لأنّها من الوقت و هو موضوع لمقدار معين من الزمان فإطلاقه على الأمكنة المخصوصة لا بد و أن يكون بالعناية بخلاف مواقيت الصلاة فإنّ الإطلاق فيها حقيقيّ.
و هي: المواضع المعينة للإحرام أطلقت عليها مجازا أو حقيقة متشرعية (۱). و المذكور منها في جملة من الأخبار خمسة، و في بعضها ستة، و لكن المستفاد من مجموع الأخبار: أنّ المواضع التي يجوز الإحرام منها عشرة (۲).
أحدها: ذو الحليفة، و هي: ميقات أهل المدينة و من يمر على طريقهم، و هل هو مكان فيه مسجد الشجرة، أو نفس المسجد؟ قولان، و في جملة من الأخبار أنّه: هو الشجرة (۳). و في بعضها: أنّه مسجد الشجرة و على أيّ حال فالأحوط الاقتصار على المسجد، إذ مع كونه هو المسجد فواضح و مع كونه مكانا فيه المسجد فاللازم حمل المطلق على المقيّد (٤) لكن مع ذلك الأقوى جواز الإحرام من خارج المسجد- و لو اختيارا- و إن قلنا إنّ ذا الحليفة هو المسجد (٥) و ذلك لأنّ مع الإحرام من جوانب المسجد يصدق الإحرام منه (٦) عرفا إذا فرق بين الأمر بالإحرام من المسجد أو بالإحرام فيه هذا مع إمكان دعوى: أنّ المسجد حدّ للإحرام فيشمل جانبيه مع محاذاته. و إن شئت فقل: المحاذاة كافية و لو مع القرب من الميقات (۷).
(مسألة ۱): الأقوى عدم جواز التأخير إلى الجحفة و هي ميقات أهل الشام- اختيارا (۸).نعم، يجوز مع الضرورة، لمرض أو ضعف، أو غيرهما من الموانع (۹). لكن خصها بعضهم بخصوص المرض (۱۰) و الضعف لوجودهما في الأخبار فلا يلحق بهما غيرهما من الضرورات. و الظاهر إرادة المثال فالأقوى جوازه مع مطلق الضرورة (۱۱).
(مسألة ۲): يجوز لأهل المدينة و من أتاها العدول إلى ميقات آخر (۱۲) كالجحفة أو العقيق، فعدم جواز التأخير إلى الجحفة إنّما هو إذا مشى من طريق ذي الحليفة. بل الظاهر أنّه لو أتى إلى ذي الحليفة ثمَّ أراد الرجوع منه و المشي من طريق آخر جاز بل يجوز أن يعدل عنه من غير رجوع، فإنّ الذي لا يجوز هو التجاوز عن الميقات محلا، و إذا عدل إلى طريق آخر لا يكون مجاوزا و إن كان ذلك و هو في ذي الحليفة. و ما في خبر إبراهيم بن عبد الحميد عن المنع عن العدول إذا أتى المدينة- مع ضعفه- منزل على الكراهة (۱۳).
(مسألة ۳): الحائض تحرم خارج المسجد على المختار، و يدل عليه – مضافا إلى ما مر- مرسلة يونس (۱٤) في كيفية إحرامها: «و لا تدخل المسجد، و تهل بالحج بغير صلاة» و أما على القول بالاختصاص بالمسجد، فمع عدم إمكان صبرها (۱٥) إلى أن تطهر تدخل المسجد، و تحرم في حال الاجتياز إن أمكن، و إن لم يمكن- لزحام أو غيره- أحرمت خارج المسجد و جدّدت في الجحفة (۱٦) أو محاذاتها.
(مسألة ٤): إذا كان جنبا و لم يكن عنده ماء جاز له أن يحرم خارج المسجد (۱۷) و الأحوط أن يتيمم للدخول (۱۸) و الإحرام منه و يتعيّن ذلك على القول بتعيين المسجد، و كذا الحائض إذا لم يكن لها ماء بعد نقائها.
