذا وقفت فاحمد اللَّه عزّ و جل و أثن عليه، و اذكر من آلائه و بلائه ما قدرت عليه، و صلّ على النبي صلّى اللَّه عليه و آله ثمَّ ليكن من قولك: «اللّهم ربّ المشعر الحرام فكّ رقبتي من النار، و أوسع عليّ من رزقك الحلال و ادرأ عني شر فسقة الجن و الإنس، اللّهم أنت خير مطلوب إليه و خير مدعو و خير مسئول و الكل وافد جائزة، فاجعل جائزتي في موطني هذا أن تقيلني عثرتي و تقبل معذرتي، و أن تجاوز عن خطيئتي، ثمَّ اجعل التقوى من الدنيا زادي» ثمَّ أفض حيث يشرف لك ثبير و ترى الإبل مواضع أخفافها»۱٥.

لقول الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «و يستحب للصرورة أن يقف على المشعر الحرام و يطأه برجله»۱٦، و في مرسل أبان بن عثمان:

«يستحب للصرورة أن يطأ المشعر الحرام، و أن يدخل البيت»۱۷، و في تعليله في خبر ابن مهران: «ليستوجب بذلك وطي بحبوحة الجنة»۱۸.

و عن بعض أن المشعر الحرام جبل هناك يسمى قزح فيكون الإطلاق على تمام ذلك المكان من باب إطلاق الجزء على الكل، و يدل عليه قول أبي عبد اللَّه عليه السّلام في خبر أبي بصير: «المشعر من المزدلفة، و المزدلفة من المشعر»۱۹.

(مسألة ٤): يجب الوقوف في ما يسمى: بالمشعر (۱۱)، و يجزي في الاطلاع على حدوده قول أهل الخبرة في تلك الأمكنة، و العلامات‏ المنصوبة هناك (۱۲)، و يجوز مع الزحام الارتفاع إلى المأزمين (۱۳)، و يكره بدون الضرورة (۱٤)، بل الأحوط تركه (۱٥).

كتابا، و سنّة، و ضرورة من الدين: أما الكتاب فقوله تعالى:‏ فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَ اذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ‏۲۰.

و أما السنّة: فكثيرة منها قوله عليه السّلام: «الوقوف بالمشعر فريضة»۲۱.

للسيرة خلفا عن سلف، و الإجماع على الاكتفاء بذلك و حددت في الخريطة تلك العلامات فراجع.

إجماعا، و نصا، ففي موثق سماعة قال: «قلت لأبي عبد اللَّه عليه السّلام: «إذا كثر الناس بجمع و ضاقت عليهم كيف يصنعون؟ قال عليه السّلام: يرتفعون إلى المأزمين»۲۲، و الظاهر أن الارتفاع إليهما أعم من الصعود عليهما، فلا بد من مراعاة عدم الصعود عليهما، للنصوص‏۲۳ الدالة على خروجهما عن المشعر الحرام، فيراد بالارتفاع الانتهاء، و لذا عدّي ب (إلى).

لظهور الإجماع عليها.

خروجا عن خلاف القاضي حيث نسب إليه الحرمة، فإن كان مراده حرمة الصعود على الجبل فهو موافق لظاهر ما تقدم من النصوص الدالة على خروج المأزمين عن المشعر، و إن كان مراده (رحمه اللَّه) حرمة الانتهاء إلى قرب الجبل فهو محكوم بالإجماع، و موثق سماعة.

(مسألة ٥): تجب- في الوقوف بالمشعر- النية و يكفي مجرد الداعي كما مر في غيره (۱٦).

أما أصل اعتبار النية فهو من ضروريات فقه المسلمين، بل دينهم.

و أما كفاية الداعي، فلما مر مكررا من أن الاعمال العبادية ليست إلا كسائر الأفعال الاختيارية و لا ريب في كفاية الداعي فيها وجدانا، فكذا في العبادات، فيكفي فيها إتيانها بداعي الإضافة إلى اللَّه تعالى، و هذا هو القربة المعتبرة في العبادة، و قد تقدم في موضع متعددة من هذا الكتاب هذا البحث فلا وجه للإعادة.

و الظاهر كفاية نية أصل الحج بنحو ما قرره الشارع في واجباته و اعماله، لكفاية النية الإجمالية و لا ريب في أن نية الحج على ما هو عليه عند الشارع نية إجمالية بجميع أفعاله. نعم لو كان غافلا حين الشروع في الوقوف عن هذا القصد الإجمالي بطل وقوفه. و بذلك يمكن ان يجمع بين الكلمات، فمن يقول بالإجزاء أي: فيما إذا كانت النية الإجمالية باقية في النفس، و من يقول بعدمه أي:

في صورة الغفلة المحضة.

