1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب المواريث‏
  10. /
  11. الفصل الخامس في العول و التعصيب
الورّاث الذين يرثون الميت بالفرض يتصور إرثهم من التركة على صور (۱).

الشقوق المتصورة في الورثة بالنسبة إلى التركة ستة أقسام بالحصر العقلي، لأن الوارث الذي له فرض، سواء كان واحدا أم أكثر- إما أن يكون معه وارث آخر لا فرض له، أو لا يكون معه وارث كذلك، و في كل منهما إما أن تساوي الفروض التركة، أو تزيد، أو تنقص فهذه ستة أقسام، اثنان منها ممتنعان.

الأول‏: أن يكون مع ذي الفرض من لا فرض له، و تنقص التركة من فروضها، و هذا ممتنع، لاستلزامه جهل الشارع بتشريعها، و للتناقض.

الثاني‏: أن تكون التركة مساوية لذوي الفروض و من لا فرض له، و هذا أيضا ممتنع، لأنه يلزم أن لا يكون المساوي لذوي الفروض مساويا لها.

فهذان القسمان ممتنعان.

الثالث‏: ما إذا زادت التركة عن الفروض الواردة في الكتاب و السنة- كما تقدم- و كان هناك وارث مساو في الطبقة، و لا فرض له، فالزائد له بالقرابة نصا، و إجماعا كما في الوالدين و الأولاد، فيأخذ ذو الفرض (الوالدين) فرضه، و الباقي للأولاد لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ‏ الرابع‏: ما إذا كانت التركة مساوية للفروض بلا زيادة و لا نقيصة، و هذا أيضا مما لا إشكال فيه أصلا، كما في الزوج فقط، و الأخت الواحدة أو البنتان‏ فقط، مع الأبوين. أو الأختان من الأب، مع جد أو جدة للأم فقط، ففي جميع ذلك أن التركة مساوية لا تزيد و لا تنقص، كما هو واضح.

الاولى: ما إذا كانت التركة حسب السهام المفروضة بلا زيادة و نقيصة (۲).

كما إذا كان الوارث أبوين و بنات متعددة، فالثلثان للبنات، و السدسان (الثلث) للأبوين، لكل منهما السدس، و هذا هو القسم الرابع كما مرّ.

الخامس‏: ما إذا كانت التركة أقل من السهام، و إنها زادت على الفريضة و التركة، و هو المسمّى بالعول، الذي هو في اللغة بمعنى الزيادة و الارتفاع، يقال:

عال الميزان، أي: ارتفع أحد طرفيه عن الآخر، و في حديث مريم عليهما السلام: «و عال قلم زكريا فكفلها زكريا»۱، أي ارتفع على الماء.

و في المقام يصح أن يكون العول بمعنى زيادة الفروض على التركة، يقال: عالت الفريضة، أي إذا ارتفعت و زادت السهام على التركة، كما يصح أن يكون بمعنى النقص، بلحاظ نقص التركة عن السهام.

و كيف كان، فهو محل الخلاف بيننا و بين الجمهور، فإنهم يردون النقص على الجميع، كأرباب الديون إذا نقص المال عن حقهم، بخلاف الإمامية، فإنهم يردّون النقص على خصوص من لم يعين له سهم في الكتاب الكريم، إلا سهم واحد، كالبنت و البنات، أو الأخت و الأخوات إن لم تكن من الام فقط على ما يأتي، للروايات المستفيضة الدالة على ذلك. و تنظير المقام بأرباب الديون لو نقص المال عن حقهم، قياس مع الفارق، بعد تعيين السهام منه عزّ و جلّ.

الثانية: ما إذا كانت التركة أقل من السهام المفروضة (۳)، و يعبّر عنها بالعول.

كما إذا خلّف الميت ابنتين و أبوين و زوجة، فللابنتين الثلثان، و للأبوين الثلث، و للزوجة الثمن، فمجموع السهام تسعة أثمان، أي: واحد و ثمن واحد، و أصل التركة ثمانية، فتزيد الفريضة على السهام بواحد، إلى غير ذلك مما تنقص التركة عن السهام.

