1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب الوصيّة
  10. /
  11. فصل في الوصي و الناظر
(مسألة ۲۳): يجوز للموصي أن يعين شخصا لتنجيز وصاياه و تنفيذها فيتعين و يقال له: «الموصى إليه» و «الوصي» (۱). و يشترط فيه أمور البلوغ‏ و العقل و الإسلام (۲)، فلا تصح وصاية الصغير و لا المجنون و لا الكافر عن المسلم و إن كان ذميا قريبا (۳)، و هل يشترط فيه العدالة كما نسب إلى‏ المشهور أم يكفي الوثاقة؟ لا يبعد الثاني (٤) و إن كان الأول أحوط (٥).

الوصاية هي تسليط الموصي شخصا بعد موته على قصّر أو إخراج حق أو استيفائه أو رد الودائع أو استرجاعها أو تنفيذ الوصية أو نحو ذلك مما يكون الموصي مسلطا عليه بالذات، و عن جمع- بل عن الحدائق دعوى ظهور الاتفاق عليه- انها عقد يحتاج إلى الإيجاب و القبول و لا مدرك لقول الجمع، كما لا وجه لدعوى ظهور الاتفاق إن أريد بذلك تقوم حقيقتها بالقبول كسائر العقود المتعارفة، لأن المشهور بين الفقهاء كما يظهر من كلماتهم بعد رد بعضها إلى بعض أن الوصاية تلزم بعدم الرد الذي وصل إلى الموصي سواء قبل الوصي الوصاية أو لا، بل و إن رد و لم يبلغ رده إلى الموصي. و أما الدليل على صحة الوصاية، فالإجماع و السيرة و قاعدة السلطنة على ما كان الموصي مسلطا عليه، فكل ما كان مسلطا عليه في حياته يكون مسلطا على الوصاية به بعد مماته ما لم يدل دليل على الخلاف.

و بعبارة أخرى: الوصاية من سنخ الولاية و الاستنابة بعد الممات قررها الشرع تسهيلا على الأنام و حفظا للنظام و تتفاوتان سعة و ضيقا بحسب خصوصيات الجعل و سائر جهاته.

ثمَّ انهم قالوا: إن الوصاية نقل الولاية و الوصية التمليكية نقل الملك و الوصية العهدية نقل سلطة التنفيذ، و لا مشاحة في الاصطلاح بعد وضوح المقصود.

لإجماع الفقهاء على كل ذلك بل بناء العقلاء على اعتبار العقل و تقبيحهم لوصاية بعض المراتب من الصبيان، و قصور غير البالغ عن تصدي ذلك كما لا يخفى.

و يظهر من صاحب الجواهر اعتبار الإيمان بالمعنى الأخص أيضا، و لعل دليله أن أهل كل ملة لا يعتمدون في الوصاية إلا إلى أهل مذهبهم و ملتهم، و فيه تأمل ظاهر و يأتي باقي أدلتهم على اعتبار الإسلام و المناقشة فيها.

لظهور إجماع الفقهاء على التعميم فيشمل القريب و البعيد أيضا.

ثمَّ أنه قد استدل على عدم صحة وصاية المسلم إلى الكافر.

تارة: بدعوى الإجماع.

و أخرى: بقصور الكافر عن منصب الولاية.

و ثالثة: بآية الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ‏1.

و رابعة: بآية نفي السبيل‏2.

و خامسة: بآية لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْ‏ءٍ3.

و الكل مخدوش أما الإجماع فقد حصل من الاجتهاد في سائر أدلتهم التي وصلت إلينا، و أما قصور الكافر عن منصب الولاية على المسلم فليست الوصاية ولاية بل هي إذن و استنابة في أمور ربما يوكلها المسلم إلى غلامه و خادمه الأمين لديه، كأن يجعل كافرا أمينا خادما لأولاده و حافظا لأمواله و مديرا

لشؤونه.

و أما الثالثة: فلأن المنساق منها الاعتماد الديني و الركون من جهة الديانة و المعنويات و كذا المنساق من آية الركون إلى الظالم أيضا.

و أما الرابعة: فقد اعترف جمع من الفقهاء بإجمالها و ان المتيقن منها بالبراهين الصحيحة و الأدلة القويمة فإنها للمسلم على الكافر بالوجدان دون العكس كما يشهد به العيان.

و أما الأخيرة: فلأن المنساق منها اتخاذ محل الاعتماد و السير و الانقطاع اليه لا مثل الأجير و الخادم و الاستنابة في الجهات الجسمانية مع إحراز الوثاقة و الأمانة.

و لكن مع ذلك كله فالحق مع المشهور و لعل جميع ما قلناه من قبيل الشبهة في مقابل البديهة.

استدل على اعتبار العدالة.

تارة: بالإجماع.

و أخرى: بأن الفاسق ليس محل الامانة و الوثاقة.

و ثالثة: بآية وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ4.

و رابعة: بأنها ولاية و غير العادل ليس أهلا لها.

و خامسة: بنصوص وردت فيمن مات و له أموال و ورثة صغار و لا وصي له حيث اشترطت عدالة المتولي لأمرها5.

و الكل مخدوش أما الثلاثة الأولى فما مر آنفا في اعتبار الإسلام فراجع، و كذا الرابعة لأنها من مجرد الإذن و الوكالة و الاستنابة في أمور خاصة، و على‏

فرض كونها من الولاية فلها مراتب متفاوتة شدة و ضعفا أدناها كاستيجار الكافر مسلما لخدمة بيته و حفظ ماله و سائر شؤونه و نحو ذلك من الأمور، و قال في الجواهر و نعم ما قال: «إنها لا تستأهل جوابا».

ثمَّ نقول إن العدالة.

تارة: تعتبر بنحو الموضوعية و الصفة الخاصة كالقاضي و مرجع التقليد.

و أخرى: بنحو الطريقية للوثاقة و الأمانة و الصدق في القول كما في الراوي، حيث اتفق محققو المتأخرين على قبول خبر الموثوق بصدق الراوي و لو لم يكن عادلا، و لا ريب في أن المقام من الثاني دون الأول إذ المناط كله الوثاقة و الأمانة فكم من فاسق أمين في أموال الناس خصوصا في أموال اليتامى، و قد سمعنا في ذلك قصصا و حكايات و لكن الأحوط مع ذلك ما هو المشهور.

ظهر وجهه مما تقدم.

(مسألة ۲٤): إنما لا تصح وصاية الصغير منفردا و أما منضما إلى الكامل فلا بأس به (٦)، فيستقل الكامل بالتصرف إلى زمن بلوغ الصغير و لا ينتظر بلوغه فإذا بلغ شاركه من حينه، و ليس له الاعتراض فيما أمضاه الكامل سابقا إلا ما كان على خلاف ما أوصى به الميت فيرده إلى ما أوصى‏ و لا ينتظر بلوغه فإذا بلغ شاركه من حينه، و ليس له الاعتراض فيما أمضاه الكامل سابقا إلا ما كان على خلاف ما أوصى به الميت فيرده إلى ما أوصى به (۷)، و لو مات الصغير أو بلغ فاسد العقل كان للكامل الانفراد بالوصاية (۸).

للإطلاق و الاتفاق و خبر ابن يقطين قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن رجل أوصى إلى امرأة و شرّك في الوصية معها صبيا؟ فقال عليه السّلام: يجوز ذلك و تمضي المرأة الوصية و لا تنتظر بلوغ الصبي فإذا بلغ الصبي فليس له أن لا يرضى إلا ما كان من تبديل أو تغيير فإن له أن يرده إلى ما أوصى به الميت»6، و في مكاتبة الصفار قال: «كتبت إلى أبي محمد عليه السّلام رجل أوصى إلى ولده و فيهم كبار قد أدركوا و فيهم صغارا، أ يجوز للكبار أن ينفذوا وصيته و يقضوا دينه لمن‏

 

صح على الميت بشهود عدول قبل أن يدرك الأوصياء الصغار؟ فوقع عليه السّلام: نعم على الأكابر من الولد أن يقضوا دين أبيهم و لا يحبسوه بذلك»7.

لما ذكر ذلك في خبر ابن يقطين مضافا إلى ظهور إجماعهم على ذلك كله.

لوجود المقتضي للانفراد حينئذ و فقد المانع و لا تصل النوبة إلى تدخل الحاكم الشرعي لوجود منصوص الوصاية في البين.

(مسألة ۲٥): لو طرأ الجنون على الوصي بعد موت الموصي بطلت وصايته، و لو أفاق بعد ذلك لم تعد (۹) و احتاج إلى نصب جديد من الحاكم (۱۰).