ثمَّ إنه قد ورد في رواية محمد بن حكيم كفاية مجرد الصلاة، و الذكر في المشعر في إدراك الاضطراري الليلي منه، و هي: «قلت لأبي عبد اللَّه عليه السّلام:

أصلحك اللَّه الرجل الأعجمي و المرأة الضعيفة يكونان مع الجمال الأعرابي، فإذا أفاض بهم من عرفات مر بهم كما هم إلى منى لم ينزل بهم جمعا، قال عليه السّلام:

أ ليس قد صلّوا بها فقد أجزأهم، قلت: فإن لم يصلّوا؟ فقال: فذكروا اللَّه فيها، فإن كانوا ذكروا اللَّه فيها فقد أجزأهم»۲4 و إطلاقه يشمل ما إذا لم يتوجه إلى كونه مشعرا، و لكنه مشكل، إذ ليس إطلاقه واردا في مقام بيان ذلك، مع أن عدم اطلاع الشخص على المشعر عنده وروده عليه ممتنع عادة، لأن اجتماع الناس فيه و اشتغالهم بالدعاء و الصلاة يوجب الالتفات إلى المكان المقدس لا محالة، مع أن الصلاة و الدعاء من اللوازم للكون في ذلك المكان عند الواقفين فالالتفات إليها التفات إلى ذلك المكان المحترم عندهم. و على أي تقدير لا بد من النية و لو إجمالا، لفرض كونه عبادة و هي تتوقف عليها.

(مسألة ٦): لا فرق في الوقوف بين كونه قائما، أو قاعدا أو راكبا، أو غير ذلك من الحالات بعد تحقق أصل النية (۱۷)، كما لا فرق في الوقوف بالمشعر، أو عرفات بين كونه على الأرض، أو في الغرف- لو فرض بناؤها فيهما و لو بطبقات كثيرة- أو كونه تحت الأرض لو فرض فيهم حفر تسع للوقوف (۱۸).

لظهور الإطلاق، و الاتفاق الشامل لجميع ذلك.

و ذلك كله لصدق الوقوف في المشعر و عرفات عرفا.

(مسألة ۷): لو وقف مع النية انا ما ثمَّ عرض له الجنون أو الإغماء، أو غير ذلك مما يوجب سقوط التكليف يجزي عنه (۱۹).

لأن الركن إنما هو المسمى و قد أدركه و الباقي كان واجبا عليه و قد سقط بسقوط التكليف عنه. نعم لو كان العذر مستوعبا فلا وجه للإجزاء.

(مسألة ۸): يجب أن يكون الوقوف في وقت معين (۲۰) و هو للرجل المختار- غير ذي العذر- ما بين الطلوعين من يوم النحر (۲۱)، و للمرأة، و الرجل ذي العذر ما بين غروب الشمس من ليلة النحر إلى طلوعها من تلك الليلة (۲۲)، و لغير المتمكن من إدراك الوقتين من طلوع الشمس إلى الزوال (۲۳).

بضرورة الدين و المتواترة من نصوص المعصومين كما تقدم بعضها.

للنص، و دعوى الإجماع، قال الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار:

«أصبح على طهر بعد ما تصلي الفجر، فقف إن شئت قريبا من الجبل، و إن شئت حيث شئت، فإذا وقفت فاحمد اللَّه عز و جل و أثن عليه، و اذكر من آلائه و بلائه ما قدرت عليه، و صل على النبي صلّى اللَّه عليه و آله- إلى أن قال- ثمَّ أفض حيث يشرق لك ثبير و ترى الإبل مواضع أخفافها»۲٥، و عنه عليه السّلام أيضا: «لا بأس أن يفيض الرجل بليل إذا كان خائفا»۲٦ دلّ بالمفهوم على ثبوت البأس في غير صورة العذر.

و نسب إلى الدروس أن الوقت الاختياري من ليلة النحر إلى طلوع الشمس، و استدل بصحيح ابن سالم: «و التقدم من مزدلفة إلى منى يرمون الجمار و يصلون الفجر في منازلهم بمنى لا بأس»۲۷، و بخبر مسمع عن أبي إبراهيم عليه السّلام: «في رجل وقف مع الناس بجمع ثمَّ أفاض قبل أن يفيض الناس، قال عليه السّلام: إن كان جاهلا فلا شي‏ء عليه، و إن كان أفاض قبل طلوع الفجر فعليه دم شاة»۲۸، و بإطلاق ما دل على أن من أدرك المشعر قبل طلوع الشمس فقد أدرك الحج‏۲۹.

و الكل مخدوش: لأنه لا بد من تخصيص الأول بالمضطر، و السكوت في الثاني أعم من عدم الوجوب كسكوته عليه السّلام عن الإفاضة من عرفات قبل الغروب عن الرجوع إليها، كما أنه لا بد من تقييد الأخير بمثل صحيح ابن عمار المتقدم.

