نسب ذلك إلى الأكثر و عن بعض دعوى الإجماع عليه و استدل عليه.
تارة: بأصالة عدم براءة الذمة إلا بما هو المعلوم من البراءة به بعد عدم كون إطلاقات أدلة العتق واردة في مقام البيان من هذه الجهة، بل و يكفي الشك في ذلك لعدم صحة التمسك بها لهذه الجهة كما هو واضح.
و أخرى: بإطلاق قوله تعالى وَ لا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ1، فإنها ظاهرة في عدم الصحة إلا ما خرج بالدليل، و أي خباثة أخبث من خبث الاعتقاد برب العباد. و احتمال الاختصاص بالخباثة من حيث المالية فقط احتمال بدوي يرتفع بعد التأمل كما لا يخفى على أهله.
و ثالثة: بأنها قد قيدت بالأيمان في قتل الخطأ2، و في موضعين منه، و الظاهر بل المقطوع به عدم الفرق بين أسباب الكفارات و لعله إنما ذكر الإيمان في خصوص الموارد الثلاثة لقلة المسلمين في زمان نزولها، لئلا يتبادر المكفّر الى عتق كل رقبة و لو كان كافرا و بعد ما انتشر الإسلام فأوكل اللّه المسلمين الى فطرتهم حيث لا يقدمون بفطرتهم و ارتكازهم إلى عتق الكافر.
و رابعة: بحكم الفطرة لأن أهل كل ملة إذا أراد أن يرفع ذل الرقبة و ذل العبودية عن أحد يقدم أفراد نحلته في ذلك مهما أمكن فليكن المسلم أيضا هكذا، فما ذكره الفقهاء من الأدلة انما هو من المرتكزات بين أهل كل دين و ملة.
و خامسة: بما يستفاد من الأخبار كقول أحدهما عليهما السّلام في الصحيح: «في حديث الظهار قال و الرقبة و يجزي عنه صبي ممن ولد في الإسلام»3، و قريب منه غيره، و في خبر سيف بن عميرة المنجبر عن الصادق عليه السّلام: «أ يجوز للمسلم أن يعتق مملوكا مشركا؟ قال: لا»4، إلى غير ذلك من الأخبار التي يستفاد منها مسلميّة الحكم عندهم، و قد ورد التقييد في كفارة شهر رمضان5، و كفارة نذر الصوم المعيّن6، فيستفاد من المجموع أن العبادة واحدة و إن كانت أسبابها مختلفة و مسلمية اعتبار الإسلام.
و نسب إلى الإسكافي و الشيخ رحمهما اللّه جواز عتق غير المسلم جمودا على الإطلاقات، و تردد المحقق رحمه اللّه في الشرائع ثمَّ جعل اشتراط الإسلام أشبه، و لا ريب في ضعف ما نسب إلى الأولين بعد التأمل في جميع ما مر و لعله لذلك جعل المحقق اعتباره أشبه بالتأمل في الأدلة.
ثمَّ المراد بالمؤمنة في الآيات المباركة و النصوص المعصومية ما كان الناس عليه في أول البعثة لا الإيمان الاصطلاحي الحادث بعد ذلك أي الاثني عشري.