الثاني: العقيق و هو: ميقات أهل نجد، و العراق (۱۹) و من يمر عليه من غيرهم (۲۰) و أوله: المسلخ، و أوسطه غمرة، و آخره ذات عرق (۲۱)، و المشهور جواز الإحرام من جميع مواضعه اختيارا (۲۲)، و أنّ الأفضل الإحرام من المسلخ ثمَّ من غمرة (۲۳) و الأحوط عدم التأخير إلى ذات عرق الا لمرض أو تقية، فإنّه ميقات العامة (۲٤)، لكن الأقوى ما هو المشهور و يجوز- في حال التقية- الإحرام من أوله- قبل ذات عرق- سرّا من غير نزع ما عليه من الثياب إلى ذات عرق، ثمَّ إظهاره و لبس ثوبي الإحرام هناك بل هو الأحوط و إن أمكن تجرده و لبس الثوبين سرّا، ثمَّ نزعهما و لبس ثيابه إلى ذات عرق، ثمَّ التجرد و لبس الثوبين فهو أولى (۲٥).
الثالث: الجحفة (۲٦) و هي: لأهل الشام، و مصر، و المغرب و من يمر عليها من غيرهم (۲۷) إذا لم يحرم من الميقات السابق عليها.
الرابع: يلملم و هو: لأهل اليمن (۲۸).
الخامس: قرن المنازل و هو لأهل الطائف (۲۹).
السادس: مكة، و هي لحج التمتع (۳۰).
السابع: دويرة الأهل (۳۱) أي: المنزل و هي لمن كان منزله دون الميقات إلى مكة بل لأهل مكة أيضا على المشهور الأقوى (۳۲)، و إن استشكل فيه بعضهم (۳۳) فإنّهم يحرمون لحج القران و الإفراد من مكة (۳٤)، بل و كذا المجاور الذي انتقل فرضه إلى فرض أهل مكة، و إن كان الأحوط إحرامه- من الجعرانة و هي أحد مواضع أدنى الحل- للصحيحين الواردين فيه المقتضي إطلاقهما عدم الفرق بين من انتقل فرضه أو لم ينتقل و إن كان القدر المتيقن (۳٥) الثاني، فلا يشمل ما نحن فيه لكن الأحوط ما ذكرنا، عملا بإطلاقهما و الظاهر أنّ الإحرام من المنزل للمذكورين من باب الرخصة (۳٦)، و إلا فيجوز لهم الإحرام من أحد المواقيت بل لعله أفضل، لبعد المسافة، و طول زمان الإحرام.
الثامن: فخ و هو ميقات الصبيان، في غير حج التمتع (۳۷) عند جماعة، بمعنى: جواز تأخير إحرامهم إلى هذا المكان، لا أنّه يتعيّن ذلك و لكن الأحوط ما عن آخرين من وجوب كون إحرامهم من الميقات، لكن لا يجرّدون إلا في فخ، ثمَّ إنّ جواز التأخير- على القول الأول- إنّما هو إذا مروا على طريق المدينة و أما إذا سلكوا طريقا لا يصل إلى فخ فاللازم إحرامهم من ميقات البالغين (۳۸).
التاسع: محاذاة أحد المواقيت الخمسة (۳۹)، و هي ميقات من لم يمر على أحدها و الدليل عليه صحيحتا ابن سنان و لا يضرّ اختصاصهما بمحاذاة مسجد الشجرة، بعد فهم المثالية منهما، و عدم القول بالفصل و مقتضاهما محاذاة أبعد الميقاتين إلى مكة إذا كان في طريق يحاذي اثنين، فلا وجه للقول بكفاية أقربهما إلى مكة (٤۰) و تتحقق المحاذاة بأن يصل – في طريقه إلى مكة- إلى موضع يكون بينه و بين مكة باب (٤۱) و هي بين ذلك الميقات و مكة بالخط المستقيم. و بوجه آخر: أن يكون الخطّ من موقفه إلى الميقات أقصر الخطوط في ذلك الطريق. ثمَّ إنّ المدار على صدق المحاذاة عرفا، فلا يكفي إذا كان بعيد (٤۲) عنه فيعتبر فيه المسامتة، كما لا يخفى. و اللازم حصول العلم بالمحاذاة إن أمكن، و الا فالظن الحاصل من قول أهل الخبرة (٤۳) و مع عدمه أيضا فاللازم الذهاب إلى الميقات، أو الإحرام من أول موضع احتماله و استمرار