و أما خبر ابن عطية قال: «أفضنا من المزدلفة بليل أنا و هشام ابن عبد الملك الكوفي، فكان هشام خائفا فانتهينا إلى جمرة العقبة طلوع الفجر، فقال لي هشام: أي شي‏ء أحدثنا في حجنا، فنحن كذلك إذ لقينا أبو الحسن موسى عليه السّلام قد رمى الجمار و انصرف فطابت نفس هشام»۳۰ فهو مجمل، و قضية في واقعة، فلعله عليه السّلام كان خائفا.

ثمَّ إنه نسب قول الدروس إلى ظاهر الأكثر لحكمهم بصحة الحج و جبر الإفاضة قبل الفجر بدم شاة.

و يرد: بأن الأخير ظاهر في الحرمة و إلّا فلا وجه للكفارة، كما أن حكمهم‏ بالصحة أعم من عدم الوجوب.

إجماعا، و نصوصا، قال الصادق عليه السّلام في صحيح ابن مسكان: «لا بأس بأن يقدم النساء إذا زال الليل، فيفضن عند المشعر الحرام في ساعة، ثمَّ ينطلق بهن إلى منى فيرمين الجمرة، ثمَّ يصبرن ساعة، ثمَّ يقصّرن، و ينطلقن إلى مكة فيطفن، إلّا أن يكنّ يردن أن يذبح عنهن فإنهن يوكلن من يذبح عنهن»۳۱، و في خبر أبي بصير عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال: «رخّص رسول اللَّه للنساء و الصبيان أن يفيضوا بليل، و أن يرموا الجمار بليل، و أن يصلّوا الغداة في منازلهم- الحديث-»۳۲، و في خبر ابن حمزة عن أحدهما عليهم السّلام قال: «أي امرأة أو رجل خائف أفاض من المشعر الحرام ليلا فلا بأس فليرم الجمرة ثمَّ ليمض و ليأمر من يذبح عنه، و تقصّر المرأة و يحلق الرجل- الحديث-»۳۳.

لما تقدم أن من أدرك اختياري عرفة، أو اضطرارية و أدرك الاضطراري الليلي أو اختيارية، أو الاضطراري النهاري من المشعر صح حجه، فراجع أقسام الوقوف بعرفة و أحكامها.

(مسألة ۹): مسمى الوقوف من ليلة النحر إلى طلوع الشمس ركن (۲٤)، فمن تركه عمدا بطل حجه (۲٥).

إجماعا، و نصا، تقدم في خبر ابن حكيم عن الصادق عليه السّلام‏۳4.

لما تقدم مكررا من أن الركن في الحج ما كان تركه العمدي موجبا للبطلان.

(مسألة ۱۰): لا يجب الاستيعاب في وقوف المشعر من أوّل طلوع الفجر إلى أوّل طلوع الشمس (۲٦). و إن كان أحوط (۲۷).

كما عن جمع منهم العلامة، و ابن إدريس، و صاحب الجواهر، للأصل، و الإطلاقات المسالمة عن المعارض، و صحيح ابن عمار قال: «سألت أبا إبراهيم عليه السّلام أي ساعة أحب إليك أن أفيض من جمع؟ قال: قبل أن تطلع الشمس بقليل فهو أحب الساعات إليّ قلت: فإن مكثنا حتى تطلع الشمس؟

قال عليه السّلام: لا بأس»۳٥ و ظهور صدره و ذيله في الترخيص مما لا ينكر، و قال الصادق عليه السّلام في خبر ابن دراج: «ينبغي للإمام أن يقف بجمع حتى تطلع الشمس و سائر الناس إن شاءوا عجّلوا و إن شاءوا أخّروا»۳٦ و ظهوره في عدم وجوب الاستيعاب مما لا ينكر، و كذا قوله عليه السّلام في صحيح هشام ابن سالم: «التقدم من مزدلفة إلى منى يرمون الجمار و يصلون الفجر في منازلهم بمنى لا بأس»۳۷ و أما قوله عليه السّلام أيضا في صحيح ابن عمار: «أفض حيث يشرق لك ثبير و ترى الإبل مواضع أخفافها»۳۸ فمع أنه أعم من طلوع الشمس- لأن إشراق ثبير و رؤية الإبل مواضع أخفافها بمعنى الاستبانة و الظهور و هي تحصل قبل طلوع الشمس بنصف ساعة تقريبا- فيمكن حمله على الندب بقرينة خبر ابن دراج المتقدم، و كذا صحيح ابن حكيم قال: سألت أبا إبراهيم عليه السّلام أي ساعة أحبّ إليك أن تفيض من جمع؟ قال عليه السّلام: لا تجاوز وادي محسّر حتى تطلع الشمس»۳۹ فإنه أيضا محمول على الندب، مع أن وادي محسّر خارج عن المشعر و من حدوده- كما يظهر لمن راجع الخريطة- فتكون دلالته على عدم وجوب الاستيعاب أظهر من العكس.