أما زوال الوصاية فلانتفاء المشروط بانتفاء شرطه. و أما عدم عودها بعد ذلك فلأصالة عدم العود بعد الزوال، و لا يشمله دليل النصب الأول لأنه كان من القضية الشخصية لا الكلية فانعدام الحكم الشخصي المنشأ بانعدام موضوعه و زواله فلا محالة يحتاج العود إلى نصب جديد، هذا إذا طالت مدة عروض الجنون و أما إذا قصرت فالحكم بالزوال مشكل لصدق بقاء الموضوع عرفا فيشمله دليل الجعل و النصب لا محالة، و لكن الأحوط الاستيذان من الحاكم مع ذلك أيضا.

لانحصار ولاية النصب فيه حينئذ بعد موت الموصي.

(مسألة ۲۶): لا يجب على الموصى إليه قبول الوصاية (۱۱) و له أن‏ يردها ما دام الموصي حيا بشرط أن يبلغه الرد (۱۲)، فلو كان الرد بعد موت الموصي أو قبله و لكن لم يبلغه الرد حتى مات لم يكن أثر للرد و كانت الوصاية لازمة على الوصي (۱۳)، بل لو لم يبلغه أنه قد أوصى إليه و جعله وصيا إلا بعد موت الموصي لزمته الوصاية و ليس له ردها (۱٤). و إن كان‏ الأحوط عدم الرد مطلقا خصوصا في وصية الوالد (۱٥).

و هو المشهور بل ادعي عدم الخلاف فيه من غير الصدوق قدّس سرّه لأصالة

عدم الوجوب في كل ما لم يثبت وجوبه بدليل معتبر، سواء كان احتمال الوجوب عينيا أو كفائيا أو غيرهما و إطلاق الفتاوى بعدم الوجوب و إرساله إرسال المسلمات و عدم استنكار عدم القبول عند المتشرعة في الجملة، و لو كان واجبا مطلقا لشاع و بان في هذا الأمر العام البلوى، مع ظهور النصوص منطوقا أو مفهوما في صحة الرد و عدم وجوب القبول في الجملة، قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في رواية ابن مسلم: «إن أوصى رجل إلى رجل و هو غائب فليس له أن يرد وصيته، و إن أوصى إليه و هو بالبلد فهو بالخيار إن شاء قبل و إن شاء لم يقبل»8، و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح ابن حازم: «إذا أوصى الرجل إلى أخيه و هو غائب فليس له أن يرد عليه وصيته لأنه لو كان شاهدا فأبى أن يقبلها طلب غيره»9، و في صحيح ابن يسار عن الصادق عليه السّلام: «في رجل يوصى اليه، قال: إذا بعث بها إليه من بلد فليس له ردها و إن كان في مصر يوجد فيه غيره فذاك إليه»10، و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح هشام بن سالم: «في الرجل يوصي إلى رجل بوصية فيكره أن يقبلها، فقال عليه السّلام: لا يخذله على هذه الحال»11، إلى غير ذلك من الأخبار، و المنساق من مجموعها بعد رد بعضها إلى بعض أن القبول بحسب الذات من حقوق الأخوة الإيمانية بل الإنسانية، لأنه من مصاديق قضاء الحوائج و فرع قبول الهدية و العطية، فكما أن قضاء حاجة المؤمن و قبول هديته و عطيته راجحة بحسب الذات و يتصف بالوجوب تارة و الحرمة أخرى لعوارض خارجة فكذا قبول الوصية فهو راجح بذاته، و قد يجب إن لزم من ردها ضرر و تضييع حق الموصي و قد يحرم إن لزم من قبولها ضرر على الوصي.

ثمَّ ان المراد بالغيبة و الحضور في النصوص إمكان وصول الرد إليه عرفا و عدم الإمكان كذلك، لأن ظاهر الإجماع على أنه لا موضوعية لنفس الغيبة و الحضور من حيث ذاتهما، و حيث أن الإيصاء إلى شخص نحو اعتماد عليه‏

و استيمان له يكون لرده أثر على نفس الموصي من حيث رد الكرامة و الإحسان، و ربما يترتب عليه مفاسد إن لم يبلغه الرد و يشهد لذلك كله الوجدان كما هو معلوم لمن كان مورد ابتلاء هذه الأمور.

لما مر من التعليل الذي ذكره أبو عبد اللّه عليه السّلام في رواية ابن حازم مضافا إلى ظهور اتفاقهم عليه.

لإطلاق قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن سالم السابق: «لا يخذله على هذه الحال» مضافا إلى ظهور الإجماع.

لجريان ما تقدم في سابقة فيه أيضا هذه خلاصة ما ينبغي أن يقال في المقام، و أما الكلمات فهي مضطربة مشوشة من أراد العثور عليها فليراجع المطولات، مع انها اجتهادات فردية لا أن تكون كلها إجماعية و طريق الاحتياط أن يقبل و لا يرد مطلقا ما لم يكن ضرر شرعي في البين، و نسب إلى الصدوق قدّس سرّه وجوب القبول على الولد في وصية والده مستندا إلى مكاتبة ابن الريّان إلى أبي الحسن عليه السّلام: «كتبت إلى أبي الحسن عليه السّلام رجل دعاه والده إلى قبول وصيته هل له أن يمتنع من قبول وصيته؟ فوقع عليه السّلام ليس له أن يمتنع»12.

و فيه. أولا: أنه لا يستفاد منها إلا المجاملة الأخلاقية بين الولد و الوالد.

و ثانيا: على فرض استفادة الوجوب المطلق يمكن أن يكون ذلك لأجل انطباق عنوان ثانوي عليه و الكل يقولون بالوجوب حينئذ.

و ثالثا: أنها لا تقاوم النصوص الظاهرة في عدم الوجوب مطلقا كما مر

و كذا إطلاق ظواهر الفتاوي.

ظهر وجه الاحتياط مما مر.

(مسألة ۲۷): يجوز للموصي أن يجعل الوصاية لاثنين فما فوق فإن نص على الاستقلال و الانفراد فهو (۱٦) و إلا فليس لكل منهما الاستقلال بالتصرف لا في جميع ما أوصى به (۱۷) و لا في بعضه، و ليس لهما أن يقسّما الثلث مثلا و ينفرد كل منهما في نصفه (۱۸) من غير فرق في ذلك بين أن يشترط عليهما الاجتماع أو يطلق (۱۹)، و لو تشاحا و لم يجتمعا أجبرهما الحاكم على الاجتماع فإن تعذر استبدل بهما (۲۰).

للأصل و الإطلاق و ظهور الاتفاق و السيرة قديما و حديثا في الجملة.

لأن جعل الوصاية من ناحيته و الاختيار بيده فله أن يفعل ما يشاء ما لم يكن نهي شرعي في البين و المفروض عدمه.

لأن المنساق من تعدد الأوصياء عرفا مراعاة الوفاق و الإنفاق و شدة الاستيثاق بالنسبة إلى مجموع مورد الوصية و تبادل الأفكار و الانظار بالنسبة إليه، و الاستقلال و التقسيم ينافي ذلك كله مضافا إلى ظهور الإجماع و مكاتبة الصفار إلى أبي محمد عليه السّلام: «رجل كان أوصى إلى رجلين أ يجوز لأحدهما أن يتفرد بنصف التركة و الآخر بالنصف؟ فوقع عليه السّلام: لا ينبغي لهما أن يخالفا الميت و أن يعملا على حسب ما أمرهما إن شاء اللّه»13، و في رواية صفوان قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن رجل كان لرجل عليه مال فهلك و له وصيان فهل يجوز أن يدفع.

إلى أحد الوصيين دون صاحبه؟ قال عليه السّلام: لا يستقيم إلا أن يكون السلطان قد قسم بينهما المال فوضع على يد هذا النصف و على يد هذا النصف أو يجتمعان بأمر سلطان»14، و المراد بتقسيم السلطان مورد الاضطرار إلى التقسيم لجهات خارجية.

و أما رواية بريد بن معاوية قال: «إن رجلا مات و أوصى إلى والي آخر أو إلى رجلين فقال أحدهما: خذ نصف ما ترك و أعطني النصف مما ترك فأبى عليه الآخر، فسألوا أبا عبد اللّه عليه السّلام عن ذلك فقال ذلك له»15، فمحمول على صورة الإذن من الموصي في ذلك أو عدم إمكان العمل بالوصية إلا بذلك و لا إشكال في الصحة حينئذ.

لأن الإطلاق منصرف إلى ما هو المعهود من الاتفاق و تأكد الاستيثاق و تبادل الأفكار و الأنظار في مجموع مورد الوصية كما هو واضح.

