و هو سكوت المدعى عليه، أو قوله: لا أدري، أو ليس لي و نحوها، كما تقدم4۳.
الثالث: من جواب المدعى عليه (۱).
(مسألة ۱): سكوت المدعى عليه بعد عرض الدعوى عليه إما لعذر (۲) أو بدونه، و في الأول يزيله الحاكم بما يراه (۳)، و في الثاني يرغّبه الحاكم في الجواب فإن لم يجب يستعمل الغلظة و الشدة (٤)، فلو أصر على السكوت يقول الحاكم له: أجب و إلا أجعلك ناكلا (٥)، و الأولى تكرار ذلك ثلاثا (٦)، فإن أصر على السكوت كذلك ردّ الحاكم اليمين إلى المدعي (۷)، و بعد حلفه يثبت حقه (۸).
مثل الخرس، و عدم فهم اللغة، أو صمم، أو دهشة، أو وحشة، أو نحوها.
لأنه من جهات ولايته و شؤونها.
لأن كل ذلك من صغريات الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، الذي لا بد من قيام الحاكم بهما مع وجود المقتضي و فقد المانع، كما هو المفروض.
لأن الجواب حق، و يلزم على الحاكم أن يلزمه بالحق، لكونه منصوبا لذلك، و نسب ذلك في السرائر إلى الصحيح من مذهبنا.
و هناك قولان آخران، و من شاء العثور عليهما فليراجع المطولات.
نسب ذلك إلى جمع، و هو يكفي في الأولوية.
لأن ولايته على الحكم تقتضي ولايته على تنظيم ما تقتضيه موازينه في خصوصياته بحسب نظره، لو لم يكن دليل خاص في البين، كما هو المفروض.
كما هو شأن اليمين المردودة إجماعا، و نصا، كما تقدم.
(مسألة ۲): إذا سكت المدعى عليه لعذر (۹) توصّل إلى معرفة جوابه بكل ما أمكن عرفا من الإشارة المفهمة أو مترجم معتبر أو كناية معلومة أو نحوه (۱۰).
مثل الخرس، و عدم فهم اللغة، أو صمم، أو دهشة، أو وحشة.
أما الإشارة المفهمة، فلتنزلها منزلة كلام الأخرس عرفا و شرعا، كما مر في القراءة و التلبية، و يأتي في الطلاق أيضا. و أما البقية فلفرض ثبوت كشفها عن المراد الواقعي، و هو المطلوب في ظرف العذر عن البيان.
(مسألة ۳): يعتبر في المترجم أن يكون عدلين و لا يكفي العدل الواحد (۱۱).
قد نسب إلى المشهور من أن الترجمة من باب الشهادة، فلا بد حينئذ من التعدد و العدالة كما في الشهادة.
و أما إن جعلت الترجمة من باب الاستظهارات من القرائن- كما احتمله بعض- فلا تعتبر فيها العدالة فضلا عن التعدد، و يمكن الاختلاف باختلاف الخصوصيات و سائر الجهات الموجبة لحصول العلم بالمراد.
(مسألة ٤): لو ادعى المدعى عليه العذر و استمهل من الحاكم التأخير أمهله الحاكم بما يرى فيه المصلحة (۱۲).
لثبوت ولاية الحاكم على مثل ذلك بالإجماع.
(مسألة ٥): إذا أجاب المدعى عليه بقوله: لا أدري و صدّقه المدعي في ذلك فإن أقام المدعي بينة على دعواه ثبت حقه و إلا فلا حق له (۱۳)، و إن لم يصدّقه المدعي بل قال: إن المدعى عليه عالم بأني ذو حق عليه، فيكون من الدعوى الصحيحة (۱٤).
أما ثبوت دعواه مع إقامة البينة، فلقيام الحجة الشرعية على الثبوت، فيأخذ حقه.
و أما عدم الحق مع عدمها، فبعدم حجة الخلاف بل في متعارف الناس لا يرتبون الأثر على مثل هذه الدعوى أصلا، لأنه مع اعتراف المدعي بعدم علم المدعى عليه، و عدم البينة له على إثبات دعواه، فوجوب سماع مثل هذه الدعوى منفي بالأصل، للشك في شمول الأدلة له، فلا وجه لاحتمال إيقاف الدعوى إلى أن توجد البينة، لفرض الشك في صحة أصل الدعوى.
فإن كان للمدعي بينة أقامها، و إلا يحلف المنكر، و إن لم يحلف المنكر يرد الحاكم اليمين إلى المدعي، فيثبت الحق بعد الحلف.
(مسألة ٦): لو حلف المدعى عليه بأنه لا يدري تسقط دعوى الدراية فلا تسمع دعوى المدعي و لا البينة منه عليها (۱٥)، و أما الحق في الواقع فلا يسقط به و لو أراد إقامة البينة عليه تقبل منه (۱٦)،بل له المقاصة بمقدار حقه (۱۷)، نعم إذا كان متعلق الدعوى عينا خارجية في يده منتقلة إليه من ذي يد و قلنا بجواز الحلف استنادا إلى اليد على الواقع فحلف عليه سقطت الدعوى (۱۸)، و ذهب الحلف بحقه (۱۹)، و لا تسمع بينة منه و لا يجوز له المقاصة (۲۰).