خروجا عن خلاف ما نسب إلى جمع من وجوب الاستيعاب، و ظهر مما تقدم أنه لا دليل لهم عليه.

(مسألة ۱۱): لا يجب المبيت ليلة النحر في المشعر (۲۸)، و إن كان‏ أحوط (۲۹).

للأصل، و إطلاق الأدلة من غير ما يصلح للتقييد، و نسب إلى ظاهر الأكثر الوجوب، للتأسي، و صحيح ابن عمار عن الصادق عليه السّلام: «و يستحب للصرورة أن يقف على المشعر الحرام و يطأه برجله، و لا تجاوز الحياض ليلة المزدلفة»، و خبر عبد الحميد بن أبي الديلم عن الصادق عليه السّلام قال: «سمي الأبطح أبطح لأن آدم عليه السّلام أمر أن يتبطح في بطحاء جمع فتبطّح حتى انفجر الصبح ثمَّ أمر أن يصعد جبل جمع و أمره إذا طلعت الشمس أن يعترف بذنبه ففعل ذلك، فأرسل اللَّه نارا من السماء فقبضت قربان آدم».

و الكل مردود: لأن التأسي مجمل لا يفيد الندب فكيف بالوجوب، و في صحيح ابن عمار قرينة مطلق الرجحان فيه ظاهرة بقوله عليه السّلام في صدر الحديث:

«و يستحب» مع ان عدم تجاوز الحياض أعم من المبيت في المزدلفة لإمكان المبيت في خارجها، و يمكن أن يكون إرشادا إلى عدم إيقاع نفسه في المشقة بعد الوصول إلى المزدلفة فيخرج منها ثمَّ يرجع إليها لدرك بين الطلوعين لأنه نحو كلفة و تعب ربما تمنعه عن حضور القلب في الدعاء و الإقبال عليه مع أن المكان مكان الدعاء و التوجه، و خبر ابن أبي الديلم قاصر سندا و مجمل متنا، لأن البطحاء محل فيه دقاق الحصى و بطحاء جمع لم يعلم المراد منه أنها في نفس جمع، أو إحدى حدوده، مع أن سياقه من أوله إلى آخره سياق الآداب و الندب.

و استدل العامة على عدم الوجوب بما تقدم من صحيح هشام بن سالم، و ما يأتي من خبر مسمع.

و فيه: أنه يمكن حمل الأولى على الضرورة، و الأخير على الإجزاء مع الإثم بقرينة ما فيه من الجبر بشاة.

خروجا عن خلاف من ذهب إلى الوجوب و إن كان قد ظهر مما مرّ أنه بلا دليل.

(مسألة ۱۲): لو بات ليلة النحر في المشعر و نوى البيتوتة فيه و كان بانيا على الوقوف بين الطلوعين يجزي ذلك عن تجديد النية عند الفجر، (۳۰) نعم لو كان غافلا عن ذلك بالمرة وجب عليه تجديد النية (۳۱).

لتحقق الداعي حينئذ في نفسه للوقوف من عند طلوع الفجر، و قد تقدم مرارا كفاية مجرد الداعي في النية من دون اعتبار شي‏ء زائد عليه.

نعم تعتبر القربة.

لوجوب النية في وقوف المشعر بالضرورة و المفروض عدم تحققها قبل ذلك، فيجب عليه التجديد.

(مسألة ۱۳): لو كان في المشعر ليلا و أفاض قبل طلوع الفجر عامدا من غير عذر- و لو قليلا- صح حجه إذا كان قد وقف بعرفات، و وجب عليه الجبر بشاة (۳۲).و لو أفاض ناسيا فلا شي‏ء عليه (۳۳)، و كذا مع العذر و لو كان جهلا يعذر فيه (۳٤).

نصا، و إجماعا، ففي خبر مسمع عن أبي إبراهيم عليه السّلام: «في رجل وقف مع الناس بجمع ثمَّ أفاض قبل أن يفيض الناس قال عليه السّلام: إن كان جاهلا فلا شي‏ء عليه، و إن كان أفاض قبل طلوع الفجر فعليه دم شاة». و نسب إلى الحلي، و ظاهر الخلاف بطلان الحج لفوت وقوف الركن عمدا.

و فيه. أولا: إنه مخالف لخبر مسمع المعتبر.