أما الإجبار فلأنه ولي الممتنع، و لأنه لا شأن لحكام الشرع الجامعين للشرائط إلا ذلك، و المسألة من صغريات الأمر بالمعروف بحسب مراتبه التي منها الإجبار. و أما الاستبدال لو انحصر الأمر به فلأنه من فروع ولايته على مثل هذه الأمور بعد عدم وصول نظره إلى طريق آخر يكون أقرب إلى مراعاة نظر الموصي مهما أمكن و حفظ مورد وصيته فيمن أوصى له بحسب الإمكان.

(مسألة ۲۸): لو مات أحد الوصيين أو طرأ عليه الجنون أو غيره مما يوجب ارتفاع وصايته استقل الآخر و لا يحتاج إلى ضم شخص آخر من قبل الحاكم (۲۱). نعم، لو ماتا معا احتاج إلى النصب من قبله (۲۲)، فهل اللازم نصب اثنين أو يكفي نصب واحد إذا كان كافيا؟ وجهان أحوطهما الأول و أقواهما الثاني (۲۳).

أما ارتفاع الوصاية فلزوال موضوعها بالموت و فقد شرطها بالجنون.

و أما بقاء وصاية الآخر فيكفي فيه الأصل بلا إشكال. و أما استقلاله و عدم الاحتياج إلى نصب آخر فنسب إلى جمع مستدلا بأن التعدد كان مشروطا بالحيوة و اجتماع الشرائط و مع الموت أو فقد الشرط فينحصر نظر الموصي بالآخر لا محالة، و لأنه مع وجود الوصي في البين لا تصل النوبة إلى ولاية الحاكم فليس له جعل وصي آخر لعدم الولاية عليه. هذه خلاصة كلماتهم‏

على طولها.

و فيه: أنه عين المدعى قرره بعبارة أخرى و مقتضى استصحاب عدم الاستقلالية للآخر عدم صحة استقلاله بالتصرف مطلقا ما لم يدل دليل على الخلاف مع أن ظاهر التعدد في الوصاية إن للتعدد موضوعية خاصة ما لم يقم دليل على الخلاف و هو مفقود مع إمكان الاستخلاف.

و دعوى: أنه لا ولاية للحاكم مع وجود الوصي. لا وجه له، لأنه فيما إذا كان الوصي الموجود قادرا على التصرف من كل جهة لا فيما إذا شك في صحة استقلاله بالتصرف، و لذا نسب إلى جمع منهم الشهيدين من أنه يضم إليه الحاكم شخصا.

و دعوى: أنه لو حظ الموضوعية في التعدد فتبطل وصاية الآخر أصلا لفرض زوال التعدد فيزول الحكم لا محالة.

فاسد: لأنه قد لا حظ الموصي في وصيته جهتان.

الأولى: ذات كل واحد من الوصيين.

الثانية: جهة اشتراكهما فيكون كل منهما مطلوب له بنحو تعدد المطلوب و زوال الثانية لا توجب زوال الجهة الأولى كما هو واضح.

لانحصار الولاية فيه حينئذ فيفعل ما يقتضيه نظره.

أما كون الثاني هو الأقوى فلزوال موضوع ولاية الولي الذاتي و تبدله إلى الولي الشرعي فكأنه بنفسه ولي في الوصاية فلا وجه لوجوب التعدد حينئذ، و أما الاحتياط فلمراعاة احتمال الموضوعية في التعدد مهما أمكن تداركه.

(مسألة ۲۹): يجوز أن يوصي إلى واحد في شي‏ء بعينه و الى آخر في‏ غيره و لا يشارك أحدهما الآخر (۲٤).

أما الأول فللأصل و الإطلاق و الاتفاق. و أما الثاني فلأن التفصيل قاطع الشركة.

(مسألة ۳۰): لو قال أوصيت إلى زيد، فإن مات فإلى عمرو صح (۲٥) و يكونا وصيين إلا أن وصاية عمرو موقوفة على موت زيد و كذا لو قال أوصيت إلى زيد فإن كبر ابني أو تاب عن فسقه أو اشتغل بالعلم فهو وصيي.

الوجوه المتصورة في جعل الوصي ثلاثة.

الأول: عرضية كما إذا أوصى إلى زيد و عمرو بالتشريك.

الثاني: طولية كما إذا أوصى إلى زيد و بعد موته فإلى عمرو.

الثالث: مركب منهما كما إذا أوصى إلى زيد و عمرو بالتشريك و بعد موتهما فإلى بكر و خالد كذلك و هكذا، و الكل صحيح لأصالة الصحة و الإطلاق و الاتفاق، و لا فرق في ذلك كله بين الترتيب بحسب الموت أو زوال صفة أو تحقق وصف أو نحو ذلك من الأغراض الصحيحة العقلائية غير المنهية لاتحاد الجميع تحت كبرى واحدة. و منه يظهر الوجه في بقية المسألة و لا ريب في انتهاء وصية كل سابق مع صيرورة الوصية فعلية للاحقه.

(مسألة ۳1): لو ظهرت خيانة الوصي فللحاكم عزله و نصب شخص آخر مكانه أو ضم أمين إليه حسب ما يراه من المصلحة (۲٦)، و أما لو ظهر منه العجز ضم إليه من يساعده (۲۷).

لأنه لم يجعل حاكما بين الناس إلا للقيام بمثل ذلك من الأمور الحسبية فيتصداها مباشرة أو تسبيبا حسب ما يراه من الجهات و الخصوصيات.

ثمَّ انه يمكن أن يقال: بانعزال الخائن بعد تحقق الخيانة منه إذ لا يرضى عاقل بكون وصيه خائنا فيما أوصى به فهي مانعة حدوثا و بقاء عن الوصاية.

نعم، لو كان الفسق و الخيانة في غير ما أوصى به لا وجه للانعزال بناء على‏

عدم اعتبار العدالة خصوصا مع اطلاع الموصي عليه و جعله وصيا مع ذلك، و في مورد الانعزال يكون تدخل الحاكم الشرعي لإعلام الناس ببطلان تصرفاته فيما أوصى به و عدم ترتب الأثر عليها.

أما عدم انعزال من عرض له العجز عن الوصاية فللأصل و الإطلاق و ظهور الاتفاق، و أما ضم المساعد فلأنه من صغريات الأمور الحسبية التي لا بد من قيام حكام الشرع بها، و لو ساعده الناس حسبة صح و لا يحتاج إلى الحاكم لحصول الغرض بذلك أيضا هذا إذا قدر على العمل بالوصية في الجملة و لكن عجز عن الاستقلال به. و لكن لو عجز عنه بالمرة لعروض عارضة من هرم أو نحوه فالظاهر انعزاله لزوال الموضوع عرفا فينصب الحاكم شخصا آخر مكانه.

(مسألة ۳2): إذا لم ينجز الوصي ما أوصى إليه في زمن حياته ليس له أن يجعل وصيا لتنجيزه و إمضائه بعد موته (۲۸) إلا إذا كان مأذونا من الموصي في الإيصاء (۲۹).

لأصالة عدم حق له على ذلك مضافا إلى ظهور الإجماع.

لثبوت هذا الحق له حينئذ بإذن الموصي.

(مسألة ۳3): الوصي أمين فلا يضمن ما كان في يده إلا مع التعدي أو التفريط و لو بمخالفة الوصية فيضمن لو تلف فضلا عما لو أتلف (۳۰).

أما كونه أمينا فلأن استيلائه على ما أوصى به كان بتسليط من الموصي و قرره الشرع أيضا و لا معنى للأمانة المالكية إلا هذا مضافا إلى إجماع المسلمين إن لم يكن من جميع المليين.

و أما عدم ضمان الأمين فلأن الضمان مخالف للاستيمان لنصوص كثيرة مرت في أبواب متفرقة16، بل بالضرورة الفقهية إن لم تكن عقلائية.

و أما الضمان مع التعدي أو التفريط و لو بالمخالفة فلزوال الاستيمان‏

 

فيثبت الضمان حينئذ بالأدلة الأربعة كما تقدم في كتاب الضمان.

