مجموع الأخبار ثلاثة أقسام:
الأول: ما يدل على التعدد و عدم التداخل و هي أخبار كثيرة منها صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام: «المرأة الحبلى يتوفى عنها زوجها، فتضع و تتزوج قبل أن تعتد أربعة أشهر و عشرا فقال: إن كان الذي تزوجها دخل بها فرّق بينهما، و لم تحل له أبدا، و أعتدت بما بقي عليها من عدة الأول و استقبلت عدة أخرى من الآخر ثلاثة قروء، و إن لم يكن دخل بها فرّق بينهما و أتمّت ما بقي من عدتها و هو خاطب من الخطاب»۱۷، و نحوه غيره.
الثاني: ما يدل على اتحاد العدة و تداخل العدتين و هي أيضا كثيرة منها صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «في امرأة تزوجت قبل أن تنقضي عدتها، قال:
يفرّق بينهما و تعتد عدة واحدة منهما جميعا»۱۸.
الثالث: ما يدل على إثبات التداخل و نفي التعدد كخبر زرارة و يونس ..
أما الأول: عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «سألته عن امرأة نعي إليها زوجها فاعتدت و تزوجت فجاء زوجها الأول ففارقها الآخر كم تعتد للثاني؟ قال عليه السّلام:
ثلاثة قروء و إنما يستبرئ رحمها بثلاثة قروء و تحل للناس كلهم.
قال زرارة: و ذلك أن أناسا قالوا: تعتد عدتين من كل واحد عدة، فأبى أبو جعفر عليه السّلام و قال: تعتد ثلاثة قروء و تحل للرجال»۱۹.
و الثاني: ورد «في امرأة نعي إليها زوجها فتزوجت ثمَّ قدم الزوج الأول فطلّقها، و طلّقها الآخر. قال: فقال إبراهيم النخعي: عليها أن تعتد عدتين فحملها زرارة إلى أبي جعفر عليه السّلام فقال: عليها عدة واحدة»۲۰.
و لا بد في شرح المقام من التكلم في جهات:
الأولى: هل يجري في المقام بحث التداخل و عدمه أو لا بل هو أجنبي عنه؟ الحق هو الأخير، لأن المستفاد مما ورد في العدة- كما يأتي في كتاب الطلاق- أنها إنما تكون لأجل استبراء الرحم بثلاثة قروء و مع الاستبراء لا موضوع للتعدد حتى يبحث عن التداخل و عدمه.
نعم، أولويّة التعدد له وجه كاف لأولويّة مطلق الاحتياط.
الثانية: هل يجري في المقام موضوع التقية أولا؟ الظاهر الثاني لأنه بعد أن حمل زرارة قول التعدد منهم إلى أبي جعفر عليه السّلام و صرّح بالتداخل، و أبي عليه السّلام إلا من الاتحاد فحينئذ كيف يحمل اخبار التعدد على التقية فأبطل عليه السّلام صدور اخبار التعدد للتقية في هذه المسألة خصوصا بالنسبة إلى رواه التعدد الذين هم من فضلاء أصحابهم.
الثالثة: يستفاد من كون التداخل في كل طبقة من الشاذ حتى أن الصدوق الذي نسب إليه التداخل في محل ذهب إلى التعدد في محل آخر، و شهرة التعدد فتوى و عملا كذلك و أن الهجر عن أخبار التداخل كان لأجل خلل فيها ظفروا عليها و خفي علينا، فالأخبار و إن كانت متعارضة بحسب الظاهر لكنها قسم واحد في الواقع بعد التأمل و هو اخبار التعدد فقط.
و لو لا ذلك فالجمع العرفي يقتضي الأخذ بأخبار التداخل و حمل أخبار
التعدد على الاستحباب كما هو الجمع الشائع لدى الأصحاب.