و ثانيا: لإطلاق ما تقدم من قوله عليه السّلام: «من أدرك المشعر قبل طلوع الشمس فقد أدرك الحج»، و تقدم في [مسألة ۲۳] من الفصل السابق ما ينفع المقام، و وجّه في الحدائق كلام ابن إدريس بما لا يوافق ظاهره من شاء فليراجع.

للأصل، و الإجماع، و إطلاق ما دل على رفع الخطأ و النسيان و ما لا يعلمون‏44.

للأصل بعد انصراف دليل الجبر بشاة عن المعذور، و لا كفّارة بالنسبة إلى المعذور، إلا إذا دل دليل عليها بالخصوص.

(مسألة ۱٤): يجوز للخائف، و النساء، و الضعفاء، و ذوي الأعذار الإفاضة من المشعر قبل الفجر بعد الوقوف فيه مع النية في ليلة النحر- كما تقدم- (۳٥) و لا جبران عليهم بشاة (۳٦) و الأولى أن تكون إفاضتهم بعد انتصاف الليل رجاء (۳۷).

راجع ما تقدم في (مسألة ۸).

للأصل، و الإطلاق، و ظهور الاتفاق.

جمودا على لفظ المبيت المذكور في كلمات بعض الفقهاء، و لم أر هذا اللفظ في النصوص فيما تفحصت عاجلا. نعم في المرسل عن الصادق عليه السّلام: «كان أبي يقف بالمشعر حيث يبيت»، و عنه عليه السّلام في صحيح ابن عمار عنه عليه السّلام: «فقف إن شئت قريبا من الجبل، و إن شئت حيث شئت (تبيت) فإذا وقفت فاحمد اللَّه- الحديث-».

و الكل لا يصلح للاعتماد عليه في الحكم الشرعي و لا بأس بعنوان الرجاء، و يأتي معنى البيتوتة في أعمال منى إنشاء اللَّه تعالى.

(مسألة ۱٥): لا فرق في العذر الموجب لجواز الإفاضة قبل الفجر بين الأعذار العرفية و الشرعية (۳۸) حتّى أن من يفيض مع المعذور تحفظا عليه يجوز له الإفاضة قبل الفجر أيضا (۳۹)، فيجوز إفاضة الممرض مع مريضه (٤۰)، كما لا فرق في الخوف- الموجب لجواز الإفاضة- بين كونه على نفسه من حدوث مرض، أو اشتداده، أو على من يتعلق به، أو على ماله (٤۱).

لظهور الإجماع، و الإطلاق بعد حمل ما ورد في الأخبار من الحائض و الضعفاء على مجرد المثال لكل ذي عذر.

فإنه أيضا عذر مقبول عرفا، و قد أرسل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله أسامة مع النساء كما في صحيح الأعرج‏.

لأن التمريض عذر عرفي. ثمَّ إن الخوف حالة نفسانية لا تدور مدار الواقع، فمتى حصلت تلك الحالة تجوز الإفاضة.

كل ذلك لظهور الإطلاق.

(مسألة ۱٦): لو تذكّر الناسي، أو علم الجاهل، أو ارتفع العذر و أمكن بعد ذلك إدراك الوقوف بين الطلوعين في المشعر وجب العود على الأحوط (٤۲).

لشمول إطلاق ما دل على وجوب الوقوف في ما بين الطلوعين له حينئذ، و حكم الترخيص في الإفاضة كان ما داميا لا دائميا، و لكنه مخالف لإطلاق ما ورد في الترخيص في الإفاضة بليل بالنسبة إلى الخائف، و الضعفاء بل لا أظن أحدا يلتزم ذلك بالنسبة إلى النساء.

إلا أن يقال: لا بد في عدم الوجوب من الاقتصار على مورد النص و هو الخائف، و النساء، و الضعفاء. و في الناسي، و الجاهل و سائر الأعذار يرجع إلى إطلاق ما دل على وجوب وقوف ما بين الطلوعين.

و فيه إشكال بعد حمل ما ورد على مجرد المثال لا الخصوصية كما مرّ.

الأول: من فاته الحج لعدم إدراك الموقفين تحلّل بعمرة مفردة (۱) بلا حاجة إلى نية قلب إحرامه إليها (۲) و إن كان هو الأحوط (۳)، و لا يجب عليه شي‏ء من أفعال الحج (٤)، و إن كان الأحوط للمتمتع ذبح شاة (٥).