(مسألة ۳٤): لو أوصى إليه بعمل خاص أو قدر مخصوص أو كيفية خاصة اقتصر عليه و لم يتجاوز عنه إلى غيره (۳۱)، و أما لو أطلق بأن قال: «أنت وصي» من دون ذكر المتعلق فالأقرب وقوعه لغوا (۳۲) إلا إذا كان هناك عرف خاص و تعارف يدل على المراد، فهو المتبع كما في عرف الاعراب و بعض طوائف الإعجام (۳۳)، حيث أن مرادهم بحسب الظاهر الولاية على أداء ما عليه من الديون و استيفاء ماله على الناس و ردّ الأمانات و البضائع إلى أهلها و أخذها و إخراج ثلثه و صرفه فيما ينفعه و لو بنظر حاكم‏ الشرع من استيجار العبادات و أداء الحقوق و المظالم و نحوها (۳٤). نعم، في شموله بمجرده للقيمومة على الأطفال تأمل و إشكال (۳٥)، فالأحوط أن يكون تصدّيه لأمورهم بإذن من الحاكم، و لعل المنساق منه في بعض البلاد ما يشملها و بالجملة بعد ما كان التعارف هو المدار فيختلف باختلاف الأعصار و الأمصار (۳٦).

لأصالة عدم جواز التصرف إلا فيما ما هو المأذون بالخصوص مضافا إلى الإجماع، و المستفاد من نصوص كثيرة مفهوما و منطوقا منها صحيح السعيد عن الصادق عليه السّلام قال: «سألته عن رجل يوصي بنسمة فيجعلها الوصي في حجة؟ فقال عليه السّلام: يغرمها و يقضي وصيته»17، و في رواية أبي سعيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سئل عن رجل أوصى بحجة فجعلها وصيه في نسمة؟

فقال عليه السّلام: يغرمها وصيه و يجعلها في حجة كما أوصى به فإن اللّه تبارك و تعالى يقول‏ فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ‏18، إلى غير ذلك من الأخبار.

لأصالة عدم ترتب الأثر على المجمل إلا إذا كان في البين ظهور في الإطلاق و لو بالانصراف أو قرينة معتبرة على التعيين و المفروض انتفاء كل منهما.

لا اختصاص لذلك بالطائفتين بل يعم ذلك كل من ثبت في عرفه الإطلاق الانصرافي المعتبر أو القرينة المعتبرة المعينة.

فيتحقق الإطلاق الانصرافي المعتبر حينئذ و يخرج اللفظ عن إجماله إلى ظهور الإطلاق فلا بد من العمل بالإطلاق حينئذ.

لأن القيمومة عليهم أخص من مطلق الوصاية عرفا و تحتاج إلى عناية زائدة عند المتشرعة فهي تعد قسيما لمطلق الوصاية بنظرهم لا قسما منها، و الشك في الشمول يكفي في لزوم استيذان جديد لها من الحاكم ما لم يستظهر من الإطلاق أو القرينة التعميم حتى بالنسبة إلى هذه الجهة.

فربما كانت قرينة معتبرة على التعميم لها أيضا و ربما كانت القرينة على التخصيص لغيرها، و ربما يشك في كل من التعميم أو التخصيص و لا ريب في الشمول في الأول و في الأخيرين يرجع إلى الحاكم و اللّه تعالى هو العالم.

(مسألة ۳5): ليس للوصي أن يعزل نفسه بعد موت الموصي و لا أن يفوّض أمر الوصية إلى غيره (۳۷). نعم، له التوكيل في إيقاع بعض الأعمال المتعلقة بالوصية مما لم يتعلق الغرض إلا بوقوعها من أي مباشر كان خصوصا إذا كان مما لم تجر العادة على مباشرة أمثال هذا الوصي و لم يشترط عليه المباشرة (۳۸).

أما عدم صحة العزل فلما مر من عدم صحة رد الوصية مع عدم وصول الرد إلى الموصي و لزومها على الوصي حينئذ، و العزل مثل الرد عرفا و المفروض عدم إمكان الوصول إلى الموصي لمكان موته و إن شئت قلت الرد إما قولي أو فعلي و الثاني هو العزل. و أما عدم صحة التفويض إلى الغير فلأصالة عدم الولاية له على ذلك و عدم الإذن من الموصي في ذلك.

كل ذلك للأصل و الإطلاق و السيرة و الاتفاق في الجميع.

(مسألة ۳6): لو نسي الوصي مصرف الوصية صرف الموصى به في وجوه البر (۳۹).

نسب ذلك إلى المشهور لخبر ابن الريان، قال: «كتبت إلى أبي الحسن عليه السّلام أسأله عن إنسان أوصى بوصية فلم يحفظ الوصي إلا بابا واحدا منها كيف يصنع في الباقي؟ فوقع عليه السّلام: الأبواب الباقية اجعلها في البر»19، و استظهروا من التتبع في الأدلة أن الأصل في كل مال لم يعلم مالكه و لا مصرفه أنه يصرف في البر كما ورد في المنذور للكعبة20، و الوقف المجهول المصرف‏21، و ما ورد في من أوصى بمال يحج عنه و لا يفي به‏22، إذ الصدقة الواردة في بعضها أعم من الصدقة على شخص خاص و الصدقة العامة على عامة المسلمين و هي جهات القربة و وجوه البر لكن لا بد و إن يقيد إطلاق هذا الحكم بأمور.

الأول: التروي و التفحص مقدمة للعمل بالوصية مهما أمكن لعله يتذكر ما نسي من الوصاية ثمَّ بعد اليأس يعمل بذلك.

الثاني: عدم كون أطراف الشبهة مرددة بين أطراف يرى المتشرعة بارتكازاتهم صحة التقسيط عليها.

الثالث: عدم الظفر على الجامع القريب بعد الفحص و التأمل و إلا فيصرف فيه.

الرابع: عدم كون المورد من الأقل و الأكثر أو المتباينين و إلا فيؤخذ بالأقل في الأول و يتخير في الثاني.

ثمَّ ان الظاهر عدم الفرق بين الوصية العهدية و التمليكية أو هما معا.

(مسألة ۳7): إذا أوصى الميت وصية عهدية و لم يعين وصيا أو بطلت وصاية من عينه بموت أو جنون أو غير ذلك تولى الحاكم أمرها أو عين من يتولاه، و لو لم يكن الحاكم و لا منصوبه تولاه من المؤمنين من يوثق به (٤۰).

أما الأول فيتولى الحاكم مباشرة أو تسبيبا فللانحصار فيه حينئذ فيتصدى ذلك من باب ولاية الحسبة المنطبقة عليه قهرا، و كذا في من يوثق به من المؤمنين لانحصار القيام بمثل هذه الأمور بهم حينئذ، و أما تعبير بعض الفقهاء: ب «عدول المؤمنين» فقد ذكرنا في كتاب البيع أن العدالة في نظائر المقام لا موضوعية لها و انما هي طريق إلى الوثاقة و الأمانة و صحة العمل.

(مسألة ۳8): يجوز للموصي أن يجعل ناظرا على الوصي و وظيفته تابعا لجعل الموصي (٤۱)، فتارة من جهة الاستيثاق على وقوع ما أوصى به على ما أوصى به بجعل الناظر رقيبا على الوصي و أن يكون أعماله باطلاعه حتى أنه لو رأى منه خلاف ما قرره الموصي لاعترض عليه، و أخرى من جهة عدم الاطمئنان بأنظار الوصي و الاطمئنان التام بإنظار الناظر يجعل على الوصي أن يكون أعماله على طبق نظر الناظر و لا يعمل إلا ما رآه صلاحا، فالوصي و إن كان وليا مستقلا في التصرف لكنه غير مستقل في الرأي و النظر، فلا يمضي من أعماله إلا ما وافق نظر الناظر فلو استبدّ الوصي‏ بالعمل على نظره من دون مراجعة الناظر و اطلاعه و كان عمله على طبق ما قرره الموصي فالظاهر صحة عمله و نفوذه على الأول بخلافه على الثاني (٤۲)، و لعل الغالب المتعارف في جعل الناظر في الوصايا هو النحو الأول (٤۳).

أما أنه يجوز للموصي جعل الناظر فللأصل و الإطلاق و الاتفاق و السيرة المستمرة قديما و حديثا، و أما أن وظيفته تابعة للجعل فلأجل أن ذلك من فروع سلطنته و ولايته على الإيصاء إلى الغير، فهذان الحكمان في هذه‏

المسألة من الضروريات الفقهية إن لم يكن من الفطريات.

أما الصحة و النفوذ على الأول فلأن نظر الناظر كان من مجرد الطريقية لإتيان ما أوصى به، و المفروض تحققه على ما أراده الموصي بل لو منعه الناظر عن الإتيان و أتى الموصى به على نحو ما أراده الموصي لصح و كفى.

و أما عدم النفوذ على الثاني فمع توافق النظرين يصح و مع الاختلاف لا يصح، و للناظر إجازة ما فعله الوصي و وجه الكل معلوم.

فمع حصول الشك عمل على النحو الأول و الاحتياط في أن يكون العمل بنظرهما.