و العول: لا يتحقق إلا بمزاحمة الزوج أو الزوجة، و الأبوين، إما مع البنت أو البنات، أو مع الأخت أو الأخوات كما سيأتي. و كيف كان، فالعول باطل عندنا بالأدلة الثلاثة.

أما الكتاب: فلحصر السهام في الآيات الشريفة في ستة، و أن العول يستلزم زيادة السهام عليها، و قد عيّن سبحانه و تعالى للأم و الزوجين السهم الأعلى و الأدنى في جميع الفروض، فلا مجال لورود النقص عليهما بعد التعيين، بخلاف البنت و البنات، أو الأخت أو الأخوات من الأب و الأم أو من الأب فقط، فلم يعين لهن إلا سهما واحدا، فيرد النقص عليهن، كما يأتي.

و أما السنة: فهي متواترة عن الأئمة الهداة، ففي الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام: «إن السهام لا تعول»۲ و مثله ما في كتاب الفرائض التي هي إملاء رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله و خط علي عليه السلام‏۳، و كان علي عليه السلام يقول: «إن الذي أحصى رمل عالج ليعلم أن السهام لا تعول على ستّة، لو يبصرون وجوهها لم تجز ستّة»4.

و في رواية الحضرمي عن الصادق عليه السلام: «كان ابن عباس يقول: إن الذي يحصي رمل عالج ليعلم أن السهام لا تعول من ستّة، فمن شاء لاعنته عند الحجر، إن السهام لا تعول من ستّة»٥، و قال الصادق عليه السلام في المعتبر: «أصل الفرائض من ستة أسهم، لا تزيد على ذلك، و لا تعول عليها، ثمَّ المال بعد ذلك لأهل السهام الذين ذكروا في الكتاب»٦، إلى غير ذلك من الروايات المعتبرة.

و أما الإجماع: فهو مسلّم، بل أنه من ضروريات المذهب.

(مسألة ۱): العول في السهام لا يتحقق إلا بمزاحمة البنت الواحدة مع الزوج و الأبوين (٤)، أو باجتماع بنتين فصاعدا مع الأبوين و مع الزوج أو الزوجة (٥)، أو الأختين لأبوين أو لأب فقط مع الزوج (٦).

لأن البنت الواحدة لها النصف، و للزوج الربع، و للأبوين الثلث (لكل واحد منهما السدس)، فتستلزم النقيصة في التركة.

لأن البنتين فصاعدا لهما الثلثان، و للزوج الربع- أو الثمن للزوجة و الثلث للأبوين، فتنقص التركة عن الفروض.

لأن للزوج النصف، و للأختين من الأبوين أو الأب فقط الثلثان، فيستلزم النقص في التركة، و لا عول في غير ما تقدم، لأنه إنما يتحقق في الفرائض فيما ذكر، و غيره لا ترد النقيصة كما هو واضح.

(مسألة ۲): يرد النقص في العول على البنت أو البنتين، أو من يتقرب بالأب و الأم أو بالأب فقط من الأخت أو الأخوات أو على أولادهن دون من يتقرب بالأم (۷). و لا يدخل النقص على جميع الورثة بالنسبة (۸)، كما يدخل النقص على غيرهن.