أما سقوط دعوى الدراية مطلقا، فلتحقق اليمين و هو يوجب سقوط الدعوى، و إلا فيكون لغوا.
و أما بقاء الحق الواقعي، فلعدم قيام حجة معتبرة على سقوطه من حلف أو غيره، لانحلال الدعوى في الواقع إلى دعويين، دعوى العلم و عدمه، و دعوى الحق الواقعي و عدمه، و لا ربط لإحداهما بالأخرى.
لصحة الدعوى، و عموم حجية البينة.
لفرض تمامية موضوع المقاصة، كما يأتي في محله إن شاء اللَّه تعالى.
لتحقق الحلف على أن العين له، فيسقط أصل الدعوى بالحلف نصوصا، و إجماعا، كما يأتي.
و أما جواز الحلف مستندا إلى اليد، فيأتي تفصيله في أحكام الحلف إن شاء اللَّه تعالى.
لأن ذلك هو مقتضى الحلف إجماعا، و نصوصا، كما يأتي.
لعدم الموضوع لها بعد الحلف المقبول شرعا.
(مسألة ۷): إذا أجاب المدعى عليه بقوله: ليس لي و لا لك بل هو لفلان الحاضر فإن صدّقه الحاضر كان هو المدعى عليه، فله إقامة الدعوى على المقر له (۲۱)، بل يتخير بين الرجوع إليه و الرجوع إلى المقر (۲۲)، و إن أقر لغائب يلحقه حكم الدعوى على الغائب (۲۳)، و إن قال: إنه مجهول المالك و أمره إلى الحاكم يرجع الى الحاكم و يعرض القضية عليه و يستأذن منه في أخذه (۲٤)، و إن قال: إنه ليس لك بل وقف، فإن ادعى التولية ترتفع الخصومة بالنسبة إلى نفسه و تتوجه إليه بالنسبة إلى دعوى التولية (۲٥). فإن توجه الحلف إليه فحلف سقطت الدعوى، و إن نفى عن نفسه التولية فأمره إلى الحاكم (۲٦)، و كذا لو قال المدعى عليه إنه لصبي أو مجنون و نفى الولاية عن نفسه (۲۷).
أخذا بإقراره بأن المال له.
لأنه صار سببا لرجوع المدعي إلى المقر له، فيصح أخذه بتسببه و ترتيب الأثر على قوله، فإن أخذ المدعي به منه بالموازين الشرعية تسقط الدعوى، و إن أخذه من المقر له، يرجع هو إلى المقر بالقيمة إن تمَّ موضوع التغريم.
لتحقق موضوعه، فيترتب عليه حكمه قهرا.
لتوقف حكم الموضوع على نظره، خصوصا مسألة إن مدعي الملكية بلا معارض، هل يكفي مجرد دعواه بلا بينة أم لا؟.
أما ارتفاع الخصومة بالنسبة إلى نفسه، فلعدم الموضوع لها بعد اعترافه بأنه وقف، و عدم حجة من المدعي على الملكية الطلقية له، كما هو المفروض.
و أما توجه الدعوى إليه من جهة أخرى، فلدعواه التولية، و لا تثبت ذلك إلا بالحجة المعتبرة.
لما مر في كتاب الوقف من أن المرجع في مجهول التولية إلى الحاكم الشرعي، فلا وجه للتكرار بالإعادة هنا.
لثبوت ولايته الشرعية على القصر، الذين لا ولي لهم.
(مسألة ۸): لو أجاب المدعى عليه بأن المدعى به كان للمدعي و لكنه ليس بذي حق فعلي فيه لأنه باعني أو وهبني أو غير ذلك (۲۸)، و أنكر المدعي ذلك كله انقلبت الدعوى و صار المنكر مدعيا و المدعي منكرا، فلا تقبل دعواه إلا بالحجة المعتبرة شرعا (۲۹).
من الصلح أو إبراء الذمة أو الهبة و نحوها، مما يسقط به حق المدعي.
لأصالة عدم ترتب الأثر على كل دعوى مطلقا، إلا بقيام الحجة المعتبرة على اعتباره كالبينة، و إذا لم تكن بينة فالحاكم الشرعي يفصل الخصومة بالموازين الشرعية، كما تقدم مكررا.
الرابع: (۳۰).
أي: الأخير من جواب المدعى عليه، و هو تكذيب المدعى عليه المدعي، كما تقدم44.
(مسألة ۹): لو كذب المنكر المدعي بأن يقول: إنه يكذب في أصل دعواه و أنكره المدعي يصير المنكر مدعيا و المدعي منكرا (۳۱).
لفرض تحقق دعوى كذب المدعي، و فرض إنكار المدعي لذلك، فيجري عليه حكم المسألة السابقة.
(مسألة ۱۰): الفرق بين تكذيب المدعي و إنكاره أن الثاني إنكار ما يدعيه الخصم، و أما الكذب فهو إثبات شيء عليه (۳۲)، و لا فرق في التكذيب بين أن يكون اللفظ صريحا فيه أو ظاهرا (۳۳).
فالإنكار أمر عدمي، و التكذيب أمر ثبوتي و هو دعوى كذبه.
لصدق دعوى الكذب على كل واحد منهما.
43. راجع صفحة: ۷۰.
44. راجع صفحة: ۷۰.