(مسألة ۳9): يشترط في القيم على الأطفال ما اشترط في الوصي على المال (٤٤) و القول باعتبار العدالة هنا لا يخلو من قوة (٤٥) و إن كان الاكتفاء بالأمانة و وجود المصلحة ليس ببعيد (٤٦).

لعموم تلك الأدلة الشاملة للوصاية على المال و القيمومة على الأطفال، و قال في الجواهر: «قد اتفقت الأقوال على عدم الفرق بين متعلق الوصاية في ذلك من ولاية على قاصر أو على أداء حق لازم أو على صرف ثلث في وجوه البر أو نحو ذلك».

لكثرة أهمية مورد الوصية فيه لأنها في المقام ولاية على النفس و قال باعتبار العدالة فيه من لم يقل بها في الوصاية على المال، و لكن يظهر من العبارة المتقدمة من الجواهر ظهور الإجماع على عدم الفرق.

لأن المناط كله الوثاقة و الأمانة و إتيان الوظيفة بمقتضى التكليف‏

الذي جعله الموصي و قرره الشرع، فلا وجه لاعتبار العدالة بعد ذلك فكم من ثقة أمين غير عادل أشد دقة و تحفظا لأداء حقوق الناس و مراعاة الأيتام و القصر من العادل الذي لا يرتكب المكروه بعقيدته؟!

(مسألة ٤۰): لو عين الموصي على القيم تولي جهة خاصة و تصرفا مخصوصا اقتصر عليه (٤۷)، و يكون أمره في غيره إلى الحاكم أو المنصوب من قبله (٤۸)، فلو جعله قيما بالنسبة إلى حفظ أمواله و ما يتعلق بإنفاقه ليس له الولاية على أمواله بالبيع و الإجارة و المزارعة و غيرها، و على نفسه بالإجارة و نحوها و على ديونه بالوفاء و الاستيفاء، و لو أطلق و قال فلان قيم على أولادي مثلا كان وليا على جميع ما يتعلق بهم (٤۹) مما كان للموصي الولاية عليه، فله الإنفاق عليهم بالمعروف و الإنفاق على من عليهم نفقته كالأبوين الفقيرين و حفظ أموالهم و استنمائها، و استيفاء ديونهم و إيفاء ما عليهم كأرش ما أتلفوا من أموال الناس و كفارة القتل دون الدية فإنها في العمد و الخطأ على العاقلة، و كذا إخراج الحقوق المتعلقة بأموالهم كالخمس إذا تعلق بمالهم و غير ذلك (۵۰). نعم، في ولايته على تزويجهم كلام يأتي في محله (۵۱) إن شاء اللّه تعالى.

لحرمة تصرفه في غير المأذون فيه بالأدلة الأربعة كما تقدم مكررا.

لانحصار الولاية على الصغير حينئذ فيه فيتصدى الأمور مباشرة أو تسبيبا.

لظهور الإطلاق و الاتفاق و شهادة العرف و السيرة بذلك أيضا.

لأن كل ذلك من لوازم التعميم المحقق و شؤون الإطلاق غير المقيد.

و يأتي هناك ما يتعلق به إن شاء اللّه تعالى.

(مسألة ٤1): يجوز جعل الولاية على الأطفال لاثنين فما زاد بالاستقلال و الاشتراك و جعل الناظر على الوصي كالوصية بالمال (۵۲).

كل ذلك لعموم ولاية الموصي و تسلطه على كل ما شاء و أراد ما لم ينه عنه الشارع و المفروض عدمه.

(مسألة ٤2): ينفق الوصي على الصبي من غير إسراف و لا تقتير (۵۳) فيطعمه و يلبسه عادة أمثاله و نظرائه (٥٤)، فإن أسرف ضمن الزيادة (۵۵) و لو بلغ فأنكر أصل الإنفاق أو ادعى عليه الإسراف فالقول قول الوصي بيمينه، و كذا لو ادعى عليه أنه باع ماله من غير حاجة و لا غبطة (۵۶). نعم، لو اختلفا في دفع المال إليه بعد البلوغ فادعاه الوصي و أنكره الصبي قدم قول الصبي و البينة على الوصي (۵۷).

لأنه المنساق من الأدلة بالنسبة إلى الصغير و الكبير و في رواية عيص بن القاسم قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن اليتيم تكون غلته في الشهر عشرين درهما كيف ينفق عليه منها؟ قال عليه السّلام: قوته من الطعام و التمر، و سألته أنفق عليها ثلثها؟ قال: نعم و نصفها»23.

لأنه المتعارف بين الناس و الأدلة منزلة على ما هو المتعارف.

لقاعدة «اليد» من غير دليل حاكم عليها مضافا إلى اتفاقهم على الضمان حينئذ و سقوط استيمانه بالتعدي.

كل ذلك لأن الوصي أمين يقبل قوله باليمين ما لم تكن حجة معتبرة على الخلاف.

لأصالة عدم الدفع فيقبل قول المنكر بيمينه إلا إذا أقام الوصي البينة على الدفع فيقبل قوله حينئذ لعموم «البينة على المدعي و اليمين على من أنكر»24.

(مسألة ٤3): يجوز للقيم الذي يتولى أمور اليتيم أن يأخذ من ماله أجرة مثل عمله (۵۸). سواء كان غنيا أو فقيرا (۵۹)، و إن كان الأحوط الأولى للأول التجنب (۶۰)، و أما الوصي على الأموال فإن عين الموصي مقدار المال الموصى به و طبقه على مصرفه المعين بحيث لم يبق شيئا لأجرة الوصي و استلزم أخذ الأجرة، اما الزيادة عن المال الموصى به أو النقصان في مقدار المصرف كما إذا أوصى بأن يصرف ثلثه أو عينا معينا من تركته أو مقدارا من المال كألف درهم في استيجار عشرين سنة عبادة كل سنة كذا مقدارا أو إطعام خمسين فقيرا بخمسين درهما، و قد ساوى المال مع المصرف بحيث لو أراد أن يأخذ شيئا لنفسه لزم أحد الأمرين المذكورين لم يجز له أن يأخذ الأجرة لنفسه، حيث أن مرجع هذه الوصية إلى الإيصاء إليه بأن يتولى أمور الوصية تبرعا و بلا أجرة، فهو كما لو نص على ذلك و الوصي قد قبل الوصاية على هذا النحو فلم يستحق شيئا (۶۱)، و إن عين المال و المصرف على نحو قابل للزيادة و النقصان كان حاله حال متولي الوقف في أنه لو لم يعين له جعلا معينا جاز له أن يأخذ أجرة مثل عمله (۶۲)، و ذلك كما إذا أوصى بأن يصرف ثلثه أو مقدارا معينا من المال في بناء القناطر و تسوية المعابر و تعمير المساجد، و كذا لو أوصى بأن يعمر المسجد الفلاني من ماله أو من ثلثه.

لأن ذلك هو المستفاد من الآية الكريمة وَ مَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَ مَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ‏25، في الجملة، و النصوص الكثيرة، و أصالة احترام العمل، و الإجماع، و السيرة و في الصحيح عن هشام بن الحكم قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عمن تولى مال اليتيم ماله أن يأكل منه؟

فقال عليه السّلام: ينظر إلى ما كان غيره يقوم به من الأجر لهم فليأكل بقدر ذلك»26، و هذه الصحيحة معتبرة سندا و صريحة متنا و من الأخبار المحكمة فلا بد من رد غيرها إليه أو طرحها. و في صحيح ابن سنان عن الصادق عليه السّلام: «في قول اللّه عز و جل‏ فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ‏ قال عليه السّلام: المعروف هو القوت و إنما عنى الوصي أو القيم في أموالهم و ما يصلحهم»27، و المراد بالقوت المتعارف فينطبق على الصحيحة الأولى هذا إذا وسع المال للصرف على حوائج اليتيم، و أما إذا لم يسع إلا للصرف على اليتيم فقط فليس له أن يضر باليتيم و يأخذ أجرة المثل منه و له أن يأخذ أجرة مثل عمله من بيت المال لأنها معدة للمصالح و المقام منها، و عليه يحمل ما عنه عليه السّلام في صحيح الكناني: «فإن كان المال قليلا فلا يأكل منه شيئا»28. و أما ما عنه عليه السّلام أيضا في قوله: «فليأكل بالمعروف قال كان أبي عليه السّلام يقول: إنها منسوخة»29، فلا بد من حمل النسخ فيه على التخصيص أي انها مختصة بخصوص من عمل لليتيم و أصلح شأنه و ماله لا كل من يصاحب اليتيم يجوز له أن يأكل من ماله بل لا بد من التنزه عن ذلك مهما أمكن.