نصوصا مستفيضة، ففي صحيح بكير بن أعين قال: «قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: امرأة تركت زوجها، و إخوتها و أخواتها لأمها، و إخوتها و أخواتها لأبيها، قال: للزوج النصف ثلاثة أسهم، و للإخوة من الأم الثلث، الذكر و الأنثى فيه سواء، و بقي سهم فهو للإخوة و الأخوات من الأب‏ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ‏، لأن السهام لا تعول، و لا ينقص الزوج من النصف، و لا الإخوة من الأم من ثلثهم، لأن اللَّه تبارك و تعالى يقول‏ فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ‏ و إن كانت واحدة فلها السدس، و الذي غنى اللَّه تبارك و تعالى في قوله‏ وَ إِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ‏ إنما عنى بذلك: الإخوة و الأخوات من الأم خاصة، و قال في آخر سورة النساء: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَ لَهُ أُخْتٌ‏ يعني: أختا لأب و أم أو، أختا لأب‏ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَ هُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ- وَ إِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالًا وَ نِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ‏ فهم الذين يزادون و ينقصون، و كذلك أولادهم هم الذين يزادون و ينقصون، و لو أن امرأة تركت زوجها، و إخوتها لأمها، و أختيها لأبيها، كان للزوج النصف ثلاثة أسهم، و للإخوة من الأم سهمان، و بقي سهم، فهو للأختين للأب، و إن كانت واحدة فهو لها، لأن الأختين لأب إذا كانتا أخوين لأب لم يزادا على ما بقي، و لو كانت واحدة، أو كان مكان الواحدة أخ لم يزد على ما بقي، و لا تزاد أنثى من الأخوات، و لا من الولد على ما لو كان ذكرا لم يزد عليه»۷، و في رواية بكير أيضا قال: «جاء رجل إلى أبي جعفر عليه السلام فسأله عن امرأة تركت زوجها، و إخوتها لأمها، و أختا لأبيها، فقال: للزوج النصف ثلاثة أسهم، و للإخوة للأم الثلث سهمان، و للأخت من الأب السدس سهم- الحديث»۸.

و يستفاد ذلك أيضا من الحصر الوارد في معتبرة أبي بصير عن الصادق عليه السلام: «أربعة لا يدخل عليهم ضرر في الميراث: الوالدان، و الزوج، و المرأة»۹، فمقتضاه أن الضرر يدخل على البنت أو البنات، و الأخت من الأب و الأم أو الأب فقط، و كذا الأخوات.

و عن أبي جعفر عليه السلام في رواية محمد بن مسلم في قوله تعالى:

يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَ لَهُ أُخْتٌ‏ قال: «إنما عنى اللَّه، الأخت من الأب و الأم و الأخت من الأب‏ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَ هُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ .. وَ إِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالًا وَ نِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ‏ فهؤلاء الذين يزادون و ينقصون، و كذلك أولادهم‏ يزادون و ينقصون»۱۰، و في رواية عبيد اللَّه بن عتبة قال: «جالست ابن عباس، فعرض ذكر الفرائض في المواريث، فقال ابن عباس: سبحان اللَّه العظيم، أ ترون أن الذي أحصى رمل عالج عددا جعل في مال نصفا و نصفا و ثلثا، فهذان النصفان قد ذهبا بالمال، فأين موضع الثلث؟ فقال له زفر بن أوس البصري: فمن أول من أعال الفرائض؟ فقال: عمر بن الخطاب لما التفّت الفرائض عنده، و دفع بعضها بعضا فقال: و اللَّه ما أدري أيكم قدّم اللَّه، و أيكم أخر، و ما أجد شيئا هو أوسع من أن أقسم عليكم هذا المال بالحصص، فأدخل على كل ذي سهم ما دخل عليه من عول الفرائض، و ايم اللَّه لو قدّم من قدّم اللَّه، و أخر من أخر اللَّه ما عالت فريضة فقال له زفر: و أيها قدّم، و أيها أخّر؟ فقال: كل فريضة لم يهبطها اللَّه عن فريضة إلا إلى الفريضة فهذا ما قدّم اللَّه، و أما ما أخّر فكل فريضة إذا زالت عن فرضها لم يبق لها إلا ما بقي، فتلك التي أخّر، فأما الذي قدّم فالزوج له النصف، فإذا دخل عليه ما يزيله عنه رجع إلى الربع، لا يزيله عنه شي‏ء، و الزوجة لها الربع، فإذا دخل عليها ما يزيلها عنه صارت إلى الثمن، لا يزيلها عنه شي‏ء، و الأم لها الثلث، فإذا زالت عنه صارت إلى السدس، و لا يزيلها عنه شي‏ء، فهذه الفرائض التي قدّم اللَّه، و أما التي أخر ففريضة البنات و الأخوات لها النصف و الثلثان، فإذا أزالتهنّ الفرائض عن ذلك لم يكن لهنّ إلا ما بقي، فتلك التي أخر، فإذا اجتمع ما قدّم اللَّه و ما أخر بدئ بما قدّم اللَّه، فأعطي حقّه كاملا، فإن بقي شي‏ء كان لمن أخّر، و إن لم يبق شي‏ء فلا شي‏ء له»۱۱، إلى غير ذلك من الروايات الدالة على أن النقص يدخل على البنت و البنات و الأخت، إن لم يكن من الأم فقط، و كذا الأخوات.