النية و التلبية إلى آخر مواضعه. و لا يضرّ احتمال كون الإحرام قبل الميقات حينئذ- مع أنّه لا يجوز- لأنّه لا بأس به إذا كان بعنوان الاحتياط و لا يجوز إجراء أصالة عدم الوصول إلى المحاذاة، أو أصالة عدم وجوب الإحرام، لأنّهما لا يثبتان كون ما بعد ذلك محاذيا. و المفروض لزوم كون إنشاء الإحرام من المحاذاة. و يجوز لمثل هذا الشخص أن ينذر الإحرام قبل الميقات، فيحرم في أول موضع الاحتمال أو قبله، على ما سيأتي من جواز ذلك مع النذر و الأحوط في صورة الظن أيضا عدم الاكتفاء به و إعمال أحد هذه الأمور، و إن كان الأقوى الاكتفاء، بل الأحوط عدم الاكتفاء بالمحاذاة مع إمكان الذهاب إلى الميقات (٤٤) لكن الأقوى ما ذكرنا من جوازه مطلقا.ثمَّ إن أحرم في موضع الظن بالمحاذاة و لم يتبين الخلاف فلا إشكال (٤٥). و إن تبين بعد ذلك كونه قبل المحاذاة و لم يتجاوزه أعاد الإحرام (٤٦) و إن تبيّن كونه قبله و قد تجاوز، أو تبيّن كونه بعده فإن أمكن العود و التجديد تعيّن (٤۷)، و إلا فيكفي في الصورة الثانية، و يجدد في الأولى في مكانه و الأولى التجديد مطلقا (٤۸) و لا فرق- في جواز الإحرام في المحاذاة- بين البر و البحر (٤۹). ثمَّ إنّ الظاهر أنّه لا يتصوّر طريق لا يمرّ على ميقات، و لا يكون محاذيا لواحد منها (٥۰)، إذ المواقيت محيطة بالحرم من الجوانب (٥۱)، فلا بد من محاذاة واحد منها. و لو فرض إمكان ذلك فاللازم الإحرام من أدنى الحلّ (٥۲) و عن بعضهم إنّه يحرم من موضع يكون بينه و بين مكة بقدر ما بينها و بين أقرب المواقيت إليها و هو مرحلتان لأنّه لا يجوز لأحد قطعه إلا محرما. و فيه: أنّه لا دليل عليه لكن الأحوط الإحرام منه و تجديده في أدنى الحل.
العاشر: أدنى الحل، و هو ميقات العمرة المفردة بعد حج القران أو الإفراد، بل لكل عمرة مفردة (٥۳) و الأفضل أن يكون من الحديبية (٥٤)، أو الجعرانة، أو التنعيم فإنّها منصوصة (٥٥). و هي: من حدود الحرم، على اختلاف بينها في القرب و البعد فإنّ الحديبية- بالتخفيف أو التشديد- (٥٦) بئر بقرب مكة على طريق جدة، دون مرحلة، ثمَّ أطلق على الموضع و يقال نصفه في الحل و نصفه في الحرم و الجعرانة- بكسر الجيم و العين و تشديد الراء، أو بكسر الجيم و سكون العين و تخفيف الراء- موضع بين مكة و الطائف، على سبعة أميال (٥۷) و التنعيم: موضع قريب من مكة، و هو أقرب أطراف الحل إلى مكة و يقال: بينه و بين مكة أربعة أميال، و يعرف بمسجد عائشة (٥۸) كذا في مجمع البحرين. و أما المواقيت الخمسة فعن العلامة في المنتهى أنّ أبعدها من مكة ذو الحليفة، فإنّها على عشرة مراحل (٥۹) من مكة، و يليه في البعد الجحفة و المواقيت الثلاثة الباقية على مسافة واحدة، بينها و بين مكة ليلتان قاصدتان و قيل إنّ الجحفة على ثلاثة مراحل من مكة.
(مسألة ٥): كل من حج أو اعتمر على طريق فميقاته ميقات أهل ذلك الطريق و إن كان مهل أرضه غيره- كما أشرنا إليه سابقا- (٦۰) فلا يتعيّن أن يحرم من مهل أرضه بالإجماع و النصوص: منها: صحيحة صفوان: «إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله وقت المواقيت لأهلها و من أتى عليها من غير أهلها».