لا يخفى أن إطلاقات مثل هذه الروايات يشمل الغني و الفقير، مع أن أخذ أجرة المثل موافق للقاعدة و لا ينافي ذلك وجوب العمل عليه كما في‏

وجوب بذل الطعام عند الغلاء مع صحة أخذ العوض و القيمة.

لقوله تعالى‏ وَ مَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ‏30، الظاهر في مطلق الرجحان لأن مادة الاستعفاف تدل على الرجحان إلا إذا كانت قرينة في البين تدل على الوجوب، مع أن قاعدة احترام العمل من القواعد النظامية المقررة شرعا المتقنة لا تصلح للتقييد بمثل الآية المجملة من هذه الجهة و كذا ما سيقت مساقها من الأخبار كما لا يخفى على أولي الأبصار، و أما الكلمات فهي مختلفة مشوشة من شاء أن يصرف عمره بلا فائدة فليراجع المطولات.

نفس الاقدام على هذا العمل أعم من إسقاط حرمة العمل و قصد التبرع فله أن لا يقصد التبرع و يأخذ أجرة عمله من الوجوه المنطبقة كبيت المال و سهم سبيل اللّه، خصوصا إن كان في العمل صعوبات و مشقات لا يرغب فيه الناس إلا بالأجرة.

لأصالة احترام العمل و عدم المنافاة في العمل بالوصية مع أخذ الأجرة عليه، فإن لبناء كل مسجد و تسوية معبر و بناء قنطرة قيم يقوم بتنظيم هذه الأمور و يأخذ أجرة و تعد الأجرة من مصارف نفس تلك الأمور و من المال الذي يصرف فيها و يكون الوصي حينئذ مثل القيم على هذه الأمور.

(مسألة ٤٤): الوصية جائزة من طرف الموصي (۶۳) فله أن يرجع عن وصيته ما دام فيه الروح و تبديلها من أصلها أو من بعض جهاتها و كيفياتها و متعلقاتها، فله تبديل الموصى به كلا أو بعضا و تغيير الوصي‏ و الموصى له و غير ذلك (6٤). و لو رجع عن بعض الجهات يبقى غيرها بحالها (65) فلو أوصى بصرف ثلثه في مصارف مخصوصة و جعل الوصاية لزيد ثمَّ بعد ذلك عدل عن وصاية زيد و جعل الوصاية لعمرو تبقى أصل الوصية بحالها، و كذلك إذا أوصى بصرف ثلثه في مصارف معينة على يد زيد ثمَّ بعد ذلك عدل عن تلك المصارف و عين مصارف أخرى و هكذا (66) و كما له الرجوع في الوصية المتعلقة بالمال كذلك له الرجوع في الوصية بالولاية على‏ الأطفال (67).

للإجماع و الاعتبار لأن المال و الرأي و النظر في معرض التغير و التبدل و الزوال و ما هذا شأنه فكيف يبقى على كل حال، و تدل عليه نصوص مستفيضة إن لم تكن متواترة، و قد وردت على طبق فطرة العقول و ما ارتكز في النفوس منها قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في الصحيح: «للموصي أن يرجع في وصيته إن كان في صحة أو مرض»31، و عنه عليه السّلام أيضا: «لصاحب الوصية أن يرجع فيها و يحدث في وصيته ما دام حيا»32، إلى غير ذلك مما سيق هذا المساق، فالوصية إما لازمة من الطرفين كما إذا قبلها الوصي و مات الموصي، و إما جائزة منهما كما في زمان حياتهما و إمكان وصول رد الوصي إلى الموصي، و إما جائزة من طرف الموصي و لازمة من طرف الوصي و هي ما إذا رد الوصي و لم يبلغ الرد إلى الموصي، و قد تقدم الكلام في المسائل السابقة.

كل ذلك للإطلاق و الاتفاق و التصريح ببعض ما ذكر في بعض الروايات.

للأصل و الإطلاق و الاتفاق.

الأقسام كثيرة.

الأول: الرجوع عن الموصي و الوصي معا.

الثاني: الرجوع عن أحدهما.

الثالث: الرجوع عن بعض الموصى به.

الرابع: تشريك الوصي مع غيره.

الخامس: عكس ذلك.

السادس: تغير وصف ذكره سابقا.

السابع: بيان صفة لم يذكرها سابقا.

الثامن: تعجيل ما أجله سابقا.

التاسع: عكس ذلك.

العاشر: تقليل ما كثرة أو عكس ذلك.

الحادي عشر: تنجيز ما وصى به، إلى غير ذلك من الأقسام المتصورة

و الكل صحيح ما لم يحل بينه و بينها هادم اللذات كما في ظاهر الروايات‏33.

لعموم الأدلة و إطلاقها الشامل للجميع.

(مسألة ٤5): يتحقق الرجوع عن الوصية بالقول (68)، و هو كل لفظ دال عليه بحسب متفاهم العرف بأي لغة كان نحو رجعت عن وصيتي أو أبطلتها و عدلت عنها أو نقضتها و نحوها. و بالفعل و هو إما بإعدام موضوعها كإتلاف الموصى به و كذا نقله إلى الغير بعقد لازم كالبيع أو جائز كالهبة مع القبض. و إما بما يعد عند العرف رجوعا و إن بقي الموصى به بحاله و في ملكه كما إذا و كل شخصا على بيعه أو وهبته و لم يقبض بعد (69).

المذكور في الروايات: «يرجع» و «يرد» و «هو بالخيار»34، و المرجع في جميع ذلك هو العرف و أهل المحاورة كما هو الشأن في كل ما لم يرد فيه تحديد شرعي، و الرجوع عند العرف إما قولي أو فعلي و هو.

تارة: يحكم بتحققه قولا أو فعلا بأي قول أو فعل كان.

و أخرى: يحكم بالعدم أو يتردد فيه، و لا ريب في تحققه في الأول و أما الأخيران فيكفي في عدم تحققه استصحاب بقاء الوصية كما هو واضح.

لأن المتعارف يحكمون في مثلهما بتحقق الرجوع و في مورد الشك يرجع إلى الأصل كما مر.

(مسألة ٤6): الوصية بعد ما وقعت تبقى على حالها و يعمل بها ما لم يرجع الموصي و إن طالت المدة و لو شك في الرجوع- و لو للشك في كون‏ لفظ أو فعل رجوعا- يحكم ببقائها و عدم الرجوع (70)، لكنه فيما إذا كانت الوصية مطلقة بأن كان مقصود الموصي وقوع مضمون الوصية و العمل بها بعد موته في أي زمان قضى اللّه عليه، فلو كانت مقيدة بموته في سفر كذا أو عن مرض كذا و لم يتفق موته في ذلك السفر أو عن ذاك المرض بطلت تلك الوصية (71) و احتاج إلى وصية جديدة، و لا ريب أن الغالب في الوصايا و لا سيما ما تقع عند المسافرة إلى البلاد البعيدة بالطرق الغير المأمونة كسفر الحج و نحوه و في حال الأمراض الشديدة و أمثال ذلك قصر نظر الموصي إلى موته في ذلك السفر و في ذلك المرض، و قد يصرّح بذلك و قد يشهد بذلك ظاهر حاله بحيث لو سأل عنه إذا رجعت عن هذا السفر سالما أو طبت عن هذا المرض إن شاء اللّه تعالى و بقيت مدة مديدة هل تعمل بهذه الوصية؟ يقال: لا، لا بدّ لي من نظر جديد و وصية أخرى، و حينئذ يشكل العمل بالوصايا الصادرة عند الأسفار و في حال الأمراض بمجرد عدم رجوع الموصي و عدم نسخها بوصية أخرى خصوصا مع طول المدة إلا إذا علم بالقرائن و ظهر من حاله أن عدم الإيصاء الجديد منه إنما هو لأجل الاعتماد على الوصية السابقة، كما إذا شوهد منه المحافظة على ورقة الوصية و تكرر منه ذكرها عند الناس و اشهادهم بها (72).

لاستصحاب البقاء و ظاهر الحال و ظهور الإجماع.

لفرض أنها كانت محدودة بحد خاص و مدة مخصوصة فلا وجه لبقائها حينئذ.

لتحقق الأمارة المعتبرة حينئذ على أنها كانت مطلقة لا مقيدة بحد مخصوص فيجري عليها حكم الوصية المطلقة.