و التقييد بكون الأخت أو الأخوات للأب، و الأم، أو للأب فقط، و لا يرد النقص على الأخت من الأم فقط أو الأخوات كذلك، للروايات المستفيضة، فعن علي عليه السلام: «كان يقول و لا تزاد الإخوة من الأم على الثلث، و لا ينقصون من السدس، و هم فيه سواء الذكر و الأنثى»۱۲ و عن أبي جعفر عليه السلام في معتبرة محمد بن مسلم: «لأن السهام لا تعول، و لأن الزوج لا ينقص من النصف، و لا الإخوة من الأم من ثلثهم، فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث و ان كان واحدا فله السدس»۱۳ و غيرهما من الروايات الدالة على ذلك، مضافا إلى الإجماع، بل عدّ ذلك من ضروريات المذهب.

ثمَّ إنه ذهب جمع من الفقهاء- منهم المحقق و الشهيد الأول (قدس اللّه نفسهما الزكية) في بعض كتبه- شمول العول للأب و أيضا، فيرد النقص عليه أيضا، كما يرد على البنت أو البنات و الأخت و الأخوات، للقاعدة المتسالم عليها بينهم من أن مورد العول من لم يكن له سهمان، كما مرّ، و أن الأب ليس له سهمان، و إنما له سهم واحد، و هو السدس كما مرّ.

و لكن تركه جمع آخر، منهم الشهيد نفسه في الدروس و العلامة في القواعد، و الشهيد الثاني في اللمعة حيث قال: «و الصواب تركه»، و هو الصحيح، لأن الأب لا ينقص فرضه عن السدس مع الولد أبدا، لما في صحيفة الفرائض كما عن زرارة قال: «أراني أبو عبد اللّه عليه السلام صحيفة الفرائض، فإذا فيها: لا ينقص الأبوان من السدسين شيئا»۱4، و عن الصادق عليه السلام أيضا في معتبرة إسحاق ابن عمار قال: «أربعة لا يدخل عليهم ضرر في الميراث: للوالدين السدسان أو ما فوق ذلك، و للزوج النصف، أو الربع، و للمرأة الربع، أو الثمن»۱٥.

و قد ظهر مما تقدم من أن العول كما يدخل على البنت و الأخت من الأب و الأم أو من الأب فقط، و كذلك الأخوات يدخل أيضا على أولادهن، فإنهم‏

يزادون و ينقصون من سهامهم إن نقصت التركة عن الفرائض و السهام، لما تقدم من الرواية، مضافا إلى الإجماع، و للقاعدة المستفادة من كتاب على عليه السلام في الفرائض: «كل ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجرّ به، إلا أن يكون وارث أقرب إلى الميت منه فيحجبه»۱٦.

لأنه يستلزم الزيادة في السهام التي فرضها اللّه تعالى على عباده، و ذلك هو التشريع المحرم عقلا، و نقلا، مضافا إلى ما تقدم من الروايات المتواترة، و الإجماع.

الثالثة: ما لو كانت التركة أزيد من السهام فترد الزيادة على أرباب الفروض و لا شي‏ء لعصبة الميت أصلا (۹).