إجماعا، و نصوصا مستفيضة منها قول الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «أيّما حاج سائق للهدي، أو مفرد للحج، أو متمتع بالعمرة إلى الحج قدم و قد فاته الحج فليجعلها عمرة و عليه الحج من قابل»٥۰، و صحيحة الآخر قلت لأبي عبد اللَّه عليه السّلام: «رجل جاء حاجا ففاته الحج و لم يكن طاف قال: «يقيم مع الناس حراما أيام التشريق و لا عمرة فيها، فإذا انقضت طاف بالبيت و سعى بين الصفا و المروة و أحل و عليه الحج من قابل يحرم من حيث أحرم»٥۱ و هو محمول بالنسبة إلى إقامته على الندب بقرينة صحيح حريز قال: «سئل أبو عبد اللَّه عليه السّلام- إلى ان قال- فإن شاء أقام بمكة، و إن شاء أقام بمعنى مع الناس، و إن شاء ذهب حيث شاء ليس هو من الناس في شي‏ء»٥۲.

كما عن جمع من الفقهاء، لظهور جملة من النصوص في أن الانقلاب قهري منها أخبار محمد بن سنان، و ابن فضيل‏٥۳، و علي بن الفضل الواسطي المشتملة على قوله عليه السّلام: «و هي عمرة»٥4، و منها ما تقدم من صحيح‏ عمار٥٥.

و عن جمع منهم الفاضل في أكثر كتبه أنه يحتاج إلى النية، للأصل، و أن «الأعمال بالنيات»٥٦، و قوله عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «فليجعلها عمرة»٥۷، و مثله في صحيح حريز٥۸.

و الكل مخدوش، إذ الأصل محكوم بظواهر الإطلاقات، و المراد بقوله عليه السّلام: «الأعمال بالنيات» إنما هو قصد القربة و غيره بقرينة ذيله: «لكل امرئ ما نوى، فمن غزا ابتغاء ما عند اللَّه فقد وقع أجره على اللَّه عزّ و جل، و من غزا يريد عرض الدنيا أو نوى عقالا لم يكن له إلّا ما نوى»، كما أن المراد بقوله عليه السّلام:

«فليجعلها عمرة» أي: يأتي بأعمال العمرة لا أن ينويها كذلك.

خروجا عن خلاف من قال بعدم الانقلاب القهري.

للأصل، و الإجماع، و إطلاق النصوص التي تقدم بعضها.

للخروج عن خلاف بعض أصحابنا حيث أوجب ذلك عليه، قياسا على المحصور، و خبر الرقي قال: «كنت مع أبي عبد اللَّه عليه السّلام بمنى، إذ دخل عليه رجل فقال: قدم اليوم قوم قد فاتهم الحج، فقال: نسأل اللَّه العافية قال: أرى عليهم أن يهريق كل واحد منهم دم شاة، و يحلون و عليهم الحج من قابل- الحديث-»٥۹، و صحيح ضريس على ما في الفقيه حيث إن فيه: «و يحلق رأسه و يذبح شاته»٦۰.

و لكن الأول باطل، مع أنه مع الفارق، و خبر الرقي قاصر سندا و معرض‏ عنه عند الأصحاب، و موافق للعامة، و صحيح ضريس محمول على ما إذا كان معه شاة عينها للهدي بنذر أو نحوه.

الثاني: لا يجوز له البقاء على إحرامه ليحج به في العام القابل (٦) هذه الحرمة تكليفية محضة (۷)، فلو أثم و بقي عليه و رجع إلا بلاده و عاد قبل التحلّل لم يحتج إلى إحرام جديد من الميقات و إن بعد العهد (۸)، فيجب عليه إكمال العمرة (۹)، و لا تجزي هذه العمرة عن عمرة الإسلام (۱۰).

على المشهور بل لم يوجد فيه خلاف عندنا إلا ما نسب إلى ابني حمزة و البراج مع عدم الاشتراط.

و يدل على المشهور: أما بناء على الانتقال القهري إلى العمرة فلم يبق إحرام للحج حتى يصحّ البقاء عليه، و أما بناء على وجوب نقل النية فلما يستفاد من مجموع الأدلة مبغوضية البقاء على إحرام الحج و لو مع قطع النظر عن مسألة الضد، مع أن الشك في مروعية البقاء يكفي في عدم المشروعية لأصالة عدمها إلا بدليل معتبر، و لا يجري الاستصحاب، لأن الشك في أصل التشريع.

لأصالة عدم زوال الإحرام بعد انعقاد صحيحا إلا بتحقق المحلل و المفروض عدم تحققه.

لأصالة بقاء الإحرام على ما وقع عليه و عدم زواله بمحلل شرعي، و النهي عن البقاء عليه ليس محللا شرعيا كما إذا كان متوضئا و كان إبقاء طهارته ضررا عليه و منهيا عنه و مع ذلك أبقاها، فالطهارة باقية و يصح إتيان كل مشروط بها، لحصر النواقض، و ليس التضرر بالإبقاء من أحدهما، فكذا المقام.

لوجوبها على كل تقدير سواء كان الانقلاب قهريا أو قصديا.