(مسألة ٤7): لا تثبت الوصية بالولاية سواء كانت على المال أو على الأطفال إلا بشهادة عدلين من الرجال (73)، و لا تقبل فيها شهادة النساء لا منفردات و لا منضمات مع الرجال، و أما الوصية بالمال فهي كسائر الدعاوي المالية تثبت بشهادة رجلين عدلين و شاهد و يمين و شهادة رجل و امرأتين (7٤)، و تمتاز بين الدعاوي المالية بأمرين. أحدهما: انها تثبت بشهادة النساء منفردات و إن لم تكمل الأربع و لم تنضم اليمين فتثبت ربع الوصية بواحدة (75)، و نصفها باثنين و ثلاثة أرباعها بثلاث و تمامها بأربع (76). ثانيهما: انها تثبت بشهادة رجلين ذميين عدلين في دينهما عند الضرورة و عدم عدول المسلمين (77) و لا تقبل شهادة غير أهل الذمة من‏ الكفار (78).

أما عدم الثبوت مطلقا فللإجماع و لأصالة عدم الحجية و عدم ترتب الأثر إلا في خصوص ما قام عليه الدليل.

و أما الثبوت بعدلين من الرجال فللأدلة الثلاثة فمن الكتاب قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ‏35، و من السنة إطلاق ما دل على صحة شهادة البينة كما يأتي في كتاب الشهادات إن شاء اللّه تعالى و من الإجماع إجماع المسلمين.

كل ذلك لإجماع الإمامية و ما يأتي من دليل هذا التفصيل في كتاب الشهادات.

و أما ما ورد من أنه لا تقبل شهادة المرأة إلا في المنفوس و العذرة36، فأسقطه عن الاعتبار للتعارض‏37، و الإعراض.

لإطلاق معقد الإجماع و النصوص منها موثق ربعي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في شهادة امرأة حضرت رجلا يوصي، فقال: يجوز في ربع ما أوصى بحساب شهادتها»38، و هذه من المسائل النادرة التي تقبل فيها شهادة المرأة دون الرجل حيث لم يقل أحد بقبول شهادة رجل واحد في ربع الوصية

بل تقبل شهادته في تمامها بيمينه و المرأة لا تحتاج إلى يمين.

لأنه من اللوازم العرفية بل العقلية لثبوت الوصية في الربع بواحدة ثبوت نصفها باثنين و ثلاثة أرباعها بثلاث و تمامها بأربع، مع أن الأخير مطابق للأدلة الدالة على أن أربع نسوة كرجلين في الشهادة39، مضافا إلى الإجماع في كل ذلك.

كتابا و سنة و إجماعا ففي صحيح حمزة بن حمران عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن قول اللّه عز و جل‏ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ‏؟ فقال اللذان منكم مسلمان و اللذان من غيركم من أهل الكتاب فقال:

إذا مات الرجل المسلم بأرض غربة فطلب رجلين مسلمين يشهدهما على وصيته فلم يجد مسلمين فليشهد على وصيته رجلين ذميين من أهل الكتاب مرضيين عند أصحابهما»40، و قريب منه غيره.

و أما خبر يحيى بن محمد المشتمل على قبول شهادة المجوسي بعد فقدان أهل الذمة فلا عامل به منا، قال: «سألت أبا عبد اللّه عن قول اللّه عز و جل‏ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ‏ قال: اللذان منكم مسلمان و اللذان من غيركم من أهل الكتاب فإن لم تجدوا من أهل الكتاب فمن المجوس- الحديث-»41.

للأصل و التصريح بأهل الكتاب في الأخبار42، كما مر بعضها.

و ما ورد من ذكر الكافر أو أهل الكتاب لا بد و أن يحمل على الذمي فمجموع الأخبار أقسام ثلاثة.

الأول: ما اشتمل على الكافر43.

الثاني: ما اشتمل على أهل الكتاب‏44.

الثالث: ما اشتمل على الذمة كما مر، و لا بد من تقييد الأولين بالأخير كما هو مقتضى الصناعة. و سيأتي في كتاب الشهادات بعض الفروع المتعلقة بالمقام.

(مسألة ٤8): إذا كانت الورثة كبارا و أقروا كلهم بالوصية بالثلث و ما دونه لوارث أو أجنبي أو بأن يصرف على الفقراء مثلا تثبت في تمام الموصى به و يلزمون بالعمل بها أخذا بإقرارهم (79)، و لا يحتاج إلى بينة (80)، و إذا أقر بها بعضهم دون بعض فإن كان المقرّ اثنين عادلين تثبت أيضا في التمام لكونه إقرارا بالنسبة إلى المقرّ و شهادة بالنسبة إلى غيره فلا يحتاج إلى بينة أخرى (81)، و إلا تثبت بالنسبة إلى حصة المقر خاصة أخذا بإقراره (82)، و أما بالنسبة إلى حصة الباقين يحتاج إلى البينة (83). نعم، لو كان المقرّ عدلا واحدا و كانت الوصية بالمال لشخص أو أشخاص كفى ضم يمين المقر له مع إقرار المقر في ثبوت التمام (8٤)، بل لو كان المقر امرأة تثبت في ربع حصة الباقين إن كانت واحدة و في نصفها إن كانت اثنتين و في ثلاثة أرباعها إن كانت ثلاثة و في تمامها إن كانت أربع، و بالجملة بعد ما كان المقر من الورثة شاهدا بالنسبة إلى حصة الباقي كان كالشاهد الأجنبي فيثبت به ما يثبت به (85).

لأن «إقرار العقلاء على أنفسهم جائز»45، باعتراف جميع العقلاء و قررهم الشارع على ذلك.

لأنها من اللغو و من تحصيل الحاصل بعد الإقرار الجامع للشرائط.

لفرض قيام البينة بالنسبة إلى حصة غير المقر و تمامية الحجة فيكون الاحتياج إلى البينة الأخرى من اللغو الباطل، و في رواية إسحاق ابن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في رجل مات فأقر بعض ورثته لرجل بدين قال عليه السّلام: يلزم ذلك في حصته»46، و قريب منه غيره و في حديث آخر: «إن شهد اثنان من الورثة و كانا عدلين أجيز ذلك على الورثة، و إن لم يكونا عدلين الزم ذلك في حصتهما»47.

فيكون المقتضي لترتب الأثر موجودا و المانع عنه مفقود فلا بد من ترتبه.

لأصالة عدم ثبوت كل دعوى إلا بحجة معتبرة شرعا.

لدخوله حينئذ تحت القاعدة الكلية من أن الدعاوي المالية تثبت بالشاهد الواحد و اليمين على ما يأتي في كتاب القضاء إن شاء اللّه تعالى.

لإطلاق دليل ما ورد في قبول شهادة المرأة في الوصية على ما مر من التفصيل و إطلاق دليل قبول شهادة العدل الواحد مع اليمين‏48، الشامل للوارث‏

و الأجنبي، مضافا إلى ظهور تسالمهم على ذلك كله.

(مسألة ٤9): إذا أقرّ الوارث بأصل الوصية كان كالأجنبي (86) فليس له إنكار وصاية من يدعي الوصاية و لا يسمع منه هذا الإنكار كغيره (87). نعم، لو كانت الوصية متعلقة بالقصر أو العناوين العامة كالفقراء، أو وجوه القرب كالمساجد و المشاهد، أو الميت نفسه كاستيجار العبادات و الزيارات له و نحو ذلك لكل من يعلم بكذب من يدعي الوصاية خصوصا إذا رأى منه الخيانة الإنكار عليه و الترافع معه عند الحاكم من باب الحسبة (88)، لكن الوارث و الأجنبي في ذلك سيّان (89). نعم، فيما إذا تعلقت بأمور الميت لا يبعد أولوية الوارث من غيره و اختصاص حق الدعوى به مقدما على غيره (90).

لعموم دليل اعتبار الإقرار الجامع للشرائط الشامل لكل منهما فيجب على الوارث إنفاذ الوصية بمقتضى إقراره كما في كل إقرار صدر من كل مقر.

لأصالة عدم حق له على الإنكار و عدم كونه طرفا بالنسبة إليه لا نفيا و لا إثباتا و انما كان طرفا بالنسبة إلى أصل الوصية و قد أقر بها فسقط حقه من كل جهة.

و هي أمور علم رضاء الشرع بالقيام بها على النحو المشروع من كل أحد بلا اختصاص بفرد دون آخر لشمول مثل قوله صلّى اللّه عليه و آله: «كل معروف صدقة»49، و قوله عليه السّلام: «اللّه في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه»50. و لكن نسب إلى المشهور توقفهما على الاستيذان من الحاكم، و الظاهر أن التوقف عليه انما هو طريق للإتيان بها صحيحا شرعا، فإذا كان العامل بها ثقة و عارفا بكيفية العمل و خصوصياته و موانعه لا موضوع للاستيذان حينئذ، و قد تعرضنا للمسألة في المواضع المناسبة لها فراجع.