كما لو كان الوارث منحصرا ببنت واحدة و أم، فيعطى للبنت الواحدة النصف- كما مر- و للأم السدس، فيبقى الثلث، و كذا لو انحصر الوارث في بنات متعددة، و أم، فيعطى الثلثان لهن، و للأم السدس، و يبقى سدسا، و هذا هو القسم السادس من الأقسام المتقدمة، و هو المعروف بمسألة التعصيب، الذي هو محل الخلاف بيننا و بين الجمهور أيضا، فإنهم يلتزمون بأن الفاضل من التركة للعصبة، و الإمامية يردّون الفاضل إلى ذوي الفروض حسب السهام، و العصبة في فيها التراب، و استدلوا بالأخبار المتواترة الواردة عن أئمتنا الهداة (عليهم أفضل الصلاة و السلام).

و عصبة الرجل أولياؤه الذكور من ورثته الذين ينتمون إليه، و إنما سمّوا بها لأنهم يحيطون بالرجل، كالأب و الأخ و الابن و العم.

و العصبة عندهم قسمان:

الأول‏: كل ذكر ينتسب إلى الميت بلا واسطة، أو بواسطة الذكور، فلو خلّف بنتا و ابن الابن، كان النصف من التركة للبنت- كما تقدم- و الباقي للحفيد، و كذا لو خلّف بنتا، و أخا أو عما، كان النصف للبنت، و الفاضل لأحد الباقين.

الثاني‏: العصبة بالغير، و هن البنات، و بنات الابن، و الأخوات من الأبوين، و من الأب، و هن لا يرثن بالتعصيب إلا بالذكور في درجتهن، أو فيما دونهن، فلو خلّف مثلا بنتين و بنت ابن، فللبنتين الثلثان، و لم يكن لبنت الابن شي‏ء إلا إذا كان لها أخ أو كان هناك ابن الابن مثلا.

و كيف كان، لا ترد الزيادة من التركة إلى العصبة، فإن كان هناك مساو لا فرض له، تكون الزيادة له بالقرابة، كما في الأبوين و زوج أو زوجة، فللأم ثلث المال و للزوج أو الزوجة نصيبهما، و للأب الباقي لأنه مساو، و لا فرض له في هذا الحال، و لو كان أخوة حاجبون، كان للأم السدس كما مرّ. و كذا في الأبوين و الزوج و الأولاد، فإن للزوج الربع، و لكل من الأبوين السدس، و الباقي للأبناء بالقرابة، إذ لا فرض لهم في هذا الحال غير ذلك من الموارد.

و إذا لم يكن قريبا مساويا له في الطبقة و كان بعيدا، أي الطبقة المتأخرة، لم يرث و ردّ الفاضل و الزائد من التركة على ذوي الفروض، حسب السهام- عدا الزوج و الزوجة لا يرد عليهما كما يأتي- للأدلة الثلاثة.

أما الكتاب: فقوله تعالى‏ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى‏ بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ*۱۷، بدعوى: أن المراد من الآية المباركة أن الإرث بتمامه للأقرب فالأقرب، فإن البنت أقرب من ابن الابن للأخ و من ابن العم و هكذا. و قد يستدل أيضا بقوله تعالى‏ لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَ الْأَقْرَبُونَ وَ لِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَ الْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً۱۸، و له وجه.

و أما السنة: فهي كثيرة، منها ما عن أبي جعفر الباقر عليه السلام: «إن بعضهم أولى بالميراث من بعضهم، لأن أقربهم إليه رحما أولى به، ثمَّ قال أبو جعفر: أيهم أولى بالميت، و أقربهم إليه؟ أمه أو أخوه؟ أ ليس الأم أقرب إلى الميت من إخوته؟»۱۹، و في رواية حسين الرزاز قال: «أمرت من يسأل أبا عبد اللّه عليه السلام المال لمن هو؟ للأقرب أو العصبة؟ فقال: المال للأقرب، و العصبة في فيه (فيها) التراب»۲۰.

و ما يستفاد من بعض الأخبار من اختصاص الإرث ببعض دون بعض، كما في المكاتبة إلى أبي جعفر عليه السلام: «يسأله عن رجل مات و كان مولى لرجل، و قد مات مولاه قبله، و للمولى ابن و بنات، فسألته عن ميراث المولى، فقال: هو للرجال دون النساء»۲۱، و قريب منها غيرها، إما محمولان، أو مطروحان، لمخالفتهما لما تقدم.