كما هو ظاهر الفتاوى، و النصوص، و صرح به في الجواهر، للأصل، و لأنها واجبة بسبب الفوات، فلا وجه للإجزاء عن غيره إلا بدليل يدل على التداخل و هو مفقود، بل مقتضى الأصل عدمه.

الثالث: بعد الإحلال عن عمرة الفوات إن أخّره إلى العام القابل يحرم‏ بما يريد من النسك (۱۱) حتّى لو كان فرضه التمتع وجب عليه الخروج إلى أحد المواقيت للعمرة (۱۲) و تجزي المواقيت الاضطرارية مع التعذّر (۱۳).

لما تقدم من اشتراط العمرة و الحج بالإحرام.

للأدلة الدالة على اعتبار كون إحرام عمرة التمتع من إحدى المواقيت و اعتبار كون عمرته و حجه في سنة واحدة و حيث انقلبت العمرة المأتي بها إلى عمرة الوفاة فلا وجه للاجتزاء بها له مع الفصل بينها و بين الحج بسنة.

لعموم أدلة إجزائها، و إطلاقاتها الشامل للمقام أيضا.

الرابع: لو صدّ عن الرجوع من بلاده لإتمام العمرة يحل و لو في محله بالذبح و التقصير (۱٤).

لعموم أدلة حكم المصدود و المحصور الشامل لهذه الصورة أيضا و يأتي التفصيل في محله.

الخامس: الأحوط وجوبا الإتيان بطواف النساء في هذه العمرة (۱٥).

قال في الجواهر: «لم أجد في شي‏ء من النصوص و لا الفتاوى التصريح بذكر طواف النساء، بل ظاهر النصوص المتعرضة لتفصيل أفعالها هنا خلافه و لعله الأقوى و لكن الأحوط الإتيان به».

أقول: مقتضى الأصل بقاء حرمتهن و عدم الحلية إلا بالطواف إلا أن يكون في البين دليل معتبر على الخلاف و كون أدلة المقام في مقام البيان من هذه الجهة مشكل و لعل عدم تعرض الفقهاء إنما كان لأجل مسلميّة اعتبار طواف النساء في كل عمرة مفردة عندهم، فلم يتعرضوا له في المقام من هذه الجهة، و يظهر ذلك من سكوتهم عند التعرض لاعتبار طواف النساء في العمرة المفردة عن ذلك فجعلوا العمرة على قسمين، مفردة و تمتعية فحكموا باعتبار طواف النساء في الأولى دون الأخيرة، فلو كان اعتباره في عمرة الفوات مورد التردد لديهم لأشاروا إليه في ذلك الموضع و قد قوّى الوجوب صاحب الجواهر في النجاة فراجع.

السادس: يجب عليه الحج من قابل إن استقر الوجوب أو استمرت الشرائط (۱٦)، و إلّا فندبا (۱۷) خصوصا إذا لم يكن قد اشترط (۱۸).

لما دل على وجوبه بعد تحقق الشرائط من الكتاب، و السنّة، و الإجماع بعد عدم دليل على عدم سقوط التكليف بما تلبس به من الإحرام، و يدل عليه صحيحا ابن عمار- المتقدمان- و صحيح حريز، و خبرا الرقي، و الحميري‏٦۱ و ظاهر إطلاقها و إن كان هو وجوب القضاء مطلقا إلّا أنه مخالف للشهرة العظيمة بل لم يعرف الخلاف فيه كما عن جمع. هذا بحسب العمومات و الإطلاقات، و أصالة بقاء الوجوب و الأدلة الخاصة، و مقتضى الجميع عدم الفرق بين اشتراط الإحلال في الإحرام و عدمه، و قد تقدم ما يتعلق بالاشتراط فراجع (مسألة ۱۳) من فصل كيفية الإحرام.

لظهور الإجماع، و حملا للنصوص على الندب مع عدم موجب الوجوب.

لصحيح ضريس قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل خرج متمتعا بالعمرة إلى الحج فلم يبلغ مكة إلا يوم النحر، فقال: يقيم على إحرامه و يقطع التلبية حتى يدخل مكة فيطوف و يسعى بين الصفا و المروة، و يحلق رأسه‏ و ينصرف إلى أهله إن شاء، و قال: هذا لمن اشترط على ربّه عند إحرامه، فإن لم يكن اشتراط فإن عليه الحج من قابل»٦۲.

و عن الشيخ رحمه اللَّه في التهذيب الوجوب على من لم يشترط مستدلا بهذا الحديث، قال في الجواهر: «و يشكل- بعد الإعراض عن الصحيح و منافاته لما هو المعلوم من غيره نصا، و فتوى- بأنه إن كان مستحبا لم يجب القضاء و إن لم يشترط، و كذا إن لم يستقر و لا استمر وجوبه، و إن كان واجبا وجوبا مستقرا أو مستمرا وجب و إن اشتراط، فالوجه حمله على شدة استحباب القضاء إذا لم يشترط و كان مندوبا أو غير مستقر الوجوب و لا مستمرة».