لشمول عموم دليل محبوبيتها و وجوبها الكفائي للكل على حد

سواء كسائر الواجبات الكفائية في الشريعة الغراء.

لاقتضاء مرتكزات المتشرعة ذلك بل جميع الأنام، و تقدم في أحكام التجهيزات ما يناسب المقام و لباب المقال: أن تصرف الشخص إما فيما بعد موته أولا. و الثاني إما في مرض موته أو لا، و الكل صحيح مطلقا إلا الأول فإنه يصح في الثلث مع عدم إجازة الورثة.

نعم، وقع الخلاف في المنجزات في مرض الموت، و تقدم في كتاب الحجر نفوذها مطلقا فراجع.

(مسألة ٥0): إذا تصرف الإنسان في مرض موته فإن كان معلقا على موته كما إذا قال أعطوا فلانا بعد موتي كذا أو هذا المال المعين أو ثلث مالي أو ربعه أو نصفه مثلا لفلان بعد موتي و نحو ذلك فهو وصية (91)، و قد عرفت أنها نافذة مع اجتماع الشرائط ما لم تزد على الثلث و في الزائد موقوف على إجازة الورثة (92)، كالواقعة في مرض آخر غير مرض الموت أو في حال الصحة (93)، و إن كان منجزا بمعنى كونه غير معلق على الموت و إن كان معلقا على أمر آخر فإن لم يكن مشتملا على المجانية و المحاباة كبيع شي‏ء بثمن المثل و اجارة عين بأجرة المثل فهو نافذ بلا إشكال (9٤)، و إن كان مشتملا على المحاباة (95) بأن لم يصل ما يساوي ماله إليه، سواء كان مجانا محضا كالوقف و العتق و الإبراء و الهبة الغير المعوضة أم لا كالبيع بأقل من ثمن المثل و الإجارة بأقل من أجرة المثل و الهبة المعوضة بما دون القيمة و غير ذلك، ففي نفوذه مطلقا أو كونه مثل الوصية في توقف ما زاد على الثلث على إمضاء الورثة قولان معروفان أقواهما الأول كما مرّ في كتاب الحجر (96).

و قد مر حكمه في المسألة السابقة أيضا.

لغة و عرفا و شرعا نصا51، و إجماعا و تقدم بعض الكلام في أول كتاب الوصية فراجع.

تقدم ما يتعلق بكل ذلك فلا وجه للإعادة.

كل ذلك لعموم أدلة الوصية و إطلاقها و ظهور الإجماع و قاعدة السلطنة الشامل لذلك كله.

لقاعدة السلطنة و الإطلاق و الاتفاق.

و وقع في مرض الموت.

و تقدم ما يتعلق بذلك كله فلا وجه للإعادة.

(مسألة ٥1): إذا جمع في مرض الموت بين عطية منجزة و معلقة بالموت فإن و في الثلث بهما لا إشكال في نفوذهما في تمام ما تعلقتا به (97)، و إن لم يف بهما فعلى المختار من إخراج المنجزة من الأصل يبدأ بها فتخرج من الأصل و تخرج المعلقة من ثلث ما بقي (98)، و أما على القول الآخر فإن أمضى الورثة تنفذان معا (99)، و إن لم يمضوا تخرجان معا من الثلث و يبدأ أولا بالمنجزة (100) فإن بقي شي‏ء يصرف في المعلقة.

لوجود المقتضي لصحة الصرف و المصرف فيهما و انتفاء المانع عنها فلا بد حينئذ من صحتهما معا كذلك.

لصيرورة المنجز حينئذ كسائر الديون المالية التي تقدم على الوصية.

لوجود المقتضي و انتفاء المانع لنفوذهما معا حينئذ.

و إن كانت متأخرة لأن لها مالك فعلي في حياة الموصي فهي ماله‏

فلا يزاحمه غيره.

ثمَّ ان المنجزة تفارق الوصية في أمور.

الأول: ان الوصية معلقة على ما بعد الموت بخلاف المنجزة.

الثاني: ان المنجزة من الأصل بناء على التحقيق بخلاف الوصية فإنها من الثلث قولا واحدا.

الثالث: المنجزة لازمة بخلاف الوصية فإن فيها تفصيل تقدم.

(مسألة ٥2): لو أوصى بالقسط أو النصيب، أو القليل، أو الكثير، فإن علم المراد و لو بالقرينة المعتبرة يعمل بها و إلا فيؤخذ بما يصدق عليه ذلك العنوان عرفا، و كذا لو أوصى بالجزء أو السهم (101). و كذا مثل الوصية بالمتاع في الصندوق أو السفينة.

المناط كله على ما يفهم اللفظ و لو بالقرائن. و عن الباقر عليه السّلام: «إن الجزء يحمل على العشر»52، و عن الرضا عليه السّلام: «إن السهم يحمل على الثمن»53.

و الأخذ بإطلاقهما ما لم تكن قرينة في البين مشكل.

  1. سورة التوبة: 71.
  2. سورة النساء: 141.
  3. سورة آل عمران: 28.
  4. سورة هود: 113.
  5. راجع الوسائل باب: 88 من أبواب الوصايا.
  6. الوسائل باب: 50 من أبواب الوصايا.
  7. الوسائل باب: 50 من أبواب الوصايا.
  8. الوسائل باب: 23 من أبواب الوصايا.
  9. الوسائل باب: 23 من أبواب الوصايا.
  10. الوسائل باب: 23 من أبواب الوصايا.
  11. الوسائل باب: 23 من أبواب الوصايا.
  12. الوسائل باب: 24 من أبواب الوصايا.
  13. الوسائل باب: 51 من أبواب الوصايا.
  14. الوسائل باب: 51 من أبواب الوصايا.
  15. الوسائل باب: 51 من أبواب الوصايا.
  16. راجع ج: 18 صفحة: 267.
  17. الوسائل باب: 37 من أبواب الوصايا الحديث: 3.
  18. الوسائل باب: 37 من أبواب الوصايا الحديث: 5.
  19. الوسائل باب: 61 من أبواب الوصايا.
  20. راجع الوسائل باب: 22 من أبواب مقدمات الطواف.
  21. الوسائل باب: 6 من أبواب الوقوف و الصدقات الحديث: 1.
  22. الوسائل باب: 87 من أبواب الوصايا.
  23. الوسائل باب: 74 من أبواب ما يكتسب به.
  24. راجع الوسائل باب: 3 من أبواب كيفية الحكم- كتاب القضاء.
  25. سورة النساء: 6.
  26. الوسائل باب: 72 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 5.
  27. الوسائل باب: 72 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1.
  28. الوسائل باب: 72 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 3.
  29. الوسائل باب: 72 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 11.
  30. سورة النساء: 6.
  31. الوسائل باب: 18 من أبواب الوصية الحديث: 3.
  32. الوسائل باب: 18 من أبواب الوصية الحديث: 4.
  33. الوسائل باب: 18 من أبواب الوصايا الحديث: 4 و 6.
  34. راجع جميع ذلك في الوسائل باب: 18 من أبواب الوصايا.
  35. سورة المائدة: 106.
  36. الوسائل باب: 24 من أبواب الشهادات الحديث: 24.
  37. الوسائل باب: 24 من أبواب الشهادات الحديث: 33.
  38. الوسائل باب: 24 من أبواب الشهادات الحديث: 16.
  39. الوسائل باب: 15 من أبواب كيفية الحكم الحديث: 5.
  40. الوسائل باب: 20 من أبواب الوصايا الحديث: 7.
  41. الوسائل باب: 20 من أبواب الوصايا الحديث: 6.
  42. الوسائل باب: 20 من أبواب الوصايا.
  43. الوسائل باب: 20 من أبواب الوصايا الحديث: 2 و 9 و 10.
  44. الوسائل باب: 20 من أبواب الوصايا الحديث: 1 و 3 و 5.
  45. مستدرك الوسائل باب: 1 من أبواب الإقرار.
  46. الوسائل باب: 20 من أبواب الوصايا الحديث: 3.
  47. الوسائل باب: 20 من أبواب الوصايا الحديث: 7.
  48. راجع الوسائل باب: 14 من أبواب كيفية الحكم.
  49. الوسائل باب: 1 من أبواب فعل المعروف الحديث: 5.
  50. الوسائل باب: 29 من أبواب فعل المعروف الحديث: 2.
  51. راجع الوسائل باب: 14 من أبواب الوصايا الحديث: 1.
  52. الوسائل باب: 54 من أبواب الوصايا.
  53. الوسائل باب: 55 من أبواب الوصايا
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"