و أما الإجماع: فهو من ضروريات المذهب أيضا.

(مسألة ۳): لا ترد الزيادة على طوائف من أصحاب الفروض و السهام: الأولى: الزوجة فتأخذ فرضها و يرد الباقي على غيرها من الطبقات حتى الإمام عليه السلام (۱۰). الثانية: الزوج يعطي نصيبه و يرد الباقي على غيره (۱۱). إلا مع انحصار الوارث به فحينئذ يرد الباقي إليه مضافا إلى نصيبه و لا يرد شي‏ء إلى الإمام عليه السلام (۱۲). الثالثة: الأم مع وجود الحاجب فيعطى السدس لها و يرد الباقي على الأب كما تقدم في الحجب (۱۳). الرابعة: الإخوة من الأم فقط مع وجود واحد من الأجداد من قبل الأب فيرد الزائد على الجد دون الإخوة من الأم (۱٤). الخامسة: أحد الإخوة من الأبوين أو الأب فقط مع الإخوة من الأم فقط فلا يرد الزائد على الإخوة من الأم و إنما يعطى لهم نصيبهم المفروض (۱٥) و الباقي للإخوة من الأبوين أو الأب فقط (۱٦).

إجماعا، و نصوصا مستفيضة، ففي صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام: «في رجل مات و ترك امرأته، قال: لها الربع، و يرفع الباقي إلينا»۲۲، بناء على عدم وجود طبقات الإرث، و إلا يكون الميراث لهن، كما مر، و في رواية محمد بن نعيم الصحاف قال: «مات محمد بن أبي عمير بياع السابري و أوصى إلي و ترك امرأة لم يترك وارثا غيرها، فكتب إلى العبد الصالح عليه السلام، «فكتب إليّ: أعط المرأة الربع، و احمل الباقي إلينا»۲۳ فهذه الرواية صريحة في ما ذكرنا، و في رواية محمد بن مروان عن أبي جعفر عليه السلام: «في زوج مات، و ترك امرأته، قال: لها الربع، و يدفع الباقي إلى الإمام»۲4، إلى غير ذلك من الروايات.

و أما صحيحة أبي بصير عن الصادق عليه السلام: «في امرأة ماتت، و تركت زوجها، قال: المال كله له، قلت: فالرجل يموت، و يترك امرأته، قال: المال لها»۲٥، فهي محمولة على إذن الإمام، لتملكها جميع التركة لمصلحة يراها الإمام عليه السلام، كما في إذنه عليه السلام بالتصدق كما يأتي، أو أن المرأة من أقارب الزوج المتوفى، بحيث يكون الميراث لها، أو محمولة على التقية و إلا فهي مطروحة، لإعراض المشهور عنها.

و أما صحيح علي بن مهزيار قال: «كتب محمد بن حمزة العلوي إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام: مولى لك أوصى بمائة درهم إليّ و كنت أسمعه يقول: كل شي‏ء هو لي فهو لمولاي، فمات و تركها، و لم يأمر فيها بشي‏ء، و له امرأتان، إحداهما ببغداد، و لا أعرف لها موضعا الساعة، و الأخرى بقم، ما الذي تأمرني في هذه المائة درهم؟ فكتب إليه انظر أن تدفع من هذه المائة درهم إلى زوجتي الرجل، و حقهما من ذلك الثمن إن كان له ولد، و إن لم يكن له ولد فالربع، و تصدّق بالباقي على من تعرف أن له إليه حاجة إن شاء اللّه»۲٦، فهو محمول على إذنه للصدقة، كما تقدم، بعد إرادة عدم وجود وارث غير الزوجة، كما فرض السائل.

إجماعا، و نصوصا مستفيضة، ففي معتبرة أبي بصير قال: «قرأ عليّ أبو عبد اللّه عليه السلام فرائض علي عليه السلام، فإذا فيها: الزوج يحوز المال إذا لم يكن‏ غيره»۲۷، و عنه أيضا قال: «كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فدعا بالجامعة فنظر فيها فإذا امرأة ماتت و تركت زوجها لا وارث لها غيره المال له كله»۲۸، و في معتبرة أبي بصير۲۹، عن أبي جعفر عليه السلام: «و في امرأة توفيت و تركت زوجها قال: المال كله للزوج يعني إذا لم يكن لها وارث غيره» إلى غير ذلك من الروايات.