(مسألة ٦): قد علم مما مرّ أنّ ميقات حج التمتع مكة واجبا كان أو مستحبا، من الآفاقي أو من أهل مكة (٦۱) و ميقات عمرته: أحد المواقيت الخمسة (٦۲)، أو محاذاتها كذلك أيضا (٦۳) و ميقات الحج القران و الإفراد: أحد تلك المواقيت مطلقا أيضا (٦٤)، إلا إذا كان منزله دون الميقات أو مكة فميقاته منزله. و يجوز من أحد تلك المواقيت أيضا بل هو الأفضل (٦٥) و ميقات عمرتهما: أدنى الحل إذا كان في مكة و يجوز من أحد المواقيت أيضا (٦٦) و إذا لم يكن في مكة فيتعيّن أحدها (٦۷) و كذا الحكم في العمرة المفردة، مستحبة كانت أو واجبة (٦۸).و إن نذر الإحرام من ميقات معيّن تعيّن (٦۹) و المجاور بمكة بعد السنتين حاله حال أهلها (۷۰)، و قيل ذلك حاله حال النائي (۷۱). فإذا أراد حج الإفراد أو القران يكون ميقاته أحد الخمسة أو محاذاتها، و إذا أراد العمرة المفردة جاز إحرامها من أدنى الحل.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب المواقيت حديث: ۳
- الوسائل باب: ۱ من أبواب المواقيت حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب المواقيت حديث: ۷.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب المواقيت حديث: ۹.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب المواقيت، و تقدم في صفحة ٦.
- الوسائل باب: ۸ من أبواب المواقيت حديث: ۱.
- الوسائل باب: ٦ من أبواب المواقيت حديث: 4.
- الوسائل باب: ٦ من أبواب المواقيت حديث: ٥.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب المواقيت حديث: ٥.
- الوسائل باب: ٦ من أبواب المواقيت حديث: ۱.
- الوسائل باب: ٦ من أبواب المواقيت حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب المواقيت حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱٦ من أبواب المواقيت حديث: ۳.
- الوسائل باب: 4۸ من أبواب الإحرام حديث: ۲.
- الوسائل باب: ٦ من أبواب المواقيت حديث: ۱ و ۳.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب المواقيت حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب المواقيت حديث: ٦.
- الوسائل باب: ۲ من أبواب المواقيت حديث: ۷.
- الوسائل باب: ۲ من أبواب المواقيت حديث: ۹.
- الوسائل باب: ۲ من أبواب المواقيت حديث: ٥.
- الوسائل باب: ۲ من أبواب المواقيت حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۳ من أبواب المواقيت حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب المواقيت حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب المواقيت حديث: ۱۰.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب المواقيت حديث: ٥.
- الوسائل باب: ۱٥ من أبواب المواقيت حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب المواقيت حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب المواقيت حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب المواقيت حديث: ٦.
- الوسائل باب: ۱ من أبواب المواقيت حديث: ۷.
- الوسائل باب: ٥۲ من أبواب الإحرام حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۹ من أبواب أقسام الحج حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۱۷ من أبواب المواقيت حديث: ۱.
- السنن الكبرى للبيهقي جزء ٥ صفحة ۲۹ باب: من كان أهله دون الميقات.
- الوسائل باب: ۱۷ من أبواب المواقيت حديث: ٦.
- الوسائل باب: ۹ من أبواب أقسام الحج حديث: ٦.
- الوسائل باب: ۹ من أبواب أقسام الحج حديث: ٥.
- الوسائل باب: ۱۸ من أبواب المواقيت حديث: ۱.
- الوسائل باب: ۱۷ من أبواب أقسام الحج حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۱۷ من أبواب أقسام الحج حديث: ۷.
- الوسائل باب: ۷ من أبواب المواقيت حديث: ۱
- الوسائل باب: ۷ من أبواب المواقيت حديث: ۳.
- الوسائل باب: ۷ من أبواب المواقيت حديث: ۲.
- تقدم في صفحة ۹.
- الوسائل باب: ٥ من أبواب المواقيت حديث: ۱.
- تقدم في صفحة: ۲۲.
- الوسائل باب: ۲۲ من أبواب المواقيت حديث: ۱ و ۲.
- الوسائل باب: ۲۱ من أبواب أقسام الحج حديث: ۲.
- الوسائل باب: ۸۷ من أبواب تروك الإحرام حديث: 4.
- تقدم في ج ۱۲