السابع: يستحب لمن فاته الحج الإقامة بمنى إلى انقضاء أيام‏ التشريق، ثمَّ يأتي بأفعال العمرة الّتي يتحلّل بها (۱۹).

لصحيح ابن عمار- المتقدم- المحمول على الندب جمعا و إجماعا.

الثامن: لا فرق في ما ذكر بين تعمد التفويت و غيره. (۲۰).

على المشهور في التحلل بأعمال العمرة، و وجوب الحج عليه في القابل مع الاستقرار و الاستمرار و ذلك كله موافق للقاعدة مع قطع النظر عن أخبار المقام. نعم نسب إلى بعض وجوب الحج عليه من قابل إن كان الحج مندوبا، و فرط في تفويته و ليس له دليل ظاهر.

  1. الوسائل باب: ۸ من أبواب المشعر الحرام حديث: ۱.
  2. الوسائل باب: ۸ من أبواب المشعر الحرام حديث: 4.
  3. الوسائل باب: ۸ من أبواب المشعر الحرام حديث: ۳.
  4. الوسائل باب: ۱۸ و ۱۹ من أبواب الوقوف بالمشعر.
  5. راجع الوافي ج: ۸ باب: ۱4 من أبواب بد و المشاعر و المناسك صفحة: 4۰.
  6. راجع الوافي: ج ۸ باب ۱4 من أبواب بدء المشاعر و المناسك صفحة: ۳۸.
  7. الوجيف و الايضاع: الإسراع. و في الوافي ج: ۸ صفحة: ۱٥٥ باب: ۱۳۲ من أبواب بد و المشاعر و المناسك و لا توطئوا مسلما، و تؤدوا و هو: بمعنى التأني.
  8. الوسائل باب: ۱ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ۱.
  9. الوسائل باب: ٥ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ۱.
  10. الوسائل باب: ٥ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ۲.
  11. الوسائل باب: ٥ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ۳.
  12. الوسائل باب: ٦ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ۳.
  13. الوسائل باب: ٦ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 4.
  14. الوسائل باب: ٦ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ٥.
  15. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ۱.
  16. الوسائل باب: ۷ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ۱.
  17. الوسائل باب: ۷ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ۲.
  18. الوسائل باب: ۷ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ۳.
  19. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ۷.
  20. سورة البقرة: ۱۹۸.
  21. راجع الوسائل باب: ۲ من أبواب أقسام الحج حديث: 4، و باب: 4 حديث: ۲ و باب: ۲۱ من أبواب الوقوف بالمشعر.
  22. الوسائل باب: ۹ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ۱.
  23. الوسائل باب: ۸ من أبواب الوقوف بالمشعر.
  24. الوسائل باب: ۲٥ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ۳.
  25. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ۱۱.
  26. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ۱.
  27. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ۸.
  28. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ۱.
  29. الوسائل باب: ۲۳ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ۱۳.
  30. الوسائل باب: ۱4 من أبواب رمي جمرة العقبة حديث: ۳.
  31. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ۷.
  32. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ۳.
  33. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 4.
  34. تقدم في صفحة: ۲۱۱.
  35. الوسائل باب: ۱٥ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ۱.
  36. الوسائل باب: ۱٥ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 4.
  37. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ۸.
  38. الوسائل باب: ۱٥ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ٥.
  39. الوسائل باب: ۱٥ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ۳.
  40. الوسائل باب: ۷ و ۸ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ۱ و ۳.
  41. الوسائل باب: 4 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ٦.
  42. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ۱.
  43. الوسائل باب: ۲۳ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ۱۳.
  44. الوسائل باب: ٥٦ من أبواب جهاد النفس حديث: ۳.
  45. الوسائل باب: ۸ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ۸.
  46. راجع الوسائل باب: ۱۱ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ۱.
  47. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ۲ و غيره.
  48. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ۲ و غيره.
  49. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ۲ و غيره.
  50. الوسائل باب: ۲۷ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ۱.
  51. الوسائل باب: ۲۷ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ۳.
  52. الوسائل باب: ۲۷ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 4.
  53. الوسائل باب:( ۲۳) من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ۳ و 4.
  54. الوسائل باب: ۲۷ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ٦.
  55. الوسائل باب: ۲۷ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ۱.
  56. الوسائل باب: ٥ من أبواب مقدمة العبادات حديث: ۱۰.
  57. الوسائل باب: ۲۷ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 4.
  58. الوسائل باب: ۲۷ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ۱.
  59. الوسائل باب: ۲۷ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ٥.
  60. الوسائل باب: ۲۷ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ۲.
  61. تقدم جميع ذلك في صفحة: ۲۲۲.
  62. الوسائل باب: ۲۷ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: ۲.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"