لصحيح أبي بصير عن الصادق عليه السلام: «في امرأة ماتت و تركت زوجها لا وارث لها غيره، قال: إذا لم يكن غيره فله المال. و المرأة لها الربع، و ما بقي فللإمام»۳۰، و غيره من الروايات، مضافا إلى الإجماع.

فيرد الزائد على الأب دون الأم و الإخوة من الأم، لما مرّ في الثالث من حجب النقصان، فراجع و لا وجه للإعادة بالتكرار، و لا يعطى للإخوة شي‏ء سوى أن وجودهم مانع لتوفير نصيب الأم، كما هو واضح.

لصحيح عبد اللّه بن سنان قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل ترك أخاه لأمه، و لم يترك وارثا غيره؟ قال: المال له، قلت: فإن كان مع الأخ للأم جد؟ قال: يعطى الأخ للأم السدس، و يعطى الجد الباقي، قلت: فإن كان الأخ لأب وجد، قال: المال بينهما سواء»۳۱، المحمول على الجد من قبل الأب، بقرينة الإجماع في المقام، و لما يأتي في ميراث الأنساب، و لا وجه للتفصيل هنا.

لما تقدم من أن نصيب الواحد منهم السدس بالأدلة الثلاثة على ما مرّ، فيرد عليهم نصيبهم، و الباقي للإخوة من قبل الأب أو الأبوين، و سيأتي في ميراث الأنساب ما يتعلق بذلك.

لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ‏.

(مسألة ٤): يجوز أخذ الميراث بالتعصيب أو بالعول لو حكم بهما العامة (۱۷).

لقول أبي جعفر الباقر عليه السلام: في معتبرة محمد بن مسلم: «تجوز على أهل كل ذوي دين ما يستحلّون»۳۲، و في رواية عبد اللّه بن محرز قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل ترك ابنته، و أخته لأبيه و أمه، فقال: المال كله لابنته، و ليس للأخت من الأب و الأم شي‏ء، فقلت: فإنا قد احتجنا إلى هذا، و الميت رجل من هؤلاء الناس، و أخته مؤمنة عارفة، قال: فخذ لها النصف، خذوا منهم كما يأخذون منكم في سنتهم و قضاياهم، قال ابن أذينة: فذكرت ذلك لزرارة، فقال:

إن على ما جاء به ابن محرز لنورا»۳۳، و يدلّ على ذلك قاعدة الإلزام: «ألزموهم بما ألزموه على أنفسهم»۳4.

و أخذ الميراث بالعول يتحقق من فساد القسمة، فإن سهم الزوج مثلا- على مذهبهم- أخذ من مجموع السهام، و إن كان سهمه أيضا ناقص، إلا أنه وقع من مال الغير- حسب مذهبنا- في يده.

(مسألة ٥): إذا اجتمع الوارث بالفرض مع الوارث بالقرابة يكون الفرض للوارث بالفرض و الباقي للوارث بالقرابة (۱۸).

كما مرّ من العمومات الدالة على ذلك، مثل قوله تعالى‏ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى‏ بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ*، فلو اجتمع الأبوان مع أولاد الذكور و الإناث، يعطي نصيب الأبوين و هو السدسان (الثلث)، و الباقي للأولاد بالقرابة لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ‏، و كذا لو كان الوارث الأبوين، فللأم السدس- مع وجود الحاجب و إلا فالثلث- فرضا، و الباقي للأب قرابة، و لو اجتمعت الأخت أو الأخوات من الأبوين مع الأجداد من قبل الأم، فالفرض للأخت أو الأخوات، و الباقي للأجداد و هكذا.

(مسألة ٦): الإرث بالقرابة يختص بجماعة و هم: الذكور من الأولاد، و كذا الإناث مع وجود الذكور و كذا الأب إن لم يكن للميت ولد، و الجدودة للأب، مطلقا و الإخوة، و الإخوة من الأبوين أو الأب بشرط وجود ذكور فيهم، و كذا جميع الأصناف من الطبقة الثالثة من العمومة و الخؤولة و أولادهم (۱۹).

لعدم ذكر نصيب لهم في الكتاب و السنة، كما تقدم في أول كتاب الإرث، فيكون إرثهم بالقرابة، للآية المباركة، و السنة المستفيضة، و الإجماع نعم، الجد الأمي ورد له نصيب، و هو الثلث نصا- كما يأتي- و إجماعا، واحدا كان أو متعددا.

  1. البخاري كتاب الشهادات باب: ۳۰.
  2. الوسائل: باب ٦ من أبواب موجبات الإرث الحديث: ۱۰.
  3. الوسائل: باب ٦ من أبواب موجبات الإرث الحديث: ۱۱.
  4. الوسائل: باب ٦ من أبواب موجبات الإرث الحديث: ۹.
  5. الوسائل: باب ٦ من أبواب موجبات الإرث الحديث: ۱۲.
  6. الوسائل: باب ٦ من أبواب موجبات الإرث الحديث: ۸.
  7. الوسائل: باب ۳ من أبواب ميراث الإخوة و الأجداد الحديث: ۲.
  8. الوسائل: باب ۳ من أبواب ميراث الإخوة و الأجداد الحديث: ۳.
  9. الوسائل: باب ۷ من أبواب موجبات الإرث الحديث: ۳.
  10. الوسائل: باب ۷ من أبواب موجبات الإرث الحديث: ۱۸.
  11. راجع السنن الكبرى للبيهقي ج: ٦ صفحة الحديث: ۲٥۳ و في الوسائل: باب ۷ من أبواب موجبات الإرث الحديث: ٦.
  12. الوسائل: باب ۷ من أبواب موجبات الإرث الحديث: ۱۲.
  13. الوسائل: باب ۷ من أبواب موجبات الإرث الحديث: ۱۷.
  14. الوسائل: باب ۷ من أبواب موجبات الإرث الحديث: ۱۱.
  15. الوسائل: باب ۷ من أبواب موجبات الإرث الحديث: ۱۰.
  16. الوسائل: باب ۲ من أبواب موجبات الإرث الحديث: ۱.
  17. سورة الأنفال الآية: ۷٥.
  18. سورة النساء الآية: ۷.
  19. الوسائل: باب ۸ من أبواب موجبات الإرث الحديث: ۱۱.
  20. الوسائل: باب ۸ من أبواب موجبات الإرث الحديث: ۱.
  21. الوسائل: باب ۸ من أبواب موجبات الإرث الحديث: ۷.
  22. الوسائل: باب 4 من أبواب ميراث الأزواج الحديث: ٥.
  23. الوسائل: باب 4 من أبواب ميراث الأزواج الحديث: ۲.
  24. الوسائل: باب 4 من أبواب ميراث الأزواج الحديث: ۷.
  25. الوسائل: باب 4 من أبواب ميراث الأزواج الحديث: ٦.
  26. الوسائل: باب 4 من أبواب ميراث الأزواج الحديث: ۱.
  27. الوسائل: باب ۳ من أبواب ميراث الأزواج الحديث: ۲.
  28. الوسائل: باب ۳ من أبواب ميراث الأزواج الحديث: ۳.
  29. الوسائل: باب ۳ من أبواب ميراث الأزواج الحديث: ۱۲.
  30. الوسائل: باب 4 من أبواب موجبات الإرث.
  31. الوسائل: باب ۸ من أبواب ميراث الإخوة و الأجداد الحديث: ۱.
  32. الوسائل: باب 4 من أبواب ميراث الإخوة و الأجداد الحديث: 4.
  33. الوسائل: باب 4 من أبواب ميراث الإخوة و الأجداد الحديث: ٥.
  34. الوسائل: باب 4 من أبواب ميراث الإخوة و الأجداد الحديث: ٥.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"